[1ج/ رقم (428)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (428)]:
قال الإمام مالك رحمه الله في «الموطأ» (ص (641)): عَنْ إسْحاقَ ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي طَلْحَةَ، أنَّ رافِعَ بْنَ إسْحاقَ مَوْلى الشِّفاءِ أخْبَرَهُ قالَ: دَخَلْتُ أنا وعَبْدُ اللهِ بْنُ أبِي طَلْحَةَ عَلى أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ نَعُودُهُ، فَقالَ لَنا أبُو سَعِيدٍ: أخْبَرَنا رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ «أنَّ المَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَماثِيلُ -أوْ صُورَةٌ-».
شَكَّ إسْحاقُ لا يَدْرِي أيُّهُما قالَ أبُو سَعِيدٍ.
هذا حديث صحيحٌ.
وأخرجه الترمذي (ج (5) ص (215)) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
===================
الحديث سيكون من وجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الإمام مالك بن أنس (ت (179)) رحمه الله، في موطئه، تحت: بَابُ: مَا جَاءَ فِي الصُّوَرِ وَالتَّمَاثِيلِ، برقم ((6)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(19) – كتاب اللباس، (50) – تحريم تصوير ذوات الأرواح واقتناء الصور، ((2859)).
وفي الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (13) / (160) — الأمير ابن بلبان الفارسي (ت (739))، كتاب الحظر والإباحة، تابع لكتاب الحظر والاباحة، باب الصور والمصورين، ذكر نفي دخول الملائكة البيت الذي فيه الصور، ((5849)).
والثاني: شرح وبيان الحديث:
(إن الملائكة)
(لا تدخل بيتًا) أي: محلًا (فيه تماثيل) أي: أوثان ونحوها. (أو صورة) صورة حيوان تقدم مرارًا (حم ت حب) عن أبي سعيد). قاله الصنعاني (ت (1182)) رحمه الله. [التنوير شرح الجامع الصغير، (3/ 539)].
وقال أبو الوليد الباجي (ت (474)) رحمه الله: “يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي؛ لِأَنَّ التَّمَاثِيلَ هِيَ التَّصَاوِيرُ فَيُشَكُّ فِي اللَّفْظِ وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ التَّمَاثِيلُ مَا قَامَ بِنَفْسِهِ مِنْ الصُّوَرِ وَالصُّوَرُ وَاقِعٌ عَلَى مَا قَامَ بِنَفْسِهِ وَعَلَى مَا كَانَ رَقْمًا أَوْ تَزْوِيقًا فِي غَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَيَتَعَلَّقُ النَّهْيُ بِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.”. انتهى. [المنتقى شرح الموطإ، (7/ 287)].
وقال القرطبيّ عفا الله عنه في تعليق أن الملائكة لا تدخل في مكان في كلب ولا صورة: الملائكة هنا – وإن كان عمومًا – فالمراد به الخصوص، فإنَّ الحفظة ملازمة للإنسان، هكذا قاله بعض علمائنا، والظاهر العموم، والمخصص ليس نصًّا، وكذلك قوله: كلب، وصورة؛ كلاهما للعموم؛ لأنَّهما نكرتان في سياق النفي، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المراد به الكلاب التي لم يؤذَن في اتخاذها، فيُستثنى من ذلك كلب الصيد، والماشية والزرع.
وأما الصورة: فيُراد بها التماثيل من ذوات الأرواح، ويستثنى من ذلك الصورة المرقومة، كما نصَّ عليه في الحديث، على ما يأتي.
وإنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه التمثال؛ لأن متَّخذها في بيته قد تشبَّه بالكفار الذين يتخذون الصور في بيوتهم، ويُعلّقونها، فكرهت الملائكة ذلك منه، فلم تدخل بيته هجرانًا له، وغضبًا عليه”. انتهى المراد. [«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (5) / (421) – (422)].
قال محقق التنوير شرح الجامع الصغير في الحاشية: “أخرجه أحمد ((3) / (90))، والترمذي ((2805))، وابن حبان ((5849))، وصححه الألباني في صحيح الجامع ((1961)) “. انتهى.
والثالث: ملحقات:
(المسألة الأولى): علة النهي في التصوير
ورد في الصحيح: «يَا عَائِشَةُ أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ»)؛ أي: يشبّهون بما يخلقه الله تعالى، وأصل يضاهون: يضاهئون، قال الفيّوميّ تعالى: ضَاهَأَهُ مُضَاهَأةً، مهموزٌ: عارضه، وباراه، ويجوز التخفيف، فيقال: ضَاهَيْتُهُ مُضَاهَاةً، وقُرِئ بهما، وهي مشاكلة الشيء بالشيء، وفي الحديث: «أَشَدُّ النَاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ خَلْقَ اللهِ»؛ أي: يعارضون بما يَعملون، والمراد: المصورون. انتهى [«المصباح المنير» (2) / (365)].
وقال ابن الأثير: المضاهاة: المشابهة، وقد تُهمز، وقرئ بهما. انتهى [«النهاية» ص (552)].
(المسألة الثانية): سبب إيراد أهل العلم أحاديث التصوير في الكتب التي تبين التوحيد والإيمان وما يضاد ذلك
قال الشيخ صالح الفوزان:
“لأنّ التصوير سببٌ من أسباب الشّرك، ووسيلةٌ إلى الشّرك الذي هو ضدّ التّوحيد، كما حدث لقوم نوح لَمّا صوّروا صور الصالحين ونصبوها في مجالسهم وآل بهم الأمر إلى أنْ عبدوهم من دون الله، فأوّلُ شركٍ حصل في الأرض كان بسبب الصور وبسبب التّصوير.
وكذلك قوم إبراهيم الذين بعث إليهم الخليل- عليه الصلاة والسلام- كانوا يعبدون التماثيل التي هي صور مجسّمة لذوات الأرواح، وكذلك بنو إسرائيل عبدوا التمثال الذي هو على صورة عجل صنعه لهم السامري.
فدلّ هذا: على أنّ التصوير سببٌ لحُدوث الشرك ووسيلةٌ إلى الشّرك، وذلك أنه إذا صنعت الصورة وعلِّقت أو نُصبت وهي صور للزُّعماء والصّالحين والعلماء فإنّها في النهاية تعظُّم، ثم الشيطان يأتي النّاس ويقول لهم: إنّ هذه الصور فيها نفعٌ لكم، وفيها دفعُ ضرر، فيعظِّمونها ويتبرّكون بها، ويذبحون لها وينذرون لها، حتى تُصبح أوثانًا تعبد من دون الله.
فلهذا السبب عقد … هذا الباب في «كتاب التّوحيد»، لأنّ هذا الكتاب في بيان التّوحيد وبيان الشرك ووسائل الشرك، ومن أعظم وسائل الشرك وأسبابِه التّصوير ونصب الصور وتعليقها. [إعانة المستفيد للشيخ صالح الفوزان، (2/ 262)].
فمناسبة الباب لكتاب التوحيد من جهتين:
الجهة الأولى: جهة المضاهاة بخلق الله، والتمثل بخلق الله – جل وعلا – وبصفته واسمه.
والثانية: أنه وسيلة للإشراك، نعم قد لا يشرك بالصورة المعينة التي عملت، ولكن الصورة من حيث الجنس هي وسيلة – ولا شك – من وسائل الإشراك؛ فإن شرك كثير من المشركين كان من جهة الصور، فكان من تحقيق التوحيد ألا تقر الصور لأجل أن الصورة وسيلة من وسائل المشركين في عباداتهم. [التمهيد للشيخ صالح آل الشيخ، ص (557)، بتصرف].
ولقد دلت النصوص من عدة أوجه حول حكم التصوير، وأن ذلك من وسائل الشرك:
الدليل الأول:
ورد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة» أخرجاه.
دل هذا الحديث على أمرين:
الأمر الأول: في قوله تعالى: ((ومن أظلم ممّن ذهب يخلق كخلقي))، أي: لا أحد أشدُّ ظلمًا من المصوِّر، مثل قوله تعالى: {ومَن أظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلى اللهِ كَذِبًا}،
فقوله تعالى: «يخلُق كخلقي» يعني بذلك المصوِّر، لأنّ المصور يحاول أن يوجد صورة تشبه الصورة التي خلقها الله سبحانه وتعالى، لأنّ الله جل وعلا تفرّد بالخلْق، وتفرّد بالتّصوير: {هُوَ اللهُ الخالِقُ البارِئُ المُصَوِّرُ}، {وصَوَّرَكُمْ فَأحْسَنَ صُوَرَكُمْ ورَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ}، {وصَوَّرَكُمْ فَأحْسَنَ صُوَرَكُمْ وإلَيْهِ المَصِيرُ}، فالله جل وعلا هو المصوِّر،
فالذي يحاول أن يضع شكلًا يشبه الصورة التي خلقها الله جل وعلا يجعل نفسَه شريكًا لله في التّصوير، ولهذا يجعل الصورة على شكل المصوِّر من إنسان أو حيوان، فيجعل لها رأسًا ووجهًا وعينين وأنفًا وشفتين وأُذنين ويدين ورجلين، ثم يلوِّنُها بالتلوينات إذا كانت رسمًا، وإن كانت بناءً فإنّه يبني تمثالًا مكوّنًا من أعضاء وتقاطيع يحاولُ بها مشابهة خلق الله سبحانه وتعالى ومشاركة الله جل وعلا فيما اختصّ به وتفرّد به، فإنّ الله جل وعلا هو الخالق وحدَه، لا أحد يخلُق غيرُه: {أمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وهُوَ الواحِدُ القَهّارُ}. [إعانة المستفيد، (2/ 263)].
والأمر الثاني: قاله تعالى: ((فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة))، المراد تعجيزهم تارة بتكليفهم خلق صورة حيوان، وهو أشد، وتارة بتكليفهم خلق جماد وهو أهون، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك كله، فإن الله هو المتفرد بذلك لا خالق غيره ولا رب سواه. قاله الشيخ عبد الرحمن بن قاسم (ت (1392)) [حاشية كتاب التوحيد، (372)].
قال الشيخ صالح الفوزان: هذا أمر تعجيز وتحدٍّ، وهو تحدٍّ قائم إلى يوم القيامة. [إعانة المستفيد، (2/ 263)].
والدليل الثاني:
عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشدُّ النّاس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله». متفق عليه.
فيدلّ على أنّ التصوير حرامٌ مغلّظ التحريم وأنّه كبيرة من كبائر الذُّنوب، فهذا الذي يعتبرونَه فنَّا ويتعلّمونه ويتفاخرون به هو أعظم الذُّنوب. قاله الشخ صالح الفوزان. [إعانة المستفيد، (2/ 264)].
وفيه: تنبيه على العلة، وهذه العلة هي المضاهاة بخلق الله – جل وعلا – وهي إحدى العلتين اللتين من أجلهما حرم التصوير، فالتصوير حرم، وصار صاحبه من أشد الناس عذابا؛ لأجل أنه يضاهي بخلق الله – جل وعلا -، ولأن الصورة وسيلة للشرك.
والمضاهاة بخلق الله – جل وعلا – التي رتب عليها أن يكون فاعلها أشد الناس عذابا يوم القيامة، عند كثير من العلماء: محمولة على المضاهاة التي تكون كفرا؛ لأن المضاهاة في التصوير يكون كفرا في حالتين:
الحالة الأولى:
أن يصور صنما ليعبد، أو يصور إلها ليعبد، كأن يصور لأهل البوذية صورة بوذا، أو يصور للنصارى المسيح، أو يصور أم المسيح ونحو ذلك، فتصوير ما يعبد من دون الله – جل وعلا – مع العلم بأنه يعبد هذا كفر بالله – جل وعلا -؛ لأنه صور وثنا ليعبد، وهو يعلم أنه يعبد، فيكون شركا أكبر، وكفرا بالله – جل وعلا -.
والحالة الثانية:
أن يصور الصورة ويزعم أنها أحسن من خلق الله – جل وعلا – فيقول: هذه أحسن من خلق الله، أو أنا فقت في خلقي وتصويري ما فعل الله – جل وعلا – فهذا كفر أكبر، وشرك أكبر بالله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذي حمل عليه هذا الحديث، وهو قوله: «أشد الناس عذابا يوم القيامة الذي يضاهئون بخلق الله»، وأما المضاهاة بالتصوير عامة بما لا يخرجه من الملة، كالذي يرسم بيده، أو ينحت التمثال، أو ينحت الصورة مما لا يدخل في الحالتين السابقتين فهو كبيرة من الكبائر، وصاحبها ملعون ومتوعد بالنار. قاله الشيخ صال آل الشيخ [التمهيد، (559 – 560)].
الدليل الثالث:
عن ابن عباس – رضي الله عنهما – سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم». متفق عليه.
وقوله: «كل مصور في النار»: هذا يفيد أن التصوير كبيرة من الكبائر. قاله الشيخ صالح آل الشيخ. [التمهيد، (560)].
و”تحضر هذه الصور التي صوّرها يوم القيامة، ويُجعل في كل صورة نفس يعذّب بها في جهنّم، هذه الصور تصلاه بالعذاب يوم القيامة”. [إعانة المستفيد، (2/ 266)].
وسيأتي في المسائل مزيد توضيح لما مضى بإذن الله تعالى.
(المسألة الثالثة): النصوص الواردة في الباب
قال الشيخ الوادعي في الجامع الصحيح:
” (50) – تحريم تصوير ذوات الأرواح واقتناء الصور
(2855) – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج (5) ص (427)): حَدَّثَنا أحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنا رَوْحُ بْنُ عُبادَةَ حَدَّثَنا ابْنُ جُرَيْجٍ حدثَنِي أبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جابِرٍ قال: نَهى رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ عَنْ الصُّورَةِ فِي البَيْتِ ونَهى أنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ.
هذا حديث حسنٌ. وأبو الزبير وإن كان مدلسًا فقد صرح بالسماع عند الإمام أحمد (ج (3) ص (335)).
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يزعم: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الصور في البيت ونهى الرجل أن يصنع ذلك وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه.
وهكذا صرح بالتحديث عند أحمد أيضًا (ج (3) ص (384)) فقال رحمه الله: ثنا حجاج، قال ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله … فذكره كما عند الترمذي.
وقال أبو يعلى رحمه الله (ج (4) ص (169)): حدثنا أبو خيثمة، حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، أخبرنا أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله … فذكره كما عند الترمذي.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله (ج (3) ص (383)): حدثنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عمر بن الخطاب يوم الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه.
* وقال رحمه الله (ج (3) ص (396)): حدثنا سليمان بن داود حدثنا عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن أبي الزبير عن جابر قال: كان في الكعبة صور فأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عمر بن الخطاب أن يمحوها فبل عمر ثوبًا ((1)) ومحاها به فدخلها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما فيها منها شيء.
قال الوادعي رحمه الله في الحاشية:
” ((1)) في قوله: فبل عمر ثوبًا ومحاها، وفي حديث القرام الآتي من حديث أبي هريرة دليل على تحريم عموم الصور من ذوات الأرواح فوتوغرافية أو غيرها”. انتهى
[تنبيه]: مر في الصحيح المسند برقم (219). فيه الإحالة على الدورس السابقة.
(2856) – قال الإمام النسائي رحمه الله (ج (8) ص (213)): حَدَّثَنا مَسْعُودُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ قالَ حَدَّثَنا وكِيعٌ عَنْ هِشامٍ عَنْ قَتادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: صَنَعْتُ طَعامًا فَدَعَوْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ فَجاءَ فَدَخَلَ فَرَأى سِتْرًا فِيهِ تَصاوِيرُ فَخَرَجَ وقالَ «إنَّ المَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصاوِيرُ».
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح، إلا مسعود بن جويرية، وقد قال النسائي ومسلمة بن قاسم: لا بأس به، كما في «تهذيب التهذيب»، وقد تابعه أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني كما تقدم، كلاهما يرويانه عن وكيع به.
* وقال الإمام أبو يعلى الموصلي رحمه الله في «المسند» (ج (1) ص (342)): حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني قال حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن علي: أنه صنع طعامًا فدعا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجاء فرأى في البيت سترًا فيه تصاوير فرجع قال: فقلت: يا رسول الله ما رجعك بأبي أنت وأمي؟ قال: “إن في البيت سترًا فيه تصاوير وإن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه تصاوير».
هذا حديث صحيحٌ. وقد أخرجه ابن ماجه (ج (2) ص (1114)).
وقال أبو يعلى رحمه الله (ص (421)): حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا معاذ، حدثني أبي، عن قتادة به.
[تنبيه]: مر في الصحيح المسند برقم ((963)). ذكر فيه فوائد الحديث المذكورة في الحديث التالي ((2857)) وزيادة. دون ما ذكر من شبهة أبو الهول.
(2857) – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج (8) ص (90)): حدثنا سويد أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا يونس بن أبي إسحاق حدثنا مجاهد قال أخبرنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «أتاني جبريل فقال إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي بالباب فليقطع فليصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين توطآن ومر بالكلب فيخرج» ففعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكان ذلك الكلب جروًا للحسن أو الحسين تحت نضد له فأمر به فأخرج.
هذا حديث حسن صحيح.
قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث حسنٌ.
الحديث أخرجه أبو داود (ج (11) ص (213)).
* قال الإمام أحمد رحمه الله ((8032)): حدثنا أبو قطن حدثنا يونس بن عمرو بن عبد الله يعني ابن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «أتاني جبريل عليه السلام فقال إني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل عليك البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل -وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل- فمُر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر يقطع فيجعل منه وسادتان توطآن ومُر بالكلب فيُخرج» ففعل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذا الكلب جرو كان للحسن والحسين عليهما السلام تحت نضد لهما.
هذا حديث حسنٌ.
* وقال الإمام أحمد رحمه الله ((8056)): حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة: أن جبريل عليه السلام جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعرف صوته فقال «ادخل» فقال إن في البيت سترًا في الحائط فيه تماثيل فاقطعوا رءوسها فاجعلوها بساطًا أو وسائد فأوطئوه فإنا لا ندخل بيتًا فيه تماثيل.
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح.
[تنبيه]: مر في الصحيح المسند برقم ((1346)). ذكر فيه خلاصة ما دلت عليها النصوص الشرعية في التصوير، وبعض المفاسد، والرد على شبهة عدم هدم تثمال أبو الهول، وقال هؤلاء: أن تحريم التصوير إنما هو لخوف الشرك، والآن لا يوجد شرك.
(2858) – قال الإمام أحمد رحمه الله (ج (5) ص (203)): حدثنا عثمان بن عمر حدثنا بن أبي ذئب عن الحارث عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليه الكآبة فسألته ما له؟ فقال: «لم يأتني جبريل منذ ثلاث» قال: فإذا جرو كلب بين بيوته فأمر به فقتل فبدا له جبريل عليه السلام فبهش إليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين رآه فقال: «لم تأتني» فقال: إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا تصاوير.
حدثنا حسين، حدثنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن به.
هذا حديث حسنٌ. والحارث بن عبد الرحمن هو خال ابن أبي ذئب.
[تنبيه]: مر في الصحيح المسند برقم (18). ذكر فيه: الأحاديث التي أوردها البخاري رحمه الله في صحيحه في ما يتعلق به، وعدد ما ترجم فيه عن التصاوير، وذكر عدة مسائل تتعلق بفقه الباب خاصة، وما فيه اشكل في ذلك.
(2859) – …. وهنا ذكر حديث الباب.
(2860) – قال الإمام الترمذي رحمه الله (ج (7) ص (295)): حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم «تخرج عنق من النار يوم القيامة لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بكل جبار عنيد وبكل من دعا مع الله إلها آخر وبالمصورين».
هذا حديث حسن صحيح غريب.
قال أبو عبد الرحمن: هذا حديث صحيحٌ، ورجاله ثقات.
ورواه الإمام أحمد (ج (16) ص (184)) فقال: ثنا عبد الصمد، ثنا عبد العزيز بن مسلم … به”. انتهى.
[تنبيه]: مر في الصحيح المسند برقم ((1406)). ذكر فيه: تم الإحالة في مسائل التصوير إلى صحيح مسلم، وذكر في التعليق ما يتعلق بتخريج الحديث، وما يتعلق بالإيمان بالعنق الوارد يوم القيامة.
ثم ذكر الباب التالي فيما يجوز من التصوير، فقال: ” (51) – إباحة التصوير بالرقم في الثوب إذا كان من غير ذوات الأرواح أو منها وقد قطع رأسه”. ثم أورد ما يتعلق بذلك في الباب.
(المسألة الرابعة): سبب امتناع الملائكة عليهم السلام من بيت فيه صورة
قال أبو العبّاس القرطبيّ عفا الله عنه: إنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه الصورة؛ لأن متّخذها قد تشبّه بالكفّار؛ لأنهم يتّخذون الصور في بيوتهم، ويُعظّمونها، فكَرِهَت الملائكة ذلك، فلم تدخل بيته؛ هَجْرًا له؛ لذلك. انتهى.
وقال النوويّ عفا الله عنه:
قال العلماء: سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصيةً فاحشةً، وفيها مضاهاةٌ لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يُعبد من دون الله تعالى، وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب؛ لكثرة أكله النجاسات، ولأن بعضها يُسَمَّى شيطانًا، كما جاء به الحديث، والملائكة ضدّ الشياطين، ولقُبْح رائحة الكلب، والملائكة تَكره الرائحة القبيحة، ولأنها مَنْهِيّ عن اتخاذها، فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، وصلاتها فيه، واستغفارها له، وتبريكها عليه، وفي بيته، ودَفْعها أذى الشيطان،
وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتًا فيه كلبٌ، أو صورةٌ، فهم ملائكة يطوفون بالرحمة، والتبريك، والاستغفار، وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت، ولا يفارقون بني آدم في كل حال؛ لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم، وكتابتها، قال الخطابيّ: وإنما لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلبٌ، أو صورةٌ، مما يحرم اقتناؤه من الكلاب، والصور،
فأما ما ليس بحرام، من كلب الصيد، والزرع، والماشية، والصورة التي تُمْتَهَنُ في البساط، والوسادة، وغيرهما، فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه،
وأشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابيّ، قال النوويّ: والأظهر أنه عامّ في كل كلب، وكلّ صورة، وأنهم يمتنعون من الجميع؛ لإطلاق الأحاديث، ولأن الجرو الذي كان في بيت النبيّ صلى الله عليه وسلم تحت السرير، كان له فيه عذر ظاهرٌ، فإنه لم يَعلم به، ومع هذا امتنع جبريل عليه السلام من دخول البيت، وعَلَّل بالجرو، فلو كان العذر في وجود الصورة والكلب لا يمنعهم لم يمتنع جبريل، والله أعلم. انتهى [«شرح النوويّ» (14) / (84)].
قال الإتيوبي عفا الله عنه: تقدّم أن الأرجح عندي ما قاله الخطّابيّ، من استثناء ما أُذن في اقتنائه من الكلاب بدليل أنه استثناها الشارع من نقص قيراط أو قيراطين، فقد أخرج الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنه مرفوعًا: «من اقتنى كلبًا نَقَص من أجره كلَّ يوم قيراطان، إلا ضاريًا [أي: إلا كلبًا معوَّدًا بالصيد]، أو صاحب ماشية»، وأخرجا أيضًا عن سفيان بن أبي زهير الشنائيّ مرفوعًا: «من اقتنى كلبًا لا يُغني زرعًا، ولا ضرعًا، نقص من عمله كلَّ يوم قيراط»، فقد استثنى من نَقْص الأجر كلب الماشية والزرع، فيستفاد منه استثناؤه أيضًا من امتناع دخول الملائكة، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج].
(المسألة الخامسة):
قد استُشكل كون الملائكة لا تدخل المكان الذي فيه التصاوير، مع قوله تعالى عند ذِكْر سليمان عليه السلام: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ} [سبأ: (13)]، وقد قال مجاهد: كانت صورًا من نحاس، أخرجه الطبريّ، وقال قتادة: كانت من خشب، ومن زجاج، أخرجه عبد الرزاق.
والجواب:
أن ذلك كان جائزًا في تلك الشريعة، وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في العبادة؛ ليتعبَّدوا كعبادتهم، وقد قال أبو العالية: لم يكن ذلك في شريعتهم حرامًا، ثم جاء شرَعْنا بالنهي عنه.
ويَحْتَمِل أن يقال: إن التماثيل كانت على صورة النقوش لغير ذوات الأرواح، وإذا كان اللفظ محتملًا لم يتعيّن الحمل على المعنى المُشْكِل.
وقد ثبت في «الصحيحين» حديث عائشة في قصة الكنيسة التي كانت بأرض الحبشة، وما فيها من التصاوير، وأنه صلى الله عليه وسلم قال: «كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله»، فإن ذلك يُشعر بأنه لو كان ذلك جائزًا في ذلك الشرع ما أَطلق عليه صلى الله عليه وسلم أن الذي فعله شر الخلق، فدلّ على أن فِعل صور الحيوان فعل مُحْدَث أحدثه عباد الصُّوَر، والله أعلم، قاله في «الفتح». [«الفتح» (13) / (462)، كتاب «اللباس» رقم ((5949))].
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: عندي أن الاحتمال الثاني هو الحقّ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها المذكور، فتُحمَلُ التماثيل التي في قصّة سليمان عليه السلام على غير صُوَر ذوات الأرواح، فتأمّل. والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج].
[تنبيه]: أغرب ابن حبان، فادَّعَى أن هذا الحكم خاصّ بالنبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال: وهو نظير الحديث الآخر: «لا تصحب الملائكة رُفقة فيها جَرَسٌ»، قال: فإنه محمول على رُفقة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ محال أن يخرج الحاجّ والمعتمر لقصد بيت الله عزوجل على رواحل، لا تصحبها الملائكة، وهم وَفْد الله. انتهى.
قال الحافظ: وهو تأويل بعيد جدًّا، لم أره لغيره، ويزيل شبهته أن كونهم وَفْد الله لا يَمنع أن يؤاخذوا بما يرتكبونه من خطيئة، فيجوز أن يُحْرَموا بركة الملائكة بعد مخالطتهم لهم، إذا ارتكبوا النهي، واستصحبوا الجرس، وكذا القول فيمن يقتني الصورة والكلب، والله أعلم. انتهى [«الفتح» (13) / (461) – (462)، كتاب «اللباس» رقم ((5949))].
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: ما تعقّب به الحافظ قول ابن حبّان المذكور تعقّب حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج].
(المسألة السادسة): في ذكر اختلاف أهل العلم في حكم استعمال الصُّوَر:
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ رحمه الله: وللعلماء في هذا الباب أقاويل، ومذاهب:
[منها]: أنه لا يجوز أن يمسك الثوب الذي فيه تصاوير وتماثيل، سواء كان منصوبًا، أو مبسوطًا، ولا يجوز دخول البيت الذي فيه التصاوير، والتماثيل في حيطانه، وذلك مكروه كله؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه تصاوير»، فإن فعل ذلك فاعلٌ بعد عِلْمه بالنهي عن ذلك، كان عاصيًا عندهم، ولم يَحْرُم عليه بذلك مُلك الثوب، ولا البيت، ولكنه ينبغي له أن يتنزه عن ذلك كله، ويكرهه وينابذه؛ لِمَا ورد من النهي فيه.
وحجةُ من ذهب هذا المذهب في الثياب، وفي حيطان البيوت وغيرها، حديثُ ابن شهاب وغيره، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا مستترة بقِرام فيه صور، فتلوّن وجهه، وتناول الستر فهتكه، ثم قال: «إن من أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة الذين يشبِّهون بخلق الله»، ورَوَى نافع هذا الخبر، عن القاسم، بهذا المعنى، وزاد: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال: «إن البيت الذي فيه الصور، لا تدخله الملائكة»، قال: وزيادة من زاد فيه من الثقات الحفاظ، إباحة ما يُتوسد من ذلك، ويُرتفق به، ويُمتهن يجب قبولها، وإن كان ظاهر حديث مالك في ذلك كراهية عموم الصور، على كل حال، وإلى ذلك ذهب ابن شهاب، وهو راوية الحديث.
قال: ذكر ابن أبي شيبة، عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، أنه كان يكره التصاوير، ما نُصب منها، وما بُسط، وكان مالك لا يرى بذلك بأسًا في البسط، والوسائد، والثياب على حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه: «إلا ما كان رقمًا في ثوب».
ثم أخرج بسنده، عن حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنه، قالت: كان لي دُرْنُوك [في حاشية البحر المحيط: ” «الدُّرْنوك» سترٌ له خملٌ، قاله في «النهاية» (2) / (115)، وقال في «القاموس»: الدُّرْنوك بالضمّ: ضرب من الثياب، أو الْبُسُط. انتهى”. انتهى.]، فيه الخيل، ذوات الأجنحة، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ألقوا هذا».
وقال آخرون:
إنما يُكره من الصور ما كان في الحيطان، وصُوّر في البيوت، وأما ما كان رقمًا في ثوب فلا، واحتجوا بحديث سهل بن حُنيف، وأبي طلحة، وفيه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : «إلا ما كان رقمًا في ثوب» [أشار به إلى ما أخرجه الترمذيّ (4) / (230) بسند صحيح، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة الأنصاريّ يعوده، قال: فوجدت عنده سهل بن حنيف، قال: فدعا أبو طلحة إنسانًا ينزع نمطًا تحته، فقال له سهل: لم تنزعه، فقال: لأن فيه تصاوير، وقد قال فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم ما قد علمت، قال سهل: أوَ لم يقل: «إلا ما كان رقمًا في ثوب»؟ فقال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. انتهى]، فكل صورة مرقومة في ثوب، فلا بأس بها على كل حال؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استثنى الرقم في الثوب، ولم يخصّ من ذلك شيئًا ولا نوعًا، وذكروا عن القاسم، وهو راوية حديث عائشة، ما رواه ابن أبي شيبة، عن أزهر، عن ابن عون، قال: دخلت على القاسم، وهو بأعلى مكة في بيته، فرأيت في بيته حَجَلة فيه تصاوير السندس، والعنقاء.
وقال آخرون:
لا يجوز استعمال شيء من الصور، رقمًا كان في ثوب، أو غير ذلك، إلا أن يكون الثوب يوطأ، ويُمتهن، فأما أن يُنصب؛ كالسِّتر ونحوه فلا،
قالوا: وفي حديث عائشة، من رواية ابن شهاب، ما يخصّ الثياب، ويعيّنها، وهو يعارض حديث سهل بن حنيف، وأبي طلحة، إلا أنّا قد روينا عن عائشة، أن ذلك من الثياب فيما يُنصب، دون ما يُبسط، فبان بذلك وجه الحديثين، وأنهما غير متعارضين، وعائشة قد علمت مخرج حديثها، ووقفت عليه، وذكروا من الأثر ما رواه وكيع وغيره، عن أسامة بن زيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنه، قالت: «سترت سَهْوة لي بستر فيه تصاوير، فلمّا قَدِم النبيّ صلى الله عليه وسلم هَتَكه، فجعلت منه منبذتين، فرأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم متكئًا على إحداهما»، قالوا: ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَرِه من ذلك، ما كان سترًا منصوبًا، ولم يكره ما اتكأ عليه من ذلك، وامتهنه.
قال أبو عمر: وقد يَحْتَمِل أن يكون الستر لمّا هتكه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيَّرت صورته، وتهتكت، فلمّا صنع منه ما يُتكأ عليه، لم تظهر فيه صورة بتمامها، وإذا احتَمَل هذا لم يكن في حديث عائشة هذا حجة على ابن شهاب، ومن ذهب مذهبه، إلا أن ممن سَلَف من العلماء جماعة ذهبوا إلى ما كان من رَقْم الصور، فيما يوطأ ويمتهن، ويُتكأ عليه من الثياب، لا بأس به، ذكر ابن أبي شيبة، عن حفص بن غياث، عن الجعد رجل من أهل المدينة، قال: حدثتني ابنة سعد، أن أباها جاء من فارس بوسائد، فيها تماثيل، فكنا نبسطها.
وعن ابن فضيل، عن ليث، قال: رأيت سالم بن عبد الله متكئًا على وسادة حمراء، فيها تماثيل، فقلت له في ذلك، فقال: إنما يُكره هذا لمن ينصبه، ويصنعه.
وعن ابن المبارك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان يتكئ على المرافق، فيها التماثيل، الطير، والرجال.
وعن ابن علية، عن سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: كانوا لا يرون ما وُطئ، وبُسط من التصاوير مثل الذي نُصب.
وعن إسماعيل ابن علية أيضًا، عن أيوب، عن عكرمة أنه كان يقول في التصاوير، في الوسائد، والبسط التي توطأ: هو أذلّ لها.
وعن أبي معاوية، عن عاصم، عن عكرمة، قال: كانوا يكرهون ما نُصب من التماثيل نصبًا، ولا يرون بأسًا بما وطئته الأقدام.
وعن ابن إدريس، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، أنه كان لا يرى بأسًا بما وُطئ من التصاوير.
وعن ابن يمان، عن عثمان بن الأسود، عن عكرمة بن خالد، قال: لا بأس بالصورة، إذا كانت توطأ.
وعن ابن يمان، عن الربيع بن المنذر، عن سعيد بن جبير، قال: لا بأس بالصورة، إذا كانت توطأ.
وعن عبد الرحيم بن سليمان، عن عبد الملك، عن عطاء في التماثيل، ما كان مبسوطًا يوطأ، أو يُبسط، فلا بأس به، وما كان منه يُنصب، فإني أكرهها.
وعن الحسن بن موسى الأشيب، عن حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد الله، قال: كانوا لا يرون بما يوطأ من التصاوير بأسًا.
قال أبو عمر: هذا أعدل المذاهب، وأوسطها في هذا الباب، وعليه أكثر العلماء، ومن حَمَلَ عليه الآثار، لم تتعارض على هذا التأويل، وهو أَولى ما اعتقد فيه، والله الموفق للصواب.
وقد ذهب قوم
إلى أن ما قُطع رأسه فليس بصورة، رَوَى أبو داود الطيالسيّ، قال: حدّثنا ابن أبي ذئب، عن شعبة، مولى ابن عباس، قال: دخل المسور بن مخرمة، على ابن عباس، وهو مريض، وعليه ثوب إستبرق، وبين يديه ثوب، عليه تصاوير، فقال المسور: ما هذا يا ابن عباس؟ فقال ابن عباس: ما علمت به، وما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا، إلا للكِبْر والتجبر، ولسنا بحمد الله كذلك، فلما خرج المسور أمر ابن عباس بالثوب، فنُزع عنه، وقال: اقطعوا رؤوس هذه التصاوير.
وروى ابن المبارك، قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق، قال: حدّثنا مجاهد، قال: حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن جبريل أتاني البارحة، فلم يمنعه أن يدخل إليّ، إلا أنه كان في البيت حجال وستر، فيه تماثيل، وكلب، فأمر برأس التمثال أن يُقطع، وبالستر أن يُثنَى، ويُجعل منه وسادتان توطآن، وبالكلب أن يُخرج». [“حديث صحيح أخرجه أحمد، والترمذيّ بإسناد صحيح، وقال الترمذي: حديث حسنٌ صحيح”].
وذكر ابن أبي شيبة، عن ابن علية، عن أيوب، عن عكرمة، قال: إنما الصورة الرأس، فإذا قُطع فلا بأس. وعن يحيى بن سعيد، عن سلمة أبي بشر، عن عكرمة، في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} الآية [الأحزاب: (57)]، قال: أصحاب التصاوير.
وذهب جماعة من أهل العلم
إلى أن الصورة المكروهة في صُنعتها واتخاذها، ما كان له روح، وحجتهم حديث القاسم، عن عائشة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة المصوِّرون، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم»، ففي هذا دليل على أن الحياة، إنما قُصد بذِكرها إلى الحيوان، ذوات الأرواح.
ثم أخرج بسنده عن عوف، عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنت عند ابن عباس، إذ جاءه رجل، فقال: إني أردت أن أنمّي معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، سمعته يقول: «من صَوّر صورة، فإن الله معذبه يوم القيامة، حتى يَنفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدًا»، قال: فكبا لها الرجل كبوة شديدة، واصفَرّ وجهه، ثم قال: ويحك، إن أَبَيْتَ إلا أن تصنع، فعليك بهذه الشجر، وكل شيء ليس فيه روح.
وقد كان مجاهد، يكره صورة الشجر،
قال أبو عمر: وهذا لا أعلم أحدًا تابعه على ذلك. وذكر ابن أبي شيبة، عن عبد السلام، عن ليث، عن مجاهد، أنه كان يكره أن يصوّر الشجر المثمر.
ومما يدل على أن الاختلاف في هذا الباب قديم، ما ذكره ابن أبي شيبة، عن ابن علية، عن ابن عون، قال: كان في مجلس محمد بن سيرين وسائد، فيها تماثيل عصافير، فكان أناس يقولون في ذلك، فقال محمد: إن هؤلاء قد أكثروا علينا، فلو حوّلتموها، وهذا من ورع ابن سيرين رحمه الله. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله في كتابه «التمهيد» [«التمهيد» (21) / (195) – (201)]، وهو بحث مفيد جدًّا.
قال الإتيوبي عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما سبق من الأقوال وأدلّتها أن أرجحها أن الصور المحرّمة هي ما كانت لذوات الأرواح، وكانت منصوبة، وأما إذا كانت توطأ، وتمتهن، فلا بأس بها، وكذلك ما كان رقمًا في ثوب، إلا أن يكون منصوبًا، وكذلك إذا قُطع رأسها، وأصرح دليل على ذلك ما أخرجه النسائيّ بإسناد صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: «استأذن جبريل عليه السلام على النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: ادخل، فقال: كيف أدخل، وفي بيتك ستر فيه تصاوير؟ فإما أن تُقطَع رؤوسها، أو تُجعَل بساطًا يوطأ، فمانّا معشر الملائكة، لا ندخل بيتًا فيه تصاوير»، فإنه قد استثنى من الصور التي تمنع دخول الملائكة ما كانت مقطوعة الرأس، أو بساطًا يوطأ، وكذلك حديث أبي طلحة المذكور في الباب، فإنه نصّ في استثناء ما كان رقمًا في ثوب، وهذا كما سبق عن ابن عبد البرّ رحمه الله أعدل الأقوال، وأيسرها في الجمع بين أحاديث الباب [قال الإتيوبي عفا الله عنه: قد أطنبت الكلام في البحث عن مسألة الصور في «شرح النسائيّ»، فذكرته في ثلاثة مواضع: في «الطهارة»، وفي «الصيد»، وفي «الزينة»، وذلك لأهميّته، وكثرة ابتلاء الناس به، والله تعالى المستعان.]، والله تعالى أعلم بالصواب. [البحر المحيط].
[فصل: فيما له ضل]
ورد في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَّرْتُ عَلَى بَابِي دُرْنُوكًا، فِيهِ الْخَيْلُ، ذَوَاتُ الأَجْنِحَة، فَأَمَرَنِي، فَنَزَعْتُهُ.
قال في «الفتح»: استُدِلّ بهذا الحديث على جواز اتخاذ الصور، إذا كانت لا ظل لها، وهي مع ذلك مما يوطأ، ويداس، أو يُمتهن مخادّ، والوسائد، قال النوويّ: وهو قول جمهور العلماء، من الصحابة، والتابعين، وهو قول الثوريّ، ومالك، وأبي حنيفة، والشافعيّ، ولا فرق في ذلك بين ما له ظلّ، وما لا ظلّ له، فإن كان معلّقًا على حائط، أو ملبوسًا، أو عمامة، أو نحو ذلك، مما لا يُعَدّ ممتهنًا، فهو حرام.
قال الحافظ بعد نقل كلام النوويّ المذكور ما نصّه: وفيما نقله مؤاخذات:
(منها): أن ابن العربيّ من المالكية، نَقَل أن الصورة إذا كان لها ظلّ حَرُم بالإجماع، سواء كانت مما يُمتهن، أم لا، وهذا الإجماع محله في غير لُعَب البنات، وحَكَى القرطبيّ في «المفهم» في الصور التي لا تتخذ للإبقاء؛ كالفخّار قولين: أظهرهما المنع، قال الحافظ: وهل يلتحق ما يُصنع من الحلوى بالفخّار، أو بلعب البنات؟ محلّ تأمل، وصحح ابن العربيّ أن الصورة التي لا ظلّ لها إذا بقيت على هيئتها حَرُمت، سواء كانت مما يُمتهن، أم لا، وإن قُطع رأسها، أو فُرِّقت هيئتها جاز، وهذا المذهب منقول عن الزهريّ، وقوّاه النوويّ، وقد يشهد له حديث النمرقة؛ يعني: الآتي بعدُ، وسيأتي ما فيه.
(ومنها): أن إمام الحرمين نقل وجهًا أن الذي يُرَخَّص فيه مما لا ظل له ما كان على ستر، أو وسادة، وأما ما على الجدار، والسقف، فيُمنع، والمعنى فيه أنه بذلك يصير مرتفعًا، فيخرج عن هيئة الامتهان، بخلاف الثوب، فإنه بصدد أن يُمتهن، وتساعده عبارة «مختصر المزنيّ»: صورة ذات روح إن كانت منصوبةً، ونقل الرافعيّ عن الجمهور أن الصورة إذا قُطع رأسها ارتفع المانع، وقال المتولي في «التتمة»: لا فرق.
(ومنها): أن مذهب الحنابلة جواز الصورة في الثوب، ولو كان معلَّقًا، على ما في خبر أبي طلحة، لكن إن مُشر به الجدار مُنِع عندهم.
قال النوويّ: وذهب بعض السلف إلى أن الممنوع ما كان له ظلّ، وأما ما لا ظلّ له فلا بأس باتخاذه مطلقًا، وهو مذهب باطل، فإن الستر الذي أنكره النبيّ صلى الله عليه وسلم كانت الصورة فيه بلا ظلّ بغير شك، ومع ذلك فأَمَر بنزعه.
قال الحافظ: المذهب المذكور نقله ابن أبي شيبة عن القاسم بن محمد، بسند صحيح، ولفظه: عن ابن عون قال: دخلت على القاسم، وهو بأعلى مكة، فرأيت في بيته حَجَلةً فيها تصاوير القندس، والعنقاء، ففي إطلاق كونه مذهبًا باطلًا نظر؛ إذ يَحْتَمِل أنه تمسَّك في ذلك بعموم قوله: «إلا رقمًا في ثوب»، فإنه أعمّ من أن يكون معلقًا، أو مفروشًا، وكانه جَعَل إنكار النبيّ صلى الله عليه وسلم على عائشة تعليق الستر المذكور مركبًا من كونه مصورًا، ومن كونه ساترًا للجدار، ويؤيده ما ورد في بعض طرقه عند مسلم، فأخرج من طريق سعيد بن يسار، عن زيد بن خالد الجهنيّ، قال: دخلت على عائشة، فذكر نحو حديث الباب، لكن قال: «فجذبه حتى هتكه، وقال: إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين، قالت: فقطعنا منه وسادتين … » الحديث، فهذا يدلّ على أنه كره ستر الجدار بالثوب المصوّر، فلا يساويه الثوب الممتهَن، ولو كانت فيه صورة، وكذلك الثوب الذي لا يُستر به الجدار، والقاسم بن محمد أحد فقهاء المدينة، وكان من أفضل أهل زمانه، وهو الذي روى حديث النمرقة، فلولا أنه فَهِم الرخصة في مثل الْحَجَلة ما استجاز استعمالها، لكن الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك يدلّ على أنه مذهب مرجوح، وأن الذي رُخّص فيه من ذلك ما يُمتهن، لا ما كان منصوبًا.
وقد أخرج ابن أبي شيبة، من طريق أيوب، عن عكرمة، قال: كانوا يقولون في التصاوير في البسط، والوسائد التي توطأ: ذلّ لها.
ومن طريق عاصم، عن عكرمة، قال: كانوا يكرهون ما نُصِب من التماثيل نَصْبًا، ولا يرون بأسًا بما وطئته الأقدام.
ومن طريق ابن سيرين، وسالم بن عبد الله، وعكرمة بن خالد، وسعيد بن جبير، فَرَّقهم أنهم قالوا: لا بأس بالصورة إذا كانت توطأ.
ومن طريق عروة، أنه كان يتكئ على المرافق فيها التماثيل، الطير، والرجال. انتهى [«الفتح» (13) / (471) – (472)، كتاب «اللباس» رقم ((5955))].
قال الإتيوبي عفا الله عنه: قد تقدّم تحقيق القول في المسألة، وترجيح جواز الصورة المرقّمة، الممتهَنة، لا المعلقة على الجدار ونحوه؛ لحديث أبي طلحة رضي الله عنه وغيره؛ إذ بهذا يُجمع بين الأدلة المختلفة في هذا الباب، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى وليّ التوفيق. [الإتيوبي].
(المسألة السابعة): اتخاذ الثياب التي فيها التماثيل والألعاب
فحصل من مجموع هذه القرائن أن اتخاذ الثياب التي فيها التماثيل محرَّم، رقمًا كان فيها، أو صنعًا، وهو مذهب ابن شهاب، فإنَّه منع الصور على العموم، واستعمال ما هي فيه، ودخول البيت الذي هي فيه، رقمًا كانت، أو غيره، في ثوب، أو حائط، يُمْتَهَن، أو لا يمتهن؛ تمسُّكًا بعمومات هذا الباب، وبما ظهر من هذا الحديث.
وذهب آخرون: إلى جواز كل ما كان رقمًا في ثوب، يُمْتَهَن أو لا، معلَّقًا كان أو لا، وهو مذهب القاسم بن محمد تمسُّكًا بحديث زيد بن خالد حين قال: «إلا ما كان رقمًا في ثوب».
وذهب آخرون: إلى كراهة ما كان منها معلَّقًا، وغير ممتهَن؛ لأنَّ ذلك مضاهاة لمن يعظم الصور، ويعبدها كالنصارى، وكما كانت الجاهلية تفعل.
والحاصل من مذاهب العلماء في الصور: أن كل ما كان منها ذا ظل فصنعته، واتخاذه حرام، ومنكر يجب تغييره، ولا يُخْتَلَف في ذلك إلا ما ورد في لعب البنات لصغار البنات، وفيما لا يبقى من الصور؛ كصور الفخار، ففي كل ذلك منهما قولان، غير أن المشهور في لعب البنات، جواز اتخاذها للرخصة في ذلك، لكن كَرِه مالك شراء الرجل لها لأولاده؛ لأنَّه ليس من أخلاق أهل المروءات والفضل، غير أن المشهور فيما لا يبقى المنع، وأما ما كان رقمًا، أو صبغًا مما ليس له ظل: فالمشهور فيه الكراهة. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله [«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (5) / (426) – (427)].
(المسألة الثامنة): في بيان حكم الصورة الشمسيّة:
قال الإتيوبي رحمه الله:
قد اختَلَف العلماء المعاصرون في هذه المسألة:
فمنهم: من ألّف رسالة في إباحتها، ذهب فيها إلى أن الصورة الفوتوغرافيا – الذي هو عبارة عن حبس الظلّ بالوسائط المعلومة لأرباب هذه الصناعة – ليس من التصوير المنهيّ عنه؛ لأن التصوير المنهيّ عنه هو إيجاد صورة وصُنع صورة لم تكن موجودة، ولا مصنوعة من قبل، يضاهي بها حيوانًا خلقه الله تعالى، وليس هذا المعنى موجودًا في أخذ الصورة بتلك الالة.
وذهب آخرون: – وهو الذي يظهر لي – إلى أن حكم الصورة الشمسيّة حكم الصورة المرسومة، قال و (565)]: وإني أحبّ أن تجزم الجزم كلّه أن التصوير بآلة التصوير (الفوتوغرافيّة) كالتصوير باليد تمامًا، فيحرم على المؤمن تسليطها للتصوير، ويحرم عليه تمكين مسلّطها لالتقاط صورته بها؛ لأن هذا التمكين يُعين على فعل محرّم غليظ،
وليس من الصواب في شيء ما ذهب إليه أحد علماء عصرنا هذا من استباحة التصوير بتلك الآلة؛ بحجّة أن التصوير لم يكن باليد، والتصوير بهذه الآلة لا دخل لليد فيه، فلا يكون حرامًا، وهذا عندي أشبه بمن يرسل أسدًا مفترسًا، فيقتل من يقتل، أو يفتح تيّارًا كهربائيًّا يُعدم كلّ من مرّ به، أو يضع سمًّا في طعام فيهلك كلّ من تناول من ذلك الطعام، فإذا وُجّه إليه لوم بالقتل قال: أنا لم أقتل، إنما قتل السمّ، والكهرباء، والأسد. انتهى.
وقال الشيخ الألبانيّ رحمه الله في «آداب الزفاف» – خلال كلام له -: وقريبٌ من هذا تفريق بعضهم بين الرسم باليد، وبين التصوير الشمسيّ، يزعم أنه ليس من عمل الإنسان، وليس من عمله فيه إلا إمساك الظلّ فقط، كذا زعموا،
أما ذلك الجهد الجبّار الذي صرفه المخترع لهذه الآلة حتى استطاع أن يصوِّر في لحظة ما لا يستطيعه بدونها في ساعات، فليس من عمل الإنسان عند هؤلاء، وكذلك توجيه المصوّر للآلة، وتسديدها نحو الهدف المراد تصويره، وقبيل ذلك تركيب ما يسمّونه بالفلم، ثم بعد ذلك تحميضه، وغير ذلك، مما لا أعرفه، فهذا أيضًا ليس من عمل الإنسان عند أولئك أيضًا.
قال: وثمرة التفريق عندهم أنه يجوز تعليق صورة رجل مثلًا في البيت إذا كانت مصوّرةً بالتصوير الشمسيّ، ولا يجوز ذلك إذا كانت مصوّرة باليد.
قال: أما أنا فلم أر له مثلًا إلا جمود بعض أهل الظاهر قديمًا، مثل قول أحدهم في حديث: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد» قال: فالمنهي عنه هو البول في الماء مباشرةً، أما لو بال في إناء، ثمّ صبّه في الماء فهذا ليس منهيًّا عنه. انتهى
وسُئلت اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربيّة السعوديّة: ما حكم الصورة إجمالًا؛ أي: للضرورة وغير الضرورة؟.
فأجابت بأن تصوير ذوات الأرواح حرام، سواء كان فوتغرافيًّا، أو نقشًا بيد، أو آلة، ونحو ذلك، واقتناء الصور حرام، وإذا اضطرّ الإنسان إلى شيء من ذلك بدون اختياره؛ كأن يُطلب منه صورة لجواز سفر، أو لمنحه التابعيّة جاز له ذلك مع كراهة قلبه للتصوير. انتهى. «فتاوى إسلاميّة» (4) / (357) [منقول من فتاوى وأقوال كبار العلماء في التصوير، جَمْع عبد الرحمن بن سعد الشتري، ص (25)].
وسئل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله عن حكم تعليق الصور الفوتغرافيّة على الجدران؟
فأجاب: بأن تعليق صور ذوات الأرواح على الجدران أمر لا يجوز، سواء كان ذلك في بيت، أو مجلس، أو مكتب، أو شارع، أو غير ذلك، كله منكر، وكلّه من عمل الجاهليّة. انتهى كلامه باختصار [«فتاوى العقيدة» (1) / (303) – (305)].
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله أيضًا عن حكم تعليق الصور على الجدران.
فأجاب: بأن تعليق الصور على الجدران، ولا سيّما الكبير منها حرام حتى ولو لم يخرج إلا بعض الجسم والرأس، وقصد التعظيم فيها ظاهر، وأصل الشرك هو هذا الغلوّ، كما جاء ذلك عن ابن عبّاس رحمه الله في أصنام قوم نوح التي يعبدونها، قال: «إنها كانت أسماء رجال صالحين صوّروا صورهم ليتذكّروا عبادتهم، ثم طال عليهم الأمد، فعبدوهم». انتهى [«مجموع فتاويه» (2) / (282)].
قال الإتيوبي عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق من أقوال أهل العلم، وأدلّتهم أنه لا فرق بين الصورة التي تُرسم باليد، وبين الصورة الفوتوغرافيّة؛ إذ المعنى الذي حُرّمت من أجله الصور موجود في كليهما، فالمفاسد التي تدخل في الصور موجودة فيهما، وأيضًا إن القول بأن هذا ليس من عمل اليد بطلانه ظاهر، كما سبق في كلام الحمّاميّ والألبانيّ.
وبالجملة فالمسألة خطيرة أيما خطر، فإن التساهل فيها كثير، ولا سيّما مع تشجيع بعض من ينتسب إلى العلم بفتواه بإباحتها، وهذا هو الداهية العظمى، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
[تنبيه]: يُستثنى مما سبق الحالة الضروريّة، لقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} الآية [الأنعام: (119)]، فيباح اتخاذ الصورة الشمسيّة لضروة البطاقات الشخصيّة، وجواز السفر، أو نحو ذلك مما لا بدّ له في حياة الإنسان، وقد ذكر صاحب «التكملة» أن الفقهاء استثنوا مواضع الضرورة، وقال الإمام محمد في «السِّير الكبير»: وإن تحقّقت الحاجة له إلى استعمال السلاح الذي فيه تمثال، فلا بأس باستعماله، قال: وأعقبه السرخسيّ في «شرحه» ((2) / (278)) بقوله: لأن مواضع الضرورة مستثناة من الحرمة، كما في تناول الميتة، وذكر السرخسيّ أيضًا: إن المسلمين يتبايعون بدراهم الأعاجم فيها التماثيل بالتيجان، ولا يمنع أحد عن المعاملة بذلك، وقال في موضع آخر من «شرحه» ((3) / (212)): لا بأس بأن يَحمل الرجل في حال الصلاة دراهم العجم، وإن كان فيها تمثال الملك على سريره، وعليه تاجه، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز لعائشة رضي الله عنها اللعب بالبنات، وأن الفقهاء أباحوا للمرأة أن تكشف وجهها عند الشهادة. انتهى.
[تنبيه آخر]: قال صاحب «التكملة» أيضًا: أما التلفزيون والفديو، فلا شكّ في حرمة استعمالهما بالنظر إلى ما يشتملان عليه من المنكرات الكثيرة، من الخلاعة، والمجون، والكشف عن النساء المتبرّجات، أو العاريات، وغير ذلك من أسباب الفسوق،
ولكن هل يتأتى فيهما حكم التصوير بحيث إذا كان التلفزيون، والفديو خاليًا من هذه المنكرات بأسرها، هل يحرم بالنظر إلى كونه تصويرًا؟،
ثم قال: لي فيه وقفة … إلى آخر ما كتبه، لكن ظاهر بحثه كأنه يميل إلى الجواز، وإن قال في آخر كلامه: ورحم الله امرءًا هداني إلى الصواب. انتهى.
قال الإتيوبي عفا الله عنه: الذي يظهر لي في المسألة، أنه لا يجوز التصوير بأي آلة من الأجهزة الحديثة، من التلفزيون، والفديو، وغيرهما، إلا للأمور الضروريّة التي تقدّم بيانها، وذلك لعموم النصوص الدالّة على تحريم الصور بأشكالها، والله تعالى أعلم بالصواب. [البحر المحيط الثجاج].
(المسألة التاسعة):
قال في «الفتح»: قد استُشكل كون المصوِّر أشدّ الناس عذابًا مع قوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}، فإنه يقتضي أن يكون المصوّر أشد عذابًا من آل فرعون.
وأجاب الطبريّ بأن المراد هنا من يصوِّر ما يُعبد من دون الله، وهو عارف بذلك، قاصدًا له، فإنه يكفر بذلك، فلا يبعد أن يدخل مدخل آل فرعون، وأما من لا يقصد ذلك، فإنه يكون عاصيًا بتصويره فقط.
وأجاب غيره بأن الرواية بإثبات «مِنْ» ثابتة، وبحذفها محمولة عليها، وإذا كان من يفعل التصوير من أشدّ الناس عذابًا كان مشتركًا مع غيره، وليس في الآية ما يقتضي اختصاص آل فرعون بأشد العذاب، بل هم في العذاب الأشد، فكذلك غيرهم يجوز أن يكون في العذاب الأشدّ، وقَوَّى الطحاويّ ذلك بما أخرجه من وجه آخر عن ابن مسعود، رفعه: «إن أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة رجل قَتَل نبيًّا، أو قتله نبيّ، وإمام ضلالة، وممثِّل من الممثِّلين»، وكذا أخرجه أحمد.
وقد وقع بعض هذه الزيادة في رواية ابن أبي عمر، فاقتصر على المصوّر، وعلى من قتله نبيّ.
وأخرج الطحاويّ أيضًا من حديث عائشة، مرفوعًا: «أشدّ الناس عذابًا يوم القيامة رجل هجا رجلًا، فهجا القبيلة بأسرها»، قال الطحاويّ: فكل واحد من هؤلاء يشترك مع الآخر في شدة العذاب.
وقال أبو الوليد ابن رشد في مختصر مشكل الطحاويّ ما حاصله: إن الوعيد بهذه الصيغة إن ورد في حقّ كافر فلا إشكال فيه؛ لأنه يكون مشتركًا في ذلك مع آل فرعون، ويكون فيه دلالة على عِظَم كُفْر المذكور، وإن ورد في حقّ عاص، فيكون أشدّ عذابًا من غيره من العصاة، ويكون ذلك دالًّا على عِظَم المعصية المذكورة.
وأجاب القرطبيّ في «المفهم» بأن الناس الذين أضيف إليهم «أشدّ» لا يراد بهم كل الناس، بل بعضهم، وهم من يشارك في المعنى المتوعَّد عليه بالعذاب، ففرعون أشدّ الناس الذين ادَّعوا الإلهية عذابًا، ومن يقتدي به في ضلالة كفره أشدّ عذابًا ممن يقتدي به في ضلالة فسقه، ومن صَوَّر صورة ذات روح للعبادة أشدّ عذابًا ممن يصورها لا للعبادة.
قال الإتيوبي عفا الله عنه: هذا التوجيه الذي ذكره القرطبيّ رحمه الله عندي أقرب، وأرجح في رفع الإشكال المذكور، والله تعالى أعلم.
قال: واستُشكل ظاهر الحديث أيضًا لإبليس، وبابن آدم الذي سنّ القتل.
وأجيب: بأنه في إبليس واضح، ويجاب بأن المراد بالناس من يُنسب إلى آدم، وأما في ابن آدم، فأجيب بأن الثابت في حقه أن عليه مثل أوزار من يقتل ظلمًا، ولا يمتنع أن يشاركه في مثل تعذيبه من ابتدأ الزنا مثلًا، فإن عليه مثل أوزار من يزني بعده؛ لأنه أول من سنّ ذلك، ولعل عدد الزناة أكثر من القاتلين. انتهى ما في «الفتح». [«الفتح» ص (464)، كتاب «اللباس» رقم ((5950))]، وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج].
(المسألة العاشرة): الفتاوي:
(1)) التصوير بالفيديو والسينما
س: أخونا سماحة الشيخ ابن باز، يقول: عمت البلوى بالتصوير في الفيديو والسينما وما أشبه ذلك، هل لسماحتكم من توجيه، وهل تقرون بأن هذا مما عمت به البلوى؟
فأجاب فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله بقوله: “لاشك أنها عمت البلوى بهذا ولكن عموم البلوى لا تجعل الشيء مباحًا وهو محرم، وقد عمت البلوى أيضًا بشرب الخمر، وبالزنا في بلدان كثيرة، وفي دول كثيرة، فلا يجوز أن يقال هذا عذر بل الواجب الحذر مما حرم الله وإن كثر فاعلوه، والواجب الاستقامة على ما أوجب الله وإن كثر تاركوه، فالمقدم هو إتباع الحق ولو كنت وحدك من بين الناس، لو أطلق أهل الأرض على ترك الصلاة لا تتركها
وعمت البلوى بالتصوير وقال صلى الله عليه وسلم لعلي: لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته.
لكن إذا دعت الضرورة إلى الصورة صار المسلم في حد العذر وكثير من إخواننا من أهل العلم قالوا أنه لامانع من التصوير للقيام بالأحاديث الدينية في التلفاز، وفي الفيديو إذا دعت الحاجة إلى ذلك وقالوا: إن هذا من باب ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما، وأن جعل التلفاز، والفيديو يخلوا من نصائح العلماء، وأحاديث العلماء يجعل ذلك فرصة لغيرهم مما يتكلف في هذه الأمور، ويدعوا إلى الباطل، ويستنكر عن الحق، وهذا الذي قالوا له وجه وقد فعل بعضهم ذلك، وظهر في التلفاز لنصيحة المسلمين وللإجابة على أسئلتهم، وهكذا في تصوير الفيديو في الندوات العلمية، أو المحاضرات العلمية ليرى الناس الشخص الذي ألقى المحاضرة، والأشخاص الذين قاموا بالندوة ليطمئنوا على أنهم فلان وفلان، ويتيقنوا أن هذه الندوة صدرت منهم؛ وأنا لم أفعل ذلك إلا في أوقات تعم البلوى بها في بعض المجالس العامة التي يكون فيها ندوات، أو محاضرات عامة فقد تصور وأنا من جلمة الحاضرين فلا أشدد في ذلك نظرًا للمصحلة العامة التي قد ينفع الله بها المسلمين، أما أن أصور وأنا وحدي في حديثي في التلفاز أو سفري إلى الآن لم أقدم عليه؛ لأن عندي تحرجًا من ذلك، وعندي توقف في ذلك عندي بعض التوقف في ذلك، وأما إخواني الذين أقدموا ورضوا بأن يصوروا لهذا المعنى الذي تقدم فأرجوا أن يكونوا موفقين، وأنهم معذورون لقصدهم الطيب، وحرصهم على نفع المسلمين والله ولي التوفيق». [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى].
2) حكم اقتناء كاميرا التصوير
س: أنا شاب اشتريت كاميرا تصوير، وأخفيتها عن والدي، فوجدها وأخذها وقال: الصور حرام، فما رأيكم؟
فأجاب فضيلة الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله تعالى بقوله:
تصوير الآدميين والحيوانات وما له روح لا يجوز، وأما تصوير أشياء لا روح لها كالشجر والبنيان وما إلى ذلك، فهذا لا بأس به، فإذا كان التصوير لشيء محرم فلا يجوز اقتناء الكاميرا، وإذا كان التصوير لشيء مباح تصويره فلا بأس من اقتنائها. [شرح سنن أبي داود للعباد (359) / (25) — عبد المحسن العباد].
3) هل يلزم طمس الصورة من المجلات حتى الإسلامية أو لا؟ وحكم اقتناء التماثيل؟
فأجاب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بقوله: ثبت في صحيح مسلم عن أبي الهياج رضى الله عنه أنه قال له علي بن أبي طالب رضى الله عنه: «ألا أبعثك على ما بعثي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته».
وعلى هذا فإن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن تطمس جميع الصور، لكن ما شق التحرز منه، وشق على الإنسان طمسه فإن هذا الدين ليس فيه حرج، لكن لا يجوز لأحد أن يقتني المجلات من أجل الصور التي فيها، لأن اقتناءها محرم، حتى الصور الفوتوغرافية سواء للذكرى أو للتمتع بها حينًا بعد حين أو لغير ذلك.
اللهم إلا ما دعت الضرورة إليه أو الحاجة، مما يكون في التابعية (حفيظة النفوس) والرخصة والجواز وما أشبه ذلك مما لا مناص عنه، فهذا يعذر فيه الإنسان لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
وأما التماثيل الموضوعة في المنازل، من حيوانات أو طيور وما إلى ذلك فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة، فإن ذلك محرم لا يجوز، بل هو من كبائر الذنوب.
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لعن المصورين، وأن من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أن كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفسًا تعذبه في جهنم».
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن ربه عزوجل: «ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي.) الحديث.
وكما قلنا فهي سبب لمنع دخول الملائكة إلى المنازل، وكل بيت لا تدخله الملائكة لا خير فيه.
ومن العجيب أن مثل هذه التماثيل الموجودة كان لا يهتم بها إلا الصبيان فيما مضى، تجد عند الإنسان صورة جمل، أو صورة حصان، أو صورة أسد، أو صورة ذئب، أو صورة أرنب، ما كان يهتم لها في الماضي إلا الصبيان، لكن تحولت الأمور الآن، فصار يهتم بها صبيان العقول لا صبيان السن، ويشترونها بالدراهم ويضعونها في بيوتهم.
وأني أنصح هؤلاء بالتوبة إلى الله من هذه الأمر، وأن يدعوه، ومن كان عنده شيء فليقص رأسه حتى لا يكون حيوانًا كاملًا، نسأل الله لنا ولهم الهداية. [مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (12) / (355) — ابن عثيمين (ت (1421))].
4) كيف يتصرف الناس مع ما عمت به البلوى من الصور؟
س: سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين -حفظه الله- عما ابتلي به الناس اليوم من وجود الصور بأشياء من حاجاتهم الضرورية؟
فأجاب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بقوله:
ما ابتلي به الناس اليوم من وجود الصور بأشياء من حاجاتهم الضرورية، فأرى أنه إذا أمكن مدافعتها فذاك، وإن لم يكن فإن فيها من الحرج والمشقة والعسر مما ارتفع عن هذه الأمة، بمعنى أنه يوجد في بعض المجلات وفي بعض الصحف التي يقتنيها الإنسان لما فيها من المنافع والإرشاد والتوجيه، فأرى أن مثل هذا ما دام لم يقصد الصورة نفسها فلا بأس أن يقتنيها لا سيما إذا كانت الصورة مغلقة لا تبرز ولا تبين. [مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ((2) / (286))].
5) ما كيفية إنكار المنكرات العامة المُعْلَنة؟
إذا كان بين الناس يُنْكَر علنًا، أما بينك وبين صاحبه الذي كان منه تتكلَّم بينك وبينه، تنصحه، أما إذا فعله عند الناس فيُبَيَّن عند الناس أنّ هذا منكر ولا يجوز، حتى لا يغتَرَّ به أحدٌ، بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، والرفق، كما قال ربك: ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ [النحل: (125)]. [الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز].
انظر: فيما يتعلق بما عمت به البلوى من المنكرات وماذا على الدعاية في ذلك [((6660))] «(2623)» فتح ذي النعم بالبدر الأتم شرح صحيح مسلم، ((41)) – بابُ: النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ هَلَكَ النّاسُ. وفيما يتعلق بدرء المفاسد وجلب المصالح انظر: (126) رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة، (48) – باب: من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه.
والرابع: فوائد الحديث
1 – (منها): بيان امتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه التماثيل، أو صورة.
2 – (منها): تحريم تصوير صورة الحيوان، قال النوويّ: هو حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعَّد عليه بهذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه لِمَا يُمْتَهن أم لغيره، فصُنعه حرام بكل حال، وسواء كان في ثوب، أو بساط، أو درهم، أو دينار، أو فلس، أو إناء، أو حائط، أو غيرها، فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.
قال في «الفتح»: ويؤيد التعميم فيما له ظلّ، وفيما لا ظلّ له ما أخرجه أحمد، من حديث عليّ رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أيكم ينطلق إلى المدينة، فلا يدع بها وَثَنًا إلا كسره، ولا صورة إلا لطخها؟»؛ أي: طمسها، الحديث، وفيه: من عاد إلى صنعة شيء من هذا فقد كفَر بما انزل على محمد صلى الله عليه وسلم .
3 – (ومنها): ما قال الخطابيّ: إنما عَظُمَت عقوبة المصوِّر؛ لأن الصور كانت تُعبد من دون الله، ولأن النظر إليها يَفتن، وبعض النفوس إليها تميل، قال: والمراد بالصور هنا: التماثيل التي لها روح.
وقيل: يفرَّق بين العذاب والعقاب، فالعذاب يُطلق على ما يؤلم من قول، أو فعل؛ كالعتب، والإنكار، والعقاب يختص بالفعل، فلا يلزم من كون المصور أشدّ الناس عذابًا أن يكون أشدّ الناس عقوبة، هكذا ذكره الشريف المرتضى في «الغرر».
وتُعُقِّب بآية: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: (46)]، وعليها انبنى الإشكال، ولم يكن هو عرّج عليها فلهذا ارتضى التفرقة، والله أعلم.
4 – (ومنها): أن مما يُستغرب استدلال أبي عليّ الفارسيّ في «التذكرة» بالحديث على تكفير المشبِّهة، فحَمَل الحديث عليهم، وأنهم المراد بقوله: «المصورون»؛ أي: الذين يعتقدون أن لله صورة.
قال الإتيوبي عفا الله عنه: حَمْل الحديث عليهم عجيب، فإن سياق الحديث بعيد منه كلّ البعد، قال الحافظ: وتُعُقِّب بحديث: «إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون»، وبحديث: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون»، وغير ذلك، ولو سُلِّم له استدلاله لم يَرِد عليه الإشكال الآتي ذِكره.
قال: وخَصّ بعضهم الوعيد الشديد بمن صوَّر قاصدًا أن يضاهي، فإنه يصير بذلك القصد كافرًا، وأما من عداه فيَحْرُم عليه، ويأثم، لكن إثمه دون إثم المضاهي، وهذا يؤيّد لفظ: «الذين يضاهون بخلق الله تعالى»، وأشد منه من يصوِّر ما يُعبد من دون الله، وذكر القرطبيّ أن أهل الجاهلية كانوا يعملون الأصنام من كل شيء، حتى إن بعضهم عَمِل صنمه من عَجْوة، ثم جاع فأكله. انتهى ما في «الفتح» بتصرّف [«الفتح» ص (465) – (466)، كتاب «اللباس» رقم ((5950))]، والله تعالى أعلم.
5 – (ومنها): جواز استعمال الستر للحاجة.
6 – (ومنها): البعد عن زخارف الدنيا، والزهد فيها. [البحر المحيط الثجاج، من مواضع متفرقة].
7 – يرجع إذا وجد منكر:
*إِسْحَاقُ عَنْ رَافِعِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدِيثَانِ حَدِيثٌ حَادِي عَشَرَ لِإِسْحَاقَ:*
مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ رَافِعَ بْنَ إِسْحَاقَ مَوْلَى الشِّفَاءِ أَخْبَرَهُ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نَعُودُهُ فَقَالَ لَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ يَشُكُّ إِسْحَاقُ لَا يَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُهُ إِسْنَادًا ….. وذكر أقوال العلماء في الممنوع من الصور التماثيل وما لا يمتهن …. ثم قال: وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَإِنْ دُعِيَ رَجُلٌ إِلَى عُرْسٍ فَرَأَى صَورَةً ذَاتَ رُوحٍ أَوْ صُوَرًا ذَاتَ أَرْوَاحٍ لَمْ يَدْخُلْ إِنْ كَانَتْ مَنْصُوبَةً وَإِنْ كَانَ يُوطَأُ فَلَا بَاسَ وَإِنْ كَانَتْ صُوَرَ الشَّجَرِ فَلَا بَاسَ وَقَالَ الْأَثْرَمُ قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِذَا دُعِيتُ لِأَدْخُلَ فَرَأَيْتُ سِتْرًا مُعَلَّقًا فِيهِ تَصَاوِيرُ أَأَرْجِعُ قَالَ نَعَمْ قَدْ (*) رَجَعَ أَبُو أَيُّوبَ قُلْتُ رَجَعَ أَبُو أَيُّوبَ مِنْ سَتْرِ الْجُدُرِ قَالَ هَذَا أَشَدُّ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ قُلْتُ لَهُ فَالسَّتْرُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ صُورَةٌ قَالَ لَا قِيلَ فَصُورَةُ الطَّائِرِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَقَالَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأَسٌ فَهُوَ أَهْوَنُ فَهَذَا مَا لِلْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ وَسَيَاتِي مَا لِلسَّلَفِ فِيهِ مِمَّا بَلَغَنَا عَنْهُمْ فِي بَابِ سَالِمِ أَبِي النَّضْرِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
التمهيد – ابن عبد البر – ط المغربية (1) / (300) وما بعدها — ابن عبد البر (ت (463))
8 – ما حكم الصلاة في مكان به تماثيل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كانت هذه التماثيل تماثيل معظمين كالملوك والرؤساء والعلماء فإن ذلك حرامٌ ولا يجوز وإذا لم يكن من المعظمين عادة كتمثال سبعٍ أو رجل عادي أو ما أشبه ذلك فإنه أيضًا لا يصلى في هذا المكان لأن عمر بن الخطاب قال في الكنائس (إنا لا ندخلها عليكم من أجل الصور) والواجب نحو هذه التماثيل والصور أن تكسر وأن لا تبقى لأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة.
فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8) / (2)
9 – ترجم البخاري في “صحيحه” بقوله “باب إن صلى في ثوب مصلب، أو تصاوير، هل تفسد صلاته؟ وما ينهى عن ذلك”. ثم أورد حديث أنس رضي الله عنه، قال: كان قِرام لعائشة، سترت به جانب بيتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : “أميطي عنا قِرَامك؛ فإنه لا تزال تصاويره تَعرِض عليّ في صلاتي”.
قال في “الفتح”: جرى المصنف على قاعدته في ترك الجزم فيما فيه اختلاف، وهذا من المختلف فيه. وهذا مبني على أن النهي هل يقتضي الفساد، أم لا؟ والجمهور إن كان لمعنى في نفسه اقتضاه، وإلا فلا.
وقال في شرح الحديث ما نصه: ودل الحديث على أن الصلاة لا
تفسد بذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقطعها، ولم يعدها.
10 – س: ما حكم التماثيل التي توضع في المنازل للزينة فقط وليس لعبادتها؟
ج: لا يجوز تعليق التصاوير ولا الحيوانات المحنطة في المنازل ولا في المكاتب ولا في المجالس؛ لعموم الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على تحريم تعليق الصور وإقامة التماثيل في البيوت وغيرها؛ لأن ذلك وسيلة للشرك بالله، ولأن في ذلك مضاهاة لخلق الله وتشبها بأعداء الله، ولما في تعليق الحيوانات المحنطة من إضاعة المال والتشبه بأعداء الله وفتح الباب لتعليق التماثيل المصورة.
وقد جاءت الشريعة الإسلامية الكاملة بسد الذرائع المفضية إلى الشرك أو المعاصي، وقد وقع الشرك في قوم نوح بأسباب تصوير خمسة من الصالحين … والله ولي التوفيق [1].
كتاب الدعوة ص18. ابن باز رحمه الله
قال ابن عثيمين:
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف في كتابه رياض الصالحين كلها تدل على أن التصوير من كبائر الذنوب لأن فيها وعيدا شديدا باللعنة لعن الله المصورين وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله وبأنه يكلف يوم القيامة يلزم على أن ينفخ الروح فيما صور وليس بنافخ
فإذا كان في البيت صورة أو به كلب فإن الملائكة لا تدخله لكن استثنى من الصور ما دعت الضرورة إليه مثل الصورة في النقود فيه صورة طيور الجنيه الإفرنجي فيه أيضا صورة رئيس من رؤساء بريطانيا فيه أيضا صورة فرس ركبه خيال تلمس باليد فهي كالمجسمة لكن العلماء رحمهم الله لم ينهوا عن ذلك لأن هذا أمر ضروري لا يستطيع الناس أن يتخلصوا منه لأنهم لا يمكن أن يلقوا بدراهمهم في الأرض فهذا ضرورة ومن ذلك أيضا البطاقة وحاوية النقود كل هذا مما دعت الضرورة إليه أو الحاجة الملحة ولَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وما جعل الله علينا في الدين من حرج هذه أيضا لا تمنع دخول الملائكة
الثالث ما لا يحترم أي ما يمتهن ويداس بالأرجل كالصور التي تكون في الفرش أو المخدة فهذه أيضا لا تمنع دخول الملائكة لأنها مباحة عند أكثر أهل العلم ولكن التنزه عنها أولى وأحسن لأنها فيها خلاف بعض الأئمة يقول إنها داخلة في التحريم ولو امتهنت وبعضهم يقول لا وهم الأكثر فمثلا لو كان عند الإنسان بطانية فيها صورة أسد وجعلها تحته يفترشها فلا شيء عليه أما إذا تغطاها فلا لأنه إذا تخطاها ما يوجد فيها امتهان
الرابع الصور التي للصبيان الصور التي للصبيان يلعبون بها أيضا مما يرخص فيه ولا تمتنع الملائكة من دخول البيت الذي فيه هذه الصور لأن عائشة رضي الله عنها كان لها صورة تلعب بها في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك لكن ينبغي أن لا تستعمل الصور البلاستيكية لأن الصور البلاستيكية صورة تامة فيها حتى رمش العين حتى إنهم يضعون خرزة تكون عينا لها تتقلب بعضها يخطو خطوات بعضها يصوت هذه يخشى أن تكون داخلة في النهي وأن الملائكة لا تدخل البيت الذي هي فيه أما الصور الأخيرة التي بدءوا يستعملونها والحمد لله فهي صورة كأنها ظل ليس لها وجه وليس لها عين وليس لها أنف وليس لها فم غاية الأمر أنها لها يدان ورجلان ورأس ممدود ولا فيها صورة هذه إن شاء الله ليس فيها شيء ولا تمتنع الملائكة من دخول البيت التي هي فيه وتستغني بها الطفلة عن غيرها … أما الجرائد التي فيها الصور إن كنت اشتريتها من أجل الصور فهي حرام أما من أجل الكلام الذي فيها فلا بأس
[شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 6/ 424]