سُورَةِ الزُّخْرُفِ تفسير آيات 14 – 9 تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام،1،2،3 والمدارسة، والاستفادة) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)}
{وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)}
……………………….
يَقُولُ تَعَالَى: وَلَئِنْ سَأَلْتَ -يَا مُحَمَّدُ-هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ الْعَابِدِينَ مَعَهُ غَيْرَهُ: {مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} أَيْ: لَيَعْتَرِفُنَّ بِأَنَّ الْخَالِقَ لِذَلِكَ هُوَ اللَّهُ [تَعَالَى] وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُمْ مَعَ هَذَا يَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ.
ثُمَّ قَالَ: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا}
أَيْ: فِرَاشًا قَرَارًا ثَابِتَةً، يَسِيرُونَ عَلَيْهَا وَيَقُومُونَ وَيَنَامُونَ وَيَنْصَرِفُونَ، مَعَ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ عَلَى تَيَّارِ الْمَاءِ، لَكِنَّهُ أَرْسَاهَا بِالْجِبَالِ لِئَلَّا تَمِيدَ هَكَذَا وَلَا هَكَذَا، {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا} أَيْ: طُرُقًا بَيْنَ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أَيْ: فِي سَيْرِكُمْ مِنْ بلد إلى بلد، وَقُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، وَإِقْلِيمٍ إِلَى إِقْلِيمٍ. {وَالَّذِي نزلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} أَيْ: بِحَسَبِ الْكِفَايَةِ لِزُرُوعِكُمْ وَثِمَارِكُمْ وَشُرْبِكُمْ، لِأَنْفُسِكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ. وَقَوْلُهُ: {فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا}
أَيْ: أَرْضًا مَيْتَةً، فَلَمَّا جَاءَهَا الْمَاءُ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ، وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. ثُمَّ نَبَّهَ بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ عَلَى إِحْيَاءِ الْأَجْسَادِ يَوْمَ الْمَعَادِ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَقَالَ: {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِي خَلَقَ الأزْوَاجَ كُلَّهَا} أَيْ: مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ سَائِرِ الْأَصْنَافِ، مِنْ نَبَاتٍ وَزُرُوعٍ وَثِمَارٍ وَأَزَاهِيرَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ [أَيْ] مِنَ الْحَيَوَانَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهَا وَأَصْنَافِهَا، {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ} أَيِ: السُّفُنِ {وَالأنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} أَيْ: ذَلَّلَهَا لَكُمْ وَسَخَّرَهَا وَيَسَّرَهَا لِأَكْلِكُمْ لُحُومَهَا، وَشُرْبِكُمْ أَلْبَانَهَا وَرُكُوبِكُمْ ظُهُورَهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ} أَيْ: لِتَسْتَوُوا مُتَمَكِّنِينَ مُرْتَفِقِينَ {عَلَى ظُهُورِهِ} أَيْ: عَلَى ظُهُورِ هَذَا الْجِنْسِ، {ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ} أَيْ: فِيمَا سَخَّرَ لَكُمْ {إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أَيْ: مُقَاوِمِينَ. وَلَوْلَا تَسْخِيرُ اللَّهِ لَنَا هَذَا مَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: {مُقْرِنِينَ} أَيْ: مُطِيقِينَ. {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} أَيْ: لَصَائِرُونَ إِلَيْهِ بَعْدَ مَمَاتِنَا، وَإِلَيْهِ سَيْرُنَا الْأَكْبَرُ. وَهَذَا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ بِسَيْرِ الدُّنْيَا عَلَى سَيْرِ الْآخِرَةِ، كَمَا نَبَّهَ بِالزَّادِ الدُّنْيَوِيِّ عَلَى [الزَّادِ] الْأُخْرَوِيِّ فِي قَوْلِهِ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}
[الْبَقَرَةِ: 197] وَبِاللِّبَاسِ الدُّنْيَوِيِّ عَلَى الْأُخْرَوِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ]} [الْأَعْرَافِ: 26]
ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ عِنْدَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ:
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ. وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ}
ثُمَّ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِي سَفَرِي هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى. اللَّهُمَّ، هَوِّنْ عَلَيْنَا السَّفَرَ وَاطْوِ لَنَا الْبَعِيدَ. اللَّهُمَّ، أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ. اللَّهُمَّ، اصْحَبْنَا فِي سَفَرِنَا، وَاخْلُفْنَا فِي أَهْلِنَا”. وَكَانَ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ: “آيِبُونَ تَائِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ”.
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ (1)
—————-
(1) ذكر ابن كثير قبل حديث ابن عمر حديث لعلي بن أبي طالب انكره يحيى بن سعيد على أبي إسحاق وغلب على ظنه أنه دلسه؛ لصغر سن علي بن ربيعة (راجع تخريجنا لمسند أحمد 1056)
وحديث ابن عباس وفيه أبوبكر بن عبد الله بن أبي مريم.
وذكر بعد حديث ابن عمر حديثاً لأبي لاس الخزاعي وفيه عمرو بن الحكم رجح ابن حجر أنهما شخص واحد ونقل توثيقه عن ابن سعد وغيره لكن نقل ابن الجوزي عن البخاري أنه قال: ذاهب الحديث (راجع تخريجنا لمسند أحمد 17939)