*سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (20)
بإشراف سيف بن دورة الكعبي
جمع سيف بن غدير النعيمي
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
=======================
(الفتّاح)
*ورد الاسم مفرداً مرة واحدة في قوله
تعالى:
(قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) [سبأ: 26].
وورد بصيغة الجمع مرة واحدة أيضاً في قوله عز وجل: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين) َ [الأعراف: 89].
*وقال ابن جرير رحمه الله في تفسير الآية:
احكم بيننا وبينهم بحكمك الحق الذي لا جور فيه ولا حيف ولا ظلم، ولكنه عدل وحق، وأنت خير الفاتحين يعني: خير الحاكمين.
أخرجه ابن جرير في ((التفسير)) (9/ 3) وإسناده صحيح.
وقال في موضع آخر: (ِّوَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ, القاضي العليم بالقضاء بين خلقه، لأنه لا تخفى عنه خافية ولا يحتاج إلى شهود تعرفه المحق من المبطل.
المصدر السابق ((التفسير)) (22/ 65).وانظر: ابن كثير (2/ 232، 3/ 538)
*قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
الفتاح تشمل معانيَ كثيرة: الفتح بالنّصر، وبالعلم وبالفهم وبالقصد الحسن، وبغيرذلك.
قال ابن القيم-رحمه الله- في (النونية):
وكذلك الفتاح من أسمائه
والفتح في أوصافه أمران
فتح بحكم وهو شرع إلهنا
والفتح بالأقدار فتح ثان
والرب فتاح بذين كليهما
عدلاً وإحساناً من الرحمن
على هذا يكون معنى الاسم:
1 – الفتاح: الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل، بأحكامه الشرعية والقدرية.
2 – أنه يفتح لهم أبواب الرحمة والرزق وما انغلق عليهم من الأمور.
3 – أنه بمعنى الناصر لعباده المؤمنين، وللمظلوم على الظالم، وهذا يعود إلى الأول اهـ.
*النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى لمحمد بن حمد الحمود – 1/ 191″
وأيضا قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه لأبيات ابن القيم الثلاثة المتقدمة:
((الفتاح)) من أسماء الله عزوجل، كما قال تعالى (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ)،وذكر أن الفتح نوعان:
-فتح بالشرع،
-وفتح بالقدر،
الفتح بالشرع ما يفتحه الله تعالى على عباده من العلم النافع الذي لا منتهى له حيث يبلغه العبد، أو هو الحكم بين عباده بالشرع؛ ولهذا قال: ((فتح بحكم وهو شرع إلهنا) ,ومنه قوله تعالى: (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَق)،فهذا شرعي؛ يعني: احكم بيننا بالحق، مع أنه يصح ان يكون كونيا أيضا، ومنه أيضا: ما يقال في الدعاء المعروف بين الناس: ((فتح الله على قلبك)) فهذا من الفتح الشرعي، والفتح ضد الإغلاق؛ يعني: هداه وشرحه للإسلام، وما أشبه ذلك.
الثاني: الفتح القدري وهو ما قدره كونا، ومنه قوله تعالى: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)،هذا فتح قدر، ومنه قوله تعالى: (ِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)،هذا كوني أيضا.
إذن فالله تعالى فتاح بهذا وهذا، فاسأل ربك الفتح، قل: ((اللهم افتح لي)) إذا دخل الإنسان المسجد قال: ((اللهم افتح لي أبواب رحمتك))،وإذا خرج قال: ((اللهم افتح لي أبواب فضلك)).
*فائدة:
لم يرد الاسم في السنة إلا في حديث سرد الأسماء المدرجة عند الترمذي وليس بحجة.
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام: (الفتّاح)
*للفتَّاح معنيان:
أحدهما: يرجع إلى معنى الحَكَم الذي يفتح بين عباده، ويحكم بينهم بشرعه، ويحكم بينهم بإثابة الطائعين وعقوبة العاصين في الدنيا والآخرة، كقوله تعالى: {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26)} [سبأ]، {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89].
فالآية الأولى فتحه بين العباد يوم القيامة، وهذا في الدنيا بأن ينصر الحق وأهله، ويذل الباطل وأهله، ويوقع بهم العقوبات.
المعنى الثاني: فتحه لعباده جميع أبواب الخيرات. قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [فاطر: 2] الآية. يفتح لعباده منافع الدنيا والدين، فيفتح لمن اختصهم بلطفه وعنايته أقفال القلوب، ويُدِرُّ عليها من المعارف الربانية والحقائق الإيمانية ما يُصلح أحوالها وتستقيم به على الصراط المستقيم، وأخص من ذلك أنَّه يفتح لأرباب محبته والإقبال عليه علوماً ربانية، وأحوالاً روحانية، وأنواراً ساطعة، وفهوماً وأذواقاً صادقة.
ويفتح أيضاً لعباده أبواب الأرزاق وطرق الأسباب، ويهيئ للمتقين من الأرزاق وأسبابها ما لا يحتسبون، ويعطي المتوكلين فوق ما يطلبون ويؤملون، وييسّر لهم الأمور العسيرة، ويفتح لهم الأبواب المغلقة.