مختلف الحديث (98)
مجموعة عبدالله البلوشي ابوعيسى وعبدالحميد البلوشي.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-
[ومن كتاب الصلاة]
مختلف الحديث رقم: {98}
كيف التوفيق بين ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أنَّ امرأةً سوداءَ كانت تَقُمُّ المسجدَ ففقدها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. فسأل عنها فقالوا: مات قال أفلا كنتُم آذَنْتُمونى قال: فكأنهم صَغَّروا أمرَها فقال: دُلُّوني على قبرِها فدَلُّوه فصلَّى عليها [البخاري مسلم]
وبين ما جاء في الأحاديث في النهي عن الصلاة على أو (عند) القبور.
قال ابن حجر في «الفتح»: استُنبط من قوله في الحديث: (ولا تتخذوها قبورا)؛ أن القبور ليست بمحل للعبادة.
—————‘———‘———
: مسألة الصلاة على القبور ..
الصلاة على القبور على قسمين:
القسم الأول: الصلاة لصاحب القبر، وهذا شرك أكبر مخرج عن الملة لأن الصلاة عبادة والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) النساء/36، وقال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً) النساء/116.
القسم الثاني: الصلاة لله في المقبرة، وهذا القسم تحته مسائل:
1 – صلاة الجنازة على القبر، وهذه جائزة.
صورة المسألة: أن يموت شخص ولم تتمكن من الصلاة عليه في المسجد فيجوز لك أن تصلي عليه بعد دفنه.
دليل المسألة: هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم: فعن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ (أي يُنظِّف) الْمَسْجِدَ فَمَاتَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا مَاتَ قَالَ أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ أَوْ قَالَ قَبْرِهَا فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا ” رواه البخاري واللفظ له (458) ومسلم (956).
2 – صلاة الجنازة في المقبرة، وهذه جائزة.
صورة المسألة: أن يموت شخص ولم تتمكن من الصلاة عليه في المسجد، وحضرت إلى المقبرة فصليت عليه قبل أن يُدفن.
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله: ” تجوز الصلاة على الجنازة داخل المقبرة كما تجوز الصلاة عليها بعد الدفن؛ لما ثبت أن جارية كانت تقم المسجد، فماتت فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقالوا: ماتت، فقال: ” أفلا كنتم آذنتموني؟ فدلوني على قبرها ” فدلوه فصلى عليها ثم قال: ” إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم ” رواه مسلم 956 انتهى من فتاوى اللجنة الدائمة 8/ 392
3 – الصلاة في المقبرة – ما عدا صلاة الجنازة – وهذه الصلاة باطلة ولا تصح، سواءً كانت فريضة أو نافلة.
الدليل: أولاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ” رواه الترمذي (317) وابن ماجه (745) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (606).
ثانياً: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ” لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ” رواه البخاري (435) ومسلم (529).
ثالثاً: (تعليل) وهو أن الصلاة في المقبرة قد تتخذ ذريعة إلى عبادة القبور، أو إلى التشبه لمن يعبد القبور، ولهذا لما كان الكفار يسجدون للشمس عند طلوعها وغروبها، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوعها وغروبها لئلا يُتخذ ذريعة إلى أن تُعبد الشمس من دون الله، أو إلى أن يتشبه بالكفار.
4 – الصلاة إلى المقبرة، وهذه محرمة – على الصحيح -.
صورة المسألة: أن تصلي وفي قبلتك مقبرة أو قبر، ولكنك لا تصلي في أرض المقبرة، بل في أرض أخرى قريبة من المقبرة، وليس بينك وبين المقبرة سور أو حاجز.
الدليل على التحريم:
1 – عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلا تُصَلُّوا إِلَيْهَا ” رواه مسلم (972). فهذا يدل على تحريم الصلاة إلى المقبرة أو إلى القبور أو إلى القبر الواحد.
2 – ولأن العلة من منع الصلاة في المقبرة موجودة في الصلاة إلى القبر فما دام الإنسان يتجه إلى القبر أو إلى المقبرة اتجاهاً يُقال إنه يُصلي إليها فإنه يدخل في النهي، وإذا كان داخلاً في النهي فلا يصح لقوله: ” لا تصلوا ” فالنهي هنا عن الصلاة، فإذا صلى إلى القبر فقد اجتمع في فعله هذا طاعة ومعصية، وهذا لا يمكن أن يتقرب إلى الله تعالى به.
تنبيه: إذا كان بينك وبين المقابر جدار فاصل فلا بأس من الصلاة حينئذٍ ولا نهي، كذلك إذا كان بينك وبينها شارع أو مسافة لا تصير بها مصلياً إلى المقابر فلا بأس. والله أعلم
انظر المغني (1/ 403) والشرح الممتع لابن عثيمين (2/ 232) رحم الله الجميع.
——
حكم الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الميت
يقول المصنف رحمة الله: [ومن فاتته الصلاة عليه صلى على القبر].
بعد أن بين المصنف رحمه الله صفة الصلاة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، شرع رحمه الله في بيان حكم من فاتته الصلاة على الميت في المسجد، فقال رحمه الله: (ومن فاتته الصلاة عليه صلى على القبر إلى شهر).
وهذه المسألة اختلف العلماء رحمهم الله فيها، هل يشرع له ذلك أو لا يشرع؟ ولها نظائر، منها: لو كان الإنسان مسافراً، ثم قدم بعد وفاة قريب له أو إنسان يعرفه، وأحب أن يصلي عليه بعد دفنه، فهل يشرع ذلك أو لا يشرع؟ للعلماء في هذه المسألة قولان:
القول الأول: يشرع لمن فاتته الصلاة على الميت أن يصلي على قبره.
وهذا القول يقول به فقهاء الشافعية والحنابلة رحمة الله على الجميع، وهو مروي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فروي عن علي و عبد الله بن عمر و أبي موسى الأشعري رضي الله عن الجميع.
القول الثاني: لا تشرع الصلاة على القبر، وإنما تختص الصلاة بالصفة المعهودة التي تكون قبل دفن الميت، ولا يشرع لأحدٍ أن يصليها على أحدٍ بعد قبره إلا في حالة ما إذا لم يصل عليه، وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية رحمة الله على الجميع.
فتحصل معنا أن العلماء -رحمهم الله- ينقسمون إلى طائفتين: طائفةٌ تجيز الصلاة، وطائفة تمنع، ومن الذين يمنعون من يستثني حالة ما إذا لم يصل على الميت، فيجيز الصلاة على الميت إذا لم يصل عليه.
وبناءً على ذلك يكون محل الخلاف إذا صُليّ عليه قبل دفنه، أما إذا لم يصل عليه قبل دفنه فكلهم يقولون بجواز الصلاة عليه بعد قبره.
أما بالنسبة للأدلة فقد استدل الذين قالوا بجواز الصلاة على الميت بعد دفنه، بحديث المرأة السوداء التي كانت تقم المسجد.
في هذا الحديث دليل على مشروعية الصلاة على الميت بعد دفنه، فأصحاب هذا القول يقولون: لو كانت الصلاة على الميت بعد دفنه ممنوعة لما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، واستدلوا كذلك بحديث في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد، وذلك أنه قدم المدينة بعد وفاتها فقام على قبرها وصلى عليها رضي الله عنها وأرضاها، قالوا: فبهذه النصوص يتبين أنه يشرع أن يصلى على الميت بعد دفنه.
وهناك حديث ثالث أشار إليه البخاري رحمه الله، وهو حديث عبد الله بن عباس وهو في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم: صلى على قبرٍ بعدما دفن) وفي روايةٍ: (على قبرٍ منبوت) -وهي الرواية المرسلة التي أشار إليها البخاري في صحيحه-، وقالوا: إن هذا يدل على مشروعية الصلاة على الميت بعد قبره، وبمجموع هذه الأحاديث يقول هؤلاء العلماء رحمةُ الله عليهم: إنه لا حرج إذا جئت بعد الصلاة على الميت أن تقوم على قبره وتصلي عليه.
وذهب الحنفية والمالكية إلى عدم مشروعية الصلاة على القبر، وأن من خصوصياته عليه الصلاة والسلام: أن يصلي على الميت على قبره بعد دفنه إذا صُليّ عليه، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد قال: (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها بصلاتي عليهم) قالوا: فهذا نص من لفظه عليه الصلاة والسلام يفسر ما كان من فعله، ويدل دلالة واضحة على معنى الخصوصية؛ قالوا: ولذلك ما وقع منه صلى الله عليه وسلم هذا إلا في أحوالٍ مخصوصة، فصلى على أم سعد، تطييباً لخاطر سعد وذلك لمكان سعد وعظيم بلائه في الإسلام، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي سلول تطييباً لخاطر ابنه عبد الله، وكما فعل في المرأة التي كانت تقم المسجد، ومع هذا قال: (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم).
فكأن النبي صلى الله عليه وسلم له خصوصية الصلاة، فكانت إعادة الصلاة منه عليه الصلاة والسلام لمعنىً يختص به، لا يشاركه فيه غيره من الصحابة، وقالوا: إن ما سبق في الحديث يؤكد هذه الخصوصية.
ولكلا القولين وجهه، وإن كان التعليل الذي ذكره أصحاب القول الثاني من القوة بمكان، خاصةً وأنه لم يقع إلا في الأفراد، وهذا من كلامه عليه الصلاة والسلام الذي يدل دلالة واضحة على التخصيص؛ فإن قوله: (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها بصلاتي عليهم) نصٌ صحيح وصريح، والعلة إذا جاءت منصوصة من كلامه لا بد من اعتبارها.
ومن الأدلة التي تقوي القول الذي يقول بمنع الصلاة عليه: عموم النهي عن الصلاة في المقبرة، فإن الأصل عدم الصلاة في المقبرة، وذلك يشمل مطلق الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما فرق بين صلاةٍ وأخرى، ولذلك قالوا: لو فتح هذا الباب لاسترسل الناس، وأصبح كلما فاتت الصلاة على إنسان جاء ووقف على القبر وصلى، مع أن الشرع قد أعطى البديل عن ذلك، بالترحم عليه والدعاء له والاستغفار له.
قالوا: فلما وجد البديل الذي لا شبهة فيه؛ فإنه يبقى على الأصل الذي يقتضي حظر الصلاة في داخل المقابر، خاصةً وأن السنة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الصلاة في المقبرة وفي الحمام.
وإذا قلنا: إنه يشرع أن يصلى على الميت بعد قبره، فما هو الأمد الذي يشرع للإنسان أن يصلي في حدوده، فإذا جاوزه لم يجز له أن يصلي على الميت؟ للعلماء أقوالٌ في هذه المسألة: القول الأول: أنه إلى ثلاثة أيام، وهو وجهٌ يختاره بعض أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله كما درج عليه الخراسانيون من أصحابه، وعليه الفتوى عندهم.
والقول الثاني: أنه إلى شهر؛ وذلك على ظاهر حديث أم سعد رضي الله عنها، أنه صلى عليها بعد شهر.
والقول الثالث: ما لم يتغير، فيشرع أن يصلى على الميت ما دام يغلب على الظن أنه لم يتغير وأنه باق، وهذا مبني على النظر؛ لأن الصلاة شرعت على الميت، فإذا كان موجوداً صُلّيَ عليه، وإن كان متحللاً.
قد فني فإنه لا يصلى عليه كمن أكله السبع.
والوجه الرابع: أنه إلى الأبد، وهذا من أضعف الأقوال عند العلماء رحمة الله عليهم.
قلت سيف ستأتي نقولات تخالف هذا القول
“”””””””””””””
*قال ابن رجب -رحمه الله- في فتح الباري*:
باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد
لقول النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لعن الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))
وما يكره من الصلاة في القبور
ورأى عمر أنس بن مالك يصلي عند قبر، فقال: القبر القبر، ولم يأمره بالإعاده.
مقصود البخاري بهذا الباب: كراهة الصلاة بين القبور وإليها، واستدل لذلك بأن اتخاذ القبور مساجد ليس هو من شريعة الإسلام، بل من عمل اليهود، وقد لعنهم النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – على ذلك.
وقد خرج البخاري هذا الحديث فيما تقدم، وسيأتي قريبا – إن شاء الله تعالى.
وقد دل القران على مثل ما دل عليه هذا الحديث، وهو قول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف: {قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً}
[الكهف: 12]، فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بأن مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى، وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما أنزل الله على رسله من الهدى.
وإذا كرهت الصلاة إلى القبور وبينها، فإن كانت القبور محترمة اجتنبت الصلاة فيها، وأن كانت غير محترمة كقبور مشركي الجاهلية ونحوهم ممن لا عهد له ولا ذمة مع المسلمين فإنه يجوز نبشها ونقل ما يوجد فيها من عظامهم، والصلاة في موضعها؛ فإنها لم تبق مقبرة ولا بقي فيها قبور، وقد نص الإمام أحمد على ذلك في رواية المروذي.
وأما ما ذكره عن عمر – رضي الله عنه -، فمن رواية سفيان، عن حميد، عن أنس، قال: رأني عمر وأنا أصلي إلى قبر، فجعل يشير إلي: القبر القبر.
ورواه إسماعيل بن جعفر عن حميد، عن أنس، حدثه أنه قام يصلي إلى قبر لا يشعر به، فناداه عمر: القبر القبر.
قال: فظننت أنه يقول: القمر، فرفعت رأسي، فقال رجل: أنه يقول: القبر، فتنحيت.
وروي عن أنس، عن عمر من وجوه أخر.
وروى همام: ثنا قتادة، أن أنسا مر على مقبرة وهم يبنون مسجدا، فقال أنس: كان يكره أن يبنى مسجد في وسط القبور.
وقال أشعث: عن ابن سيرين: كانوا يكرهون الصلاة بين ظهراني القبور.
خرج ذلك كله أبو بكر الأثرم.
وقال: سمعت أبا عبد الله – يعني: أحمد – يسأل عن الصلاة في المقبرة؟ فكره الصلاة في المقبرة.
فقيل له: المسجد يكون بين القبور، أيصلي فيه؟ فكره ذَلِكَ.
قيل لَهُ: أنه مسجد وبينه وبين القبور حاجز؟ فكره أن يصلي فيه الفرض، ورخص أن يصلي فيه على الجنائز.
وذكر حديث أبي مرثد الغنوي، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((لا تصلوا إلى القبور))، وقال: إسناد جيد.
وحديث أبي مرثد هذا: خرجه مسلم، ولفظه: أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: ((لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها)).
وروي عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه عن أبي سعيد، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال:
((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، إلا المقبرة والحمام)).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وابن حبان والحاكم وصححه.
وقد اختلف في إرساله ووصله بذكر ((أبي سعيد)) فيه، ورجح كثير من الحفاظ إرساله: عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، ومنهم: الترمذي والدارقطني.
وفي هذا الباب أحاديث أخر، قد استوفيناها في ((في كتاب شرح الترمذي)).
وأما ما ذكره البخاري: أن عمر لم يأمر أنسا بالإعادة.
فقد اختلف في الصلاة في المقبرة: هل تجب إعادتها، أم لا؟
وأكثر العلماء على أنه لا تجب الإعادة بذلك، وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد في رواية عنه.
والمشهور عن أحمد الذي عليه عامة أصحابه: أن عليه الإعادة؛ لارتكاب النهي في الصلاة فيها.
وهو قول أهل الظاهر – أو بعضهم -، وجعلوا النهي هاهنا لمعنى يختص بالصلاة من جهة مكانها، فهو كالنهي عن الصلاة المختص بها لزمانها كالصلاة في أوقات النهي، وكالصيام المنهي عنه لأجل زمنه المختص به كصيام العيدين.
حتى أن من أصحابنا من قال: متى قلنا: النهي عن الصلاة في المقبرة والأعطان ونحوها للتحريم، فلا ينبغي أن يكون في بطلان الصلاة فيها خلاف عن أحمد، وإنما الخلاف عنه في عدم البطلان مبني على القول بأنه مكروه كراهة تنزيه.
وأكثر العلماء على أن الكراهة في ذلك كراهة تنزيه، ومنهم من رخص فيه.
قال ابن المنذر: اختلفوا في الصلاة في المقبرة، فروينا عن علي وابن عباس
وعبد الله بن عمرو وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلاة فيها.
واختلف عن مالك فيه، فحكى ابن القاسم عنه أنه قال: لا بأس به، وحكى أبو مصعب عنه أنه قال: لا أحب ذلك.
قال ابن المنذر: ونحن نكره من ذلك ما كرهه أهل العلم استدلالا بالثابت عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: ((اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورا))، ففي هذا دليل على أن المقبرة ليست بموضع للصلاة.
قلت: قد استدل البخاري بذلك – أيضا – وعقد له بابا مفردا، وسيأتي في موضعه – إن شاء الله تعالى.
قال ابن المنذر: وقد قال نافع مولى ابن عمر: صلينا على عائشة وأم سلمه وسط البقيع، والإمام يومئذ أبو هريرة، وحضر ذلك ابن عمر.
قلت: صلاة الجنازة مستثناة من النهي عند الإمام أحمد وغيره، وقد سبق قول أحمد في ذلك.
وقال أيضاً -: لا يصلى في مسجد بين المقابر إلا الجنائز؛ لأن الجنائز هذه سنتها.
يشير إلى فعل الصحابة – رضي الله عنهم -.
قال ابن المنذر: وروينا أن واثلة بن الأسقع كان يصلي في المقبرة، غير أنه لا يستتر بقبر.
قلت: لأنه هو روى عن أبي مرثد حديث النهي عن الصلاة إلى القبور، فكان يخص النهي بحاله استقبال القبر خاصة.
قال ابن المنذر: وصلى الحسن البصري في المقابر.
قلت: لعله صلى على جنازة، فإنه روي عنه أنه أمر بهدم المساجد المبنية في المقابر.
قال: وكره عمر بن الخطاب وأنس بن مالك الصلاة إلى المقابر. انتهى ما ذكره.
واختلف القائلون بالكراهة في علة النهي:
فقال الشافعي: علة ذلك النجاسة، فإن تراب المقابر يختلط بصديد الموتى ولحومهم، فإن كانت طاهرة صحت الصلاة فيها مع الكراهة.
وقسم أصحابه المقبرة إلى ثلاثة أقسام: ما تكرر نبشها، فلا تصح الصلاة فيها، لاختلاط ترابها بالصديد.
وجديدة لم تنبش، فيصح الصلاة فيها مع الكراهة؛ لأنها مدفن للنجاسة.
وما شك في نبشها، ففي صحة الصلاة فيها قولان.
واختلف أصحابنا في علة النهي [عن الصلاة]، فمنهم من قال: هو مظنة النجاسة، ومنهم من قال: هو تعبد لا يعقل.
وقالوا مع هذا: لا فرق بين أن تكون قديمة أو حديثة، نبشت أو لم تنبش، إذا تناولها اسم مقبرة.
قالوا: فإن كان في بقعة قبر أو قبران فلا بأس بالصلاة فيها وما لم يصل إلى القبر.
وأنكر آخرون التعليل بالنجاسة، بناء على طهارة تراب المقابر بالاستحالة، وعللوا: بان الصلاة في المقبرة والى القبور، إنما نهى عنه سدا لذريعة الشرك، فإن اصل الشرك وعبادة الأوثان كانت من تعظيم القبور، وقد ذكر البخاري في ((صحيحه)) في ((تفسير سورة نوح)) عن ابن عباس معنى ذلك، وسنذكره فيما بعد – أن شاء الله.
وفي ((صحيح مسلم)) عن جندب، سمع النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قبل أن يموت بخمس يقول: ((أن من كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)).
وهذا يعم كل القبور.
وخرج الإمام أحمد وابن حبان في ((صحيحه)) من حديث ابن مسعود، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد)).
وخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث أبي صالح، عن ابن عباس، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لعن الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج)).
وقال الترمذي: حسن – وفي بعض النسخ: صحيح.
وخرج ابن حبان فِي ((صحيحه)) والحاكم وصححه.
واختلف في أبي صالح هذا، من هو؟
فقيل: إنه السمان -: قاله الطبراني، وفيه بعد.
وقيل: إنه ميزان البصري، وهو ثقة؛ قاله ابن حبان.
وقيل: إنه باذان مولى أم هاني -: قاله الإمام أحمد والجمهور.
وقد اختلف في أمره:
فوثقه العجلي.
وقاله ابن معين: ليس به باس.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتاج به.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وضعفه الإمام أحمد وقال: لم يصح عندي حديثه هذا.
وقال مسلم في ((كتاب التفصيل)): هذا الحديث ليس بثابت، وأبو صالح باذام قد اتقى الناس حديثه، ولا يثبت له سماع من ابن عباس.
وروي عن زيد بن ثابت، أنه نهى أن يبنى عند قبر أبيه مسجد.
خرجه حرب الكرماني.
وقال أبو بكر الأثرم في كتاب ((الناسخ والمنسوخ)): إنما كرهت الصلاة في المقبرة للتشبه بأهل الكتاب؛ لأنهم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد.
ووجدنا في كتاب مصنف على مذهب سفيان الثوري: وإذا صلى الرجل وبين يديه ميت تنحى عنه.
إنما كره الصلاة إلى القبور من اجل الميت، فإن صلى إليها فلا باس.
وفيه – أيضا -: قال سفيان: ويكره أن يصلي الرجل إلى القبور أو ما بين
القبور.
ثم قال: ومن صلى إلى القبور فلا إعادة عليه.
وفيه: قال: ولا تعجبني الصلاة على الجنازة في المقبرة.
وهذا قول الشافعي وإسحاق ورواية عن أحمد؛ لعموم النهي عن الصلاة في المقبرة.
واستدل من رخص في صلاة الجنازة في المقبرة: بادأن الصلاة على القبر جائزة بالسنة الصحيحة، فعلم أن الصلاة على الميت في القبور غير منهي عنها. انتهى كلام ابن رجب.
_
*قال علماء اللجنة:*
قال الإمام أحمد: (ومن يشك في الصلاة على القبر؟! يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه كلها حسان) ا. هـ.
وصلاته صلى الله عليه وسلم على القبر بعد الدفن من قبيل الصحيح المتواتر، ورد من حديث ابن عباس وأبي هريرة وأنس بن مالك ويزيد بن ثابت أخي زيد بن ثابت، وعامر بن ربيعة وجابر بن عبد الله وبريدة بن الحصيب وأبي سعيد الخدري وأبي أمامة بن سهل رضي الله عنهم.
انتهى النقل عن اللجنة
___________
*قال العباد -حفظه الله- في شرح سنن أبي داود:*
وهذا يدل على مشروعية الصلاة على القبر لمن لم يصل قبل ذلك، وأما من صلى فإنه لا يصلي، بل تكفيه صلاته الأولى، ويصلي على القبر إذا كان رطباً وحديث عهد بالدفن، وأما إذا تطاول الزمن فبعض أهل العلم يقول بالصلاة أيضاً، لكن الذي أراه أن يدعو له، وأما أن يصلي عليه فهذا يحتاج إلى دليل يدل عليه.
____________
*وفي التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان:*
أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم قال: حدثنا عثمان بن حكيم الْأَنْصَارِيُّ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ – وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ زَيْدٍ – قَالَ:
خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وَرَدْنَا الْبَقِيعَ إِذَا هُوَ بِقَبْرٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: فُلَانَةُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ:
(أَلَا آذَنْتُمُونِي بِهَا؟) قَالُوا: كُنْتُ قَائِلًا صَائِمًا قَالَ:
(فَلَا تَفْعَلُوا لَا أَعْرِفَنَّ مَا مَاتَ مِنْكُمْ مَيِّتٌ مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ) قَالَ: ثُمَّ أَتَى الْقَبْرَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ وكبر عليه أربعاً
[تعليق الشيخ الألباني]
صحيح – ((أحكام الجنائز)) (114).
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ: قَدْ يَتَوَهَّمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ غَيْرُ جَائِزَةٍ لِلَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (فَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا عَلَيْهِمْ رَحْمَةً بِصَلَاتِي) وَاللَّفْظَةِ الَّتِي فِي خَبَرِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ (فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِمْ رَحْمَةٌ) وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ مَا يَتَوَهَّمُ الْمُتَوَهِّمُونَ فِيهِ أَنَّ إِبَاحَةَ هَذِهِ السُّنَّةِ لِلْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم خاص دُونَ أُمَّتِهِ إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَزَجَرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يَصْطَفُّوا خَلْفَهُ وَيُصَلُّوا مَعَهُ عَلَى الْقَبْرِ فَفِي تَرْكِ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ أَبْيَنُ الْبَيَانِ لِمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِلْرَشَادِ وَالسَّدَادِ أَنَّهُ فِعْلٌ مُبَاحٌ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ مَعًا
__________
*قال النووي -رحمه الله- في شرح مسلم:*
قَوْلُهُ (انْتَهَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَبْرٍ رَطْبٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ) يَعْنِي جَدِيدًا وَتُرَابُهُ رطب بعد لم تطل مدته فيبس
فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ فِي الصَّلَاةِ على القبور.
_________
*الخلاصة:*
– من علل النهي عن الصلاة في المقابر، الذريعة إلى الشرك وتعظيم الأموات واعتقاد نفعهم وشفاعتهم للمصلين عند قبورهم.
– أما صلاة الجنازة فإنما يصليها المصلي لعلمه أن الميت انقطع عمله ولا يستطيع جلب نفع أو دفع ضر عن نفسه فضلا عن غيره، ويصلى عليه رجاء انتفاع الميت بدعاء المصلي.
– فانتفت علة اعتقاد نفع الأموات للأحياء، بل يتأكد بصلاة الجنازة أن الميت مفتقر لرحمة الله وإن كان من الأولياء والصالحين، وأحد أسباب نزول هذه الرحمة دعاء المصلين له.
– ومر بنا جواب باقي تعليلات من قال بعدم مشروعية صلاة الجنازة عند القبر.
– وللفائدة من وقَّت أمد الصلاة على القبر بشهر، لعله استدل بما أخرج الترمذي، عن سعيد بن المسيب ” أن أم سعد- يعني ابن عبادة ماتت، والنبي- عليه السلام- غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر ”
قال العيني في شرح سنن أبي داود:
“قال البيهقي: هو مرسل صحيح، وقد روي موصولا عن ابن عباس، والمشهور المرسل “.
– فائدة أخرى، ظهر لي أن العيني -رحمه الله- يميل إلى جواز صلاة الجنازة على القبر خلافا لمذهبه (انظر شرحه لسنن أبي داود (6) / (148) ط. الرشد)، وهذا من بركة الاشتغال بالحديث (أعني ترك التعصب للمذهب).
——
سبق نقلنا نقولات في:
مشكل الحديث رقم: {29}
يشكل قوله صلى الله عليه وسلم ”
(اجْعَلُوا مِنْ صَلَاتِكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَلَا تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا) (متفق عليه)
مع ما جاء من دفن النبي وصاحبيه أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما في حجرة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
عن ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين
قال ابن تيمية: قال ابن تيمية كما في المجموع ((27) / (399)): مع أن قبره من حين دفن لم يمَكَّن أحد من الدخول إليه لا لزيارة ولا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك. ولكن كانت عائشة فيه لأنه بيتها. وكانت ناحية عن القبور؛ لأن القبور في مقدم الحجرة وكانت هي في مؤخر الحجرة. ولم يكن الصحابة يدخلون إلى هناك. وكانت الحجرة على عهد الصحابة خارجة عن المسجد متصلة به وإنما أدخلت فيه في خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد موت العبادلة: ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وابن عمرو بل بعد موت جميع الصحابة الذين كانوا بالمدينة فإن آخر من مات بها جابر بن عبد الله.
ووللأخ نورس بحث بعنوان تنبيه المسلمين الكرام بعدم جواز الدفن في البيوت و العمران ذكرناه في مشكل الحديث رقم 30
(اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها عليكم قبوراً , كما اتخذت اليهود والنصارى في بيوتهم قبوراً وإن البيت ليتلى فيه القرآن فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض).
ونقل فيه نقولات منها:
– قال الذهبي – هذا حديث نظيف الإسناد , حسن المتن , فيه النهي عن الدفن في البيوت وله شاهد من طريق آخر , وقد نهى عليه السلام أن يُبنى على القبور ولو اندفن الناس في بيوتهم , لصارت المقبرة و البيوت شيئاً واحداً , والصلاة في المقبرة منهيٌّ عنها نهي كراهية أو نهي تحريم , وقد قال عليه السلام (أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبه) فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبور
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (ج (1) / (530)): وقد استنبط البخاري الكراهة من قوله صلى الله عليه وسلم (اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبوراً) أورده في باب كراهية الصلاة في المقابر , من حديث ابن عمر , فقال الحافظ ((ولفظ حديث أبي هريرة عند مسلم أصرح من حديث الباب, وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا بيوتكم مقابر))) فإن ظاهره يقتضي النهي عن الدفن في البيوت مطلقاً. اهـ
ونقل نقولات عن ابن حجر وابن قدامة والمناوي في أن السنة الدفن في مقابر المسلمين ونقل ابن قدامة أن أحمد قال هو أعجب الي يعني من الدفن في البيوت. بل سأل مرة عن رجل أوصى أن يدفن في داره فقال: يدفن في مقابر المسلمين.
وقال ابن تيمية بعد أن نقل الأحاديث التي فيها النهي عن الصلاة للقبور: ولا خلاف بين المسلمين أنه لا يشرع أن يقصد الصلاة إلى القبر، بل هذا من البدع المحدثة، وكذلك قصد شئ من القبور، لاسيما قبور الأنبياء والصالحين عند الدعاء. فإذا لم يجز استقباله عند الدعاء لله تعالى فدعاء الميت نفسه أولى أن لا يجوز، كما أنه لا يجوز أن يصلي مستقبله فلأن لا يجوز الصلاة له بطريق الأولى ….. مجموع الفتاوى 1/ 354
ونقلنا في التعليق على الصحيح المسند حديث رقم 1462 في صلاته صلى الله عليه وسلم على امرأة مسكينة من أهل العوالي طال سقمها فامرهم أن ياذنوه اذا ماتت فماتت من الليل فصلوا عليها ودفنوها …. فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عنها من حضره من جيرانها فأخبروه خبرها وأنهم كرهوا أن يهجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ولم فعلتم؟ انطلقوا)) فانطلقوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قاموا على قبرها فصفوا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يصف للصلاة على الجنائز فصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر أربعا كما يكبر على الجنائز.
فنقلنا حديث: أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إنّ الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)). أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها رقم (780).
قال بعض أهل العلم: ويتضمن هذا العموم صلاة الجنازة مع أنّه قد ورد التصريح بالنهي عن الصلاة فيها في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور) أخرجه الطبراني في «المعجم الأوسط» رقم (5631)، من حديث أنس رضي الله عنه. والحديث حسنه الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/ 144)، وصححه الألباني في «أحكام الجنائز» (270)، وفي «صحيح الجامع» (12790).
هذه الأحاديث يشمل عموم النهي فيها جنس الصلاة سواء كان فرضا، أداء كانت أو قضاء، أو نفلا، مطلقا كان أو مقيدا، كما تعمّ الصلاة على الميت سواء كانت على الجنازة أو في قبره، لكن لمّا ورد حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (مات رجل-وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده- فدفنوه بالليل، فلمّا أصبح أعلموه، فقال: ((ما منعكم أن تعلموني؟)) قالوا: كان الليل، وكانت الظلمة، فكرهنا أن نشق عليك، فأتى قبره، فصلى عليه، قال: فأمّنا، وصفّنا خلفه، وأنا فيهم، وكبّر أربعا) أخرجه ابن ماجة في الجنائز رقم (1530)، والبيهقي في السنن رقم (7159)، وصححه الألباني في الإرواء (3/ 183) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ومثله عن المرأة السوداء التي كانت تلتقط الخرق والعيدان من المسجد الثابت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه البخاري في الصلاة (460)، ومسلم في الجنائز (2259)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فخصّ من عموم نهيه عن الصلاة في المقبرة صورة الصلاة على الميّت في قبره بهذه الأدلة
كذا استدل.
ولو صح الحديث لكان تاصيله جيد فإذ لم يصح الحديث. كما سيأتي التنبيه عليه. فلا بأس من الصلاة على الميت في المقبرة لكن لا يداوم عليه لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما صلى الجنازة على القبور في حالات.
وسئل ابن عثيمين
ما حكم الصلاة في المقبرة والصلاة إلى القبر؟ وذكر أن النهي عن الصلاة على المقابر أنه ذريعة للشرك ثم ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل أو المرأة التي تقم المسجد …. وقال: فلو أن أحداً من الناس صلى صلاة فريضة أو صلاة تطوع في مقبرة أو على قبر فصلاته غير صحيحة. أما الصلاة على الجنازة فلا بأس بها، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على القبر في قصة المرأة أو الرجل الذي كان يقم المسجد، فمات ليلاً فلم يُخبر الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم بموته، فلما أصبح الصبح قال صلى الله عليه وسلم: “دلوني على قبره -أو قبرها-” فصلى عليه صلوات الله وسلامه عليه، فيستثنى من الصلاة في المقبرة الصلاة على القبر، وكذلك الصلاة على الجنازة قبل دفنها، لأن هذه صلاة خاصة تتعلق بالميت، فكما جازت الصلاة على القبر على الميت فإنها تجوز الصلاة عليه قبل الدفن. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني عشر – باب اجتناب النجاسة.
تنبيه أما حديث أنس: (أنّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور) أعله البخاري والدارقطني.
ففي علل الترمذي الكبير:
117 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا حفص بن غياث عن الاشعث عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بين القبور.
118 حدثنا ابن المثنى حدثنا يحيى بن سعيد عن أشعث بن عبد الملك عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بين القبور.
قال الترمذي: سألت محمدا – يعني البخاري عن -هذا الحديث فقال: حديث الحسن عن أنس خطأ.
وروى ابن عون عن الحسن عن أنس قال: رآني عمر وأنا أصلي إلى قبر. (ترتيب العلل)
وذكر الدارقطني الخلاف وقال: يرويه أشعث بن عبد الملك عن الحسن عن أنس. حدث به عنه حفص بن غياث واختلف عنه:
فرواه ابوهشام الرفاعي وأبو موسى عن حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن. وغيرهما يرويه عن حفص عن أشعث عن الحسن مرسلا.
وكذلك رواه معاذ بن معاذ عن أشعث عن الحسن مرسلا. والمرسل أصح علل الدارقطني 2432
وفي بحث لأبي صهيب :
ذكر أن الحديث روي بروايات عن حفص بدون كلمة (الجنائز)
أما متابعة الحسين التي وردت في المختارة من طريق مطين الحضرمي عن الحسين بن يزيد الطحان ثنا حفص بن غياث عن عاصم الأحول عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى على الجنائز بين القبور.
فحسين لين
واختلف على حسين:
قال ابن الأعرابي في معجمه 2273 – نا الفضل، نا حسين بن يزيد الطحان، نا حفص، عن أشعث، عن الحسن، عن أنس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى بين القبور.
وروي بلفظ (إلى القبور)
فعند ابن حبان:
2323 – أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ هُذَيْلٍ الْقَصَبِيُّ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنُ بِنْتِ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ أَشْعَثَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ إِلَى الْقُبُورِ». ا. هـ
لكن جعفر ضعيف.
ثم روي بإسناد أصح موقوفا:
وقال ابن أبي شيبة في المصنف 37536 – حَدَّثَنَا حَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ.
واعلم أنه قد صح عن أبي هريرة وابن عمر إباحة الصلاة على الجنازة في المقبرة
قال ابن المنذر في الأوسط 3051 – أخبرنا الربيع بن سليمان، قال: أخبرنا ابن وهب، عن ابن جريج، قال: قلت لنافع: أتكره أن تصلي بين القبور؟ قال: «لقد صلينا على عائشة، وأم سلمة وسط القبور بالبقيع، والإمام يوم صلينا على عائشة أبو هريرة، وحضر ذلك ابن عمر»
أقول: فكأنهم حملوا أحاديث النهي عن الصلاة في المقبرة على الصلاة ذات الركوع والسجود، ولم يروا فرقاً بين الصلاة على قبرٍ منفرد (كما صح في السنة)، أو الصلاة بين عدة قبور
قال الحافظ في الفتح:” واستدل من رخص في صلاة الجنازة في المقبرة: بأن الصلاة على القبر جائزة بالسنة الصحيحة، فعلم أن الصلاة على الميت في القبور غير منهي عنها ”
قد لخَّصْة كتاب الشيخ الألباني، تحذير الساجد عن إتخاذ القبور مساجد وهو كتاب قيم ولولا التطويل لنقلت التلخيص؛ لكن لا بأس أن نذكر نبذه عن محتوى الكتاب؛ فقد ذكر الشيخ أحاديث لعن اليهود والنصارى في اتخاذهم قبور صالحيهم مساجد، وأنهم شرار الخلق حيث صوروا في كنائسهم صور الصالحين، ثم ذكر أن معنى اتخاذها مساجد يشمل السجود عليها أو إليها أو البناء عليها وذكر الأدلة على ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ثم كلام العلماء، ثم بين أن البناء على القبور من الكبائر وذريعه للشرك ونقل أقوال الأئمة، ثم ذكر استغلال الإستعمار لمثل هذه الخرافات، وبين مجرد وجود البناء يعتبر ذريعة للشرك ولو لم يكن أحد مدفون، لأن الناس تتوجه له بالدعاء، ثم ذكر شبه المجيزين وردها فمنها؛ زعمهم أن قوله تعالى (قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) دليل على جواز البناء على القبور؛ والجواب: أن هذا شرع من قبلنا، أو نقول: لا دليل أن الذين غلبوا كانوا مسلمين، وإذا سلمنا أنهم مسلمون فقد يكونون ممن حرفوا دين أنبيائهم.
ومن شبههم أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي؛ فالجواب: أنه لم يكن كذلك إنما دفن في غرفة عائشة خشية أن يتخذ مسجدا، وفي الحديث قالت عائشة لما نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لعنة الله على اليهود والنصارى أتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر مما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا)، إنما أدخل الوليد بن عبدالملك الغرف لما أراد توسعة المسجد، ونقل استنكار بعض التابعين، ومع ذلك أحيط بجدران بحيث لا يتمكن أحد من الصلاة إليه. وفضيلة الصلاة في المسجد النبوي ثابته.
ومن شبههم أن قبر إسماعيل في المسجد الحرام، وهذه دعوى لا دليل عليها ولا يصح ذالك، وكذلك أن مسجد الخيف قبر فيه سبعين نبيا؛ لا يصح، ولو صح فهي قبور اندثرت فلا تحرم الصلاة.
وفي آخر كتاب تحذير الساجد ذكر عنوان:
كراهية الصلاة في المساجد المبنية على القبور:
ذكرنا فيما سبق أن النهي عن بناء المساجد على القبور يستلزم النهي عن الصلاة فيها، والنهي في مثل هذا الموضع يقتضي البطلان، وقد قال ببطلان الصلاة فيها الإمام أحمد وغيره. وقال الإمام أحمد أيضاً: (لا يصلي في مسجد بين المقابر إلا الجنائز لأن الجنائز هذه سنتها) وكذلك فعله الصحابه
واعلم أن كراهة الصلاة في المساجد المبنية على القبور مضطردة في كل حال، سواء كان القبر أمامه أو خلفه، يمينه أو يساره. على أن بعض العلماء قالوا بالمنع من الصلاة حول القبر مطلقاً: أي ولو عند قبر ليس عليه مسجد، وهذا هو اللائق بباب سد الذرائع لقوله صلى الله عليه وسلم: ( … فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه …. )
وهذه نقولات من بحث لبعض الأخوة تأيد جواز صلاة الجنازة في المقبرة لكن الأصل هو المصلى.
نقل الباحث الأحاديث الدالة على عدم جواز الصلاة في المقبرة وكذلك نقل كلام لابن القيم:
وقال الباحث:
ليست العلة في النهي عن ذلك هي مجرد نجاسة المكان بل الصحيح أنَّ العلة في ذلك التشبه بأهل الكتاب الذين يعظمون قبور أنبيائهم وصالحيهم وذلك مفضِ إلى الشرك بالله تعالى.
وأما صلاة الجنازة داخل المقبرة فقد جاءت النصوص باستثنائها من ذلك فتجوز في المقبرة لفعله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث حين صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد، وهو في الصحيح.
وقال ابن عبد البر في (التمهيد 6/ 261):
وقال الشافعي وأصحابه من فاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر إن شاء الله وهو رأى عبدالله بن وهب ومحمد بن عبدالله بن عبدالحكم وهو قول أحمد ابن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي وسائر أصحاب الحديث قال أحمد ابن حنبل رويت الصلاة على القبر عن النبي صلى الله عليه و سلم من ستة وجوه حسان كلها وفي كتاب عبدالرزاق عن ابن مسعود ومحمد بن قرظة أن أحدهما صلى على جنازة بعدما دفنت وصلى الآخر عليها بعدما صلي عليها قال وأخبرنا معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال توفي عبدالرحمن بن أبي بكر على ستة أميال من مكة فحملناه حتى جئنا به إلى مكة فدفناه فقدمت عائشة علينا بعد ذلك فعابت علينا ذلك ثم قالت أين قبر أخي فدللناها عليه فوضعت في هودجها عند قبره وصلت عليه وأخبرنا عبدالله بن محمد قال حدثنا عبدالحميد بن أحمد الوراق قال حدثنا الخضر بن داود قال حدثنا أحمد بن محمد بن هاناء الطائي الأثرم الوراق قال حدثنا أبو عبدالله أحمد بن حنبل رحمه الله قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا (أيوب عن) ابن أبي مليكة أن عبدالرحمن بن أبي بكر توفي في منزل له كان فيه! فحملناه على رقابنا ستة أميال إلى مكة وعائشة غائبة فقدمت بعد ذلك فقالت أروني قبر أخي فأروها فصلت عليه.
وقال حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال قدمت عائشة بعد موت أخيها بشهر فصلت على قبره.
وقال عبدالرزاق حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن حنش بن المعتمر قال جاء ناس من بعد أن صلى (علي) على سهل بن حنيف فأمر على قرظة الأنصاري أن يؤمهم (ويصلي) عليه بعد ما دفن
وعن ابن موسى أنه فعل ذلك وأما الستة وجوه التي ذكر أحمد بن حنبل أنه روى منها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم (صلى) على قبر فهي والله أعلم (حديث) سهل بن حنيف وحديث سعد بن عبادة وحديث أبي هريرة روى من طرق وحديث عامر بن ربيعة وحديث (أنس) (وحديث ابن عباس).
وقال ابن رجب في فتح الباري (قلت: صلاة الجنازة مستثناة من النهي عند الإمام أحمد وغيره)
وقال في “منتهى الإرادات”: ولا تصح الصلاة تعبدا صلاة فرض أو نفل في مقبرة قديمة أو حديثة تقلبت أولا لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. رواه مسلم. ثم قال: سوى صلاة جنازة في مقبرة، فتصح لصلاته صلى الله عليه وسلم على القبر، فيكون مخصصا للنهي السابق.
وقال العلامة ابن عثيمين
وسئل فضيلته: ورد في الحديث النهي عن الصلاة بين القبور، فما المراد بالصلاة بين القبور علماً بأن الناس يصلون على الجنازة بين القبور إذا فاتتهم في المساجد؟
فأجاب بقوله: المراد بالصلاة بين القبور ما سوى الصلاة على الجنازة، أما الصلاة على الجنازة فلا بأس بها فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على قبر من مات وهو يقم المسجد، وأيضاً فإن النهي عن الصلاة بين القبور إنما هو لخوف الفتنة والشرك بأهل القبور، والصلاة على الجنازة أو القبر بعيد من ذلك كل البعد. حرر في 3/ 12/1402 هـ.
ابن باز: س: تكرار الصلاة على الجنازة ما حكمه؟
ج: إن كان هناك سبب فلا بأس مثل أشخاص حضروا بعد الصلاة عليها فإنهم يصلون عليها عند القبر أو بعد الدفن، وهكذا يشرع لمن صلى عليها مع الناس في المصلى أن يصلي عليها مع الناس في المقبرة؛ لأن ذلك من زيادة الخير له وللميت. — نشر في جريدة عكاظ العدد (11678) في 20/ 4/1419هـ.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة الفتوى رقم (8210)
س: هل تجوز صلاة الجنازة داخل المقبرة، وما دليلكم في ذلك؟ أفتونا مأجورين.
ج: تجوز الصلاة على الجنازة داخل المقبرة كما تجوز الصلاة عليها بعد الدفن؛ لما ثبت «أن جارية كانت تقم المسجد، فماتت فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فقالوا: ماتت، فقال: أفلا كنتم آذنتموني؟ فدلوني على قبرها، فدلوه فصلى عليها ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم» رواه مسلم.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء