[1ج/ رقم (440)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، أحمد عبد العزيز، محمد الكعبي، ومحمد البلوشي.
وأحمد بن علي وسلطان الحمادي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد سيفي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (440)]:
مسند سلمان الفارسي – رضي الله عنه –
(440) – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج (5) ص (441)): حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيٌّ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، واَجْتهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ الَّذِي يُوقِدُهَا لَا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً، قَالَ: وَكَانَتْ لِأَبِي ضَيْعَةٌ عَظِيمَةٌ، قَالَ: فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا، فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي، فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَكُنْتُ لَا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ، وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ، دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ، وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ، وَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ خَيْرٌ مِنَ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا تَرَكْتُهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَتَرَكْتُ ضَيْعَةَ أَبِي وَلَمْ آتِهَا، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَيْنَ أَصْلُ هَذَا الدِّينِ؟
قَالُوا: بِالشَّامِ قَالَ: ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَبِي، وَقَدْ بَعَثَ فِي طَلَبِي وَشَغَلْتُهُ عَنْ عَمَلِهِ كُلِّهِ، قَالَ: فَلَمَّا جِئْتُهُ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، أَيْنَ كُنْتَ؟ أَلَمْ أَكُنْ عَهِدْتُ إِلَيْكَ مَا عَهِدْتُ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَتِ، مَرَرْتُ بِنَاسٍ يُصَلُّونَ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ دِينِهِمْ، فَوَاللهِ مَازِلْتُ عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ الدِّينِ خَيْرٌ، دِينُكَ وَدِينُ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: كَلَّا وَاللهِ إِنَّهُ لَخَيْرٌ مِنْ دِينِنَا، قَالَ: فَخَافَنِي، فَجَعَلَ فِي رِجْلَيَّ قَيْدًا، ثُمَّ حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ، قَالَ: وَبَعَثَتُ إِلَى النَّصَارَى فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى فَأَخْبِرُونِي بِهِمْ، قَالَ: فَقَدِمَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ مِنَ الشَّامِ تُجَّارٌ مِنَ النَّصَارَى، قَالَ: فَأَخْبَرُونِي بِهِمْ، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ: إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَأَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ فَآذِنُونِي بِهِمْ، قَالَ: فَلَمَّا أَرَادُوا الرَّجْعَةَ إِلَى بِلَادِهِمْ أَخْبَرُونِي بِهِمْ، فَأَلْقَيْتُ الْحَدِيدَ مِنْ رِجْلَيَّ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ، فَلَمَّا قَدِمْتُهَا، قُلْتُ: مَنْ أَفْضَلُ أَهْلِ هَذَا الدِّينِ؟ قَالُوا: الْأَسْقُفُّ فِي الْكَنِيسَةِ، قَالَ: فَجِئْتُهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ رَغِبْتُ فِي هَذَا الدِّينِ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ أَخْدُمُكَ فِي كَنِيسَتِكَ، وَأَتَعَلَّمُ مِنْكَ وَأُصَلِّي مَعَكَ، قَالَ: فَادْخُلْ فَدَخَلْتُ مَعَهُ، قَالَ: فَكَانَ رَجُلَ سَوْءٍ يَامُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُهُمْ فِيهَا، فَإِذَا جَمَعُوا إِلَيْهِ
مِنْهَا أَشْيَاءَ، اكْتَنَزَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُعْطِهِ الْمَسَاكِينَ، حَتَّى جَمَعَ سَبْعَ قِلَالٍ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ، قَالَ: وَأَبْغَضْتُهُ بُغْضًا شَدِيدًا لِمَا رَأَيْتُهُ يَصْنَعُ، ثُمَّ مَاتَ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى لِيَدْفِنُوهُ، فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ يَامُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَيُرَغِّبُكُمْ فِيهَا فَإِذَا جِئْتُمُوهُ بِهَا اكْتَنَزَهَا لِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُعْطِ الْمَسَاكِينَ مِنْهَا شَيْئًا، قَالُوا: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟، قَالَ: قُلْتُ أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزِهِ، قَالُوا: فَدُلَّنَا عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ، قَالَ: فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةٍ ذَهَبًا وَوَرِقًا، قَالَ: فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا: وَاللهِ لَا نَدْفِنُهُ أَبَدًا فَصَلَبُوهُ، ثُمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ، فَجَعَلُوهُ بِمَكَانِهِ، قَالَ: يَقُولُ سَلْمَانُ: فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ، أَرَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ، أَزْهَدُ فِي الدُّنْيَا، وَلَا أَرْغَبُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا أَدْأَبُ لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْهُ، قَالَ: فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَهُ، فَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا، ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ إِنِّي كُنْتُ مَعَكَ وَأَحْبَبْتُكَ حُبًّا لَمْ أُحِبَّهُ مَنْ قَبْلَكَ وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اللهِ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي، وَمَا تَامُرُنِي؟، قَالَ: أَيْ بُنَيَّ وَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا الْيَوْمَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، لَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ وَبَدَّلُوا وَتَرَكُوا أَكْثَرَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ، إِلَّا رَجُلًا بِالْمَوْصِلِ، وَهُوَ فُلَانٌ، فَهُوَ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ، فَالْحَقْ
بِهِ، قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ، لَحِقْتُ بِصَاحِبِ الْمَوْصِلِ فَقُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنَّ فُلَانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ عَلَى أَمْرِهِ، قَالَ: فَقَالَ لِي: أَقِمْ عِنْدِي فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَوَجَدْتُهُ خَيْرَ رَجُلٍ عَلَى أَمْرِ صَاحِبِهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنَّ فُلَانًا أَوْصَى بِي إِلَيْكَ، وَأَمَرَنِي بِاللُّحُوقِ بِكَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مِنَ اللهِ تعالى مَا تَرَى، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي، وَمَا تَامُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، وَاللهِ مَا أَعْلَمُ رَجُلًا عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلَّا بِنَصِيبِينَ، وَهُوَ فُلَانٌ، فَالْحَقْ بِهِ، قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ نَصِيبِينَ، فَجِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، وَمَا أَمَرَنِي بِهِ صَاحِبِي، قَالَ: فَأَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ، فَوَجَدْتُهُ عَلَى أَمْرِ صَاحِبَيْهِ، فَأَقَمْتُ مَعَ خَيْرِ رَجُلٍ، فَو َاللهِ مَا لَبِثَ أَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ، فَلَمَّا حَضَرَ، قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنَّ فُلَانًا كَانَ أَوْصَى بِي إِلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي، وَمَا تَامُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، وَاللهِ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا بَقِيَ عَلَى أَمْرِنَا آمُرُكَ أَنْ تَاتِيَهُ إِلَّا رَجُلًا بِعَمُّورِيَّةَ، فَإِنَّهُ عَلَى مِثْلِ مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحْبَبْتَ فَاتِهِ، قَالَ: فَإِنَّهُ عَلَى أَمْرِنَا، قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ وَغَيَّبَ لَحِقْتُ بِصَاحِبِ عَمُّورِيَّةَ، وَأَخْبَرْتُهُ خَبَرِي، فَقَالَ: أَقِمْ عِنْدِي، فَأَقَمْتُ مَعَ رَجُلٍ عَلَى هَدْيِ أَصْحَابِهِ وَأَمْرِهِمْ، قَالَ: وَاكْتَسَبْتُ حَتَّى كَانَ لِي
بَقَرَاتٌ وَغُنَيْمَةٌ، قَالَ: ثُمَّ نَزَلَ بِهِ أَمْرُ اللهِ، فَلَمَّا حَضَرَ قُلْتُ لَهُ: يَا فُلَانُ، إِنِّي كُنْتُ مَعَ فُلَانٍ، فَأَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ، وَأَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِي فُلَانٌ إِلَيْكَ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي، وَمَا تَامُرُنِي؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، وَاللهِ مَا أَعْلَمُهُ أَصْبَحَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ آمُرُكَ أَنْ تَاتِيَهُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ هُوَ مَبْعُوثٌ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ يَخْرُجُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ، مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَخْلٌ، بِهِ عَلَامَاتٌ لَا تَخْفَى: يَاكُلُ الْهَدِيَّةَ، وَلَا يَاكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ الْبِلَادِ فَافْعَلْ، قَالَ: ثُمَّ مَاتَ وَغَيَّبَ، فَمَكَثْتُ بِعَمُّورِيَّةَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ أَمْكُثَ، ثُمَّ مَرَّ بِي نَفَرٌ مِنْ كَلْبٍ تُجَّارًا، فَقُلْتُ لَهُمْ: تَحْمِلُونِي إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ، وَأُعْطِيكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَأَعْطَيْتُهُمُوهَا وَحَمَلُونِي، حَتَّى إِذَا قَدِمُوا بِي وَادِي الْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي مِنْ رَجُلٍ مِنْ يَهُودَ عَبْدًا، فَكُنْتُ عِنْدَهُ، وَرَأَيْتُ النَّخْلَ، وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ الْبَلَدَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي، وَلَمْ يَحِقْ لِي فِي نَفْسِي، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ، قَدِمَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَابْتَاعَنِي مِنْهُ، فَاحْتَمَلَنِي إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُهَا فَعَرَفْتُهَا بِصِفَةِ صَاحِبِي، فَأَقَمْتُ بِهَا وَبَعَثَ اللهُ رَسُولَهُ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ مَا أَقَامَ
لَا أَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنْ شُغْلِ الرِّقِّ، ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَوَاللهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ عَذْقٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهِ بَعْضَ الْعَمَلِ، وَسَيِّدِي جَالِسٌ، إِذْ أَقْبَلَ ابْنُ عَمٍّ لَهُ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: فُلَانُ، قَاتَلَ اللهُ بَنِي قَيْلَةَ، وَاللهِ إِنَّهُمُ الْآنَ لَمُجْتَمِعُونَ بِقُبَاءَ عَلَى رَجُلٍ قَدِمَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ الْيَوْمَ، يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ، قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهَا أَخَذَتْنِي الْعُرَوَاءُ، حَتَّى ظَنَنْتُ سَأَسْقُطُ عَلَى سَيِّدِي، قَالَ: وَنَزَلْتُ عَنِ النَّخْلَةِ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ لِابْنِ عَمِّهِ ذَلِكَ: مَاذَا تَقُولُ؟ مَاذَا تَقُولُ؟ قَالَ: فَغَضِبَ سَيِّدِي فَلَكَمَنِي لَكْمَةً شَدِيدَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا لَكَ وَلِهَذَا أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ، قَالَ: قُلْتُ: لَا شَيْءَ، إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَثْبِتَهُ عَمَّا قَالَ: وَقَدْ كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ قَدْ جَمَعْتُهُ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ أَخَذْتُهُ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ لا وَهُوَ بِقُبَاءَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَمَعَكَ أَصْحَابٌ لَكَ غُرَبَاءُ ذَوُو حَاجَةٍ، وَهَذَا شَيْءٌ كَانَ عِنْدِي لِلصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُكُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِكُمْ قَالَ: فَقَرَّبْتُهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لا لِأَصْحَابِهِ: «كُلُوا» وَأَمْسَكَ يَدَهُ فَلَمْ يَاكُلْ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ عَنْهُ فَجَمَعْتُ شَيْئًا، وَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ لا إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِهِ، فَقُلْتُ: إِنِّي رَأَيْتُكَ لَا تَاكُلُ الصَّدَقَةَ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أَكْرَمْتُكَ بِهَا، قَالَ: فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ لا مِنْهَا
وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا مَعَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَاتَانِ اثْنَتَانِ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ لا وَهُوَ بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ، قَالَ: وَقَدْ تَبِعَ جَنَازَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ لَهُ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي أَصْحَابِهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَدَرْتُ أَنْظُرُ إِلَى ظَهْرِهِ، هَلْ أَرَى الْخَاتَمَ الَّذِي وَصَفَ لِي صَاحِبِي؟ فَلَمَّا رَأَىنِي رَسُولُ اللهِ لا اسْتَدَبَرْتُهُ، عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ فِي شَيْءٍ وُصِفَ لِي، قَالَ: فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ، فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ فَعَرَفْتُهُ، فَانْكَبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَأَبْكِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ لا: «تَحَوَّلْ» فَتَحَوَّلْتُ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ حَدِيثِي كَمَا حَدَّثْتُكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَأَعْجَبَ رَسُولَ اللهِ لا أَنْ يَسْمَعَ ذَلِكَ أَصْحَابُهُ، ثُمَّ شَغَلَ سَلْمَانَ الرِّقُّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ لا بَدْرٌ، وَأُحُدٌ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ لا: «كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ» فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلَاثِ مِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ بِالْفَقِيرِ، وَبِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ لا لِأَصْحَابِهِ: «أَعِينُوا أَخَاكُمْ» فَأَعَانُونِي بِالنَّخْلِ: الرَّجُلُ بِثَلَاثِينَ وَدِيَّةً، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِينَ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ، وَالرَّجُلُ بِعَشْرٍ، يَعْنِي: الرَّجُلُ بِقَدْرِ مَا عِنْدَهُ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ لِي ثَلَاثُ مِائَةِ وَدِيَّةٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ لا: “اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَاتِنِي أَكُونُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدَيَّ «قَالَ: فَفَقَّرْتُ لَهَا، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا جِئْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ، فَخَرَجَ
رَسُولُ اللهِ لا مَعِي إِلَيْهَا فَجَعَلْنَا نُقَرِّبُ لَهُ الْوَدِيَّ وَيَضَعُهُ رَسُولُ اللهِ لا بِيَدِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ، مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ، وَبَقِيَ عَلَيَّ الْمَالُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ لا بِمِثْلِ بَيْضَةِ الدَّجَاجَةِ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ الْمَغَازِي، فَقَالَ:» مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ الْمُكَاتَبُ؟ «قَالَ: فَدُعِيتُ لَهُ، فَقَالَ:» خُذْ هَذِهِ فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ يَا سَلْمَانُ «فَقُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ مِمَّا عَلَيَّ؟ قَالَ:» خُذْهَا، فَإِنَّ اللهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ «قَالَ: فَأَخَذْتُهَا فَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا، وَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ، أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، فَأَوْفَيْتُهُمْ حَقَّهُمْ، وَعَتَقْتُ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ لا الْخَنْدَقَ، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الإمام أحمد رحمه الله في مسنده، ((23737)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(1) – كتاب العلم، (56) – صبر الطالب على تحصيل العلم حتى يتوصل إلى الحق، ((94)).
و (10) – كتاب البيوع، (47) – الرق، ((1761)).
و (15) – كتاب دلائل النبوة، (3) – إخبار أهل الكتاب بنبوته لا، ((2239)).
و (16) – كتاب الفضائل، (34) – منقبة سلمان – رضي الله عنه -، ((2520)).
و (33) – كتاب التفسير، (170) – قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ والإنْجِيلِ}، ((4083)).
قال محققو مسند أحمد – ط الرسالة- (39/ 147 – 148): “إسناده حسن،
محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صَرَّح بالتحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه ابن الجوزي في» الحدائق «(1) / (413) – (418)، والذهبي في» السِّيَر «(1) / (506) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه تامًّا ومقطَّعًا ابن هشام في» السيرة النبوية «(1) / (228) – (235)، وابن سعد في» الطبقات الكبرى «(4) / (75) – (80)، والبزار في» مسنده «((2499)) و ((2500))، والطحاوي في» شرح مشكل الآثار «((4772))، وابن حبان في» الثقات «(1) / (249) – (257)، والطبراني في» الكبير «((6065))، وأبو الشيخ في» طبقات المحدثين بأصبهان «((9))، وأبو نعيم في» أخبار أصبهان «(1) / (49) و (49) – (50)، والبيهقي في» السنن «(10) / (322) و (340)، وفي» دلائل النبوة «(2) / (92)، والخطيب في» تاريخ بغداد «(1) / (165)، وابن الأثير في» أسد الغابة «(2) / (417) – (419)، من طرق عن محمد بن إسحاق، به وانظر ما سلف برقم ((23704)) و ((23712)) و ((23730)).
وانظر حديث بريدة السالف برقم ((22997)). انتهى.
– وقال الألباني رحمه الله في الصحيحة رقم (894): إسناده حسن.
* أخرج قصة سلمان الفارسي -رضي اللَّه عنه-: “الإمام أحمد في مسنده – وابن حبان في صحيحه – كتاب إخباره -صلى اللَّه عليه وسلم- عن مناقب الصحابة – باب ذكر سلمان الفارسي -رضي اللَّه عنه – والحاكم في المستدرك – كتاب معرفة الصحابة -رضي اللَّه عنهم- باب ذكر من لقي سلمان الفارسي قبل الإسلام من الراهبيين – والطحاوي في شرح مشكل الآثار – وابن إسحاق في السيرة – وذكر البخاري في صحيحه – مكاتبة سلمان -رضي اللَّه عنه- وأنه كان حرًا فظلموه وباعوه – في كتاب البيوع – باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه”.
والثاني: شرح وبيان الحديث:
أولاً: شرح الحديث:
(بَينَ كَتِفَيْه خاتَمُ النُّبوَّةِ) وهو مِمَّا وُصِفَ به في الإِنْجِيلِ والتَّوْرَاةِ، ومِن صِفَتِه التي جاءَتْ في الرِّواياتِ أنَّه مِثلُ بَيضةِ الحَمامةِ مُدوَّرٌ، يُشبِهُ لَونُه جَسَدَه، وتُسَمَّى شامةً، وعليه شَعَراتٌ مُجتَمِعاتٌ تُغَطِّيه،
وراجع للتوسع في شرح الكلمات [الموسوعة الحديثية].
ثانيًا: مفردات وبيان الغريب:
جاء في جامع المسانيد لابن كثير و الجامع الصحيح للسنن والمسانيد أن:
– أصبهان: منهم من يفتح الهمزة وهم الأكثر وكسرها آخرون وهى مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها ويسرفون فى وصف عظمتها حتى يتجاوزوا الحد. وأصبهان اسم للإقليم بأسره وهو المقصود هنا. معجم البلدان.
– جى: كانت مدينة أصبهان أولاً. معجم البلدان.
– الدهقان بكسر الدال: رئيس القرية.
– قطن النار: خازنها وخادمها أراد أنه كان لازماً لها لا يفارقها من قطن فى المكان أى لزمه، ويروى بفتح الطاء جمع قاطن. النهاية.
– الورِق: فضة.
– الأسقف: العالم والرئيس من علماء النصارى.
– الموصل: مدينة عظيمة باب العراق ومفتاح خراسان ومنها يقصد إلى أذربيجان. معجم البلدان.
– نصيبين: هى مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، وفيها وفي قراها على ما يذكر أهلها أربعون ألف بستان، وعليها سور كانت الروم بنته، وأتمه أنوشروان الملك عند فتحه إياها، الأكثر يجعلونها بمنزلة من لا ينصرف من الأسماء، ومن العرب من يجعلها بمنزلة الجمع فيعربها فى الرفع بالواو وفى الجر والنصب بالياء. معجم البلدان.
– عمورية: بلد من بلاد الروم. معجم البلدان.
– بين حرتين: تثنية حرة، والحرة: أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كبيرة. وتقع المدينة بين حرتين عظيمتين. يراجع اللسان.
– كلب: اسم قبيلة من قبائل العرب.
– (وَلَا أَدْأَبُ) بالهمزة، أي: أكثر اجتهادا في الخير. مسند الإمام أحمد بحاشية السندي.
– فباعوني: باعونى لرجل من اليهود على أنى عبد من العبيد.
– واد القرى: واد بين الشام والمدينة وهو بين تيماء وخيبر. من أعمال المدينة كثير القرى، وفتَحَها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سنة سبع للهجرة عنوةً ثم صُولحوا على الجِزْيَة، وكان يسكنها يَهُود معجم البلدان.
– العذق: بالفتح النخلة وبالكسر العرجون بما فيه من الشماريخ، ويجمع على عذاق. النهاية.
– بنو قيلة: الأوس والخزرج قبيلتا الأنصار. وقيلة اسم أم لهم قديمة. وهي قيلة بنت كاهل. النهاية. وقال الحافظ في الفتح: قَيلة: بفتح القاف وسكون الياء وهي الجدة الكبرى للأنصار والدةُ الأوس والخزرج، وهي قَيْلة بنت كَاهل بن عذرة
– العرواء: برد الحمى – الرعدة. النهاية.
– فَلَكَمَنِي: هو الضرب بجمع الكف. مسند الإمام أحمد بحاشية السندي.
– قباء: قرية على ميلين من المدينة على يسار القاصد إلى مكة، بها مسجد التقوى وهى مساكن بنى عمرو بن عوف. معجم البلدان.
وتبع جنازة رجل من أصحابه: هو كلثوم بن الهدم وكان أول من توفى من المسلمين بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة. الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد
– بقيع الغرقد: مقبرة أهل المدينة – مقبرة المسلمين بالمدينة. كان به شَجَر الغرقد. معجم البلدان، النهاية.
– الشملتان: تثنية شملة كساء يتغطى به ويتلفف فيه. النهاية.
– الفقير: حفرة تحفر للفسيلة إذا حولت لتغرس فيها.
– المكاتبة: هو أن يُكاتِبَ الرجل عَبْده على مالٍ يؤدِّيه إليه مُفَرقًا، فإذا أدَّاه صارَ حُرًّا. انظر النهاية
– الودية: ويجمع على ودى صغار النخل. النهاية.
ثالثًا: فقه فوائد الحديث:
بَيانُ عَظيمِ مناقِبِ الصَّحابيِّ الجَليلِ سَلمانَ الفارِسيِّ، وكيفيَّةِ بَحثِه عنِ الدِّينِ الحَقِّ، وصَبرِه وتَحمُّلِه في سبيلِ ذلك.
وفيه: مَعرِفةُ أهلِ الكِتابِ بمَبعَثِ النَّبيِّ مُحمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنَّه مَذكورٌ عِندَهم.
وفيه: بَيانُ بَعضِ صِفاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مِثلَ: الأكلِ مِنَ الهَديَّةِ، وعَدَمِ الأكلِ مِنَ الصَّدَقةِ، وخاتَمِ النُّبوَّةِ الذي بَينَ كَتِفَيْه.
وفيه: بَيانُ بَرَكةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبَرَكةِ يَدِه، حيثُ غَرَسَ صِغارَ النَّخلِ بيَدَيْه، وما ماتَتْ منها واحِدةٌ.
وفيه: بَذلُ المُسلِمينَ جَهدَهم وأموالَهم بَعضِهم لِبَعضٍ.”. [الموسوعة الحديثية].
والثالث: المسائل والأحكام:
(المسألة الأولى): “فضل سلمان الفارسي وقومه وأخباره
هو سلمان الفارسي – سابق الفرس إلى الإسلام -، اشتراه رسول الله لا من قوم من اليهود بكذا وكذا درهما، وعلى أن يغرس لهم كذا وكذا من النخيل، يعمل فيها سلمان حتى تدرك، فغرس رسول الله لا النخل كله إلا نخلة واحدة غرسها عمر، فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة، فقال رسول الله لا: «من غرسها» فقالوا: عمر، فقلعها رسول الله لا، وغرسها بيده.
ورواه مالك في الوصية ((7)) عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحدا، وإنما يقدس الإنسان عمله.
ورواه البخاري في مناقب الأنصار ((3946)) عن الحسن بن عمر بن شقيق، حدثنا معتمر، قال أبي: وحدثنا أبو عثمان، عن سلمان الفارسي أنه تداوله بضعة عشر من رب إلى رب.
ورواه أيضا في المناقب ((3947)) عن محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن عوف، عن أبي عثمان قال: سمعت سلمان يقول: أنا من رامَ هُرْمُز.
ورواه أيضا ((3948)) عن الحسن بن مدرك، حدثنا يحيى بن حماد، أخبرنا أبو عوانة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: فترة بين عيسى ومحمد لا ستمائة سنة.
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كنا جلوسا عند النبي لا إذ نزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: (3)] قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله صل الله عليه وسلم. فلم يراجعه النبي لا حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا. قال: وفينا سلمان الفارسي، قال: فوضع النبي لا يده على سلمان، ثم قال: «لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء».
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير ((4898))، ومسلم في فضائل الصحابة ((2546) – (231)) كلاهما من طريق عبد العزيز بن محمد، أخبرني ثور، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة قال: فذكره.
واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري مختصر.
• عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله لا: «لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس – أو قال: من أبناء فارس – حتى يتناوله».
صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة ((2546)) من طرق، عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن جعفر الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة فذكره.
• عن قيس بن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله لا: «لو كان الإيمان معلّقا بالثريا لنالَه رجال من أبناء فارس».
صحيح: رواه أبو يعلى ((1438)) – واللفظ له -، والبزار ((3741))، والطبراني في الكبير ((18) / (353)) كلهم من طرق عن سفيان بن عيينة، عن ابن نجيح (واسمه: عبد الله المكي) عن أبيه، عن قيس بن سعد بن عبادة قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قال الهيثمي في المجمع ((10) / (64) – (65)): «رواه أبو يعلى والبزار ورجالهما رجال الصحيح». [الجامع الكامل في الحديث، (9/ 210 – 211)].(المسألة الثانية): ومن أخباره:
• عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: اشتكى سلمان فعاده سعد، فرآه يبكي، فقال له سعد: ما يبكيك يا أخي؟ أليس قد صحبت رسول الله لا، أليس؟ أليس؟
قال سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين، ما أبكي حبا للدنيا، ولا كراهية للآخرة، ولكن رسول الله لا عهد إلي عهدا، فما أراني إلا قد تعديت، قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إلي: «أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب، ولا أُراني إلا قد تعديتُ، وأما أنت يا سعد فاتق الله عند حُكْمك إذا حكمت، وعند قَسْمك إذا قسمت، وعند هَمِّك إذا هممتَ» قال ثابت: «فبلغني أنه ما ترك إلا بضعة وعشرين درهما، من نُفَيْقةٍ كانت عنده».
حسن: رواه ابن ماجه ((4104))، والطبراني في الكبير ((6) / (279))، وأبو نعيم في الحلية ((1) / (197)) كلهم من طريق الحسن بن أبي الربيع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس فذكره.
وإسناده حسن من أجل الحسن بن أبي الربيع – وهو الحسن بن يحيى بن الجعد العبدي الجرجاني -، وجعفر بن سليمان الضبعي فإنهما حسنا الحديث.
وتوفي:
سلمان سنة خمس وثلاثين، وقيل: سنة ست وثلاثين.
وأما عمره فقيل:
إنه تجاوز المئتين وخمسين، وقيل: ثلاثمائة وخمسين، وهذه الأقوال ذكرت بدون مستند معتمد، ولم يذكره ابن قانع ولا ابن عبد البر، وإنما ذكره ابن مندة في «معرفة الصحابة» وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» بدون مستند بل وقد قالا: إنه أدرك وصي عيسى عليه السلام، هذا كله بعيد، فإنه لو قُدِّر أنه عاش ثلاثمائة وخمسين فبينه وبين وصي عيسى عليه السلام ثلاثمائة. ولذا قال الذهبي: إنه ما زاد على الثمانين. ولو صح هذا القول لتواترت النقول من الصحابة والتابعين، وعد ذلك من خوارق العادات.
ولذا قال الذهبي بعد أن نقل عن البحراني أنه عاش ثلاثمائة وخمسين سنة: «وقد فتشت فما ظفرت في سنه بشيء سوى قول البحراني، وذلك منقطع لا إسناده له». ثم قال: «لعله عاش بضعا وسبعين سنة، وما أراه بلغ المائة».
[سير أعلام النبلاء ((1) / (555) – (556)). [الجامع الكامل في الحديث، (9/ 215 – 216)].
(المسألة الثالثة):
سلمان رضي الله عنه، فيكنى: أبا عبد الله، وكان ينتسب إلى الإسلام، فيقول: أنا سلمان ابن الإسلام، ويُعَدُّ من موالي رسول الله لا؛ لأنَّه أعانه بما كوتب عليه، فكان سبب عتقه، وكان يُعرف بسلمان الخير، وقد نسبه النبيُّ لا إلى أهل بيته، فقال: «سلمان منّا أهل البيت» رواه الترمذيّ [رواه الترمذيّ ((3718))، وابن ماجه ((149)) وهو حديث ضعيف]،
وأصله: فارسيّ من رام هرمز، من قرية يقال لها: جَي. [في حاشية «أسد الغابة» (2) / (417): جيّ: اسم مدينة أصبهان القديم].
ويقال: بل من أصبهان،
وكان أبوه مجوسيًّا من قوم مجوس، فنبّهه الله لِقُبْح ما كان عليه أبوه وقومه، وجعل في قلبه التشوُّف إلى طلب الحقّ،
فهرب بنفسه، وفرَّ من أرضه إلى أن وصل إلى الشام، فلم يزل يجول في البلدان، ويختبر الأديان، ويستكشف الأحبار والرُّهبان، إلى أن دُلَّ على راهب الوجود، فوصل إلى المقصود، وذلك بعد مكابدة عظيم المشقات، والصبر على مكاره الحالات، من: الرق، والإذلال، والأسر، والأغلال، كما هو منقول في إسلامه في كتاب السِّير وغيرها.
وروى أبو عثمان النَّهديّ عن سلمان؛ أنه قال: تداوله في ذلك بضعة عشر ربًّا، من ربٍّ إلى ربٍّ حتى أفضى إلى النبيّ لا.
وقال غيره: فاشتراه رسول الله لا للعتق من قوم من اليهود بكذا وكذا درهمًا، وعلى أن يَغرس لهم كذا وكذا من النخل، يعمل فيها سلمان حتى تُدرك، فغرس رسول الله لا النخل كلها بيده، فأطعمت النخل من عامها.
وأوَّل مشاهده: مع رسول الله لا الخندق، ولم يَفُته بعد ذلك مشهد معه. وقد قيل: إنه شهد بدرًا وأُحدًا، والأوَّل أعرف.
وكان خيِّرًا فاضلًا حَبرًا عالِمًا زاهدًا متقشفًا:
رُوي عن الحسن، أنه قال: كان عطاء سلمان خمسة آلاف، وكان إذا خرج عطاؤه تصدّق به، ويأكل من عَمل يده، وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها.
وروي عن النبيّ لا؛ أنه قال: «لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء» [متّفقٌ عليه]، وفي رواية: «رجال من الفرس»، وقالت عائشة رضي الله عنها: كان لسلمان مجلسٌ من رسول الله لا ينفردُ به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله لا.
وقال لا: «إن الله أمرني أن أحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم: عليّ، وأبو ذرّ، والمقداد، وسلمان» [ضعيف، أخرجه الترمذيّ ((3718))، وابن ماجه ((149))]، وقال أبو هريرة: سلمانُ صاحب الكتابين، وقال عليٌّ: سلمان عَلِمَ العلمَ الأول والآخر، بحر لا ينزف، هو منَّا أهل البيت. وقال عليٌّ رضي الله عنه أيضًا: سلمان الفارسي مثل لقمان الحكيم.
وله أخبار حِسان، وفضائلُ جَمَّة.
توفي سلمان رضي الله عنه
في آخر خلافة عثمان رضي الله عنه سنة خمس وثلاثين،
وقيل: مات بل سَنةَ ستٍّ في أولها، وقد قيل: توفي في خلافة عمر، والأوَّلُ أكثر. قال الشعبيُّ: توفي بالمدائن، وكان من المعمَّرين، أدرك وصيَّ عيسى ابن مريم، وعاش مئتين وخمسين سنة، وقيل: ثلاثمئة وخمسين سنة.
قال أبو الفرج: والأول أصح، وجملةُ ما حُفِظَ له عن رسول الله لا ستون حديثًا، أخرجا له منها في «الصحيحين» سبعة، ذكره القرطبيّ رحمه الله تعالى. [«المفهم» (6) / (463) – (464)]. بواسطة [البحر المحيط الثجاج، (39/ 677 – 679)].
[تنويه]: سبق ترجمة الصحابي الجليل سلمان رضي الله عنه في صحيح مسلم.
والرابع: خلاصة فقه وفوائد الباب:
1 – (فمنها): في قصة رحلة سلمان رضي الله عنه والبحث عن الحق دلائل كثيرة على أهمية ما قرره ديننا الحنيف وأكد عليه.
2 – (فمنها): قال الشيخ الألباني رحمه الله في شرح كتاب الأدب المفرد – 158: الحقيقة أن النصرانية ولو أنها كانت قد طرأ عليها التغيير والتبديل ولكنها مع ذلك بقي فيها بقايا من شريعة عيسى الأولى فكانت بسبب هذه البقايا الصادقة الصالحة كانت متميزة في صلاحها وفي قربها من قلوب الناس أكثر من دين المجوس والوثنيين”. انتهى.
3 – (فمنها): أن العبرة بالأعمال الصالحات، لا بالنسب الشريف، ولذا ترى أكثر العلماء من السلف والخلف لا أنساب لهم يتفاخرون بها، بل كثير منهم من الموالي، ومع ذلك هم سادات الأمة، وينابيع الحكمة، وذو النسب الشريف الذي لم يتّبع الهدى صار نِسْيًا منسيًّا، ولذا قال لا: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين»، رواه مسلم. [البحر المحيط الثجاج، (42/ 183 – 184)].
قال الإتيوبي رحمه الله:
4 – (فمنها): ثبوت الولاء للمعتِق، والردّ على من خالفه.
5 – (ومنها): ما رواه ابن أبي شيبة في «الأوائل» بسند صحيح أنها -حديث قصّة بريرة رضي الله عنها- أول كتابة كانت في الإسلام، لكن يردّ عليه قصّة سلمان الفارسيّ رضي الله عنه، ويمكن أن يُجمع بأن أوّليته في الرجال، وأوّليّة بريرة في النساء، وقد قيل: إن أول مكاتَب في الإسلام أبو أميّة عبد عمر. وادّعى الرويانيّ أن الكتابة لم تكن تُعرف في الجاهليّة، وخولف”. [البحر المحيط الثجاج، (26/ 503)].
6 – (فمنها): فضل من هجر أوطانه وعشيرته؛ لأجل الإسلام، فإن له الجنة، كما وعد الله تعالى في هذا الحديث، وفي قوله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ((100))} [النساء: (100)].
7 – (فمنها): “قد ينصر الله دينه بالأعجمي والأمثلة أكثر من أن تُحصر، سلمان الفارسي وصهيب الرومي وبلال الحبشي، والبخاري والنيسابوري والنسائي والطبري والألباني رحم الله الجميع.
8 – (فمنها): قد يُدرك صاحب الفطرة السليمة بعضاً من المحاسن التشريعية ولو بدون رسالة إلاَّ أن الوصول إلى غايات المحاسن لا يُدرك إلا بطلوع شمس الرسالة، ولا ننفي أن الله سمى المشركين باسمهم ونسبهم إلى الشرك قبل طلوع شمس الرسالة، كما قال شيخ الإسلام: اسم الشرك يثبت قبل الرسالة فهو يشرك بربه ويعدل به، وهذه المقولة مُتعلَّقُها بمشركي ما قبل الرسالة، ذلك أن الكثير يأتون بها على غير موضعها،
ويستدلون بها على تكفير المسلم الذي وقع في الكفر جهلاً،
والواجب عليهم أن يأتوا بكلام شيخ الإسلام كاملاً حيثُ قال في أول كلامه رحمه الله: إن الله فرق في الأحكام بين ما قبل الرسالة وما بعدها في الأسماء والأحكام.
9 – (فمنها): لا تكاد تجد رجلاً مهدياً إلا وحصل له نوع من أنواع الهجرة وقد حصلت بأكثرها لسلمان رضي الله عنه،
فقد هجر دين أبيه
وقد هجر الوطن والمال والجاه طلباً للحق والهدى، وهذا كله من لوازم استجابة الدعاء وتيسير سبل الهدى التي سلك أسبابها.
10 – (فمنها): عدم نزاهة الداعية سببٌ لنفور الناس عنه.
11 – (فمنها): من أولويات مسير الداعية تحرير كسبه؛ لئلا يقع في طمعٍ بما في أيدي مريديه، فيذهب ماء وجهه، ويسقط من أعين المدعويين فلا يتجاوز كلامه أرنبة أنفه، بخلاف من كان حُر الكسب يأكل من كسب يده، ويدعو إلى ربه لا يسأل الناس أجرًا، فهذا أبلغ في المدعويين وأوقع للدعوة في نفوسهم،
ويحملهم بفعله قبل قوله على الإخلاص والعمل لوجه الله،
وقد صح عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في وصفٍ لها لصحابة رسول الله: كانوا عُمال أنفسهم. وقال عمر: شغلني الصخب بالأسواق. وقال عبد الرحمن بن عوف: دلوني على السوق. كل ذلك رواه البخاري في كتاب البيوع.
12 – (فمنها): صورة عن إمهال الله تعالى، فمن جعل اللهَ أهون الناظرين إليه فإن الله سيفضحه لا محال، إما في الدنيا أو في الآخرة أو في كليهما.
13 – (فمنها): صورة عن بتر الذِّكْر، فمن أصلح ظاهره وكان خبيث السر، فمن سنة الله فيه أنه لا ينشر له بعد موته حسن سيرة وخلق.
14 – (فمنها): ظهور أمارات الإحسان على المحسنين الذين يُخفون العبادات إذا دعت الحاجة لذلك، ومع إخفائهم لها إلا أن الله يُظهرها بما يظهر على أصحابها من أمارات النور والحكمة؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وشرف المؤمن قيامه بالليل، ومن معانيه، أي: رفعته على غيره بطاعته لربه وحفظه له في سره وعلانيته.
15 – (فمنها): لا بد للسالك من خِريتٍ يدله ويُسلِّكُه.
16 – (فمنها): علامات النبوة في الكتب السالفة ومطابقتها للوقائع المشهودة.
17 – (فمنها): من آثار توفيق الله ورضاه البركة في الرزق، فليس الأمر بالكثرة إنما بالبركة فمن حُرمها فقد حُرم.
18 – (فمنها): طالب الحق لا يهمه إن كان وضيع الحال لطالما كان في سبيل الوصول إلى أسنى المطالب.
19 – (فمنها): ولاية الله لعباده وتبشيرهم بما يُحبون شيئاً فشيئاً، وأن الله إذا أراد أمراً هيأ أسبابه.
20 – (فمنها): إرخاء رداء رسول الله عن ظهره إشعار بالفراسة الوقادة الحاضرة، وتعليم للدعاة والقادة التيقظ لما يدور حولهم، فلا يصلح للقيادة أهل البلادة، واللامبالاة لا يعرفها القائد الناجح،
بل هو منتبه شديد اللحْظ، يُمرر الأشياء بإرادته، يتغافل وليس بمغفل، يتغابى وليس بغبي،
كما قيل: “ليس الغبي في سيد في قومه إنما سيد القوم المتغابي”.
والقائد الذي هو على منهاج النبوة يحزن لحزن أتباعه ويفرح لفرحهم،
وهو يدعو إلى الله في جميع أحواله،
ومن تتبع سيرة النبي عليه الصلاة والسلام طرح الجمود وعرف أن النبي يدعو في قوله وفعله وإشارته وسكتته وفي كل أحواله.
21 – (فمنها): أهمية إسماع الأتباع العبر والعظات؛ لما في ذلك شحذاً لهممهم وتثبيتاً لنفوسهم.
22 – (فمنها): الإعانة من لوازم الأخوة ولو بالكلمة الطيبة والمال.
23 – (فمنها): نقاط الهامة في ملامح شخصية سلمان التي جعلت منه: صاحب رسول الله بعد أن كان قطن النار:
1: إرادة الخير
2: حسن الاستماع
3: تحمل المشاق في سبيل الوصول إلى المطلوب
4: الثبات
5: علو الهمة
6: الفطنة والذكاء
7: عدم القنوط واليأس
8: دينه أغلى من ماله وجاهه وحسبه
9: دينه أغلى من مكانته
10: حبه كان وقود انتمائه”. [الفوائد الحسان من حديث إسلام سلمان].
24 – (فمنها): الإسلام: حذرنا من التعصب والغلو، “النبي عليه الصلاة والسلام، قال: ((إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين))، والله يقول سبحانه: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء:171] يعني: لا تزيدوا، يعني: لا يزيد على ما شرع الله.
مثل محبة الأنبياء حق، ومحبة الصالحين حق، فإذا زاد في هذا حتى يدعوهم مع الله، وحتى يستغيث بهم، حتى ينذر لهم، هذا ظلم.
يحبهم، ويطيع الله -جل وعلا- الطاعة التي أمر بها، ويسير على نهجهم، لكن لا نزيد حتى نعبدهم، لا”. [مفهوم الغلو في الدين، فتاوى الجامع الكبير، للشيخ ابن باز رحمه الله، الموقع الرسمي].
25 – (فمنها): ذم الإسلام التعصب ونهى الشرع عنه سواء أكان التعصب لشخص أو قبيلة أو مال أو جاه أو غيره، بل ونسب الإسلام العصبية إلى الجاهلية ووصفها بالمنتنة.
26 – (فمنها): خطورة التعصب وأضراره في المجتمع، سواء كان ذلك للأفكار والعادات والقومية.
27 – (فمنها): من أسباب الهداية: البعد عن التعصب للباطل، وعدم التكبر في اعتناق الحق.
28 – (فمنها): يُقيِّضُ اللهُ تعالى لكل مَن أرادَ الحقَّ مَن يُساعِدُه.
29 – (فمنها): لابد لصاحب الحق أن يكون أمينا.
30 – (فمنها): أهمية العمل بالعلم، والأمانة في الدعوة العملية خاصة.
31 – (فمنها): الأحزاب الفكرية اليوم يستميلون قلوب الناس بإظهارهم أنهم أهل ديانة، وأنهم يريدون تطبيق الشريعة، وهم في الحقيقة يفعلون ذلك ليستميلوا قلوب الناس ليحققوا مأربهم السياسية والمالية.
32 – (فمنها): الإسلام: أرشدنا أن نحذر من جمع الصدقات بقصد عدم دفعلها لمستحقيها.
33 – (فمنها): القدوة الحسنة وأثرها على الفرد والمجتمع، وحياة الشباب خاصة.
34 – (فمنها): أنواع القدوة باعتبار صفاتها: القدوة الحسنة. القدوة السيئة.
35 – (فمنها): أثر القدواة على المدعوين.
36 – (فمنها): أهمية وعظيم أثر العلماء وكبار السن وولاة الأمر في المجتمع.
37 – (فمنها): أهمية ربط الناس بالقدوات الصالحة، والذين هم على الأثر والمنهج.
38 – (فمنها): أثر المداومة على الطاعة في النفس والأخلاق.
39 – (فمنها): أثر التحلي بأحكام الشريعة على المدعوين.
40 – (فمنها): أثر الزهد في الدنيا في حياة الصالحين.
41 – (فمنها): أهمية أخذ النصيحة من أهله.
42 – (فمنها): السؤال عن الحق وأهله للزومه.
43 – (فمنها): قال ابن مسعود رضي الله عنه: “الجماعة ما وافق الحق وَلَوْ كنتَ وَحدَكَ.” صححه الْألبانِيُّ كما في تعليقه على مشكاة المصابيح (1/ 61) ورواه الترمذي في سننه (4/ 467).
وقال نُعيم بن حمَّاد: “إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد، وان كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ”. ذكرهما البيهقى وغيره. [شرح أصول اعتقاد أهل السنَّة والجماعة (1/ 122)، برقم (160)].
44 – (فمنها): أهمية مصاحبة الأخيار.
45 – (فمنها): الثناء على أهل الخير.
46 – (فمنها): من الأخلاق الجميلة التي كان عليها سلمان رضي الله عنه، وحث الإسلام عليها: الوفاء.
47 – (فمنها): العمل عند الحاجة لكسب الحلال.
48 – (فمنها): الباحث عن الحق لابد أن يبتلى في طريقه إلى الله تعالى.
49 – (فمنها): الصبر على المقدور، فالعبد لا يعلم ما كتب الله له من الخير الذي سيأتيه بإذن الله تعالى.
50 – (فمنها): من رحمة الله تعالى أن جعل للحق وأهله علامات.
51 – (فمنها): حث الإسلام على نصرة الحق وأهله، والذي يتكاسل عن نصرة الحق وائهله، والرد على الباطل وائهله الانما يضر نفسه.
52 – (فمنها): أهمية انتقال طالب الحق إلى البلدة التي يستطيع أن يعبد الله فيها، ويظهر دينه.
53 – (فمنها): أهمية البحث عن الحق، والعمل به، والدعوة إليه، والصبر على الأذى فيه.
54 – (فمنها): إن بالإسلام يرفع أقوام، ويضع به أخرين.
55 – (فمنها): الذين يدخلون الإسلام بعد أن عرفوا ما كان عليه قبل الإسلام أقوى تمسكا ممن يأخذون دينهم بلا معرفة، وإنما يعد ذلك من العادات ويقلد غيره، فلا يسأل عنها، ولا يجتهد في تحصيلها، ولا أخذها من مصادرها ورجالاتها، بل ويظهر الغفلة في أخذه بكل ما يلتصق بالدين!
بل أصبحوا في أمور الدنيا أشد تمسكا لحرصهم وأعلم وأذكاهم في ذلك.
56 – (فمنها): “أهمية الفطرة السليمة، فقد رزق الله سلمان فطرةً سليمةً، وحبب إليه الحق حتى آثره على كل شيء.
57 – (فمنها): أن من جدَّ وجد، ومن زرع حصد؛ فقد كان سلمان الفارسي رضي الله عنه رجلًا مجتهدًا غاية الاجتهاد، اجتهد أولًا في دين المجوسية حتى بلغ رتبة خادم النار، ثم بلغ أرفع الرتب في دين النصارى، ثم بلغ في دين الإسلام ما لا مزيد عليه.
58 – (فمنها): أن من كانت له نفس توَّاقة طارت به نحو المعالي، وكبير الهمة هو من يصل إلى القمة، فما إن وجد النصارى حتى سألهم عن أصل دينهم، فلما قيل له بالشام، قرر السفر فورًا وبلا تردد، ثم لما بلغها سألهم عن أفضلهم علمًا حتى يتعلم منه، فلما رأى سوء فعله صبر عليه حتى مات، لعلمه أن العلة في الرجل وليست في الدين، ولذلك لم يسأله أن يوصيَهُ، بل كشف أمره للناس لكي لا يغتر به أحد، وكشف أمر الذهب ولم يأخذ منه شيئًا؛ لأن همته ليست في طلب المال، وإنما في طلب الدين الحق، وبعد الخدمة الطويلة للأساقفة يتنازل عن ماله وبهائمه ليصل للدين الحق، ولما وقع في رق العبودية، لم يمنعه ذلك من مواصلة البحث عن الدين الصحيح، حتى وجد ضالته المنشودة التي ترك من أجلها أهله وماله ووطنه.
59 – (فمنها): أنه لا شيء يجمعنا غير الدين، فلا أرض ولا نسب ولا لون ولا قبيلة؛ قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] “.
60 – (فمنها): “حين تكون الرحلة في الله ومن أجله، فإنه يُغدِق على العبد مِن الخير”.
_____
61 – (فمنها): تعظيمهم لعبادتهم والإنفاق العظيم عليها حتى لا تخبو النار ساعة واحدة.
62 – (فمنها): بقاء النساء في البيوت فطرة فطرت البشرية عليها.
63 – (فمنها): إذا أراد الله بعبد خيرا هيأ له أسبابه، فهذا سلمان لما كان مجوسيا كالجارية في بيتها لا يخرج أبدًا، فقدر الله انشغال أبيه بالبنيان عن الضيعة؛ ليأمر ابنه ولأول مرة بالخروج للضيعة، وترك البيت لينقذه الله من النار.
64 – (فمنها): أهمية التحصين من العقائد المخالفة، فلا يكفي أن تربي ولدك على معرفة الحق، وتغلق أمامه جميع أبواب الدنيا حتى يصبح لا يعرف ماذا خلف الجدار؛ فإن من طبيعة الإنسان حب الاستطلاع.
65 – (فمنها): أهمية التوعية بالدين الحق، ودلالة الناس عليه، وعدم التقوقع على النفس، فإن غالب الناس لا يعرفون ما عندك إذا لم تشهره، فهذا سلمان رضي الله عنه لم يسمع أبدًا بالنصرانية فضلًا أن يدعى لها.
66 – (فمنها): أهمية الوسائل في إيصال الحق إلى الناس، فرفع الصوت بالقراءة والصلاة لفت نظر سلمان رضي الله عنه، وحمله على الدخول والاطلاع.
67 – (فمنها): أهمية إظهار الشعائر وإعلانها وأدائها على الوجه الصحيح الأكمل، فكم ممن أسلم لمجرد رؤية المصلين.
68 – (فمنها): مهما كانت تربية أهل الباطل وتحصينهم لأبنائهم فإن العقائد الباطلة تحمل نقضها وبطلانها في نفسها، ولكنها تحتاج إلى إزالة الستار عنها حتى يعي صاحبها.
69 – (فمنها): قوة تأثير الحق على الخلق، فلو ترك الخلق وسماع الخير، وأبعد عنهم التشويش؛ لانقادوا إليه طائعين دون كبير جهد.
70 – (فمنها): سرعة تأثر الشباب، وشجاعتهم في اتخاذ القرار؛ نظرًا لبعدهم عن التراكم الماضي الذي يعيق الملأ عن قبول الحق؛ ولهذا رغب سلمان في دين النصارى وهو لأول مرة يسمع به، بينما والده مع معرفته القديمة بالحق إلا أنه لم يلتفت إليه تمسكًا بتراث الأجداد.
71 – (فمنها): الحرص والتركيز على دعوة الخالي من الشبه والدعايات المضللة عن الإسلام، فمهما كان دينه وعقيدته فإنه أسرع الناس استجابة، فسلمان على الرغم من تطوره وتبوئه منزلة في المجوسية سرعان ما تركها لمجرد سماع صوت الحق؛ لكونه خلياًّ من أي معلومة مشوهة عنه.
72 – (فمنها): التهميش والإسقاط للآخرين ليست وسيلة إقناع، كما قال والد سلمان: ‘ليس في ذلك الدين خير’.
73 – (فمنها): عدم التهاون بالشبه التي تعلق بأذهان الطلاب والأبناء، بل يجب إعطاؤها وقتًا وجهدًا لاقتلاعها وإزالتها.
74 – (فمنها): القيد يتداوله جميع الظلمة على مدار العصور للصد عن هدي الله؛ إذ ليس عندهم من المناهج ما يسد حاجة الناس، وليس عندهم من الحجج ما يمكنهم من ممارسة أساليب الحوار والاقناع.
قال ابن القيم: ‘فأقبل [سلمان] يناظر أباه في دين الشرك، فلما علاه بالحجة لم يكن له جواب إلا القيد، وهذا جواب يتداوله أهل الباطل من يوم حرفوه، وبه أجاب فرعون موسى عليه السلام: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ [29]} [سورة الشعراء]. وبه أجاب الجهمية الإمام أحمد لما عرضوه على السياط، وبه أجاب أهل البدع شيخ الإسلام حين استودعوه السجن’.
75 – (فمنها): متابعة المسلم الجديد كما فعل أهل الكنيسة مع سلمان.
76 – (فمنها): السعي إلى تخليص المسلم من قيده.
77 – (فمنها): التخطيط للفرار إلى النجاة.
78 – (فمنها): علو همة سلمان، فها هو لأول مرة يسمع هذا الدين، فيطلبه من منبعه الأصلي خشية الكدر، على الرغم من ترتب الغربة، والبعد عن الأهل والوطن.
79 – (فمنها): معرفة قيمة الأمر يسهل التضحية في سبيله.
ومن تكن العلياء همة نفسه
… فكل الذي يلقاه فيها محبب
80 – (فمنها): البحث عن أعلم الناس للأخذ عنه والارتباط به.
81 – (فمنها): متاجرة الأحبار بأموال الناس، واستغلال الدين في جمعها، كما قال تعالى: {إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ … [34]} [سورة التوبة].
82 – (فمنها): مهما كان ما عليه الإنسان من العلم والعبادة والتفرغ لها، إلا أنه متى تسلط على أموال الناس وخانهم سقط من أعينهم وأبغضوه، فكيف بمن لا علم له ولا منزلة؟!
83 – (فمنها): صبر سلمان على صحبة أبغض الناس إليه مع قيامه بخدمته ليلًا ونهارًا؛ لأنه لا يعلم أحدًا أعلم منه.
84 – (فمنها): كتمان حال الأسقف عن الناس؛ لأن سلمان يعلم أن الناس لا يقبلون قول الغريب في عالمهم، وأيضًا قد يتصدى العالم للإنكار، أو يقدم الأعذار والحجج يبرر بها صنيعه.
85 – (فمنها): عدم الكلام إلا من عنده دليل موثق مقبول عند الآخرين عند مطالبته به.
86 – (فمنها): عدم قبول الكلام في العالم إلا بعد التبين والتثبت التام، إذ إن الأصل فيه الصلاح والورع والنزاهة.
87 – (فمنها): مهما تستر الإنسان على دسائسه، فإن الله تعالى سيفضحه ولو بعد حين؛ كما افتضح الأسقف بعد موته؛ كما قيل في قوله تعالى: { … وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ [72]} [سورة البقرة].
88 – (فمنها): يقول الحسن البصري: ‘بئس الدرهم والدينار لا ينفعانك حتى يفارقانك’، فهذا الأسقف ماذا استفاد من المال الذي جمعه ولم ينفقه؟ لقد أصبح وبالًا ومقتًا عليه، ولم يربح منه شيئاً، وراح وتركه.
89 – (فمنها): ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، إن سلمان رضي الله عنه يطلب أمرًا تصغر أمامه الدنيا بحذافيرها، ولو أراد مالًا ودنيا لأخذ الذهب وحازه ولم يعرف به أحد، ولكنه لو فعل ذلك لم يصل إلى الخير والإسلام الذي وصل إليه،
90 – (فمنها): مهما كانت مكانة الإنسان وقيمته في قلوب الناس، ومهما اشتهر به من علم، فإن الناس سرعان ما يسقطونه وينبذونه إذا عرفوا تورطه بأي خيانة.
91 – (فمنها): المنصب والجاه والمكانة والعلم يلزم حسن الظن به، والله تعالى أعلم بسريرته، ولا نشهد له بالولاية أو النجاة عند الله، الله أعلم بما كان يعمل وما يقصده، ولهذا كان من المعتقد الصحيح عدم الشهادة لأحد من أهل القبلة بجنة، أو نار، إلا من شهد له الشرع بأحدهما.
93 – (فمنها): الملازمة والخلطة تسفر عن حقائق الناس، ولهذا عرف سلمان عن الأسقف ما غاب عن جميع أهل بلده.
94 – (فمنها): الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، فروح سلمان ونفسه وافقت وألفت العالم الجديد؛ نظرًا لإيمانه وصلاحه وتقواه.
95 – (فمنها): حرص سلمان على العلم، وملازمة أهله حمله على الطلب من كل عالم أن يوصي به إلى من هو مثله في العلم والصلاح.
96 – (فمنها): مشروعية إخبار من تحبه في الله بأنك تحبه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي أن يقول لأخيه: ‘أَنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ ‘، فقال له: ‘أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي فِيهِ’ رواه أحمد وأبوداود. فإن في هذا زرعاً للثقة والمحبة، ومداًّ لجسور الأخوة والصحبة.
97 – (فمنها): ينبغي لأهل العلم والإيمان تحري الدقة في عباراتهم، كما قال سلمان رضي الله عنه: ‘فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه أفضل منه’.
98 – (فمنها): فقه سلمان ومعرفته بمنازل الناس وبعده عن المبالغة.
99 – (فمنها): مراعاة مراتب الحب والبغض.
100 – (فمنها): تنقل سلمان بين البلدان والأوطان، ورحلته في طلب العلم.
101 – (فمنها): منزلة الصبر والتحمل، وعدم الاستعجال والاكتفاء بالدون.
102 – (فمنها): ندرة العلماء العاملين في الأرض دلالة على ضلال البشر، وانحراف الفطر، وتبديل الأديان، وانتشار عبادة الأوثان.
103 – (فمنها): معرفة العلماء بواقعهم، واطلاعهم على جميع تفاصيله.
104 – (فمنها): معرفة العلماء بنظرائهم في سائر البلدان، والتواصل والتعاون فيما بينهم.
105 – (فمنها): ينبغي على أهل العلم والإيمان أن يدلوا تلاميذهم على أمثالهم من أهل العلم والصلاح للتلقي عنهم، ويوصوا العلماء بهم ليهتموا بهم أكثر.
106 – (فمنها): حرص العالم على الطالب المتميز، وتعاهده ومتابعته والوصية به.
107 – (فمنها): معرفة أهل الكتاب بالرسول صلى الله عليه وسلم، وصفاته، وصفات بلده، وزمان بعثته.
108 – (فمنها): بذل سلمان جل ماله في سبيل الوصول إلى الإسلام.
109 – (فمنها): صبر سلمان وتحمله للرق والعبودية طلبًا للوصول إلى رضوان الله، مع ما عرف عنه من الشرف والغنى في قومه.
110 – (فمنها): انتشار الإسلام من خلال أعدائه، فسلمان سمع بوصول الرسول صلى الله عليه وسلم من اليهود أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم.
111 – (فمنها): بعد اليهود عن الهداية وعدم احتفائهم بالرسول صلى الله عليه وسلم، على الرغم من علمهم ومعرفتهم به وبصفاته وصدقه.
112 – (فمنها): ظلم اليهود لمن تحت أيديهم، واحتقارهم وتسلطهم عليهم، وحجبهم عن معرفة الخير والنور.
113 – (فمنها): إخفاء سلمان عن سيده اليهودي ما يدور في نفسه وما حمله على ترك بلده من البحث عن الحق، لمعرفته بكيد اليهود وبغضهم للحق وأهله.
114 – (فمنها): البحث عن الحق ليس مسوغا للتقصير في حق المخلوق، فسلمان لم يترك عمله ويذهب للرسول صلى الله عليه وسلم فور علمه به، والله يعلم كم تحمل في الوصول إليه، بل لما أمسى وحضر وقت راحته ذهب إليه صلى الله عليه وسلم.
115 – (فمنها): تلطف سلمان في الوصول إلى مراده من معرفة الحق، وعدم الاعتماد على غيره في ذلك.
116 – (فمنها): مطابقة أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء في الإنجيل وأوصاف العلماء والرهبان.
117 – (فمنها): إتاحة الرسول صلى الله عليه وسلم الفرصة لأتباعه بالتثبت والتبين.
118 – (فمنها): هنا وصل سلمان إلى هدفه المنشود بعد طول رحلة ومشقة ورق في البحث عن النجاة، فأصابه ما أصابه من الانكباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم الانتظار لحظة واحدة حتى يستقبله من تلقاء وجهه.
119 – (فمنها): اهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتثبيت وتجديد الإيمان في نفوس أصحابه، ولهذا أمر سلمان بذكر قصته لأصحابه.
120 – (فمنها): اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم برفع الرق عن سلمان، ولم ينشغل عنه على الرغم من كثرة الأعباء والأعمال المنوطة به صلى الله عليه وسلم.
121 – (فمنها): التكافل الاجتماعي بين الصحابة رضي الله عنهم.
122 – (فمنها): مشاركة الرسول صلى الله عليه وسلم في مشروع التكافل.
123 – (فمنها): الهداية منة ومنحة من الله تعالى يمن بها على من يشاء من عباده، ولهذا وفق سلمان لها على بعد داره، وحرم منها أبو طالب على قرابته وجواره”. [موسوعة البحوث والمقالات العلمية].
124 – (فمنها): من الخصال التي تميز بها صدر الإسلام الأول: التعاون على البر والتقوى؛ حيث ساعد الصحابة رضي الله عنهم سلمان رضي الله عنه.
وانظر أيضًا: القدوة الحسنة والسيئة – للشيخ صالح بن فوزان الفوزان.