101 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على المسند الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3
والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
مسند أحمد:
16642 – حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري، عن عمومة له، قدم النبي صلى الله عليه وسلم وليس أحد منا إلا له لقب أو لقبان قال: فكان إذا دعا بلقبه قلنا: يا رسول الله، إن هذا يكره هذا، قال: فنزلت: ” ولا تنابزوا بالألقاب ”
قلت سيف: لعل حديث ابي جبيرة على شرط المتمم على الذيل لأن الإمام أحمد أورده في موضعين. مرة بعد حديث خبيب ويحتاج تأمل هل يقصد تعليل أحد الإسنادين 23228، 23227
——-
ورد في سنن أبي داود
[باب الألقاب]
3741 – حدثنا أبو بكر حدثنا عبد الله بن إدريس عن داود عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك قال «فينا نزلت معشر الأنصار ولا تنابزوا بالألقاب قدم علينا النبي صلى الله عليه وسلم والرجل منا له الاسمان والثلاثة فكان النبي صلى الله عليه وسلم ربما دعاهم ببعض تلك الأسماء فيقال يا رسول الله إنه يغضب من هذا فنزلت ولا تنابزوا بالألقاب»
•———————————•
قوله: ({ولا تنابزوا بالألقاب} [الحجرات: 11]) أي: لا يدعوا بعضكم بعضا بسوء الألقاب والنبز مختص بالسوء عرفا.
حاشية السندي على مسند الامام احمد.
ويبين أن معنى النهى عن التنابز بالألقاب فى الآية أن يراد به عيب الرجل وتنقصه. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري (9/ 244).
(ولا تنابزوا بالألقاب) أي لا يدعو بعضكم بعضا بلقب يكرهه (بئس الاسم) أي المذكور قبل من السخرية واللمز والتنابز (عون المعبود).
وقد قال جماعة من أهل العلم في قول الله عز وجل (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) هو قول الرجل لأخيه يا كافر يا فاسق وهذا موافق لهذا الحديث فالقرآن والسنة ينهيان عن تفسيق المسلم وتكفيره ببيان لا إشكال فيه. قاله ابن عبد البر في التمهيد.
قال العباد حفظه الله: أورد أبو داود: باباً في الألقاب، واللقب ليس هو الاسم، ولكنه لفظ أو اسم يضاف إلى الشخص غير اسمه، وقد يكون محموداً وقد يكون مذموماً لا يرضاه ولا يعجبه ولا يحبه. فأورد أبو داود حديث أبي جبيرة رضي الله عنه أنه قال: قدم الرسول المدينة وللواحد منا اسمان أو ثلاثة، معه الاسم الأول الذي سمي به، وأسماء أخرى هي ألقاب، فكان يشتهر فيما بينهم باللقب فكان النبي صلى الله عليه وسلم عندما يدعو واحداً منهم باللقب يقولون: مه يا رسول الله! إنه يكره ذلك؛ لأنه لقب لا يعجبه، فنزلت هذه الآية: (وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ) [الحجرات:11] والأمر واضح فيما إذا كان الإنسان يكرهه، أما إذا كان يعجبه أو يحبه فإنه لا محذور في ذلك؛ لأن المحذور فيما يكره. ومن المعلوم أن الألفاظ التي تضاف إلى الشخص اسم ولقب وكنية، فالاسم هو الذي يسمى به عند الولادة، وهو الذي يكنى به أبوه، فيقال: أبو فلان، سواء ولد له أم لم يولد له، وقد يكنى وهو صغير، كما في حديث أبي عمير: (يا أبا عمير ما فعل النغير)، واللقب يحصل له مناسبة، كما هو معروف في ألقاب المحدثين وهي كثيرة مثل: عبد الرحمن بن هرمز لقبه الأعرج و أبو الزناد اسمه عبد الله بن ذكوان وكنيته أبو عبد الرحمن، فـ: أبو الزناد لقب على صيغة الكنية، وهو ليس بكنية، لكن المعروف أن ما يضاف إلى الناس ثلاثة أشياء: اسم وكنية ولقب، كما يقول ابن مالك: واسماً أتى وكنية ولقباً ***وأخرن ذا إن سواه صحبا. ويؤخر اللقب إذا جمع بين الثلاثة. شرح سنن ابي داود
قال العثيمين: {ولا تنابزوا بالألقاب} ينبز بعضكم بعضا باللقب، سخرية به، إما أن يكون مثلا يعزى إلى قبيلة فيها شيء من اللقب المكروه، فينسبه إليها أو قبيلة فيها شيء من اللقب المضحك فينسبه إليها وما أشبه ذلك مما يكون نبذا بالألقاب، {بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان} يعني إنكم إن فعلتم ذلك كنتم من الفاسقين و {بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان} فالإنسان إذا لمز أخاه أو سخر منه أو ما أشبه ذلك، فإنه يكون بذلك فاسقا وهذا يدل على أن السخرية من المؤمنين وأن لمزهم وأن منابزتهم بالألقاب كلها من كبائر الذنوب {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} يعني من استمر على هذا ولم يتب إلى الله عز وجل فإنه ظالم. شرح رياض الصالحين (6/ 258 – 259).
و قال العثيمين أيضا في تفسير سورة الحديد: {ولا تنابزوا بالأَلقاب} يعني لا ينبز بعضكم بعضاً باللقب، … إما أن لا يكون فيه، فإن كان فيه فقد ارتكبت هذا النهي، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه وارتكبت النهي أيضاً، ثم قال – عز وجل -: {بئس الاسم الفسوق بعد الإِيمان} يعني بئس لكم أن تنقلوا من وصف الإيمان إلى وصف الفسوق، فإذا ارتكبتم ما نهى الله عنه صرتم فسقة، فالإنسان إذا ارتكب كبيرة واحدة من الكبائر صار فاسقاً، وإذا ارتكب صغيرة وكررها وأصرّ عليها صار فاسقاً
قال السعدي في التفسير: {وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ} أي: لا يعير أحدكم أخاه، ويلقبه بلقب ذم يكره أن يطلق عليه وهذا هو التنابز، وأما الألقاب غير المذمومة، فلا تدخل في هذا.
والحاصل: أن الألقاب على ثلاثة أقسام:
قسم منها لا يُشعر بذمّ ولا نقص، ولا يَكره صاحبه تسميته به، فلا رَيبَ في جوازه، كما في قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: “أصدق ذو اليدين؟ “، فقد تقدم أن هذا الصحابي – رضي الله عنه – كانت يداه طويلتين، وأنه يَحتمل أن يكون ذلك كنايةً عن طولهما بالبذل والعمل، وأيًّا ما كان، فليس ذلك مما يقتضي ذمًا ولا نقصًا.
وثانيهما: يُشعر بتنقيص المسمّى به وذمّه، وليس ذلك بوصف خَلْقيّ، فلا ريب في تحريم ذلك، لدلالة الآية الكريمة، ولا يزول التحريم برضى المُسمى به بذلك، كما لا يرتفع تحريم القذف والكذب برضى المقول فيه بذلك، واستدعائه من قائله.
وثالثها: ما يشعر بوصف خَلْقي، كالأعمش، والأعرج، والأصم، والأشلّ، والأثرم، وأشباه ذلك، فما غلب منه على صاحبه حتى صار كالعلم له بحيث أنه يَنفكّ عنه قصد التنقص عند الإطلاق غالبًا، فليس بمحرّم، ولعلّ إجماع أهل الحديث قديمًا وحديثًا على استعمال مثل ذلك، ولا يضرّ كون المقول فيه يكرهه، لأن القائل لذلك لم يقصد تنقّصه، وإنما قصد تعريفه، فجاز هذا للحاجة، كما جاز جرح الرواة، وذكر مثالبهم للحاجة إليه، وما كان غير غالب على صاحبه، ولا يُقصد به العلميةُ والتعريفُ له، فلا يسمّى لقبًا، ولكنه إذا علم رضى المقول فيه بذلك، ولم يُقصَد تنقّصه بهذا الوصف لم يحرم، ومتى وُجد أحد هذين كان حرامًا والله تعالى أعلم. انتهى كلام العلائي رحمه الله تعالى. استفدته من شرح المجتبى (14/ 315)
[الْفرق بَين الِاسْم والكنية واللقب]
هَذِه الثَّلَاثَة وَإِن اشتركت فِي تَعْرِيف الْمَدْعُو بهَا فَأَنَّهَا تفترق فِي أَمر آخر وَهُوَ أَن الِاسْم إِمَّا أَن يفهم مدحا أَو ذما أَو لَا يفهم وَاحِد مِنْهُمَا فَإِن أفهم ذَلِك فَهُوَ اللقب وغالب اسْتِعْمَاله فِي الذَّم وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تنابزوا بِالْأَلْقَابِ} الحجرات 11 وَلَا خلاف فِي تَحْرِيم تلقيب الْإِنْسَان بِمَا يكرههُ سَوَاء كَانَ فِيهِ أَو لم يكن وَأما إِذا عرف بذلك واشتهر بِهِ كالأعمش وَالْأَشْتَر والأصم والأعرج فقد اضطرد اسْتِعْمَاله على أَلْسِنَة أهل الْعلم قَدِيما وحديثا وَسَهل فِيهِ الإِمَام أَحْمد
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي مسَائِله سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل سُئِلَ عَن الرجل يكون لَهُ اللقب لَا يعرف إِلَّا بِهِ وَلَا يكرههُ قَالَ أَلَيْسَ يُقَال سُلَيْمَان الْأَعْمَش وَحميد الطَّوِيل كَأَنَّهُ لَا يرى بِهِ بَاسا
قَالَ أَبُو دَاوُد: سَأَلت أَحْمد عَنهُ مرّة أُخْرَى فَرخص فِيهِ قلت: كَانَ أَحْمد يكره أَن يَقُول الْأَعْمَش قَالَ الفضيل: يَزْعمُونَ كَانَ يَقُول سُلَيْمَان. وَإِمَّا أَن لَا يفهم مدحا وَلَا ذما فَإِن صدر بأب وَأم فَهُوَ الكنية كَأبي فلَان وَأم فلَان وَإِن لم يصدر بذلك فَهُوَ الِاسْم كزيد وَعَمْرو وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَت تعرفه الْعَرَب وَعَلِيهِ مدَار مخاطباتهم وَأما فلَان الدّين وَعز الدّين وَعز الدولة وبهاء الدولة فَإِنَّهُم لم يَكُونُوا يعْرفُونَ ذَلِك وَإِنَّمَا أَتَى هَذَا من قبل الْعَجم. تحفة المودود في أحكام المولود ص 136
[تلقيب أهل البدع لأهل السنة بألقاب شنيعة من أجل التنفير منهم]
قال ابن تيمية كما في المجموع (5/ 111): وقد صنف أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن درباس الشافعي جزءا سماه: ” تنزيه أئمة الشريعة عن الألقاب الشنيعة ” ذكر فيه كلام السلف وغيرهم في معاني هذا الباب وذكر أن أهل البدع كل صنف منهم يلقب ” أهل السنة ” بلقب افتراه – يزعم أنه صحيح على رأيه الفاسد – كما أن المشركين كانوا يلقبون النبي بألقاب افتروها. فالروافض تسميهم نواصب والقدرية يسمونهم مجبرة والمرجئة تسميهم شكاكا والجهمية تسميهم مشبهة وأهل الكلام يسمونهم حشوية ونوابت وغثاء وغثرا إلى أمثال ذلك. كما كانت قريش تسمي النبي صلى الله عليه وسلم تارة مجنونا وتارة شاعرا وتارة كاهنا وتارة مفتريا.
قلت: لكل قوم وارث، واليوم أهل البدع أطلقوا على كل من خالفهم وحذر من تأصيلاتهم و من أعيانهم، (جامية، مدخلية) من أجل التنفير منهم.
[ذكر الصفة على وجه الذم والعيب غيبة]
وعن الحسن: ألا تخافون أن يكون قولنا: حميد الطويل غيبة؟ وكان قتادة يكره أن يقال: كعب الأحبار، وسلمان الفارسي؛ ولكن كعب المسلم وسلمان المسلم، وروى سليمان الشيبانى، عن حسان ابن المخارق (أن امرأة دخلت على عائشة فلما قامت لتخرج أشارت عائشة بيدها إلى النبى عليه السلام أنها قصيرة، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم): اغتبتها). وروى موسى بن وردان عن أبي هريرة (أن رجلا قام عند النبى فرأو فى قيامه عجزا، فقالوا: يا رسول الله، ما أعجز فلانا قال رسول الله: أكلتم أخاكم واغتبتموه).
قال الطبرى: وإنما يكون ذلك غيبة من قائله إذا قاله على وجه الذم والعيب للمقول فيه وهو له كاره، وعن مثل هذا ورد النهى، وأما إذا قاله على وجه التعريف والتميز له من سائر الناس كقولهم: يزيدالرشك، وحميد الأرقط، والأحنف بن قيس، والنسبية إلى الأمهات: كإسماعيل ابن علية وابن عائشة، فإن ذلك بعيد من معنى الغيبة ومن مكروه ماورد به الخبر. قال المؤلف: ويشهد لصحة هذا قصة ذى اليدين.
ويبين أن معنى النهى عن التنابز بالألقاب فى الآية أن يراد به عيب الرجل وتنقصه. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري (9/ 244).