*سلسلة التسهيل لأسماء الله الحسنى (16)
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
-جمع وتأليف سيف بن غدير النعيمي.
=======================
(العلي، الأعلى)
(العلي)
-ورد اسم (العلي) في ثمانية مواضع، منها:
قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير) ُ [الحج: 62]
وروى أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني من حديث عبادة رضي الله عنه أن رسول صلي الله عليه وسلم قال: (مَنْ تَعَارَّ مِنَ الليْلِ فَقَالَ حِينَ يَسْتَيْقِظُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ، سُبْحَانَ اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِى ِّالعَظِيمِ، ثُمَّ دَعَا رَبِّ اغْفِرْ لي، غُفِرَ لَهُ)
-قال البغوي في قوله تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِي) ُّ [الحج: 62]: العالي على كل شيء.
((تفسير البغوي)) (5/ 26)
-وقال ابن كثير: (وقوله: (وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير) ُ [الحج: 62]
كما قال: (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم) ُ [البقرة: 255].
وقال: (الْكَبِيرُ الْمُتَعَال) ِ [الرعد: 9]، فكل شيء تحت قهره وسلطانه وعظمته، لا إله إلا هو، ولا رب سواه؛ لأنه العظيم الذي لا أعظم منه، العلي الذي لا أعلى منه، الكبير الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدس وتنزه عز وجل عما يقول الظالمون المعتدون علواً كبيراً) اهـ.
((التفسير)) (3/ 232)
*قال ابن القيم رحمه الله:
هذا ومن توحيدهم إثبات أو
صاف الكمال لربنا الرحمن
كعلوه سبحانه فوق السمـ
ـــاوات العلى بل فوق كل مكان
فهو العلي بذاته سبحانه
إذ يستحيل خلاف ذا ببيان
وهو الذي حقا على العرش استوى
قد قام بالتدبير للأكوان
(الأعلى)
وقوله تعالى: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى:1].
وفي صحيح مسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قَالَ: (صَليْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ .. إلى أن قال .. ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى)
وروى أبو داود وصححه الألباني من حديث ابن عباس رضي الله عنه: (أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَرَأَ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى قَالَ: سُبْحَانَ رَبِّىَ الأَعْلَى)
-قال أبو بكر بن خزيمة رحمه الله: وقال جل وعلا: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) [الأعلى: 1]،
فالأعلى مفهوم في اللغة أنه أعلى كل شيء، وفوق كل شيء، والله قد وصف نفسه في غير موضع من تنزيله ووحيه، وأعلمنا أنه العلي العظيم، أفليس العلي – يا ذوي الحجى – ما يكون عالياً، لا كما تزعم المعطلة الجهمية أنه أعلى وأسفل ووسط ومع كل شيء، وفي كل موضع من أرض وسماء، وفي أجواف جميع الحيوان، ولو تدبروا الآية من كتاب الله ووفقهم الله لفهمها لعقلوا أنهم جهال لا يفهمون ما يقولون، وبان لهم جهل أنفسهم وخطأ مقالتهم.
قال الله تعالى لما سأله موسى عليه السلام أن يريه ينظر إليه قال: (لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ) [الأعراف: 143] إلى قوله: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) [الأعراف: 143]،
أفليس العلم محيطاً – يا ذوي الألباب – أن الله عز وجل لو كان في كل موضع ومع كل بشر وخلق – كما زعمت المعطلة – لكان متجلياً لكل شيء، وكذلك جميع ما في الأرض لو كان متجلياً لجميع أرضه سهلها ووعرها، وجبالها براريها ومفازها، مدنها وقراها، وعمارتها وخرابها، وجميع ما فيها من نبات وبناء، لجعلها دكاً كما جعل الله الجبل الذي تجلى له دكا، قال تعالى: (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا) [الأعراف: 143]) اهـ.
((كتاب التوحيد)) (ص: 112).
قال الشيخ عبدالرزاق البدر:
والإيمان بعلو الله على خلقه يورث العبد تعظيمًا لله وذلًا بين يديه، وانكسارًا له، وتنزيهًا له عن النقائص والعيوب، وإخلاصًا في عبادته، وبعدًا عن اتخاذ الأنداد والشركاء، قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}
-مختصر فقه الأسماء الحسنى (27)
*قال ابن سعدي _رحمه الله في فتح الرحيم الملك العلام: (العليُّ الأعلى)
أي الذي له العلو المطلق بجميع الوجوه والاعتبارات:
فهو العلي بذاته قد استوى على العرش، وعلا على جميع الكائنات، وبايَنَها.
العلي بقدْره وهو علو صفاته وعظمتُها، فإنَّ صفاته عظيمةٌ لا يماثلها ولا يقاربها صفة أحد، بل لا يطيق العباد أن يحيطوا بصفة واحدة من صفاته.
العلي بقهره حيث قهر كلَّ شيء ودانت له الكائنات بأسرها، فجميع الخلق نواصيهم بيده لايتحرك منهم متحرك، ولا يسكن ساكن إلا بإذنه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
*والفرق بين العلي [و] الأعلى:
-أنَّ العلي يدل على كثرة الصفات ومتعلقاتها وتنوُّعها.
-والأعلى يدل على عظمتها.