: [1ج/ رقم (227)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ومحمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (227)]:
قال الإمام أبو داود رحمه الله (ج (2) ص (71)): حدَّثنا أحمد بن حنبل ومُسدَّد، قالا: حدَّثنا عبّاد بن عبّاد، حدَّثنا محمَّد بن عمرو، عن سعيد بن الحارث الأنصاري، عن جابر بن عبد الله، قال: كنتُ أُصلِّي الظّهرَ مع رسولِ الله ? فآخُذُ قَبضةً من الحصى لِتَبرُدَ في كَفِّي أضَعُها لِجَبهَتي أسجُدُ عليها لشِدَّةِ الحَرِّ.
وقال الوادعي رحمه الله: هذا حديث حسنٌ.
ومحمد بن عمرو هو ابن علقمة، وعباد بن عباد هو المهلبي.
الحديث أخرجه النسائي (ج (2) ص (204)).
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الأول:
أورد الحديث الإمام أبو داود رحمه الله، في السنن، كتاب الصلاة، (4) – باب وقت صلاة الظهر، ((399)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(4) – كتاب الصلاة، (37) – في بعض الأحيان لا تؤخَّر صلاة الظهر أو تؤخر تأخيرا قليلا، ((853)).
وقال شعَيب الأرنؤوط وآخرين -ط: الرسالة-: “إسناده حسن؛ من أجل محمَّد بن عمرو، وهو ابن علقمة الليثي.
وأخرجه النسائى في «الكبرى» ((672)) عن قتيبة، عن عباد بن عباد، بهذا الإسناد. وهو في «مسند أحمد» ((14506))، و «صحيح ابن حبان» ((2276)).
قلنا: والظاهر أنه لم يكن في ثوبه فضلة يسجد عليها مع بقاء ستر عورته، فقد جاء عند البخاري ((385)) عن أنس بن مالك قال: كنا نُصلي مع النبيّ ? فيضع أحدنا طرفَ الثوب من شدة الحر في مكان السجود.
وفي رواية: ((542)) كنا إذا صلينا خلف رسول الله ? بالظهائر، سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر”. انتهى.
والثاني: شرح وبيان الحديث
قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [باب: في وقت صلاة الظهر.
حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: حدثنا عباد بن عباد حدثنا محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارث الأنصاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كنت أصلي الظهر مع رسول الله ? فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدة الحر)].
قوله: [باب: في وقت صلاة الظهر].
لما ذكر فيما مضى جملة من الأحاديث التي فيها ذكر الصلوات الخمس، وبيان مواقيتها ابتداء وانتهاء، ثم ذكر وقت صلاة النبي ?، وذكر جملة من الأحاديث، بدأ بذكر الأبواب لكل صلاة من الصلوات الخمس، فبدأ بالظهر، وختم بالفجر، وبدأ بالظهر؛ لأن جبريل حين أم النبي ? في الصلوات الخمس بدأ بالظهر وختم بالفجر، وذلك بعد أن عرج برسول الله ? إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس، فنزل جبريل في وقتها وبدأ بها، حيث صلى في اليوم الأول في أول الوقت، وفي اليوم الثاني صلى في آخر الوقت بدءًا بالظهر وختمًا بالفجر، فهذا هو السبب الذي جعل العلماء عندما يذكرون الصلوات يبدءون بالظهر فيقدمونها على غيرها، ولا يبدءون بالفجر مع أن الفجر هي أول صلوات النهار، ولا يبدءون بالمغرب مع أنها أول صلوات الليل، وإنما يبدءون بالظهر؛ لأنها هي أول ما صلى جبريل بالنبي ? من الصلوات.
ثم بعد ذلك أورد بعض الأحاديث في وقت صلاة الظهر، فأورد حديث جابر رضي الله تعالى عنه أنه كان يصلي مع النبي ? وكانت الأرض شديدة الحرارة، وكان يشق عليهم السجود على الأرض، فكان يأخذ قبضة من الحصباء ويقبض عليها بيده حتى تبرد وتذهب حرارتها، ثم يلقيها في موضع سجوده، وذلك لتخف عليه الحرارة؛ لأنه إذا سجد والحرارة شديدة يشغله ذلك عن الصلاة وعن الخشوع في الصلاة، فكان يفعل ذلك، وقد جاء في بعض الأحاديث أنهم كانوا يسجدون على أطراف ثيابهم يتقون حرارة الشمس”. [شرح سنن أبي داود للعباد].
والثالث: مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى):
قال في «التلخيص الحبير»: حديث: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم» متفق عليه من حديث أبي هريرة، وأبي ذرّ، وأخرجه البخاري من حديث ابن عمر، ولفظ ابن ماجه فيه: «أبردوا بالظهر».
وفي الباب عن أبي موسى، وعائشة، والمغيرة، وأبي سعيد، وعمرو بن عَبَسَة، وصفوان والد القاسم، وأنس، وابن عباس، وعبد الرحمن بن علقمة، وعبد الرحمن بن جارية، وصحابي لَمْ يُسَمَّ، ورواه مالك من رواية عطاء بن يسار مرسلًا، وروي عن عمر موقوفًا.
فحديث أبي موسى رواه النسائي بلفظ: «أبردوا بالظهر؛ فإن الذي تجدونه في الحر من فيح جهنم».
وحديث عائشة رواه ابن خزيمة بلفظ: «أبردوا بالظهر في الحر»، وحديث المغيرة رواه أحمد، وابن ماجه، وابن حبان، وتفرد به إسحاق الأزرق، عن شريك، عن طارق، عن قيس، عنه. وفي رواية للخلال: وكان آخر الأمرين من رسول اللَّه ? الإبراد.
وسئل عنه البخاريّ، فعدّه محفوظًا، وذكر الميمونيّ عن أحمد أنه رجح صحته، وكذا قال أبو حاتم الرازي: هو عندي صحيح.
وأعلّه ابن معين بما روى أبو عوانة عن طارق، عن قيس، عن عمر موقوفًا، وقال: لو كان عند قيس عن المغيرة مرفوعًا لَمْ يفتقر إلى أن يحدث به عن عمر موقوفًا، وقَوّى ذلك عنده أن أبا عوانة أثبت من شريك، واللَّه أعلم.
وحديث أبي سعيد رواه البخاريّ بلفظ: «أبردوا بالظهر».
وحديث عمرو بن عَبَسَة رواه الطبراني، وحديث صفوان رواه ابن أبي شيبة، والحاكم والبغوي، من طريق القاسم بن صفوان، عن أبيه، بلفظ: «أبردوا بصلاة الظهر … » الحديث.
وحديث أنس [قال الإتيوبي في الحاشية: “لم يدكر في «التلخيص» (1) / (462) من أخرج حديث أنس، بل قال: «وحديث أنس رواه … » بياض، كما لم يذكره ابن الملقّن في «البدر المنير» (3) / (220)، فليُنظر”. انتهى.]، وحديث ابن عباس رواه البزار بلفظ: «كان رسول اللَّه ? في غزوة تبوك يؤخر الظهر حتى يبرد، ثم يصلي الظهر، والعصر … » الحديث، وفيه عمر بن صُهْبان، وهو ضعيف.
وحديث عبد الرحمن بن جارية رواه الطبرانيّ، وحديث عبد الرحمن بن علقمة رواه أبو نعيم.
وحديث الصحابيّ المبهم رواه الطبراني. وحديث عُمَر تقدم مع المغيرة. انتهى. [«التلخيص» (1) / (181) – (182)].
(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في حكم الإبراد بالصلاة:
(اعلم): أنه اختَلَف القائلون بمشروعية الإبراد في الأمر الوارد في هذا الحديث، هل هو للوجوب، أم للاستحباب؟
فقال الجمهور: إنه للاستحباب، وحَكى القاضي عياض وغيره: أن بعضهم ذهب إلى الوجوب، قال الحافظ: وغفل الكرماني، فنقل الإجماع على عدم الوجوب، وقال البدر العينيّ: [فإن قلتَ]: ما القرينة الصارفة عن الوجوب، وظاهر الكلام يقتضيه؟
[قلت]: لما كانت العلة فيه دفع المشقة عن المصلي لشدة الحرّ، وكان ذلك للشفقة عليه، فصار من باب النفع له، فلو كان للوجوب يصير عليه، ويعود الأمر على موضوعه بالنقض. انتهى [«عمدة القاري» (5) / (20) – (21)].
قال الإتيوبي عفا اللَّه عنه: لا يخفى ضعف هذا التعليل؛ إذ الحقّ أن الأمر بالإبراد معلّل في الحديث بأن شدّة الحرّ من فيح جهنّم، لا دفع المشقّة فقط، ولو سلّمنا فلا ملازمة بين دفع المشقّة وإيجاد الإبراد؛ إذ المشقّة التي اعتبرها الشرع عند الأمر بالإبراد تناسب الإيجاب، ولا تعارضه، ولا نقض فيها، فافهم، واللَّه تعالى أعلم.
وقال ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وإنما لم نحمل الأمر على الوجوب؛ لحديث خباب -رضي اللَّه عنه- قال: «شكونا إلى رسول اللَّه ? شدة الرمضاء، فلم يشكنا» [م]، قال زهير: قلت لأبي إسحاق: أفي الظهر في تعجيلها؟ قال: نعم. انتهى [راجع: «المحلى» (3) / (184) – (185)].
قال الإتيوبي عفا اللَّه عنه: وفيما قاله ابن حزم نظر؛ لأن الراجح أن حديث خبّاب منسوخ بأحاديث الأمر بالإبراد، كما سيأتي تحقيقه -إن شاء اللَّه تعالى-، فلا يكون صارفًا للوجوب.
والحاصل أن قول من قال بإيجاب الإبراد هو الأرجح؛ لقوّة حجّته، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
بينما قال ابن رجب:
والأمر بالإبراد أمر ندب واستحباب، لا أمر حتم وإيجاب، هذا مما لا خلاف فيه بين العلماء.
فإن شذ أحد من أهل الظاهر جريًا على عادتهم، ولم يبال بخرق إجماع المسلمين، كان محجوبًا بالإجماع قبله، وبحديث عمرو بن عبسة وأبي هريرة المذكورين، فإنهما يصرحان بأن الصلاة بعد الزوال مشهودة محضورة متقبلة، ولم يفرق بين فرض ونفل.
وذهب طائفة من العلماء إلى أن الإبراد رخصة، وأن تركه سنة، والصلاة في أول الوقت بكل حال أفضل، وهو قول الليث بن سعد وطائفة من أصحاب الشافعي.
والأحاديث الصحيحة ترده.
وقد جعل مالك القول بترك الإبراد قول الخوارج. انتهى من فتح الباري
ذهب الجمهور إلى أن الأمر بالإبراد أمر استحباب، فيجوز التعجيل به، والإبراد أفضل قاله العلامة الألباني، وأشار إلى أن العلة هي شدة الحر قال ويشهد له من فعله صلى الله عليه وسلم حديث أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي، والطحاوي.
وبوب البخاري في صحيحه باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة وذكر حديث أنس 906 من طريق حرمي بن عمارة قال حدثنا أبوخلدة هو خالد بن دينار قال سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكَّر بالصلاة، وإذا اشتد الحرُّ أبرد بالصلاة. يعني الجمعة.
قال يونس بن بكير: أخبرنا أبوخلدة فقال: بالصلاة، ولم يذكر الجمعة.
وقال بشر بن ثابت: حدثنا أبوخلدة قال: صلى بنا أمير الجمعة، ثم قال لأنس رضي الله عنه: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر؟
وراجع شرح ابن رجب وابن حجر. وبإذن الله سنتوسع في مسألة الإبراد بالجمعة في بابه. من رياح المسك العطرة
وسوف نشير لها هنا إشارة بإذن الله كما سيأتي
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم هل الإبراد في شدة الحر مطلقٌ، أم مقيّد بمن يصلّي جماعة، أو غير ذلك من القيود؟:
قال الحافظ ولي الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذا الحديث استحباب الإبراد بصلاة الظهر في شدة الحرّ، وهو تأخيرها إلى أن يبرد الوقت، وينكسر وهَجُ الحر، وبه قال الأئمة الأربعة، وجمهور العلماء من السلف والخلف، لكن أكثر المالكية على اختصاص الإبراد بالجماعة، فأما المنفرد، فتقديم الصلاة في حقّه أفضل، وكذا قال ابن حزم الظاهرىِّ؛ أنه يختص الإبراد بالجماعة.
وحَكى ابن القاسم عن مالك أن الظهر تصلى إذا فاء الفيء ذراعًا في الشتاء والصيف للجماعة والمنفرد، على ما كتب به عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- إلى عماله.
وقال ابن عبد الحكم، وغيره: معنى كتاب عمر مساجد الجماعة، فأما المنفرد، فأول الوقت أولى به. قال ابن عبد البر: وإلى هذا مال فقهاء المالكية من البغداديين، ولم يلتفتوا إلى رواية ابن القاسم. انتهى.
وقال الشافعي: إنما يستحب الإبراد في شدة الحرّ بشروط:
الأول: أن يكون في بلد حار، وقال الشيخ أبو محمد الجويني وغيره: يستحب في البلاد المعتدلة والباردة أيضًا إذا اشتد الحرّ.
الثاني: أن تصلى في جماعة، فلو صلّى منفردًا، فتقديم الصلاة له أفضل.
الثالث: أن يقصد الناس الجماعة من بُعْد، فلو كانوا مجتمعين في موضع صَلَّوا في أول الوقت.
الرابع: أن لا يجدوا كِنًّا يمشون تحته، يقيهم الحرّ، فإن اختل شرط من الشروط، فالتقديم أفضل.
وقال الشيخ موفق الدين ابن قدامة في «المغني»: ظاهر كلام أحمد استحباب الإبراد بها على كلّ حال، قال الأثرم: وهذا على مذهب أبي عبد اللَّه سواء، يستحب تعجيلها في الشتاء، والإبراد بها في الحر، وهو قول إسحاق، وأصحاب الرأي، وابن المنذر؛ لظاهر قوله: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة»، وهذا عامّ.
وقال القاضي: إنما يستحب الإبراد بثلاث شرائط:
شدّة الحر، وأن يكون في البلدان الحارّة، ومساجد الجماعات، فأما من صلاها في بيته، أو في مسجد بفناء بيته فالأفضل تعجيلها، وقال القاضي في «الجامع»: لا فرق بين البلدان الحارّة، وغيرها، ولا بين كون المسجد ينتابه الناس، أو لا؛ فإن أحمد كان يؤخِّرها في مسجده، ولم يكن بهذه الصفة، والأخذ بظاهر الخبر أولى. انتهى.
وذهبت طائفة إلى عدم استحباب الإبراد مطلقًا، وحكاه ابن المنذر عن عمر، وابن مسعود، وجابر -رضي اللَّه عنهم-، وحكاه ابن بطال عنهم، وعن أبي بكر، وعليّ، وحكاه ابن عبد البر عن الليث بن سعد، والمشهور عنه موافقة الجمهور.
احتجّ الجمهور القائلون باستحباب الإبراد في شدَّة الحر مطلقًا بأحاديث الباب، وغيرها، فإنه ليس فيها سوى ذلك.
قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واستنبط الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هذه الشروط التي اعتبرها من الحديث، وجعله تخصيصًا للنص بالمعنى، فحُكي عنه أنه قال: إن أمر رسول اللَّه ? بالإبراد كان بالمدينة لشدة حرّ الحجاز، ولأنه لم يكن بالمدينة مسجد غير مسجده يومئذ، وكان يُنتاب من البعد، فيتأذون بشدة الحرّ، فأمرهم بالإبراد؛ لما في الوقت من السعة، حكاه ابن عبد البر.
واستَدَلَّ الترمذيّ في» جامعه «بحديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه- الثابت في» الصحيحين «:» أذن مؤذِّن رسول اللَّه ?، فقال النبيّ ?: «أبرد، أبرد»، أو قال: «انتظر، انتظر»، وقال: «شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحرّ، فأبردوا عن الصلاة»، حتى رأينا فيء التلول.
وفي رواية للبخاريّ أن ذلك كان في سفر، على خلاف ما ذهب إليه الشافعيّ، وقال: لو كان على ما ذهب إليه لم يكن للإبراد في ذلك الوقت معنى؛ لاجتماعهم في السفر، وكانوا لا يحتاجون إلى أن ينتابوا من البعده انتهى.
وأجاب الشافعية عما قاله الترمذيّ بأن اجتماعهم في السفر قد يكون أكثر مشقة منه في الحضر، فإنه يكون كلّ واحد منهم في خبائه، أو مستقرًّا في ظل شجرة، أو صخرة، ويؤذيه حرّ الرمضاء إذا خرج من موضعه، وليس هناك ظل يمشون فيه، وأيضًا فليس هناك خباء كبير يجمعهم، فيحتاجون إلى أن يصلوا في الشمس، والظاهر أيضًا أن أخبيتهم كانت قصيرة، لا يتمكنون من القيام فيها.
وقد ثبت في الصحيح أنه ?: «كان يأمر مناديه، في الليلة الباردة، أو المطيرة في السفر أن يقول: ألا صلوا في الرحال»، فلما كان وجود البرد الشديد، أو المطر في السفر مرخِّصًا في ترك الجماعة، كذلك وجود الحر الشديد في السفر مُقْتَضٍ للإبراد بالظهر.
وقال ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ثبت أن رسول اللَّه ? قال: “إذا اشتد الحر، فأبردوا بالظهر»، وبخبر رسول اللَّه ? نقول، وهو على العموم، لا سبيل يستثنى من ذلك البعض. انتهى.
)
قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد عرفت أن التخصيص إنما هو بالمعنى، والصحيح في الأصول أنه يجوز أن يُستَنْبَط من النصّ معنى يُخَصِّصه.
لكن قد يقال: لا يتعين أن تكون العلة ما أشار إليه الشافعيّ من تأذيهم بالحر في طريقهم، فقد تكون العلة ما يجدونه من حرّ الرمضاء في جباههم في حالة السجود، وقد ثبت في الصحيح عن أنس -رضي اللَّه عنه-، قال: «كنا إذا صلينا خلف رسول اللَّه ? بالظهائر جلسنا على ثيابنا اتقاء الحر»، ورواه أبو عوانة في «صحيحه» بلفظ: «سجدنا» بدل: «جلسنا».
وفي «سنن أبي داود» وغيره: «كنت أصلي الظهر مع رسول اللَّه ?، فآخذ قبضة من الحصى؛ لتبرد في كفي، أضعها لجبهتي، أسجد عليه، لشدة الحر».
وفي حديث أنس -رضي اللَّه عنه- في الصحيح: «فإذا لَمْ يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه»، فهذا هو المنقول عن الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، ولم نجد عنهم أنهم شَكَوا مشقة المسافة، ولا بُعْد الطريق.
ويمكن أن تكون العلة في ذلك أنه وقت يفوح فيه حرّ جهنم، ولهيبها، وهو ظاهر قوله: «فإن شدة الحر من فيح جهنم»، وكونها ساعة يفوح فيها لهب جهنم وحرها، يقتضي الكفّ عن الصلاة، كما في حديث عمرو بن عَبَسَة -رضي اللَّه عنه-: «فإذا اعتدل النهار، فأقصِرْ»، يعني عن الصلاة، فإنها ساعة تُسجَر فيها جهنّم.
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: هذه العلة هي أوضح ما يُعَلَّل به الأمر «بالإبراد»؛ لكون الحديث نصًّا فيها، فلا معنى للتعليل بغيرها، فحينئذ يستوي في الحكم الجماعة، والمنفرد، والحضري، والمسافر، فالقول بالعموم هو الحقّ، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم.
واحتجّ القائلون بعدم استحباب الإبراد مطلقًا بالأحاديث الدالة على فضيلة أول الوقت، وبحديث خباب -رضي اللَّه عنه-: «شكونا إلى رسول اللَّه ? الرمضاء، فلم يشكنا» الآتي في الباب التالي.
وأجابوا عن حديث الباب، وغيره من الأحاديث الدالة على الإبراد بأن معناها: صَلُّوها في أول وقتها، أخذًا من بَرْد النهار، وهو أوله.
ورُدّ عليهم بأن هذا تأويل بعيد، يبطله قوله: «فإن شدة الحرّ من فيح جهنم»؛ لأن أول وقت الظهر أشدّ حرًّا من آخره، وحديث أبي ذرّ المتقدم صريح في أن المراد بالإبراد التأخير إلى وقت البرد.
وقال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ومن تأول الحديث على برد النهار، فقد خرج من جملة قول الأئمة.
وأجيب عما تمسكوا به، بأن أحاديث أول الوقت عامة، أو مطلقة، والأمر بالإبراد خاص؛ فهو مقدم، ولا التفات إلى من قال: التعجيل أكثر مشقة، فيكون أفضل؛ لأن الأفضلية لم تنحصر في الأشق، بل قد يكون الأخف أفضل، كما في قصر الصلاة في السفر، قاله في «الفتح» [راجع: (2) / (22)].
وأجيب عن حديث خباب -رضي اللَّه عنه- بأوجه:
أحدها: أنه إنما لم يجبهم لِما سألوا؛ لأنهم أرادوا أن يؤخروا الصلاة بعد الوقت الذي حدّه لهم، وأمرهم بالإبراد إليه، ويزيدوا على الوقت المرخَّص لهم فيه، ومن المعلوم أن حر الرمضاء الذي يسجد عليه، لا يزول إلّا بعد خروج الوقت كله، ذكر المازريّ هذا الجواب، وقال: إنه الأشبه، يعني أشبه الأجوبة.
ثانيها: أن هذا الحديث ونحوه من الأحاديث الدالة على التقديم، منسوخة بأحاديث الإبراد؛ لأنها رُويت من حديث أبي هريرة، والمغيرة بن شعبة، ونحوهما ممن تأخر إسلامه، بخلاف أحاديث التعجيل، كحديث خباب، وحديث عبد اللَّه بن مسعود.
ويدل عليه ما رواه ابن ماجه، وابن حبان في «صحيحه» عن قيس بن أبي حازم، عن المغيرة بن شعبة -رضي اللَّه عنه- قال: «كنا نصلي مع رسول اللَّه ? صلاة الظهر بالهاجرة، فقال لنا: أبردوا بالصلاة، فإن شدّة الحر من فيح جهنم»، ورواه الطحاويّ بلفظ: «ثم قال: أبردوا»، وأعله أبو حاتم بأنه رُوي عن قيس بن أبي حازم، عن عمر بن الخطاب من قوله.
وذكر الخلال عن الميمونيّ: أنهم ذاكروا أبا عبد اللَّه، يعني أحمد بن حنبل حديث المغيرة بن شعبة، فقال: أسانيدها جياد، ثم قال: خباب يقول: «شكونا إلى النبيّ ?، فلم يُشْكِنا»، والمغيرة -كما ترى- روى القصتين جميعًا، قال: وفي رواية غير الميمونيّ: وكان آخر الأمرين من رسول اللَّه ?، الإبراد.
وقال الأثرم بعد ذكر أحاديث التعجيل والإبراد:
فأما التي ذكر فيها التعجيل في غير الحر فإن الأمر عليها، وأما حديث خباب، وجابر، وما كان فيها من شدّة الحر، فإن ذلك عندنا قبل أن يأمر بالإبراد.
وقد جاء بيان ذلك في حديثين:
أحدهما حديث بيان، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة: قال: كنا نصلي مع النبيّ ? بالهاجرة، فقال لنا: «أبردوا» فتبيّن لنا أن الإبراد كان بعد التهجير،
والحديث الآخر أبين من هذا: خالد بن دينار أبو خلدة، قال: سمعت أنسًا، يقول: «كان النبيّ ? إذا كان البرد بَكَّر بالصلاة، وإذا كان الحرّ أبرد بالصلاة».
ثالثها: أن الإبراد رخصة، وتقديمه ? كان أخذًا بالأشق، قال العراقيّ: وبهذا قال بعض أصحابنا، ونصّ عليه الشافعيّ في البويطيّ، وصححه أبو علي السنجي، لكن الصحيح من مذهبنا أن الإبراد هو الأفضل، فلا يمشي عليه هذا الجواب.
رابعها: أن معنى قوله: «فلم يُشْكِنا» لم يُحْوِجنا إلى شكوى، بل رَخَّص لنا في الإبراد، حكاه القاضي أبو الفرج المالكيّ عن ثعلب، ويرُدّه أن في بعض طرقه: «في أشكانا»، وقال: «إذا زالت الشمس فصَلُّوا»، روى هذه الزيادة أبو بكر بن المنذر، كما ذكره ابن القطان.
خامسها: أن الإبراد أفضل، وحديث خباب فيه بيان جواز التعجيل، دلّ عليه كلام ابن حزم، فإنه ذكر استحباب الإبراد، ثم قال: وإنما لم نحمل هذا الأمر على الوجوب؛ لحديث خباب، قال العراقيّ: لكن في هذا نظر؛ لأن ظاهر حديث خباب المنع من التأخير، أو أنه مرجوح بالنسبة إلى التقديم، واللَّه أعلم. انتهى كلام العراقيّ ببعض تصرف، وبعض زيادة من «الفتح» [راجع: «طرح التثريب» (2) / (151) – (155)].
قال الإتيوبي عفا اللَّه تعالى عنه: عندي أظهر الأجوبة وأرجحها جواب من قال بنسخ حديث خباب -رضي اللَّه عنه- بحديث المغيرة -رضي اللَّه عنه- الذي استدلّ به الطحاويّ عليه، قال: «كنا نصلي مع النبيّ ? الظهر بالهاجرة، ثم قال لنا: أبردوا بالصلاة»، وهو حديث رجاله ثقات، رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن حبان، ونقل الخلال عن أحمد أنه قال: هذا آخر الأمرين من رسول اللَّه ?، كما قاله الحافظ في «الفتح» [راجع: «الفتح» (2) / (21)].
وقال في «التلخيص»: وسئل البخاريّ عنه، فعدّه محفوظًا، وذكر الميمونيّ عن أحمد أنه رجح صحته، وكذا قال أبو حاتم الرازي: هو عندي صحيح، وأعله ابن معين بما رَوى أبو عوانة عن طارق، عن قيس، عن عمر موقوفًا، وقال: لو كان عند قيس، عن المغيرة مرفوعًا، لَمْ يفتقر إلى أن يُحَدِّث به عن عمر موقوفًا، وقوّى ذلك عنده أن أبا عوانة أثبت من شريك، واللَّه أعلم. انتهى [«التلخيص الحبير» (1) / (181)].
قال الإتيوبي: فتبيّن بهذا كلِّه أن الأكثرين على تصحيحه، ويؤيِّد ذلك ما تقدّم من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: «كان النبيّ ? إذا كان البرد بكّر بالصلاة، وإذا كان الحرّ أبرد بالصلاة».
والحاصل: أن الراجح كون حديث خباب -رضي اللَّه عنه- منسوخًا، وأن أرجح المذاهب مذهب من قال بالإبراد في اشتداد الحرّ مطلقًا، سواء كان جماعةً، أو منفردًا؛ لقوة حجّته، ووضوحها، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، واللَّه أعلم.
وقال العلّامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد ذكر نحو ما تقدم-: ولو سلّمنا جهل التاريخ، وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الإبراد أرجح؛ لأنَّها في «الصحيحين»، بل في جميع الأمهات بطرق متعددة، وحديث خباب في مسلم فقط، ولا شك أن المتفق عليه مقدم، وكذا ما جاء بطرُقٍ. انتهى كلام الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-[«نيل الأوطار» (2) / (32) – (33)]، وهو تحقيق حسنٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قيل: لفظ «الصلاة» عامّ بناء على أن المفرد المعرّف بالألف واللام للعموم، فيتناول سائر الصلوات، وذلك يقتضي تأخير كل منها في شدة الحر، وبه قال الجمهور في الظهر، كما تقدم، وقال به أشهب وحده في صلاة العصر؛ قال: تؤخر ربع القامة، وقال به أحمد بن حنبل في رواية عنه في صلاة العشاء، فرأى تأخيرها في الصيف، وتعجيلها في الشتاء، وعكس ابن حبيب من المالكية، فرأى تأخيرها في الشتاء؛ لطول الليل، وتعجيلها في الصيف؛ لقصره.
قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهو أظهر في المعنى، ولا نعلم أحدًا قال بالإبراد في المغرب، وكأن ذلك لضيق وقتها، ولا في الصبح، وكأن ذلك لأن وقتها أبرد الأوقات مطلقًا، فلا معنى للإبراد بها.
وجواب الجمهور عن ترك القول بالإبراد في العصر والعشاء: أن المراد بالصلاة هنا صلاة الظهر، كما ورد بيانه في بعض الطرق الصحيحة المتقدمة؛ ففي رواية البخاري من حديث أبي سعيد -رضي اللَّه عنه-، فقال: «أبردوا بالظهر»، وهي رواية النسائيّ من حديث أبي موسى -رضي اللَّه عنه-، فتكون الألف واللام في الصلاة في الرواية المطلقة للعهد.
وأيضًا فإن أول وقت العصر، وأول وقت العشاء لا يكون في الغالب أشدّ حرًّا من آخر وقت الظهر، فإذا فعلت الظهر في آخر وقتها، ففعلُ العصر في أول وقتها، والعشاء في أول وقتها، وهما أقلّ حرًّا أولى بذلك.
وأيضًا فإنه ? لم ينقل عنه في خبر الإبراد، لا بالعصر، ولا بالعشاء، بل كان يأتي بكل منهما في أول وقتها صيفًا وشتاءً، وأما تأخيره العشاء في بعض الأوقات، فهو إما لاجتماع الناس، كما ورد بيانه، أو لما في تأخيرها من الفضل، وليس ذلك لأجل الإبراد، ولا فرق فيه بين الصيف والشتاء. انتهى [«طرح التثريب» (2) / (155)].
قال الإتيوبي عفا اللَّه تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن أرجح الأقوال في المسألة قول الجمهور، وهو أن الإبراد المأمور به إنما في الظهر، ومثله الجمعة، وأما ما عدا ذلك من الصلوات فلا يُشرع فيه الإبراد؛ لعدم نصّ يُعتمد عليه في ذلك، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
لقلت سيف: لكن الجمعة لم يرد فيها الإبراد ثم الوصية بالتبكير لها ثم تأخيرها للإبراد فيه مشقة على الناس حيث يطول جلوسهم
وفي شرحنا على
الصحيح المسند
66 – قال أبو داود رحمه الله (ج 4 ص 71): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أخبرَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ الْعَائِذِيُّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا لَمْ يَرْتَحِلْ حَتَّى يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ قَالَ وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ.
هذا حديث صحيحٌ على شرط مسلم.
الحديث أخرجه النسائي (ج 1 ص 199) طبعة الحلبي فقال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد، حدثنا يحيى بن سعيد به.
وأخرجه الإمام أحمد (ج 2 ص 120) فقال: ثنا وكيع، ثنا شعبة، به.
وبوب النسائي باب تعجيل الظهر في السفر.
فهذه التبويبات تدل على أن الصلاة في أول الوقت لكن لفظة نصف النهار تحمل على المبالغة في التعجيل ومن نظائره
(444) – وعن سَلَمَةَ بن الأكوَعِ رضي الله عنه قال: كُنّا نُصَلِّي مع رسول الله ? الجمعة ثم نَنصَرِفُ وليس للحيطانِ ظِلٌّ نَستظِلُّ به. متفق عليه واللفظ للبخاري، وفي لفظ لمسلم: كُنّا نُجَمِّعُ معه إذا زالتِ الشمسُ ثم نَرجِعُ نَتَّبعُ الفَيءَ.
رواه البخاري ((4168)) ومسلم (2) / (589) وأبو داود ((1085)) والنسائي (3) / (100) وأحمد (4) / (46) – (54) والدارمي (1) / (363) والبيهقي (3) / (190) – (191)
قال صاحب المنهل:
وهذه الروايات تدل عل المبادرة بصلاة الجمعة عقب الزوال لأن النفي في قوله وليس للحيطان فيء متوجه إلى القيد فقط وهو قوله يستظل به فتكون دليلًا للقائلين إن وقت الجمعة بعد الزوال
المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (6) / (242)
أو نقول حديث أنس فكما ذكر أنكره ابن المبارك وابن حبان. وذكره ابن القيسراني في معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة …. انظر شرحنا على الصحيح المسند (66)
(المسألة الخامسة): فوائد الباب:
(1) – (منها): مشروعية الإبراد بصلاة الظهر إذا اشتد الحرّ، وحكم الإبراد، واختلاف العلماء فيه.
(2) – (ومنها): بيان حكمة الأمر بالإبراد، وهو كون شدة الحر من فيح الحر.
(3) – (ومنها): بيان كون النار، وكذا الجنة مخلوقة الآن وهو مذهب أهل السنة والجماعة.
(4) – (ومنها): بيان سماحة الشريعة، حيث سَهَّلت في تأخير الصلاة، مع أن المبادرة إلى الطاعة هو المطلوب، دفعًا للحرج؛ قال اللَّه تعالى: {وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ} [الحج (78)]. [البحر المحيط الثجاج، بتصرف].
الفتاوى:
ابن باز: السؤال:
أبْرِدُوا بالصلاة .. فيه من يقول: الآن في مكيفات ولا داعي للإبراد في الصلاة؟
الجواب:
لا، لا بدّ مِن الأخذ بالسُّنَّة لأن الطرق فيها حر، ولا كل أحد عنده مبرّدات، السُّنَّة تُستعمل ولا ينبغي إضاعتها وإهمالها بهذه الدعوى إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة هكذا قال النبي ?، وهكذا تأخيرها في العشاء إذا لم يجتمع الناس إذا أحبوا التأخير، إذا تأخروا تأخر، وإذا تقدموا تقدم؛ مراعاة لما قاله النبي ?، أمر لازم.
من فتاوى ابن عثيمين:
إذا عجز الإنسان عن السجود على جبهته.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:-
ولكن هل يجب عليه أن يسجد ببقية الأعضاء إذا عجز أن يسجد على جهته، كأن يكون في الجبهة جروح أو نحو ذلك؟
الجواب: قال بعض العلماء: إذا عجز بالجبهة سقط ما سواه لأنها هي الأصل، فعلى هذا لا يجب عليه أن يسجد لا على ركبتيه ولا على أطراف قدميه ولا على كفيه، وعليه فيومئ إيماء، والصحيح أن العجز بالجبهة لا يُسقط ما سواها بل يجب عليه أن يسجد على ما سواها، لعموم قوله: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، فعلى هذا نقول: اسجد على الركبتين والكفين وأطراف القدمين، واقرب من الأرض بقدر ما تستطيع.
فتح ذي الجلال والإكرام (633) / (5) ..