عقيدة
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى ءاله وصحبه وبعد , فهذا بحث يسير في حكم قول ” توكلت على الله ثم عليك ” هل يجوز أم لا يجوز؟ ولكي نجيب عن هذا السؤال ونعلم حكم هذه المقالة حكما صحيحا موافقا للدليل الشرعي لابد من الجواب على سؤال يسبقه لأنه الأساس الذي يبنى عليه الجواب الصحيح عن سؤالنا هذا , فهما سؤالان لابد من الجواب عنهما للخروج بجواب صحيح عن هذه المقالة التي انتشرت في أيامنا هذه , وهذان السؤلان هما: السؤال الأول: هل يجوز التوكل على غير الله بحال من الأحوال؟ وعلى ضوء الإجابة على هذا السؤال الأول يكون الجواب عن السؤال الثاني وهو: هل يجوز قول ” توكلت على الله ثم عليك “؟ أما السؤال الأول: هل يجوز التوكل على غير الله بحال من الأحوال؟ فالجواب عنه أنه لا يجوز التوكل على غير الله بحال من الأحوال باتفاق أهل العلم كافة , فلم يقل أحد من العلماء بجواز أن يتوكل العبد على غير الله بحال من الأحوال , فلا يتوكل العبد على غير الله مع الله ولا بعد الله فضلا عن أن يتوكل على غير الله استقلالا , وهذا بإجماع العلماء كافة , ومن لديه فتوى عن أحد من أهل العلم يقول فيها بجواز التوكل على غير الله فليأتنا بها وهيهات أن يجد ذلك عن أحد من أهل العلم , لأنهم اتفقوا على أن التوكل على غير الله هو مظهر من مظاهر الشرك , وقسموه إلى شرك أصغر وهو التوكل على الحي الحاضر فيما يقدر عليه , وشرك أكبر وهو التوكل على ميت أو غائب أو حي حاضر فيما لا يقدر عليه إلا الله , وذلك لأن التوكل عبادة قلبية لا يصح أن تصرف لغير الله بحال , فالتوكل هو اعتماد القلب وتفويض الأمر , ولذلك لم يرد في نص أبدا ما يشير إلى جواز صرفه لغير الله ولو بالقول , ولم يرد عن أحد من الصحابة ـ ـ ولا عن أحد من التابعين وأتباعهم ـ ـ أنهم قالوا هذه المقالة , إذا تبين لنا هذا الجواب الأول سيتبين
لنا أن الجواب الذي لا محيص عنه ولا يصح غيره عن السؤال الثاني أنه لا يجوز ولا يصح أن يقال: ” توكلت على الله ثم عليك “لأن أصل التوكل على غير الله لا يجوز فقول القائل” توكلت على الله وعليك “هو شرك لا يجوز وليس السر في عدم جوازه أن العطف فيه بالواو , بل لأن أصل التوكل على غير الله لا يجوز , فلا فرق حينئذ بين الواو وبين ثم لأن أصل العبارة لا يجوز أصلا حتى نفرق بين سياقها بالواو وسياقها بثم , إنما ذلك الفرق بين العطف بالواو وثم يكون فيما يجوز التعبير عنه نحو المشيئة التي أثبتها الله للعبد بقوله تعالى لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين (وقال تعالى: (إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما) فبعد أن ثبت بالدليل أن للعبد مشيئة أثبتها الله حينئذ نبحث كيف نعبر عن هذه المشيئة المثبتة للعبد فيصح التعبير بثم ولا يصح التعبير بالواو وقد أرشد النبي إلى أصل ذلك, فروى النسائي وصححه عن قتيلة أن يهوديا أتى النبي فقال: إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت, وتقولون: والكعبة, فأمرهم النبي إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة, وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت.
أما لو لم يرد في الشرع إثبات المشيئة للعبد لما جاز التعبير عنها بالواو ولا بثم , فأين إثبات التوكل على غير الله حتى نثبته بثم؟ وكيف نثبت ما لم يثبته الله ولا رسوله , وتأمل مثلا في الاستعانة بغير الله , وقد قسمها العلماء إلى قسمين: قسم مثبت جائز وهو الاستعانة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه , ودليل جوازه قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) وقوله تعالى (واستعينوا باصبر والصلاة) وقوله (والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) فهذا القسم الجائز المثبت بعد أن أثبتنا جوازه ننظر كيف نقول في التعبير عنه؟ نقول: استعنت بالله ثم بك في مثل أن تدفع معي سيارة أو أن تحمل معي متاعا ومثل ذلك مما أقدرك الله عليه , ولا نقول: استعنت بالله وبك فيما أقدرك الله عليه , وأما القسم الثاني وهو الاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله كإنزال المطر والرزق والولد فهو شرك لا يجوز ولا يصح فلا فرق حينئذ بين عبارة: استعنت بالله وبك , وعبارة: استعنت بالله ثم بك لأن هذا النوع من الاستعانة لا يجوز بحال لا بالواو ولا بثم فكذلك التوكل فلا يجوز أن نقول ” توكلت على الله ثم عليك “إلا إذا كان التوكل عل غير الله يجوز في ذلك , وقد علمت أنه لا يجوز التوكل على غير الله بحال لأن الأدلة كلها على تخصيص التوكل على الله وحده لا على غيره. ولو كان عطف التوكل على غير الله بثم ينقل حكمه من التحريم إلى الجواز ومن الشرك إلى الإيمان لكان لقائل أن يقول: (نذرت لله ثم لك) محتجا لجوازها بثم , فهل يصح مثل هذا؟ وما الفرق بين (توكلت على الله ثم عليك) و (نذرت لله ثم لك) , فدخول ثم في العبارتين لا يغير من حكمهما شيئا فهما من العبارات الشركية.
إذا علمت هذا تبين لك أن الصواب مع من أفتى من علمائنا الكرام بتحريم تللك المقالة وأنها من الألفاظ الشركية ومنهم الإمام محمد بن إبراهيم ـ ـ وهو كان مفتيا للملكة وهو شيخ الإمام ابن باز ـ ـ ومنهم الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين والشيخ محمد سعيد رسلان وغيرهم من أهل العلم الكرام , وأن من أفتى بجواز تلك المقالة من علمائنا الكرام قد اجتهد فلم يصب فلا تثريب عليه ولكن لا يتابع على قوله هذا لأن كلا يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله , وها هي فتاوى العلماء في ذلك: س: ما رأيكم في قول بعض الناس:” توكلت على الله ثم عليك “، ويقصدون بذلك قضاء حاجة أو غير ذلك من أمور الدنيا، وفيما يقدر عليه البشر؟ والله يحفظكم. ج: اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: أولهما: أنه لا يجوز أن يقول الإنسان: توكلت على الله؛ ولو أتبعها بقوله: ثم عليك؛ لأنها لم ترد في الكتاب والسنة إلا موجهة لله تعالى، كما أن حقيقة التوكل تفويض الأمر كله لله، وأن ما يعمله المرء بعد ذلك إنما هو سبب وامتثال، والمخلوق لا يوجه له ذلك. والقول الثاني في المسألة: الجواز، ولا يُنظر فيها إلى أصل معناها وما يكون من التوكل في القلب، إنما ينظر فيها إلى أن العامة حينما تستعملها لا تريد التوكل الذي يعرفه العلماء، وإنما تريد مثل معنى أوكلت الأمر إليك، ومثلها وكَّلْتُك ونحو ذلك، فسهلوا فيها باعتبار مقصود المتكلم، ولو صح القول الثاني فالأولى هو ترك هذه العبارة؛ لما تشتمل عليه من الإيهام. والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والأخيرين وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين وبعد: فالتوكل من أعظم الأعمال القلبية وأشقها, ولا شك أن تمكنه من قلب المسلم يكسبه طمأنينة النفس وقوة الجأش والثقة بالله تعالى, وهي من أعظم المعاني التي يسعى لتحقيقها المسلم, وفي المقابل فإن توكل المسلم على غير الله قد يخرجه من الملة إذا كان تعلق بغيره في طلب نفع أو دفع ضر, وأقل أحواله أن يكون شركاً أصغر إذا توكل على السبب مع اعتقاده في الله النفع والضر, لذلك كانت هذه الكلمات في بيان بعض معالم التوكل على الله وعلاقة ذلك بالأسباب على وجه الإيجاز تسهيلاً للمطلع حتى يدرك هذا الأمر المهم. – حقيقة التوكل في اللغة: الاعتماد على الغير. وهو في الشرع: حال للقلب ينشئ عن معرفة بالله والإيمان بربوبيته, وأنه ما شاء كان وما لم يشاء لم يكن فيوجب اعتماداً عليه وتفويضاً إليه وطمأنينة وثقة به ويقينا بكفاية من توكل عليه. وهو كذلك: أن يعلم العبد أن هذا الملكوت بيد الله يصرفه كيف يشاء, فيفوض الأمر إليه, ويلتجئ بقلبه في تحقيق مطلوبه والهرب مما يسوؤه إليه, ويعتصم بالله وحده فينزل حاجته به ويفوض أمره إليه, ثم يعمل السبب الذي أمر الله به. – ولا شك أن التوكل على الله من أهم الأعمال القلبية وأجمعها بل هو العبادة كما يقول الإمام أحمد , فجعل العبادة كلها بمعنى التوكل على الله سبحانه, إذ أنه هو أصلها الذي تقوم عليه. بل ذكر ابن القيم أن التوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة, فإن الدين استعانة وعبادة, فالتوكل هو الاستعانة, والإنابة هي العبادة قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5/الفاتحة). والتوكل على الله هو محض العبودية وخالص التوحيد إذا قام به العبد على حقيقته. ولله در سهل التستري القائل:” العلم كله باب التعبد, والتعبد كله باب الورع, والورع كله باب الزهد والزهد كله باب التوكل”.
والتوكل من أجمع أنواع العبادة وأعظمها لما ينشئ عنه من الأعمال الصالحة فإنه إذا اعتمد على الله في جميع أموره الدينية والدنيوية, دون كل من سواه صح إخلاصه ومعاملته مع الله تعالى, ولا يحصل كمال التوحيد بأنواع الثلاثة إلا بكمال التوكل على الله, وقد جعل الله التوكل شرطاً في الإيمان فقال سبحانه: وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23/المائدة) فدل على انتفاء الإيمان عند انتفائه, وجعله كذلك دليل صحة الإسلام فقال سبحانه: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ (84/يونس) , وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل, وإذا كان التوكل ضعيفاً كان دليلاً على ضعف الإيمان ولا بد, وقد جمع الله بين التوكل والإيمان والتوكل والتقوى والتوكل والإسلام والتوكل والهداية. فظهر أن التوكل أصل مقامات الإيمان والإحسان وجميع أعمال الإسلام, وأن منزلته منها كمنزلة الرأس من الجسد, فكما لا يقوم البدن إلا على الرأس, فكذلك لا يقوم الإيمان ومقاماته إلا على ساق التوكل. قال ابن القيم:” من صدق توكله على الله في حصول شيء ناله” – أقسام التوكل: التوكل على قسمين:1) توكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله, فهذا صرفه لله واجب وتوحيد, وصرفه لغيره شرك أكبر مخرج من الملة, كمن يتوكل على الأموات أو الطواغيت في طلب نصر أو حفظ أو رزق ونحو ذلك.2) توكل في الأسباب الظاهرة كمن يتوكل على مخلوق فيما أقدره الله عليه من دفع أذي أو قضاء حاجة من مصالح الدنيا, فهذا نوع شرك اصغر وهو شرك خفي, كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما جعله الله بيده من رزق أو دفع أذى ونحو ذلك, فهذا شرك خفي, ولذلك قيل الالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد لقوة تعلق القلب به والاعتماد عليه.
لأن القلب لا يتوكل إلا على من يرجوه, فمن نظر إلى من يرجوه من شيخ أو سلطان أو مال أو نحو ذلك غير ناظر إلى الله كان فيه نوع توكل على ذلك السبب, وما رجاء أحد مخلوق أو توكل عليه إلا خاب ظنه فيه, لأن حقيقة التوكل تفويض الأمر إلى من بيده الأمر, والمخلوق ليس بيده الأمر فالتجاء القلب وطمعه في تحصيل المطلوب إنما يكون فيمن يملكه وهو الله , وأما المخلوق فلا يقدر على شيء استقلالاً, وإنما هو سبب فإذا كان سبباً فلا يجوز التوكل عليه بل يجعله سبباً فيما أقدره الله عليه معه تفويض أمر النفع بهذا السبب إلى الله, فيتوكل على الله ويأتي بالسبب الذي هو الانتفاع بهذا المخلوق بما جعله الله له من الانتفاع أو من القدرة ونحو ذلك. لذلك جعل العلماء من شرك الألفاظ قول الرجل: توكلت عليك, أو توكلت على فلان, وكذلك قول توكلت على الله ثم عليك, كل ذلك من الشرك في الألفاظ, لأن التوكل كله عبادة فلا يجوز جعل شيء منه للمخلوق. لكن يقول: وكلت فلان, وأنا موكلك, من باب الوكالة, التي هي الإستنابة وهي جائزة بإجماع العلماء. فيوكل الشخص أخاه المسلم في قضاء حاجة له من مصالح الدنيا, مع اعتماد القلب على الله تعالى في تيسير ما وكل فيه هذا الشخص لقضائه. – وعلى ما سبق فتكون علاقة الأسباب بالتوكل أن يعمل العبد الأسباب المشروعة شرعية كانت أو قدرية مع اعتماد القلب على مسبب الأسباب. فالموحد لا يلتفت إلى الأسباب بمعنى أنه لا يطمئن إليها أو يرجوها ويخافها, وكذلك لا يهملها أو يلغيها, بل يكون قائماً بها ناظراً بقلبه إلى مسببها وهو الله وحده الذي لا يصح التوكل شرعاً ولا عقلاً إلا عليه سبحانه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد كتبه فيصل بن عبد الله العمري 20/ 6/1426 سئل الشيخ / صالح آل الشيخ سؤال في ثلاثة الأصول: ((هذا سؤال بالمناسبة قال: هل يصح أن يُقال توكلت على الله ثم عليك؟ والجواب: أن هذا لا يصلح؛ لأن الإمام أحمد وغيره من الأئمة صرحوا بأن التوكل عمل القلب. ما معنى التوكل؟ هو تفويض الأمر إلى الله بعد بذل السبب؛ إذا بُذل السبب فوض العبد أمره إلى الله، فصار مجموع بذله للسبب وتفويضه أمره لله مجموعها التوكل، ومعلوم أن هذا عمل القلب كما قال الإمام أحمد. ولهذا سئل الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية السابق تعالى عن هذه العبارة فقال: لا تصح لأن التوكل عمل القلب، لا يَقبل أن يقال فيه (ثُمَّ)؛ توكلت على الله ثم عليك. إنما الذي يقال فيه (ثُمَّ) ما يسوغ أن يُنسب للبشر. بعض أهل العلم في وقتنا قالوا: إن هذه العبارة لا بأس بها؛ توكلت على الله ثم عليك، ولا يُنظر فيهاإلى أصل معناها وما يكون من التوكل في القلب، إنما ينظر فيها إلى أن العامة حينماتستعملها ما تريد التوكل الذي يعلمه العلماء، وإنما تريد ممثل معنى اعتمدت عليك، ومثل وكَّلْتُك ونحو ذلك، فسهلوا فيها باعتبار ما يجول في خاطر العامة من معناها وأنهم لا يعنون التوكل الذي هو لله؛ لا يصلح إلا لله، لكن مع ذلك فالأولى المنع لأن هذا الباب ينبغي أن يُسد، ولو فتح باب أنه يستسهل في الألفاظ لأجل مراد العامة، فإنه يأتي من يقول مثلا ألفاظ شركية ويقول أنا لا أقصد بها كذا، مثل الذين يظهر ويكثر على لسانهم الحلف بغير الله بالنبي أو ببعض الأولياء أو نحو ذلك يقولون لا نقصد حقيقة الحلف، ينبغي وصف ما يتعلق بالتوحيد، وربما ما يكون قد يخدشه أو يضعفه، ينبغي وَصْدُ الباب أمامه حتى تخلص القلوب والألسنة لله وحده لا شريك له.)) من شرح ثلاثة الأصول. .
2 – كلامه في شرح كتاب التوحيد ((والتوكل على غير الله — له حالان: الحالة الأولى: أن يكون شركا أكبر، وهو أن يتوكل على أحد من الخلق فيما لا يقدر عليه إلا الله، يتوكل على المخلوق في مغفرة الذنب، يتوكل على المخلوق في تحصيل الخيرات الأخروية، أو يتوكل على المخلوق في تحصين ولد له أو في تحصيل وظيفة له، يتوكل عليه بقلبه، وهو لا يقدر على ذلك الشيء، وهذا يكثر عند عباد القبور وعباد الأولياء، فإنهم يتوجهون إلى الموتى بقلوبهم يتوكلون عليهم، بمعنى يفوضون أمر صلاحهم فيما يريدون في الدنيا والآخرة على أولئك الموتى وعلى تلك الآلهة والأوثان التي لا تقدر من ذلك على شيء، فهذا عبادة صرفت لغير الله — وهو شرك أكبر بالله — مناف لأصل التوحيد. والنوع الثاني: أن يتوكل على المخلوق فيما أقدره الله — عليه، يتوكل على مخلوق فيما أقدره الله عليه، وهذا نوع شرك، بل هو شرك خفي وشرك أصغر؛ ولذا قال طائفة من أهل العلم: إذا قال: توكلت على الله وعليك، فإن هذا شرك أصغر؛ ولهذا قالوا: لا يجوز أن يقول: توكلت على الله ثم عليك؛ لأن المخلوق ليس له نصيب من التوكل؛ فإن التوكل إنما هو تفويض الأمر والالتجاء بالقلب إلى من بيده الأمر، وهو الله –، والمخلوق لا يستحق شيئا من ذلك، فإذن التوكل على المخلوق فيما يقدر عليه هذا شرك خفي ونوع شرك أصغر، والتوكل على المخلوق فيما لا يقدر عليه المخلوق، وهذا يكثر عند عباد القبور والمتوجهون إلى الأولياء والموتى، هذا شرك مخرج من الملة، وحقيقة التوكل الذي ذكرناه لا يصلح إلا لله –؛ لأنه تفويض الأمر إلى من بيده الأمر.
يتبع
والمخلوق ليس بيده الأمر التجاء القلب وطمع القلب ورغب القلب في تحصيل المطلوب إنما يكون ذلك ممن يملكه، وهو الله –، أما المخلوق فلا يقدر على شيء استقلالا، وإنما هو سبب فإذا كان سببا، فإنه لا يجوز التوكل عليه؛ لأن التوكل عمل القلب، وإنما يجعله سببا بأن يجعله شفيعا، يجعله الواسطة ونحو ذلك، فهذا لا يعني: أنه متوكل عليه، فيجعل المخلوق سببا فيما أقدره الله عليه، ولكن يفوض أمر النفع بهذا السبب إلى الله –، فيتوكل على الله، ويأتي بالسبب الذي هو الانتفاع من هذا المخلوق لما جعل الله — له من الانتفاع أو من القدرة ونحو ذلك.
رقم الفتوى:1387موضوع الفتوى: حكم قول: توكلت على الله ثم عليك تاريخ الإضافة:7/ 7 / 1424 هـ – 3/ 9 / 2003 م السؤال: هذا سائل يذكر يسأل عن حكم بعض العبارات يقول: ما حكم قولهم توكلت على الله ثم عليك؟ الإجابة: ما ينبغي هذا التوكل خاص بالله التوكل لا يكون إلا بالله هذا من الشرك الأصغر، من الشرك في الألفاظ ما ينبغي هذا؛ لأن التوكل على الله توكل على غير الله إن كان التوكل على حي قادر حاضر فهذا من الشرك الأصغر، وإن توكل، توكل على ميت أو غائب فهذا شرك أكبر، فلا يقال: توكلت على الله ثم عليك، التوكل خاص بالله نعم بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ورد في الحديث الذي أخرجه أهل السنن أن رجلا قال للنبي عليه الصلاة والسلام ” ما شاء الله وشئت فقال: ما شاء الله وحده ” ذكر العلماء في شروح كتاب التوحيد أن المساوات بين الله و بين رسوله في الأقوال شرك أصغر ومن هذا الجنس قولهم مالي إلا الله و أنت أو توكلت على الله وعليك أو أنا في حسب الله وحسبك أو أنا بالله وبك أو 0 0 0 0 0 إلخ والصواب أن تضع في هذه الجمل حرف العطف ” ثم ” قال أهل العربية في كتب معاني احروف: حرف ” ثم ” حرف عطف يفيد الترتيب دون المساوات لكن قال العلامة محمدبن ابراهيم مفتي الديار النجدية سابقا: هذا الحرف يجدي في سائر الأقوال خلا قولك ” توكلت على الله وعليك ” فإنه لا يجدي معه شيئ لآن التوكل من الأعمال القلبية والأعمال القلبية اطرادا لا يجوز فيها المساوات ولا الترتيب 00 نقلا من فتاوى الشيخ وبعض شروح كتاب التوحيد.
سئل الشيخ /عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين: ما الحكم فى قوله توكلت على الله ثم عليك هل يجوز ذلك؟ وهل يدخل فى حكمه ” اعتمدت على الله ثم عليك ” فى توكيل شخص لقضاء حاجة معينة الاجابة: أما قوله ” توكلت على الله ثم عليك ” فهذا لا يجوز؛ فإن التوكل عبادة لا يجوز صرفها لغير الله ولو كان يقصد التوكيل والإنابة وذلك أن هذه الكلمة وردت في حق الله تعالى كقوله تعالى: ” وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا ” وقوله: ” فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ” ونحو ذلك. أما قوله ” اعتمدت على الله ثم عليك ” فلا بأس بها ولكن يعني أنه واثق بأنك بالعمل الذي تقدر عليه فيما فوضك فيه، والمعنى أنني قد وثقت بأنك ستقوم بالواجب كما يريد، فلا أفوض غيرك والله أعلم رقم الفتوى 7583 كلام اللجنة الدائمة: السؤال الأول من الفتوى رقم (3571): س: إن لقبي عبد القوي فما حكمه في الإسلام, وهل يجوز القول توكلت على الله ثم عليك أو كذلك أرجو منك يا أخي؟ ج: يجوز أن يقول الشخص توكلت على الله ثم عليك, فإن التوكل على الله هو تفويض الأمر إليه والاعتماد عليه, فهو المتصرف في هذا الكون, والتوكل على العبد بعد التوكل على الله تفويض العبد فيما يقدر عليه, فالله له مشيئة والعبد له مشيئة, ومشيئة العبد تابعة لمشيئة الله تعالى, قال تعالى: لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين وقال تعالى: إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما وقد أرشد النبي إلى أصل ذلك, فروى النسائي وصححه عن قتيلة أن يهوديا أتى النبي فقال: إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت, وتقولون: والكعبة, فأمرهم النبي إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة, وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت.
وصح عنه أنه قال: لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان, ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء فلان أما التلقيب بعبد القوي وهكذا التسمي بهذا الاسم فلا بأس به, لأن القوي من أسماء الله. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو، عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس عبد الله بن قعود، عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز … والذي يظهر ان كلمة التوكل لا تحتمل المعنى الذي يستخدمه بعض الناس, وإنما هي اعتماد القلب فلا نستطيع أن نقول إن كان المتكلم يقصد كذا قلنا كذا .. وهذا تجده كثيراً في كلام الشيخ العثيمين في المناهي اللفظية, والله أعلم نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا ويزيدنا من علمه وفضله .. هل يصح أن يُقال توكلت على الله ثم عليك؟ والجواب: أن هذا لا يصلح؛ لأن الإمام أحمد وغيره من الأئمة صرحوا بأن التوكل عمل القلب. ما معنى التوكل؟ هو تفويض الأمر إلى الله بعد بذل السبب؛ إذا بُذل السبب فوض العبد أمره إلى الله، فصار مجموع بذله للسبب وتفويضه أمره لله مجموعها التوكل، ومعلوم أن هذا عمل القلب كما قال الإمام أحمد. ولهذا سئل الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية السابق تعالى عن هذه العبارة فقال: لا تصح لأن التوكل عمل القلب، لا يَقبل أن يقال فيه (ثُمَّ)؛ توكلت على الله ثم عليك. إنما الذي يقال فيه (ثُمَّ) ما يسوغ أن يُنسب للبشر.
بعض أهل العلم في وقتنا قالوا: إن هذه العبارة لا بأس بها؛ توكلت على الله ثم عليك، ولا يُنظر فيها إلى أصل معناها وما يكون من التوكل في القلب، إنما ينظر فيها إلى أن العامة حينما تستعملها ما تريد التوكل الذي يعلمه العلماء، وإنما تريد ممثل معنى اعتمدت عليك، ومثل وكَّلْتُك ونحو ذلك، فسهلوا فيها باعتبار ما يجول في خاطر العامة من معناها وأنهم لا يعنون التوكل الذي هو لله؛ لا يصلح إلا لله، لكن مع ذلك فالأولى المنع لأن هذا الباب ينبغي أن يُسد، ولو فتح باب أنه يستسهل في الألفاظ لأجل مراد العامة، فإنه يأتي من يقول مثلا ألفاظ شركية ويقول أنا لا أقصد بها كذا، مثل الذين يظهر ويكثر على لسانهم الحلف بغير الله بالنبي أو ببعض الأولياء أو نحو ذلك يقولون لا نقصد حقيقة الحلف، ينبغي وصف ما يتعلق بالتوحيد، وربما ما يكون قد يخدشه أو يضعفه، ينبغي وَصْدُ الباب أمامه حتى تخلص القلوب والألسنة لله وحده لا شريك له. قول: توكلت على الله ثم عليك مصنف ضمن: الإيمان لفضيلة الشيخ: سليمان بن عبدالله الماجد بتاريخ: 5/ 12/1429 جمعه/ محمد بن عيد الشعباني