مشكل الحديث: (4)
*حديث: البراء بن عازب قال؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيتَ مضجعكَ، فتوضأ وضوءَكَ للصلاةِ، ثم اضطَجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ، ثم قل اللهم أسلمتُ وجهي إليك ,وفوضتُ أمري إليك، (فذكر بقية الدعاء) .. فلما بلغت: اللهم آمنتُ بكتابِك الذي أنزلت َ، قلت: ورسولِك، قال: لا، ونبيِّك الذي أرسلتَ.
صحيح البخاري برقم: (247)
*هذا الحديث مشكل:
من حيث أن (الرسول والنبي) لا يؤثران في هذا الذكر في الظاهر، فلماذا ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بقول (ونبيك)؟
——————–
جواب احمد بن علي:
قال ابن عثيمين:
لو قلت وبرسولك الذي أرسلت يمكن أن يكون جبريل؛ لأن جبريل رسول أرسله الله إلى الأنبياء بالوحي
شرح رياض الصالحين للعثيمين
قال النووي قيل: إنما رده؛ لأن قوله: آمنت برسولك يحتمل غير النبي صلى الله عليه وسلم من حيث اللفظ.
واختار المازري وغيره أن سبب الإنكار أن هذا ذكر ودعاء فينبغي فيه الاقتصار على اللفظ الوارد بحروفه وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها وهذا القول حسن.
وقيل: لأن قوله (ونبيك الذي أرسلت) فيه جزالة من حيث صنعة الكلام، وفيه جمع النبوة والرسالة فإذا قال: رسولك الذى أرسلت؛ فإن هذان الأمران مع ما فيه من تكرير لفظ رسول وأرسلت.
وقد قدمنا في أول شرح خطبة هذا الكتاب أنه لا يلزم من الرسالة النبوة ولاعكسه واحتج بعض العلماء بهذا الحديث لمنع الرواية بالمعنى وجمهورهم على جوازها من العارف ويجيبون عن هذا الحديث بأن المعنى هنا مختلف ولاخلاف في المنع إذا اختلف المعنى
شرح النووي على مسلم
تنبيه: نسب ابن بطال المنع إلى: ابن سيرين، ومالك وجماعة من أصحاب الحديث
قال ابن حجر:- وذكر ما سبق وزاد إيضاحاً بقوله:
أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفًا، وعلى هذا فقول من قال كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه.
شرح القسطلاني على البخاري
——————
جواب حمد الكعبي: قال الطحاوي رحمه الله في مشكل الآثار:
ونبيك الذي أرسلت يجمع الرسالة والنبوة جميعا فكان أولى مما يكون على الرسالة دون النبوة، والله نسأله التوفيق
وقال ابن حجر رحمه الله في الفتح:
قال القرطبي تبعا لغيره: فإذا قال الذي أرسلت صار كالحشو الذي لا فائدة فيه بخلاف قوله ونبيك الذي أرسلت فلا تكرار فيه لا متحققا ولا متوهما انتهى كلامه.
وقوله صار كالحشو متعقب لثبوته في أفصح الكلام كقوله تعالى (وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه) (إنا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم) (هو الذي أرسل رسوله بالهدى) ومن غير هذا اللفظ (يوم ينادي المنادي) إلى غير ذلك فالأولى حذف هذا الكلام الأخير والاقتصار على قوله ونبيك الذي أرسلت في هذا المقام افيد من قوله ورسولك الذي أرسلت لما ذكر والذي ذكره في الفرق بين الرسول والنبي مقيد بالرسول البشرى والا فإطلاق الرسول كما في اللفظ هنا يتناول الملك كجبريل مثلا فيظهر لذلك فائدة أخرى وهي تعين البشرى دون الملك فيخلص الكلام من اللبس ……. ) اه
وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي:
. ذكروا في إنكاره صلى الله عليه و سلم ورده اللفظ أوجها منها: فذكر بعض ما سبق ثم قال:
قال الحافظ وأولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه و سلم على من قال الرسول بدل النبي أن ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به
وهذا اختيار المازري قال فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله أوحي إليه بهذه الكلمات فيتعين أداءها بحروفها … ) اه
————-
جواب سيف بن دورة الكعبي:
ذكرت اللجنة في جواب سؤال 1760: هل قول إنك لا تخلف الميعاد بدعة يعني في آخر الذكر بعد الأذان؟
فأجابوا: أن الأصل في الأذكار وسائر العبادات الوقوف عند ما ورد من عباراتها وكيفياتها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم ذكروا حديث البراء هذا كدليل.
لكن استدلوا على قولها بحديث جابر عند البيهقي
تنبيه: حكم الشيخ مقبل على هذه الزيادة بالشذوذ في كتابه الشفاعة. حيث تفرد بها محمد بن عوف مخالفاً جمع من الأئمة
وكذلك حكم عليها بالشذوذ الألباني: وذكر أنها لم ترد في البخاري إلا من رواية الكشميهني، وأعرض عنها ابن حجر فلم يذكرها في الفتح، ولم تقع في أفعال العباد للبخاري والسند واحد.
حتى بعض الباحثين جعل البخاري ممن عللها حيث أعرض عن ذكرها، فكأنه لم يعتبر رواية الكشميهني.
وكذلك لفظة (الدرجة العالية الرفيعة) ضعفها الألباني. الإرواء 1/ 261
تنبيه: ذهب أبوحاتم لتضعيف الحديث بأكمله (راجع شرح علل الترمذي لابن رجب 2/ 873)