[1ج/ رقم (468)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي.
وأحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري وسلطان الحمادي ومحمد فارح
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (468)]:
قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج (3) ص (564)): حَدَّثَنا هَنّادٌ أخبرَنا إسْماعِيلُ بْنُ عَيّاشٍ عَنْ عُمارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ أبِي حازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ «ما مِن مُسْلِمٍ يُلَبِّي إلّا لَبّى مَن عَنْ يَمِينِهِ وشِمالِهِ مِن حَجَرٍ أوْ شَجَرٍ أوْ مَدَرٍ حَتّى تَنْقَطِعَ الأرْضُ مِن هاهُنا وهاهُنا».
حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرانِيُّ وعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأسْوَدِ أبُو عَمْرٍو البَصْرِيُّ قالا أخبرَنا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عُمارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ أبِي حازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ نَحْوَ حَدِيثِ إسْماعِيلَ بْنِ عَيّاشٍ.
هذا حديث صحيحٌ. وإسماعيل بن عياش روايته عن غير أهل بلده ضعيفة، لكنه قد تابعه عبيدة بن حميد، وعبيدة قد وثَّقه ابن معين كما في «تهذيب التهذيب».
والحديث أخرجه الحاكم (ج (1) ص (451)) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الإمام محمد بن عيسى الترمذي (ت (279)) رحمه الله، (7) – أبواب الحج، بابُ: ما جاءَ فِي فَضْلِ التَّلْبِيَةِ والنَّحْرِ، ((828)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(7) – كتاب الحج والعمرة، (15) – فضل التلبية، ((1353)).
و (33) – كتاب التفسير، (225) – سورة الإسراء، (233) – قوله تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}، [سورة الإسراء، الآية: (44)]، ((4179)).
والثاني: شرح وبيان الحديث
التَّلبيةُ شَعيرةٌ مِن شَعائرِ الحجِّ، وعَلامةٌ مِن عَلاماتِه، ومعناها: الإجابةُ والانقيادُ والإخلاصُ، وفيها إعلانُ التَّوحيدِ للهِ عزَّ وجلَّ، وإذا لبَّى المسلمُ فإنَّ النباتاتِ والجماداتِ تُلبِّي معه،
كما يَقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ في هذا الحديثِ: ((ما مِن مُسلِمٍ يُلبِّي))، أي: يُنادي بتَلبِيَةِ الإحرامِ: وهي: “لَبَّيك اللَّهمَّ لبَّيك، لبَّيك لا شَريكَ لك لبَّيك، إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لك والملكَ، لا شريكَ لك”، ((إلَّا لبَّى مَن عن يَمينِه، أو عَن شِمالِه))، أي: إلَّا لبَّى وقال مِثلَما يقولُ مَن كان على جِهَةِ يمينِه أو شِمالِه، ((مِن حَجَرٍ أو شَجرٍ أو مدَرٍ))، والمدَرُ: الطِّينُ المتماسِكُ المتلبِّدُ، والمقصودُ مِن ذلك تَجاوُبُ هذه الجَماداتِ مِن رَطْبٍ ويابِسٍ مع المُلبِّي،
ومُتابَعتُها له في هذا الذِّكرِ دليلٌ على شرَفِ الملبِّي ومَكانتِه عندَ ربِّه، فتظَلُّ تُوافِقُه في التَّلبيةِ، قال الصنعاني: “عاضده لذكره وتلبيته إكراما له”.
قال الاتيوبي: قال السندي: فإن قلت: أي فائدة للمسلم في تلبية الأحجار وغيره مع تلبيته؟
قلت: اتباعها إياه في هذا الذكر دليل على فضيلته وشرفه ومكانته عند الله؛ إذ ليس اتباعها له في هذا الذكر إلا لذلك، على أنه يجوز أن يكتب له أجر بذكر هذه الأشياء؛ لما أن هذه الأشياء صدر منها الذكر تبعًا .. صار المؤمن بالذكر كأنه دال على الخير، والدال على الشيء؛ كفاعله في الأجر والوزر. انتهى منه، والله أعلم.
راجع: شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه (17) / (126) — محمد الأمين الهرري (ت (1441)).
((حتَّى تنقَطِعَ الأرضُ))، أي: حتَّى يكونَ انتِهاءُ الأرضِ ((مِن هاهنا))، أي: مِن جِهَةِ المشرِقِ، ((وهاهنا))، أي: مِن جِهةِ المغربِ.
قال الملا على القاري (ت (1014)) عفا الله عنه: “إلى منتهى الأرض من جانب الشرق والغرب، مما يبلغ صوته، وتخصيص الشرق والغرب لإفادة العموم، فلا ينافي القدام والوراء قال الطيبي رحمه الله: أي: يوافقه في التلبية جميع ما في الأرض اهـ. وفيه نظر لا يخفى.
ثم في الحديث: دلالة ظاهرة على إدراك الجمادات والنباتات الأمور الواقعة في الكائنات، وعلمها بربها من توحيد الذات وكمال الصفات”. [انظر: التنوير شرح الجامع الصغير، الصنعاني (ت (1182))، ((9) / (509))، ومرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا على القاري (ت (1014))، (5/ 1761 – تراث)، الموسوعة الحديثية].
والثالث: المسائل والأحكام:
(المسألة الأولى):
التلبية: مفهومها، وألفاظها، وحكمها، ووقتها، وفوائدها:
أولا: مفهومها:
التلبية: من لبى بمعنى: أجاب، فلفظة «لبيك» مثناة على قول سيبويه والجمهور، وتثنيتها للتكثير، والتكرير: أي: إجابة لك بعد إجابة، ولزوما لطاعتك. وقال الأنباري: ثنوا لبيك، كما ثنوا حنانيك: أي تحننا بعد تحنن، وأصل لبيك: لببتك.
وقال القاضي عياض: «اختلفوا في معنى لبيك، واشتقاقها:
فقيل: معناها: اتجاهي وقصدي إليك، مأخوذ من قولهم: داري تلب دارك: أي تواجهها.
وقيل: معناها: محبتي لك، مأخوذ من قولهم: امرأة لبة، إذا كانت محبة لولدها، عاطفة عليه.
وقيل: معناها: إخلاصي لك مأخوذ من قولهم: حب لباب، إذا كان خالص محضا ومن ذلك لب الطعام ولبابه.
وقيل: معناها: أنا مقيم على طاعتك وإجابتك، مأخوذ من قولهم: لب الرجل بالمكان، وألب به إذا أقام فيه، قال ابن الأنباري: وبهذا قال الخليل.
قال القاضي: قيل هذه الإجابة؛ لقوله تعالى لإبراهيم: {وأذن في الناس بالحج}.
وقال إبراهيم الحربي في معنى لبيك: أي قربا منك وطاعة، والإلباب القرب، وقال أبو نصر: معناه: أنا ملب بين يديك: أي خاضع». [شرح النووي على صحيح مسلم، (8) / (337) – (338)، وانظر: أضواء البيان للشنقيطي، (5) / (351)، وتهذيب السنن لابن القيم، المطبوع مع مختصر سنن أبي داود للمنذري، ومعالم السنن للخطابي، (2) / (335) – (336)، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، (4) / (222)، وفتح الباري، لابن حجر، (3) / (409)].
(المسألة الثانية): ألفاظ التلبية:
ثبت عن النبي ? ألفاظ في التلبية على النحو الآتي:
(1) – حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله ? كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل، فقال: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». [متفق عليه].
وفي لفظ للبخاري، ومسلم، قال ابن عمر: لا يزيد على هؤلاء الكلمات [البخاري، برقم (5915)، ومسلم، برقم (21) – ((1184))]، وكان ابن عمر يزيد فيها: «لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل». [مسلم، برقم (19) – ((1184))].
ولفظ أبي داود، وابن ماجه: وكان ابن عمر يزيد في تلبيته: لبيك، لبيك، لبيك، وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل [أبو داود، برقم (1812)، وابن ماجه، برقم (2918)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، (1) / (509)، وفي صحيح ابن ماجه، (3) / (15)، وتقدم تخريجه في منافع الحج].
عَنْ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ? يُهِلُّ مُلَبِّدًا، يَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ. لَا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَإِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ? يَرْكَعُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ النَّاقَةُ قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يُهِلُّ بِإِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ ? مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَيَقُولُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ، وَالْعَمَلُ». [مسلم، برقم (21) – ((1184))].
(2) – حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: إني لأعلم كيف كان النبي ? يلبي: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك». [البخاري، برقم (1550)].
(3) – حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ولفظه كلفظ حديث عائشة رضي الله عنها، قال: كان من تلبية النبي ?: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك». [النسائي، برقم (2750)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، (2) / (274)].
(4) – حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، في صفة حجة النبي ? وفيه، قال: فأهل بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك والملك، لا شريك لك». [مسلم، برقم (1218)].
(5) – حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان من تلبية النبي ?: «لبيك إله الحق لبيك». [النسائي، برقم (751)، وابن ماجه واللفظ له، برقم (2920)، وصححه الألباني في صحيح النسائي، (2) / (274)، وفي صحيح ابن ماجه، (3) / (16)، وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يقول أثناء تقريره على فتح الباري، (3) / (410): «إسناده صحيح عند النسائي مرفوعا»].
قال العقيلي:
(1861) – مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ وَلَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، هَذَا يُعْرَفُ بِالْمَاجِشُونِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «كَانَ مِنْ تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ?، لَبَّيْكَ إِلَهَ الْحَقِّ» انتهى
وفي علل ابن أبي حاتم:
(812) – وسألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ يزيدُ ابن هارون، عن عبد العزيز بن الماجِشُون ((5))، عن عبد الله بن الفَضْل، عن الأعرَج عَنْ أَبِي سَلَمة ((1))، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: كَانَ مِنْ ((2)) تلبيةِ النبيِّ (صلى الله عليه وسلم): لَبَّيْكَ إِلهَ الحَقِّ؟ …
وحدَّثنا أَبُو سَلَمة ((3)) وغيرُه ((4))،
عن عبد العزيز بن الماجِشُون، عن عبد الله بْنِ الفَضْل، عَنِ الأَعْرَج، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ لا يَذْكُرونَ أَبَا سَلَمة.
قلتُ: أيُّهما أصَحُّ؟
قَالَ: لا أَدْرِي، غيرَ أنَّ الناسَ عَلَى حَدِيثِ الأعرَج ((1)) أكثرُ ((2))، ويزيدُ بْنُ هَارُونَ ثقةٌ. انتهى
وفي حاشية الجريسي علل علل ابن أبي حاتم تحت هذا الحديث:
قال النسائي: «لا أعلم أحدًا أسند هذا عن عبد الله بن الفضل إلا عبد العزيز، رواه إسماعيل بن أمية عنه مرسلًا».
ذكر الدارقطني في «العلل» ((1964)) الاختلاف في هذا الحديث وقال: «والصحيح قول من قال: عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ».
وقال الترمذي في «العلل الكبير» (ص (138)): «والمشهور عند الناس: عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (ص)؛ رواه سهيل والثوري ومالك وغير واحد، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة» ..
وقال ابن عبد البر في «التمهيد» ((22) / (38)): «هذا حديث انفرد به سُمَيٌّ، ليس يرويه غيرُه، واحتاج الناس إليه فيه». وقال ابن حجر في «فتح الباري» ((3) / (598)) بعد نقله لكلام ابن عبد البر: «فرواه عنه [أي عن سمي] مالك والسفيانان وغيرهما حتى أن سهيل بن أبي صالح حدث به عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فكأن سهيلًا لم يسمعه من أبيه، وتحقق بذلك تفرد سمي به، فهو من غرائب الصحيح».
(6) – وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان المشركون، يقولون: لبيك لا شريك لك، قال: فيقول رسول الله ?: «ويلكم قدقد». [قدقد: أي: اقتصروا على هذا الكلام الذي هو توحيد، ولا تضيفوا إليه الشرك]، فيقولون: إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك، يقولون هذا وهم يطوفون بالبيت. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
(المسألة الثالثة): حكم الزيادة على تلبية النبي ? -:
أجمع المسلمون على لفظ التلبية المذكورة في حديث ابن عمر المتفق عليه، وحديث جابر عند مسلم عند الإحرام بالحج أو العمرة،
ولكن اختلفوا في الزيادة على تلبية النبي ? بألفاظ فيها تعظيم الله، ودعاؤه، ونحو ذلك،
فكره بعضهم الزيادة على تلبية النبي ?، وحكاه ابن عبد البر عن مالك، قال: وهو أحد قولي الشافعي،
وقال جماعة آخرون: لا بأس بالزيادة المذكورة عن ابن عمر، وأبيه، وزيادات الصحابة الثابتة،
واستحب بعضهم الزيادة المذكورة [انظر: فتح الباري، لابن حجر، (3) / (410)، وأضواء البيان للشنقيطي، ((5) / (343))].
قال الشنقيطي رحمه الله: «الذي يظهر في هذه المسألة: أن الأفضل هو الاقتصار على لفظ تلبيته ? الثابتة في الصحيحين وغيرهما؛ لأن الله تعالى يقول: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [سورة الأحزاب، الآية: (21)].
وهو ? يقول: «لتأخذوا عني مناسككم». [مسلم، برقم (1297)، ولفظه في صحيح مسلم: «لتأخذوا مناسككم»]، وأن الزيادة المذكورة لا بأس بها». [أضواء البيان، (5) / (443)، وانظر: فتح الباري، (3) / (410)]؛
للأحاديث الآتية:
(1) – ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر أنه كان يزيد في تلبية النبي ? الكلمات المذكورة في الحديث سابقا؛ ولزيادة أمير المؤمنين كما تقدم.
(2) – ما ثبت في حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي ?، فقد ذكر تلبية النبي ?، ثم قال: وأهل الناس بهذا الذي يهلون به، فلم يرد رسول الله ? شيئا منه، ولزم رسول الله ? تلبيته [مسلم، من حديث جابر، برقم (1218)].
(3) – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، فعن محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك رضي الله عنه، وهما غاديان من منى إلى عرفة، كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله ?؟ فقال: «كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه». وفي لفظ لمسلم: « … ولا يعيب أحدنا على صاحبه» [متفق عليه].
(4) – حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: «غدونا مع رسول الله ? من منى إلى عرفات فمنا الملبي ومنا المكبر». [مسلم، كتاب الحج، باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفات في يوم عرفة، برقم (1284)].
وهذه الأحاديث تدل على أن بعض أصحاب النبي ? يزيدون على لفظ تلبيته ? وهو يقرهم على ذلك ولا ينكر عليهم، ولزم تلبيته ?، ومعلوم أن الزيادة على تلبية النبي ? لو كان فيها محذور لما فعلها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما. [أضواء البيان للشنقيطي، (5) / (344)، وفتح الباري، لابن حجر، (3) / (409) – (410)].
ويقول ابن باز رحمه الله: «المقصود أنه لا بأس أن يزيد في التلبية، كما فعل أنس، وعمر، وابن عمر رضي الله عنهم، وأقرهم ?، ولكن الأفضل تلبيته ?؛ لأن النبي ? لازمها». [تقريره على صحيح البخاري، (3) / (410)، (510)].
واختار ابن حجر وغيره أنه إن زاد على تلبية النبي ? مما ثبت عن الصحابة أو مما أنشأ هو من قبل نفسه مما يليق؛ فإن الأفضل أن يقوله على انفراده حتى لا يختلط بالمرفوع، ويفرد ما ثبت عن النبي ?. [انظر: فتح الباري، لابن حجر، (3) / (410) – (411)] [في الحاشية مناسك الحج: وقد جاء زيادات عن بعض الصحابة منها ما يأتي:
(1) – عن عمر أنه زاد: «لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك لبيك، مرهوبا ومرغوبا إليك»، رواه الأثرم وابن المنذر، وابن أبي شيبة [الفروع لابن مفلح، (5) / (389)، وشرح العمدة، لابن تيمية، (1) / (587)].
(2) – عن أنس أنه زاد: «لبيك حقا حقا تعبدا ورقا»، ذكره ابن قدامة في الكافي، وانظر: مجمع الزوائد، (3) / (223)، وأخرجه البزار في كشف الأستار، (2) / (13).
(3) – لبيك عدد التراب. [انظر: شرح العمدة لابن تيمية، (1) / (588)].
(4) – لبيك غفار الذنوب لبيك.
(5) – لبيك ذا المعارج. [أحمد في المسند، (1) / (172)، وانظر: شرح العمدة، (1) / (588)، والفروع لابن مفلح، (5) / (389)].
(المسألة الرابعة): حكم التلبية:
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حكم التلبية، وقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن في حكم التلبية مذاهب أربعة يمكن توصيلها إلى عشرة:
المذهب الأول: أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء، وهو قول الشافعي، وأحمد.
المذهب الثاني: واجبة ويجب بتركها دم، حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية، وقال: إنه وجد للشافعي نصا يدل عليه، وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية، والخطابي عن مالك وأبي حنيفة.
المذهب الثالث: واجبة، لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج، كالتوجه على الطريق، وهو قول بعض المالكية، وبعض الحنفية،
لكن زاد من قال بذلك من الحنفية القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر، كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين، وقال ابن المنذر قال أصحاب الرأي: إن كبر، أو هلل، أو سبح، ينوي بذلك الإحرام فهو محرم.
المذهب الرابع: أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها، حكاه ابن عبد البر عن الثوري، وأبي حنيفة، وابن حبيب من المالكية، والزبيري من الشافعية، وأهل الظاهر، قالوا: هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة. [فتح الباري لابن حجر، (3) / (411)، وانظر: أضواء البيان للشنقيطي، (5) / (349) – (350)].
والصواب من أقوال أهل العلم: هو ما ذهب إليه الإمام أحمد، والإمام الشافعي في المذهب الأول من هذه المذاهب المذكورة. وهو أن التلبية سنة، قال ابن باز رحمه الله في حكم التلبية: «سنة مؤكدة». [مجموع فتاوى ابن باز، (17) / (75)، (76)].
(المسألة الخامسة): أول وقت التلبية:
الصواب أن أول وقت التلبية، هو أول الوقت الذي يركب فيه مركوبه عند إرادة ابتداء السير؛ لصحة الأحاديث الواردة بأنه ? أهل حين استوت به راحلته قائمة، واستوى عليها؛ للأحاديث الآتية:
(1) – حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: «ما أهل رسول الله ? إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره». وفي لفظ للبخاري: «أهل رسول الله ? حين استوت به راحلته قائمة». وفي لفظ للبخاري أيضا: «كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا صلى الغداة بذي الحليفة أمر براحلته ثم ركب، فإذا استوت به استقبل القبلة قائما ثم يلبي». وفي لفظ للبخاري أيضا: أن ابن عمر: «إذا استوت به راحلته قائمة أحرم، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ? يفعل». [متفق عليه].
(2) – حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أن إهلال رسول الله ? من ذي الحليفة حين استوت به راحلته». [البخاري، برقم (1515)].
(3) – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «صلى النبي ? بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهل». [البخاري، برقم (1546)].
وفي لفظ: «صلى رسول الله ? ونحن معه بالمدينة أربعا، وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح، ثم ركب حتى استوت به على البيداء [البيداء: المفازة التي لا شيء فيها. [النهاية لابن الأثير، مادة: بيد]] حمد الله، وسبح، وكبر، ثم أهل بحج وعمرة … ». [البخاري، كتاب الحج، باب التحميد والتسبيح، والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة، برقم (1551)].
(4) – حديث ابن عباس رضي الله عنما، قال: صلى رسول الله ? الظهر بذي الحليفة، ثم دعا بناقته فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم، وقلدها نعلين، ثم ركب راحلته، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج». [مسلم، برقم (125) – ((1243))].
(5) – حديث جابر رضي الله عنهما، في حديثه عن صفة حجة الوداع، وفيه:
« … فصلى رسول الله ?، ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، نظرت إلى مد بصري بين يديه: من راكب، وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله ? بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيء عملنا به، فأهل بالتوحيد … ». [مسلم، برقم (1218)].
(6) – حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله ? فيها، ما أهل رسول الله ? إلا من عند الشجرة حين قام به بعيره». [متفق عليه].
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: «ومراد ابن عمر: أن النبي ? أهل محرما حين استوت به راحلته قائمة، من منزله بذي الحليفة، قبل أن يصل إلى البيداء،
ووجه الجمع: أنه ? ابتداء إهلاله حين استوت به راحلته قائمة، فسمعه قوم، ثم لما استوت به على البيداء أعاد تلبيته فسمعه آخرون لم يسمعوا تلبيته الأولى، فحدث كل واحد منهم بما سمع،
وقال بعضهم: أحرم في مصلاة [حجة من قال: إنه أحرم في مصلاه، قول ابن عباس رضي الله عنهما: «خرج رسول الله ? حاجا، فلما صلى في مجلسه بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه، فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظته عنه، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسلا، فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل، فقالوا: إنما أهل رسول الله ? حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسول الله ?، فلما علا على شرف البيداء أهل، وأدرك ذلك منه أقوام، فقالوا: إنما أهل حين علا على شرف البيداء وايم الله! لقد أهل في مصلاه، وأهل حين استقلت به ناقته، وأهل حين علا على شرف البيداء.
قال سعيد: فمن أخذ بقول ابن عباس أهل في مصلاه إذا فرغ من ركعتيه». [أبو داود، برقم (1770)، والحاكم، (2) / (552)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، ص (140)].
وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله –قال القائل القحطاني – أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم (1515) يقول: «أما حديث أنه أوجب بعد صلاته، ثم أوجب عندما استوى على راحلته، ثم عند الاستواء على البيداء فهو ضعيف»، وسمعته أيضا يقول أثناء تقريره على زاد المعاد، (2) / (158): «والصواب أنه لم يهل إلا بعد أن قامت به راحلته، أما حديث إهلاله من الأرض فضعيف، ولو كان الحديث جيدا لكان شاذا مخالفا للأحاديث الصحيحة، فكيف به وهو ضعيف»، وسمعته رحمه الله تعالى يقول أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم (1541): «وأما إهلاله وهو على البيداء فهو تكرار»]،
. ومراد ابن عمر بالإنكار والتكذيب خاص بمن زعم أنه لم يلب قبل وصوله البيداء، وهذا الجمع ذكره ابن حجر عن أبي داود، والحاكم [انظر: فتح الباري لابن حجر، (3) / (401)]، وقال ابن حجر في الفتح [انظر: المرجع السابق، (3) / (401)]: فائدة: البيداء فوق علمي ذي الحليفة لمن صعد من الوادي، قاله أبو عبيد البكري وغيره». [أضواء البيان، (5) / (347)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأكثر نصوص أحمد تدل على أن زمن الإحرام هو زمن التلبية». [شرح العمدة، في بيان مناسك الحج والعمرة، (1) / (422)].
وقال رحمه الله بعد أن ساق أحاديث الإحرام بعد الاستواء على الراحلة قائمة: «فهذه نصوص صحيحة: أنه إنما أهل حين استوت به راحلته، واستوى عليها، ورواتها مثل: ابن عمر، وأنس، وابن عباس في رواية صحيحة». [المرجع السابق، (1) / (426)].
وقال رحمه الله: «فمن زعم أنه أحرم ولم يلب ثم لبى حين استوت به ناقته فهو مخالف لجميع الأحاديث، ولعامة نصوص أحمد». [شرح العمدة، (1) / (432)].
فظهر مما تقدم: أن أول وقت التلبية هو وقت انعقاد الإحرام عند الاستواء على المركوب [انظر: أضواء البيان للشنقيطي، (5) / (347)].
وهذا هو السنة، وإلا فالصواب أن الإحرام ينعقد بمجرد النية [انظر: شرح العمدة لابن تيمية، (1) / (434)].
قال شيخنا ابن باز رحمه الله: «فلو لم يلب فلا شيء عليه؛ لأن التلبية
سنة مؤكدة». [مجموع فتاوى ابن باز، (17) / (75)، (76)، (77)]. وقال: «والواجب أن ينوي بقلبه نسكا من حج أو عمرة، أو كليهما». [المرجع السابق، (17) / (77)].
(المسألة السادسة): فضائل التلبية:
التلبية لها فضائل عديدة عظيمة، ومنها الفضائل الآتية:
(1) – التلبية توحيد، ومن حقق التوحيد دخل الجنة؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صفة حج النبي ? حجة الوداع، وفيه: أن النبي ? كان معه جمع غفير عند إحرامه من ذي الحليفة، قال جابر: « … ورسول الله ? بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به، فأهل بالتوحيد: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». [مسلم، برقم ((1218))].
(2) – الملبي بحج أو عمرة يبشر بالجنة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ? قال: «ما أهل مهل ولا كبر مكبر إلا بشر» قيل: يا رسول الله بالجنة؟ قال: «نعم» [أخرجه الطبراني في الأوسط، برقم (1706)، [مجمع البحرين في زوائد المعجمين، (3) / (218)]، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب، (2) / (24)].
(3) – التلبية من أفضل الأعمال؛ لحديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أن رسول الله ? سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: «العج والثج» [العج: رفع الصوت بالتلبية. الثج: سيلان دم الهدايا والأضاحي]، ولفظ الترمذي: أن رسول الله ? سئل: أي الحج أفضل؟ قال: «العج والثج» [الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر، برقم (827)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، (1) / (431)، وابن ماجه، كتاب المناسك باب: التلبية برقم (2921)].
(4) – الملبي في الحج أو العمرة يلبي معه الشجر والحجر؛ لعظم شأن التلبية؛ لحديث سهل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ?: «ما من مسلم يلبي إلا لبى من عن يمينه وشماله: من حجر، أو شجر، أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا». [الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء في فضل التلبية والنحر، برقم (828)، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب التلبية، برقم (2921)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (1) / (431)، وفي صحيح الترغيب والترهيب، (2) / (22)].
(5) – التلبية من شعار الحج؛ لحديث زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله ?: «جاءني جبريل، فقال: يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية، فإنها من شعار الحج». [ابن ماجه، كتاب المناسك، باب رفع الصوت بالتلبية، برقم (2923)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، (3) / (17)، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم (830)].
(المسألة السابعة): رفع الصوت بالتلبية سنة للرجال:
جاء في رفع الصوت بالتلبية أحاديث منها، الآحاديث الآتية:
(1) – حديث خلاد بن السائب بن خلاد عن أبيه، قال: قال رسول الله ?: «أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال
بالتلبية» [الترمذي، كتاب الحج، باب رفع الصوت بالتلبية، برقم (829)، وابن ماجه، كتاب المناسك، باب رفع الصوت بالتلبية، برقم (2926)، وأبو داود، كتاب المناسك، باب كيفية التلبية، برقم (1814)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي، (1) / (433)، وفي صحيح سنن ابن ماجه، (3) / (16)].
(2) – حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ?: «جاءني جبريل، فقال: يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية؛ فإنها من شعار الحج» [ابن ماجه، برقم (2923)].
(3) – حديث أنس رضي الله عنه، قال: «صلى النبي ? بالمدينة الظهر أربعا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، وسمعتهم يصرخون بهما جميعا» [البخاري، برقم (1548)].
قال البخاري رحمه الله في ترجمة هذا الحديث: «باب: رفع الصوت بالإهلال» ونقل ابن حجر: أن الإهلال هنا: رفع الصوت بالتلبية، وقوله: «يصرخون بهما جميعا» أي: بالحج والعمرة. [فتح الباري لابن حجر، (3) / (408)].
(4) – حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفيه: أن رسول الله ? سئل: أي الحج أفضل؟ قال: «العج والثج» [الترمذي، برقم (827)، وابن ماجه، برقم (2921)، وتقدم تخريجه في فضائل التلبية] .. والعج: هو رفع الصوت بالتلبية.
(المسألة الثامنة): خفض الصوت بالتلبية للنساء:
السنة للمرأة أن تخفض صوتها بالتلبية، ولا ينبغي لها رفع الصوت بالتلبية، كما عليه جماهير أهل العلم. [أضواء البيان للشنقيطي، (5) / (352)].
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: «وأجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنما عليها أن تسمع نفسها، فخرجت من جملة ظاهر الحديث، وخصت بذلك، وبقي الحديث في الرجال». [التمهيد لابن عبد البر، (17) / (242)، وانظر: الاستذكار، لابن عبد البر، (11) / (122)، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف، (8) / (218)].
والمقصود بالحديث المشار إليه: الأمر برفع الصوت في التلبية.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: «وقال الرافعي في شرحه الكبير: وإنما يستحب الرفع في حق الرجل، ولا يرفع بحيث يجهد ويقطع صوته، والنساء تقتصرن على سماع أنفسهن». [أضواء البيان للشنقطي، (5) / (352)].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأما المرأة فيستحب لها أن تسمع رفيقتها.
قال أحمد في رواية حرب: تجهر المرأة بالتلبية ما تسمع زميلتها؛ لما روى سليمان بن يسار: «أن السنة عندهم أن المرأة لا ترفع الصوت بالإهلال» [رواه سعيد بن منصور كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال محقق شرح العمدة: أورده المحب الطبري في القرى، ص (173)، وقال: أخرجه سعيد بن منصور].
وعن عطاء أنه كان يقول: «يرفع الرجال أصواتهم بالتلبية، فأما المرأة فإنها تسمع نفسها ولا ترفع صوتها». [رواه سعيد بن منصور، كما ذكر شيخ الإسلام في شرح العمدة، (1) / (597)، وقال محقق شرح العمدة: أورده المحب الطبري في القرى، ص (173)، وقال أخرجه سعيد بن منصور]، [شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة، لابن تيمية، (1) / (597)].
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: «تسر بها؛ لأن المرأة مأمورة بخفض الصوت في مجامع الرجال، فلا ترفع صوتها بذلك، كما أنها مأمورة إذا نابها شيء في الصلاة مع الرجال أن تصفق؛ لئلا يظهر صوتها، فصوت المرأة وإن لم يكن عورة يخشى منه الفتنة؛ ولهذا نقول: المرأة تلبي سرا بقدر ما تسمع رفيقتها ولا تعلن». [الشرح الممتع، (7) / (128)].
(المسألة التاسعة): سبب التلبية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وسبب التلبية ومعناها على ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قوله تعالى [المرجع السابق، (7) / (127)]: {وأذن في الناس بالحج}. قال: لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله إليه: أن أذن في الناس بالحج، قال: فقال إبراهيم: ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه، فاستجاب له ما سمعه من شيء: من حجر، وشجر، وأكمة، أو تراب، أو شيء: لبيك اللهم لبيك». [أخرجه الطبري بإسناده، في جامع البيان عن تأويل آي القرآن، (18) / (606)].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وقال ابن عبد البر قال جماعة من أهل العلم: معنى التلبية إجابة دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج. انتهى، وهذا أخرجه عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، بأسانيدهم في تفاسيرهم عن: ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، وقتادة، وغير واحد، والأسانيد إليهم قوية، وأقوى ما فيه عن ابن عباس ما أخرجه أحمد بن منيع في مسنده، وابن أبي حاتم من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه عنه قال: لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت، قيل له: أذن في الناس بالحج، قال رب وما يبلغ صوتي، قال: أذن وعلي البلاغ، قال: فنادى إبراهيم: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فسمعه من بين السماء والأرض، أفلا ترون أن الناس يجيئون من أقصى الأرض يلبون». [فتح الباري لابن حجر، (3) / (409)، وانظر: جامع البيان للطبري، (18) / (606)، وشرح العمدة لابن تيمية، (1) / (578)].
(المسألة العاشرة): فوائد التلبية:
اشتملت التلبية على قواعد عظيمة وفوائد جليلة منها الفوائد الآتية:
الفائدة الأولى: أن قولك: لبيك يتضمن إجابة داع دعاك، ومناد ناداك، ولا يصح في لغة ولا عقل إجابة من لا يتكلم ولا يدعو من أجابه.
الفائدة الثانية: أن التلبية تتضمن المحبة، ولا يقال: لبيك إلا لمن تحبه وتعظمه؛ ولهذا قيل في معناها: أنا مواجه لك بما تحب، وأنها من قولهم: امرأة لبة: أي محبة لولدها؛ ولهذا جاء في أحاديث كثيرة أن عددا من أصحاب النبي ? إذا ناداهم النبي ? قال أحدهم لبيك يا رسول الله، ومنها أنه ? قال: «يا معاذ بن جبل» قال: لبيك يا رسول الله وسعديك … ». [البخاري، كتاب العلم، باب: من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، برقم (128)، (129)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم (32)].
الفائدة الثالثة: أنها تتضمن دوام العبودية؛ ولهذا قيل: هي من الإقامة: أي أنا مقيم على طاعتك.
الفائدة الرابعة: أنها تتضمن الخضوع والتذلل لله وحده: أي خضوعا بعد خضوع، من قولهم: أنا ملب بين يديك: أي خاضع ذليل.
الفائدة الخامسة: أنها تتضمن الإخلاص؛ ولهذا قيل: إنها من اللب، وهو الخالص.
الفائدة السادسة: أنها تتضمن الإقرار بسمع الرب تعالى، إذ يستحيل أن يقول المسلم لبيك لمن لا يسمع دعاه.
الفائدة السابعة: أنها تتضمن التقرب من الله؛ لهذا قيل: إنها من الإلباب، وهو التقرب.
الفائدة الثامنة: أنها جعلت في الإحرام شعارا للانتقال من حال إلى حال، ومن منسك إلى منسك، كما جعل التكبير في الصلاة سبعا؛ للانتقال من ركن إلى ركن؛ ولهذا كانت السنة أن يلبي حتى يشرع في الطواف،
فيقطع التلبية، ثم إذا سار لبى حتى يقف بعرفة فيقطعها، ثم يلبي حتى يقف بمزدلفة فيقطعها، ثم يلبي حتى يرمي جمرة العقبة فيقطعها [انظر: تهذيب السنن لابن القيم (2) / (235) – (240)، وقطع التلبية في عرفة، وفي مزدلفة، وفي الطواف يحتاج إلى نظر كما سيأتي في الكلام على التلبية في الطواف]، فالتلبية شعار الحج، والتنقل في أعمال المناسك، فالحاج كلما انتقل من ركن إلى ركن قال: «لبيك اللهم لبيك» كما أن المصلي يقول في انتقاله من ركن إلى ركن: «الله أكبر» فإذا حل من نسكه قطعها، كما يكون سلام المصلي قاطعا لتكبيره.
الفائدة التاسعة: أنها شعار التوحيد: ملة إبراهيم، الذي هو روح الحج ومقصده، بل روح العبادات كلها، والمقصود منها؛ ولهذا كانت التلبية مفتاح هذه العبادة التي يدخل فيها بها.
الفائدة العاشرة: أنها متضمنة لمفتاح الجنة، وباب الإسلام الذي يدخل منه إليه، وهو كلمة الإخلاص، والشهادة لله بأنه لا شريك له.
الفائدة الحادية عشرة: أنها مشتملة على الحمد لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله، وأول ما يدعى إلى الجنة أهله، وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها.
الفائدة الثانية عشرة: أنها مشتملة على الاعتراف لله بالنعمة كلها؛ ولهذا عرفها باللام المفيدة للاستغراق: أي النعم كلها لك، وأنت موليها والمنعم بها.
الفائدة الثالثة عشرة: أنها مشتملة على الاعتراف بأن الملك كله لله
وحده، فلا ملك على الحقيقة لغيره.
الفائدة الرابعة عشرة: أن هذا المعنى مؤكد الثبوت بإن المقتضية تحقيق الخبر وتثبيته وأنه مما لا يدخله ريب ولا شك.
الفائدة الخامسة عشرة: في «إن» وجهان: فتحها وكسرها:
فالفتح يتضمن معنى التعليل، فمن فتحها فالمعنى: لبيك؛ لأن الحمد والنعمة لك.
والكسر تكون به جملة مستقلة مستأنفة، تتضمن ابتداء الثناء على الله، فمن قال: «إن» فقد عم، ومن قال: «أن» بالفتح فقد خص.
الفائدة السادسة عشرة: أنها متضمنة للإخبار عن اجتماع الملك، والنعمة، والحمد لله تعالى، وهذا نوع آخر من الثناء عليه غير الثناء بمفردات تلك الأوصاف العلية، فاجتماع الملك والحمد، من أعظم الكمال، والملك وحده كمال، والحمد كمال، واقتران أحدهما بالآخر كمال، فإذا اجتمع الملك المتضمن للقدرة مع النعمة المتضمنة لغاية النفع والإحسان والرحمة مع الحمد المتضمن لعامة الجلال والإكرام الداعي إلى محبته كان في ذلك: من العظمة، والكمال، والجلال، ما هو أولى به، وهو أهل له، وكان في ذكر العبد له ومعرفته له من انجذاب قلبه إلى الله وإقباله عليه، والتوجه بدواعي المحبة كلها إليه ما هو مقصود العبودية ولبها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
الفائدة السابعة عشرة: أن النبي ? قال: « … وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على
كل شيء قدير» [الترمذي، برقم (3585)، وأوله «خير الدعاء دعاء يوم عرفة» وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، (3) / (472)، وتقدم تخريجه في فضائل الحج والعمرة].
وقد اشتملت التلبية على هذه الكلمات بعينها، وتضمنت معانيها، وقوله ?: «وهو على كل شيء قدير» تدخل تحت قوله ? في التلبية: «لا شريك لك» وكذلك تحت قوله ?: «إن الحمد والنعمة لك»، وكذلك تدخل تحت إثبات الملك له تعالى، فالملك كله له، والحمد كله له، وليس له شريك بوجه من الوجوه، فهو الذي على كل شيء قدير.
الفائدة الثامنة عشرة: أن كلمات التلبية متضمنة للرد على كل مبطل في صفات الله وتوحيده؛ فإنها مبطلة لقول المشركين على اختلاف طوائفهم ومقالاتهم، ولقول الفلاسفة وإخوانهم من الجهمية المعطلين لصفات الكمال التي هي متعلق الحمد؛ فهو سبحانه محمود لذاته، وصفاته، ولأفعاله، فمن جحد صفاته وأفعاله فقد جحد حمده، وكلمات التلبية كذلك مبطلة لقول مجوس الأمة: القدرية الذين أخرجوا عن ملك الرب وقدرته أفعال عباده من الملائكة، والجن، والإنس، فلم يثبتوا له عليها قدرة، ولا جعلوه خالقا لها … فمن علم معنى هذه الكلمات في التلبية، وشهدها، وأيقن بها، باين [باين: أي خالفهم في مذهبهم، وفارقهم ولم يكن منهم] جميع الطوائف المعطلة.
الفائدة التاسعة عشرة: في عطف الملك على الحمد والنعمة بعد كمال الخبر وهو قوله ?: «إن الحمد والنعمة لك والملك» ولم يقل: إن الحمد
والنعمة والملك لك، لطيفة بديعة، وهي أن الكلام يصير بذلك جملتين مستقلتين؛ فإنه لو قال: إن الحمد والنعمة والملك لك، كان عطف الملك على ما قبله عطف مفرد على مفرد، فلما تمت الجملة الأولى بقوله: «لك» ثم عطف الملك كان تقديره: والملك لك، فيكون مساويا لقوله: «له الملك وله الحمد» ولم يقل: له الملك والحمد، وفائدته تكرار الحمد في الثناء.
الفائدة العشرون: لما عطف النعمة على الحمد ولم يفصل بينهما بالخبر، كان فيه إشعار في اقترانهما وتلازمهمها، وعدم مفارقة أحدهما للآخر، فالإنعام والحمد قرينان.
الفائدة الحادية والعشرون: في إعادة الشهادة بأنه لا شريك له، لطيفة، وهي أنه أخبر أنه لا شريك له عقب إجابته بقوله: «لبيك» ثم أعادها عقب قوله: «إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، وذلك يتضمن أنه لا شريك له في: الحمد، والنعمة، والملك، والأول يتضمن أنه لا شريك له في إجابة هذه الدعوة، وهذا نظير قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم}.
فأخبر بأنه لا إله إلا هو في أول الآية، وذلك داخل تحت شهادته وشهادة ملائكته، وأولي العلم، وهذا هو المشهود به، ثم أخبر عن قيامه بالقسط، وهو: العدل، فأعاد الشهادة بأنه لا إله إلا هو مع قيامه بالقسط». [تهذيب السنن لابن القيم رحمه الله، (2) / (235) – (240) بتصرف].
ولا شك أن الاهتمام بمعرفة معنى التلبية، ومعرفة هذه الفوائد التي تضمنتها التلبية تعين العبد المسلم على القيام بعبادة الحج والعمرة والتقرب إلى الله بقول هذه الكلمات على أحسن وجه وأكمله.
(المسألة الحادي عشر): مواطن التلبية:
التلبية مشروعة من حين الإحرام إلى الشروع في الإحلال من الإحرام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «وتشرع التلبية من حين الإحرام إلى الشروع في الإحلال، ففي الحج يلبي إلى أن يأخذ في رمي جمرة العقبة، وفي العمرة إلى أن يشرع في الطواف». [شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة، (1) / (609)].
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: «اعلم أنه يستحب الإكثار من التلبية في دوام الإحرام، ويتأكد استحبابها في كل صعود وهبوط، وحدوث أمر: من ركوب، أو نزول، أو اجتماع رفاق، أو فراغ من صلاة، وعند إقبال الليل والنهار، ووقت السحر، وغير ذلك من تغاير الأحوال، وعلى هذا أكثر أهل العلم». [أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، (5) / (353) – (354)، وانظر: الفروع لابن مفلح، (5) / (390)، والمقنع والشرح الكبير والإنصاف، (8) / (217)].
(المسألة الثانية عشر): التلبية في حال طواف القدوم والسعي بعده:
اختلف العلماء – رحمهم الله تعالى – في استحباب التلبية في حال طواف القدوم والسعي بعده على قولين:
القول الأول: لا يلبي في طواف القدوم والسعي بعده، وبه قال: مالك وأصحابه، وهو الجديد الصحيح من قولي الشافعي، وقال ابن عيينة: ما رأيت أحدا يقتدى به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب، وذكر أبو الخطاب أنه لا يلبي، وعللوا ذلك؛ لأنه مشتغل بذكر يخصه، فكان أولى، وقد روى الإمام مالك في الموطأ: أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم، حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يلبي [موطأ الإمام مالك، كتاب الحج، باب قطع التلبية، (1) / (338)].
القول الثاني: لا بأس بالتلبية في طواف القدوم، وبه قال ابن عباس، وربيعة بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب، وابن أبي ليلى، وداود، وأحمد، وقد روي عن عبد الله بن عمر خلاف قوله في القول الأول، فقد أخرج ابن أبي شيبة من طريق ابن سيرين عن ابن عمر أنه كان إذا طاف بالبيت لبى [مصنف ابن أبي شيبة، (3) / (681)]، وهو قول للشافعي، قال ابن قدامة مرجحا هذا القول: «ولنا، أنه زمن التلبية فلم يكره له، كما لو لم يكن حول البيت، ويمكن الجمع بين التلبية والذكر المشروع في الطواف، ويكره له رفع الصوت في التلبية؛ لئلا يشغل الطائفين عن طوافهم وأذكارهم» [المغني لابن قدامة، (5) / (107)، وانظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف، (8) / (217)، وأضواء البيان للشنقيطي، (5) / (355)].
(المسألة الثالثة عشر): التلبية في مواضع النسك:
سبق الخلاف في التلبية في طواف القدوم والسعي، وأما غير ذلك، فقال العلامة الشنقيطي رحمه الله: «اعلم أنه لا خلاف بين من يعتدى به من أهل العلم أن المحرم يلبي في المسجد الحرام، ومسجد الخيف بمنى، ومسجد نمرة بقرب عرفات؛ لأنها مواضع نسك،
واختلفوا في التلبية فيما سوى ذلك من المساجد،
وأظهر القولين عندي أنه يلبي في كل مسجد، إلا أنه لا يرفع صوته رفعا يشوش على المصلين، والعلم عند الله تعالى». [المغني لابن قدامة، (5) / (107)، وانظر: المقنع والشرح الكبير والإنصاف، (8) / (217)، وأضواء البيان للشنقيطي، (5) / (355)]
[قال الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان، (5) / (356): «أظهر قولي أهل العلم عندي: أن المحرم يلبي في كل مكان، في الأمصار، وفي البراري، ونقل النووي عن العبدري أنه قال به أكثر الفقهاء. خلافا لمن قال: التلبية مسنونة في الصحاري، ولا يعجبني أن يلبي في المصر، والعلم عند الله تعالى». قلت: يعني الإمام أحمد كما ذكره ابن مفلح في الفروع، (5) / (391). قال: «والمنقول عن أحمد: إذا أحرم في مصره، لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز؛ لقول ابن عباس لمن سمعه يلبي في المدينة: إن هذا لمجنون إنما التلبية إذا برزت».
[وقال المحقق للفروع: أخرجه أحمد في مسائله برواية أبي داود، (99)]، وأما عبارة ابن قدامة في المغني، (5) / (106): فقال «ولا يستحب رفع الصوت بالتلبية في الأمصار ولا في مساجدها، إلا في مكة والمسجد الحرام … ، وهذا قول مالك، وقال الشافعي: يلبي في المساجد كلها ويرفع صوته أخذا من عموم الحديث»].
(المسألة الرابعة عشر): قطع التلبية إذا شرع المعتمر في الطواف وإذا رمى الحاج جمرة العقبة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وتشرع التلبية من حين الإحرام إلى الشروع في الإحلال، ففي الحج يلبي إلى أن يأخذ في رمي جمرة العقبة، وفي العمرة إلى أن يشرع في الطواف، قال أحمد: الحاج يلبي حتى يرمي جمرة العقبة، وفي رواية يقطع عند أول حصاة، وقال في رواية الجماعة في المعتمر يقطع التلبية إذا استلم الركن. وهذا هو المذهب» [شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة، لشيخ الإسلام ابن تيمية، (1) / (609)].
وأما قطع التلبية في الحج إذا رمى جمرة العقبة؛ فلحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن أسامة رضي الله عنه كان ردف رسول الله ? من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، فكلاهما قال: «لم يزل النبي ? يلبي حتى رمى جمرة العقبة» [متفق عليه: البخاري، كتاب الحج، باب الركوب والإرداف في الحج، برقم (1543)، (1544)، وباب التلبية والتكبير غداة النحر حتى يرمي الجمرة، والإرداف في السير، برقم (1686)، (1687). ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر، برقم (1281)، (1282)].
وفي لفظ عن ابن عباس رضي الله عنه: «أن رسول الله ? أردف الفضل، فأخبر الفضل: أنه لم يزل يلبي حتى رمى الجمرة» [متفق عليه: البخاري، كتاب الحج، باب التلبية والتكبير غداة النحر، برقم (1685)، ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب إدامة التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر، برقم (1282)].
وفي لفظ عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن الفضل: «أن رسول الله ? لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة» [متفق عليه: البخاري، كتاب الحج، باب النزول بين عرفة وجمع، برقم (1670)، ومسلم، كتاب الحج، باب استحباب إدامة التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر، برقم (1281)] قال الإمام النووي رحمه الله: «قوله لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة» دليل على أنه يستديم التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة غداة يوم النحر، وهذا مذهب الشافعي، وسفيان، والثوري، وأبي حنيفة، وأبي ثور، وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين، وفقهاء الأمصار، ومن بعدهم.
وقال الحسن البصري: يلبي حتى يصلي الصبح يوم عرفة ثم يقطع.
وحكي عن علي وابن عمر، وعائشة، ومالك، وجمهور فقهاء المدينة أنه يلبي حتى تزول الشمس يوم عرفة، ولا يلبي بعد الشروع في الوقوف.
وقال أحمد، وإسحاق، وبعض السلف: يلبي حتى يفرغ من رمي جمرة العقبة.
ودليل الشافعي والجمهور هذا الحديث الصحيح مع الأحاديث بعده، ولا حجة للآخرين في مخالفتها، فيتعين اتباع السنة» [شرح النووي على صحيح مسلم، (9) / (31)].
وانظر أيضا: أضواء البيان للشنقيطي، (5) / (347)، فقد قال: «وإذا عرفت مما ذكرنا أول وقت التلبية، وأنه وقت انعقاد الإحرام، فاعلم أن الصحيح الذي قام عليه الدليل: أن الحاج لا يقطع التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة، وقال بعض أهل العلم: حتى ينتهي رميه إياها»، مما يدل على أن التلبية يديمها الحاج في عرفات، ومزدلفة وغير ذلك حتى يرمي جمرة العقبة، حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فعن عبد الرحمن بن يزيد قال: قال عبد الله ونحن بجمع: سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المقام: «لبيك اللهم لبيك». وفي لفظ: أن عبد الله بن مسعود لبى حين أفاض من جمع، فقيل: أعرابي هذا؟ فقال عبد الله: أنسي الناس أم ضلوا؟ سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان: «لبيك اللهم لبيك». وفي لفظ عن عبد الرحمن بن يزيد والأسود بن يزيد قالا: سمعنا عبد الله بن مسعود يقول بجمع: سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة هاهنا يقول: «لبيك اللهم لبيك» ثم لبى ولبينا معه» [مسلم، كتاب الحج، باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة، برقم (1283)]، قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم، (9) / (32): «فيه دليل على استحباب إدامة التلبية بعد عرفات، وهو مذهب الجمهور كما سبق».
وقال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان، (5) / (348): «وإذا علمت الصحيح الذي دلت عليه النصوص، فاعلم أن في وقت انتهاء التلبية مذاهب للعلماء غير ما ذكرنا:
فقد روي عن سعد بن أبي وقاص، وعائشة أنه يقطع التلبية إذا راح إلى الموقف.
وعن علي، وأم سلمة أنهما كانا يلبيان حتى تزول الشمس يوم عرفة، وهذا قريب من قول سعد وعائشة.
وكان الحسن يقول: يلبي حتى يصلي الغداة يوم عرفة.
وروى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفة، فإذا غدا ترك التلبية، وكان يترك [التلبية] في العمرة إذا دخل الحرم» ثم قال: «والتحقيق أنه لا يقطعها إلا إذا رمى جمرة العقبة، لدلالة حديث الفضل ابن عباس الثابت في الصحيح على ذلك دلالة واضحة، ودلالة حديث ابن مسعود الثابت في الصحيح على تلبية النبي ? بمزدلفة أيضا، ولم يثبت في كتاب الله ولا سنة نبيه ? شيء يخالف ذلك، والعلم عند الله تعالى» [أضواء البيان (5) / (348) – (349)]، وانظر: فتح الباري لابن حجر، (3) / (533).
والخلاصة: أن التلبية لا تقطع إلا إذا رمى الحاج جمرة العقبة؛ لحديث الفضل، وأسامة، فإذا شرع في الرمي بأول حصاة قطع التلبية؛ لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «رمقت النبي ? فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة» [ابن خزيمة، (4) / (281)، والبيهقي في السنن الكبرى، (5) / (137)، وقال الألباني في تخريج سنن ابن خزيمةـ (4) / (281): «إسناده صحيح لغيره».
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان، (5) / (348): «ومن القرائن الدالة على ذلك: ما ثبت في الروايات الصحيحة من التكبير مع كل حصاة، فظرف الرمي لا يستغرق غير التكبير مع الحصاة؛ لتتابع رمي الحصيات».
ولكن أخرج الإمام ابن خزيمة رحمه الله بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أخيه الفضل رحمه الله، قال: «أفضت مع النبي ? في عرفات، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، يكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة» [صحيح ابن خزيمة، (4) / (282)، برقم (2887)، وقال الألباني في هذا الموضع: إسناده صحيح من طريق ابن عباس، وليس فيه ثم قطع التلبية مع آخرها، السنن الكبرى للبيهقي، (5) / (137) من طريق ابن خزيمة مثله، قال البيهقي، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة: هذه زيادة غريبة، وانظر فتح الباري].
قال الإمام ابن خزيمة، (4) / (282): «فهذا الخبر يصرح أنه قطع التلبية مع آخر حصاة لا مع أولها». قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان، (5) / (348): «وعلى تقدير صحة هذه الرواية لا ينبغي العدول عنها».
وذكر الإمام الشوكاني أن من قال أن التلبية تستمر إلى رمي جمرةالعقبة اختلفوا هل يقطع التلبية مع رمي أول حصاة أو عند تمام الرمي، فذهب جمهورهم إلى الأول [أي يقطعها مع رمي أول حصاة] وإلى الثاني أحمد وبعض أصحاب الشافعي، ويدل لهم ما روى ابن خزيمة … وساق الحديث، ثم قال الشوكاني: «والأمر كما قال ابن خزيمة؛ فإن هذه زيادة مقبولة، خارجة من مخرج صحيح غير منافية للمزيد، وقبولها متفق عليه كما قرر في الأصول». [نيل الأوطار للشوكاني، (3) / (306)]. وسمعت شيخنا ابن باز يقول رحمه الله أثناء تقريره على فتح الباري لابن حجر، (3) / (533): «حديث ابن خزيمة هذا فيه نظر؛ لأنه انفرد به والتلبية تقطع عند الرمي لأول حصاة»].
وأما قطع التلبية في العمرة إذا شرع في الطواف؛ فلما روي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما [حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ? قال: «يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر» [أبو داود، كتاب المناسك، باب متى يقطع المعتمر التلبية، برقم (1817)، قال أبو داود: رواه عبد الملك بن أبي سليمان، وهمام عن عطاء عن ابن عباس موقوفا. وأخرجه الترمذي، كتاب الحج، باب ما جاء متى يقطع التلبية بلفظ: عن عطاء عن ابن عباس قال يرفع الحديث: «إنه كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر» برقم (919)، ولكن الحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، ص (144)، وفي ضعيف سنن الترمذي، ص (99)، قال الألباني: «والصحيح موقوف على ابن عباس» وانظر: إرواء الغليل، برقم (1099)، وقال العلامة عبد المحسن بن حمد العباد في كتابه تبصير الناسك، ص (90): «صح ذلك عن ابن عباس في سنن البيهقي، (5) / (104)»]، ولما جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [أحمد في المسند، (11) / (278)، برقم (6685)، ورقم (6686)، وذكر محققو المسند بعض شواهده وطرقه، وقالوا: «حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، الحجاج: هو ابن أرطاة – مدلس، وقد عنعن».
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: «قال أبو عبد الله: يقطع التلبية إذا استلم الركن، وهو معنى قول الخرقي: «إذا وصل إلى البيت» وبهذا قال ابن عباس، وعطاء، وعمرو بن ميمون، وطاوس، والنخعي، والثوري، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي.
وقال ابن عمر، وعروة، والحسن: يقطعها إذا دخل الحرم.
وقال سعيد بن المسيب: يقطعها حين يرى عرش مكة [أي بيوتها القديمة] وحكي عن مالك: أنه إن أحرم من الميقات قطع التلبية إذا وصل الحرم، وإن أحرم بها من أدنى الحل قطع التلبية حين يرى البيت». قال ابن قدامة رحمه الله: «ولنا … » ثم استدل بحديث ابن عباس، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ثم قال: « … ولأن التلبية إجابة إلى العبادة، وإشعار للإقامة عليها، وإنما يتركها إذا شرع فيما ينافيها، وهو التحلل منها، والتحلل يحصل بالطواف، والسعي، فإذا شرع في الطواف فقد أخذ في التحلل، فينبغي أن يقطع التلبية، كالحج إذا شرع في رمي جمرة العقبة؛ لحصول التسلسل بها، وأما قبل ذلك فلم يشرع فيما ينافيها، فلا معنى لقطعها والله تعالى أعلم». [المغني لابن قدامة، (5) / (256)]].
قال الترمذي رحمه الله في آخر حديث ابن عباس: «حديث ابن عباس حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، قالوا: لا يقطع المعتمر التلبية حتى يستلم الحجر [سنن الترمذي، إثر الحديث برقم (919)، وتمامه: وقال بعضهم: إذا انتهى إلى بيوت مكة قطع التلبية، والعمل على حديث النبي ?، وبه يقول: سفيان، والشافعي، وأحمد، وإسحاق]. [مناسك الحج والعمرة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة، للقحطاني (ت (1440))، (224 – 252)، بتصرف يسير].
(المسألة الخامسة عشر): حكم التلبية الجماعية
التلبية الجماعية بصوت واحد بين الحجاج ليست من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل كل واحد يلبي بصوته، وهو ما أكده العلماء مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “قول أنس رحمه الله: «حججنا مع النبي ? فمنا المكبر ومنا المهل» [أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة ((1659))، ومسلم في كتاب الحج، باب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات ((1285))]، وهذا يدل على أنهم ليسوا يلبون التلبية الجماعية، ولو كانوا يلبون التلبية الجماعية لكانوا كلهم مهلين أو مكبّرين، لكن بعضهم يكبر، وبعضهم يهل، وكل يذكر ربه على حسب حاله”.
[الشرح الممتع على زاد المستقنع، لابن عثيمين (ت (1421)) رحمه الله، ((7) / (111))، وانظر: مجموع فتاوى ورسائل العثيمين ((24) / (457))].
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن حكم التلبية الجماعية فأجابت بأنها بدعة.
ونص السؤال:
س (4): ما حكم التلبية الجماعية للحجاج؟ حيث أحدهم يلبي والآخرين يتبعونه.
ج (4): لا يجوز؛ ذلك لعدم وروده عن النبي ?، ولا عن خلفائه الراشدين رضوان الله عليهم، بل هو بدعة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … نائب رئيس اللجنة … الرئيس
عبد الله بن قعود … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
[بدع الحج، السؤال الرابع من الفتوى رقم ((5609))، فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى (11) / (358)].
وانظر في مسائل وأحكام التلبية: الموسوعة الفقهية الكويتية ((2) / (132) وما بعدها).
والرابع: خلاصة فقه وفوائد الحديث:
1 – (منها): فضيلة التلبية، التلبية هي من أفضل أعمال الحج، ومؤشر على إخلاص المسلم في عبوديته لله.
2 – (منها): دلالة على عظمة الله، تأكيد على قدرة الله تعالى في خلقه بحيث تستجيب الجمادات لذكره.
3 – (منها): إجماع الكون على التوحيد، التلبية تعبير عن وحدانية الله سبحانه وتعالى، بحيث تسبح كل المخلوقات بحمده وتستجيب له.
4 – (منها): التحذير من البدعة في العبادة، يوضح الحديث أن التلبية الجماعية ليست من السنة، مما يؤكد أهمية التزام المسلم بما جاء في السنة الصحيحة.