تعليق على الصحيح المسند؛
(للأخ؛ سيف الكعبي)
(بالتعاون مع مجموعة السلام العلمية)
من عنده تعقيب أو تنبيه فاليفدنا
مسند عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
823 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله ان النبي صلى الله عليه و سلم قال لرجل صلى الله عليه وسلم لولا انك رسول لقتلتك.
هذا حديث حسن.
* وقال أبو يعلى رحمه الله: حدثنا إبراهيم بن الحجاج حددثنا سلام أبو المنذر حدثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود أن مسيلمة بعث رجلين أحدهما ابن أثال بن حجر: فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أتشهدان أن محمدا رسول الله؟ قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم: آمنت بالله ورسله! لو كنت قاتلا وفدا قتلتكما
فبينما ابن مسعود بالكوفة إذ رفع إليه الرجل الذي مع ابن أثال – وهو قريب له – فأمر بقتله فقال للقوم: هل تدرون لم قتلت هذا؟ قالوا: لا ندري فقال: إن مسيلمة بعث هذا مع ابن أثال بن حجر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أتشهدان أن محمدا رسول الله؟ قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم: آمنت بالله ورسله لو كنت قاتلا وفدا قتلتكما.
قال: فلذلك قتلته قال أبو وائل: وكان الرجل يومئذ كافرا.
* قال عبدالرزاق رحمه الله: عن بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال جاء رجل إلى بن مسعود فقال إني مررت بمسجد من مساجد بني حنيفة فسمعتهم يقرؤون شيئا لم ينزله الله الطاحنات طحنا العاجنات عجنا الخابزات خبزا اللاقمات لقما قال فقدم بن مسعود بن النواحة أمامهم فقتله واستكثر البقية فقال لا أجزرهم اليوم الشيطان سيروهم إلى الشام حتى يرزقهم الله توبة أو يفنيهم الطاعون.
قال وأخبرني إسماعيل عن قيس أن بن مسعود قال إن هذا لابن النواحة أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وبعثه إليه مسيلمة فقال النبي صلى الله عليه و سلم لو كنت قاتلا رسولا لقتلته.
هذا حديث صحيح.
* قال أبو داود رحمه الله: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي إسحق عن حارثة بن مضرب
أنه أتى عبد الله فقال ما بيني وبين أحد من العرب حنة وإني مررت بمسجد لبني حنيفة فإذا هم يؤمنون بمسيلمة فأرسل إليهم عبد الله فجيء بهم فاستتابهم غير ابن النواحة قال له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا أنك رسول لضربت عنقك فأنت اليوم لست برسول فأمر قرظة بن كعب فضرب عنقه في السوق ثم قال من أراد أن ينظر إلى ابن النواحة قتيلا بالسوق.
هذا حديث صحيح.
—————————-
ورد عن ابي داود 2763 – من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ كَانَ مُسَيْلِمَةُ كَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ وَقَدْ حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَشْجَعَ يُقَالُ لَهُ سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الأَشْجَعِىِّ عَنْ أَبِيهِ نُعَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ لَهُمَا حِينَ قَرَأَى كِتَابَ مُسَيْلِمَةَ «مَا تَقُولاَنِ أَنْتُمَا» قَالاَ نَقُولُ كَمَا قَالَ.
قَالَ «أَمَا وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنَّ الرُّسُلَ لاَ تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا». حسنه البخاري في ترتيب العلل 715
قال الخطابي: ويشبه أن يكون مذهب بن مسعود في قتله من غير استتابة أنه رأى قول النبي صلى الله عليه و سلم لولا أنك رسول لضربت عنقك حكما منه بقتله لولا علة الرسالة فلما ظفر به ورفعت العلة أمضاه فيه ولم يستأنف له حكم سائر المرتدين انتهى.
وقال في “معالم السنن” 2/ 319: ومعلوم أن هؤلاء لا يمكنهم إظهار الكفر بالكوفة في مسجدهم وهي دار الإسلام، وإنما كانوا يستبطنون الكفر، ويسرون الإيمان بمسيلمة، فاطلع على ذلك منهم حارثة، فرفعهم إلى عبد الله، وهو والي عليها، فاستتاب قوماً منهم، وحقن بالتوبة دماءهم، ولعلهم قد كانت داخلتهم شبهة
في أمر مسيلمة، ثم تبينوا الحق، فراجعوا الدين، فكانت توبتهم مقبولة عند عبد الله، ورأى أن أمر ابن النواحة بخلاف ذلك، لأنه كان داعيةً إلى مذهب مسيلمة فلم يعرض عليه التوبة، ورأى الصلاح في قتله.
قلت: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوفي بالعهود: ففي الصحيح المسند 1222 عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ أَبِى رَافِعٍ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ أَخْبَرَهُ قَالَ بَعَثَتْنِى قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أُلْقِىَ فِى قَلْبِىَ الإِسْلاَمُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنِّى لاَ أَخِيسُ بِالْعَهْدِ وَلاَ أَحْبِسُ الْبُرُدَ وَلَكِنِ ارْجِعْ فَإِنْ كَانَ فِى نَفْسِكَ الَّذِى فِى نَفْسِكَ الآنَ فَارْجِعْ». قَالَ فَذَهَبْتُ ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَسْلَمْتُ. قَالَ بُكَيْرٌ وَأَخْبَرَنِى أَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ قِبْطِيًّا. قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا كَانَ فِى ذَلِكَ الزَّمَانِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلاَ يَصْلُحُ.، وكذلك لما صالح قريش رد ابا بصيره وأبا جندل، وعن حذيفه كما في مسلم 1787 قال (ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل قال فأخذنا كفار قريش قالوا إنكم تريدون محمدا فقلنا ما نريده ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم).
والحديث فيه من الفوائد: ـ
أن على الإمام أن يقطع دابر الفتنه، وعليه أن يوضح ما قد يساء فهمه، وأن الوالي ينوب عن الإمام في إقامة الحدود والتعزيرات، والحذر من دعات الضلاله، ونفي في أصحاب الشبه، قبول توبة من ظن فيه الصدق، قتل دعاة الفتنه، وأن الرسل لا تقتل.
824 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا معاوية حدثنا زائدة عن عاصم بن أبي النجود عن شقيق عن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول صلى الله عليه وسلم ان من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد.
هذا حديث حسن.
————————————
قال ابن حجر في الفتح: قال بن بطال هذا وان كان لفظه لفظ العموم فالمراد به الخصوص ومعناه ان الساعة تقوم في الأكثر والأغلب على شرار الناس بدليل قوله (لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة) فدل هذا الخبر ان الساعة تقوم أيضا على قوم فضلاء قلت: ولا يتعين ما قال فقد جاء ما يؤيد العموم المذكور كقوله في حديث بن مسعود أيضا رفعه (لا تقوم الساعة الا على شرار الناس) أخرجه مسلم ولمسلم أيضا من حديث أبي هريرة رفعه (ان الله يبعث ريحا من اليمن الين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من ايمان الا قبضته) وله في آخر حديث النواس بن سمعان الطويل في قصة الدجال وعيسى ويأجوج ومأجوج (إذ بعث الله ريحا طيبة فتقبض روح كل مؤمن ومسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة) وقد اختلفوا في المراد بقوله يتهارجون فقيل يتسافدون وقيل يتثاورون والذي يظهر انه هنا بمعنى يتقاتلون أو لاعم من ذلك ويؤيد حمله على التقاتل حديث الباب ولمسلم أيضا (لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله) وهو عند احمد بلفظ (على أحد يقول لا إله إلا الله) والجمع بينه وبين حديث (لا تزال طائفة) حمل الغاية في حديث (لا تزال طائفة) على وقت هبوب الريح الطيبة التي تقبض روح كل مؤمن ومسلم فلا يبقى الا الشرار فتهجم الساعة عليهم بغتة.
أما عن إتخاذ القبور مساجد فقد لخصة كتاب الشيخ الالباني، تحذير الساجد عن إتخاذ القبور مساجد وهو كتاب قيم وإن شاء الله أنزل التلخيص هنا؛ لكن لا بأس أن نذكر نبذه عن محتوى الكتاب؛ فقد ذكر الشيخ أحاديث لعن اليهود والنصارى في اتخاذهم قبور صالحيهم مساجد، وأنهم شرار الخلق حيث صوروا في كنائسهم صور الصالحين، ثم ذكر أن معنى اتخاذها مساجد يشمل السجود عليها أو إليها أو البناء عليها وذكر الأدلة على ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ثم كلام العلماء، ثم بين أن البناء على القبور من الكبائر وذريعه للشرك ونقل أقوال الأئمة، ثم ذكر استغلال الإستعمار لمثل هذه الخرافات، وبين مجرد وجود البناء يعتبر ذريعة للشرك ولو لم يكن أحد مدفون، لأن الناس تتوجه له بالدعاء، ثم ذكر شبه المجيزين وردها فمنها؛ زعمهم أن قوله تعالى (قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا) دليل على جواز البناء على القبور؛ والجواب: أن هذا شرع من قبلنا، أو نقول: لا دليل أن الذين غلبوا كانوا مسلمين، وإذا سلمنا أنهم مسلمون فقد يكونون ممن حرف دين أنبيائهم.
ومن شبههم أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي؛ فالجواب: أنه لم يكن كذلك إنما دفن في غرفة عائشة خشية أن يتخذ مسجدا، وفي الحديث قالت عائشة لما نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لعنة الله على اليهود والنصارى أتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر مما صنعوا ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا)، إنما أدخل الوليد بن عبدالملك الغرف لما أراد توسعة المسجد، ونقل استنكار بعض التابعين، ومع ذلك أحيط بجدران بحيث لا يتمكن أحد من الصلاة إليه. وفضيلة الصلاة في المسجد النبوي ثابته.
ومن شبههم أن قبر إسماعيل في المسجد الحرام، وهذه دعوى لا دليل عليها ولا يصح ذالك، وكذلك أن مسجد الخيف قبر فيه سبعين نبيا؛ لا يصح، ولو صح فهي قبور اندثرت فلا تحرم الصلاة.