[1ج/ رقم (429)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد ومحمد الرحيمي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (429)]:
(429) – قال الحاكم رحمه الله في «المستدرك» (ج (4) ص (557)): أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ بِمَرْوَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، ثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثَنَا أَبُو الصِّدِّيقِ النَّاجِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ اللَّهُ الْغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحًا، وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ وَتَعْظُمُ الْأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا». يَعْنِي: حِجَجًا. «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ».
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الحافظ أبو عبد الله، محمد الحاكم النيسابوري في مستدركه، كتاب الفتن والملاحم، رقم ((8673)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(2) – كتاب الإيمان، (39) – الإيمان بعلامات الساعة، ((542)).
قال الألباني رحمه الله: “أخرجه الحاكم ((4) / (557) – (558)) من طريق سعيد بن مسعود حدثنا النضر بن شميل حدثنا سليمان بن عبيد حدثنا أبو الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
قلت: وهذا سند صحيح، رجاله ثقات وسليمان بن عبيد هو السلمي قال ابن معين: ثقة: وقال أبو حاتم: صدوق. كما في» الجرح والتعديل: ((2) / (1) / (95)).
وسعيد بن مسعود، كذا وقع في «المستدرك» (سعيد) والصواب «سعد» وهو ابن مسعود المروزي، قال ابن حاتم ((2) / (1) / (95)): «روى عن إسحاق بن منصور السلولي وروح بن عبادة وخلف بن تميم ومحمد بن مصعب القرقساني، كتب إلى أبي وأبي زرعة وإلىَّ ببعض حديثه وهو صدوق». وقال الحاكم: «صحيح الإسناد».
ووافقه الذهبي.
وقد رواه بعض المجهولين عن أبي الصديق مطولا، فهو من حصة الكتاب الآخر ((1588)) “يعني السلسلة الضعيفة. انتهى [السلسلة الصحيحة، رقم ((711))].
وفي مسند أحمد:
(11130) – حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ شَيْبَانُ، عَنْ مَطَرِ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْلِكَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، أَجْلَى أَقْنَى، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا، كَمَا مُلِئَتْ قَبْلَهُ ظُلْمًا، يَكُونُ سَبْعَ سِنِينَ»
قال محققو المسند: حديث صحيح دون قوله: «يكون سبع سنين». مطر بن طهمان: وهو الوراق -وإن كان فيه ضعف من جهة حفظه- متابع، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وأبو معاوية شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وأبو الصديق الناجي: هو بكر بن عمرو.
وأخرجه أبو يعلى ((1128)) من طريق عدي بن أبي عمارة، عن مطر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحكم (4) / (557) من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، مرفوعًا، بلفظ: “المهدي
منا أهل البيت، أشم الأنف، أقنى، أجلى، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، يعيش هكذا، وبسط يساره وأصبعين من يمينه: المسبحة والإبهام، وعقد ثلاثة» وإسناده حسن، عمران القطان: وهو ابن داور، روى له أصحاب السنن، وهو حسن الحديث في المتابعات، وبقية رجاله ثقات. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله: عمران
ضعيف، ولم يُخرج له مسلم. انتهى
فلا أدري لماذا لم يذكروا الحديث الذي في الصحيح المسند
والثاني: شرح وبيان الحديث
(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) رضي الله عنه، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ أُمَّتِي الْمَهْدِيُّ يَسْقِيهِ) ينزل عليه (اللَّهُ) تعالى (الْغَيْثَ، وَتُخْرِجُ الْأَرْضُ نَبَاتَهَا، وَيُعْطِي الْمَالَ صِحَاحًا)، بالسوية أو غير مكسَّرة. (وَتَكْثُرُ الْمَاشِيَةُ وَتَعْظُمُ الْأُمَّةُ، يَعِيشُ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا») مدة عهده سبعة أو ثمانية سنوات. (يَعْنِي: حِجَجًا. «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ»).
فقد “أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن خروج المهدي في آخر هذه الأمة، وخروجه من علامات الساعة الكبرى، وأخبر عما يكون في عهده من بركات، وأن الله سبحانه وتعالى يسقيه وينزل عليه الغيث والمطر، فتخرج الأرض نباتها أنواعًا، ويكثر المال على عهده، ولا يحتاج الناس تكسير الذهب والفضة في معاوضاتهم، وتكثر المواشي والأنعام، وتكون هذه الأمة عظيمة وغير مستضعفة، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن مدة عهده ستكون سبعة أو ثمانية أعوام”.
والثالث: ملحقات:
“خروج المهدي من الأمور المغيبة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون بين يدي الساعة؛ ولذلك عدها العلماء من أشراط الساعة”.
(المسألة الأولى): إثبات ظهور المهدي:
عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه-؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطاء اسمه اسمي»، رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح»، وفي الباب عن علي وأبي سعيد وأم سلمة وأبي هريرة.
قال العلامة السفاريني: «وقد تكاثرت الروايات والآثار بأمر المهدي».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: “الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم» انتهى. [الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان، (225 – 228)].
وقال العلامة السفاريني: «قد كثرت الأقوال في المهدي … إلى أن قال: وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم … ». انتهى.
(المسألة الثانية): أنه من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن اسمه محمد وأن اسم أبيه عبد الله.
قال الشيخ صالح الفوزان: واسم المهدي: محمد بن عبد الله، من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -، يخرج في آخر الزمان، وقد امتلأت الأرض جورًا وظلما، فيملؤها عدلًا وقسطا. [الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان، (225 – 228)].
(المسألة الثالثة): الحكمة من كونه من نسل الحسن رضي الله عنه:
قال ابن القيم: «وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف وهو أن الحسن- رضي الله عنه – ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض، وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك لأجله شيئًا أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه … ». [المنار المنيف ((1) / (151))].
(المسألة الرابعة): سيرته ووصفه
أنه يحكم بعد ظهوره سبع أو ثمان سنين مباركات، ويملأ الأرض عدلًا كما ملئت ظلمًا وجورًا؛ كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج في آخر أُمتي المهدي يسقيه الله الغيث وتخرج الأرض نباتها ويعطي المال صحاحًا وتكثر الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا يعني حججًا».
رواه الحاكم في «مستدركه»: ((4) / (557) – (558))، وقال: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي.
قال السفاريني في بيان سيرته: «قال أهل العلم: يعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا يوقظ نائما، ويقاتل على السنة؛ لا يترك سنة إلا أقامها، ولا بدعة إلا رفعها، ويقوم بالدين آخر الزمان كما قام به النبي صلى الله عليه وسلم ؛ يكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويرد إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم، يملأ الأرض قسطا وعدلًا كما ملئت ظلما وجورًا».
(1040) – قَالَ: قَالَ الْوَلِيدُ: عَنْ أَبِي رَافِعٍ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَاوِي إِلَيْهِ أُمَّتُهُ كَمَا تَاوِي النَّحْلَةُ يَعْسُوبَهَا، يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا، حَتَّى يَكُونَ النَّاسُ عَلَى مِثْلِ أَمْرِهِمُ الْأَوَّلِ، لَا يُوقِظُ نَائِمًا وَلَا يُهْرِيقُ دَمًا»
الفتن لنعيم بن حماد (1) / (358) — نعيم بن حماد المروزي (ت (228))
بحثت ولم أجد
لعله المقصود أنه بيعته تكون في سكون بلا هرج ولا قتال
أو لا يجبر عليها الناس
والله أعلم
وقال في وصفه – أيضا -: «ثم يخرج رجل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مهدي، حسن السيرة، يغزو مدينة قيصر، وهو آخر أمير من أمة محمد، يخرج في زمانه الدجال، وينزل عيسى بن مريم».
قال: «ونقل العلامة الشيخ مرعي في كتابه» فوائد الفكر” عن أبي الحسن محمد بن الحسين؛ أنه قال: قد تواترت الأحاديث واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجيء المهدي، أنه من أهل بينه صلى الله عليه وسلم ، وأنه يملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلًا، وأنه يخرج مع عيسى، فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى يصلي خلفه [يعني: صلاة واحدة، وهي الفجر] ” انتهى.
– وأكثر العلماء على أنه هو الذي يصلي بالناس في بيت المقدس، فينزل عيسى عليه السلام ويقره على إمامته كما سبق في الأحاديث الماضية في نزول عيسى عليه السلام.
– وأن مهمة المهدي تجديد الدين الذي كاد أن يندرس قبل ظهوره، فإذا نزل عيسى عليه السلام تولى هذا الأمر عنه وأصبح من رعيته يسمع ويطيع لعيسى عليه السلام.
– ولم تذكر النصوص زمن موته ومكانه.
هذه أهم الأمور التي دلت عليها النصوص فيما يتعلق بالمهدي، وقد خاض الناس فيه بين مثبت ومنكر ومحرف.
[حاشية محقق: القناعة في ما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة، للحافظ: شمس الدين السخاوي (ت (902))، (1/ 79 – 80)].
(المسألة الخامسة): سبب ظهوره:
يظهر المهدي في آخر الزمان، وذلك بعد ما يعم الأرض الظلم والفساد والطغيان. فيأتي ويملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعدما ملئت جورًا وظلمًا وفسادًا.
فعن ابن مسعود- رضي الله عنه -، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو لم يبق من الدنيا إلا يومٌ واحد، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلًا مني، أو قال من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا». [رواه الترمذي – كتاب الفتن ((6) / (485)) هذا الحديثٌ، وقال حسن صحيح، وصححه ابن تيمية في منهاج السنة ((4) / (211))].
(المسألة السادسة): انقسام الناس فيه إلى ثلاث
قال الشيخ صالح الفوزان: وقد انقسم الناس في أمر المهدي إلى طرفين ووسط:
فالطرف الأول: من ينكر خروج المهدي؛ مثل بعض الكتاب المعاصرين الذين ليس لهم خبرة بالنصوص وأقوال أهل العلم، وإنما يعتمدون على مجرد آرائهم وعقولهم.
والطرف الثاني: من يغالي في أمر المهدي من الطوائف الضالة، حتى ادعت كل طائفة لزعيمهم أنه المهدي المنتظر؛ فالرافضة تدعي أن المهدي هو إمامهم المنتظر الذي ينتظرون خروجه من السرداب، ويسمونه محمد بن الحسن العسكري، دخل سرداب سامرا طفلًا صغيرًا منذ أكثر من ألف سنة، وهم ينتظرون خروجه، والفاطمية يزعمون أن زعيمهم هو المهدي …
وهكذا كل من أراد التسلط والتغلب على الناس وخداعهم؛ ادعى أنه المهدي المنتظر؛ كما أن من أراد الدجل والاحتيال من الصوفية ادعى أنه من أهل البيت وأنه سيد.
وأما الوسط: في أمر المهدي؛ فهم أهل السنة والجماعة، الذين يثبتون خروج المهدي على ما تقضي به النصوص الصحيحة في اسمه واسم أبيه ونسبه وصفاته ووقت خروجه، لا يتجاوزون ما جاء في الأحاديث في ذلك، ولخروجه أمارات وعلامات تسبقه، وذكرها أهل العلم.
قال العلامة السفاريني: «قد كثرت الأقوال في المهدي، حتى قيل: لا مهدي إلا عيسى، والصواب الذي عليه أهل الحق أن المهدي غير عيسى، وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام، وقد كثرت بخروجه الروايات؛ حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة؛ حتى عد من معتقداتهم … ».
إلى أن قال: «وقد روي عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم – رضي الله عنهم -، بروايات متعددة وعن التابعين بعدهم ما يفيد مجموعه العلم القطعي؛ فالإيمان بخروج المهدي واجب؛ كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة». [الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان، (225 – 228)].
(المسألة السابعة):
وقد ادعى المهدية جماعة من الضلال في وقت مبكر عن وقته، ولا تنطبق عليهم صفاته، وإنما أرادوا بذلك بالسذج، واستغلال ادعاء هذه الشخصية لمطامعهم الخاصة، فأظهر الله كذبهم، وفضح باطلهم، ولا تعجب؛ فقد ادعى قوم النبوة، وافتروا على الله الكذب، {ومَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللَّهِ كَذِبًا أوْ قالَ أُوحِيَ إلَيَّ ولَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ}.
ونسأل الله أن يرينا الحق حقّا ويرزقنا إتباعه، ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، ويكفينا شر الأئمة المضلين والمحتالين الدجالين، والحمد لله رب العالمين. [الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للشيخ صالح الفوزان، (225 – 228)].
وكذلك بعض المدعين أنهم المهدي من الكذبة، ومنهم على سبيل المثال:
(1) – محمد بن تومرت، مؤسس دولة الموحدين بالمغرب. انظر: «المنار المنيف»: (ص (150) – (151)).
(2) – عبيد الله بن ميمون القداح، الملحد مؤسس دولة العبيدين في مصر (الفاطميين). انظر: «المنار المنيف»: (ص (151) – (153)).
ولا يزال الكذبة حتى يومنا هذا يدعون ذلك، وقد سمعنا في بلادنا وغيرها من ادعى ذلك وهم كذبة، وقد سببوا للمسلمين فتنًا عظيمة، نسأل الله أن يكفي المسلمين شرهم.
وانظر للزيادة: «عقيدة أهل الأثر في المهدي المنتظر» لشيخنا عبد المحسن العباد، و «إتحاف الجماعة» للتويجري: ((2) / (270) – (311)).
[تنبيه]: سبق ما يتعلق بالمهدي في فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند (1ج/ رقم (401)) وغيره، وقد ذكر فيه اتم من هذا من النصوص الواردة في المهدي، وسيرته وصفته، والرد على بعض الشبهات في ذلك.
كلام ابن القيم في الرد على من ادعى أنه مهدي:
وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي المهدي على أربعة أقوال:
أحدها: أنه المسيح ابن مَرْيَمَ وَهُوَ الْمَهْدِيُّ عَلَى الْحَقِيقَةِ.
وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا بِحَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُنْدِيِّ الْمُتَقَدَّمُ وَقَدْ بَيَّنَّا حَالَهُ وَأَنَّهُ لا يَصِحُّ وَلَوْ صح لم يكن فيه حُجَّةً لأَنَّ عِيسَى أَعْظَمُ مَهْدِيٍّ بَيْنَ يَدِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ السَّاعَةِ.
وَقَدْ دَلَّتِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى نُزُولِهِ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيِّ دِمَشْقَ وَحُكْمِهِ بِكِتَابِ اللَّهِ وقتله اليهود والنصارى وَوَضْعِهِ الْجِزْيَةِ وَإِهْلاكِ أَهْلِ الْمِلَلِ فِي زَمَانِهِ.
فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لا مَهْدِيَّ فِي الْحَقِيقَةِ سِوَاهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا كَمَا يُقَالُ لا علم إلا ما نَفْعٌ وَلا مَالَ إِلا مَا وَقَى وَجْهَ صَاحِبِهِ وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّمَا الْمَهْدِيُّ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يَعْنِي الْمَهْدِيَّ الْكَامِلَ الْمَعْصُومَ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي وُلِيَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ وَقَدِ انْتَهَى زَمَانُهُ.
(340) – وَاحْتَجَّ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حدثنا وكيع عن شريك عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِذَا رَأَيْتُمُ الرَّايَاتِ السُّودَ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنْ خُرَاسَانَ فائتوها ولو حبوا على الثلج فإنه فِيهَا خَلِيفَةَ اللَّهِ الْمَهْدِيَّ».
وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَدْ رَوَى لَهُ مسلم متابعة ولكن هوضعيف وَلَهُ مَنَاكِيرٌ تَفَرَّدَ بِهَا فَلا يُحْتَجُّ بِمَا يَنْفَرِدُ بِهِ.
(341) – وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه وَتَابِعِهِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ عَنْ خَالِدٍ.
وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: “بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ فَقُلْتُ: مَا نَزَالُ نَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا نَكْرَهُهُ قَالَ: إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ اخْتَارَ اللَّهُ لَنَا الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنَّ أَهْلَ بَيْتِي سَيَلْقَوْنَ بَلاءً وَتَشْرِيدًا وَتَطْرِيدًا حَتَّى يَأْتِيَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَمَعَهُمْ رَايَاتٌ سُودٌ يَسْأَلُونَ الْحَقَّ فَلا يُعْطَوْنَهُ فَيُقَاتِلُونَ فَيُنْصَرُونَ فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوا فَلا
يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَدْفَعُوهَا إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَيَمْلَؤُهَا قِسْطًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْرًا فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَلْيَأْتِهِمْ وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الثَّلْجِ»
وَفِي إِسْنَادِهِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ وهو سيء الْحِفْظِ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَكَانَ يُقَلِّدُ الْفُلُوسَ.
وَهَذَا وَالَّذِي قَبْلُهُ لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَهْدِيَّ الَّذِي تَوَلَّى مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ هُوَ الْمَهْدِيُّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بَلْ هُوَ مَهْدِيٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْمَهْدِيِّينَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ مَهْدِيًّا بَلْ هُوَ أَوْلَى بِاسْمِ الْمَهْدِيَّ مِنْهُ.
(342) – وَقَدْ قَال َرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «عَلَيِكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الِمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي».
وَقَدْ ذَهَبَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَغَيْرهُ إِلَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْهُمْ وَلا رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ رَاشِدًا مَهْدِيًّا وَلَكِنْ لَيْسَ بِالْمَهْدِيِّ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَالْمَهْدِيُّ فِي جَانِبِ الْخَيْرِ والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال وكما أن بين يدي الدجال الأَكْبَرِ صَاحِبِ الْخَوَارِقِ دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ فَكَذَلِكَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَهْدِيِّ الأَكْبَرِ مَهْدِيُّونَ رَاشِدُونَ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَقَدِ امْتَلأتِ الأَرْضُ جَوْرًا وَظُلْمًا فَيَمْلأُهَا قَسْطًا وَعَدْلا وَأَكْثَرُ الأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا تَدُلُّ.
وَفِي كَوْنِهِ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ سِرٌّ لَطِيفٌ وَهُوَ أن الحسن رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ تَرَكَ الْخِلافَةَ لِلَّهِ فَجَعَلَ اللَّهُ مِنْ وَلَدِهِ مَنْ يَقُومُ بِالْخِلافَةِ الْحَقُّ المتضمن للعدل الَّذِي يَمْلأُ الأَرْضَ وَهَذِهِ سُنَّةُ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ أَنَّهُ مَنْ ترك لأجله شَيْئًا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَوْ أَعْطَى ذُرِّيَّتَهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَهَذَا بِخِلافِ الْحُسَيْنِ فَإِنَّهُ حَرِصَ عَلَيْهَا وَقَاتَلَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(343) – وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَعْمَلُ بِسُنَّتِي وَيُنْزِلُ اللَّهُ لَهُ الْبَرَكَةَ مِنَ السَّمَاءِ وَتُخْرِجُ لَهُ الأَرْضُ بَرَكَتَهَا وَيَمْلأُ الأَرْضَ عَدْلا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا وَيَعْمَلُ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ سَبْعَ سِنِينَ وَيَنْزِلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ».
(344) – وَرَوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ الدَّجَّالَ وَقَالَ:» فَتَنْفِي الْمَدِينَةُ الْخَبَثَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَيُدْعَى ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ الْخَلاصِ فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فَقَالَ هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجَلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَمَامَهُمُ الْمَهْدِيُّ رَجُلٌ صَالِحٌ.
(345) – وروى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «لَنْ تَهْلَكَ أُمَّةٌ أَنَا فِي أَوَّلِهَا وَعِيسَى ابن مريم في آخرها والمهدي في وَسَطَهَا».
وَهَذِهِ الأَحَادِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي إِسْنَادِهَا بَعْضُ الضَّعْفِ وَالْغَرَابَةِ فهي مِمَّا يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا وَيَشُدُّ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَهَذِهِ أَقْوَالُ أَهْلِ السنة.
وأما الرافضة الإِمَامِيَّةُ: فَلَهُمْ قَوْلٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الحسن الْعَسْكَرِيِّ الْمُنْتَظَرُ مِنْ وَلَدِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ لا مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ الْحَاضِرُ فِي الأَمْصَارِ الْغَائِبُ عَنِ الأَبْصَارِ الَّذِي يُورِثُ الْعَصَا وَيَخْتِمُ الْفَضَا دَخَلَ سِرْدَابَ سَامِرَاءَ طِفْلا صَغِيرًا مِنْ أَكْثَرِ مِنْ خمس مئة سَنَةٍ فَلَمْ تَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَيْنٌ وَلَمْ يَحِسُّ فِيهِ بِخَبَرٍ وَلا أَثَرٍ وَهُمْ يَنْتَظِرُونَهُ كُلَّ يَوْمٍ يَقِفُونَ بِالْخَيْلِ عَلَى بَابِ السِّرْدَابِ وَيَصِيحُونَ بِهِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ أُخْرُجْ يَا مولانا لآحتج يا مولانا ثم يرجعون بالخيبة والحرمان فهذا دأبهم ودأبه.
ولقد أحسن من قال:
ما آن للسرداب أن يلد الذي … كلمتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاء فإنكم … ثلثتم العنقاء والغيلانا
ولقد أصبح هؤلاء عارا على بني آدم وضحكة يسخر منها كل عاقل.
أَمَّا مَهْدِيُّ الْمَغَارِبَةِ مُحَمَّدُ بْنُ تُومَرْتَ فَإِنَّهُ رَجُلٌ كَذَّابٌ ظَالِمٌ مُتَغَلِّبٌ بِالْبَاطِلِ مُلِّكَ بِالظُّلْمِ وَالتَّغَلُّبِ والتحيل فَقَتَلَ النُّفُوسَ وَأَبَاحَ حَرِيمَ الْمُسْلِمِينَ وَسَبَى ذَرَارِيهِمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَكَانَ شَرًّا عَلَى الْمِلَّةِ مِنَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ بِكَثِيرٍ.
وَكَانَ يُوَدِّعُ بَطْنَ الأَرْضِ فِي الْقُبُورِ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ أَحْيَاءً يأمرهم أَنْ يَقُولُوا لِلنَّاسِ إِنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَرْدِمُ عَلَيْهِمْ لَيْلا لِئَلا يُكَذِّبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسُمِّيَ أَصْحَابُهُ الْجَهْمِيَّةُ الْمُوَّحِدِينَ نُفَاةُ صِفَاتِ الرَّبِّ وَكَلامِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَرُؤْيَةِ الْمُؤْمِنيِنَ لَهُ بِالأَبْصَارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاسْتَبَاحَ قَتْلَ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالإِيمَانِ وَتَسَمَّى بِالْمَهْدِيِّ الْمَعْصُومِ.
ثُمَّ خَرَجَ الْمَهْدِيُّ الْمُلْحِدُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونِ الْقَدَّاحُ وَكَانَ جَدُّهُ يَهُودِيًّا مِنْ بَيْتٍ مَجُوسِي فَانْتَسَبَ بِالْكَذِبِ وَالزُّورِ إِلَى أَهْلِ الْبَيْتِ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمَهْدِيُّ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَلَكَ وتغلب إستحقل أَمْرُهُ إِلَى أَنِ اسْتَوْلَتْ ذُرِّيَّتُهُ الْمَلاحِدَةُ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا أَعْظَمَ الناس عَدَاوَةٍ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ عَلَى بِلادِ الْمَغْرِبِ وَمِصْرَ وَالْحِجَازِ وَالشَّامِ وَاشْتَدِّتْ غُرْبَةُ الإِسْلامِ وَمِحْنَتُهُ وَمُصِيبَتُهُ بِهِمْ وَكَانُوا يَدَّعُونَ الإِلَهِيَّةَ وَيَدَّعُونَ
أن للشريعة باطنا يخالف ظاهرها.
وهم ملوك القرامطة الباطنية أعداء الدين فتستروا بالرفض والانتساب كذبا إلى أهل البيت ودانوا بدين أهل الإلحاد وروجوه ولم يزل أمرهم ظاهرا إلى أن أنقذ الله الأمة منهم ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف ابن أيوب فاستنقذ الملة الإسلامية منهم وأبادهم وعادت مصر دار إسلام بعد أن كانت دار نفاق وإلحاد في زمنهم.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلاءِ لَهُمْ مَهْدِيٌّ وَأَتْبَاعُ ابْنِ تُومَرْتَ لَهُمْ مَهْدِيٌّ والرافضة الإثني عِشْرِيَّةِ لَهُمْ مَهْدِيٌّ.
فَكُلُّ هَذِهِ الْفِرَقِ تَدَّعِي فِي مَهْدِيِّهَا الظَّلُومِ الْغَشُومِ وَالْمُسْتَحِيلِ الْمَعْدُومِ أَنَّهُ الإِمَامُ الْمَعْصُومُ وَالْمَهْدِيُّ الْمَعْلُومُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَخْبَرَ بِخُرُوجِهِ وَهِيَ تَنْتَظِرَهُ كَمَا تَنْتَظِرُ الْيَهُودُ الْقَائِمُ الَّذِي يخرج في آخر الزمان فتعلو به كلمتهم ويقوم به دينهم وينصرون به على جميع الأمم.
وَالنَّصَارَى تَنْتَظِرُ الْمَسِيحَ يَأْتِي قَبْلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقِيمُ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ وَيُبْطِلُ سَائِرَ الأَدْمرحبا مرحبا َانِ وَفِي عَقِيدَتِهِمْ نَزَعَ الْمَسِيحُ الَّذِي هُوَ إِلَهٌ حَقٌّ مِنْ إِلَهٍ حَقٍّ مِنْ جَوْهَرِ أَبِيهِ الَّذِي نَزَلَ طَامِينَا إِلَى أَنْ قَالُوا وَهُوَ مُسْتَعِدٌّ لِلْمَجِيءِ قَبْلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَالْمِلَلُ الثَّلاثُ تَنْتَظِرُ إِمَامًا قَائِمًا يَقُومُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.
المنار المنيف في الصحيح والضعيف – ت أبي غدة (1) / (148) — ابن القيم (ت (751))
تنبيه: ورد رواية في المهدي (ثم لا خير في الحياة بعده) فهي تعطينا أن المهدي يموت بعد عيسى عليه الصلاة والسلام لكنها رواية ضعيفة
ففي السلسلة الضعيفة:
(1588) – «أبشركم بالمهدي، يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا، فقال له رجل: ما صحاحا؟ قال: بالسوية بين الناس، قال: ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى، ويسعهم عدله حتى يأمر
مناديا فينادي، فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل، فيقول: ائت السدان – يعني الخازن – فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا، فيقول له: احث، حتى إذا جعله في حجره وأحرزه ندم، فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفسا، أوعجز عني ما وسعهم، قال: فيرده، فلا يقبل منه، فيقال له: إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أوثمان سنين أوتسع سنين، ثم لا خير في العيش بعده، أوقال: لا خير في الحياة بعده».
ضعيف.
أخرجه أحمد ((3) / (37) و (52)) من طريق المعلى بن زياد: حدثنا العلاء بن بشير عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره.
سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (4) / (91)
وكذلك ضعفه شعيب الارنؤوط في تخريج مسند أحمد (11484) قال: إسناده ضعيف لجهالة حال العلاء بن بشر: وهو المُزني، فقد انفرد بالرواية عنه المُعلى بن زياد: وهو القُرْوسي، ولم يوثر توثيقه إلا عن ابن حبان، وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. جعفر: هو ابن سليمان الضبعي، وأبو الصديق الناجي: هو بكر بن عمرو.
وفي ترجمة العلاء بن بشير المزني، نقل الذهبي في الميزان (3) / (97) ((5719)) عن ابن المديني أنّه مجهول، ثم ذكر الحديث.
قال الذهبي في الميزان:
(5719) – العلاء بن بشير [د] المزني.
عن أبي الصديق بحديث رواه عنه معلى بن زياد وحده.
قال ابن المديني: مجهول.
وقال أحمد في مسنده: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا جعفر بن سلميان، عن المعلى، حدثنا العلاء بن بشير، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد – مرفوعًا: أبشركم بالمهدي يبعث في أمتى على اختلاف من الناس وزلازل، فيملا الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا.
تنبيه:
قال ابن كثير: يصلحه الله في ليلة واحدة، أي: يتوب عليه، ويوفقه، يلهمه رشده، بعد أن لم يكن كذلك، ويؤيده بناس من أهل المشرق، ينصرونه، ويقيمون سلطانه، ويشيدون أركانه ..
البداية والنهاية ت التركي (19) / (62) — ابن كثير (ت (774))
والرابع: فوائد الحديث
1 – (منها): “إخبار عن خروج المهدي في آخر الزمان.
2 – (ومنها): ما يسخر الله في عهد المهدي من بركات.
3 – (ومنها): بيان مدة بقاء المهدي وعيشه”. [موسوعة الأحاديث].