[1ج/ رقم (462)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، وأحمد بن علي واحمد بن خالد وعمر الشبلي وعدنان البلوشي، ومحمد البلوشي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (462)]:
حدَّثنا أبو توبةَ، حدَّثنا مُعاويةُ -يعني ابنَ سلّام-، عن زيدٍ -يعني ابنَ سلّام-، أنه سمع أبا سلّامٍ قال: حدثني السَّلُوليُّ أبو كَبشةَ أنه حدَّثه سهلُ ابن الحَنْظليةِ رضي الله عنه: أنهم ساروا مع رسول الله ? يومَ حُنينٍ، فأطنَبُوا السيرَ حتى كانَ عشيَّةً، فحضرتُ الصلاةَ عند رسول الله ?، فجاء رجلٌ فارسٌ، فقال: يا رسول الله، إني انطلقتُ بين أيديكم حتى طلعتُ جبلَ كذا وكذا، فإذا أنا بهَوازنَ على بَكْرةِ آبائهم، بظُعُنهِم ونَعَمِهم وشائهم اجتمعوا إلى حنينٍ، فتبسّم رسولُ الله ? وقال: «تلك غنيمةُ المسلمين غدًا إن شاء الله» ثم قال: «من يحرُسُنا الليلةَ؟» قال أنسُ بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَويُّ: أنا يا رسول الله، قال: «فاركَبْ» فركب فرسًا له، فجاء إلى رسول الله ?، فقال له رسولُ الله ?: «استقبِلْ هذا الشِّعْبَ حتى تكون في أعلاهُ ولا نُغَرَّنَّ من قِبَلِكَ الليلةَ» فلما أصبحنا خرجَ رسولُ الله ? إلى مُصلاّه فركع ركعتين، ثم قال: «هل أحسسْتم فارسَكم؟» قالوا: يا رسول الله ما أحسَسْناه، فثُوِّب بالصلاة، فجعلَ رسولُ الله ? يصلي وهو يلتفتُ إلى الشعبِ حتى إذا قضى صلاتَه وسلَّم، قال: «أبشِروا فقد جاءكم فارسُكم» فجعلنا ننظُر إلى خِلال الشَّجر في الشِّعب، فإذا هو قد جاء حتى وقفَ على رسولِ الله ? فسلّم، فقال: إني انطلقتُ حتى كنتُ في أعلى هذا الشِّعب حيث أمرني رسولُ الله ?، فلما أصبحتُ اطَّلعتُ الشَّعبَين كليهما، فنظرتُ فلم أرَ أحدًا، فقال له رسولُ الله ?: «هل نزلتَ الليلةَ؟» قال: لا، إلا مُصليًا أو قاضيًا حاجةً، فقال له رسولُ الله ?: «قد أوْجَبْتَ، فلا عليك أن لا تعملَ بَعَدها».
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الإمام أبو داود السجستاني (ت (275)) رحمه الله، في كتابه السنن، أول كتاب الجهاد، (16) – باب: فضل الحَرَس في سبيل الله عز وجل، ((2501)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(4) – كتاب الصلاة، (126) – ما يعفى عنه في الصلاة لحاجة، ((1003)).
(13) – كتاب الجهاد والغزوات، (7) – الحارس للمجاهدين، ((1954))، و (96) – غزوة حنين، ((2113)).
(21) – كتاب الأموال، (14) – اقتناء الجمال والخيل والبغال والحمير، ((2961)).
(34) – كتاب التوحيد، (103) – ما جاء في المشيئة، ((4647)).
وقال محققو سنن أبي داود – ط: دار الرسالة العالمية -: “إسناده صحيح.
أبو توبة: هو الربيع بن نافع الحلبي. وأخرجه النسائي في «الكبرى» ((8819))، والطبراني في «المعجم الكبير» ((5619)) وفي «الأوسط» ((407))، وفي «الشاميين» ((2866))، والحاكم (1) / (237) و (2) / (83) – (84)، والبيهقي (2) / (13) و (9) / (149) من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، والبيهقي (9) / (149) من طريق مروان بن محمد، كلاهما عن معاوية بن سلام، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم في الموضعين وسكت عنه الذهبي.
وقد سلفت قصة التثويب بالصلاة والتفاته ? عند المصنف برقم ((916)).
قوله: «فأطنبوا السيرَ» من الإطناب وهو المبالغة.
وقوله: «على بكْرة أبيهم» هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة وتوفير العدد، وأنهم جاؤوا جميعًا لم يتخلف منهم أحدٌ. قاله في «اللسان».
وقوله: «بظُعُنهم» قال الخطابي: أي: النساء، واحدتها ظعينة، وأصل الظعينة الراحلة التي تَظْعَن وترتحل، فقيل للمرأة: ظعينة، إذا كانت تظعن مع الزوج حيثما ظَعَن، أو لأنها تُحمل على الراحلة إذا ظعنت، وهذا من باب تسمية الشيء باسم سببه كما سمَّوا المطر سماءً”. انتهى.
والثاني: شرح وبيان الحديث
“تَفضَّلَ اللهُ على عِبادِه بأعمالٍ وقُرُباتٍ لزيادةِ الأجرِ واغتِنامِ الثَّوابِ منه سُبحانَه؛ ليَتحرَّى المُؤمِنونَ أعمالًا مُتنوِّعةً، فمَن فاتَه شَيءٌ أدرَكَ غيرَه، ومِن ذلك الرِّباطُ في سَبيلِ اللهِ، والمُحافظَةُ على بِلادِ الإسلامِ؛ فهو من أعظَمِ الأعمالِ التي يَستمِرُّ ثوابُها”.
“أورد الإمام أبو داود رحمه الله الحديث في “باب: فضل الحرس في سبيل الله”، أي: الحراسة في سبيل الله، يعني: بها حراسة المسلمين، وتنبيههم على مداخل عدوهم، وقدومه عليهم أو اتجاهه إليهم؛ حتى يكونوا على استعداد لملاقاته، فلا يأتيهم غرة وهم غير مستعدين، فيترتب على ذلك الضرر.
والحراسة في سبيل الله شأنها عظيم، ولهذا جاء في هذا الحديث ما ذكر من فضلها.
قوله: [(حتى كانت عشية)].
يعني: حتى جاء الليل.
قوله: [(فحضرت الصلاة عند رسول الله ? فجاء رجل فارس، فقال: يا رسول الله إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين)].
والشعب هو الطريق الذي يكون بين الجبلين.
قوله: [(حتى تكون في أعلاه)] معناه: أن الشعب يكون فيه انحدار وارتفاع، والعدو كما هو معلوم يأتي من هذه الطرق التي تكون بين الجبال، ولا يأتي من فوق الجبال، فإذا كان الناس في أماكن يتوصل إليها عن طريق الشعاب، فإن العدو يأتي من الشعاب، فالنبي ? أمره بأن يذهب إلى هذا الشعب وأن يكون في أعلاه، وقال: [(لا نغرن من قبلك الليلة)] يعني: لا يحصل العدو منا على غرة ونحن آمنون وأنت قد أهملت؛ إما أنك نمت أو أنك ما قمت بالأمر المطلوب، فتترتب على ذلك مضرة.
قوله: [(فلما أصحبنا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصلاه فركع ركعتين، ثم قال: ((هل أحسستم فارسكم؟)) قالوا: يا رسول الله! ما أحسسناه، فثوب بالصلاة، فجعل رسول الله ? يصلي، وهو يلتفت إلى الشعب)].
أي: لما طلع الصبح وأذن لصلاة الصبح صلى ركعتين وهما ركعتا الفجر، وكان يحافظ عليهما وعلى الوتر في الحضر والسفر.
قوله: [(هل أحسستم صاحبكم؟)] يعني: هل رأيتموه جاء؛ لأنه إذا جاء يأتيهم بالخبر وأن الجهة آمنه ونحو ذلك، وإذا كان لم يأت فيخشى أن يكون العدو قد أخذه، وربما يأتي العدو من هذه الطريق.
قوله: [(فثوب بالصلاة)] يعني: أقيمت الصلاة؛ لأن التثويب هو الإقامة، لأنه رجوع إلى النداء الأول الذي هو الأذان
قوله: [(فجعل النبي ? يصلي، ويلتفت إلى الشعب)] يعني: فكان يصلي ويلتفت، وهذا يدلنا على أن الالتفات في الصلاة إذا كان لحاجة تقتضي ذلك، كالخوف؛ فقد فعل ذلك رسول الله ?، وإنما الالتفات المحذور ما كان لغير حاجة.
ثم الالتفات إنما يكون بإدارة الرأس وليس بإدارة الجسم، لأنه إذا أدار الجسم أخل باستقبال القبلة.
قوله: [(حتى إذا قضى صلاته وسلم، قال: ((أبشروا! فقد جاءكم فارسكم))].
معناه: أنه لا خطر عليكم، وأن المحذور الذي تخشونه غير واقع، وأن الجهة آمنة وأن الناس على مأمن.
[شرح سنن أبي داود، للشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى].
فالحراسة في سبيل الله من الأعمال العظيمة التي لا تقتصر على جلب الأجر الوفير فقط، بل تحمي الأمة وتؤمنها من الأخطار.
وقد أثبت النبي ? من خلال تعاليمه وأفعاله أن الحراسة جزء لا يتجزأ من الجهاد والعمل في سبيل الله، مع الحفاظ على الصلاة والعبادة في جميع الأوقات.
والثالث: المسائل والأحكام:
ويكون الحديث في هذا على وجهين:
(الوجه الأول): مقدمة في الحراسة، وفيه مسائل:
(المسألة الأولى): تعريف الحراسة:
الحراسة في اللغة:
اسم مصدر من حرس الشيء يحرسه ويحرسه حرسا، حفظه حفظا مستمرا، وهو أن يصرف الآفات عن الشيء قبل أن تصيبه صرفا مستمرا، فإذا أصابته فصرفها عنه سمي تخليصا، واشتقاقه من الحرس وهو الدهر.
وحرس أيضا إذا سرق فالفعل من الأضداد عند العرب، ويطلقون على الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق، حريسة [لسان العرب، والمصباح المنير مادة (حرس)، والفروق لابن هلال ص (199)].
وفي الاصطلاح، لا يخرج عن المعنى اللغوي وهو حفظه الشيء حفظا مستمرا.
(المسألة الثانية): الألفاظ ذات الصلة:
أ – الرباط:
(2) – هو الإقامة بالثغر تقوية للمسلمين على الكفار، والثغر كل مكان يخيف أهله العدو ويخيفهم، وأصل الرباط من رباط الخيل لأن هؤلاء يربطون خيولهم وهؤلاء يربطون خيولهم كل يعد لصاحبه فسمي المقام بالثغر رباطا وإن لم يكن فيه خيل [المغني (8) / (353)، (354)].
وقد روي في فضل الرباط أحاديث منها ما روى سلمان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله ? يقول: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه وأمن الفتان [حديث: «رباط ليلة في سبيل الله خير. . .» أخرجه مسلم ((3) / (1520) – ط الحلبي)].
فالرباط أخص من الحراسة لأنه حراسة لثغر بالإقامة فيه
(المسألة الثالثة): الحكم التكليفي:
يختلف حكم الحراسة باختلاف أحوالها وتعتريها الأحكام الخمسة:
فتكون الحراسة واجبة، كحراسة طائفة من الجيش للأخرى التي تصلي صلاة الخوف؛ عملا بقول ربنا جل وعلا: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم … }. وفي تفصيل ذلك في محله من كتب الفقه.
وتكون مستحبة، كالحراسة والمرابطة في الثغور تطوعا، وفي غير تهديد العدو لنا، لحديث سلمان رضي الله عنه وغيره.
ومنها الحراسة في الغزو تطوعا؛ جاء في فضلها قول النبي ?: من حرس من وراء المسلمين متطوعا لا يأخذه سلطان لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم [حديث: «من حرس من وراء المسلمين متطوعا لا يأخذه. . .» أخرجه أحمد ((3) / (437) – ط الميمنية) من حديث معاذ بن أنس
قال محققو المسند: إسناده ضعيف
وأورده الهيثمي في المجمع ((5) / (287) – ط القدسي) وقال: «رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني، وفي إسنادي أحمد ابن لهيعة، وهو أحسن حالا من رشدين»
قال السندي: قوله: «لا يأخذه سلطان»، أي: لم يكن مما أخذه السلطان للحراسة بأجرة، فالجملة بيان للتطوع. انتهى من تحقيق المسند
وقوله ?: عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله [حديث: «عينان لا تمسهما النار عين بكيت من. . . .» أخرجه الترمذي ((4) / (175) – ط الحلبي) من حديث عبد الله ابن عباس، وحسنه].
وتكون مباحة، كمن يؤجر نفسه لحراسة مباح، كحارس الثمار والأسواق وما شابه ذلك. [الدسوقي على الشرح الكبير (4) / (23)، (25)].
وتكون محرمة، كحراسة ما يؤدي إلى فساد الدين. . .، ومن ذلك حراسة أماكن اللهو المحرم والخمر والفجور ونحوها. [الشرح الكبير (4) / (19)، جواهر الإكليل (1) / (32) / (188)، والفتاوى الهندية (4) / (449)، (450)، والشرقاوي (6) / (131)، ومطالب أولي النهى (3) / (604)]. انتهى المقصود من [الموسوعة الفقهية الكويتية، (17/ 165 – 167)].
(الوجه الثاني): في توضيح أحكام الحديث ومسائله:
(المسألة الأولى): فضل الحراسة في سبيل الله:
هذا الحديث يدل على عظمة الحراسة في سبيل الله؛ حيث بشر النبي ? أنس بن أبي مرثد بالجنة مقابل حراسته؛ ((عَينانِ لا تمسُّهما النَّارُ: عينٌ بَكَت من خشيةِ اللَّهِ، وعَينٌ باتت تحرُسُ في سبيلِ اللَّهِ)). أخرجه الترمذي (1639). [صحيح الترمذي (1639)]. وقد حسنه أيضا الحافظ ابن حجر في الفتح ((6) / (83)). ورواه أبو يعلى ((4346)) – من حديث أنس
وإسناده حسن من أجل شبيب بن بشر فإنه حسن الحديث.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}، هذه الآية تعكس أهمية التحضير والحذر أثناء الحروب والمعارك، وهو ما يظهر في حراسة المعسكرات.
والحراسة في سبيل الله من الأعمال التي يُرجى بها فضل عظيم؛ لأنها تتعلق بحماية الإسلام والمسلمين.
الحراسة في سبيل الله تتطلب اليقظة والجاهزية، ولهذا فإن الأجر مرتبط بتحمل المشقة والمخاطر في سبيل حفظ بيضة المسلمين.
فصل:
” (5) – باب: فضل الحراسة في سبيل الله
• عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ? قال: «تعس عبد الدينار، وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع».
صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير ((2887)) عن عمرو (هو أبن مرزوق)، أخبرنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة .. فذكره.
وقوله: «إذا شيك فلا انتقش» أي: إذا أصابته الشوكة فلا وجد من يخرج منها بالمنقاش.
وفي الباب عن أبي ريحانة قال: كنا مع رسول الله ? في غزوة، فأتينا ذات ليلة إلى شرف، فبتنا عليه، فأصابنا برد شديد، حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها، يلقي عليه الحجفة يعني الترس، فلما رأى ذلك رسول الله ? من الناس، نادى: «من يحرسنا في هذه الليلة؟، وأدعو له بدعاء يكون فيه فضل» فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فقال: «ادنه» فدنا فقال: «من أنت؟» فتسمى له الأنصاري، ففتح رسول الله ? بالدعاء، فأكثر منه قال أبو ريحانة: فلما سمعت ما دعا به رسول الله ? فقلت: «أنا رجل آخر»، فقال: «ادنه» فدنوت فقال: «من أنت؟» قال: فقلت: أنا أبو ريحانة فدعا بدعاء هو دون ما دعا للأنصاري ثم قال: «حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله» وقال: «حرمت النار على عين أخرى ثالثة» لم يسمعها محمد بن سمير».
رواه أحمد ((17213)) – والسياق له – والنسائي ((3117))، وصححه الحاكم ((2) / (83))، [الجامع الكامل في الحديث للأعظمي رحمه الله (7/ 200 – 202)].
* تلخيص فضل الحراسة في سبيل الله تعالى:
1) موجبة للجنة، الحراسة في سبيل الله تُعد من الأعمال التي تقود إلى دخول الجنة، كما ورد في الأحاديث الصحيحة.
2) تحرم صاحبها على النار، من يحرس في سبيل الله يُبعده الله عن النار؛ وذلك لما في هذا العمل من تضحية وإخلاص.
3) المكانة العالية عند الله وإن ازدراه الناس، المرابط والحارس في سبيل الله يحصل على مكانة عظيمة عند الله، حتى وإن لم يُقدره الناس حق قدره.
4) الحراسة في أرض الخوف أفضل من عبادات أخرى، الحراسة في مواضع الخطر والخوف تفضُل في الأجر عبادات أخرى
(المسألة الثانية): بعض آداب الحراسة في سبيل الله:
1) إخلاص النية لله تعالى، يجب أن يكون الحارس في سبيل الله مخلصًا لله عز وجل، مبتغيًا رضاه وثوابه، لا طلبًا لثناء الناس أو مكاسب دنيوية.
2) إتقان الحراسة وتحمل المسؤولية
(المسألة الثالثة): التخطيط العسكري والإعداد:
يظهر الحديث حكمة النبي ? في التخطيط والإعداد الجيد للمعارك، بما في ذلك تنظيم الحراسة الليلية لضمان سلامة الجيش.
(المسألة الرابعة): حسن التبشير ورفع المعنويات:
تبسم النبي ? وتبشيره بالغنيمة في اليوم التالي، يشير إلى أهمية رفع الروح المعنوية للمسلمين في مواجهة التحديات.
(المسألة الخامسة): أهمية الصلاة والتواصل مع الله تعالى حتى في الحروب:
النبي ? لم يغفل عن إقامة الصلاة رغم الظروف الصعبة، مما يدل على أهمية العبادة في جميع الأوقات.
(المسألة السادسة): سمات الصحابة رضي الله عنهم في المعارك، ويظهر بأمور:
1. أهمية اليقظة المستمرة، الصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين على تأمين المعسكرات الإسلامية ليلاً
2. بذل النفس في سبيل الله، هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم
- الأجر العظيم للحراسة، كل من قام بالحراسة
4. القيادة بالتضحية(المسألة السابعة):
وقد سئل فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله: الحراسة في غير وقت الحرب يكون لها هذا الفضل (الرِّباط)؟
أجاب فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى:
“نعم هذا رِباط، الحراسة هو الرِّباط، الرِّباط في سبيل الله في الثغور، في أطراف البلد، يُسمّى: رِباط”. [فتاوى الدروس للإمام ابن باز رحمه الله تعالى، هل الحراسة في غير الحرب من الرِّباط؟].والرابع: خلاصة فقه وفوائد الحديث:
– (ومنها): وقد أشار الشيخ ابن باز رحمه الله أنه لا بد من الجمع بين نصوص الرجاء ونصوص الوعيد في هذا، فلا يغلب جانب الرجاء كما تفعل المرجئة، ولا جانب الوعيد كما تقول الوعيدية.
تحقيق السلامة من النار، الجهاد، البكاء من خشية الله، وصوم التطوع وسائر أنواع الخير، كلها من أسباب النجاة من النار ودخول الجنة.
لا بد من الحذر من الإصرار على الكبائر، والاجتهاد في أداء فرائض الله تعالى، وذلك كما جاء في قوله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}.
واجب المؤمن بين الخوف والرجاء: المؤمن يجب أن يكون دائمًا بين الخوف من عذاب الله والرجاء في رحمته؛ قال الله تعالى عن الأنبياء والصالحين: {يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}، الرغبة في رحمة الله والخوف من عذابه هو نهج الصالحين. [انظر: تعليق الشيخ ابن باز رحمه الله على رياض الصالحين – 413 من حديث: (ما اغبرت قدما عبد في سبيل اللَّه فتمسه النار)].