*مختلف الحديث رقم (44)
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
ومشاركة أحمد بن علي
كيف التوفيق بين حديث عائشةرضي الله عنها (كنتُ أَغْتَسِلُ أنا والنبيُّ صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ، مِن قَدَحٍ يُقال له الفَرَقُ).
-مختصرصحيح البخاري برقم: (145)
أخرجه البخاري ومسلم، وفي صحيح مسلم (يسع ثلاثة أمداد، وعند النسائي (فدعت بإناء نحوا من صاع)
-وبين ما جاء أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حديث أنس كانَ يغتَسِلُ بالصَّاعِ ويتوضَّأُ بالمُدِّ؟ أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية عند أحمد (بخمسة مكاكيك، ويتوضأ بمكوك) وتكلم محققو المسند عن بعض الروايات الضعيفة كرواية (يتوضأ برطلين)
-وراجع صحيح أبي داود برقم: (92)
وقال محققو المسند: المكوك مقدار يختلف باختلاف البلد، والمراد به هنا المد وقال ذلك ابن خزيمة وأبو خيثمة ورجح ذلك النووي والبغوي وابن الأثير
————————
جواب جواب أحمد بن علي:
قال القاضى: والأظهر عندى فى حديث عائشة أنها لم ترد أن قدر ملء الفرق من الماء هو قدر ماء الغسل وما يكفى منه، بدليل حديثها الآخر: ” كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من قدح يقال له الفرق ” فقد ذكرت اغتسالهما معا منه، والأحاديث الواردة فى تطهره بالصاع، والفرق ثلاثة آصع كما تقدم، وأن تكون ” من ” لبيان الإناء أو للتبعيض مما فى الفرق.
شَرْحُ صَحِيح مُسْلِمِ لِلقَاضِى عِيَاض
قال ابن بطال:
[الاقتصار في الوضوء]
[وعنه] أي ” أنس بن مالك “، قال: «كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتوضأ بالمد» تقدم تحقيق قدره [ويغتسل بالصاع] وهو أربعة أمداد، ولذا قال: [إلى خمسة أمداد] كأنه قال بأربعة أمداد إلى خمسة، [متفق عليه] وتقدم أنه – صلى الله عليه وسلم – توضأ بثلثي مد، وقدمنا أنه أقل ما قدر به ماء وضوئه؛ ولو أخر المصنف ذلك الحديث إلى هنا، أو قدم هذا، لكان أوفق لحسن الترتيب، وظاهر هذا الحديث أن هذا غاية ما كان ينتهي إليه وضوءه – صلى الله عليه وسلم – وغسله ولا ينافيه حديث ” عائشة ” الذي أخرجه البخاري: «أنه – صلى الله عليه وسلم – توضأ من إناء واحد يقال له الفرق»] بفتح الفاء والراء، وهو إناء يسع تسعة عشر رطلا،؛ لأنه ليس في حديثها أنه كان ملآنا ماء، بل قولها من إناء يدل على تبعيض ما توضأ منه، وحديث أنس هذا، والحديث الذي سلف عن ” عبد الله بن زيد “، يرشدان إلى تقليل ماء الوضوء، والاكتفاء باليسير منه، وقد قال البخاري: وكره أهل العلم فيه؛ أي ماء الوضوء، أن يتجاوز فعل النبي – صلى الله عليه وسلم -.
به النبى، (صلى الله عليه وسلم)، فذهب أهل الحجاز إلى أنه خمسة أرطال وثلث، وذهب أهل العراق إلى أن وزنه ثمانية أرطال، واحتجوا بما رواه موسى بن الجهم الجهمى، عن مجاهد، قال: دخلنا على عائشة واستسقى بعضنا، فأتى بعس، فقالت عائشة: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يغتسل مثل هذا. قال مجاهد: فحزرته ثمانية أرطال، تسعة أرطال، عشرة أرطال. واحتج أهل المدينة بحديث عائشة المتقدم فى الباب قبل هذا قالت: كنت أغتسل أنا والنبى (صلى الله عليه وسلم) من إناء واحد من قدح يقال له: الفرق. وقد ذكرنا هنا أقوال العلماء، أن الفرق ثلاثة أصوع، وهى ستة عشر رطلا. وإذا صح ذلك فنصف الفرق صاع ونصف، وذلك ثمانية أرطال، ثبت أن الصاع ثلثها، وذلك خمسة أرطال وثلث على ما قاله أهل المدينة، وقد رجع أبو يوسف القاضى إلى قول مالك فى ذلك حين قدم إلى المدينة، فأخرج إليه مالك صاعا، وقال له: هذا صاع النبى (صلى الله عليه وسلم)، قال أبو يوسف: فقدرته فوجدته خمسة أرطال وثلث، وأهل المدينة أعلم بمكيالهم، ولا يجوز أن يخفى عليهم قدره، ويعلمه أهل العراق، وإنما توارث أهل المدينة مقداره خلفا عن السلف، نقل ذلك عالمهم وجاهلهم، إذ كانت الضرورة بهم إليه فيما خصهم من أمر دينهم فى زكواتهم، وكفاراتهم، وبيوعهم، ولا يجوز أن يترك مثل نقل هؤلاء الذين لا يجوز عليهم التواطؤ والتشاعر إلى رواية واحد تحتمل روايته التأويل، وذلك أن قول مجاهد: فحزرته فوجدته ثمانية أرطال إلى تسعة أرطال، إلى عشرة أرطال.
لم يقطع حزره على حقيقة فى ذلك، إذ الحزر لا يعصم من الغلط وتعصم منه الكافة التى نقلت مقداره بالوزن لا بالحزر، وأيضا فإن ذلك العس لو صح أن مقداره عشرة أرطال، أو تسعة أرطال، لم يكن لهم فى ذلك حجة، إذ ليس فى الخبر مقدار الماء الذى كان يكون فيه، هل هو ملؤه، أو أقل من ذلك؟ فقد يجوز أن يغتسل هو (صلى الله عليه وسلم) وحده بدون ملئه، وقد يجوز أن يغتسل هو وهى بملئه، فيكون بينهما عشرة أرطال، أو أقل، فيوافق ما قاله أهل المدينة. فلما احتمل هذا ولم يكن فى الخبر بيان يقطع به لا يجوز خلافه، كان المصير إلى ما نقل أهل المدينة، خلفهم عن سلفهم، أن الصاع وزنه خمسة أرطال وثلث، مع ما ثبت عن عائشة أنها كانت تغتسل هى، وهو (صلى الله عليه وسلم) من قدح يقال له: الفرق. وقد روى عن النخعى، وهو إمام أهل الكوفة، ما يخالف قول الكوفيين، ويوافق قول أهل المدينة. وذكر ابن أبى شيبة، عن حسين بن على، عن زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كان يقال: يكفى الرجل لغسله ربع الفرق، قال غيره: وإنما احتيج إلى مقدار الماء الذى كان يغتسل به (صلى الله عليه وسلم) ليرد به قول الإباضية فى الإكثار من الماء، وهو مذهب قديم، وجملة الآثار المنقولة فى ذلك عن النبى، (صلى الله عليه وسلم)، يدل على أنه لا توقيت فيما يكفى من الغسل والطهارة، لذلك استحب السلف ذكر المقدار من غير كيل.
شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال
————
جواب سيف بن دورة الكعبي:
قال ابن حجر في شرح حديث 194 في شرح حديث أنس: وكأن أنس لم يطلع أنه استعمل في الغسل أكثر وذكر حديث عائشة ونقل أنه ثلاثة آصع، ‘روى مسلم من حديثها أمه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء يسع ثلاثة أمداد، فهذا يدل على اختلاف الحال في ذلك بقدر الحاجة، وحمل الجمهور حديث أنس على الإستحباب ثم ذكر أنه ورد عن سفينة وجابر وغيرهم تقديره مثل أنس، إلا إذا دعت الحاجة، وهذا لمن كان خلقه معتدلا، وهذا ما أشار إليه البخاري بقوله (وقد قال البخاري: وكره أهل العلم فيه؛ أي ماء الوضوء، أن يتجاوز فعل النبي – صلى الله عليه وسلم -.
ونقل كلام ابن حجر محققو المسند 19/ 158
قلت (سيف): حديث سفينة حسنه بعض الباحثين، وعزاه لمسلم، وهو في الترمذي وقال: حسن صحيح ونقل الترمذي عن قول الشافعي وأحمد وإسحاق أنه ليس معنى الحديث على التوقيت أنه لا يجوز أكثر منه ولا أقل منه وهو قدر ما يكفي.
وقال الباحث: نقل ابن المنذر الإجماع أن القدر ليس على التحديد.
وخمسة أرطال وثلث، تقدر بكيلوين وعشرين غرام قاله محمد بن إبراهيم وابن عثيمين، وقال ابن باز: تقريبا ثلاثة كيلو
تنبيه: حديث مجاهد وتقديره الإناء بثمانية أرطال. إسناده حسن.
ونقل ابن عبدالبر في التمهيد 8/ 107 أن بعض السلف: يستحبون الصاع من غير أن يكال الماء ونقل أنه إجماعهم على عدم كيل الماء إنما نقل الصاع للرد على الإباضية، مما يدل على أن لا توقيت. ثم نقل آثارهم
وحمله العباد في شرح أبي داود على تنوع المقدار فيغتسل بالصاع وأعلاه صاع ونصف.
وراجع للتوسع سنن البيهقي الكبرى 4/ 171
وطرح التثريب