1 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند.
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3، والاستفادة، والمدارسة
شرحه نورس الهاشمي
كتاب الذيل على الصحيح المسند
596 قال الإمام أحمد حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا أُعْطِيكُمْ وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَلَوَّى بُطُونُهُمْ مِنَ الْجُوعِ ” وَقَالَ: مَرَّةً: ” لَا أُخْدِمُكُمَا وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تَطْوَى ”
الحديث صحيح
وسفيان هو ابن عيينة وسماعه من ابن السائب قديم قبل الاختلاط.
انظر سير أعلام النبلاء 11/ 138
وأبوه وثقه ابن معين وغيره. انظر تهذيب التهذيب. 11/ 450
الحديث ذكره الاخ مامون هو على الشرط حتى ننظر حجة الشيخ مقبل في رد رواية ابن عيينة وانه روى عنه بعد الاختلاط لاننا لم نجد له دليل
______
اهل الصفة
قال الطيبي في شرح المشكاة: أهل الصفة هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه وكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه. انتهى كلامه.
قال العثيمين: وأهل الصفة رجال مهاجرون هاجروا إلى المدينة وليس لهم مأوى، فوطنهم النبي عليه الصلاة والسلام في صفة في المسجد النبوي، وكانوا أحياناً يبلغون الثمانين، وأحياناً دون ذلك، وكان الصحابة رضي الله عنهما يأتونهم بالطعام واللبن وغيره مما يتصدقون به عليهم.
فكان ربيعة بن مالك رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان يأتيه بوضوئه وحاجته، الوضوء بالفتح: الماء الذي يتوضأ به، والوضوء بالضم: فعل الوضوء، وأما الحاجة فلم يبينها، ولكن المراد كل ما يحتاجه النبي عليه الصلاة والسلام يأتي به إليه. شرح رياض الصالحين
حال أهل الصفة
بينت السنة حال اهل الصفة أنهم ليس لهم منزل يسكنون فيه، و لا يملكون ملبس من رداء الا شيء يسير يستر عورتهم، و الجوع آثرهم؛ ولهذا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا أتاه شيء من الصدقة او هدية أشركهم، فقد وصف الإمام البخاري حالهم في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
لقد رأيتُ سبعينَ مِنْ أهلِ الصُّفَّةِ، ما منهم رجلٌ عليه رداءٌ، إمَّا إِزَارٌ وإمّا كِساءٌ قد ربَطوا في أعْناقِهِم، فمنها ما يبلُغُ نصفَ الساقينِ، ومنها ما يَبلغُ الكعْبَينِ، فيجمَعُه بيدِه كراهِيَةَ أنْ تُرى عَوْرَتُه.
رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال والذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه فمر بي أبو بكر فسألته عن آية في كتاب الله ما سألته إلا ليستتبعني فمر فلم يفعل ثم مر عمر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليستتبعني ثم مر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما في نفسي ثم قال يا أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال ألحق ومضى فأتبعته فاستأذن فأذن له فدخل فوجد لبنا في قدح فقال من أين هذا اللبن قالوا أهداه لك فلان أو فلانة قال يا أبا هر قلت لبيك يا رسول الله قال ألحق إلى أهل الصفة فادعهم لي قال وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها فساءني ذلك فقلت وما هذا اللبن في أهل الصفة كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها فإذا جاؤوا أمرني فكنت أنا أعطيهم وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بد فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت قال يا أبا هر قلت لبيك يا رسول الله
قال خذ فأعطهم فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم فأخذ القدح فوضعه على يده فتبسم فقال يا أبا هريرة فقلت لبيك يا رسول الله قال بقيت أنا وأنت قلت صدقت يا رسول الله
قال اقعد فاشرب فشربت فقال اشرب فشربت فما زال يقول اشرب حتى قلت لا والذي بعثك بالحق لا أجد مسلكا قال فأرني فأعطيته القدح فحمد الله تعالى وسمى وشرب الفضلة
رواه البخاري وغيره والحاكم وقال صحيح على شرطهما.
الفوائد من قصة حال أهل الصفة
قال ابن رجب في الفتح [2/ 369]:
والصفة كانت في مؤخر المسجد، فكانوا يأوون إليها ويقيمون بها.
فدلت هذه الأحاديث كلها على جواز أن يدعى من في المسجد إلى الطعام، ويجيب إلى الدعوة إذا دعي فيه.
وقد ورد الرخصة في الأكل في المسجد.
وقد بوب ابن ماجه في ((كتابه)): ((باب: الأكل في المسجد)) وخرج فيه: من رواية ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث: حدثني سليمان بن زياد الحضرمي، أنه سمع عبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي يقول: كنا نأكل على عهد رسول الله (في المسجد الخبز واللحم.
وهذا إسناد جيد؛ وسليمان وثقة ابن معين. وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
وخرج الإمام أحمد وابن ماجة والترمذي في ((الشمائل)) من رواية ابن لهيعة، عن سلمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث بن جزء، قال: أكلنا مع رسول الله (طعاما في المسجد، لحما قد شوي.
من فوائد الحديث النوم في المسجد:
وقد سئل سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار عن النوم في المسجد؟ فقالا: كيف تسألون عنه وقد كان أهل الصفة ينامون فيه، وهم قوم كان مسكنهم المسجد؟
واعلم أن النوم في المسجد على قسمين:
أحدهما:
أن يكون لحاجة عارضة مثل نوم المعتكف فيه والمريض والمسافر، ومن تدركه القائلة ونحو ذلك، فهذا يجوز عند جمهور العلماء، ومنهم من حكاه إجماعا، ورخص في النوم في المسجد: ابن المسيب، وسليمان بن يسار، والحسن، وعطاء وقال: ينام فيه وإن احتلم كذا وكذا مرة.
والقسم الثاني:
أن يتخذ مقيلا ومبيتا على الدوام: فكرهه ابن عباس وقال: مرة : إن كنت تنام فيه لصلاة فلا بأس.
وهذا القسم أيضا على نوعين:
أحدهما: أن يكون لحاجة كالغريب، ومن لا يجد مسكنا لفقره، فهذا هو الذي وردت فيه الرخصة لأهل الصفة، والوفود، والمرأة السوداء ونحوهم.
وقد قال مالك في الغرباء الذين يأتون: من يريد الصلاة، فإني أراه واسعا، وأما الحاضر فلا أرى ذلك.
وقال أحمد: إذا كان رجل على سفر وما أشبهه فلا بأس، وأما أن يتخذه مبيتا أو مقيلا فلا.
وهو قول إسحاق أيضا.
والثاني: أن يكون ذلك مع القدرة على اتخاذ مسكن، فرخص فيه طائفة، وحكي عن الشافعي وغيره، وحكي رواية عن أحمد، وهو اختيار أبي بكر الأثرم.
وقال الثوري: لا بأس بالنوم في المسجد. فتح الباري لابن رجب (2/ 456 – 458). منقول بتصرف
الفائدة الثالثة:
قال ابن بطال: قال الطبري: فى اختيار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وخيار السلف من الصحابة والتابعين شظف العيش، والصبر على مرارة الفقر والفاقة ومقاساة خشونة خشن الملابس والمطاعم على خفض ذلك ودعته، وحلاوة الغنى ونعيمه ما أبان عن فضل الزهد فى الدنيا وأخذ القوت والبلغة خاصة. وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يطوى الأيام، ويعصب على بطنه الحجر من الجوع؛ إيثارا منه شظف العيش والصبر عليه، مع علمه بأنه لو سأل ربه أن يسير له جبال تهامة ذهبا وفضة لفعل، وعلى هذه الطريقة جرى الصالحون، ألا ترى قول أبى هريرة أنه كان يشد الحجر على بطنه من الجوع، وخرج يتعرض من يمر به من الصحابة يسأله عن آى القرآن ليحمله ويطعمه.
و قال أيضا:
وفيه شرب العدد الكثير من اللبن القليل حتى شبعوا ببركة النبوة.
وفيه ما كان (صلى الله عليه وسلم) من إيثار البلغة وأخذ القوت فى كرم نفسه وأنه لم يستأثر بشىء من الدنيا دون أمته. وقوله: (اللهم ارزق آل محمد قوتا). فيه دليل على فضل الكفاف وأخذ البلغة من الدنيا، والزهد فيما فوق ذلك رغبة فى توفير نعيم الآخرة، وإيثارا لما يبقى على ما يفنى لتقتدى بذلك أمته، ويرغبوا فيما رغب فيه نبيهم (صلى الله عليه وسلم). وروى الطبرى بإسناده عن ابن مسعود قال: حبذا المكروهان الموت والفقر، والله ما هو إلا الغنى والفقر وما أبالى بأيهما ابتليت، إن حق الله فى كل واحد منها واجب، إن كان الغنى ففيه التعطف، وإن كان الفقر ففيه الصبر، قال الطبرى: فمحنة الصابر أشد من محنة الشاكر، وإن كانا شريفى المنزلة، غير أنى أقول كما قال مطرف بن عبد الله: لأن أعافى فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر. شرح صحيح البخاري (10/ 176 – 177).