سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (5)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-راجعه وصححه املائيا سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
=======================
(المَلِك المالك للمُلك)
*ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، في الفتاوي المصرية (قاعدة)،وهي أن أسماء الله تنقسم من حيث الإفراد والإضافة إلى قسمين:
1_الأسماء المفردة. … (كالمَلِك، الله، الرحمن، الرحيم)
2 – الأسماء المضافة.
(كالمالك للمُلك، رب العالمين، مالك
يوم الدين)
————————————-
قال تعالى: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون: 116].
وقوله تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِر) ٍ [القمر: 54، 55].
*قال ابن جرير رحمه الله تعالى: (المَلِك: الذي لا ملك فوقه ولا شيء إلا دونه)
*وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: (وهو الله الذي لا إله إلا هو الملك أي: المالك لجميع الأشياء المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة)
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام: (المَلِك المالك للمُلك)
أي الذي له جميع النعوت العظيمة الشأن، التي تفرَّد بها ملك الملوك، من كمال القوة والعزة والقدرة، والعلم المحيط والحكمة الواسعة ونفوذ المشيئة، وكمال التصرف وكمال الرأفة والرحمة، والحكم العام للعالم العلوي والعالم السفلي، والحكم العام في الدنيا والآخرة، والحكم العام للأحكام الثلاثة التي لا تخرج عنها جميع الموجودات:
[1]ـ الأحكام القدرية حيث جرت الأقدار كلُّها والإيجاد والإعدام، والإحياء والإماتة، والإيجاد والإعداد والإمداد كلُّها على مقتضى قضائه وقدرهِ.
[2]ـ والأحكام الشرعية حيث أرسل رسله، وأنزل كتبه، وشرع شرائعه، وخلق الخلق لهذا الحكم، وأمرهم أن يمشوا على حكمه في
عقائدهم وأخلاقهم، وأقوالهم وأفعالهم، وظاهرهم وباطنهم، ونهاهم عن مجاوزة هذا الحكم الشرعي، كما أخبرهم أنَّ كلَّ حكم يناقض حكمه فهو شرٌ جاهليٌ من أحكام الطاغوت.
[3]ـ والأحكام الجزائية، وهو الجزاء على الأعمال خيرها وشرها في الدنيا والآخرة، وإثابةُ الطائعين، وعقوبةُ العاصين، وتلك الأحكام كلُّها تابعةٌ لعدله وحكمته وحمده العام، فهذه النعوت كلُّها من معاني ملكه.
ومن معاني ملكه: أنَّ جميع الموجودات كلِّها ملكُه وعبيده المفتقرون إليه، المضطرون إليه في جميع شؤونهم، ليس لأحد خروج عن ملكه، ولا لمخلوق غنىً عن إيجاده وإمداده، ونفعه ودفعه.
ومن معاني ملكه: إنزالُ كتبه، وإرسال رسله، وهداية العالمين، وإرشاد الضالين، وإقامة الحجة والمعذرة على المعاندين المكابرين، ووضع الثواب والعقاب مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها.
كما أنَّ من معاني ملكه: أنَّه كلَّ يوم في شأن يغفر ذنباً، ويفرّج كرباً، ويكشف غمًّا، ويزيل المشقَّات، ويغيث اللهفات، ويجبر الكسير، ويغني الفقير، ويهدي ضالاً، ويخذل معرضاً مولياً، ويعزُّ قوماً، ويذلُّ آخرين، ويرفع قوماً، ويضع آخرين، ويغيِّر ما شاء من الأمور الجارية على نظام واحد، ليعرف العباد كمال ملكه، ونفوذ مشيئته، وعظمة سلطانه.
فالملك يرجع إلى ثلاثة أمور: صفات الملك التي هي صفاته العظيمة، وملكه للتصاريف والشؤون في جميع العوالم، وأن جميع الخلق مماليكه وعبيده، فهو الملِكُ الذي له ملكُ العالم العلوي والسفلي، وله التدبيرات النافذة فيها، ليس لله في شيء من ذلك مشارك.
(30) / (03) / (2015)، (11): (06) ص – سيف الكعبي: *سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (6)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
=======================
(القدوس، السلام)
قال تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الحشر: 23].
قال ابن القيم في نونيته:
هذا ومن أوصافه (القدوس) ذو
التنزيه بالتعظيم للرحمن
وهو (السلام) على الحقيقة سالم
من كل تمثيل ومن نقصان.
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام: (القدوس، السلام)
-أي الذي له كلُّ قُدس وطهارة وتعظيم، وتقدَّس عن صفات النقص. فالقُّدوس يرجع إلى صفات العظمة، وإلى السلامة من العيوب والنقائص، كما
أنَّ السلام يدل على المعنى الثاني، فهو السالم من كلِّ عيب وآفة ونقص.
*ومجموع ما ينزّه عنه شيئان:
أحدهما: أنَّه منزّه عن كلِّ ما ينافي صفات كماله، فإنَّ له المنتهى في كلِّ صفة كمال، فهو موصوف بكمال العلم وكمال القدرة، منزّه عما ينافي ذلك من النسيان والغفلة ……. ”
وهكذا جميع صفاته منزّه عن كلِّ ما ينافيها ويضادها.
الثاني: أنَّه منزّه عن مماثلة أحد من خلقه، أو أن يكون له نِدٌّ بوجه من الوجوه …… ”
-فالمخلوقات كلُّها وإن عظمت وشرفت وبلغت المنتهى الذي يليق بها من العظمة والكمال اللائق بها، فليس شيء منها يقارب أو يشابه الباري، بل جميع أوصافها تضمحل إذا نسبت إلى صفات باريها وخالقها، بل جميع ما فيها من المعاني والنعوت والكمال، هو الذي أعطاها إياه، فهو الذي خلق فيها العقول والسمع والأبصار والقوى الظاهرة والباطنة، وهو الذي علَّمها وألهمها، وهو الذي نمَّاها ظاهراً وباطناً وكمَّلها، قالت الرسل والملائكة: لا علم لنا إلا ما علمتنا.
-وفي الحديث القدسي يقول الله تعالى: «يا عبادي كلُّكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلُّكم جائع إلا من أطعمته .. » إلى آخر الحديث.
-فهو المنزّه عن كلِّ ما ينافي صفات المجد والعظمة والكمال، وهو المنزّه عن الضد والند والكفؤ والأمثال، وذلك داخل في اسمه القدوس السلام. انتهى مختصرا
———
*وقال رحمه الله تعالى:
” ومن أسمائه القدوس السلام، أي: المعظم المنزه عن صفات النقص كلها وأن يماثله أحد من الخلق، فهو المتنزه عن جميع العيوب،
والمتنزه عن أن يقاربه أو يماثله أحد في شيء من الكمال،
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}
{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً}
{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً}
-فالقدوس كالسلام، ينفيان كل نقص من جميع الوجوه، ويتضمنان الكمال المطلق من جميع الوجوه، لأن النقص إذا انتفى ثبت الكمال كله
فهو المقدس المعظم المنزه عن كل سوء، السالم من مماثلة أحد من خلقه ومن النقصان ومن كل ما ينافي كماله.
فهذا ضابط ما ينزه عنه، ينزه عن كل نقص بوجه من الوجوه، وينزه ويعظم أن يكون له مثيل أو شبيه أو كفو أو سمي أو ند أو مضاد، وينزه عن نقص صفة من صفاته التي هى أكمل الصفات وأعظمها وأوسعها.
ومن تمام تنزيهه عن ذلك إثبات صفات الكبرياء والعظمة له فإن التنزيه مراد لغيره ومقصود به حفظ كماله عن الظنون السيئة
كظن الجاهلية الذين يظنون به ظن السوء، ظن غير ما يليق بجلاله.
وإذا قال العبد مثنياً على ربه “سبحان الله” أو “تقدس الله” أو “تعالى الله” ونحوها كان مثنياً عليه بالسلامة من كل نقص وإثبات كل كمال))
-الحق الواضح المبين (ص81 و82) وانظر: توضيح الكافية الشافية (ص127)
——-
*قال ابن القيم رحمه الله: القدوس: المنزه من كل شر ونقص وعيب كما قال أهل التفسير هو الطاهر من كل عيب المنزه عما لا يليق به وهذا قول أهل اللغة.
وأصل الكلمة من الطهارة والنزاهة ومنه بيت المقدس لأنه مكان يتطهر فيه من الذنوب ….. ”
*وقال ابن جرير: (ونقدس لك ننسبك إلى ما هو من صفاتك من الطهارة من الأدناس ومما أضاف إليك أهل الكفر بك. قال وقال بعضهم: “نعظمك ونمجدك” قاله أبو صالح، وقال مجاهد: “نعظمك ونكبرك”) انتهى.
*شفاء العليل لابن القيم – ص 179″
——–
(السلام)
وقال تعالى: (لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِم) ْ
[الأنعام: 127]
وقال: (وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَم) ِ
[يونس: 25].
*وقد اختلف في تسمية الجنة بدار السلام:
-فقيل: السلام هو الله، والجنة داره،
-وقيل: السلام هو السلامة، والجنة دار
السلامة من كل آفة وعيب ونقص،
-وقيل: سميت دار السلام ; لأن تحيتهم فيها
سلام ولا تنافي بين هذه المعاني كلها.
وأما قول المسلم: السلام عليكم، فهو إخبار للمسلم عليه بسلامته من غيلة المسلم وغشه ومكره ومكروه يناله منه، فيرد الراد عليه مثل ذلك أي: فعل الله ذلك بك وأحله عليك.
أحكام أهل الذمة لابن القيم – (1/ 413 – 418)
وقال أيضاً: وأما (السلام) فإنه الذي سلم من العيوب والنقائص ووصفه بالسلام أبلغ في ذلك من وصفه بالسالم ومن موجبات وصفه بذلك سلامة خلقه من ظلمه لهم فسلم سبحانه من إرادة الظلم والشر ومن التسمية به ومن فعله ومن نسبته إليه فهو السلام من صفات النقص وأفعال النقص وأسماء النقص المسلم لخلقه من الظلم ولهذا وصف سبحانه ليلة القدر بأنها سلام والجنة بأنها دار السلام وتحية أهلها السلام وأثنى على أوليائه بالقول السلام كل ذلك السالم من العيوب.
*شفاء العليل لابن القيم – ص 179″
وقال في موضع آخر: ولما كان (السلام) اسما من أسماء الرب تبارك وتعالى، وهو اسم مصدر في الأصل – كالكلام والعطاء – بمعنى السلامة كان الرب تعالى أحق به من كل ما سواه ; لأنه السالم من كل آفة وعيب ونقص وذم، فإن له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وكماله من لوازم ذاته، فلا يكون إلا كذلك، (والسلام) يتضمن سلامة أفعاله من العبث والظلم وخلاف الحكمة، وسلامة صفاته من مشابهة صفات المخلوقين، وسلامة ذاته من كل نقص وعيب، وسلامة أسمائه من كل ذم، فاسم السلام يتضمن إثبات جميع الكمالات له وسلب جميع النقائص عنه.