رياح المسك 1321.1320.1319.1318
رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
“””””””””””””””
صحيح البخاري:
باب الصفوف على الجنازة
1318 – حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعا
1319 – حدثنا مسلم حدثنا شعبة حدثنا الشيباني عن الشعبي قال أخبرني من شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتى على قبر منبوذ فصفهم وكبر أربعا قلت من حدثك قال ابن عباس رضي الله عنهما
1320 – حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام بن يوسف أن ابن جريج أخبرهم قال أخبرني عطاء أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول قال النبي صلالله عليه وسلم قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه قال فصففنا فصلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ونحن صفوف
قال أبو الزبير عن جابر كنت في الصف الثاني
باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز
1321 – حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا الشيباني عن عامر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر قد دفن ليلا فقال متى دفن هذا قالوا البارحة قال أفلا آذنتموني قالوا دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك فقام فصففنا خلفه قال ابن عباس وأنا فيهم فصلى عليه
————‘———–‘
فوائد الباب:
1 – قوله (الصفوف على الجنازة) أي تسوية الصفوف عند إرادة الصلاة على الجنازة سواء كانت حاضرة أم غائبة.
2 – فيه الأمر بالصفوف على الجنائز قاله ابن المنذر في الأوسط.
3 – فيه جواز صلاة المرء جماعة على الميت إذا مات بلد آخر. قاله ابن حبان في صحيحه.
4 – عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ قَدْ مَاتَ، فَقُومُوا فَصَلُّوا عَلَيْهِ، قَالَ: فَقُمْنَا، فَصَفَفْنَا كَمَا يُصَفُّ عَلَى الْمَيِّتِ، وَصَلَّيْنَا عَلَيْهِ كَمَا يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ. أخرجه الترمذي في سننه 1039 والنسائي في السنن الصغرى 1975 وأصله في صحيح مسلم 953
5 – حديث أبي هريرة قد سبق في الباب الرابع باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه وذكرنا هناك فوائده وأن الستة قد أخرجوه.
6 – موضع الشاهد منه قوله (فصفوا خلفه) وفي رواية عند البخاري 1245 (فصف بهم)، وفي حديث ابن عباس ثاني حديثي الباب (فصفهم) أي صفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث جابر ثالث أحاديث الباب (فصففنا) وفي رواية (عن جابر كنت في الصف الثاني).
7 – “يحتمل أن يترجم البخارى، رحمه الله، هذا الباب والذى قبله خلافا لعطاء، فإن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أفحق على الناس أن يسووا صفوفهم على الجنائز كما يسوونها فى الصلاة؟ قال: لا، لأنهم قوم يكبرون ويستغفرون” قاله ابن بطال في شرحه على البخاري، وهذا الأثر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6587.
8 – قوله (النجاشي هو لقب ملك الحبشة) قاله الحافظ في الفتح.
9 – قوله (قال أبو الزبير عن جابر كنت في الصف الثاني) وصله النسائي في السنن الصغرى 1974، (أو الثالث) زاده البخاري كما في الحديث الباب السابق، ووصله مسلم في صحيحه 952 بلفظ (فقمنا فصفنا صفين).
10 – حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الستة.
11 – قوله (فصفهم) وفي رواية (فصفَّنا خلفَه) وفي رواية عند النسائي (وصفَّ أصحابَه خلفه).
12 – فيه الصلاة على القبر بعدما يدفن. قاله البخاري
فيه حضور الصبيان الجنائز وصفوفهم. قاله البخاري وموضع الشاهد فيه (قال ابن عباس وأنا فيهم فصلى عليه) ولم يكن ابن عباس قد ناهز الاحتلام.
13 – فيه الإعلام بالجنازة.
14 – فيه الدفن بالليل قاله البخاري وقد أخرجه 1340 بلفظ (صلى النبي صلى الله عليه وسلم على رجل بعد ما دفن بليلة).
15 – قوله (حدثنا الشيباني) هو سليمان أبو إسحق.
16 – قوله (عن الشعبي) هو عامر كما في الإسناد في الباب التالي. وعند البخاري في رواة 857 (سمعت الشعبي).
17 – حديث جابر رضي الله عنهما قد تقدم في الباب السابق
——
فوائد باب الصفوف على الجنازة
1. حديث أبي هريرة فيه دليل على أن تكبيرات الجنازة أربع وهو قول جماهير أهل العلم.
قلت سيف بن دورة: قال ابن حجر وسيأتي بسط المسألة.
2. استدل بحديث أبي هريرة الشافعي وغيره في مشروعية الصلاة على الغائب قالوا وهو سنة في حق من كان غائبا عن بلد الميت إذا كان في بلد وفاته قد اسقطوا فرض الصلاة عليه.
قلت سيف بن دورة:
قال ابن حجر: وقد اعتذر من لم يقل بالصلاة على الغائب عن قصة النجاشي بأمور: منها أنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت عليه لذلك واختاره الخطابي واستحسنه الروياني وبه ترجم أبوداود في السنن: الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك ببلد آخر وهذا محتمل إلا أني لم أقف في شيء من الأخبار أنه لم يصل عليه في بلده أحد. انتهى
وإنما اختاروا هذا القول لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل أنه صلى على غائب مع كثرتهم.
واختار هذا القول ابن تيمية وابن القيم والألباني ومقبل.
قال ابن حجر: ومن ذلك قول بعضهم: كشف له صلى الله عليه وسلم حتى رآه. قال ابن دقيق: يحتاج إلى نقل.
وكأن مستند من قال ذلك ما ذكره الواقدي بغير إسناد عن ابن عباس كشف للنبي صلى الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه. ولابن حبان عن عمران: فقام وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا جنازته بين يديه. أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عنه. انتهى كلام ابن حجر
قال شعيب: صحيح وهو كما قال.
وسبق رواية الترمذي والنسائي: فصففنا كما يصف على الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت.
فهذه الرواية توضح رواية ابن حبان وأن المقصود عدم الفارق بين صفة صلاة الغائب والصلاة على الجنازة الحاضرة.
بل ورد في رواية مجمع بن جارية: فصفنا خلفه صفين وما نرى شيئا. أخرجه الطبراني وأصله في ابن ماجه
قلت سيف بن دورة: ولم اجده في الطبراني فلعله في المفقود. وعند ابن ماجه بدون لفظ (وما نرى شيئا) وفيه راو ضعيف رافضي لكن معناه صحيح.
3. حديث ابن عباس فيه إبهام الصحابي الذي روى الحديث ثم تبيينه بأنه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما.
——–
باب الصفوف على الجنازة
قال العيني في عمدة القاري:
ومن لطائف إسناده التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع والإخبار بصيغة الإفراد في موضع وفيه العنعنة في موضع. اهـ
قال القسطلاني في إرشاد الساري:
(على قبر منبوذ) بتنوين قبر، موصوف بمنبوذ، بفتح الميم وسكون النون وضم الموحدة ثم ذال معجمة أي: منفرد عن القبور، ولأبي ذر: قبر منبوذ بغير تنوين على إضافة قبر إلى منبوذ أي: به لقيط منبوذ (فصفهم) على القبر (وكبر أربعًا). اهـ
——–
راجع فتح الباري لإبن حجر:
– تعقب بعضهم البخاري أن الأحاديث ليس فيها جنازة إنما هي على الغائب وعلى قبر وأجيب بأن المراد بالجنازة في الترجمة سواء كان مدفونا أو غير مدفون. وأجيب كذلك إذا كان الاصطفاف اذا شرع والجنازة غائبة ففي الحاضرة أولى.
– ليس لمن منع عن صلاة الجنازة في المسجد دليل في قصة الصلاة على النجاشي. … خاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابن بيضاء في المسجد.
لاحتمال أن الذي أخرجه صلى الله عليه وسلم للصلاة على النجاشي كثرة عدد المصلين أو لإشهار أنه مات على الإسلام وورد أن رجلا قال يصلي على علج من الحبشة فنزلت
(وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) الآية
[سورة آل عمران 199] انتهى كلام ابن حجر
وذكر لهذا الحديث ابن كثير أسانيد عن ابن أبي حاتم وابن مردويه وعبد بن حميد وبعضها عن ثابت عن الحسن مرسلا.
والأكثر عن ثابت عن أنس. وأكثر الأسانيد عند ابن مردويه وهو مفقود.
وذكر ابن حجر له شاهد في معجم الطبراني الكبير من حديث وحشي بن حرب وآخر عنده في الأوسط من حديث أبي سعيد وزاد فيه أن الذي طعن بذلك فيه كان منافقا. انتهى
وفي حديث وحشي مجهولان. وفي حديث أبي سعيد: عبدالرحمن بن زيد بن أسلم لكنها في الشواهد.
هل ثبت الصلاة على غائب غير النجاشي:
الصلاة على معاوية ابن أبي معاوية
قال ابن كثير في البداية والنهاية:
روى البيهقي من حديث يزيد بن هارون، أخبرنا العلاء أبو محمد الثقفي قال: سمعت أنس بن مالك قال: كنا مع رسول الله ? بتبوك …… فهل لك يا رسول الله أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه؟
قال: «نعم!».
قال: فصلى عليه، ثم رجع.
وهذا الحديث فيه غرابة شديدة ونكارة، والناس يسندون أمرها إلى العلاء بن زيد هذا، وقد تكلموا فيه.
ثم قال البيهقي: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا هاشم بن علي، أخبرنا عثمان بن الهيثم، حدثنا محبوب بن هلال، عن عطاء ابن أبي ميمونة، عن أنس قال: جاء جبريل فقال: يا محمد مات معاوية ابن أبي معاوية المزني، أفتحب أن تصلي عليه؟ …..
قال عثمان: فسألت أبي أين كان النبي ?؟
قال: بغزوة تبوك بالشام، ومات معاوية بالمدينة، ورفع له سريره حتى نظر إليه، وصلى عليه.
وهذا أيضا منكر من هذا الوجه.
قال ابن الجوزي في العلل المتناهية:
قال المؤلف هذا حديث لا يصح قال العقيلي العلاء بن زيدل الثقفي لا يتابعه احد على هذا الحديث إلا من هو مثله او دونه قال ابو الوليد الطيالسي كان العلاء كذابا
وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده
4267 – حدثنا محمد بن إسحاق المسيبي، حدثنا يزيد بن هارون، عن العلاء أبي محمد الثقفي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كنا مع رسول [ص:257] الله صلى الله عليه وسلم بتبوك، فطلعت الشمس بضياء وشعاع ونور لم يرها طلعت فيما مضى بمثله، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ” … فهل لك يا رسول الله أن أقبض لك الأرض فتصلي عليه؟ قال: نعم، فصلى عليه ”
[حكم حسين سليم أسد]: إسناده ضعيف جدا
تنبيه:
قال الألباني في أحكام الجنائز:
قال الحافظ في الفتح:
إن مصلى الجنائز كان ?صقا بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم من ناحية جهة المشرق.
وقال في موضع آخر 12 – 108:
والمصلى الذي كان يصلى عنده العيد والجنائز هـو من ناحية بقيع الغرقد.
قال محمد فؤاد عبدالباقي في تعليقه على مسلم في حديث رجم ماعز:
(بالمصلى) المراد بالمصلى هـنا مصلى الجنائز ولهذا قال في الرواية ا?خرى في بقيع الغرقد وهـو موضع الجنائز بالمدينة
(فلما أذلقته) أي أصابته بحدهـا]
—–
اختلف العلماء في الصلاة على الميت الغائب على ستة أقوال:
القول الأول: مشروعة مطلقا، سواء صلي عليه في البلد الذي مات فيه أم لا، الشافعية والحنابلة في المعتمد، وابن حزم، وابن حبيب من المالكية.
القول الثاني: غير مشروعه، وهو مذهب الحنفية والمالكية، واختلف المالكية هل هي مكروهة-وهو المشهور-أو محرمة؟ على قولين في مذهبهم، ورواية عند الحنابلة.
القول الثالث: غير مشروعة الا في حق من لم يصل عليه، فيصلى عليه صلاة الغائب، رواية عند الحنابلة اختارها ابن تيمية وابن القيم والخطابي والروياني والبغوي من الشافعية ومن المعاصرين ابن عثيمين والألباني ومقبل الوادعي.
القول الرابع: لا تشرع إلا من كان من أهل الصلاح وله سابقة في الخير، واختار هذا القول ابن باز وعليه فتوى اللجنة الدائمة.
القول الخامس: تشرع في اليوم الذي مات فيه الميت أو ما قرب منه الا اذا طالت المدة، حكى هذا القول ابن عبدالبر عن بعض العلماء.
القول السادس: تشرع على الميت الذي يكون بلده في جهة القبلة فقط، انفرد بهذا القول ابن حبان، قال المحب الطبري ولم أر ذلك لغيره.
سبب الخلاف:
مدار الخلاف هو حديث صلاة النبي ?_على النجاشي ملك الحبشة فمن العلماء من اعتبره خاصا بالنبي ومنهم من لم يخصه به وجعله تشريعا للأمة، ثم من جعله تشريعا للأمة اختلفوا فمنهم من قال بالمشروعية مطلقا ومنهم من قيدها بقيد اما بمن لم يصل عليه، أو بمن له سابقة في الاسلام، أو بالصلاة عليه في اليوم الذي مات فيه، أو بمن كان في جهة القبلة.
أدلة كل قول مع المناقشة، ومن ثم الترجيح:
أدلة القول الأول:
أولا: الروايات الواردة في صلاة النبي?على النجاشي:
1_حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله? نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه خرج إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربعا»
عن جابر عن النبي ? قال: (إن أخا لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه قال: فصففنا عليه صفين.
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: قال النبي ?: «قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش، فهلم، فصلوا عليه»، قال: فصففنا، فصلى النبي? عليه ونحن معه صفوف قال أبو الزبير: عن جابر «كنت في الصف الثاني»
• المناقشة:
ناقش الاستدلال بحديث صلاة النبي?على النجاشي من يرى عدم مشروعية الصلاة على الغائب باحتمالات، سيأتي ذكرها والجواب عنها عند ذكر أدلة القول الثاني.
ثانيا: ما ثبت عن النبي ? أنه كان يصلي على قبر الميت إذا فاتته الصلاة عليه، والميت فى القبر غائب، فكذلك الحال اذا كان الميت غائبا في الأصل.
وأدلة إثبات صلاة النبي? على القبر مشهورة منها حديث ابن عباس رضي الله عنه.
أدلة القول الثاني: استدل القائلون بأن صلاة الغائب غير مشروعة مطلقا بما يلي:
أولا: أنه لو جازت الصلاة على الغائب لصلى عليه الصلاة والسلام على من مات من أصحابه، ومن أعزهم القراء، ولم ينقل عنه أنه صلى عليهم، مع حرصه على ذلك.
ثانيا: أنه لم يصل صلاة الغائب بعد الرسول ? أحد، وكذلك لم يصل المسلمون على رسول الله?، ولا على الخلفاء الاربعة وغيرهم صلاة الغائب.
ثالثا: أن من شرط الصلاة على الغائب حضورها، بدليل ما لو كان الميت في البلد لم تجز الصلاة عليها مع غيبتها عنه.
رابعا: أن الميت إن كان في جانب المشرق، فان استقبل القبلة في الصلاة عليه كان الميت خلفه، وان استقبل الميت كان مصليا لغير القبلة، وكل ذلك لايجوز.
• واعتذروا عن صلاة النبي?على النجاشي باعذار واحتمالات وهي:
الاحتمال الاول: إنه خاص بالنبي ?.
قالوا: ودلائل اختصاص النبي ? بذلك هي:
أنه طويت له الارض فاحضر النجاشي بين يديه، فشاهدها وصلى عليها، أو رفعت له جنازته، كما كشف له عن بيت المقدس حين سألته قريش عن صفته، فتكون صلاة من خلفه على ميت يراه الإمام وبحضرته دون المأمومين، وغير مانع من الإقتداء.
ويؤيد ذلك ما ورد في إحدى الروايات عن عمران بن حصين رضي الله عنه.
ويؤكد ذلك أن النبي? لم يصل على غائب غيره، وقد مات من الصحابة خلق كثير وهم غائبون وسمع بهم فلم يصل عليهم، إلا ماورد في حق معاوية بن معاوية المزني، فقد روي انه طويت له الارض حتى حضره، وكذا روي أنه صلى على زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب، ومثل ذلك يدل على أنه مخصوص به لا يشاركه فيه غيره.
• المناقشة:
نوقش من وجوه:
أولا: أنه لو فتح هذا الباب لم يبق وثوق بشيء من ظواهر الشرع، لاحتمال انحراف العادة في تلك القضية، مع أنه لو كان شيء من ذلك لتوفرت الدواعي بنقله.
ثانيا: قال صاحب عون المعبود: ” وأما ما رواه أبو عوانة وابن حبان من حديث عمران بن حصين فلا يدل على ذلك.
ثالثا: ما روي في صلاته على معاوية بن معاوية الليثي ضعيف، ضعفه الحفاظ منهم البخاري في تاريخه والبيهقي، واتفقوا على ضعف العلاء بن زيد، وأنه منكر الحديث، وليس من الصحابة من اسمه معاوية بن معاوية.
رابعا: الرواية التي ساقها الواقدي لا تثبت صلاة الغائب على زيد وجعفر رضي الله عنهما لما يلي:
1 – ان هذه الرواية ضعيفة والحديث مرسل، والواقدي ضعيف جدا.
2 – أن المراد بقوله ” وصلى عليه ” في الموضعين التي وردت فيه هو الدعاء له وليست الصلاة المعروفة، ويؤكد ذلك أن الروايات الصحيحة في هذه الحادثة لا ذكر فيها للصلاة المعروفة، وإنما فيها أن الرسول عليه الصلاة والسلام طلب من المسلمين الاستغفار والدعاء لهما.
خامسا: القول بخصوصية النبي?بهذا ضعيف، لأن الإقتداء به في أفعاله واجب على الكافة ما لم يقم دليل التخصص، ولا تجوز دعوى التخصيص ها هنا، لأن النبي? لم يصل عليه وحده، إنما صلى مع الناس.
الإحتمال الثاني: يحتمل أن صلاة النبي ? على النجاشي هي الدعاء، لان الصلاة تذكر ويراد بها الدعاء.
• المناقشة:
يمكن مناقشته بأن الروايات الصحيحة الواردة في القصة قد صرح فيها بكيفية صلاته، وكانها كالصلاة على الجنازة الحاضرة، كقوله: ” خرج الى المصلى فصف بهم وكبر اربعا “، وقوله:”قال فصفنا خلفه كما يصف على الميت وصلينا عليه كما يصلى على الميت ”
الاحتمال الثالث: أن النبي?إنما اراد بالصلاة على النجاشي إدخال الرحمة عليه واستئلاف بقية الملوك بعده إذا راؤا الاهتمام به حيا و ميتا.
• المناقشة:
نوقش بان بركة الدعاء من النبي? ومن سواه تلحق الميت باتفاق.
أدلة القول الثالث: استدل القائلون بأن صلاة الغائب على الميت غير مشروعة إلا في حق من مات ولم يصل عليه بما يلي:
حمل الروايات الواردة في صلاة النبي?على النجاشي على من مات ولم يصل عليه في بلده.
واحتجوا بما ورد في احدى روايات حديث صلاة النبي? على النجاشي وهي: ” صلوا على اخ لكم مات بغير ارضكم، قالوا من يا رسول الله؟ قال: النجاشي.”
وقالوا: ان ما يؤيد عدم مشروعية الصلاة على كل غائب انه لما مات الخلفاء الراشدون وغيرهم لم يصل احد من المسلمين عليهم صلاة الغائب، ولو فعلوا ذلك لتواتر النقل بذلك عنهم.
• المناقشة:
نوقش من وجهين:
الاول: ليس هذا مذهبكم، فانكم لا تجيزون الصلاة على الغريق والاسير، ومن مات بالبوادي، وإن لم يكن صلي عليه,.
الثاني: أنه يبعد ما ذكرتم، لأن النجاشي ملك الحبشة، وقد اظهر الاسلام فيبعد ان يكون لم يوافقه احد يصلي عليه.
• الجواب على المناقشة الثانية:
يحتمل أن من آمن معه يجهل حكم ذلك، وليس عنده من سنة الصلاة على الميت اثر، او لا يقدر اظهار الصلاة عليه، فعلم النبي? انهم سيدفنونه بغير صلاة فبادر الى الصلاة عليه.
أدلة القول الرابع: استدل القائلون بان صلاة الغائب على الميت لا تشرع على كل احد، وانما من كان من اهل الصلاح وله سابقة في الخير، ونحوهم.
انه لم ينقل عن النبي? إنه صلى على كل غائب.
قالوا: إذا كان الغائب له شان في الاسلام، كأن يكون إمام عدل وخير صلي عليه صلاة الغائب، وكذا علماء الحق ودعاة الهدى، كما صلى النبي?على النجاشي.
أما أفراد الناس فلا تشرع الصلاة عليهم، لان الرسول
? لم يصل على كل غائب، انما صلى على شخص واحد وهو النجاشي، لأن له قدما في الاسلام، ولأنه آوى المهاجرين من الصحابة الذين هاجروا الى الحبشة، آواهم ونصرهم وحماهم وأحسن إليهم، وكانت له يد عظيمة في الإسلام.
قالوا: ويؤيده ما جاء في بعض روايات حديث صلاة النبي?على النجاشي أنه قال:” قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش “.
• المناقشة:
يمكن مناقشته بما يلي:
أولا: أنه لو جازت الصلاة على الغائب لصلى النبي? على من مات من أصحابه، ومن أعزهم القراء، ولم ينقل عنه أنه صلى عليهم، مع حرصه على ذلك.
ثانيا: أنه لم يصل صلاة الغائب بعد الرسول عليه الصلاة والسلام أحد، وكذلك لم يصل المسلمون على رسول الله ?، ولا على الخلفاء الأربعة وغيرهم صلاة الغائب.
أدلة القول الخامس: استدل القائلون بأن صلاة الغائب تشرع في اليوم الذي مات فيه الميت، أو ما قرب منه بما ورد في حادثة صلاة النبي? على النجاشي.
ورد في رواية اخرى ” أن رسول الله? نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه” فاخذوا من ذلك ان صلاة الغائب تصح في اليوم الذي مات فيه الميت او ما قرب منه.
• المناقشة:
يمكن مناقشته بأنه جمود على قصة النجاشي.
أدلة القول السادس: استدل ابن حبان على مذهبه القائل بأن صلاة الغائب تشرع على الميت الذي يكون بلده في جهة القبلة فقط.
بقوله: ((العلة في صلاة المصطفى ?
على النجاشي وهو بأرضه: أن النجاشي أرضه بحذاء القبلة , وذاك أن بلد الحبشة إذا قام الإنسان بالمدينة كان وراء الكعبة , والكعبة بينه وبين بلاد الحبشة , فاذا مات الميت ودفن ثم علم المرء في بلد آخر بموته, وكان بلد المدفون بين بلده والكعبه وراء الكعبه ,جاز له الصلاة عليه. فأما من مات ودفن في بلد و أراد المصلي عليه الصلاة في بلده ,وكان بلد الميت وراءه فمستحيل حينئذ الصلاة عليه)).
المناقشة:
يمكن مناقشته بأنه جمود على قصة النجاشي.
• الترجيح:
بعد ذكر اقوال العلماء في مسالة الصلاة على الغائب، وبعد استعراض ادلة كل قول ومناقشته وما يرد عليه من نقاش، يظهر لي – والله اعلم – أن الراجح هو القول الثالث.
ويترجح ذلك لقوة الادلة الداله على ماذهبوا اليه، وقد سلمت من الاعتراضات والمناقشات الواردة على بعضها لا تقوى على تضعيفها والاستدلال بها واضح.
وأيضا الأصل في العبادات التوقيف.
منقول من مجلة البحوث الإسلامية مع الإختصار العدد103
——-
——-
——-
——-
باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز
فوائد باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز
1. حديث 1321 أيضاً متفق عليه
2. مطابقته لترجمة البخاري (باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز) من حيث إن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كان في وقت ما صلى معهم صغيرا لأنه كان في زمن النبي دون البلوغ لأنه شهد حجة الوداع وقد قارب الاحتلام فيطابق الحديث الترجمة من هذه الحيثية.
3. فيه جواز الدفن بالليل ويشهد له حديث ابن عباس في الترمذي أن النبي دخل قبرا ليلا فأسرج له بسراج فأخذ من القبلة وقال رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن وكبر عليه أربعا.
4. فيه الصلاة على الجنازة بالصفوف وقد تقدم.
5. فيه تدريب الصبيان على شرائع الإسلام وحضورهم مع الجماعات ليستأنسوا إليها وتكون لهم عادة إذا لزمتهم. راجع شرح ابن بطال
6. فيه الإعلام للناس بموت أحد من المسلمين لينهضوا إلى الصلاة عليه
7. فيه جواز الصلاة على قبر الميت إذا دفن ولم يصل عليه. وهل يشترط أن يكون لم يتفسخ ويبل جسده؟ خلاف بين الفقهاء.
——–
باب صفوف الصبيان مع الرجال في الجنائز
قال ابن رجب في الفتح:
وقد خَّرجه الدارقطني من طريق شريك، عن الشيباني بهذا الإسناد، وقال في حديثه: ((فقام فصلى عليه، فقمت عن يساره، فجعلني عن يمينه)).
وهذه زيادة غريبة، لا أعلم ذكرها غير شريك، وليس بالحافظ، فإن كانت محفوظة استدل بها على أن صفوف الجنائز كصفوف سائر الصلوات.
وقد اختلف أصحابنا في ذلك:
فمنهم من قال: كذلك، وهو ظاهر كلام أحمد؛ لأنه نص على كراهة صلاة الفذ وحده في صلاة الجنازة.
ومنهم من قال: يصلي على الجنازة الرجل وحده، منفرداً خلف الصفوف، منهم: القاضي أبو يعلى في ((خلافه)) وابن عقيل.
وقالوا: إذا لم يكن جعل الصفوف في صلاة الجنازة ثلاثة إلا بقيام واحد صفاً وحده كان أفضل.
واستدل بما روى عبد الله بن عمر العمري، قال: سمعت أم يحيى قالت: سمعت أنس بن مالك يقول: مات ابن أبي طلحة، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام أبو طلحه خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأم سليمٍ خلف أبي طلحة كأنهم عرفُ ديكٍ، وأشار بيده.
خَّرجه الإمام أحمد. [ضعفه محققو المسند 13270]
وخرج أبو حفص العكبري – من أصحابنا – بإسناده. عن خير بن نعيم الحضرمي، أن أبا الزبير – أو عطاء بن أبي رباح – أخبره. أن رسول الله (صلى على جنازةٍ، ورسول الله (سابعهم، فجعلهم ثلاثة صفوفٍ، الصف الأول ثلاثة، والصف الثاني رجلين، والصف الثالث رجلاً، والنبي صلى الله عليه وسلم بين أيديهم.
وهذا مرسلٌ.
وقد نص أحمد على أنه يستحب جعلهم في صلاة الجنائز ثلاثة صفوف، إذا أمكن أن يكون في كل صف اثنان فصاعداً، واستدل بحديث مالك بن هبيرة، أنه كان إذا صلى على جنازة فتقال الناس عليها جزأهم ثلاثة اجزاء، ثم قال: قال رسول الله (: ((من صلى عليه ثلاثة صفوف فقد أوجب)).
خَّرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي.
وقال: حديث حسن. اهـ
قال البغوي في شرح السنة:
وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم)، فمن بعدهم أنه يجوز أن يصلى على القبر، وهو قول ابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وذهب قوم إلى أنه لا يصلى على القبر، وبه قال مالك.
واختلفوا في أنه إلى متى يجوز الصلاة على القبر، فذهب قوم إلى أنه يصلى إلى شهر، وهو قول أحمد، وإسحاق، لما روي عن سعيد بن المسيب أن أم سعد بن عبادة ماتت والنبي (صلى الله عليه وسلم) غائب، فلما قدم صلى عليها، وقد مضى لذلك شهر.
وروي عن عكرمة عن ابن عباس موصولا.
وروي عن أبي هريرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى على قبر بعد ثلاثة أيام
وروي أنه صلى على قتلى أحد بعد ثماني سنين.
وفي الحديث دليل على أنه لا يكره الدفن بالليل. اهـ