عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند ( 41)
جمعه نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة، والمدارسة
———
مسند أحمد 20172 – حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال زهير بن معاوية: أخبرنا عن عبد الملك بن عمير، حدثنا حصين بن أبي الحر، عن سمرة بن جندب، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا حجاما، فأمره أن يحجمه، فأخرج محاجم له من قرون، فألزمه إياه، فشرطه بطرف شفرة، فصب الدم في إناء عنده، فدخل عليه رجل من بني فزارة، فقال: ما هذا يا رسول الله؟ علام تمكن هذا من جلدك يقطعه؟ قال: فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” هذا الحجم “، قال: وما الحجم؟ قال: ” هو من خير ما تداوى به الناس “
قلت سيف : على شرط الذيل على الصحيح المسند وراجع كذلك حديث 20096 في مسند أحمد
——-
الحديث دل على بيان فضل الحجامة ، وجمعت بعض الأحاديث الدالة على ذلك ، وبعض الأحكام المتعلقة بها.
(الْحجامَة) الْحجام وحرفة الْحجام
(الْحجام) محترف الْحجامَة
(الحجم) من كل شَيْء جرمه وَمِقْدَار جرمه (ج) حجوم
(المحجم) مَوضِع الْحجامَة (ج) محاجم
(المحجم) أَدَاة الحجم والقارورة الَّتِي يجمع فِيهَا دم الْحجامَة. [ المعجم الوسيط : 1/ 158 ].
[ فضل الحجامة ]
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول:
“إنْ كانَ في شيء مِنْ أدْوِيَتِكُم خيرٌ؛ ففي شَرْطَةِ مِحْجَم (1)، أوْ شَرْبةٍ مِنْ عَسلٍ، أو لَذعَةٍ (2) بنارٍ، وما أُحِبُّ أنْ أَكتَوِيَ”.رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
“إنْ كانَ في شيْءٍ مما تداوَيْتُم به خيرٌ فالحجَامةُ”.
وعن سَلْمى خادِمِ رسولِ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قالَتْ:
ما كانَ أحَدٌ يَشْتَكي إلى رسولِ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وجَعاً في رأسِه إلا قال: “احْتَجِمْ”. ولا وَجعاً في رِجْلَيْه إلا قال: “اخضُبْهُما”.
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال:
حَدَّثَ رسولُ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عَنْ ليلة أُسْرِيَ به أنَّه:”لَمْ يَمُرَّ على مَلأٍ مِنَ الملائكَةِ إلا أَمروه: أنْ مُرْ أُمَّتكَ بالْحِجَامَةِ”.
انتقيت هذه الاحاديث من كتاب ( صحيح الترغيب والترهيب )
[ وقت الحجامة ]
إنَّ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حيثُ عُرِجَ به ما مَرَّ على مَلأ مِنَ الملائِكَةِ إلا قالوا: علَيْكَ بالحِجامَةِ. وقال:
“إنَّ خَيْرَ ما تَحْتَجِمون فيه يَوْمَ سَبْعَ عَشْرَة، ويومَ تِسْعَ عَشْرَة، ويومَ إحْدى وعِشْرينَ”. رواه الترمذي ، حكم الألباني ( صحيح لغيره ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: “مَنِ احْتَجم لِسَبْعَ عَشْرَةَ مِنَ الشهْرِ كان لَه شفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ”. رواه الحاكم وقال: “صحيح على شرط مسلم”.
ورواه أبو داود أطول منه قال: “مَنِ احْتَجم لِسبعَ عَشْرةَ وتِسْعَ عَشْرةَ وإحدى وعِشرينَ كان شِفاءً مِنْ كُلِّ داءٍ”. حكم الالباني ( حسن ) ، انظر صحيح الترغيب و الترهيب
[ مواضع الحجامة ]
[ الحجامة في الأخْدَعيْنِ والكاهِل ]
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال:
“كان رسولُ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَحْتَجِمُ في الأخْدَعَيْنِ والكاهِلِ، وكان يَحْتَجِمُ لِسَبْعَ عَشْرةَ وتِسْعَ عَشْرةَ”. رواه الترمذي وقال: “حديث حسن غريب”.
وأبو داود، ولفظه:
“أنَّ النبيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – احْتَجم ثَلاثاً في الأخْدَعيْنِ والكاهِل”.
قال معمر: احْتَجْمتُ، فذهَب عَقلي حتى كنْتُ أُلقِّنُ فاتِحةَ الكتابِ في صَلاتي. وكانَ احْتَجمَ على هامَتِه.
(الهامة): الرأس.
و (الأخدع) بخاء معجمة ودال وعين مهملتين؛ قال أهل اللغة: “هو عرق في سالفة العنق (1) “. و (الكاهل): ما بين الكتفين.
[ الحجامة من الشقيقة والصداع ]
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ احْتَجَمَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – فِى رَأْسِهِ وَهْوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ لَحْىُ جَمَلٍ. رواه البخاري
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – احْتَجَمَ وَهْوَ مُحْرِمٌ فِى رَأْسِهِ مِنْ شَقِيقَةٍ كَانَتْ بِهِ. رواه البخاري
قال ابن القيم في الزاد ( 4/ 53): والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم إذا استعملت في وقتها، وتنقي الرأس والفكين، والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن وهو عرق عظيم عند الكعب، وتنفع من قروح الفخذين والساقين وانقطاع الطمث والحكة العارضة في الأنثيين، والحجامة في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ وجربه وبثوره ومن النقرس والبواسير والفيل وحكة الظهر.
[الحجامة على الريق أمثل ]و [ما الأيام التي تفعل بها الحجامة ]
أن ابن عمر رضي الله عنهما قال له:
يا نافعُ! تَبَيَّغَ بيَ الدمُ فالْتَمِسْ لي حجَّاماً، واجْعَلْهُ رَفيقاً إنِ اسْتَطعْتَ، ولا تَجْعَلْة شَيْخاً كبيراً، ولا صبِيّاً صغيراً، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول: “الحِجامَةٌ على الريِّقِ أمْثَل، وفيها شفاءٌ وبَركَةٌ، وتَزيدُ في العَقْل وفي الحِفْظِ، واحْتَجِموا على بَركةِ الله يومَ الخميسِ، واجْتَنِبوا الحِجَامة يومَ الأرِبْعاءِ والجُمُعَةِ والسبْتِ والأحَدِ تحرِّياً، واحْتَجِموا يومَ الاثْنَيْنِ والثُّلاثَاءِ؛ فإنَّه اليومُ الذي عافى الله فيه أيّوبَ، وضربَه بالبَلاءِ يومَ الأربعاءِ، فإنَّه لا يَبْدو جُذَامٌ ولا بَرَصٌ إلا يومَ الأربعاءِ، وليلةَ الأرِبْعاءِ”.
[ الحجامة للمحرم ]
عن أَنس:
أنَّ النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – احتجمَ وهو محرم على ظهرِ القدم؛ من وجع كانَ به.
صحيح – “صحيح أَبي داود” (1611/ 2).
قال النووي على مسلم ( 8/ 123 ): إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فإن تضمنت قطع شعر فهي حرام لقطع الشعر وأن لم تتضمنه جازت عند الجمهور .
وفي هذا الحديث بيان قاعدة من مسائل الإحرام وهي أن الحلق واللباس وقتل الصيد ونحو ذلك من المحرمات يباح للحاجة وعليه الفدية كمن احتاج إلى حلق أو لباس لمرض أو حر أو برد أو قتل صيد للحاجة وغير ذلك والله أعلم .
قال السندي في حاشيته ( 6/ 130 ): تجوز الحجامة للمحرم عند كثير إذا كان بلا حلق شعر لكن قد علم أن حجامته صلى الله عليه وسلم كانت في الرأس وهي عادة لا تخلو عن حلق فالأقرب أن يقال يجوز حلق موضع الحجامة إذا كان هناك ضرورة.
[ الحجامة للصائم ]
وعن ابن عباس – رضي الله تعالى عنهما -، «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم» . رواه البخاري
وعن شداد بن أوس «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان. فقال: أفطر الحاجم والمحجوم» . رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه أحمد وابن خزيمة وابن حبان
اختلف أهل العلم على أقوال :
منهم من قال يفسد صومه، وبه قال إسحاق، وابن المنذر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة. وهو قول عطاء، وعبد الرحمن بن مهدي ، وهو من مفردات مذهب الحنابلة ، وبه قال ابن تيمية ، وابن باز ، وابن عثيمين .
ومنهم لا يرون للصام أن يحتجم : وكان الحسن، ومسروق، وابن سيرين.
وذهب قوم وكان جماعة من الصحابة يحتجمون ليلا في الصوم، منهم ابن عمر، وابن عباس، وأبو موسى، وأنس بن مالك.
ومنهم من رخص بالجواز ، وبه قال أبو سعيد الخدري، وابن مسعود، وأم سلمة، وحسين بن علي، وعروة، وسعيد بن جبير. وقال مالك، والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي: يجوز للصائم أن يحتجم، ولا يفطر، وهو قول الجمهور .
و دليل من ذهب بالجواز لما روى البخاري، عن ابن عباس، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – «احتجم وهو صائم» . ولأنه دم خارج من البدن، أشبه الفصد.
واستدل المانعون بالفطر قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «أفطر الحاجم والمحجوم.» رواه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أحد عشر نفسا،
قال أحمد: حديث شداد بن أوس من أصح حديث يروى في هذا الباب .
وقال البغوي في شرح السنة: معنى ” أفطر الحاجم والمحجوم ” أي تعرضا للإفطار، أما الحاجم فلأنه لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص، وإنما المحجوم فلأنه لا يأمن من ضعف قوته بخروج الدم، فيئول أمره إلى. أن يفطر
قال الشوكاني في النل : وهذا أيضا جواب متكلف وسياق التصريح بما هو الحق.
وفي ( الفتح ) ( 4 / 155 ) : ( وقال ابن حزم : صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب لكن وجدنا من حديث أبي سعيد : أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم . وإسناده صحيح فوجب الاخذ به لان الرخصة إنما تكون بعد العزيمة فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما . انتهى
قال الالباني في الارواء ( 4/ 79) : وجملة القول : أن حديث ابن عباس من الطريق الاولى صحيح لا مغمز فيه فقول ابن القيم في ( زاد المعاد ) : ( ولا يصح عنه صلى الله عليه وسلم انه احتجم وهو صائم ، وقد رواه البخاري ! مما لا يلتفت إليه لان ما نقله عن أحمد من اعلاله للحديث من طرق تقدم أكثرها ليس فيها طريق البخاري فهي سالمة من الطعن وقد أشار إلى رد قول ابن القيم هذا الحافظ في ( الفتح ) بقوله ( 4 / 155 ) : ( والحديث صيحيح لا مرية فيه ) . …
و جاء عن ابن عباس في الحجامة للصائم قال : ( الفطر مما دخل وليس مما يخرج ) . قلت ( الالباني ) : وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين وأبو ظبيان اسمه حصين بن جندب الجنبي الكوفي فهذا نص صريح على أن ابن عباس يرى أن الحجامة لا تفطر فرأيه موافق لروايته فيمكن قلب استدلال المصنف عليه فيقال : إن الراوي أدرى بمرويه من غيره فلو كان ما رواه منسوخا لم يخف فلك عليه إن شاء الله تعالى .
ويؤيد حديث أبى سعيد الخدري وأنس فانهما يدلان على أن حديث ابن عباس المرفوع محكم وأن حديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ) هو المنسوخ وقد خرجتهما قبل حديثين . انتهى
و الذي أميل اليه الحجامة مكروهة في حق من كان يضعف ، والدليل على ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سُئِل: ((هل كنتم تكرهون الحجامة؟ فقال: لا، إلا من أجل الضعف)). أخرجه البخاري ومسلم
قال الشوكاني في النيل ( 4 / 241): فيجمع بين الأحاديث بأن الحجامة مكروهة في حق من كان يضعف بها وتزداد الكراهة إذا كان الضعف يبلغ إلى حد يكون سببا للإفطار، ولا تكره في حق من كان لا يضعف بها، وعلى كل حال تجنب الحجامة للصائم أولى، فيتعين حمل قوله: ” أفطر الحاجم والمحجوم ” على المجاز لهذه الأدلة الصارفة له عن معناه الحقيقي.
[مسألة الإجارة على الحجامة]
قال ابن تيمية : وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس قال: {احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره} ولو كان سحتا لم يعطه إياه.
وفي الصحيحين عن {أنس – وسئل عن كسب الحجام – قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين من طعام وكلم أهله فخففوا عنه} ولا ريب أن الحجام إذا حجم يستحق أجرة حجمه عند جماهير العلماء وإن كان فيه قول ضعيف بخلاف ذلك. وقد أرخص النبي صلى الله عليه وسلم له أن يعلفه ناضحه ويطعمه رقيقه كما في حديث {محصن أن أباه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خراج الحجام فأبى أن يأذن له فلم يزل به حتى قال: أطعمه رقيقك واعلفه ناضحك} رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه وغيره.
واحتج بهذا أكثر العلماء أنه لا يحرم. وإنما يكره للحر تنزيها. قالوا: لو كان حراما لما أمره أن يطعمه رقيقه؛ لأنهم متعبدون ومن المحال أن يأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يطعم رقيقه حراما. ومنهم من قال: بل يحرم؛ لما روى مسلم في صحيحه عن رافع بن خديج – رضي الله عنهما – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {كسب الحجام خبيث وثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث} ” وفي الصحيحين عن {ابن أبي جحيفة قال: رأيت أبي اشترى حجاما فأمر بمحاجمه فكسرت فسألته عن ذلك؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم} . قال هؤلاء: فتسميته خبيثا يقتضي تحريمه كتحريم مهر البغي وحلوان الكاهن. قال الأولون: قد ثبت عنه أنه قال: ” {من أكل من هذين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا} ” فسماهما خبيثتين بخبث ريحهما وليستا حراما. وقال: ” {لا يصلين أحدكم وهو يدافع الأخبثين} أي: البول والغائط. فيكون تسميته خبيثا لملاقاة صاحبه النجاسة؛ لا لتحريمه؛ بدليل أنه أعطى الحجام أجره وأذن له أن يطعمه الرقيق والبهائم. مجموع الفتاوى ( 30/ 192) .
قال ابن القيم في الزاد ( 5/ 702 ): وأما إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم الحجام أجره، فلا يعارض قوله: ( «كسب الحجام خبيث» ) ؛ فإنه لم يقل: إن إعطاءه خبيث، بل إعطاؤه إما واجب، وإما مستحب، وإما جائز، ولكن هو خبيث بالنسبة إلى الآخذ، وخبثه بالنسبة إلى أكله، فهو خبيث الكسب، ولم يلزم من ذلك تحريمه؛ فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم الثوم والبصل خبيثين مع إباحة أكلهما، ولا يلزم من إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم الحجام أجره حل أكله فضلا عن كون أكله طيبا؛ فإنه قال: ( «إني لأعطي الرجل العطية يخرج بها يتأبطها نارا» ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد كان يعطي المؤلفة قلوبهم من مال الزكاة والفيء مع غناهم، وعدم حاجتهم إليه؛ ليبذلوا من الإسلام والطاعة ما يجب عليهم بذله بدون العطاء، ولا يحل لهم توقف بذله على الأخذ، بل يجب عليهم المبادرة إلى بذله بلا عوض.
وهذا أصل معروف من أصول الشرع أن العقد والبذل قد يكون جائزا، أو مستحبا، أو واجبا من أحد الطرفين، مكروها أو محرما من الطرف الآخر، فيجب على الباذل أن يبذل، ويحرم على الآخذ أن يأخذه.
وبالجملة فخبث أجر الحجام من جنس خبث أكل الثوم والبصل، لكن هذا خبيث الرائحة، وهذا خبيث لكسبه.
قال ابن حزم في المحلى ( 7 / 16 ):
مسألة: ولا تجوز الإجارة على الحجامة، ولكن يعطى على سبيل طيب النفس وله طلب ذلك، فإن رضي وإلا قدر عمله بعد تمامه لا قبل ذلك وأعطي ما يساوي.
سئل العلامة العثيمين :
ما حكم إعطاء الحجام مالاً على الحجامة؟
الجواب
لا بأس أن تعطي الحجام أجرته، كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: [ إن أجرة الحجام ليست حراماً، ولو كانت حراماً ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الحجام أجرته ] وصدق رضي الله عنه، لكن كسب الحجام خبيث -بمعنى: أنه رديء- لأنه ينبغي للحجام أن يتطوع ويتبرع؛ لأن في هذا إنقاذاً لإخوانه من الضرر والهلكة، فكونه يأخذ على هذا أجراً نقول: إن هذا الأجر رديء وليس حراماً، وهل يطلق الخبيث على الرديء وهو حلال؟ نعم، قال الله تعالى: { وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا } [البقرة:267]. لقاء الباب المفتوح
ما الفرق بين الحجامة والفصد؟
الجواب
الفصد غير الحجامة، فالحجامة تكون عن طريق المحاجم، والفصد يكون بقطع في العرق بشيء حاد، فيخرج منه دم، ثم يعمل شيئاً يوقف النزيف.
[هل تشرع الحجامة لأجل الحفظ]
الجواب
حديث ابن عمر الذي فيه: (يزيد في العقل وفي الحفظ) لعله لمن احتاج إلى الاحتجام؛ لوجود الدم الفاسد فيه، وإذا أزيل الدم الفاسد فلا شك أنه فيه فائدة من ناحية صفاء الذهن، وقوة الحفظ، ولكن هذا لا يعني أن كل إنسان يحتجم من أجل أن يحفظ وهو ليس بحاجة إلى الحجامة، فالذي عافاه الله لا يحتاج إلى الحجامة ولا إلى العلاج، والحجامة هي علاج.
قلت سيف : وراجع التعليق على حديث رقم 1399 من الصحيح المسند.
وأكثر ما توسعنا في التعليق على الصحيح المسند 1368 ومما بينا أوقات الحجامة :
أوقات الحجامة
ورد في توقيت الحجامة أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من قوله ومن فعله ، وهي تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أحاديث تنص على أيام الحجامة المفضلة ، وأنها أيام السابع عشر – خاصة إذا صادف يوم ثلاثاء – ، والتاسع عشر ، والحادي والعشرين من الشهر القمري ، وأيام الاثنين والخميس من أيام الأسبوع .
القسم الثاني : أحاديث تنهى عن الحجامة في أيام معينة من أيام الأسبوع : وهي أيام السبت ، والأحد ، والثلاثاء – وقد ورد أيضا الحث على الحجامة يوم الثلاثاء -، والأربعاء ، والجمعة.
وقد أكثر الأئمة على ضعف أحاديث هذين القسمين كلها ، وأنه لم يصح منها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه بعض النصوص عنهم :
1- سئل الإمام مالك عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء فقال :
” لا بأس بذلك ، وليس يوم إلا وقد احتجمتُ فيه ، ولا أكره شيئا من هذا ” انتهى باختصار.
” المنتقى شرح الموطأ ” (7/225) نقله عن ” العتبية “.
وجاء في ” الفواكه الدواني ” (2/338) من كتب المالكية :
” تجوز في كل أيام السنة حتى السبت والأربعاء , بل كان مالك يتعمد الحجامة فيها , ولا يكره شيئا من الأدوية في هذين اليومين , وما ورد من الأحاديث في التحذير من الحجامة فيهما فلم يصح عند مالك رضي الله عنه ” انتهى.
2- يقول عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله :
” ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيء – يعني في توقيتها – إلا أنه أمر بها ” انتهى.
نقله ابن الجوزي في “الموضوعات” (3/215)
3- نقل الخلال عن الإمام أحمد أن الحديث لم يثبت .
نقله ابن حجر في “فتح الباري” (10/149).
4- يقول البرذعي :
” شهدت أبا زرعة لا يُثبِتُ في كراهة الحجامة في يوم بعينه ، ولا في استحبابه في يوم بعينه حديثا ” انتهى.
“سؤالات البرذعي” (2/757)
5- وقال الحافظ ابن حجر – في شرح قول الإمام البخاري : ” باب في أي ساعة يحتجم ، واحتجم أبو موسى ليلا ” – :
” وورد في الأوقات اللائقة بالحجامة أحاديث ليس فيها شيء على شرطه ، فكأنه أشار إلى أنها تصنع عند الاحتياج ، ولا تتقيد بوقت دون وقت ، لأنه ذكر الاحتجام ليلا ” انتهى.
“فتح الباري” (10/149)
6- وقال العقيلي رحمه الله :
” وليس في هذا الباب – في اختيار يوم للحجامة – شيء يثبت ” انتهى.
“الضعفاء الكبير” (1/150)
7- وقد عقد ابن الجوزي رحمه الله في كتابه “الموضوعات” (3/211-215) أبوابا كاملة جمع فيها هذه الأحاديث الواردة ، ويعقبها بقوله :
” هذه الأحاديث ليس فيها شيء صحيح ” انتهى.
8- ويقول الإمام النووي رحمه الله :
” والحاصل أنه لم يثبت شيء في النهي عن الحجامة في يوم معين” انتهى.
” المجموع ” (9/69) وإن كان النووي يحسن حديث توقيت الحجامة في أيام السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين .
9- قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” هذه الأحاديث لم يصح منها شيء ” انتهى.
“فتح الباري” (10/149)
ثانيا :
استحب كثير من أهل العلم عمل الحجامة في أيام السابع عشر ، والتاسع عشر ، والحادي والعشرين من الشهر القمري ، اعتمادا على عدة حجج :
1- ورود ذلك بأسانيد صحيحة عن الصحابة رضوان الله عليهم :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
( كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحتجمون لوتر من الشهر )
رواه الطبري في “تهذيب الآثار” (رقم/2856) قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس به .
وهذا إسناد صحيح . قال أبو زرعة : أجود شيء فيه حديث أنس : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجمون لسبع عشرة ، ولتسع عشرة ، وإحدى وعشرين ) “سؤالات البرذعي” (2/757)
وروى الطبري أيضا بعد الأثر السابقة عن رفيع أبو العالية ، قال : ( كانوا يستحبون الحجامة لوتر من الشهر)
وعن ابن عون ، قال : ( كان يوصي بعض أصحابه أن يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة ) قال أحمد : قال سليم : وأخبرنا هشام ، عن محمد أنه زاد فيه : وإحدى وعشرين .
ولعل اعتياد الصحابة لذلك كان عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ، مما يشعر بأن لهذه الأحاديث المرفوعة أصلا ؛ بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى تقوية بعض الأحاديث المرفوعة في ذلك ، ، كالإمام الترمذي حين أخرج حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل ، وكان يحتجم لسبع عشرة ، وتسع عشرة ، وإحدى وعشرين ) رقم (2051) ، قال : حديث حسن .
وكذلك فعل بعض المتأخرين كالسيوطي في “الحاوي للفتاوي” (1/279-280)، وابن حجر الهيتمي في فتاواه (4/351) ، والشيخ الألباني في “السلسلة الصحيحة” (رقم/622، 1847) .
وإن كان ما قدمناه من نصوص الأئمة على تضيعف المرفوع أقوى وأظهر .
2- تأييد ذلك من جهة الطب :
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله – بعد أن أورد أحاديث الحجامة في السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين – :
” وهذه الأحاديث موافقة لما أجمع عليه الأطباء : أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من أرباعه أنفع من أوله وآخره .
وإذا استعملت عند الحاجة إليها نفعت أي وقت كان من أول الشهر وآخره .
قال الخلال أخبرني عصمة بن عصام قال حدثنا حنبل قال كان أبو عبد الله أحمد بن حنبل يحتجم أي وقت هاج به الدم وأي ساعة كانت ” انتهى.
“زاد المعاد” (4/54)
أما بالنسبة لاختيار أيام الأسبوع للحجامة فلم يثبت شيء من ذلك من جهة الطب ، فيما نعلم ، وإن كان ورد عن بعض الصحابة ذلك ، وثبت عن الإمام أحمد أنه كان يتوقى الحجامة يومي السبت والأربعاء ، نقل ذلك ابن القيم في ” زاد المعاد ” (4/54) عن الخلال .
قال ابن مفلح ، رحمه الله :
” تكره الحجامة في يوم السبت ويوم الأربعاء نص عليهما في رواية أبي طالب وجماعة وزاد أحمد رواية محمد بن الحسن بن حسان ويقولون يوم الجمعة وهذا الذي قطع به في المستوعب وغيره .
وقال المروذي : كان أبو عبد الله يحتجم يوم الأحد ويوم الثلاثاء .
قال القاضي : فقد بين اختيار يوم الأحد , والثلاثاء وكره يوم السبت , والأربعاء وتوقف في الجمعة . انتهى كلامه ,
والقاعدة أنه إذا توقف في شيء خرج فيه وجهان .
وعن الزهري مرسلا ( من احتجم يوم السبت , أو يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه .) ذكره أحمد واحتج به ، قال أبو داود وقد أسند ولا يصح .
وذكر البيهقي أنه وصله غير واحد وضعف ذلك , والمحفوظ منقطع انتهى كلامه .
ورواه أبو بكر بن أبي شيبة بإسناده عن مكحول مرسلا . , والوضح : البرص .
وحكي لأحمد أن رجلا احتجم يوم الأربعاء واستخف بالحديث وقال ما هذا الحديث ؟ فأصابه وضح , فقال أحمد : “لا ينبغي لأحد أن يستخف بالحديث ” رواه الخلال .
وعن ابن عمر مرفوعا ( أن في الجمعة ساعة لا يحتجم فيها محتجم إلا عرض له داء لا يشفى منه ) رواه البيهقي بإسناد حسن وفيه عطاف بن خالد وفيه ضعف ” . انتهى .
الآداب الشرعية ، لابن مفلح (3/333) .
وكذلك ورد عن ابن معين وعلي بن المديني نحو من ذلك
وراجع كتابنا كذلك الفوائد على صحيح مسلم
فائدة : أفيدكم فائدة حصلت لزوجتي من خلال الحجامة
أصيبت بشي سائل على جدارالمخ ولم نعرف ماهو؟
هل هو ماء أم دم ؟
وظلينا 8شهور وزوجتي تعاني من ألم فضيع والطبيب قررعملية جراحية يفتح الرأس
فاستخرت في العملية
وترددت بعدها ولم نعمل العملية لأنهاكانت خطيرة
قررت أخذها لإمرأة تحجمها وهي زوجة أحد المحجمين
فوالله أنهاتحسنت بعد ذلك بفضل الله وحده ومن ثم الحجامة أكملت 5سنوات وهي بخير والحمد لله
أخوكم عبدالله موسى