سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (21)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
=======================
(الواحد الأحد الفرد)
(الواحد)
ورد اسم الله (الواحد) في القرآن الكريم في أكثر من عشرين موضعاً، اقترن في ستة منها بالقهار.
قال تعالى: (قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّار) ُ [الرعد: 16].
(لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر: 16].
قال تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيم) ُ [الأنعام: 19].
قال ابن سعدي: رحمه الله.
فالله سبحانه هو الذي توحد بجميع الكمالات بحيث لا يشاركه فيها مشارك ويجب على العبيد توحيده عقدا وقولا وعملا بأن يعترفوا بكماله المطلق وتفرده بالوحدانية ويفردوه بأنواع العبادة.
(تيسير الكريم الرحمن
(5/ 485)
-قد تكرر ورود اسم الله الواحد في القرآن الكريم في مقامات متعددة في سياق تقرير التوحيد وإبطال الشرك والتنديد.
فقال سبحانه في تقرير الوحدانية ووجوب إخلاص الدين له: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}
وقال تعالى في إبطال عقائد المشركين: {وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ}
وقال تعالى: {ء أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار}
-مختصر فقه الأسماء الحسنى.
للشيخ عبد الرزاق البدر.
ومن السنة:
حديث أَبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: (قَالَ النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا:
أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ فَقال:
اللهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ)
رواه البخاري.
وعند مسلم وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ: إِذَا بُدِّلَتِ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَئِذٍ؟
قال: عَلَى الصِّرَاطِ).
(والواحد): الفرد الأول الذي لا نظير له ولا مثل كقولهم فلان واحد قومه في الشرف أو الكرم أو الشجاعة وما أشبه ذلك.
أي لا نظير له في ذلك ولا مساجل.
الزجاجي، ((اشتقاق الأسماء)) (ص90)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
فالواحد هو الفرد الذي لم يزل وحده، ولم يكن معه آخر، وهو الفرد المتفرد في ذاته وصفاته وأفعاله وألوهيته، فهو واحد في ذاته لا يتجزأ أو لا يتفرق، أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.
وهو واحد في صفاته لا شبيه له على الوجه اللائق به من غير أن يماثله أحد فيما يختص به
وهو واحد في أفعاله لا شريك له.
واحد في ألوهيته لا معبود حق إلا هو.
((تقريب التدمرية)) (ص: 138).
قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه للطحاوية:
لفظ (واحد) هذا من أسماء الله الحسنى، كما قال الله – عز وجل – {هو الله الواحد القهار} [الزمر:4]، وأيضا من أسمائه الحسنى الأحد {قل هو الله أحد} [الإخلاص:1].
و (واحد) يعني أنه لا شريك له، ولذلك كانت كلمة (لا شريك له) هذه مؤكدة تأكيدا بعد تأكيد.
قال الحافظ ابن حجر وغيره في قوله (واحد لا شريك له) هذا تأكيد بعد تأكيد لبيان عظم مقام التوحيد.
وكلمة (واحد) هذه راجعة عند أهل الاعتقاد إلى أحديته سبحانه.
ونقول الصحيح أنه لا فرق بين واحد وأحد.
والمتكلمون يفرقون ما بين الواحد والأحد؛ أو واحد وأحد، فيرجعون الواحدية للصفات، والأحدية للأفعال.
لكن الصحيح أن اسم الله – عز وجل – الواحد يرجع إليه أحديته سبحانه في الذات وفي الصفات وفي الأفعال؛ في الربوبية و الألوهية و الأسماء والصفات.
(الأحد)
– معنى الأحد: هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر.
(النهاية 1/ 35)
ورد اسم الأحد مرة واحدة في القرآن الكريم: في سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد) ٌ [الإخلاص: 1]
فالله سبحانه وتعالى واحد أحد تناهى في سؤدده لا شريك له، ولا عديل، ولا شبيه له، ولا نظير.
انظر: ابن كثير ((تفسير القرآن العظيم)) (4/ 570)
والأحد هو الذي تفرد بكل كمال ومجد وجلال وجمال وحمد وحكمة ورحمة وغيرها من صفات الكمال، فليس له فيها مثيل ولا نظير ولا مناسب بوجه من الوجوه، فهو الأحد في حياته وقيوميته، وعلمه وقدرته، وعظمته وجلاله، وجماله وحمده، وحكمته ورحمته، وغيرها، من صفاته، موصوف بغاية الكمال ونهايته، من كل صفة من هذه الصفات.
انظر: سعيد القحطاني ((شرح أسماء الله الحسنى)) (ص: 167).
ومن السنة:
حديث حَنْظَلة بْن عَلِيٍّ أَنَّ مِحْجَنَ بْنَ الأَدْرَعِ رضي الله عنه حَدَّثَهُ: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلي الله عليه وسلم دَخَلَ المَسْجِدَ إذَا رَجُلٌ قَدْ قَضَى صَلاَتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ فَقَال:
اللهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ يَا أَللهُ بِأَنَّكَ الوَاحِدُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلي الله عليه وسلم: قَدْ غُفِرَ لَهُ ثَلاَثاً)
صححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 1/ 147.
الشاهد منه: (الأحد) وهو أيضا دليل على اسم الله (الواحد) السابق ذكره.
(الفرد)
تنبيه:
*قال بعض المحققين من أهل العلم:
الفرد لم يرد في القرآن اسما لله سبحانه وتعالى.
وأيضا: أصح قولي أهل العلم في هذا الأسم، أنه ليس من أسماء الله عزوجل، إذ لم يثبت فيه دليل قرآني ولا نبوي، وذكر في الحديث الطويل عند الترمذي وهو ضعيف عند العلماء.
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام (الواحد الأحد الفرد)
أي هو الواحد المتفرِّد بصفات المجد والجلال، المتوحِّد بنعوت العظمة والكبرياء والجمال، فهو واحد في ذاته، وواحد في أسمائه لا سمي له، وواحد في صفاته لا مثيل له، وواحد في أفعاله لا شريك له ولا ظهير ولا عوين، وواحد في ألوهيته فليس له ندّ في المحبة والتعظيم، ولا له مثيل في التعبد له والتأله، وإخلاص الدين له، وهو الذي عظمت صفاته ونعوته حتى تفرد بكلِّ كمال، وتعذر على جميع الخلق أن يحيطوا بشيء من صفاته أو يدركوا شيئاً من نعوته، فضلاً عن أن يماثله أحد في شيء منها.
فأحديته تعالى تدل على ثلاثة أمور عظيمة:
1 ـ نفي المثل والندّ والكفؤ من جميع الوجوه.
2 ـ وإثبات جميع صفات الكمال بحيث لا يفوته منها صفة ولا نعت دال على الجلال والجمال.
3 ـ وأنّ له من كلِّ صفة من تلك الصفات أعظمَها وغايتها ومنتهاها {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم].