جامع الأجوبة في الفقه 27
99 – باب البول في الماء الدائم
ذكر حديث: “لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في اْلمَاءِ الدَّائِمِ. . .” الحديث.
قال (ح): استدل به بعض الحنفية على تنجس الماء المستعمل، لأنّ البول ينجس الماء فكذلك الإغتسال، وقد نهى عنهما معًا وهو للتحريم، فدل على حصول النّجاسة فيهما، ورد بأنّها دلالة اقتران وهي ضعيفة، وعلى تقدير تسليمها فلا يلزم التسوية، فيكون النّهي عن البول لئلا ينجسه، وعن الإغتسالات لئلا يسلبه الطهورية (544).
قال (ع): هذا عجيب منه لأن دلالة الإقتران عندهم صحيحة، فكيف يرد على القائل بها، مع أن مذهب كثر أصحاب إمامه كالحنفية والتفصيل الذي ذكره تحكم (545)
انتقاض الاعتراض في الرد على العيني في شرح البخاري لابن حجر
…………………………….
[حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم]
قال ابن دقيق العيد :الكلام عليه من وجوه:
الأول: ” الماء الدائم ” هو الراكد.
وقوله ” الذي لا يجري ” تأكيد لمعنى الدائم.
وهذا الحديث مما يستدل به أصحاب أبي حنيفة على تنجيس الماء الراكد، وإن كان أكثر من قلتين؛ فإن الصيغة صيغة عموم.
وأصحاب الشافعي: يخصون هذا العموم، ويحملون النهي على ما دون القلتين…
وذلك أخص من مقتضى الحديث العام الذي ذكرناه.
والخاص مقدم على العام.
ولأحمد طريقة أخرى: وهي الفرق بين بول الآدمي، وما في معناه، من عذرته المائعة، وغير ذلك من النجاسات.
فأما بول الآدمي، وما في معناه: فينجس الماء، وإن كان أكثر من قلتين وأما غيره من النجاسات: فتعتبر فيه القلتان.
إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد
……………………………
قال ابن عبد البر تحت باب النهى عن الاغتسال فى الماء الراكد
اولا.
وروي عن مالك في الجنب يغتسل في الماء الدائم الكثير… إن ذلك لا يفسد الماء
وهذا مذهب بن القاسم وأشهب وبن عبد الحكم كلهم يقول إن الماء القليل يفسده قليل النجاسة وإن الماء الكثير لا يفسده إلا ما غلب عليه من النجاسة أو غيرها فغيره عن حاله في لونه وطعمه وريحه
ولم يحدوا حدا بين القليل والكثير
الاستذكار
………………………………..
قال الصنعاني : اختلفت آراء العلماء رحمهم الله تعالى في الماء إذا خالطته نجاسة ولم تغير أحد أوصافه… فذكر الأقوال وقال :ووجه هذا الاختلاف تعارض الأحاديث التي أسلفناها، فإن حديث الاستيقاظ، وحديث الماء الدائم، يقضيان أن قليل النجاسة ينجس قليل الماء، وكذلك حديث الولوغ، والأمر بإراقة ما ولغ الكلب فيه، وعارضها حديث بول الأعرابي، والأمر بصب ذنوب ماء عليه، فإنه يقتضي أن قليل النجاسة لا ينجس قليل الماء. ومن المعلوم أنه قد طهر ذلك الموضع الذي وقع عليه بول الأعرابي بذلك الذنوب، وكذلك قوله: «الماء طهور لا ينجسه شيء» فقال الأولون، وهم القائلون لا ينجسه شيء إلا ما غير أحد أوصافه
يجمع بين الأحاديث بالقول بأنه لا ينجسه شيء، كما دل له هذا اللفظ، ودل عليه حديث بول الأعرابي، وأحاديث الاستيقاظ، والماء الدائم، والولوغ، ليست واردة لبيان حكم نجاسة الماء، بل الأمر باجتنابها تعبدي لا لأجل النجاسة، وإنما هو لمعنى لا نعرفه، كعدم معرفتنا لحكمة أعداد الصلوات ونحوها وقيل: بل النهي في هذه الأحاديث للكراهة فقط، وهي طاهرة مطهرة.
وجمع الشافعية بين الأحاديث بأن حديث «لا ينجسه شيء» محمول على ما بلغ القلتين فما فوقهما، وهو كثير، وحديث الاستيقاظ، وحديث الماء الدائم، محمول على القليل.
وعند الهادوية أن حديث الاستيقاظ محمول على الندب، فلا يجب غسلهما له؛ وقالت الحنفية: المراد بلا ينجسه شيء: الكثير الذي سبق تحديده، وقد أعلوا حديث القلتين بالاضطراب وكذلك أعله الإمام المهدي في البحر، وبعضهم تأوله، وبقية الأحاديث في القليل، ولكنه ورد عليهم حديث بول الأعرابي، فإنه كما عرفت دل على أنه لا يضر قليل النجاسة قليل الماء، فدفعته الشافعية بالفرق بين ورود الماء على النجاسة، وورودها عليه، فقالوا: إذا وردت على الماء نجسته، كما في حديث الاستيقاظ، وإذا ورد عليها الماء لم تضر، كما في خبر بول الأعرابي.
سبل السلام
………………………….
قال الشافعي :
على أنه إنما نهى عن البول في كل ماء دائم، يشبه أن يكون على الاختيار لا على البول [ص:612] ينجسه، كما ينهى الرجل أن يتغوط على ظهر الطريق، والظل، والمواضع التي يأوي إليها الناس؛ لما يتأذى به الناس من ذلك؛ لأن الأرض ممنوعة، ولا أن التغوط محرم، ولكن من رأى رجلا يبول في ماء ناقع قذر الشرب منه، والوضوء به
اختلاف الحديث (مطبوع ملحقا بالأم للشافعي)
)) () ()))))) (()) ())))))) (()
(باب النهي عن البول في الماء الراكد)
البول فيه منهي عنه سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا والله أعلم وأما الدائم فهو الراكد وقوله صلى الله عليه وسلم الذي لا يجري تفسير للدائم وإيضاح لمعناه ويحتمل أنه احترز به عن راكد لا يجري بعضه كالبرك ونحوها وهذا النهي في بعض المياه للتحريم وفي بعضها للكراهة ويؤخذ ذلك من حكم المسألة فإن كان الماء كثيرا جاريا لم يحرم البول فيه لمفهوم الحديث ولكن الأولى اجتنابه وإن كان قليلا جاريا فقد قال جماعة من أصحابنا يكره والمختار أنه يحرم لأنه يقذره وينجسه على المشهور من مذهب الشافعي وغيره ويغر غيره فيستعمله مع أنه نجس وإن كان الماء كثيرا راكدا فقال أصحابنا يكره ولا يحرم ولو قيل يحرم لم يكن بعيدا فإن النهي يقتضي التحريم على المختار عند المحقيقين والأكثرين من أهل الأصول وفيه من المعنى أنه يقذره وربما أدى إلى تنجيسه بالإجماع لتغيره أو إلى تنجيسه عند أبي حنيفة ومن وافقه في أن الغدير الذي يتحرك بتحرك طرفه الآخر ينجس بوقوع نجس فيه وأما الراكد القليل فقد أطلق جماعة من أصحابنا أنه مكروه والصواب المختار أنه يحرم البول فيه لأنه ينجسه ويتلف ماليته ويغر غيره باستعماله والله أعلم قال أصحابنا وغيرهم من العلماء والتغوط في الماء كالبول فيه وأقبح وكذلك إذا بال في إناء ثم صبه في الماء وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يجري إليه البول فكله مذموم قبيح منهي عنه على التفصيل المذكور ولم يخالف في هذا أحد من العلماء إلا ما حكي عن داود بن علي الظاهري أن النهي مختص ببول الإنسان بنفسه وأن الغائط ليس كالبول وكذا إذا بال في إناء ثم صبه في الماء أو بال بقرب الماء وهذا الذي ذهب إليه خلاف إجماع العلماء وهو أقبح ما نقل عنه في الجمود على الظاهر والله أعلم
شرح النووي على مسلم