[1ج/ رقم (420)] فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وأحمد بن علي، وعمر الشبلي، وأحمد بن خالد
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام الوادعي رحمه الله في الصحيح المسند [1ج/ رقم (420)]:
قال أبو داود رحمه الله (ج (4) ص (308)): حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ أخبرَنا عُثْمانُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أبِي غَسّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرِّفٍ المَدَنِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ عَنْ عَطاءِ بْنِ يَسارٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ: «مَن نامَ عَنْ وِتْرِهِ أوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إذا ذَكَرَهُ».
هذا حديث صحيحٌ، ورجاله ثقات.
===================
الحديث سايكون من وجوه:
الوجه الأول:
أورد الحديث الإمام أبو داود رحمه الله في السنن، كتاب الصلاة، (339) – باب الدعاء بعد الوتر، ((1431)).
والوادعي رحمه الله جعله في جامعه:
(4) – كتاب الصلاة، (173) – متى يقضي الوتر من نسيه، ((1071)).
(33) – كتاب التفسير، سورة طه، (242) – قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}، ((4193)).
وقال محققو السنن – ط: الرسالة -:
“إسناده صحيح.
وأخرجه ابن ماجه ((1188))، والترمذي ((469)) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، به.
وهو في «مسند أحمد» ((11264)).
وأخرجه مرسلًا الترمذي ((470)) من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن وتره فليصل إذا أصبح» “. انتهى.
والثاني: شرح وبيان الحديث
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم يُحرِّضُ على صلاةِ الوِترِ ويُرغِّبُ في أن تَكونَ آخِرُ صَلاةِ المرءِ وِترًا.
قال الصنعاني رحمه الله: (من نام عن وتره) وفي لفظ عن حزبه: وهو ما يجعله الإنسان على نفسه من نحو صلاة وتلاوة.
[قال الإتيوبي رحمه الله: حزبه -بكسر الحاء المهملة، وسكون الزاي المعجمة-: الوِرْد الذي يعتاده الشخص، من صلاة، وقراءة، وغير ذلك، قاله في» المصباح «، وقال السيوطيُّ رحمه الله: الحزب هو الجزء من القرآن يصلي به، وقال العراقيُّ رحمه الله: هل المراد به صلاة الليل، أو قراءة القرآن في صلاة، أو غير صلاة؟ يَحْتَمِل كلًّا من الأمرين. انتهى.
وقال الطيبيُّ رحمه الله: قوله: «عن حزبه» هو ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة، أو صلاة كالورد، والحزب: النوبة في ورود الماء. انتهى [«الكاشف» (4) / (1315)].
والمعنى أن من فاته ورده كلّه، أو بعضه في الليل، لغلبة النوم، وإنما حملناه على الليل؛ لدلالة النوم عليه، ولدلالة آخر الحديث، وهو قوله: «كأنما قرأه من الليل»، ولقوله في الرواية الأخرى عند النسائيّ: «من فاته حزبه من الليل». قاله الإتيوبي رحمه الله [البحر المحيط الثجاج، (15/ 560 – 561)].
قال الصنعاني (أو نسيه، فليصله إذا ذكره) من ليل أو نهار، وفي رواية الدارقطني: إذا أصبح، وفي رواية الترمذي: إذا استيقظ، وفيه: أن الوتر لا يسقط بالنوم والنسيان، وظاهر الحديث وجوب قضاء الوتر أو الحزب. (حم (4) ك عن أبي سعيد) سكت عليه المصنف وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف ورواه الدارقطني بلفظه عن أبي سعيد، قال الغرياني: وفيه محمَّد بن إسماعيل الجعفري، قال أبو حاتم: منكر الحديث وعنه محمَّد بن إبراهيم السمرقندي: لم أر له ذكرًا إلا أن يكون الذي روى عنه ابن السماك فهو هالك وشيخ الجعفري عبد الله بن سلمة بن أسد بن زيد بن أسلم لم أر له ذكرًا. قاله الصنعاني رحمه الله. [التنوير شرح الجامع الصغير، له، (10/ 410 – 411)].
قال الشيخ عبد المحسن العباد: “هذا الحديث يدل على قضاء الوتر إذا ذكره، ولفظه عام يدل على أنه مثل الصلوات الخمس كما جاء في الحديث: (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها) لكن جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا أصابه مرض أو لم يتمكن من صلاته بالليل صلى من الضحى ثنتي عشرة ركعة)، وذلك لأنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة بالليل فإذا لم يتمكن كان يصلي ثنتي عشرة ركعة، والحديث في صحيح مسلم وفي غيره.
ومعنى ذلك أنه يأتي بها مشفوعة حتى لا يكون وترًا بالنهار، فيأتي بالمقدار الذي كان يصليه بالليل مع زيادة ركعة يشفع بها ركعة الوتر”. [شرح سنن أبي داود للعباد- تفريغ-].
“وفي الحديث: بيانُ أهميَّةِ صَلاةِ الوِترِ والمحافظةِ عليها”.
[مسألة فيمن نام عن صلاة الوتر]
(204) – (120) مسألة:
فيمن نام عن صلاة الوتر؟
الجواب: يصلي ما بين طلوع الفجر وصلاة الصبح، كما فعل ذلك عبد الله بن عمر، وعائشة، وغيرهما. وقد روى أبو داود في سننه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا أصبح، أو ذكر».
واختلفت الرواية عن أحمد، هل يقضي شفعه معه؟ والصحيح أنه يقضي شفعه معه. وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. فإن
ذلك وقتها». وهذا يعم الفرض، وقيام الليل، والوتر، والسنن الراتبة. قالت عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا منعه من قيام الليل نوم، أو وجع، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة» رواه مسلم.
وروى عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نام عن حزبه من الليل، أو عن شيء منه فقرأه بين صلاة الصبح، وصلاة الظهر. كتب له كأنما قرأه من الليل» رواه مسلم، وهكذا السنن الراتبة.
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : «أنه لما نام هو وأصحابه عن صلاة الصبح في السفر، صلى سنة الصبح ركعتين، ثم صلى الصبح بعد طلوع الشمس» «ولما فاتته سنة الظهر التي بعدها صلاها بعد العصر». وقالت عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يصل أربعا قبل الظهر، صلاهن بعدها» رواه الترمذي. وروى أبو هريرة عنه أنه قال: «من لم يصل ركعتي الفجر، فليصلهما بعد ما تطلع الشمس» رواه الترمذي، وصححه ابن خزيمة.
وفيه قول آخر: إن الوتر لا يقضى، وهو رواية عن أحمد، لما روي عنه أنه قال: «إذا طلع الفجر فقد ذهبت صلاة الليل والوتر» قالوا: فإن المقصود بالوتر أن يكون آخر عمل الليل، كما أن وتر عمل النهار المغرب؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته عمل الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولو كان الوتر فيهن لكان ثلاث عشرة ركعة. والصحيح أن الوتر يقضى قبل صلاة الصبح فإنه إذا صليت لم يبق في قضائه الفائدة التي شرع لها؛ والله أعلم.
الفتاوى الكبرى لابن تيمية — ابن تيمية (ت (728))
والثالث: ملحقات:
(المسألة الأولى): “وقت صلاة الوتر.
- ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ أول وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء، واستدلوا على ذلك بحديث خارجة بن حذافة، وأبي بصرة.
• وللشافعية وجهٌ أنه يدخل وقته بدخول وقت العشاء؛ فيجوز على ذلك فعله قبل صلاة العشاء، ولهم وجهٌ آخر: أنَّ وقته يدخل بعد العشاء، وصلاة أخرى إن كان وتره بركعة وإن كان بأكثر من ركعة صحَّ فعله بعد صلاة العشاء.
والصواب ما ذهب إليه الجمهور من أهل العلم؛ لدلالة حديث أبي بصرة، وخارجة، والله أعلم.وأما آخر وقت الوتر:
• فذهب الأكثرون إلى أنه يخرج وقته بذهاب الليل، وطلوع الفجر، فإذا طلع الفجر صار فعله قضاءً، وما دام الليل باقيًا؛ فإنَّ وقته باقٍ، وهو قول الشافعي، وأحمد في المشهور عنهما، وقول أبي حنيفة، والثوري، ورُوي عن عمر [أخرجه ابن أبي شيبة ((2) / (288)) من طريق الحسن، عن عمر رضي الله عنه، فهو ضعيف منقطع؛ لأن الحسن لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه]، وابن عمر [أثر ابن عمر ثابت عنه]، وأبي موسى [أخرجه عبد الرزاق ((3) / (10)) عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة قال: جاء نفر إلى أبي موسى الأشعري فسألوه عن الوتر؟ فقال: «لا وتر بعد الأذان»، فأتوا عليًّا فأخبروه، فقال: «لقد أغرق النزع، وأفرط في الفتيا، الوتر ما بينك وبين صلاة الغداة» وهذا إسناد حسن. وأخرجه ابن المنذر ((5) / (191)) من طريق عبد الرزاق به. وأخرجه البيهقي ((2) / (479)) من طريق زهير، عن أبي إسحاق به]، وأبي الدرداء [أخرجه عبد الرزاق ((3) / (11)) عن ابن جريج، قال: أخبرت عن أبي الدرداء … فذكره. وإسناده ضعيف؛ فيه مبهم]،
وسعيد بن جبير، وعطاء، والنخعي،
واستدل هؤلاء بأحاديث كثيرة منها: حديث: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا»، وحديث: «إذا خشيت الصبح؛ فأوتر بواحدة»، وبحديث أبي سعيد الذي في الباب: «أوتروا قبل أن تصبحوا»، وبحديث ابن عمر: «بادروا الصبح بالوتر» أخرجه مسلم برقم ((750)). - وذهب طائفة من أهل العلم إلى أنَّ الوتر لا يفوت وقته حتى يُصَلَّى الصبح، صحَّ ذلك عن علي، وابن مسعود [أخرجهما ابن المنذر ((5) / (190) -) بأسانيد صحيحة عنهما]، وهو قول أيوب، وحميد الطويل، والقاسم بن محمد، ومالك، والشافعي في القديم، وأحمد في رواية عنه، وإسحاق، وفي حديث أبي بصرة الغفاري: «ما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح»، وممن رُوي عنه أنه أوتر بعد طلوع الفجر: (عبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وحذيفة، وابن عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعائشة). [أخرجها كلها -عدا أثر حذيفة رضي الله عنه – ابن المنذر في «الأوسط» ((5) / (192) -)، وأثر أبي الدرداء لم يثبت؛ فإنه من طريق أبي قلابة، عنه. وأبو قلابة لم يسمع من أبي الدرداء؛ لأنه مات مبكرًا في خلافة عثمان رضي الله عنه، وبقية الآثار أسانيدها صحيحة، أو حسنة. وانظر: «مصنف عبد الرزاق» ((3) / (10))، وكذلك «مصنف ابن أبي شيبة» ((2) / (286))].
الصواب القول الأول، وهو قول الجمهور، وأما حديث أبي بصرة الغفاري: «إلى صلاة الصبح»؛ فالمقصود: إلى وقت صلاة الصبح، كما جاء ذلك في بعض طُرُقِهِ بلفظ: «إلى طلوع الصبح»، وهي من طريق: ابن لهيعة، ويؤيدها حديث خارجة، وبهذا التأويل تجتمع الأدلة.
وأما فعل الصحابة، فقال ابن عبد البر: يُحتمل أن يكونوا قالوه فيمن نسي، أو نام عنه، دون من تعمده.
قلتُ: وهي وقائع عين فعلوها، يُحتمل أن يكونوا صَلَّوهُ قضاءً، أو رأوه وقتًا اضطراريًّا لمن شغل أو نام، وهذا المحمل أحسن، والله أعلم. [انظر: «الفتح» لابن رجب ((6) / (234) – (239))، «المغني» ((2) / (529))، «الأوسط» ((5) / (190) -)].(المسألة الثانية): من صلى الوتر وكان قد نسي أن يصلي صلاة العشاء، أو نسي بعض شروطها؟
• ذهب جمهور العلماء إلى أنه يصلي العشاء، ثم يعيد الوتر؛ لأنه صلَّاه قبل دخول وقته، وهو قول مالك، والشافعي، والأوزاعي، وأحمد، وأبي يوسف، ومحمد. - وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجزئه، ولا إعادة عليه؛ لأنَّ وقته عنده بدخول وقت العشاء، ويجب أن يكون بعد صلاة العشاء بالذكر، لا بالنسيان، فإذا صلَّاه قبل العشاء ناسيًا أجزأه.
والصواب ما ذهب إليه الجمهور، والله أعلم. [وانظر: «الفتح» لابن رجب ((6) / (234))، «المغني» ((2) / (529))](المسألة الثالثة): من صلى العشاء مع المغرب جمع تقديم، فهل يدخل وقت الوتر بعد صلاة العشاء أيضًا؟
• الجمهور من أهل العلم على أنَّ وقت الوتر يدخل بصلاة العشاء، وإنْ صلَّاها جمع تقديم؛ لعموم حديث أبي بصرة، وخارجة بن حذافة رضي الله عنهم.
• وذهب أبو حنيفة، والمالكية، وبعض الشافعية إلى أنه لا يدخل وقتها حتى يدخل وقت العشاء. والصواب ما ذهب إليه الجمهور. [وانظر: «المغني» ((2) / (529))، «الشرح الممتع» ((4) / (15)) مع الحاشية](المسألة الرابعة): هل يقضي الوتر إذا فاته؟
• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في «الفتح» ((6) / (243) – (247)): وقد اختلف العلماء في قضاء الوتر إذا فات، فقالت طائفة: لا يقضي، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، ورواية عن أحمد، وإسحاق، وأحد قولي الشافعي، وحكاه أحمد عن أكثر العلماء،
ويُروى عن النخعي أنه لا يقضي بعد صلاة الفجر، وعن الشعبي.
وقالت طائفة: يقضي. وهو قول الثوري، والليث بن سعد، والمشهور عن الشافعي، ورواية عن أحمد.
قال ابن رجب: واستدل من قال: لا يقضي الوتر بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نام أو شغله مرض أو غيره عن قيام الليل صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة. خرجه مسلم من حديث عائشة؛ فدل على أنه كان يقضي التهجد دون الوتر. اهـ
واستدل القائلون بالقضاء بعموم حديث: «من نام عن صلاة، أو نسيها؛ فليصلها إذا ذكرها» أخرجه البخاري برقم ((597))، ومسلم ((684)) عن أنس رضي الله عنه، بل قد صرَّح في حديث أبي سعيد بصلاة الوتر كما في الباب.
قال ابن رجب: وممن رُوي عنه الأمر بقضاء الوتر من النهار: علي [ضعيف. أخرجه عنه ابن أبي شيبة ((2) / (291)) من طريق نعيم بن حكيم، عن أبي مريم، قال: جاء رجل إلى علي، فقال: إني نمت ونسيت الوتر حتى طلعت الشمس؟ فقال: إذا استيقظت وذكرت، فصل. وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لجهالة حال أبي مريم، وهو الثقفي المدائني]، وابن عمر [أخرجه عنه ابن أبي شيبة ((2) / (290)) بإسناد صحيح]، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، والحسن، والشعبي، وحماد، وهو قول الشافعي في الصحيح عنه، وأحمد في رواية، والأوزاعي،
إلا أنه قال: يقضيه نهارًا وبالليل؛ ما لم يدخل وقت الوتر بصلاة العشاء الآخرة، ولا يقضيه بعد ذلك؛ لئلا يجتمع وتران في ليلة.
وعن سعيد بن جبير، قالَ: يقضيه من الليلة القابلة.
وظاهر هذا أنه لا يقضيه إلا ليلًا؛ لأنَّ وقته الليل، فلا يفعل بالنهار. انتهى باختصار من «الفتح» لابن رجب.
يقضيه من النهار، ويشفعه؛ لفعل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وهو قول من نفى قضاء الوتر، فَتَنَبَّهْ، والله أعلم. [فتح العلام، (2/ 656 – 662)].
قال الحافظ ابن حجر في «الفتح»: اختَلَفَ السلف في مشروعية قضائه، فنفاه الأكثر، وفي «صحيح مسلم» وغيره عن عائشة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا نام من الليل من وجع أو غيره، فلم يَقُمْ من الليل، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعةً.
وقال محمد بن نصر رحمه الله: لم نَجِدْ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في شيء من الأخبار، أنه قَضَى الوتر، ولا أمر بقضائه، ومن زعم أنه صلى الله عليه وسلم في ليلة نومهم عن الصبح في الوادي قضى الوتر، فلم يُصِبْ.
قال الإتيوبي عفا اللَّه عنه: قوله: «ولا أمر بقضائه» غير صحيح، يردّه حديث أبي سعيد رضي الله عنه الآتي.
قال: وعن عطاء، والأوزاعيّ رحمه الله: يُقضَى، ولو طلعت الشمس، وهو وجه عند الشافعية، حكاه النوويّ في «شرح مسلم».
وعن سعيد بن جبير: يُقْضَى من القابلة، وعن الشافعية: يُقضَى مطلقًا، قال الحافظ: ويُستَدَلُّ لهم بحديث أبي سعيد رضي الله عنه. انتهى.
قال الإتيوبي عفا اللَّه عنه: الحقّ قول من قالَ: إن الوتر يُقضى؛ لأمره صلى الله عليه وسلم بقضائه، فقد أخرج أبو داود في «سننه» بسند صحيح، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «من نام عن وتره، أو نسيه، فليصلّه إذا ذكره» [قال الإتيوبي رحمه الله في حاشية البحر: “قال الإمام أبو داود رحمه الله في «سننه» ((1431)): حدّثنا محمد بن عوف، حدثنا عثمان بن سعيد، عن أبي غسّان، محمد بن مطرف المدنيّ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : «من نام عن وتره، أو نسيه، فليصلّه إذا ذكره».
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح، فيه محمد بن عوف، وهو ثقة حافظ، وعثمان بن سعيد، وهو أيضًا ثقةٌ عابدٌ، واللَّه تعالى أعلم”. انتهى.]، فهذا نصّ صريحٌ صحيحٌ.
ويشهد له ما أخرجه الشيخان من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من نسي صلاةً، فليصلِّ إذا ذكرها. . .»، الحديث، وفي لفظ لمسلم: «من نسي صلاةً، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها»، فإن «صلاةً» نكرة في سياق الشرط، فيدخل فيه الفرض، والنفل الذي له وقت معيّنٌ، كالوتر، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
[البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (15) / (588)) وما بعدها].
وأما مذاهب أهل العلم في قَضَاءُ صَلاَةِ الْوِتْرِ:
– ذَهَبَ (الْحَنَفِيَّةُ) إِلَى أَنَّ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَلَمْ يُصَل الْوِتْرَ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، سَوَاءٌ أَتَرَكَهُ عَمْدًا أَمْ نِسْيَانًا وَإِنْ طَالَتِ الْمُدَّةُ، وَمَتَى قَضَاهُ يَقْضِيهِ بِالْقُنُوتِ.
فَلَوْ صَلَّى الصُّبْحَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَل الْوِتْرَ فَصَلاَةُ الصُّبْحِ فَاسِدَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْوِتْرِ وَالْفَرِيضَةِ [الفتاوى الهندية (1) / (111)، (121)].
وَلاَ يَقْضِي الْوِتْرَ عِنْدَ (الْمَالِكِيَّةِ) إِذَا تَذَكَّرَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ. فَإِنْ تَذَكَّرَهُ فِيهَا نُدِبَ لَهُ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَنْ يَقْطَعَهَا لِيُصَلِّيَ الْوِتْرَ مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ، وَإِنْ تَذَكَّرَهُ فِي أَثْنَاءِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَقِيل: يَقْطَعُهَا كَالصُّبْحِ، وَقِيل: يُتِمُّهَا ثُمَّ يُوتِرُ.
وَذَهَبَ طَاوُسٍ إِلَى أَنَّ الْوِتْرَ يُقْضَى مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ [العدوي على شرح الرسالة (1) / (261)، والدسوقي (1) / (317)].
وَذَهَبَ (الْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ يَقْضِي الْوِتْرَ إِذَا فَاتَ وَقْتُهُ، أَيْ عَلَى سَبِيل النَّدْبِ [كشاف القناع (1) / (416)، ومطالب أولي النهى (1) / (548)]؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ نَامَ عَنِ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَهُ)). قَالُوا: وَيَقْضِيهِ مَعَ شَفْعِهِ.
(وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ): أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ قَضَاءُ الْوِتْرِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْجَدِيدِ، وَيُسْتَحَبُّ الْقَضَاءُ أَبَدًا؛ لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: لاَ تُقْضَى وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْقَدِيمِ [المجموع (4) / (41) – (42)، وحديث: «من نام عن الوتر أو نسيه فليصله». أخرجه أبو داود (2) / (137)، تحقيق عزت عبيد دعاس، والحاكم ((1) / (302) ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي]. [الموسوعة الفقهية الكويتية، (27/ 301 – 302)].
(المسألة الخامسة): أفضل أوقات الوتر.
• ذهب طائفة من أهل العلم إلى أنَّ الوتر قبل النوم أفضل، وهو وجهٌ عند الشافعية، وصحَّ عن جماعة من الصحابة، أنهم كانوا يوترون أول الليل.
وقد أوصى النبيُّ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أبا هريرة، وأبا الدرداء أن يوتروا قبل النوم كما في «الصحيح». [أخرجه البخاري ((1178))، ومسلم ((721))، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه مسلم ((722))، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه]
• وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الوتر آخر الليل أفضل لمن وثق من نفسه أن يقوم، ومن ليس كذلك؛ فالأفضل في حقِّه أن يوتر قبل النوم.
واستدلوا بحديث جابر الذي في الباب، وهو عمل جمعٍ من الصحابة، وهذا القول هو الصواب، والله أعلم.
وقد ثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه كان يقوم ويوتر في أول الليل، وكان عمر رضي الله عنه يقوم ويوتر في آخر الليل؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أخذ هذا بالحزم -وفي رواية: بالوثقى- وأخذ هذا بالقوة».
أخرجه أحمد ((3) / (330)) عن جابر رضي الله عنه، وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه ضعف.
وأخرجه أبو داود ((1434))، وابن خزيمة ((1084)) عن أبي قتادة رضي الله عنه بنحوه. ورجح ابن خزيمة أنه من مراسيل عبد الله بن رباح.
وجاء الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما عند ابن خزيمة ((1085))، وابن المنذر ((5) / (171))، وفيه يحيى بن سليم الطائفي، وفيه ضعف.
وجاء من مراسيل سعيد بن المسيب، أخرجه عبد الرزاق ((3) / (14)).
ومن مراسيل محمد بن يوسف، أخرجه كذلك عبد الرزاق ((3) / (14))؛ فالحديث بهذه الطرق صحيح، والله أعلم. [انظر: «الفتح» لابن رجب ((6) / (247) – (248))، «المجموع» ((4) / (21))]. [فتح العلام، (2/ 656 – 662)].
(المسألة السادسة): ما ورد في قضاء الوتر
(1) – عَنْ عُمَر بن. الخَطَّابِ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم [أخرجه مسلم برقم ((747))].
(2) – وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه، أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه مسلم [أخرجه مسلم برقم ((746))].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
وفي حديث عائشة الذي ساقه المؤلف؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ترك القيام الليل من وجع أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر بإحدى عشر ركعة، فإذا قضي الليل ولم يوتر لنوم أو شبهه؛ فإنه يقضي هذه الصلاة، لكن لما فات وقت الوتر صار المشروع أن يجعله شفعًا، بناء على ذلك: فمن كان يوتر بثلاث ونام عن وتره فليصل في النهار أربعًا، وإذا كان يوتر بخمس فليصل ستًا، وإن كان يوتر بسبع فليصل ثماني، وإن كان يوتر بتسع فليصل عشرًا، وإن كان يوتر بإحدى عشرة ركعة فليصل اثنتي عشرة ركعة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله.
وفي هذا دليل على فائدة مهمة وهي: أن العبادة المؤقتة إذا فاتت عن وقتها لعذر فإنها تقضى، أما العبادة المربوطة بسبب؛ فإنه إذا زال سببها لا تقضى، ومن ذلك سنة الوضوء مثلًا؛ إذا توضأ الإنسان فإن من السنة أن يصلي ركعتين، فإذا نسى ولم يذكر إلا بعد مدة طويلة سقطت عنه، وكذلك إذا دخل المسجد وجلس ناسيًا، ولم يذكر إلا بعد مدة طويلة فإن تحية المسجد تسقط عنه؛ لأن المقرون بسبب لابد أن يكون مواليًا للسبب، فإن فصل بينهما سقط، والله الموفق”. انتهى. [شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، (2/ 247)].
(3) – وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذا ذكَرَهُ». أخرجه أبو داود والترمذي [صحيح/ أخرجه أبو داود برقم ((1431))، وهذا لفظه، والترمذي برقم ((465))].
(المسألة السابعة): “التَّرْغِيب فِي قَضَاء الْإِنْسَان ورده إِذا فَاتَهُ من اللَّيْل
قال حسن بن علي الفيومي (ت (870))، في فتح القريب المجيب (4/ 384 – 385):
الحزب ما يجعله الإنسان على نفسه من قراءة أو صلاة أو ذكر
وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا فاتته صلاة من الليل من وجع أو غيره صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة.
قال النووي في الأذكار [(ص (13))]: ينبغي لمن كانت له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار أو عقب صلاة أو حالة من الأحوال ففاته أن يتداركها ويأتي بها إذا تمكن منها ولا يهملها؛ فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها،
قال القرطبي [المفهم ((7) / (18) – (19))]: هذا تفضل من اللّه تعالى ودليل على أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار، وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلب عليه نوم أو عذر منعه من القيام مع أن نيته القام؛ لما روى في حديث أبي الدرداء يبلغ به عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه». [أخرجه ابن ماجه ((1344))، والنسائي في المجتبى (3) / (501) ((1803)) والكبرى ((1463))، وابن خزيمة ((1172))، والحاكم ((1) / (311)). وصححه الألباني صحيح الترغيب ((21)) و ((601))، الإرواء ((454))، الروض النضير ((735))]،
الصواب الذي عليه الأكثرون أن ثوابه يحصل كاملا مضاعفا بسبب عذره المتقدم هذا قول بعض شيوخنا.
وقال بعضهم: يحتمل أن يكون غير مضاعف إذ الذي يصليها أكمل وأفضل.
قال: والظاهر الأول فإن الثواب فضل من الكريم الوهاب.
قوله في الحديث: «فقرأه فيما بين صلاة الفجر والظهر» وإنما خص قبل الظهر بالذكر؛ لأنه متصل بآخر الليل من غير أن يفصل بينهما فريضة نوم، وقد رأى مالك أن يصلي حزبه من فائتة بعد طلوع الفجر وهو عنده وقت ضرورة كمن غلب على حزبه وفاته كما يقول في الوتر [المفهم ((7) / (19))]، أ. هـ.
قال بعض الشافعية: قلت ولا مانع من أن يراد بالقراءة الصلاة وبعد صلاة الفجر إنما تكره صلاة لا سبب لها.
قوله: «فكأنما قرأه من الليل» أي: فكأنما فعله في الليل كالنية في صوم النفل فإنها مجزئة قبل الزوال.
خاتمة: قال القاضي أبو بكر بن العربي في الأحكام في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} بعد أن ذكر هذا الحديث: سمعت ذانشمند الأكبر يقول: إن اللّه خلق العبد حيا عالما وبذلك كماله وسلط عليه آفة النوم وضرورة الحدث ونقصان الخلقة إذ الكمال المطلق للأول الخالق فما أمكن الرجل من دفع النوم بقلة الأكل والسهر [في الطاعة فليفعل]، ومن الغبن العظيم أن يعيش الرجل ستين سنة ينام ليلها فيذهب النصف من عمره لغوا، وينام سدس النهار راحة فيذهب ثلثا ويبقى له من العمر عشرون سنة، ومن الجهالة والسفاهة أن يصرف الرجل ثلثي عمره في لذة فانية ولا يصرف عمره في لذة باقية عند الغني الوفي الذي ليس بعديم ولا ظلوم [أحكام القرآن ((3) / (450))] “. انتهى.
إفادة: قال الإمام غازي: في هذه الرحلة لقي ابن العربي شيخه ذانشمند الأكبر وهو إسماعيل الطوسي ودانشمند الأصغر وهو أبو حامد الغزالي الطوسي. ومعنى ذامنشد بلغة الفرس عالم العلماء
(المسألة الثامنة): كيفية يقضي من فاته ورده في الليل
من فاته ورده في الليل شرع له أن يصليه من النهار، الضحى من النهار شفعا لا وترا، إذا كان عادته ثلاثا يصليها أربعا تسليمتين، وإذا كان عادته خمسا صلاها ثلاث تسليمات ستا، يعني يشفع بواحدة لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة [أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم ((746))]» وكانت عادته في الغالب إحدى عشرة ركعة في الليل، إذا صلى في النهار صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني زاد ركعة شفعها – اللهم صل عليه – لأن النهار ليس محل وتر. [السؤال الثالث عشر من الشريط رقم ((190))، فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، (10/ 402)].
(المسألة التاسعة): الفتاوى
[1] السنة في قضاء صلاة الليل
فضيلة الشيخ: رجل فاتته صلاة الليل ولم يستيقظ إلا من النهار، فهل يصلي صلاة جهرية أم سرية؟
إذا فاتت الإنسان صلاة الليل وقضاها في النهار فإنه يقضيها جهرًا، وإذا فاتته صلاة النهار وقضاها وقت الليل فإنه يقضيها سرًا، والدليل على ذلك السنة القولية والفعلية.
أما السنة القولية: فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)، والهاء تعود إلى الصلاة المنسية أو التي نام عنها، ونحن إذا صليناها نصليها كما كانت، فإذا نام الإنسان عن صلاة الفجر مثلًا ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس نقول: إذا كنت في جماعة فاقرأ جهرًا.
وأما السنة الفعلية: ففي حديث نوم الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر وكانوا في سفر ولم توقظهم إلا الشمس، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوموا من مكانهم ذلك، وقال: (هذا موضع حضرنا فيه الشيطان، ثم نزلوا فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم كما كان يصلي كل يوم)، وهذا يدل على أنه جهر بالقراءة، فصارت القاعدة الآن: أنه إذا قضى صلاة ليل في نهار فإنه يجهر، وإذا قضى صلاة نهار في ليل فإنه يسر؛ لأن (القضاء يحكي الأداء). [لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين (ت (1421))، (56/ 13)].
[س: من نام الليل وقد أوتر وأراد القيام لصلاة الليل إن ختمها بالوتر فماذا عليه في قول الرسول صلى الله عليه وسلم «لا وتران في ليلة» ومن لم يختمها بوتر فماذا عليه في حديث «اجعلوا آخر صلاة الليل وترا» ومن نام ولم يوتر فماذا عليه في حديث أبي هريرة «أوصاني خليلي ألا أنام حتى أوتر» ومن نام ولم يوتر يقصد القيام ليلا وغلبه النوم.
ج: أولا: من نام وقد أوتر أول الليل ثم قام للتهجد آخر الليل فإنه يصلي ما كتب له ولا يعيد الوتر، امتثالا لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في الليلة.
ثانيا: من نام ولم يوتر قاصدا القيام آخر الليل وقد وجد من نفسه قوة على ذلك فإنه يوتر آخر الليل وهذا أفضل؛ لأنه وقت التنزل الإلهي وعملا بحديث «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» فإنه يدل على الأفضل، وليس فيه مخالفة لحديث أبي هريرة «أوصاني خليلي ألا أنام حتى أوتر»؛ لأن هذا في حق من لم يجد في نفسه قوة على القيام آخر الليل وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر من أول الليل وأوسطه وآخره، وهذا يدل على أن الليل كله محل للوتر وقال صلى الله عليه وسلم : «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل» رواه مسلم في صحيحه.
ثالثا: من نام ولم يوتر قاصدا القيام آخر الليل وغلبه النوم فإنه يشرع له قضاء الوتر في وقت الضحى ويشفعه بركعة، لحديث عائشة رض الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا منعه من قيام الليل نوم أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة» رواه مسلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … نائب الرئيس … الرئيس
عبد الله بن غديان … عبد الرزاق عفيفي … عبد العزيز بن عبد الله بن باز [الفتوى رقم ((11271))، فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى].
السؤال الأول من الفتوى رقم ((19211))
س (1): امرأة صلت العشاء ولم توتر قصد قيام جزء من الليل ولما كان الثلث الأخير من الليل حاضت فهل تقضي وترها الذي تركته أم لا؟ مع العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك سنتي الفجر والوتر أبدا لا في الحضر ولا في السفر؟
ج (1): من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا فاته الوتر من الليل لمرض أو نوم قضاه نهارا قبل الزوال شفعا، فإذا أخر الإنسان قضاء الوترإلى ما بعد ذلك فلا يشرع في حقه قضاء ما فاته.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … عضو … عضو … نائب الرئيس … الرئيس
بكر أبو زيد … صالح الفوزان … عبد الله بن غديان … عبد العزيز آل الشيخ … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة – 2 — اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (معاصر)
والرابع: فوائد الحديث
1 – (منها): مشروعيّة اتخاذ ورد من العبادات في الليل.
2 – (ومنها): مشروعية قضائه إذا فات لنوم، أو عذر من الأعذار.
3 – (ومنها): أن وقت قضائه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، فمن فعله في هذا الوقت، كان كمن فعله في الليل، والظاهر أن مَن فعله بعد ذلك لا يكون له ذلك، واللَّه تعالى أعلم. [البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (15) / (563)].
4 – (ومنها): أنَّ كل وَرْدٍ من قول أو فعل، يفوت الإنسان أنه يثبت له أجره إذا قضاه كاملًا.
5 – (ومنها): استحباب الدوام على ما اعتاده المرء من خير، وكراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة.
6 – (ومنها): مشروعية قضاء صلاة الليل، وكذلك سائر النوافل.
[(15) – باب المحافظة عَلَى الأعمال، تطريز رياض الصالحين، لفيصل آل مبارك (ت (1376)) رحمه الله، ص (122 – 124)].
7 – (ومنها): أن الإنسان إذا فاته قيام الليل فإنه يقضيه من النهار، ولكنه لا يوتر، لأن الوتر تختم به صلاة الليل، وقد انتهت كما دل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا غلبه وجع أو غيره، يعني: كالنوم فلم يصل في الليل، صلى في النهار ثنتي عشرة ركعة، لأنه صلى الله عليه وسلم، كان يواظب في أكثر أحيانه على إحدى عشرة ركعة، فكان يقضي ما هو الأكمل والأكثر، يقضي ثنتي عشرة ركعة، وعلى هذا فإذا كان من عادة الإنسان أنه يوتر بثلاث، ولم يقم، فإنه يقضي بالنهار أربعا، ولا يقضي ثلاثا، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس يقضي ستا وهلم جرا، ولكن متي يقضي؟
يقضيه فيما بين طلوع الشمس وارتفاعها إلى زوال الشمس، كما يدل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه فيمن فاته ورده أو حزبه في الليل، أو شيء منه، أنه يقضيه في النهار بالضحى، فيقضي ذلك في الضحى، فإن نسي ولم يتذكر إلا بعد الظهر قضاه بعد الظهر، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها. [شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، (5/ 214 – 215)].
8 – (ومنها): أنَّ آخر وقت الوتر هو طلوع الفجر الثاني، فإذا طلع الفجر، فقد فات وقت الوتر، فمن أوتر بعد طلوع الصبح فلا وتر له، قال ابن المنذر: أجمعوا على على أنَّ ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر. أما أول وقته فتقدم أنَّه بعد صلاة العشاء، ولو كانت مجموعة تقديمًا مع المغرب.
9 – (ومنها): وذكر ابن المنذر عن جماعة من السلف: أنَّ للوتر وقتين: اختياري واضطراري، فالاختياري ينتهي بطلوع الفجر الثاني، والاضطراري لا ينتهي إلاَّ بصلاة الصبح. [توضيح الأحكام من بلوغ المرام لعبد الله البسام (ت (1423)) رحمه الله، (2/ 431)].
10 – (ومنها): أن من نام عن الوتر فلم يستيقط حتى طلع الصبح الثاني، أو نسيه فلم يذكره حتى طلع الفجر -أنه يصليه، ولو بعد طلوع الصبح الثاني.
11 – (ومنها): لا تعارض بين هذا الحديث والحديث الذي قبله: «من أدرك الصبح ولم يوتر، فلا وتر له»، فهذا في حق الذاكر والمستيقظ، فإن وقت الوتر عنده ينتهي بطلوع الفجر الثاني؛ بخلاف حديث الباب، فهو في حقِّ النائم والغافل، فإن هذا هو وقت الصلاة في حقه.
12 – (ومنها): ظاهر الحديث، ومعه حديث الصحيحين أيضًا: أن من نام عن وتره حتى أصبح، أو نسيه -أنه يصليه بعد طلوع الفجر، وأن هذا هو وقته الشرعي، أداءً لا قضاءً، والله أعلم.
13 – (ومنها): قال في «الإقناع»: ويقضيه مع شفعه إذا فات وقته؛ لحديث أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من نام عن الوتر أو نسيه، فليصله إذا أصبح أو ذكره» [رواه أبو داود]، قال في «الحاشية»: المذهب يقضيه على هيئته.
قال شيخ الإسلام: صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها؛ فإن ذلك وقتها»، وهذا يعم الفرض وقيام الليل والسنن الرواتب.
14 – (ومنها): هناك طائفة من العلماء يرون عدم قضاء الوتر على صفته، وأن من طلع عليه الصبح ولم يوتر، فقد فاته الوتر، ولا وتر له؛ كما جاء ذلك في رواية ابن حبان. ويستدلون على ذلك -أيضًا- بما رواه مسلم ((746)) من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل، صلَّى من النهار اثنتي عشرة ركعة».
وذلك أنه كان يوتر بإحدى عشرة ركعة، فيصليها بالنهار شفعًا بزيادة ركعة، فمن كان عادته أن يوتر بثلاث، ونسي، فالأفضل أن يصليها أربعًا، ومن كان عادته خمسا فليصل ستًّا، ومن كان عادته سبعًا فليصل ثمانيًا، ومن كان عادته تسعًا فيصل عشرًا، ومن كان عادته إحدى عشرة فليصل اثنتي عشرة. ويعتبر هذا كالقضاء للوتر، إلاَّ أنه يصليها شفعًا.
وقال الشيخ في موضعٍ آخر: لا يقضي الوتر، ومراده على صفته؛ لأن المقصود به أن يكون آخر الليل، على أن وتر النهار المغرب.
والراجح قضاء الوتر نهارًا شفعًا، كما اختاره الشيخ تقي الدين، رحمه الله تعالى. قاله عبد الله البسام رحمه الله [توضيح الأحكام من بلوغ المرام لعبد الله البسام (ت (1423)) رحمه الله، (2/ 432 – 434)].
15 – نقولات في ذم من ترك الوتر:
(285) – قلت من ترك الْوتر قَالَ: هَذَا رجل سوء
مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح (1) / (333) — أحمد بن حنبل (ت (241))
الجزء (1) صلى الله عليه وسلم حكم الوتر وتاركه
وقد نص أحمد رحمه الله على هذا في الوتر فقال: إذا تركه فهو رجل سوء لا تقبل شهادته.
مع قوله: إنه سنة ….
التعليقة الكبيرة – أبو يعلى – من الصلاة للجنائز (4) / (138) — القاضي أبو يعلى ابن الفراء (ت (458))
16 – السؤال:
ماحكم ترك صلاة الوتر بالكلية؟
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يترك النوافل لاسيما المؤكد منها كالوتر وغيره، ومن ترك الوتر جملة وداوم على ذلك لم تقبل شهادته عند كثير من العلماء.
قال الإمام أحمد: (من ترك الوتر عمدا فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل له شهادة). انتهى
وقال الباجي المالكي في شرح الموطأ: (وأما ترك المندوب إليه بما كان منه يتكرر ويتأكد كالوتر وركعتي الفجر وتحية المسجد وما قد واظب عليه الناس فإن أخل أحد بفعله مرة أو مرارا لعذر أو غير عذر فلا تسقط بذلك عدالة، وأما من أقسم أن لا يفعل أو تركه جملة فإن ذلك يسقط شهادته). انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: (الوتر سنة مؤكدة باتفاق المسلمين، ومن أصر على تركه فإنه ترد شهادته.
وتنازع العلماء في وجوبه، فأوجبه أبو حنيفة وطائفة من أصحاب أحمد، والجمهور لا يوجبونه كمالك والشافعي وأحمد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر على راحلته، والواجب لا يفعل على الراحلة. لكن هو باتفاق المسلمين سنة مؤكدة لا ينبغي لأحد تركه.
والوتر أوكد من سنة الظهر والمغرب والعشاء، والوتر أفضل من جميع تطوعات النهار كصلاة الضحى؛ بل أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل، وأوكد ذلك الوتر وركعتا الفجر). انتهى. ومما استدل به الجمهور على عدم وجوب الوتر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر الأعرابي أن الله تعالى افترض عليه خمس صلوات فقط قال له الأعرابي هل علي غير ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “لا إلا أن تطوع ” والحديث متفق عليه.
والله أعلم.
قال الاتيوبي:
(كَانَ يَقُوم اللَّيْلَ) ووقع عند البخاريّ بلفظ» «كان يقوم من الليل»، فقال في «الفتح»: أي بعض الليل، وسقط لفظ «من» من رواية الأكثرين، وهي مرادة. قال ابن العربيّ صلى الله عليه وسلم : في هذا الحديث دليل على أن قيام الليل ليس بواجب، إذ لو كان واجبًا لم يكتف لتاركه بهذا القدر، بل كان يذمه أبلغ الذمّ. انتهى.
(فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ «) الظاهر أن تركه ذلك كان من غير عذر، لأنه لو كان لعذر لما ذُمّ بتركه، بل ثبت أنه يكتب له أجره، لما أخرجه البخاريّ في» صحيحه «من حديث أبي موسى الأشعري صلى الله عليه وسلم : قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :» إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَر، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا، صَحِيحًا «.
وكأنه صلى الله عليه وسلم يُرغّب عبد اللَّه بن عمرو في الاقتصاد في العبادة، وعدم التشديد على نفسه بتكليفها ما لا تستطيع القيام به، لأن ذلك يؤدي إلى تركها، فيكون مثل هذا الرجل المذموم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (18) / (151)
ولكنَّ ابن عُمَرَ خُوِّف – في المنام – على تركه هذا المندوب بالنار، وذمَّ النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي ترك قيام الليل، حيث نهى عبد الله بن عمرو أن يكون مثله ((1)).
ففي هذا دلالة على ذمَّ تارك السّنَّة، من غير لحوقِ إثمً عليه.
ضرورة الاهتمام بالسنن النبوية (1) / (82) — عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم (ت (1425))
17 – أقوال لبعض السلف حول الوتر:
قيل لابن مسعود: ما نستطيع قيام الليل؟ قال: أقعدتكم ذنوبكم وقيل للحسن: قد أعجزنا قيام الليل؟ قال: قيدتكم خطاياكم وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم كبلتك خطيئتك قال الحسن: إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل قال بعض السلف: أذنبت ذنبا فحرمت به قيام الليل ستة أشهر ما يؤهل الملوك للخلوة بهم إلا من أخلص في ودهم ومعاملتهم فأما من كان من أهل المخالفة فلا يؤهلونه في بعض الآثار: إن جبريل صلى الله عليه وسلم ينادي كل ليلة أقم فلانا وأنم فلانا قام بعض الصالحين في ليلة باردة وعليه ثياب رثة فضربه البرد فبكى فهتف به هاتف أقمناك وأنمناهم ثم تبكي علينا.
يا حسنهم والليل قد جنهم … ونورهم يفوق نور الأنجم
ترنموا بالذكر في ليلهم … فعيشهم قد طاب في الترنم
قلوبهم للذكر قد تفرغت … دموعهم كلؤلؤ منظم
أسحارهم بهم لهم قد أشرقت … وخلع الغفران خير القسم
الليل منهل يرده أهل الإرادة كلهم ويختلفون فيما يردون ويريدون {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة: (60)] فالمحب يتنعم بمناجاة محبوبه والخائف يتضرع لطلب العفو ويبكي على ذنوبه والراجي يلح في سؤال مطلوبه والغافل المسكين أحسن الله عزاءه في حرمانه وفوات نصيبه قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: «لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل».
لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف – ط ابن حزم (1) / (46) – (47)
وراجع لطائف المعارف لابن رجب فقد ذكر أحاديث وآثاره في فضل قيام الليل. وكذلك كتاب حياة السلف بين القول والعمل.