44 – كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ
1 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
1 – (2381) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ – قَالَ عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا – حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، حَدَّثَهُ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ: «يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا»
2 – (2382) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: «عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ» فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى، فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُخَيَّرُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ»
2 – حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ يَوْمًا، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ
3 – (2383) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا»
4 – (2383) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ – وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى – قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي أَحَدًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ»
5 – (2383) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا»
6 – (2383) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ – قَالَ: إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا – جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللهِ»
7 – (2383) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ – وَاللَّفْظُ لَهُمَا – قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللهِ»
8 – (2384) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ «أَبُوهَا» قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «عُمَرُ» فَعَدَّ رِجَالًا
9 – (2385) وحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ – وَاللَّفْظُ لَهُ – أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَسُئِلَتْ: ” مَنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَهُ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، فَقِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ؟ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: عُمَرُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا مَنْ؟ بَعْدَ عُمَرَ، قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ” ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا
10 – (2386) حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ – قَالَ أَبِي: كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ – قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ»
10 – وحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا، بِأَمْرٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى
11 – (2387) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي مَرَضِهِ ” ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ”
12 – (1028) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ»
13 – (2388) حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ، قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ ” فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ تَعَجُّبًا وَفَزَعًا، أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ»
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “بَيْنَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ، عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي؟ ” فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ، أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ»
13 – وحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قِصَّةَ الشَّاةِ وَالذِّئْبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْبَقَرَةِ.
13 – وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، ح وحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ كِلَاهُمَا، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِي حَدِيثِهِمَا: ذِكْرُ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ مَعًا، وَقَالَا فِي حَدِيثِهِمَا: «فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» وَمَا هُمَا ثَمَّ.
13 – وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ كِلَاهُمَا، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
——‘——
قلت سيف:
أوسع كتاب في سيرة الصديق وقفت عليه عصر الخلفاء الراشدين أبوبكر الصديق شخصيته وعصره.
وترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق مجلد رقم 30
مجلد كامل في 461 صفحة
وهناك كتاب تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق لابن بلبان جمع فيه أربعين حديثا في فضائل الصديق
—
مجموعة إبراهيم البلوشي
فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه
ينبغي للمسلم أن يعتقد اعتقاداً جازماً أن أفضل البشر بعد الأنبياء هو صديق هذه الأمة المحمدية وهو أبو بكر عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التميمي يجتمع نسبه مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم في مرة بن كعب وأم الصديق أم الخير سلمى بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بنت عم أبيه وأبوه أبو قحافة عثمان بن عامر بن عمرو، وهما صحابيان رضوان الله عليهما أجمعين.
لقب بالصديق لسبقه إلى تصديق النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ وروى الطبراني من حديث عليّ: “أنه كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق”. وقيل: كان ابتداء تسميته بالصديق صبيحة الإسراء فقد روى أبو عبد الله الحاكم بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك فارتد ناس ممن كان آمنوا به وصدقوه وسعوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة فلذلك سمي أبو بكر الصديق”.
قلت سيف: أثر علي أخرجه الطبراني وفيه عمران بن ظبيان قال البخاري: فيه نظر. قال أبو حاتم: يكتب حديثه.
وحديث عائشة عند الحاكم فيه محمد بن كثير الصنعاني قال الألباني ضعيف لكن له شواهد ثم ذكرها في الصحيحة 306
صحب النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وسبق إلى الإيمان به واستمر معه طول إقامته بمكة ورافقه في الهجرة وفي الغار وفي المشاهد كلها إلى أن مات وكانت الراية معه يوم تبوك وحج بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي سنة تسع وكان خليفته من بعده ولقبه المسلمون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دل على أنه أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، أما دلالة الكتاب فمن ذلك ما يلي:
– قال تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ}. أجمع المسلمون على أن المراد بالصاحب المذكور في الآية هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه”.
أخرج ابن عساكر عن سفيان ابن عيينة قال: عاتب الله المسلمين كلهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا بكر وحده فإنه خرج من المعاتبة ثم قرأ: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: “وإنما عنى الله ـ جل ثناؤه ـ بقوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه لأنهما كانا اللذين خرجا هاربين من قريش إذ هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم واختفيا في الغار وقوله: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} يقول: إذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رحمة الله عليه في الغار والغار: النقب العظيم يكون في الجبل {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} يقول: إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبه أبي بكر: {لا تَحْزَنْ} وذلك أنه خاف من الطلب أن يعلموا بمكانهما فجزع من ذلك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحزن لأن الله معنا، والله ناصرنا فلن يعلم المشركون بنا ولن يصلوا إلينا” أ. هـ.
وقال الحافظ ابن كثير: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} أي: عام الهجرة لما هم المشركون بقتله، أو حبسه، أو نفيه فخرج منهم هارباً صحبة صديقه وصاحبه أبي بكر بن أبي قحافة فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم ثم يسيروا نحو المدينة فجعل أبو بكر رضي الله عنه يجزع أن يطلع عليهم أحد فيخلص إلى الرسول عليه الصلاة والسلام منهم أذى فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يسكنه ويثبته ويقول: “يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما” … ولهذا قال تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} أي: تأييده ونصره عليه أي: على الرسول صلى الله عليه وسلم في أشهر القولين وقيل: على أبي بكر وروي عن ابن عباس وغيره قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تزل معه السكينة وهذا لا ينافي تجدد السكينة خاصة بتلك الحال” أ. هـ.
وقال أبو بكر بن العربي: بعد قوله صلى الله عليه وسلم: “ما ظنك باثنين الله ثالثهما” وهذه مرتبة عظمى وفضيلة شماء لم يكن لبشر أن يخبر عن الله ـ سبحانه ـ أنه ثالث اثنين أحدهما أبو بكر، كما أنه قال: مخبراً عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} أ. هـ.
فالآية دلت دلالة واضحة على فضل أبي بكر رضي الله عنه حيث جعله الله ثاني النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} وما ذلك إلا لأن الصديق بلغ النهاية في الفضل رضي الله عنه وأرضاه.
الأحاديث الدالة على أفضيلته رضي الله عنه فكثيرة جداً ومنها ما يلي
روى الشيخان في صحيحهما من حديث أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق حدثه قال: نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه فقال: “يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما”.
هذا الحديث تضمن منقبة عظيمة ظاهرة لأبي بكر رضي الله عنه وتلك المنقبة أنه رضي الله عنه كان ثاني اثنين ثالثهما رب العالمين.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: “وفيه فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه وهي من أجل مناقبه والفضيلة من أوجه منها هذا اللفظ ومنها بذله نفسه ومفارقته أهله وماله ورياسته في طاعة الله تعالى ورسوله وملازمة النبي صلى الله عليه وسلم ومعاداة الناس فيه
وأما دلالة الإجماع على أفضلية الصديق رضي الله عنه
فقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم من أهل السنة والجماعة على أن أفضل الصحابة والناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أبو بكر، ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ ثم سائر العشرة ثم باقي أهل بدر، ثم باقي أهل أحد، ثم باقي أهل بيعة الرضوان ثم باقي الصحابة هكذا إجماع أهل الحق، فأبو بكر أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم لا ينازع في ذلك إلا زائغ وقد نقل الإجماع على أن أفضل الناس بعد الأنبياء هو أبو بكر الصديق جماعة من أهل العلم منهم:
– أبو طالب العشاري والإمام الشافعي والنووي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر والبيهقي:
فقد روى أبو طالب العشاري بإسناده إلى عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال: من فضل علي أبي بكر وعمر أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار وطعن على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
– وقال الإمام الشافعي فيما رواه عنه البيهقي بإسناده: “ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة وإنما اختلف من اختلف منهم في عليّ وعثمان ونحن لا نخطئ واحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعلوا”.
وقال الحافظ ابن حجر: “ونقل البيهقي في “الاعتقاد” بسنده إلى
أبي ثور عن الشافعي أنه قال: أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر، ثم عمر ثم عثمان، ثم عليّ”.
– وقال النووي رحمه الله تعالى: “اتفق أهل السنة على أن أفضلهم أبو بكر ثم عمر”.
– وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “وقد اتفق أهل السنة والجماعة على ما تواتر عن علي بن أبي طالب أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر”.
– وقال ابن حجر الهيثمي: “واعلم أن الذي أطبق عليه عظماء الملة وعلماء الأمة أن أفضل هذه الأمة أبو بكر الصديق ثم عمر رضي الله عنهما”.
– وهؤلاء الأعلام الذين نقلوا هذا الإجماع إنما هو بناء على ما قاله أئمة أهل السنة والجماعة فقد قال الإمام أبو حنيفة كما في شرح “الفقه الأكبر”: ونقر بأن أفضل هذه الأمة بعد نبيها محمد عليه أفضل الصلاة والسلام أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، ثم عليّ رضي الله عنهم أجمعين” أ. هـ.
– وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن الإمام مالك بن أنس أنه قال: لما سأله الرشيد عن منزلة الشيخين من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته ـ ثم قال ـ وكثرة الاختصاص والصحبة مع كمال المودة والائتلاف والمحبة والمشاركة في العلم يقضي بأنهما أحق من غيرهما وهذا ظاهر بين لمن له خبرة بأحوال القوم” ومعلوم أن أبا بكر كانت منزلته
عند النبي صلى الله عليه وسلم
أعلا منزلة وكان أفضل الصحابة وكان الصحابة يعتقدون أنه خير الناس والنبي يعلم ذلك ويقرهم عليه كما تقدم قريباً في حديث ابن عمر.
– وروى الإمام البيهقي مسنداً إلى محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: “أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم”.
وقال أيضاً رحمه الله تعالى: “اضطر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فلم يجدوا تحت أديم السماء خيراً من أبي بكر من أجل ذلك استعملوه على رقاب الناس”.
وقال الإمام أحمد رحمة الله عليه: “وخير الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان بعد عمر، وعلي بعد عثمان ووقف قوم على عثمان وهم خلفاء راشدون مهديون”.
– وقال عبدوس بن مالك العطار: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: “خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر الصديق”.
– وقال أبو الحسن الأشعري مبيناً مذهب أهل السنة وعقيدتهم في السلف: “ويعرفون حق السلف الذين اختارهم الله ـ سبحانه ـ لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ويأخذون بفضائلهم … ويقدمون أبا بكر ثم عمر، ثم عثمان، ثم علياً رضوان الله عليهم ويقرون أنهم الخلفاء الراشدون المهديون أفضل الناس كلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى: “وأفضل أمته صلى الله عليه وسلم: أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى رضي الله عنهم”.
وقال الإمام الذهبي: “أفضل الأمة وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومؤنسه في الغار وصديقه الأكبر … عبد الله بن أبي قحافة عثمان القرشي التيمي” أ. هـ.
– وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: “وأفضل الصحابة بل أفضل الخلق بعد الأنبياء عليهم السلام أبو بكر عبد الله بن عثمان أبو قحافة التيمي، ثم من بعده عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين” أ. هـ.
تلك هي عقيدة أهل السنة والجماعة في أبي بكر الصديق “وهي الإيمان والمعرفة بأن خير الخلق وأفضلهم وأعظمهم منزلة عند الله ـ عز وجل ـ بعد النبيين والمرسلين أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان بن أبي قحافة رضي الله عنه”.
وهذا هو المذهب الحق الذي يلزم كل مسلم أن يعتقده ويلتزمه ويتمسك به. وبالله التوفيق.
—–
مجموعة رامي:
قال ابن القيم رحمه الله
ففي “الصحيحين” أن أبا بكر قال: يا رسول اللهِ؛ لو أنَّ أحَدَهُم نظر إلى ما تحت قَدَمَيْهِ لأبصرنا فقال: “يَا أَبَا بَكُرٍ؛ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا ….
وذكر الحاكم في “مستدركه” عن عمر قال: “خرج رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الغار، ومعه أبو بكر، فجعل يمشى ساعة بين يديه، وساعة خلفَه، حتى فَطِنَ له رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسأله، فقال له: يا رسول الله؛ أذكُر الطلبَ، فأمشى خلفك، ثم أذكُر الرصَدَ، فأمشى بين يديك فقال: “يا أبا بكر؛ لو كان شاء أحببتَ أن يكون بِكَ دوني؟ ” قال: نعم والَّذى بعثك بالحقِّ، فلما انتهى إلى الغار قال أبو بكر: مكانَكَ يا رسول الله حتى أستبرأ لك الغارَ، فدخل، فاستبرأه، حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرء الجِحَرَةَ، فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبراء الجِحَرَةَ ثم قال: انزلْ يا رسولَ الله، فنزل، فمكثا فى الغار ثلاثَ ليالٍ حتى خمدت عنهما نارُ الطلب، فجاءهما عبد اللهِ بن أُريقط بالراحلتين، فارتحلا، وأردف أبو بكر عامر بن فُهيرة، وسار الدليلُ أمامهما، وعينُ الله تكلؤهما، وتأييدُه يصحبُهما، وإسعاده يرحلُهما ويُنزلهما.
زاد المعاد في هدي خير العباد
قلت سيف: هذا الحديث من مراسيل ابن سيرين وذكر من مراسيل ابن أبي مليكة.
تنبيه: قصة ثعبان الغار الذي وضع أبوبكر قدمه في جحرها فكانت تلسعه رواها البيهقي في دلائل النبوة. 2/ 476 وقال الذهبي في الميزان في عبدالرحمن بن إبراهيم الراسبي: وأتى عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ضبة بن محصن العبري عن أبي موسى بقصة الغار وهو شبه وضع الطرقية واقره ابن حجر في اللسان
قال ابن كثير: في هذا السياق غرابة ونكارة
وكذلك فرات بن السائب منكر الحديث
وعزاها ابن كثير في مسند الفاروق للإسماعيلي بنحوه لكن بذكر القام عقبه للجحر بدون اللدغ وهو من طريق فرات وهو منكر الحديث
قال العراقي في تخريج الأحياء رواها البيهقي بإسناد ضعيف وقصة الهجرة رواها البخاري من حديث عائشة بغير هذا السياق واتفق عليها الشيخان من حديث أبي بكر بلفظ آخر … وأما حديث سد الخرقة بقدمه فأخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث عطاء بن أبي ميمونة عن أنس وفيه (فبقي حجر فوضع عقبه عليه ثم أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال له النبي صلي الله عليه وسلم أين ثوبك يا أبا بكر فأخبره بالذي صنع فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي يوم القيامة فأوحى الله إليه إن الله قد استجاب لك.
وروى الحاكم من طريق عفان بن مسلم ثنا السري بن يحيى ثنا محمد بن سيرين عن عمر به وليس فيه ذكر الثعبان وهو مرسل وهو الحديث الذي سبق ذكره ابن القيم وعزاه للحاكم
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى
واعلم أن المعية التي أضافها الله إلى نفسه تنقسم بحسب السياق والقرائن. فتارة يكون مقتضاها الإحاطة بالخلق علما وقدرة وسلطانا وتدبيراً وغير ذلك، مثل هذه الآية: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم) ومثل قوله تعالي: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ) (المجادلة: من الآية7).
وتارة يكون المراد بها التهديد والإنذار، كما في قوله تعالي: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) (النساء: 108)، فإن هذا تهديد وإنذار لهم أن يبينوا ما لا يرضي من القول يكتمونه عن الناس، يظنون أن الله لا يعلم،
والله- سبحانه – عليم بكل شيء.
وتارة يراد بها النصر والتأييد والتثبيت وما أشبه ذلك، مثل قوله تعالي: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل: 128)، وكما في قوله تعالي: (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ) (محمد: 35)، والآيات في هذا كثيرة.
وهذا القسم الثالث من أقسام المعية تارة يضاف إلي المخلوق بالوصف، وتارة يضاف إلي المخلوق بالعين.
فقوله: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل: 128)، هذا مضاف إلي المخلوق بالوصف، فأي إنسان يكون كذلك فالله معه.
وتارة يكون مضافاً إلي المخلوق بعين الشخص، مثل قوله تعالي: (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة: من الآية40)، فهذا مضاف إلي الشخص بعينه، وهي للرسول – عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر – رضي الله عنه- وهما في الغار. فلم يكن هناك عش كما يقولون ولا حمامة وقعت على الغار، ولا شجرة نبتت على فم الغار، وما كان إلا عناية الله عز وجل؛ لأن الله معهما.
وكما في قوله ـ سبحانه ـ لموسى وهارون، لما أمر الله موسى وأرسله إلى فرعون هو وهارون: (قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى) (قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) (طه 45، 46).
الله أكبر: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) إذا كان الله معهما هل يمكن أن يضرهما فرعون وجنوده؟ لا يمكن، فهذه معية خاصة مقيدة بالعين: (إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى).
شرح رياض الصالحين
(عبد خيره الله بين أن يؤتيه زهرة الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وبكى وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا) هكذا هو في جميع النسخ فبكى أبو بكر وبكى معناه بكى كثيرا ثم بكى والمراد بزهرة الدنيا نعيمها وأعراضها وحدودها وشبهها بزهرة الروض وقوله (فديناك) دليل لجواز التفدية وقد سبق بيانه مرات وكان أبو بكر رضي الله عنه علم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو العبد المخير فبكى حزنا على فراقه وانقطاع الوحي وغيره من الخير دائما وإنما قال صلى الله عليه وسلم إن عبدا وأبهمه لينظر فهم أهل المعرفة ونباهة أصحاب الحذق قوله صلى الله عليه وسلم (إن أمن الناس علي في ماله وصحبته أبو بكر) قال العلماء معناه أكثرهم جودا وسماحة لنا بنفسه وماله وليس هو من المن الذي هو الاعتداد بالصنيعة لأنه أذى مبطل للثواب ولأن المنة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم في قبول ذلك وفي غيره قوله صلى الله عليه وسلم (ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام) وفي رواية لكن أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا قال القاضي قيل أصل الخلة الافتقار والانقطاع فخليل الله المنقطع إليه.
وقيل لقصره حاجته على الله تعالى وقيل الخلة الاختصاص وقيل الاصطفاء وسمي إبراهيم خليلا لأنه والى في الله تعالى وعادى فيه وقيل سمي به لأنه تخلق بخلال حسنة وأخلاق كريمة وخلة الله تعالى له نصره وجعله إماما لمن بعده وقال بن فورك الخلة صفاء المودة بتخلل الأسرار وقيل أصلها المحبة ومعناه الإسعاف والإلطاف وقيل الخليل من لا يتسع قلبه لغير خليله ومعنى الحديث أن حب الله تعالى لم يبق في قلبه موضعا لغيره قال القاضي وجاء في أحاديث أنه صلى الله عليه وسلم قال ألا وأنا حبيب الله فاختلف المتكلمون هل المحبة أرفع من الخلة أم الخلة أرفع أم هما سواء فقالت طائفة هما بمعنى فلا يكون الحبيب إلا خليلا ولا يكون الخليل إلا حبيبا وقيل الحبيب أرفع لأنها صفة نبينا صلى الله عليه وسلم وقيل الخليل أرفع وقد ثبتت خلة نبينا صلى الله عليه وسلم لله تعالى بهذا الحديث ونفى أن يكون له خليل غيره وأثبت محبته لخديجة وعائشة وأبيها وأسامة وأبيه وفاطمة وابنيها وغيرهم … ثم تأول النووي معنى المحبة لله لعباده لذا حذفناه وهي محبة حقيقية وإنما ذكر آثارها ومما قال:
كما قال في الحديث الصحيح فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره إلى آخره هذا كلام القاضي وأما قول أبي هريرة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم فلا يخالف هذا لأن الصحابي يحسن في حقه الانقطاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم (لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر) الخوخة بفتح الخاء وهي الباب الصغير بين البيتين أو الدارين ونحوه وفيه فضيلة وخصيصة ظاهرة لأبي بكر رضي الله عنه وفيه أن المساجد تصان عن تطرق الناس اليها.
شرح النووي على مسلم
قال ابن رجب في الفتح
وفي رواية له – أيضا -: ((لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا)).
وخرج مسلم – أيضا – من حديث جندب بن عبدالله: سمعت النبي (قبل موته بخمس يقول: ((قد كان لي منكم أخلاء وأصدقاء، وإني أبرأ إلى كل ذي خلة من خلته، ولو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا)).
والظاهر: أن جندب سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك في خطبته هذه، فإن كان كذلك فلعل خطبته (كانت يوم الأربعاء؛ فإنه توفي يوم الاثنين، واشتد وجعه يوم الخميس، كما قال ذلك ابن عباس، فالظاهر أنه لم يخرج فيه إلى الناس، أو لعله أعاد هذا القول في بيته فسمعه جندب، وهذا أظهر – والله أعلم -؛ فإن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم هذه كانت في ابتداء مرضه، وكانت مدة مرضه فوق عشرة أيام. والله أعلم.
وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى سبب براءته من خلة المخلوقين، وهو أن الله اتخذه خليلا لنفسه كما اتخذ إبراهيم خليلا، ومن كان خليلا لله فلا يصلح له أن يخالل بشرا.
ومن هنا قيل: إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم إنما أمر بذبح ولده إسماعيل لتفريغ قلبه من محبته وشدة تعلقه به، حيث وهب له على الكبر، فلما بادر إلى اضطجاعه وإخراجه من قلبه امتثالا لأمر الله وطاعته أسقط عنه ذبحه بعد ذلك؛ لأنه لم يكن المقصود إراقة دمه، بل تفريغ محل الخلة منه، حتى لا تزاحم خلة الواحد الأحد محبة الولد.
والخلة: هي المحبة المبالغة المخللة لمسالك الروح من القلب والجسد،
كما قيل.
قد تخللت مسلك الروح مني وبهذا سمي الخليل خليلا
وهذا لا يصح لغير الله، وإنما يصلح للمخلوق المحبة، وهي درجة دون الخلة، فلهذا اقتصر (في حق الصديق على الأخوة والمودة، وهي أخوة الإسلام المشار إليها في حديث ابن عباس الذي خرجه هاهنا.
وقد خرجه في ((المناقب)) من حديث أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، وفيه: ((ولكن أخوة الإسلام أفضل)).
ولعل هذه الرواية أصح، وأيوب يقدم على يعلى بن حكيم في الحفظ والضبط.
وكان أبو بكر مقدما على سائر الرجال في المحبة من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا لما سأله عمرو بن العاص عن أحب الناس إليه؟ قال: ((عائشة)) قال: ((فمن الرجال؟ قال: ((أبوها)).
وقال عمر لأبي بكر يوم السقيفة: أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت سيف: حديث ابراهيم خليل الله وأنا حبيب الله ضعيف فيه زمعة بن صالح وسلمة بن وهران ضعيفان.
وقوله: ((سدوا عني كل باب في المسجد، إلا باب أبي بكر))، وفي حديث ابن عباس: ((كل خوخة)).
قال الخطابي: الخوخة: بويب صغير.
قال: وفي أمره (بسد الأبواب الشارعة إلى المسجد غير بابه اختصاص شديد له، وأنه أفرده بأمر لا يشاركه فيه أحد، وأول ما يصرف التأويل فيه الخلافة، وقد أكد الدلالة عليها بأمره إياه بإمامة الصلاة التي لها بني المسجد، ولأجلها يدخل إليه من أبوابه.
قال: ولا أعلم دليلا في إثبات القياس والرد على نفاته أقوى من إجماع الصحابة (على استخلاف أبي بكر؛ مستدلين في ذلك باستخلاف النبي صلى الله عليه وسلم إياه في أعظم أمور الدين وهو الصلاة، وإقامته إياه فيها مقام نفسه، فقاسوا عليها سائر أمور الدين. انتهى.
وأشار بإجماع الصحابة في ذلك إلى ما روى ابن مسعود، قال: لما قبض
رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. قال: فأتاهم عمر، فقال: يا معاشر الأنصار، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أبا بكر يؤم الناس؟ فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر؟ فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر.
خرجه الإمام أحمد، وعلي بن المديني، وقال: هو صحيح، والحاكم، وقال: هُوَ صحيح الإسناد.
وقد روي هذا المعنى عن طائفة من الصحابة، منهم: علي والزبير وأبو عبيدة بن الجراح، رضي الله عنهم أجمعين.
وقد دل أمر النبي (بسد الأبواب الشارعة في المسجد على منع إحداث الاستطراق إلى المساجد من البيوت؛ فإن ذلك نفع يختص به صاحب الاستطراق، فلا يجوز في المساجد كما لا يجوز الاستطراق إلى أملاك الناس بغير إذنهم.
وهذا بخلاف وضع الخشب على جدار المسجد، فإن فيه عن الإمام أحمد روايتين؛ لأن هذا النفع يجوز عنده في ملك الجار بغير إذنه، بخلاف الاستطراق إلى ملك الجار، فإنه غير جائز.
واستثنى من ذلك الإمام ومن يتبعه؛ فإن استطراقه إلى المسجد فيه نفع يعود بمصلحة المصلين عموما، فكان النبي صلى الله عليه وسلم في حياته يستطرق إلى المسجد هو وآل بيته تبعا له، ولهذا روي أنه أمر بسد الأبواب غير باب علي، كما خرجه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما من وجوه.
فلما انقضت مدته (من الدنيا سد الأبواب كلها إلى المسجد غير باب أبي بكر؛ لأنه الإمام بعده، واستطراقه إلى المسجد من بيته فيه نفع عام يعود على المصلين كلهم. والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى
قلت سيف: وسيأتي إن شاء الله التوسع في خلافة أبي بكر وهل هي بالتصريح أم بالإشارة في آخر البحث القسم الثاني
——-
مجموعة أبي طارق:
مناقب الصديق جمع بعض أهل العلم:
– ومن مناقبه:
– أول من بذل ماله لنصرة الإسلام:
– ففي مسند أحمد:” ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر فبكى أبو بكر وقال وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله “.
– الكفار يعرفوا قدره أكثر من أهل البدع والزندقة:
– في البخاري:” فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجِيبُوهُ ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا فَمَا مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ كَذَبْتَ وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُم …. “.
قال ابن القيم – رحمه الله -:” ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة لعلمه وعلم قومه إن قوام الإسلام بهم “. (زاد المعاد 3/ 301).
– مضاجعته بعد الموت في قبره، قال ابن كثير:” وقد جمع الله بينهما في التربة، كما جمع بينهما في الحياة، فرضي الله عنه وأرضاه ” (البداية 7/ 18).
سأل الرشيد الإمام مالك عن منزلة الصديق والفاروق من النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال:” منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته “.
ثقة الرسول بالصديق لإيمانه ويقينه:
من فضائله ثقة الرسول به لعلمه بصدق إيمانه، وقوة يقينه: كما ثبت في البخاري ومسلم في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بتكليم الذئب للبشر وقال:” (فإني أؤمن بذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب). رضي الله عنهما “.
الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يحرص أن يعلم أصحابه معرفة منزلة أبي بكر وتوقيره:
في البخاري:” عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه، حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما صاحبكم فقد غامر). فسلم وقال: إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك، فقال: (يغفر الله لك يا أبا بكر). ثلاثا، ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثم أبو بكر، فقالوا: لا، فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم، مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر صدق. وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي). مرتين، فما أوذي بعدها “.
الصديق أحب الناس إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -:
فقد روى البخاري في صحيحه عن عمرو بن العاص – رضي الله عنه – قال:” بعثني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت: يا رسول الله أي الناس أحب إليك قال – صلى الله عليه وسلم – عائشة قلت: من الرجال؟ قال: أبوها “.
جهاده بالسيف مع النبي – صلى الله عليه وسلم – وثباته وعدم تخلفه عن أي غزوة:
قال شيخ الإسلام:” قال العلماء: صحب أبو بكر النبي – صلى الله عليه وسلم – حين أسلم إلى حين توفي لم يفارقه سفراً ولا حضراً إلا فيما أذن له – صلى الله عليه وسلم – فيه من حج وغزو وشهد معه المشاهد كلها ” (المنهاج 8/ 390).
قال ابن سعد:” قالوا: وشهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ودفع رسول الله رايته العظمى يوم تبوك إلى أبي بكر وكانت سوداء … وكان ممن ثبت مع رسول الله يوم أحد حين ولى الناس ” (الطبقات 3/ 175).
زهد الصديق خليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:” أهل العلم يقولون: أزهد الناس بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الزهد الشرعي أبو بكر وعمر ” (المنهاج)
عن أسلم:” أن عمر اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟ فقال: إن هذا أوردني الموارد “. (رواه أبو يعلى في المسند 1/ 17).
قلت سيف: ورد بزيادة مرفوعا: (ليس شيء من الجسد إلا يشكو إلى الله اللسان) أخرجه أبو يعلى 1/ 4 وغيره راجع الصحيحة 535
لكن أعله الدارقطني بأن عبدالصمد بن عبدالوارث على الدراوردي والصواب عن الدراوردي عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر اطلع …. وقال الدراوردي عن زيد بن أسلم أن صلى الله عليه وسلم قال: كل عضو يشكو. ورواه هشام بن سعد ومحمد بن عجلان وغيرهما عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر دخل على ابي بكر نحو قول الدراوردي ولم يذكر المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ولا مسندا. … والصحيح من ذلك ما قاله ابن عجلان وهشام بن سعد ومن تابعهما. العلل 1/ 158) وذهب باحث إلى أن الوهم من الدراوردي لأن عبدالصمد توبع المهم الأثر ثابت دون المرفوع.
في البخاري عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:” دخلت على أبي بكر رضي الله عنه، فقال: في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة. وقال لها: في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الإثنين. قال: فأي يوم هذا؟ قالت: يوم الإثنين. قال: أرجو فيما بيني وبين الليل. فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه، به ردع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفنوني فيها. قلت: إن هذا خلق؟ قال: إن الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة.
فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء. ودفن قبل أن يصبح ” (البخاري 1321).
عن الحسن بن علي – رضي الله عنه – قال:” لما احتضر أبو بكر – رضي الله عنه – قال: يا عائشة انظري اللقحة التي كنا نشرب من لبنها، والجفنة التي كنا نصطبح فيها، والقطيفة التي كنا نلبسها، فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا في أمر المسلمين فإذا مت فرديه إلى عمر، فلما مات أبو بكر – رضي الله عنه – أرسلت به إلى عمر – رضي الله عنه – فقال عمر – رضي الله عنه -: رضي الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك “.
أخرجه الطبراني وقال الهيثمي رجاله ثقات.
قلت سيف: موسى بن عبدالله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب قال البخاري فيه نظر ووثقه ابن معين وقال أحمد رايته وكان رجلا صالحا.
المهم قول البخاري فيه نظر جرح شديد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:” أما أبو بكر فلم يعلم أنه منع أحدا حقه ولا ظلم أحداً حقه لا في حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبعد موته ” (المنهاج).
أشجع الناس بعد رسول الله:
وأبو بكر كان أشجع الناس لم يكن بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهو أشجع من أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير.
وهذا يعرفه من يعرف من يعرف سيرهم وأخبارهم فإن أبا بكر باشر الأهوال التي كان يباشرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من أول الإسلام إلى آخره ولم يجبن ولم يحرج ولم يفشل.
وكان يُقْدِم في المخاوف يقي النبي – صلى الله عليه وسلم – بنفسه يجاهد المشركين تارة بيده وتارة بلسانه وتارة بماله وهو في ذلك كله مقدم.
كان يوم بدر في العريش مع النبي مع علمه بأن العدو يقصدون مكان النبي – صلى الله عليه وسلم – وهو ثابت القلب رابط الجأش يعاونه ويذب عنه ويخبره بأنا واثقون بنصر الله.
والمسلمون كما قال شيخ الإسلام كانت لهم هزيمتان يوم أحد ويوم حنين والثابت في السير والمغازي أن أبا بكر وعمر ثبتا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم أحد ويوم حنين ولم ينهزما مع من انهزم.
ولما مات النبي ونزلت بالمسلمين أعظم نازلة بهم حتى أوهنت العقول فمن الصحابة من أنكر موته ومنهم من أقعد ومنهم من دهش فلا يعرف من يمر وعليه ومن يسلم عليه وأكثر الأعراب قد ارتدوا عن الدين فقام الصديق رضي الله عنه بقلب ثابت وفؤاد شجاع وجمع الله له بين الصبر واليقين.
ومن شجاعته مدافعته للنبي لما خنقه عقبة بن أبي معيط وهو ثابت في البخاري وذلك لما سئل عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما لاقاه النبي – صلى الله عليه وسلم -:” قال: رأيت عقبة بن أبي معيط، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، فقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم “.
وكان يجاهد الكفار تارة بلسانه وتارة بقلبه وتارة بماله وهو في ذلك مقدم على جميع الصحابة.
إنجازات الصديق في خلافته:
بعث جيش أسامة: قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله -:” فكان خروجه في ذلك الوقت – أي جيش أسامة في زمن الصديق – من أكبر المصالح والحالة تلك، فساروا لا يمرون بحي من أحياء العرب إلا أرعبوا منهم وقالوا: ما خرج هؤلاء من قوم إلا وبهم منعة شديدة فقاموا أربعين يوماً ويقال سبعين يوماً ثم أتوا سالمين غانمين “. (البداية والنهاية).
قتال المرتدين: قال شيخ الإسلام ابن تيمية:” من أعظم فضائل أبي بكر عند الأمة أولهم وآخرهم أنه قاتل المرتدين “. (المنهاج 8/ 324).
في البخاري (1335) عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ:” لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنْ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ يَا أَبَا بَكْرٍ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهَا قَالَ عُمَرُ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ “.
أخرج عبدالله بن أحمد في زوائده على الفضائل عن عائشة قالت:” قبض النبي – صلى الله عليه وسلم – فارتدت العرب واشرأب النفاق بالمدينة فلو نزل بالجبال الرواسي ما نزل بأبي هاضها فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وعنائها في الإسلام “. (الفضائل 1/ 98 وإسناده صحيح).
عن وكيع قال:” لولا أبو بكر الصديق ذهب الإسلام “. (رواه عبد الله في زوائده على الفضائل 1/ 138 وإسناده صحيح).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله تعالى:” {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} وهم الذين قاتلوا أهل الردة وإمامهم أبو بكر ” (الفتاوى 4/ 416).
قتل مسيلمة الكذاب: عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال:” قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، وقدمها في بشر كثير من قومه، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة جريد، حتى وقف على مسيلمة في أصحابه فقال: (لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي أريت فيك ما رأيت) فأخبرني أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما أنا نائم، رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحي إلي في المنام: أن انفخهما، فنفختهما فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان من بعدي). فكان أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة الكذاب، صاحب اليمامة”.
أخرج البخاري عن قتادة:” ما نعلم حيا من أحياء العرب، أكثر شهيدا، أعز يوم القيامة من الأنصار قال قتادة: وحدثنا أنس بن مالك: أنه قتل منهم يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون. وقال: وكان بئر معونة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر، يوم مسيلمة الكذاب “.
جمعه للقرآن:
عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – قال:” رحم الله أبا بكر هو أول من جمع بين اللوحين “. (عبد الله بن أحمد في زوائد الفضائل 1/ 138 وإسناده حسن).
في البخاري (4402) عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وكان ممن يكتب الوحي قال:” أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة، وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا أن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن. …. “.
فضائل الصديق
بقلم ابن القيم رحمه الله تعالى
قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في الفوائد: (فصل)
لما بَايع الرَّسُولُ أهل الْعقبَة أَمرَ أَصْحَابه بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة فَعلمت قُرَيْش أَن أَصْحَابه قد كَثُرُوا وَأَنَّهُمْ سيمنعونه فأعلمت آراءها فِي اسْتِخْرَاج الْحِيَل!
فَمنهمْ من رأى الْحَبْس!
وَمِنْهُم من رأى النَّفْي!
ثمَّ اجْتمع رَايهمْ على الْقَتْل فجَاء الْبَرِيد بالْخبر من السَّمَاء وَأمره أَن يُفَارق المضجع فَبَاتَ عَليّ مَكَانَهُ … ونهض الصِّدِّيق لرفقة السّفر.
فَلَمَّا فارقا بيُوت مَكَّة اشْتَدَّ الحذر بالصدّيق فَجعل يذكر الرصد فيسير أَمَامه وَتارَة يذكر الطّلب فَيتَأَخَّر وَرَاءه وَتارَة عَن يَمِينه وَتارَة عَن شِمَاله إِلَى أَن انتهيا إِلَى الْغَار فَبَدَأَ الصدّيق بِدُخُولِهِ ليَكُون وقاية لَهُ إِن كَانَ ثَمَّ موذ …. فَلَمَّا وقف الْقَوْم على رؤوسهم وَصَارَ كَلَامهم بسمع الرَّسُول والصدّيق قَالَ الصدّيق وَقد اشْتَدَّ بِهِ القلق يَا رَسُول الله لَو أَن أحدهم نظر إِلَى مَا تَحت قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرنَا تَحت قَدَمَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله: ” يَا أَبَا بكر مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما؟! “.
لما رأى الرَّسُول حزنه قد اشْتَدَّ لكن على نَفسه قوَّى قلبه بِبِشَارَة: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعنا} (التوبة:40).
فَظهر سر هَذَا الاقتران فِي الْمَعِيَّة لفظا كَمَا ظهر حكما وَمعنى إذ يُقَال رَسُول الله وَصَاحب رَسُول الله فَلَمَّا مَاتَ قيل خَليفَة رَسُول الله ثمَّ انْقَطَعت إِضَافَة الْخلَافَة بِمَوْتِهِ فَقيل أَمِير الْمُؤمنِينَ.
فأقاما فِي الْغَار ثَلَاثًا ثمَّ خرجا مِنْهُ ولسان الْقدر يَقُول لتدخلنها دُخُولا لم يدْخلهُ أحد قبلك وَلَا يَنْبَغِي لأحد من بعْدك فَلَمَّا استقلا على الْبَيْدَاء لحقهما سراقَة بن مَالك فَلَمَّا شَارف الظفر أرسل عَلَيْهِ الرَّسُول سَهْما من سِهَام الدُّعَاء فساخت قَوَائِم فرسه فِي الأَرْض إِلَى بَطنهَا فَلَمَّا علم أَنه لَا سَبِيل لَهُ عَلَيْهِمَا أَخذ يعرض المَال على من قد رد مَفَاتِيح الْكُنُوز.
يقدم الزَّاد إِلَى شبعان ” أَبيت عِنْد رَبِّي يطعمني ويسقيني “.
كَانَت تحفة (ثَانِي اثْنَيْنِ) مدخرة للصديق دون الْجَمِيع فَهُوَ الثَّانِي فِي الْإِسْلَام وَفِي بذل النَّفس وَفِي الزّهْد وَفِي الصُّحْبَة وَفِي الْخلَافَة وَفِي الْعُمر وَفِي سَبَب الْمَوْت لِأَن الرَّسُول مَاتَ عَن أثر السم وَأَبُو بكر سم فَمَاتَ.
أسلم على يَدَيْهِ من الْعشْرَة عُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَسعد بن أبي وقّاص وَكَانَ عِنْده يَوْم أسلم أَرْبَعُونَ ألف دِرْهَم فأنفقها أحْوج مَا كَانَ الْإِسْلَام إِلَيْهَا فَلهَذَا أجلبت نَفَقَته عَلَيْهِ ” مَا نَفَعَنِي مَال مَا نَفَعَنِي مَال أبي بكر فَهُوَ خير من مُؤمن آل فِرْعَوْن لِأَن ذَلِك كَانَ يكتم إيمَانه والصدّيق أعلن بِهِ وَخير من مُؤمن (آل ياسين) لِأَن ذَلِك جَاهد سَاعَة وَالصديق جَاهد سِنِين “.
عاين طَائِر الْفَاقَة يحوم حول حب الإيثار ويصيح (من ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حسنا) (القرة:245). فَألْقى لَهُ حب المَال على روض الرِّضَا واستلقى على فرَاش الْفقر فَنقل الطَّائِر الْحبّ إِلَى حوصلة المضاعفة ثمَّ علا على أفنان شَجَرَة الصدْق يغرد بفنون الْمَدْح ثمَّ قَالَ فِي محاريب الْإِسْلَام يَتْلُو {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يتزكى} (الليل: 17_18).
نطقت بفضله الْآيَات وَالْأَخْبَار وَاجْتمعَ على بيعَته الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار فيا مبغضيه فِي قُلُوبكُمْ من ذكره نَار كلما تليت فضائله علا عَلَيْهِم الصغار أَتُرَى لم يسمع الروافض الكفّار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار} (التوبة: 40)؟!
دعِي إِلَى الْإِسْلَام فَمَا تلعثم وَلَا أَبى.
وَسَار على المحجة فَمَا زل وَلَا كبا وصبر فِي مدَّته من مدى العدى على وَقع الشبا وَأكْثر فِي الْإِنْفَاق فَمَا قلل حَتَّى تخَلّل بالعبا.
تالله لقد زَاد على السبك فِي كل دِينَار دِينَار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار} (التوبة: 40)؟!
من كَانَ قرين النَّبِي فِي شبابه؟
من ذَا الَّذِي سبق إِلَى الْإِيمَان من أَصْحَابه؟
من الَّذِي أفتى بِحَضْرَتِهِ سَرِيعا فِي جَوَابه؟
من أوّل من صلى مَعَه؟
من آخر من صلّى بِهِ؟
من الَّذِي ضاجعه بعد الْمَوْت فِي ترابه؟
فاعرفوا حق الْجَار نَهَضَ يَوْم الرِّدَّة بفهم واستيقاظ وَأَبَان من نَص الْكتاب معنى دق عَن حَدِيد الألحاظ فالمحب يفرح بفضائله والمبغض يغتاظ.
حسرة الرافضي أَن يفر من مجْلِس ذكره وَلَكِن أَيْن الْفِرَار؟
كم وقى الرَّسُول بِالْمَالِ وَالنَّفس وَكَانَ أخص بِهِ فِي حَيَاته وَهُوَ ضجيعه فِي الرمس.
فضائله جليلة وَهِي خليّة عَن اللّبْس يا عجبا؟ من يُغطي عين ضوء الشَّمْس فِي نصف النَّهَار؟!
لقد دخلا غارا لَا يسكنهُ لابث فاستوحش الصّديق من خوف الْحَوَادِث فَقَالَ الرَّسُول مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ وَالله الثَّالِث؟! فَنزلت السكينَة فارتفع خوف الْحَادِث فَزَالَ القلق وطاب عَيْش الماكث فَقَامَ مُؤذن النَّصْر يُنَادي على رُؤُوس منائر الْأَمْصَار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَار}.
حبه وَالله رَأس الحنيفية وبغضه يدل على خبث الطوية فَهُوَ خير الصَّحَابَة والقرابة وَالْحجّة على ذَلِك قَوِيَّة لَوْلَا صِحَة إمامته مَا قيل ابْن الحنيفة.
مهلا مهلا فَأن دمّ الروافض قد فار!
وَالله مَا أحببناه لهوانا وَلَا نعتقد فِي غَيره هوانا وَلَكِن أَخذنَا بقول عَليّ وكفانا رضيك رَسُول الله لديننا أَفلا نرضاك لدنيانا؟!
تالله لقد أخذت من الروافض بالثأر.
تالله لقد وَجب حق الصدّيق علينا فَنحْن نقضي بمدائحه وَنَقر بِمَا نقر بِهِ من السنى عينا فَمن كَانَ رَافِضِيًّا فَلَا يعد إِلَيْنَا وَليقل لي أعذار!.
وهذه فتوى للجنة الدائمة:
س 2: يقولون أيضا: إن سيدنا أبا بكر الصديق رضي الله عنه مات مسموما. فهل هذا صحيح؟
ج 2: اختلف أهل السير في سبب وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذكروا أسبابا عدة: منها: السم، كما في كتاب (الرياض النضرة) للمحب الطبري، و (الإصابة) للحافظ ابن حجر وغيرهما. والله أعلم. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الفتوى رقم (19042)
قال سيف وصاحبه: موت ابي بكر بالسم وقفت عليه في الإصابة وعزاه لابن سعد عن الزهري أن أبابكر والحارث بن كلدة اكلا خزيرة أهديت لابي بكر وكان الحارث طبيبا فقال لابي بكر أرفع يدك والله إن فيها لسم سنة فلم يزالا عليلين حتى ماتا عند انقضاء السنة في يوم واحد.
وهو في الطبقات 3220 من مراسيل الزهري وكذلك ذكره في الرياض النضرة عن ابن شهاب أن أبا بكر مرسل أيضا
وأخرجه الحاكم 3/ 64 من طريق ابن شهاب أن رجلا أهدى صحفة من خزيرة به.