لطائف التفسير والمعاني
قاعدة: لم يذكر علم فاضل في القرآن إلا ذكر معه الإيمان أو أحد وسائله الموصلة إليه أو لوازمه أو ثمراته
مثال: قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْر لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ)
[سورة القصص 80]
قال الطبري: القَوْلُ فِي تَاوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: {وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ويْلَكُمْ، ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا، ولا يُلَقّاها إلّا الصّابِرُونَ} [القصص (80)]-[(331)]- يَقُولُ تَعالى ذِكْرُهُ: وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ بِاللَّهِ، حِينَ رَأوْا قارُونَ خارِجًا عَلَيْهِمْ فِي زِينَتِهِ، لِلَّذِينَ قالُوا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ: ويْلَكُمُ، اتَّقُوا اللَّهَ وأطِيعُوهُ، فَثَوابُ اللَّهِ وجَزاؤُهُ لِمَن آمَنَ بِهِ وبِرُسُلِهِ، وعَمِلَ بِما جاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ مِن صالِحاتِ الأعْمالِ فِي الآخِرَةِ، خَيْرٌ مِمّا أُوتِيَ قارُونُ مِن زِينَتِهِ ومالِهِ
وفي التفسير الوسيط:
قالوا لهم -: ويلكم لا تطلبوا مثل ما أوتي قارون ولا تتمنوا مثل زيتته ومتاعه الدنيوي، ثواب الله في الآخرة خير من زينته ومتاعه وأعظم مما أوتيه – من ماله ورجاله – لمن آمن بالله واليوم الآخر وعمل عملًا صالحًا يرضاه، ولا يتلقى هذه النصيحة بحسن قبولها والعمل بمقتضاها إلّا الصابرون على الطاعات، وعن السيئات
ومثل: قال تعالى:
(وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَاذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَاكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)
[سورة الروم 56]
قال السعدي:
{وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ والإيمانَ} أي: مَنَّ الله عليهم بهما وصارا وصفا لهم العلم بالحق والإيمان المستلزم إيثار الحق، وإذا كانوا عالمين بالحق مؤثرين له لزم أن يكون قولهم مطابقا للواقع مناسبا لأحوالهم.
وفي الإكليل في المتشابه والتأويل: وفي قوله: {وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم} دليل على أن العلم يدل على الإيمان ليس أن أهل العلم ارتفعوا عن درجة الإيمان – كما يتوهمه طائفة من المتكلمة – بل معهم العلم والإيمان كما قال تعالى: {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك} وقال تعالى: {وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله} الآية. وعلى هذا فقوله: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} نظير هذه الآية فإنه أخبر هنا أن الذين أوتوا العلم يعلمون أنه الحق من ربهم وأخبر هناك أنهم يقولون في المتشابه: {آمنا به كل من عند ربنا}
النحل:؟ ثُمَّ يَوْمَ القِيامَةِ يُخْزِيهِمْ ويَقُولُ أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ إنَّ الخِزْيَ اليَوْمَ والسُّوءَ عَلى الكافِرِينَ ((27))؟
(2) – الإسراء:؟ قُلْ آَمِنُوا بِهِ أوْ لا تُؤْمِنُوا إنَّ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مِن قَبْلِهِ إذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأذْقانِ سُجَّدًا ((107)) ويَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إنْ كانَ وعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا ((108)) ويَخِرُّونَ لِلْأذْقانِ يَبْكُونَ ويَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ((109))؟
(3) – الحج:؟ وما أرْسَلْنا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ ولا نَبِيٍّ إلّا إذا تَمَنّى ألْقى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَياتِهِ واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ((52)) لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ والقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وإنَّ الظّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ ((53)) ولِيَعْلَمَ الَّذِينَ
أُوتُوا العِلْمَ أنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وإنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ((54))؟
(4) – القصص:؟ فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ((79)) وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ويْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَن آمَنَ وعَمِلَ صالِحًا ولا يُلَقّاها إلا الصّابِرُونَ ((80))؟
(5) – العنكبوت:؟ وما كُنْتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتابٍ ولا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إذًا لارْتابَ المُبْطِلُونَ ((48)) بَلْ هُوَ آَياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ وما يَجْحَدُ بِآَياتِنا إلّا الظّالِمُونَ ((49))؟
(6) – الروم:؟ ويَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ المُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذَلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ ((55)) وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ والإيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إلى يَوْمِ البَعْثِ فَهَذا يَوْمُ البَعْثِ ولَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ((56))؟
(7) – سبأ:؟ ويَرى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ هُوَ الحَقَّ ويَهْدِي إلى صِراطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ ((6))؟
(8) – محمد:؟ ومِنهُمْ مَن يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتّى إذا خَرَجُوا مِن عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ ماذا قالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ واتَّبَعُوا أهْواءَهُمْ ((16))؟
(9) – المجادلة:؟ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتٍ واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ((11))؟
قال ابن تيمية وهو يتكلم عن مواضع ذكر الإيمان:
فَيُقالُ «اسْمُ الإيمانِ» تارَةً يُذْكَرُ مُفْرَدًا غَيْرَ مَقْرُونٍ بِاسْمِ الإسْلامِ ولا باسِمِ العَمَلِ الصّالِحِ ولا غَيْرِهِما وتارَةً يُذْكَرُ مَقْرُونًا؛ إمّا بِالإسْلامِ كَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جبرائيل: {ما الإسْلامُ وما الإيمانُ}؟ وكَقَوْلِهِ تَعالى: {إنّ المُسْلِمِينَ والمُسْلِماتِ والمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِناتِ}. وقَوْلِهِ عز وجل: {قالَتِ الأعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ولَكِنْ قُولُوا أسْلَمْنا}. وقَوْله تَعالى {فَأخْرَجْنا مَن كانَ فِيها مِنَ المُؤْمِنِينَ} {فَما وجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ المُسْلِمِينَ}. وكَذَلِكَ ذُكِرَ الإيمانُ مَعَ العَمَلِ الصّالِحِ؛ وذَلِكَ فِي مَواضِعَ مِن القُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعالى: {إنّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ}. وإمّا مَقْرُونًا بِاَلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ كَقَوْلِهِ تَعالى: {وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ والإيمانَ} وقَوْلِهِ: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجاتٍ}. وحَيْثُ ذُكِرَ الَّذِينَ آمَنُوا فَقَدْ دَخَلَ فِيهِمْ الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ؛ فَإنَّهُمْ خِيارُهُمْ قالَ تَعالى: {والرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِن عِنْدِ رَبِّنا}. وقالَ: {لَكِنِ الرّاسِخُونَ فِي العِلْمِ مِنهُمْ والمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إلَيْكَ وما أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ} قَالَ تَعَالَى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا}. وَقَالَ: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} ……. ثم تمم الكلام حول إفراد الإيمان أو قرنه بغيره
مجموع الفتاوى 7/ 13