مختلف الحديث: رقـ ((26)) ـــــم.
بإشراف سيف غدير النعيمي
واختصار سيف الكعبي
-كيف التوفيق بين:
حديث أنس بن مالك قال: جاء أعرابيٌّ، فبال في طائفةِ المسجدِ، فزجَره الناسُ، فنَهاهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما قَضى بَولَه، أمَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بذَنوبٍ من ماءٍ، فأُهريقَ عليه.
البخاري (221) ومسلم (284)
وبين حديث: أنَّهُ عليهِ السَّلامُ أمر بحفرِ التُّرابِ الذي بال فيهِ الأعرابيُّ في المسجِدِ.
من حديث عبد الله بن مسعود:
أخرجه الدَّارقطني في السُّنن (477)، وأبو يعلى في المسند (3626)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
جواب الأخ حمد الكعبي:
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح؛
.. وفيه أن الأرض تطهر بصب الماء عليها ولا يشترط حفرها خلافا للحنفية حيث قالوا لا تطهر إلا بحفرها كذا أطلق النووي وغيره والمذكور في كتب الحنفية التفصيل بين ما إذا كانت رخوة بحيث يتخللها الماء حتى يغمرها فهذه لا تحتاج إلى حفر وبين ما إذا كانت صلبة فلا بد من حفرها وإلقاء التراب لأن الماء لم يغمر أعلاها وأسفلها واحتجوا فيه بحديث جاء من ثلاث طرق أحدها موصول عن ابن مسعود أخرجه الطحاوي لكن إسناده ضعيف قاله أحمد وغيره والآخران مرسلان أخرج أحدهما أبو داود من طريق عبد الله بن معقل بن مقرن والآخر من طريق سعيد بن منصور من طريق طاوس ورواتهما ثقات وهو يلزم من يحتج بالمرسل مطلقا ……
قال ابن قدامه رحمه الله في المغني؛
وجملة ذلك أن الأرض إذا تنجست بنجاسة مائعة كالبول والخمر وغيرهما فطهورها أن يغمرها بالماء بحيث يذهب لون النجاسة وريحها فما انفصل عنها غير متغير بها فهو طاهر وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة: لا تطهر الأرض حتى ينفصل الماء فيكون المنفصل نجسا لأن النجاسة انتقلت إليه فكان نجسا كما لو وردت عليه
ولنا: ما روى أنس قال: [جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجوه الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه و سلم فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه] … متفق عليه ولولا أن المنفصل طاهر لكان قد أمر بزيادة تنجيسه؛ لأنه كان في موضع فصار في مواضع، وإنما أراد النبي صلى الله عليه و سلم تطهير المسجد، فإن قيل: فقد روي عن ابن مغفل أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: [خذوا ما بال عليه من التراب واهريقوا على مكانه ماء] وروى أبو بكر بن عياش عن سمعان عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال فأمر به فحفر قلنا: ليست هذه الزيادة في خبر متصل قاله الخطابي وحديث ابن مغفل مرسل قال أبو داود: ابن مغفل لم يدرك النبي صلى الله عليه و سلم وحديث سمعان منكر قاله الإمام، وقال: ما أعرف سمعان ولأن البلة الباقية في المحل بعد غسله طاهرة وهي بعض المنفصل فكذلك المنفصل، وقولهم: أن النجاسة انتقلت إليه قلنا بعد طهارتها؛ لأن الماء لو لم يطهرها لنجس بها حال ملاقاته لها، ولو نجس بها لما طهر المحل ولكان الباقي منه في المحل نجسا، قال القاضي: إنما يحكم بطهارة المنفصل إذا نشفت النجاسة وذهبت أجزاؤها ولم يبق إلا أثرها فإن كانت أجزاؤها باقية طهر المحل ونجس المنفصل، وهذا الشرط الذي ذكره لم أره عن أحمد ولا يقتضيه كلام الخرقي، ولا يصح؛ لأنه أراد ببقاء أجزائها بقاء رطوبتها فهو خلاف الخبر، فإن قوله (فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه) يدل على أنه صب عليه عقيب فراغه منه وإن أراد بقاء البول متنقعا فلا فرق بينه وبين الرطوبة فإن قليل البول وكثيره في التنجيس سواء والرطوبة أجزاء تنجس كما ينجس المتنقع فلا فرق إذا. اه
و في الشرح الكبير؛
متى تنجست الارض بنجاسة مائعة أي نجاسة كانت كالبول والخمر ونحوهما فطهورها أن تغمر بالماء بحيث يذهب لون النجاسة وريحها فان لم يذهبا لم تطهر لان بقاءهما دليل بقاء النجاسة، فان كانت مما لا يزول لونها أو رائحتها إلا بمشقة سقط ذلك كما قلنا في الثوب، والدليل على أن الارض تطهر بذلك ما روى أنس قال: جاء اعرابي فبال …. اه
====================
جواب الأخ أبي صالح:
الحديث الثاني حديث ابن مسعود فيه سمعان بن مالك قال أبو زرعة الحديث منكر وسمعان ليس بالقوي، قلت: وقال: غيره سمعان مجهول
فبقي حديث الشيخين سالما من المعارض
====================
جواب الأخ سيف غدير
قال: الشَّيخ الدكتور أبي عبد الباري رضا بن خالد بوشامة الجزائري حفظه الله
أستاذ بكلية العلُّوم الإسلامية بجامعة الجزائر.
الأحاديث الَّتي ورد فيها ذكر الحفر:
لم تذكر الطُّرق الصَّحيحة لهذا الحديث زيادة حفر المكان الَّذي بال فيه أو نقل ترابه إلى خارج المسجد، وقد روي الأمر من طرق لكنَّها متكلَّم فيها:
الطَّريق الأوَّل – من حديث عبد الله بن مسعود:
أخرجه الدَّارقطني في السُّنن (477)، وأبو يعلى في المسند (3626) من طريق أبي هشام الرِّفاعي محمَّد ابن يزيد، عن أبي بكر بن عيَّاش، عن سمعان بن مالك، عن أبي وائل، عن مسعود، وفيه: ” جاء أعرابي فبال في المسجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر … “.
وأخرجه الطَّحاوي في شرح المعاني (1/ 14) من طريق يحيي بن عبد الحميد الحمَّاني، عن أبي بكر بن عيَّاش به.
وسنده ضعيف جدًّا، سمعان ضعَّفه أبو زرعة وقال: ” ليس بقوي ” وفيه أيضًا: أبو هشام الرِّفاعي محمَّد بن يزيد ليس بالقويِّ أيضًا، وله أحاديث منكرة عن أبي بكر بن عيَّاش.
وأمَّا السَّند الثَّاني من طريق يحيي بن عبد الحميد الحمَّاني فهو ضعيف أيضًا، لأنَّ الحمَّاني معروف بسرقة الحديث، فيكون سرقه من أبي هشام الرِّفاعي.
ونقل ابن الملقِّن عن أبي زرعة أنَّه قال: ” حديث منكر “، وعن ابن أبي حاتم أنَّه قال: ” ليس لهذا الحديث أصل ”
وقال الدَّراقطني في العلل (5/ 81) بعد أن ذكر زيادة الحفر في السَّند: ” ليست بمحفوظ عن أبي بكر بن عيَّاش “، لأنَّه روي الحديث من غير طريق أبي هشام الرِّفاعي ولم يذكر الحفر.
ثانيًا – حديث أنس بن مالك:
ذكر ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 334) أنَّ أبا محمَّد ابن صاعد روى عن عبد الجبَّار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن يحيي بن سعيد، عن أنس بن مالك: ” أنَّ أعرابيًّا بال في المسجد، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ” احْفِرُوا مَكَانَهُ ثُمَّ صُبُّوا عَلَيْهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ “، ونقل عن الدَّارقطني أنَّه قال: ” وهم عبد الجبَّار على ابن عيينة، لأنَّ أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عن ابن عيينة عن عمرو ابن دينار، عن طاوس: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:” ” احْفِرُوا مَكَانَهُ ” مرسلاً، فاختلط على عبد الجبَّار المتنان.
قلت: تقدَّم أنَّ الحديث رواه عن سفيان بن عيينة، أحمد في المسند والشَّافعي عند أبي عوانة، وسعيد بن عبد الرَّحمن المخزومي عند التَّرمذي ولم يذكروا الحفر عن ابن عيينة عن يحيي بن سعيد.
وانفرد بذكره عبد الجبَّار بن العلاء، قال عنه ابن حجر في التَّقريب لابأس به، فمثله إذا خالف أمثال أحمد والشَّافعي وغيرهما تكون روايته شاذَّةً.
وقد بيَّن الدَّارقطني سبب الشُّذوذ، وذلك أنَّ ابن عيينة روى هذا الحديث من طريق آخر عن عمرو بن دينار، عن طاووس قال: ” بال أعرابي … ” فذكره وذكر الحفر
أخرجه عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (1659) عن ابن عيينة ورواه أيضًا الطَّحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 13) من طريق ابن عيينة.
فاختلط على عبد الجبَّار هذا الطَّريق بالطَّريق الآخر الموصول فحمله عليه، والصَّواب أنَّ ابن عيينة روى الحفر عن عمرو بن دينار، عن طاووس مرسلاً.
ثالثًا – من حديث عبد الله بن معقل بن مقرن مرسلاَ:
أخرجه أبو داود في السُّنن (381)، ومن طريقه الدَّارقطني في السُّنن (479) عن موسى بن إسماعيل، عن جرير بن حازم، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن معقل بن مقرن قال: قام أعرابيٌّ إلى زاوية …. ، وفيه قول النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم: ” خُذُوا مَا بَالَ عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ فَألْقُوهُ .. ”
وسنده مرسل، قال أبو داود: ” وهو مرسل ابن معقل لم يدرك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم “.
رابعًا – من حديث طاووس مرسلاَ:
وقد مرَّ أنَّ ابن عيينة رواه عن عمرو بن دينار، عن طاووس، وأخرجه أيضًا عبد الرَّزَّاق في المصنَّف (1662) عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه قال: ” بال أعرابيٌّ في المسجد … ” وفيه: ” احْفِرُوا مَكَانَهُ “.
وبالنَّظر في هذه الطُّرق نجد أنَّ الأحاديث الصَّحيحة الموصولة لم يذكر فيها الحفر، ولم يأت إلاَّ من جهات ضعيفة أو مرسلة.
————–
جواب الأخ سيف بن دورة الكعبي:
– راجع لبيان ضعف الحديث التحقيق لابن الجوزي، وتلخيص الحبير، والعلل المتناهية، ومعرفة السنن والآثار، والبدر المنير، ونصب الراية، والخلاصة أن الأمر بالحفر جاء من حديث عبدالله بن معقل وابن مسعود وواثله وأنس، ولا يصح منها شئ.
قال ابن دقيق العيد: لو كان نقل التراب واجبا في التطهير لاكتفى به، فإن الأمر بصب الماء حينئذ يكون زيادة تكليف … الخ كلامه رحمه الله تعالى (نقله في طرح التثريب)