سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى ((35)) والأخير والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الولي)
وروده في القرآن الكريم:
جاء في القرآن اثنتي عشرة مرة، منها:
قول الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].
(الولي): قال ابن جرير في قوله تعالى: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 257]
نصيرهم وظهيرهم، يتولاهم بعونه وتوفيقه: {يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ} [البقرة: 257]، يعني بذلك: يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
((تفسير الطبري)) (3/ 15).
وقال الزجاج: (-الولي- هو فعيل، من الموالاة، والولي: الناصر وقال الله تعالى: {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ} [البقرة: 257]، وهو تعالى وليهم بأن يتولى نصرهم وإرشادهم، كما يتولى ذلك من الصبي وليه، وهو يتولى يوم الحساب ثوابهم وجزاءهم.
((تفسير الأسماء)) (ص: 55).
قال الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- في شرحه لرياض الصالحين.
وولاية الله تعالى تنقسم إلى قسمين:
ولاية عامة، وهي السلطة على جميع العباد، والتصرف فيهم بما أراد.
كل إنسان؛ فإن الذي يتولى أموره وتدبيره وتصريفه هو الله عز وجل، ومن ذلك قوله ـ تبارك وتعالى ـ (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ) (الأنعام: 61، 62)، فهذه ولاية عامة تشمل جميع الخلق، والولاية العامة تكون بغير سبب من الإنسان، ويتولى الله الإنسان، شاء أم أبى، وبغير سبب منه.
أما الولاية الخاصة: مثل قوله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ) (البقرة: 257)، والولاية الخاصة تكون بسبب من الإنسان، فهو الذي يتعرض لولاية الله حتى يكون الله ولياً له: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63).
وقال الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} هذه الآية الكريمة تدل على أن الله مولى الكافرين، ونظيرها قوله تعالى:
{هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}
والجواب عن هذا: أن معنى كونه مولى الكافرين أنه مالكهم المتصرف فيهم بما شاء، ومعنى كونه مولى المؤمنين دون الكافرين أي: ولاية المحبة والتوفيق والنصر، والعلم عند الله تعالى.
(دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب:
{ص (116)})
السؤال: ما حكم قول الإنسان إذا خاطب ملكاً: “يا مولاي”؟
الإجابة: الولاية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ولاية مطلقة …
فذكر أنها تنقسم لولاية عامة وخاصة بنحو ما سبق ثم قال:
القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة، فهذه تكون لغير الله، ولها في اللغة معان كثيرة منها الناصر، والمتولي للأمور، والسيد، قال الله تعالى: {وان تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين}، وقال صلى الله عليه وسلم: “من كنت مولاه فعلي مولاه”، وقال صلى الله عليه وسلم: “إنما الولاء لمن أعتق”.
وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك: مولاي بمعنى سيدي ما لم يُخش من ذلك محذور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثالث – باب المناهي اللفظية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام: (الولي)
*ولايته تعالى وتوليه لعباده نوعان:
ولاية عامة: وهو تصريفه وتدبيره لجميع الكائنات، وتقديره على العباد ما يريده من خير وشر، ونفع وضر، وإثبات معاني الملك كلِّها لله تعالى.
والنوع الثاني في الولاية والتولي الخاص، وهذا أكثر ما يرد في الكتاب والسنّة كقوله: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة: 257]، {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ} [الأنفال: 40]، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ (11)} [محمد].
وهذا التولي الخاص يقتضي عنايته ولطفه بعباده المؤمنين، وأنَّ الله يربيهم تربية خاصة، يصلحون بها للقرب منه ومجاورته في جنات النعيم، فيوفقهم للإيمان به وبرسله، ثم يغذي هذا الإيمان في قلوبهم وينمّيه، وييسرهم لليسرى، ويجنبهم العسرى، ويغفر لهم في الآخرة والأولى، ويتولاهم برعايته وحفظه وكلاءته، فيحفظهم من الوقوع في المعاصي، فإنَّ وقعوا فيها بما سوّلت لهم أنفسهم الأمّارة بالسوء، وفّقهم للتوبة النصوح، فإذا تولوا ربهم تولاهم ولايةً أخصَّ من ذلك، وجعلهم من خواص خلقه بما يهيئ لهم من الأسباب الموصلة لهم إلى كلِّ خير.
قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ} [يونس].
فأخبر في هذه الآية عن الأسباب التي نالوا بها ولاية الله، وهي الإيمان والتقوى، والفوائد والثمرات العظيمة التي يجنونها من هذه الولاية، وهي
الأمن التام وزوال ضده من الخوف والحزن، والبشارة الكاملة في
الدنيا بما يبين لهم ويبشرهم به من اللطفِ والعنايةِ والتوفيقِ للخيرات
والحفظ من المخالفات، وبالثناء الحسن بين العباد، وبالرؤيا الصالحة التي يراها المؤمن أو تُرى له، والبشارة عند الموت، وفي القبر، وفي عَرَصَات القيامة.
فهذا تنبيه جامعٌ، متوسطٌ بين الاختصار المخل والطول الممل، وفيه من التفصيلات النافعة، والنكت اللطيفة، والفوائد والفرائد ما لا تكاد تجده مجموعاً في محل واحد، ولنتبع هذا المقصد الجليل ببقية المقاصد من علوم التوحيد، فنقول: بيان الأصول التي كَثُر الكلام فيها بين السلف، وبين أهل الكلام، وهي متفرعة على أسماء الله الحسنى وصفاته، ولكن لزيادة الإيضاح.