مختلف الحديث 100
مجموعة وإبراهيم البلوشي وعبدالله البلوشي أبي عيسى. فيصل الشامسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-
[ومن كتاب الصلاة]
مختلف الحديث رقم: {100}
جاء في حديث عباد بن تميم، (عبدالله بن زيد) أنه رأى رسول الله?مستلقيا في المسجد، واضعا إحدى رجليه على الأخرى. [رواه البخاري ومسلم]
وبين ما جاء في حديث: أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (نَهَى النَّبِي?ُّ عَنْ لِبْسَتَيْنِ وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِ الْإِنْسَانِ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ)).
الْحِبوة – بكسر الْحَاء وسكون الباء-: هي أن يضم الإنسان رجليه إِلَى بطنه بثوب يَجمعهما فيه مع ظهره ويشده عليه، وقد يكون الاحتباء باليد عوضًا عن الثوب، وإنما نُهي عنه لأنه إذا لَمْ يكن عليه إلا ثوب واحد إذا تَحرك تبدو عورته. اهـ من النهاية لابن الأثير.
———–‘————‘———–
قال ابن رجب -رحمه الله- في فتح الباري:
– من رواية: أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: نهى النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عن بيعتين: عن اللماس والنباذ، وأن يشتمل الصماء، وأن يحتبي الرجل في ثوب واحد.
قد تضمن الحديثان – معا – النهي عن لبستين، وسواء في ذلك حال الصلاة وغيرها.
ثم ذكر ابن رجب تخريج الأحاديث وقال:
فحاصل ما دلت عليه الأحاديث في لبسه الصماء: هو أن يلببس ثوبا واحدا – وهو الرداء – فيشتمل به على بدنه من غير إزار، ثم يضع طرفيه على أحد منكبيه، ويبقى منكبه الآخر وشقه مكشوفا، فتبدو عورته منه، وبذلك فسر الصماء أكثر العلماء، ومنهم: سفيان الثوري، وابن وهب، وأحمد، وأبو عبيد، وأكثر العلماء.
قال الأمام أحمد: هو الإضطباع بالثوب إذا لم يكن عليه غيره ….. ثم نقل تفسير أهل اللغة ثم قال:
واللبسة الثانية: أن يحتبي بثوب ليس عليه غيره.
الاحتباء: استفعال من الحبوة – بضم الحاء وكسرها -، والحبوة: أن يقعد على إليتيه، وينصب ساقيه، ويحتوي عليهما بثوب، أو نحوه، أو بيده.
وقد كان النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يحتبي في جلوسه بيده، وقد خرج ذلك البخاري في ((الأدب)).
وورد في ((سنن أبي داود)) أن جلوس النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان كذلك.
وهذه الهيئة أخشع هيئات الجلوس؛ وقد سبق ذكر ذَلِكَ فِي ((كِتَاب: العلم)) فِي ((الجلوس عِنْدَ العالم)).
وإنما نهى عن الاحتباء بثوب واحد، فإذا كان على الرجل ثوب واحد فاحتبى به كذلك بدت عورته، وهذا منهي عنه في الصلاة وغيرها، فإن كان في الصلاة كان مبطلا لها على ما سبق ذكره في كشف العورة في الصلاة، وإن كان في غيرها وكان بين الناس فهو محرم، وإن كان في خلوة انبنى على جواز كشف العورة في الخلوة، وفيه خلاف سبق ذكره.
وإن فعل ذلك وعليه سراويل أو قميص لم يحرم؛ فإن النهي عن الاحتباء ورد مقيدا في ثوب واحد، وورد معللا بكشف العورة.
ففي رواية البخاري – أيضا – من حديث أبي هريرة: نهى رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أن يحتبي بالثوب الواحد، ليس على فرجه منه شيء بينه وبين السماء.
وفي ((صحيح مسلم)) عن جابر، أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نهى أن يشتمل الصماء، وان يحتبي في ثوب واحد، كاشفا عن فرجه.
قال عمرو بن دينار: إنهم يرون أنه إذا خمر فرجه فلا بأس – يعني: بالاحتباء.
ومن أصحابنا من قال: حكي عن أحمد المنع من هذا الاحتباء مطلقا، وإن كان عليه ثوب غيره.
وهذا بعيد.
______________________
*قال الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار:*
قَوْلُهُ: (وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى) قَالَ الْخَطَّابِيِّ: فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ الْوَارِدَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ أَوْ يُحْمَلُ النَّهْيُ حَيْثُ يَخْشَى أَنْ تَبْدُوَ عَوْرَتُهُ، وَالْجَوَازُ حَيْثُ يُؤْمَنُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الْحَافِظُ: الثَّانِي أَوْلَى مِنْ ادِّعَاءِ النَّسْخِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ. وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْبَيْهَقِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ، وَجَزَمَ ابْنُ بَطَّالٍ وَمَنْ تَبِعَهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّهْيَ عَنْ وَضْعِ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى الثَّابِتَ فِي مُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد عَامٌّ، وَفِعْلُهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لِذَلِكَ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الْجَوَازُ لِغَيْرِهِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَازِرِيُّ قَالَ: لَكِنْ لَمَّا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يَفْعَلَانِ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ خَاصًّا بِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَلْ هُوَ جَائِزٌ مُطْلَقًا. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا صَارَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُضٌ، فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيِّ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي قَوْلِهِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَازُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْخَصَائِصَ، لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِعْلَهُ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَالظَّاهِرُ عَلَى مَا تَقْتَضِيه الْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ قَصْرِ الْجَوَازِ عَلَيْهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ: لَكِنْ مَا صَحَّ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ. . .
إلَخْ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ لِعَدَمِ بُلُوغِ النَّهْيِ إلَيْهِمَا. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِلْقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ وَعَلَى غَيْرِهَا لِعَدَمِ الْفَارِقِ.
______________
*قال العباد -حفظه الله- في شرح سنن أبي داود:*
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث ح وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضع، وقال قتيبة: يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى.
زاد قتيبة: وهو مستلقٍ على ظهره)].
وقد جاء عن بعض الصحابة أنهم كانوا يضعون أرجلهم على أرجلهم وهم مستلقون، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه كان يفعل ذلك وهو مستلقٍ، وأيضاً جاء عن عمر وعثمان أنهم كانوا يفعلون ذلك.
إذاً: يحمل هذا النهي في الحديث على ما إذا كان يترتب على ذلك انكشاف العورة، فإنه إذا كان على الإنسان إزار ورفع إحدى رجليه على الأخرى ربما يترتب عليه انكشاف العورة، وهذا منهي عنه، وذلك مثل أن إحدى ركبتيه ويضع الرجل الثانية عليها؛ فإذا كان عليه إزار فإن عورته تنكشف، وأما إذا كان عليه سراويل فإنه لا تنكشف عورته بذلك، فيكون النهي فيما يترتب عليه انكشاف عورة، وأما إذا كان لا يترتب عليه انكشاف عورة، بأن يكون عليه إزار ولكنه مد رجليه ووضع إحداهما على الأخرى وهما ممدودتان، فإن هذا كما لو كانت الواحدة بجوار الأخرى، ولا يترتب عليه انكشاف عورة، وهذا لا محذور فيه
وفيه دليل على أن الإنسان ينام مستلقياً ويضع إحدى رجليه على الأخرى إذا كان عليه إزار حتى يكون على وجه لا تنكشف معه العورة.
———
ورد في البخاري:
-عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه أنه: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى.
-وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر وعثمان يفعلان ذلك.
[البخاري: كتاب الصلاة/ باب الاستلقاء في المسجد ومد الرجل، وانظر تخريجه في “الثمر المستطاب” (2/ 811) للشيخ الألباني رحمه الله].
-“قال الخطابي رحمه الله: فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ، أو يحمل النهي حيث يخشى أن تبدو العورة، والجواز حيث يؤمن ذلك. قلت –أي الحافظ–: الثاني أولى من ادعاء النسخ، لأنه ثبت بالاحتمال، وممن جزم به: البيهقي والبغوي وغيرهما من المحدثين). ثم قال الحافظ في توجيه فعل النبي عليه الصلاة والسلام: (والظاهر أن فعله صلى الله عليه وسلم كان لبيان الجواز، وكان ذلك في وقت الاستراحة لا عند مجتمع الناس، لما عرف من عادته من الجلوس بينهم بالوقار التام صلى الله عليه وسلم. قال الخطابي: وفيه جواز الاتكاء في المسجد والاضطجاع وأنواع الاستراحة. وقال الداودي: فيه أن الأجر للابث في المسجد لا يختص بالجالس، بل يحصل للمستلقي أيضا” اهـ من “الفتح” لابن حجر (1/ 728).
-قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في “فتح الباري” (1/ 405): “والاستلقاء في المسجد وغيره جائز على أي وجه كان، ما لم يكن منبطحا على وجهه، فإنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذلك، وقال: “إنها ضجعة يبغضها الله عز وجل” …. وقد ذكر الزهري عن ابن المسيب عن عمر وعثمان أنهما كانا يفعلان ذلك.
وأما الاستلقاء على هذا الوجه -وهو وضع إحدى الرجلين على الأخرى- في المسجد وغيره فقد اختلف فيه:
فروي كراهته والتغليظ فيه عن كعب بن عجرة وأبي سعيدوقتادة بن النعمان وسعيد بن جبير.
وقد روي النهي عنه مرفوعا، خرجه مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويروى أيضا من حديث ابن مسعود وأبي هريرة وأخي ابن مسعود -وهو قتادة بن النعمان-.
وأما أكثر العلماء فرخصوا فيه، وممن روي أنه كان يفعله: عمر وعثمان وابن مسعود، ونص أحمد على جوازه.
واختلفوا في أحاديث النهي؛ فمنهم من قال: هي منسوخة بحديث الرخصة، ورجحه الطحاوي وغيره. (شرح المعاني: 4/ 279).
ومنهم من قال: هي محمولة على من كان بين الناس فيخاف أن تنكشف عورته، أو لم عليه سراويل. روي ذلك عن الحسن، وروي عنه أنه قال فيمن كره ذلك: ما أخذوا ذلك إلا عن اليهود. خرجه الطحاوي (شرح المعاني: 4/ 279).
وروى عبد الرزاق في كتابه عن معمر عن الزهري قال: أخبرني ابن المسيب قال: كان ذلك عن عمر وعثمان ما لا يحصى منهما. قال الزهري: وجاء الناس بأمر عظيم.
وقال الحكم: سئل أبو مجلز عن الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى؟ فقال: لا بأس به، إنما هذا شيء قاله اليهود: “إن الله لما خلق السموات والأر استراح فجلس هذه الجلسة” فأنزل الله عز وجل: “ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما وما مسنا من لغوب”. خرجه أبو جعفر بن أبي شيبة في تاريخه.
وقد ذكر غير واحد من التابعين أن هذه الآية نزلت بسبب قول اليهود:”إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع”، منهم عكرمة وقتادة.
فهذا كلام أئمة السلف في إنكار ذلك ونسبته إلى اليهود، وهذا يدل على أن الحديث المرفوع المروي في ذلك لا أصل لرفعه، وإنما هو متلقى عن اليهود”ثم ذكر ابن رجب مناقشة سنده. اهـ.
والحديث المشار إليه: “إن الله عز وجل لما قى خلقه استلقى، ووضع إحدى رجليه على الأخرى وقال: لا ينبغي لأحد من خلقه أن يفعل ذلك”. قال الشيخ الألباني رحمه الله في (الضعيفة: رقم 755): “منكر جدا” ثم قال: “مع التنزيه المذكور فإن الحديث يستشم منه رائحة اليهودية الذين يزعمون أن الله تبارك وتعالى بعد أن فرغ من خلق السماوات والأرض استراح -تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وهذا المعنى يكاد يكون صريحا في الحديث؛ فإن الاستلقاء لا يكون إلا من أجل الراحة سبحانه وتعالى عن ذلك”. ثم قال: “وجملة القول: إن هذا الحديث منكر جدا عندي، ولقد قف شعري منه حين وقفت عليه”اهـ كلام الألباني.
حمل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حديث النهي ما “إذا خاف انكشاف العورة” كما في شرح صحيح البخاري للشيخ (الشريط السابع الوجه الأول عند الدقيقة الثامنة تقريبا) منقول من الشبكة
——–‘———-‘——–
قال النووي في شرحه على مسلم:
باب النهى عن اشتمال الصماء والاحتباء فى ثوب واحد كاشفا بعض عورته وحكم الاستلقاء على ظهره رافعا إحدى رجليه على الأخرى [(2099)])
قوله (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يمشي في نعل واحدة وأن يشتمل الصماء وأن يحتبي في ثوب واحد كاشفا عن فرجه) ….
قوله (نهى عن اشتمال الصماء وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره وفي الرواية الأخرى
(أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى) قال العلماء أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شيء منها وأما فعله صلى الله عليه وسلم فكان على وجه لا يظهر منها شيء وهذا لابأس به ولاكراهة فيه على هذه الصفة وفي هذا الحديث جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه قال القاضي لعله صلى الله عليه وسلم فعل هذا لضرورة أو حاجة من تعب أو طلب راحة أو نحوذلك قال والا فقد علم أن جلوسه صلى الله عليه وسلم في المجامع على خلاف هذا بل كان يجلس متربعا أو محتبيا وهو كان أكثر جلوسه أو القرفصاء أو مقعيا وشبهها من جلسات الوقار والتواضع. قلت: ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم فعله لبيان الجواز وأنكم إذا أردتم الاستلقاء فليكن هكذا وأن النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق بل المراد به من ينكشف شيء من عورته أو يقارب انكشافها والله أعلم شرح النووي على مسلم
——-
الجمع بين النهي عن وضع إحدى الرجلين على الإخرى عند الاستلقاء على الظهر وثبوته
صحيح ابن حبان
5642 – أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يستلق الإنسان على قفاه ويضع إحدى رجليه على الأخرى»، قال أبو حاتم: «هذا الفعل الذي زجر عنه هو أن يستلقي المرء على قفاه ثم يشيل إحدى رجليه ويضعها على الأخرى، وذاك أن القوم كانوا أصحاب ميازر، وإذا استعمل ما وصفت من عليه المئزر دون السراويل ربما تكشف عورته، فمن أجله ما نهى عنه صلى الله عليه وسلم» (23/ 125)
ذكر استعمال المصطفى صلى الله عليه وسلم الفعل الذي يضاد في الظاهر الخبر الذي ذكرناه (23/ 126)
5643 – أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان، قال: أخبرنا أحمد بن أبي بكر، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عباد بن تميم، عن عمه، «أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى»، قال أبو حاتم: «هذا الفعل الذي استعمله صلى الله عليه وسلم هو مد الرجلين جميعا، ووضع إحداهما على الأخرى دون ذلك الفعل الذي نهى عنه، وهو ضد قول من جهل صناعة الحديث، فزعم أن أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم تتضاد وتتهاتر» (23/ 127)
ذكر الخبر الدال على أن الفعل المجزور عنه إنما أريد بذلك رفع إحدى الرجلين على الأخرى لا وضعها عليها (23/ 128)
5644 – أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، قال: حدثنا يزيد بن موهب، قال: حدثني الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، «عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد، وأن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره»
__________
ذكر خبر فيه كالدليل على صحة ما تأولنا الخبر الذي تقدم ذكرنا له (23/ 130)
5645 – أخبرنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني، قال: حدثنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال، قال: حدثنا محمد بن عيسى بن سميع، قال: حدثنا روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه نهى أن يستلقي الرجل ويثني إحدى رجليه على الأخرى»
ومن كتاب: اللباس في صحيح مسلم:
بَاب النَّهْيِ عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ
**عَنْ جَابِرٍ بن عبدالله أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَاكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ أَوْ يَمْشِيَ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ كَاشِفًا عَنْ فَرْجِهِ.
**وعَنْ جَابِرٍ أيضا في هذا الحديث قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -يَقُولُ:”إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ أَوْ مَنْ انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ فَلَا يَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يُصْلِحَ شِسْعَهُ وَلَا يَمْشِ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ وَلَا يَاكُلْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَحْتَبِي بِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلَا يَلْتَحِفْ الصَّمَّاءَ”.
الفوائد المنتقاة للأخ سيف الكعبي وأصحابه:
1 – اشتمال الصماء: قال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده لا يرفع منه جانبًا. فلا يبقى ما يخرج منه يده. وهذا يقوله أكثر أهل اللغة
الفقهاء يقولون أن الصماء هو أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره. ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه فيكره اشتمال الصماء على تفسير أهل اللغة لئلا يعرض له حاجه من دفع هوام وغيرها فيتعذر عليه فيلحقه الضرر، أما على تفسير الفقهاء فعِلَّة النهي انكشاف العورة.
وقد ذكر ابن حجر أن البخاري أورد حديث لأبي سعيد الخدري وفيه تفسير الصماء موافقًا لتفسير الفقهاء، قال: وظاهره الرفع وإن كان موقوفًا فهو تفسير من الراوي لا يخالف الخبر فهو حجه. انتهى كلامه، أما ابن رجب فقال: التفسير المذكور من قول الزهري أدرج في الخبر، ومع ذلك رجح تفسير الفقهاء، قال: لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- يتكلم بكلام العرب يريد به معنى أخص، وحمله عنه الصحابه، والفقهاء حملوه عنهم، ولا يجوز الإعراض عن تفسيرهم وإلا وقعنا في تحريف كثير من نصوص السنة. انتهى بمعناه (فتح الباري لإبن رجب 2/ 184).
2 – الإحتباء: يقعد الإنسان على إليتيه وينصب ساقيه ويحتوي عليهما بثوب أو بيده أو نحوهما. العله في النهي عن الإحتباء إنكشاف العورة فإن كان لابس سراويلات ويأمن من إنكشاف العورة فلا بأس كما ورد في صحيح مسلم وكذلك ورد في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة، نهى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن يحتبي بالثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء بينه وبين السماء.
بَاب فِي مَنْعِ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى الظَّهْرِ وَوَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى
**وعنه في هذا الحديث؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -نَهَى عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ
**وعنه في هذا الحديث أيضا أَنَّ النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَا تَمْشِ فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ وَلَا تَحْتَبِ فِي إِزَارٍ وَاحِدٍ وَلَا تَاكُلْ بِشِمَالِكَ وَلَا تَشْتَمِلْ الصَّمَّاءَ وَلَا تَضَعْ إِحْدَى رِجْلَيْكَ عَلَى الْأُخْرَى إِذَا اسْتَلْقَيْتَ
وفي لفظ آخر: لَا يَسْتَلْقِيَنَّ أَحَدُكُمْ ثُمَّ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى.
بَاب فِي إِبَاحَةِ الِاسْتِلْقَاءِ وَوَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى
**عن عبد الله بن زيد أنه رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى
الفوائد:
1 – قال العلماء أحاديث النهي عن الإستلقاء رافعًا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيها العورة أو شيء منها.
ففعله عليه السلام للاستلقاء كان على وجه لا يظهر منه شيء وهذا لا بأس به ولا كراهه فيه على هذه الصفة.
2 – جواز الإتكاء في المسجد والإستلقاء فيه.
3 – ورد كلام مكذوب فيه تعليل النهي عن الإستلقاء؟ إن الله استلقى يوم خلق خلقه. قال الالباني: منكر جدًا.
وغيرها من الفوائد إنما اقتصرنا على ما يخص انكشاف العورة.