مختلف الحديث رقم (36)
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
واختصار سيف بن دورة الكعبي
وإن كان ما ورد هنا آثار عن بعض السلف، خالفت حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن وضعناها في مختلف الحديث، لنعرف، هل اعتمدوا على حديث، وما هي حجتهم، وكيف التوفيق بين هذه الآثار التي فيها تجويز العاج:
_وقال حماد: لا بأس بريش الميتة.
_وقال الزهري في عظام الموتى نحو الفيل وغيره، أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها، ويدهنون فيها، لا يرون به بأسا.
_وقال ابن سيرين وإبراهيم: لا بأس بتجارة العاج.
*مختصر البخاري للشيخ الألباني برقم (58،59،60،61،62) تحت باب: ما يقع في النجاسات في السمن والماء.
*وبين أنه عظم ميتة، أو أبين من حيوان حي؟
————————–
جواب احمد بن علي:
قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى:
– مسألة: في عظم الميتة وقرنها وظفرها وريشها: هل هو طاهر أم نجس؟ أفتونا مأجورين:
الجواب: أما عظم الميتة وقرنها وظفرها وما هو من جنس ذلك: كالحافر ونحوه وشعرها وريشها ووبرها: ففي هذين النوعين للعلماء ثلاثة أقوال:
أحدها: نجاسة الجميع كقول الشافعي في المشهور وذلك رواية عن أحمد
والثاني: إن العظام ونحوها نجسة والشعور ونحوها طاهرة وهذا هو المشهور من مذهب مالك وأحمد
والثالث: إن الجميع طاهر: كقول أبي حنيفة وهو قول في مذهب مالك وأحمد وهذا القول هو الصواب لأن الأصل فيها الطهارة ولا دليل على النجاسة
وأيضا فإن هذه الأعيان هي من الطيبات ليست من الخبائث فتدخل في آية التحليل وذلك لأنها لم تدخل فيما حرمه الله من الخبائث لا لفظا ولا معنى أما اللفظ فكقوله تعالى:
{حرمت عليكم الميتة}
لا يدخل فيها الشعور وما أشبهها وذلك لأن الميت ضد الحي والحياة نوعان: حياة الحيوان وحياة النبات فحياة الحيوان خاصتها الحس والحركة الإرادية وحياة النبات النمو والاغتذاء
وقوله: {حرمت عليكم الميتة} إنما هو بما فارقته الحياة الحيوانية دون النباتية فإن الزرع والشجر إذا يبس لم ينجس باتفاق المسلمين وقد تموت الأرض ولا يوجب ذلك نجاستها باتفاق المسلمين وإنما الميتة المحرمة ما كان فيها الحس والحركة الإرادية وأما الشعر فإنه ينمو ويغتذي ويطول كالزرع والزرع ليس فيه حس ولا يتحرك بإرادة ولا تحله الحياة الحيوانية حتى يموت بمفارقتها ولا وجه لتنجيسه
وأيضا: فلو كان الشعر جزءا من الحيوان لما أبيح أخذه في حال الحياة فإن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن قوم يجبون أسنمة الإبل وإليات الغنم فقال: [ما أبين من البهيمة وهي حية فهو ميت] رواه أبو داود وغيره
وهذا متفق عليه بين العلماء فلو كان حكم الشعر حكم السنام والألية لما جاز قطعه في حال الحياة فلما اتفق العلماء على أن الشعر والصوف إذا جز من الحيوان كان حلالا طاهرا علم أنه ليس مثل اللحم
وأيضا: [فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أعطى شعره لما حلق رأسه للمسلمين وكان النبي صلى الله عليه و سلم يستنجي ويستجمر فمن سوى بين الشعر والبول والعذرة فقد أخطأ خطأ مبينا]
وأما العظام ونحوها: فإذا قيل: إنها داخلة في الميتة؛ لأنها تنجس قيل لمن قال ذلك: أنتم لم تأخذوا بعموم اللفظ فإن ما لا نفس له سائلة كالذباب والعقرب والخنفساء لا ينجس عندكم وعند جمهور العلماء مع أنها ميتة موتا حيوانيا
وقد ثبت في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: [إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء]
ومن نجس هذا قال في أحد القولين: إنه لا ينجس المائعات الواقعة فيه لهذا الحديث وإذا كان كذلك علم أن علة نجاسة الميتة إنما هو احتباس الدم فيها فما لا نفس له سائلة ليس فيه دم سائل فإذا مات لم يحتبس فيه الدم فلا ينجس فالعظم ونحوه أولى بعدم التنجيس من هذا فإن العظم ليس فيه دم سائل ولا كان متحركا بالإرادة إلا على وجه التبع
يتبع
فإذا كان الحيوان الكامل الحساس المتحرك بالإرادة لا ينجس لكونه ليس فيه دم سائل فكيف ينجس العظم الذي ليس فيه دم سائل
ومما يبين صحة قول الجمهور: إن الله سبحانه إنما حرم علينا الدم المسفوح كما قال تعالى:
{قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا}
فإذا عفى عن الدم غير المسفوح مع أنه من جنس الدم حيث علم أن الله سبحانه فرق بين الدم الذي يسيل وبين غيره فلهذا كان المسلمون يصنعون اللحم في المرق وخيوط الدم في القدر تبين ويأكلون ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها ولولا هذا لاستخرجوا الدم من العروق كما يفعل اليهود
والله تعالى حرم ما مات حتف أنفه أو لسبب غير جارح محدد: كالموقوذة والمتردية والنطيحة وحرم صلى الله عليه و سلم ما صيد بغيره من المعراض وقال: [إنه وقيذ]
والفرق بينهما إنما هو سفح الدم فدل على أن سبب التنجيس هو: احتقان الدم واحتباسه وإذا سفح بوجه خبيث: بأن يذكر عليه غير اسم الله كان الخبث هنا من وجه آخر فإن التحريم تارة لوجود الدم وتارة لفساد التذكية: كذكاة المجوسي والمرتد والذكاة في غير المحل
فإذا كان كذلك فالعظم والظفر والقرن والظلف وغير ذلك ليس فيه دم مسفوح فلا وجه لتنجيسه وهذا قول جمهور السلف
قال الزهري: كان خيار هذه الأمة يتمشطون بأمشاط من عظام الفيل وقد روي في العاج حديث معروف لكن فيه نظر ليس هذا موضعه فإنا لا نحتاج إلى الاستدلال بذلك
وأيضا فقد ثبت في الصحيح: عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال في شاة ميمونة: [هلا أخذتم إهابها فانتفعتم به
قالوا: إنها ميتة
قال: إنما حرم أكلها]
وليس في البخاري ذكر الدباغ ولم يذكر عامة أصحاب الزهري عنه ولكن ذكره ابن عيينة ورواه مسلم في صحيحه وقد طعن الإمام أحمد في ذلك وأشار إلى غلط ابن عيينة فيه وذكر أن الزهري وغيره كانوا يبيحون الانتفاع بجلود الميتة بلا دباغ لأجل هذا الحديث
وحينئذ فهذا النص يقتضي جواز الانتفاع بها بعد الدبغ لطريق الأولى لكن إذا قيل: إن الله حرم بعد ذلك الانتفاع بالجلود حتى تدبغ أو قيل: إنها لا تطهر بالدباغ لم يلزم تحريم العظام ونحوها لأن الجلد جزء من الميتة فيه الدم كما في سائر أجزائه والنبي صلى الله عليه و سلم جعل ذكاته دباغه لأن الدبغ ينشف رطوباته فدل على أن سبب التنجيس هو الرطوبات والعظم ليس فيه نفس سائلة وما كان فيه منها فإنه يجف وييبس وهي تبقى وتحفظ أكثر من الجلد فهي أولى بالطهارة من الجلد
والعلماء تنازعوا في الدباغ هل يطهر؟
فذهب مالك وأحمد في المشهور عنهما أنه لا يطهر ومذهب الشافعي وأبي حنيفة والجمهور: أنه يطهر وإلى هذا القول رجع الإمام أحمد كما ذكر ذلك عند الترمذي عن أحمد بن الحسن الترمذي عنه
وحديث ابن عكيم يدل على أن النبي صلى الله عليه و سلم نهاهم أن ينتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب بعد أن كان أذن لهم في ذلك لكن هذا قد يكون قبل الدباغ فيكون قد رخص فإن حديث الزهري بين أنه قد رخص في جلود الميتة قبل الدباغ فيكون قد رخص لهم في ذلك ثم لما نهاهم عن الانتفاع بها قبل الدباغ نهاهم صلى الله عليه و سلم عن ذلك ولهذا قال طائفة من أهل اللغة إن الإهاب اسم كما لا يدبغ ولهذا قرن معه العصب والعصب لا يدبغ
الفتاوى الكبرى – ابن تيمية،
قلت (سيف) وراجع المسائل الماردينية
————-
جاء عند بعض لجان الفتوى سؤال مفاده:
هل صحيح أن المشط المأخوذ من العاج وهو سن الفيل نجس؟
الجواب
روى الترمذى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” ما يقطع من البهيمة وهى حية فهو ميتة ” وقال: حديث حسن غريب، وبناء عليه قال جمهور الفقهاء: إن عظم الفيل نجس ولا يطهر بحال كما قال الشافعى ومالك وإسحاق، ورخص فى الانتفاع به محمد بن سيرين وابن جريج وغيرهما، لما روى أبو داود عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يشترى لفاطمة رضى الله عنها قلادة من عَصْب وسوارين من عاج، وروى البخارى عن الزهرى قال فى عظام الموتى نحو الفيل وغيره: أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدَّهنون فيها، ولا يرون به بأسا، والعَصْب ثياب يمنية، والعَصَب سن بعض الحيوانات يتخذ منه ا لخرز.
وجاء فى المغنى لابن قدامة “ج 1 ص 61” أما ما يتساقط من قرون الوعول فى حياتها يحتمل أنه طاهر لأنه أشبه بالشعر، وجاء فى هامش “ص 60” أطال شيخ الإسلام الكلام فى تصويب طهارة العظم والقرن والظفر، وذكر أنه مذهب أبى حنيفة وقول لمالك وأحمد.
هذا، وقد قال الدميرى فى كتابه “حياة الحيوان الكبرى – السلحفاة البحرية ” ما نصه: “فائدة” كان للنبى صلى الله عليه وسلم مشط من العاج، والعاج الذبل، وهو شاء يتخذ من ظهر السلحفاة البحرية، يتخذ منه الأمشاط والأساور، وفى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم “أمر ثوبان رضى اللّه عنه أن يشترى لفاطمة رضى اللّه عنها سوارين من عاج” أما العاج الذى هو عظم الفيل فنجس عند الشافعى وطاهر عند أبى حنيفة، وعند مالك يطهر بصقله، فيجوز التسريح بمشط العاج وهو الذبل، وعليه يحمل ما وقع للنووى فى شرح المهذب من جواز التسريح به، فمراده بالعاج الذبل لا العاج الذى هو ناب الفيل.
وما دام عظم الفيل طاهرا عند بعض الأئمة فلا بأس باستعماله
وجاء أيضاً:
ما هو حكم شراء العاج؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالعاج هو أنياب الفيل، وقيل: هو ظهر السلحفاة البحرية، كما ذكر ابن منظور في لسان العرب.
وقد اختلف أهل العلم في حكم بيعه تبعاً لاختلافهم في طهارته ونجاسته، فمن قال بنجاسته منع بيعه، ومن قال بطهارته أجاز بيعه والانتفاع به، فذهب الشافعية وكذا الحنابلة في معتمد مذهبهم إلى حرمة بيعه، قال النووي في المجموع: لا يجوز بيعه ولا يحل ثمنه، وبهذا قال طاووس وعطاء بن أبي رباح وعمر بن عبد العزيز.
وأما المالكية فمذهبهم أن العاج المتخذ من فيل ميت بغير ذكاة يكره الانتفاع به، ومنهم من حمل الكراهة على كراهة التحريم، ومنهم من حملها على التنزيه، وأما العاج المتخذ من فيل مذكى فلا خلاف في جواز استعماله عندهم، وأما الحنفية فيجوزون بيعه والانتفاع به بناء على القول بطهارته.
————–
نقولات للأخ أحمد بن علي:
وإليك نقولات من كتب بعض الأئمة فيها استعراض لكلامهم حول عظم الفيل:
ففي المنتقى شرح الموطأ:
(مسألة) إذا ثبت ذلك فإن العظم ينجس بالموت وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة: لا ينجس بالموت وقد روى ابن المواز أن مالكا نهى عن الانتفاع بعظم الميتة والفيل والأدهان فيه ولم يطلق تحريمها لأن ربيعة وابن شهاب أجاز الامتشاط بها قال ابن حبيب: وقد أجاز ذلك ابن الماجشون ومطرف وابن وهب وأصبغ فأما ابن وهب وأصبغ فإنهما راعيا تغليتها بالماء وجعلا ذلك كالدباغ فيها يطهرها كما يطهر الجلد الدباغ وهذا يدل على أنه ينجس عندهما بالموت فلم أر مالكا في رواية ابن المواز عنه راعى ذلك فيها وكذلك مطرف وابن الماجشون قال الشيخ أبو بكر: والخلاف في هذه المسألة مبني على أن الروح يحل العظم أو لا يحله، وهذا الذي قاله مالك هو الأصل غير رواية ابن وهب وأصبغ فإنهما جعلاه مما تحله الروح ويطهر بالدباغ والدليل على أن الروح يحله وأنه ينجس بالموت قوله تعالى (من يحيي العظام وهي رميم) الآية ودليلنا من جهة القياس أن ما ينجس لحمه بالموت ينجس به عظمه كالكلب والخنزير ووجه الرواية الثانية أنه جزء لا يألم الحيوان منه فلم ينجس بالموت أصل ذلك الشعر وقال الشيخ: لم يحرم الانتفاع بأنياب الفيل وغيره وإنما كره ذلك للاختلاف في موتها وقال ربيعة: إنما ينتفع من عظم الفيل بالناب وحده لأنه لا لحم عليه ولا دسم فيه إنما هو كعود يابس نابت قال: وكذلك كل عظم ليس عليه لحم وإلى هذا ذهب ابن حبيب ولا أعلم بهذه الصفة غير الأسنان وهذا يقتضي أن أصل العظم الطهارة وإنما ينجس ما نبت عليه اللحم مما خالطه من الدسم الذي ينجس بالموت وقد قال عن مالك: إن الريش الذي له سنخ في اللحم والدم والقرون والأنياب والأظلاف لا خير فيه وحكم هذا فيما ذكر ربيعة حكم ناب الفيل إلا أن يكون ابن حبيب روى عن مالك قوله واختار ربيعة.
(فرع) وأما بيع عظام الميتة فقد حكى ابن حبيب عن ابن الماجشون لم أسمع أحدا يرخص في ذلك إذا وقع البيع فسخ ورد الثمن إلى المبتاع وذلك عنده في عظام الفيل وغيرها وقال ابن عبد الحكم عن مالك يجب اجتناب عظام الميتة وعظام الفيل لأنها تجري مجرى اللحم فلا يمتشط بها ولا يتجر فيها وقال ابن حبيب في الواضحة إذا غليت جاز بيعها كما يجوز بيع جلود الميتة إذا دبغت وقال أصبغ: لا تباع وإن غليت غير أني لا أفسخ بيعها بعد أن تغلى إلا أن تكون قائمة لم تفت وأما ما لم يدبغ ولم يغل فالبيع مفسوخ فاتت أو لم تفت، وهذا كله يدل من قول أصحابنا على أنها تنجس بالموت وتحلها الروح قال القاضي أبو الوليد رحمه الله: وقول ابن حبيب وربيعة في العظم الطاهر لا معنى له عندي إلا أن يريدان طول طهوره ويبس رطوبته أو عدمها يقوم مقام الدباغ لسائرها وهذا حكم أنياب الفيل الذي لم يذك فأما إذا ذكي فقد قال الشيخ أبو بكر: ينتفع بجلده وعظمه من غير دباغ كجلود السباع وعظامها يجوز الانتفاع بها إذا ذكيت من غير دباغ.
المنتقى شرح الموطأ
………………………………
وفي الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري:
قوله (لا يرون به بأسا) أي حرجا ولو كان نجسا لما استعملوه امتشاطا وادهانا وعلم منه انه لو وقع عظم الفيل في الماء فلا باس به أيضا ومسألة نجاسة العظم وطهارته مبنية على أنه له حياة أم لا وكذا مسألة الريش فهما طاهران عند أبي حنيفة بناء على أن لا روح فيهما نجسان عند مالك والشافعي لا يمتشط بها ولا يدهن فيها إلا أن مالكا قال: إذا ذكي الفيل فعظمه طاهر، وقال الشافعي الذكاة لا تعمل في السباع.
وفي المجموع للنووي 1/ 243:
(فرع)
العاج المتخذ من عظم الفيل نجس عندنا كنجاسة غيره من العظام لا يجوز استعماله في شئ رطب فإن استعمل فيه نجسه: قال أصحابنا ويكره استعماله في الأشياء اليابسة لمباشرة النجاسة ولا يحرم لأنه لا يتنجس به ولو اتخذ مشطا من عظم
الفيل فاستعمله في رأسه أو لحيته فإن كانت رطوبة من أحد الجانبين تنجس شعره وإلا فلا: ولكنه يكره ولا يحرم هذا هو المشهور للأصحاب ورأيت في نسخة من تعليق الشيخ أبي حامد أنه قال ينبغي أن يحرم وهذا غريب ضعيف، قلت: وينبغي أن يكون الحكم هكذا في استعمال ما يصنع ببعض بلاد حواران من أحشاء الغنم على هيئة الأقداح والقصاع ونحوها لا يجوز استعماله في رطب ويجوز في يابس مع الكراهة، قال الروياني: ولو جعل الدهن في عظم الفيل للاستصباح أو غيره من الاستعمال في غير البدن فالصحيح جوازه وهذا هو الخلاف في جواز الاستصباح بزيت نجس؛ لأنه ينجس بوضعه في العظم هذا تفصيل مذهبنا في عظم الفيل: وإنما أفردته عن العظام كما أفرده الشافعي: ثم الأصحاب قالوا وإنما أفرده لكثرة استعمال الناس له ولاختلاف العلماء فيه فإن أبا حنيفة قال بطهارته بناء عل أصله في كل العظام وقال مالك في رواية إن ذكي فطاهر وإلا فنجس بناء على رواية له أن الفيل مأكول: وقال إبراهيم النخعي إنه نجس لكن يطهر بخرطه وقد قدمنا دليل نجاسة جميع العظام وهذا منها ومذهب النخعي ضعيف بيِّن الضعف والله أعلم
(فرع)
قال صاحب الشامل وغيره من أصحابنا في هذا الموضع سئل فقيه العرب عن الوضوء من الاناء المعوج فقال ان أصاب الماء تعويجه لم يجز والا فيجوز والاناء المعوج هو المضبب بقطعة من من عظم الفيل وهذا صحيح والصورة في ماء دون القلتين وفقيه العرب ليس شخصا بعينه وانما العلماء يذكرون مسائل فيها الغاز وملح ينسبونها إلى فتيا فقيه العرب وصنف الامام أبو الحسين بن فارس كتابا سماه فتيا فقيه العرب ذكر فيه هذه المسألة وأشد ألغازا منها
المجموع للنووي