*سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (7)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
=======================
(المؤمن)
{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} الحشر 23
*ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في موضع واحد في الآية الكريمة:
*قال القرطبي: الْمُؤْمِنُ أي المصدق لرسله بإظهار معجزاته عليهم ومصدق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب.
وقيل: المؤمن الذي يؤمن أولياءه من عذابه ويؤمن عباده من ظلمه، يقال: آمنه من الأمان الذي هو ضد الخوف، كما قال تعالى: {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] فهو مؤمن، قال النابغة:
والمؤمن العائذات الطير يمسحها
ركبان مكة بين الغيل والسند
وقال مجاهد: المؤمن الذي وحد نفسه بقول: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ} [آل عمران: 18].
{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ} الحشر 23
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام:
الإيمان: يرجع معناه إلى التصديق والاعتراف، وما يقتضيه ذلك من الإرشاد وتصديق الصادقين وإقامة البراهين على صدقهم، فهو تعالى المؤمن الذي هو كما أثنى على نفسه، وما عَرَّفه رسلَه وعبادَه من أسمائه وصفاته، وأثار ذلك مما هو أعظم أوصاف خيار الخلق من معرفته والإيمان به هو شيء يسير بالنسبة إلى ما له من الكمال المطلق من كلِّ وجه، فهو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده.
وهو تعالى الذي صدّق رسله وشهد بصدقهم بقوله وفعله وإقراره حيث أخبر عن صدقهم. وفعل تعالى أفعالاً كثيرة من معجزات وآيات وخوارق كثيرة وبراهين متنوعة تُعَرِّفُ العباد بصدقهم وتشهد بالحق الذي جاؤوا به، فكلُّ المطالب والمسائل العظيمة لم يبق منها شيء إلا أقام عليه من البراهين شيئاً كثيراً. وقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53].
فالإيمان الراجع إلى المعرفة والمحبة اللَّهُ أحق به وأولى به، ولنقتصر على هذه الإشارة في هذا المحلِّ العظيم [في تفسير المؤمن].
*قال ابن سعدي _رحمه الله-أيضا:
(المؤمن: الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال، وبكمال الجلال، والجمال الذي أرسل رسله وأنزل كتبه بالآيات والبراهين، وصدق رسله بكل آية وبرهان، ويدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به)
((تفسير السعدي)) (5/ 301)
—————-
*قال الشيخ عبدالرزاق البدر:
واسم الله (المؤمن) يدل على معانٍ عظيمة وأمور جليلة، فمن دلائل اسمه المؤمن شهادته سبحانه لنفسه بالتوحيد، وهي أعظم شهادة، من أعظم شاهد، لأعظم مشهود به.
قال مجاهد-رحمه الله -: (المؤمن: الذي وحّد نفسه بقوله {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ …. } [آل عمران: 18].
ومنها المُصدِّق الذي يُصدِّق رسله وأنبياءه بالحجج والبيانات بأن ما قالوه وبلغوه عنه حق لا ريب فيه، وصدق لا امتراء فيه.
وهذا معنى قول قتادة –رحمه الله -: (المؤمن أمن لقوله أنه حق).
ومنها تصديقه سبحانه للشاهدين له بالتوحيد، والشهادة لهم بأن ما قالوه حق وصدق.
ومن هذا المعنى ما رواه الترمذي وابن ماجه عن الأغر أبي مسلم، أنه شهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري –رضي الله عنهما – أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا قال العبد: لا إله إلا الله، والله أكبر، قال: يقول الله تبارك وتعالى: صدق عبدي، لا إله إلا الله، وأنا أكبر، و إذا قال: لا إله إلا الله وحده، قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا وحدي، و إذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا لا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا و لا حول ولا قوة إلا بي).
ومنها: أنه يؤمن عباده المؤمنين وأولياءه المتقين من عذابه وعقابه، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82]
ومنها تأمينه سبحانه الخائفين بإعطائهم الأمان وهو ضد الإخافة، كما قال سبحانه: {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: 4].
وهذا معنى قول ابن عباس – رضي الله عنهما -: (المؤمن، أي: أمَّن خلقه من أن يظلمهم).
فكل خائف يصدق في لجوئه إلى الله يجده سبحانه مؤمِّنًا له من الخوف، فأمن العباد وأمن البلاد بيده سبحانه.
*من مختصر فقه الأسماء الحسنى للشيخ عبد الرزاق البدر.