مشكل الحديث (8)
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام3، 1،2، والاستفادة والمدارسة وأهل الحديث همو أهل النبي
—————-
ما هو الجواب عن حديث أبي هريرة (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية … )
فلفظ (ويضع الجزية) مشكل مع ما تقرر أن هذه الشريعة هي الخاتمة، ولا تنسخ، فما هو الجواب؟
———
جواب أبي سيف علي النقبي:
وضع الجزية مقرر بشريعتنا بهذا النص أي بتقرير النبي صلى الله عليه وسلم.
———
جواب أحمد بن علي:
قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين:
وفي قوله: ((ويضع الجزية)) قولان: أحدهما: أنه يحمل الناس على دين الإسلام، ولا يبقى أحد تجري عليه الجزية. والثاني: أنه لا يبقى في الناس فقير يحتاج إلى المال، وإنما تؤخذ الجزية فتصرف في المصالح، فإذا لم يبق للدين خصم عدمت الوجوه التي تصرف فيها الجزية فسقطت. ذكر القولين أبو سليمان الخطابي. ويحتمل وجها ثالثا: وهو أنه يضرب الجزية على من يدين بدين النصارى كما هي اليوم، وذلك لأن شرعه نسخ، فلما نزل استعمل شرعنا، ومن شرعنا ضرب الجزية وقتل الخنزير. اهـ
قال القاضي عياض في إكمال المعلم:
وأما قوله: ” ويضع الجزية “: فليس معناه: أنه يسقطها عمن تجب عليه بخلاف شريعتنا، بل قيل: يسلم الكافر فلا يبقى من يعطى جزية، وقد يقال: إنه يقهر جميع الكفرة حتى لا يبقى له معاند ولا مقاتل، إلا من أسلم أو ألقى بيده، أو أعطى الجزية صاغرا، ويكون وضع الجزية: أى يوظفها على كل من كفر، لا أنه يسقطها. اه
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي:
قال النووي: إمتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. اهـ
قال العيني في شرح البخاري:
قوله: (ويضع الجزية)، أي: يتركها فلا يقبلها بل، يأمرهم بالإسلام … وليس هو بناسخ، بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي بين بالنسخ. اهـ
جاء في شرح ابن ماجه للسيوطى وآخرين:
قوله ويضع الجزية أي يحمل الناس على دين الإسلام فلا يبقى ذمي يؤدي الجزية. وقيل: أي لا يبقى فقير لكثرة الأموال فلا تؤخذ الجزية لأنها انما شرعت مصالحنا وقيل: أي وضع الجزية على كل الكفار وصار كلهم ذمة ويضع الحرب أوزارها والأول الصواب. اهـ
قال الشيخ العثيمين في القول المفيد على كتاب التوحيد:
هو تشريع من محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر به مقررا له.
اهـ
———-
جواب رامي:
(قوله نزول عيسى بن مريم)
قوله (ويضع الحرب) في رواية الكشميهني الجزية والمعنى أن الدين يصير واحدا فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدي الجزية. وقيل؛ معناه أن المال يكثر حتى لا يبقى من يمكن صرف مال الجزية له فتترك الجزية استغناء عنها وقال عياض؛ يحتمل أن يكون المراد بوضع الجزية تقريرها على الكفار من غير محاباة ويكون كثرة المال بسبب ذلك.
وتعقبه النووي وقال: الصواب أن عيسى لا يقبل إلا الإسلام.
قلت: ويؤيده أن عند أحمد من وجه آخر عن أبي هريرة وتكون الدعوى واحدة.
قال النووي: ومعنى وضع عيسى الجزية مع أنها مشروعة في هذه الشريعة أن مشروعيتها مقيدة بنزول عيسى لما دل عليه هذا الخبر وليس عيسى بناسخ لحكم الجزية بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ بقوله هذا.
قال بن بطال: وإنما قبلناها قبل نزول عيسى للحاجة إلى المال بخلاف زمن عيسى فإنه لا يحتاج فيه إلى المال فإن المال في زمنه يكثر حتى لا يقبله أحد ويحتمل أن يقال إن مشروعية قبولها من اليهود والنصارى لما في أيديهم من شبهة الكتاب وتعلقهم بشرع قديم بزعمهم فإذا نزل عيسى عليه السلام زالت الشبهة بحصول معاينته فيصيرون كعبدة الأوثان في انقطاع حجتهم وانكشاف أمرهم فناسب أن يعاملوا معاملتهم في عدم قبول الجزية منهم هكذا ذكره بعض مشايخنا احتمالا والله أعلم ……
فتح الباري لابن حجر العسقلاني، وراجع طرح التثريب للعراقي حيث قرر هذا المعنى
————–
جواب سيف بن غدير النعيمي:
قال العراقي رحمه الله:
” الْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْزِلُ حَاكِمًا بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ لَا نَبِيًّا بِرِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَشَرِيعَةٍ نَاسِخَةٍ ” انتهى.
“طرح التثريب” (8/ 117)
قال ابن كثير رحمه الله:
” أخبر تعالى في كتابه، ورسوله في السنة المتواترة عنه: أنه لا نبي بعده … كما أجرى الله، سبحانه وتعالى على يد الأسود العَنْسي باليمن، ومسيلمة الكذاب باليمامة، من الأحوال الفاسدة والأقوال الباردة، ما علم كل ذي لب وفهم وحِجى أنهما كاذبان ضالان، لعنهما الله.
وكذلك كل مدع لذلك إلى يوم القيامة حتى يختموا بالمسيح الدجال.
” انتهى من “تفسير ابن كثير” (6/ 430 – 431)
روى مسلم (156) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا. فَيَقُولُ: لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ، تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ).
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ) متفق عليه.
هذان دليلان يدلان على أن عيسى عليه الصلاة والسلام لا يأتي بشريعة مستقلة جديدة، بل تابع لشريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
قال الحافظ رحمه الله:
” قَالَ أَبُو الْحَسَن الْآبِريّ فِي مَنَاقِب الشَّافِعِيّ: تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار بِأَنَّ الْمَهْدِيّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّة وَأَنَّ عِيسَى يُصَلِّي خَلْفه. وَقَالَ أَبُو ذَرّ الْهَرَوِيُّ: حَدَّثَنَا الْجَوْزَقِيّ عَنْ بَعْض الْمُتَقَدِّمِينَ قَالَ: مَعْنَى قَوْله: ” وَإِمَامكُمْ مِنْكُمْ ” يَعْنِي أَنَّهُ يَحْكُم بِالْقُرْآنِ لَا بِالْإِنْجِيلِ. وَقَالَ اِبْن التِّين: مَعْنَى قَوْله: ” وَإِمَامكُمْ مِنْكُمْ ” أَنَّ الشَّرِيعَة الْمُحَمَّدِيَّة مُتَّصِلَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة , وَأَنَّ فِي كُلّ قَرْن طَائِفَة مِنْ أَهْل الْعِلْم.
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ: لَوْ تَقَدَّمَ عِيسَى إِمَامًا لَوَقَعَ فِي النَّفْس إِشْكَال، وَلَقِيلَ: أَتُرَاهُ تَقَدَّمَ نَائِبًا أَوْ مُبْتَدِئًا شَرْعًا , فَصَلَّى مَامُومًا لِئَلَّا يَتَدَنَّس بِغُبَارِ الشُّبْهَة وَجْه قَوْله: ” لَا نَبِيّ بَعْدِي ”
وقال علماء اللجنة الدائمة:
” دلت الأحاديث على نزوله آخر الزمان، وعلى أنه يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى أن إمام هذه الأمة ـ في الصلاة وغيرها، أيام نزول عيسى ـ من هذه الأمة، وعلى ذلك لا تكون هناك منافاة بين نزوله وبين ختم النبوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم
؛ حيث لم يأت عيسى برسالة جديدة، ولله الحكم أولا وآخرا، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا معقب لحكمه، وهو العزيز الحكيم ” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (3/ 301 – 302)
وراجع “فتاوى اللجنة الدائمة” (3/ 328 – 329)
——–
جواب سيف بن دورة الكعبي:
قال ابن كثير في رسالة بعنوان (الاجتهاد في طلب الجهاد وذكر بشارة لهذه الأمة وذكر حديث (ويضع الجزية) وقال: بمعنى أنه لا يقبل من غير مسلم جزية، ولا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف، وهذا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّا يفعله عيسى عليه السلام وتشريع وتسويغ.