: تخريج الفتح 2 الاستسقاء.
قام به أحمد بن علي وتتمات سيف وصاحبه وإضافات حسين
كتاب الاستسقاء
باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا
قال الحافظ:
وأوضح من ذلك ما أخرجه البيهقي في الدلائل من رواية مسلم الملائي عن أنس قال جاء رجل أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبي يغط ثم أنشده شعرا يقول فيه وليس لنا إلا إليك فرارنا وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقام يجر رداءه حتى صعد المنبر فقال اللهم اسقنا الحديث
وجدته في الدعاء للطبراني:
2180 حدثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي، ثنا عمي سعيد بن خثيم ثنا مسلم الملائي، عن أنس بن مالك، قال: جاء أعرابي …
قال سيف وصاحبه: هو في الدلائل للبيهقي وأخرجه ابن حبان لكن كلها من طريق مسلم الملائي. قال البخاري: ذاهب الحديث
(إضافة: هذا الحديث مما استنكره ابن عدي
قال المقدسي في تذكرة الحفاظ رواه سعيد بن خثيم بن هلال الكوفي: عن مسلم الملائي، عن أنس، وهذا غير محفوظ.
أورده في ترجمة سعيد هذا. اهـ.
وجاء في الكامل لابن عدي: قال الشيخ وقد روى سعيد هذا الحديث الذي ذكرته وغير ما ذكرت أحاديث ليست بمحفوظة من رواية أحمد بن رشد عنه وسعيد بن خثيم عم أحمد بن رشد ثنا أبو هليل الكوفي ثنا أحمد بن أبي الحسين العامري وثنا أحمد بن نوكرد ثنا أحمد بن رشد ثنا سعيد بن خثيم عن مسلم الملائي عن أنس قال أتى أعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبي يصطبح وأنشده …….. )
…………………………………..
وأما حديث أنس عن عمر فأشار به أيضا إلى ما ورد في بعض طرقه وهو عند الإسماعيلي من رواية محمد بن المثنى عن الأنصاري بإسناد البخاري إلى أنس قال كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا به فيستسقي لهم فيسقون فلما كان في إمارة عمر فذكر الحديث
صحيح ـ ((الإرواء)) (672): خ.
قال سيف وصاحبه: إنما عزى الألباني للبخاري لفظ مقارب. لأن هنا زيادة (فيستسقي) وهي التي تدل على تبويب البخاري وأخرجها ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني.
المهم سندها صحيح مثل سند البخاري
…………………………….
روى عبد الرزاق من حديث ابن عباس أن عمر استسقى بالمصلى فقال للعباس قم فاستسق فقام العباس فذكر الحديث
4913 عن إبراهيم بن محمد، عن حسين بن عبد الله، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن عمر، استسقى بالمصلى، فقال للعباس [ص:93]: قم فاستسق، فقام العباس …
مصنف عبدالرزاق
قال سيف وصاحبه: فيه إبراهيم بن محمد. وهو إبراهيم بن أبي يحيى وقد كذب.
……………………………
وروى بن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان عن مالك الداري وكان خازن عمر قال أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له ائت عمر الحديث
قال الألباني: لا يصح إسناده.
موسوعة الألباني في العقيدة
قال سيف وصاحبه:
1_ علل بعنعة الأعمش.
2_ وإرسال أبي صالح عن بعض الصحابة
3_ وجهالة حال مالك الدار. وغير ذلك
4_ لكن قال باحث: العلة الأكبر عدم معرفة سماع أبي صالح من مالك الدار. ومالك الدار قيل أنه مخضرم.
5_ وكذلك يعلل بالنكارة في متنة حيث ثبت أن عمر استسقى بالعباس.
ونقل أن الثابت أن اعرابيا استسقى فرأى في المنام انكم سقيتم فأخبر عمر. فليس فيه ذكر للقبر. وراجع تحذير الساجد. وبعض تعليقاتنا على الصحيح المسند
وما نقل عن سيف في الفتوح أن هذا الأعرابي هو بلال بن الحارث فسيف متهم بالزندقة. ثم فيها عتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمر انه قصر في الاستسقاء. وهذا تنقص في عمر
وراجع كذلك مفاهيم يجب أن تصحح للشيخ صالح آل الشيخ.
(إضافة: 6_ اعلال الأثر بالإرسال كما سيأتي من كلام الخليلي القزويني فيما يظهر)
(إضافة: نكارة المتن يتبين في عدة أمور مع ما سبق:
1_ لمخالفتها ما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء في مثل هذه الحالات.
2_ ولمخالفتها ما اشتهر وتواتر عن الصحابة والتابعين، إذ ما جاء عنهم أنّهم كانوا يرجعون إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قبر غيره من الأموات عند نزول النوازل واشتداد القحط يستدفعونها بهم وبدعائهم وشفاعتهم
ومالك الدار نقل بعضهم عن ابن سعد والخليلي القزويني وابن حبان توثيقه
ولكن يرد عليهم كالتالي
ابن سعد لم يوثقه انما قال معروف وليس الشرط أن يكون هذا توثيقا له في الحديث ومع ذلك ابن سعد عنده شيء من التساهل
وابن حبان معروف بتساهله في كتابه
والخليلي القزويني قال متفق عليه واثنى عليه التابعون على حسب ما نقله ولا يلزم من هذا أن يكون متفق عليه في الحفظ او الاتقان
ولو قلنا بأن مالكا من الثقات فلا يصح الحديث للعلل السابقة
وهنا نكتة لمن يحتج بكلام الخليلي وهو من الأئمة في العلل والحديث الظاهر أعله الخليلي فقال بعد ذكر الحديث: يقال إن أبا صالح سمع مالك الدار هذا الحديث والباقون ارسلوه اهـ (الارشاد:1/ 314)
…………………………………
وقد بين الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناد له أن العباس لما استسقى به عمر قال اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس
ذكر الأثر الألباني ناقلا له من الفتح مقرا له ولم يتعقبه
التوسل أنواعه وأحكامه
قال سيف وصاحبه: ليس فيه إقرار إنما نقل.
وذكر سنده في المجالسة وتاريخ دمشق وهو من طريق الكلبي.
…………………………………..
وأخرج أيضا من طريق داود عن عطاء عن زيد بن أسلم عن بن عمر قال استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فذكر الحديث
(إضافة: داود هو بن عطاء يروي عن زيد فهنا خطأ [داود عن عطاء عن زيد])
قال الألباني في الإرواء: واهٍـ جدا
قال سيف وصاحبه: هو في الإرواء 672 ونقل عن الذهبي أنه قال داود متروك.
ومثله في الضعيفة (تحت حديث: 4264)
مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى علقه الضياء في المختارة 1697
ونقله العلامة اللباني في الصحيحة 2608
لكنه طبع هكذا “عبد الرحمن بن أبي يعلى”
وهو خطأ من الطابع
هذا الحديث رواه الحكيم الترمذي في “نوادر الأصول” (1/ 283) فقال:
حدثنا أبي رحمه الله حدثنا سعد بن حفص الطلحي عن شيبان عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ: ” أَن نَبِي الله كَانَ فِي سفر، وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا، فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه لَحْمًا، فَقَالَ: (أَو لَيْسَ قد ظللتم من اللَّحْم شباعا؟)، قَالُوا: من أَيْن؟ فوَاللَّه مَا لنا بِاللَّحْمِ عهد مُنْذُ أَيَّام، فَقَالَ: (من لحم صَاحبكُم الَّذِي ذكرْتُمْ)،. قَالُوا: يَا نَبِي الله إِنَّمَا قُلْنَا: وَالله إِنَّه لضعيف مَا يعيننا على شَيْء، قَالَ: (وَذَاكَ فَلَا تَقولُوا)، فَرجع إِلَيْهِم الرجل فَأخْبرهُم بِالَّذِي قَالَ، فجَاء أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا نَبِي الله طأ على صماخي واستغفر لي، فَفعل، وَجَاء عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا نَبِي طأ على صماخي واستغفر لي، فَفعل “.
وهذا إسناد واه (ضعيف جدا):
الحكيم الترمذي رحمه الله ترجمه الحافظ الذهبي في “السير” (13/ 439 441) فقال:
” الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَارِفُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ بِشْر الحَكِيْم التِّرْمِذِيّ.
كَانَ ذَا رحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ وَفضَائِل.
وَلَهُ حَكَم وَمَوَاعِظ وَجَلاَلَة، لَوْلاَ هَفْوَةً بَدَت مِنْهُ.
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ: أَخرَجُوا الحَكِيْم مِنْ تِرْمِذ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالكُفْر، وَذَلِكَ بِسبب تَصنيفه كِتَاب ” ختم الولاَيَة “، وَكِتَاب “علل الشَّرِيْعَة “، وَقَالُوا: إِنَّهُ يَقُوْلُ: إِنَّ للأَوْلِيَاء خَاتماً كَالأَنْبِيَاء لَهُم خَاتم.
وَإِنَّهُ يُفَضِّل الوِلاَيَة عَلَى النُّبُوَّة، وَاحتج بِحَدِيْث: (يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ).
فَقَدِمَ بَلْخ، فَقَبِلُوهُ لموَافقته لَهُم فِي المَذْهَب ” انتهى ملخصا.
وأبوه لم نقف له على ترجمة، وقد تفرد بهذا الحديث عن سعد بن حفص، وهو ثقة روى عنه الحفاظ كالبخاري والذهلي والدوري والدارمي وغيرهم، فانفراد علي بن الحسن والد الحكيم الترمذي عنه بهذا الحديث مما يدل على أنه غير محفوظ.
ويحيى بن أبي كثير من صغار التابعين، من الطبقة الخامسة عند الحافظ، وهم الذين رأوا الواحد والاثنين من الصحابة، ولم يثبت لهم سماع من أحد منهم، وهو ثقة، لكنه يدلس ويرسل.
“التقريب” (ص596)
فهذا إسناد واهٍ لا يصلح ولا في الشواهد.
وقد روى هذا الحديث الخرائطي في “مساوئ الأخلاق” (ص: 95) والضياء في “المختارة” (1697) من طريق عَبَّاد بْن الْوَلِيدِ بْنِ الْغُبَرِيِّ: ثنا حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ” كَانَتِ الْعَرَبُ يَخْدُمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْأَسْفَارِ، وَكَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَجُلٌ يَخْدُمُهُمَا، فَنَامَ، وَاسْتَيْقَظَا وَلَمْ يُهَيِّئْ طَعَامًا، فَقَالَا: إِنَّ هَذَا لَنَؤومٌ، فَأَيْقَظَاهُ فَقَالَا: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يُقْرِآنِكَ السَّلَامَ، وَهُمَا يَسْتَادِمَانِكَ. فَأَتَاهُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَخْبِرْهُمَا أَنَّهُمَا قَدِ ائْتَدَمَا)، فَفَزِعَا، فَجَاآ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثْنَا نَسْتَادِمُكَ، فَقُلْتَ: ائْتَدَمَا، فَبِأَيِّ شَيْءٍ ائْتَدَمْنَا؟ فَقَالَ: (بِأَكْلِكُمَا لَحْمَ أَخِيكُمَا، إِنِّي لَأَرَى لَحْمَهُ بَيْنَ ثَنَايَاكُما)، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرْ لَنَا، قَالَ: (هُوَ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمَا).
قال الشيخ الألباني رحمه الله في “الصحيحة” (2608):
” وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير أبي بدر الغبري، قال أبو حاتم وتبعه الحافظ: ” صدوق “، وذكره ابن حبان في ” الثقات “، وروى عنه جمع من الحفاظ الثقات، وقد توبع، فقال الضياء عقبه: ” وقد رواه عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ” أن العرب كانت تخدم بعضهم بعضا في الأسفار … ” فذكره ” انتهى.
والذي ذكره الضياء معلقا، وصله أبو القاسم الأصبهاني في “الترغيب والترهيب” (2231) من طريق جعفر بن محمد الصائغ، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، ثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به مرسلا.
وعفان ثقة حافظ متقن، من رجال الشيخين، وهو من أوثق الناس في حماد بن سلمة، قال يحيى بن معين: من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة، فعليه بعفان بن مسلم.
“شرح علل الترمذي” (2/ 707)، وراجع: “التهذيب” (7/ 205 209).
فروايته مقدمة على رواية الغبري الذي غاية ما قيل فيه إنه صدوق.
وعلى ذلك فرواية عفان المرسلة تُعِل رواية الغبري الموصولة، ولا تشهد لها.
وللحديث شاهد آخر رواه أبو الشيخ الأصبهاني في “التوبيخ والتنبيه” (249): حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى عَامِرٍ، عن أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: ” زُعِمَ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ مَعَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ يَخْدِمُهُمَا، وَيخِفُّ بِهِمَا، وَيَنَالُ مِنْ طَعَامِهِمَا، وَأَنَّ سَلْمَانَ لَمَّا سَارَ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ، بَقِيَ سَلْمَانُ نَائِمًا، لَمْ يَسِرْ مَعَهُمْ، فَنَزَلَ صَاحِبَاهُ، فَطَلَبَاهُ، فَلَمْ يَجِدَاهُ، فَضَرَبَا الْخِبَاءَ، فَقَالَا: مَا يُرِيدُ هَذَا الْعَبْدُ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ إِلَى طَعَامٍ مُعَدٍّ، وَخِبَاءٍ مَضْرُوبٍ؟ فَلَمَّا جَاءَ سَلْمَانُ، أَرْسَلَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ قَدَحٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثَنِي أَصْحَابِي لِتُؤْدِمَهُمْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ، قَالَ: (مَا يَصْنَعُ أَصْحَابُكَ بِالْأَدَمِ؟ قَدِ ائْتَدَمُوا)، فَرَجَعَ سَلْمَانُ فَأَخْبَرَهُمَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَا: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَصَبْنَا طَعَامًا مُنْذُ نَزَلْنَا، قَالَ: (إِنَّكُمَا قَدِ ائْتَدَمْتُمَا بِسَلْمَانَ بِقَوْلِكُمَا)، فَنَزَلَتْ: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَاكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا) الحجرات/ 12.
قال الألباني:
” هذا مرسل، والسند إليه ضعيف ” انتهى من “الصحيحة” (6/ 107).
والحاصل: أن الحديث ضعيف، لا يصح إلا مرسلا، والرواية الأولى لا تصلح في الشواهد لشدة ضعفها، ورواية الوصل من حديث حماد بن سلمة معلولة بالإرسال، ولعله لذلك قال الحافظ العراقي رحمه الله: ” روي نحوه مرسلا ” انتهى من “تخريج الإحياء” (3/ 180).
والعلم عند الله تعالى.
الجواب:
الحمد لله
هذا الحديث رواه الحكيم الترمذي في “نوادر الأصول” (1/ 283) فقال:
حدثنا أبي رحمه الله حدثنا سعد بن حفص الطلحي عن شيبان عَن يحيى بن أبي كثير رَضِي الله عَنهُ: ” أَن نَبِي الله كَانَ فِي سفر، وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا، فأرسلوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسألونه لَحْمًا، فَقَالَ: (أَو لَيْسَ قد ظللتم من اللَّحْم شباعا؟)، قَالُوا: من أَيْن؟ فوَاللَّه مَا لنا بِاللَّحْمِ عهد مُنْذُ أَيَّام، فَقَالَ: (من لحم صَاحبكُم الَّذِي ذكرْتُمْ)،. قَالُوا: يَا نَبِي الله إِنَّمَا قُلْنَا: وَالله إِنَّه لضعيف مَا يعيننا على شَيْء، قَالَ: (وَذَاكَ فَلَا تَقولُوا)، فَرجع إِلَيْهِم الرجل فَأخْبرهُم بِالَّذِي قَالَ، فجَاء أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا نَبِي الله طأ على صماخي واستغفر لي، فَفعل، وَجَاء عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: يَا نَبِي طأ على صماخي واستغفر لي، فَفعل “.
وهذا إسناد واه (ضعيف جدا):
الحكيم الترمذي رحمه الله ترجمه الحافظ الذهبي في “السير” (13/ 439 441) فقال:
” الإِمَامُ، الحَافِظُ، العَارِفُ، الزَّاهِدُ، أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ الحَسَنِ بنِ بِشْر الحَكِيْم التِّرْمِذِيّ.
كَانَ ذَا رحلَةٍ وَمَعْرِفَةٍ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ وَفضَائِل.
وَلَهُ حَكَم وَمَوَاعِظ وَجَلاَلَة، لَوْلاَ هَفْوَةً بَدَت مِنْهُ.
قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ: أَخرَجُوا الحَكِيْم مِنْ تِرْمِذ، وَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالكُفْر، وَذَلِكَ بِسبب تَصنيفه كِتَاب ” ختم الولاَيَة “، وَكِتَاب “علل الشَّرِيْعَة “، وَقَالُوا: إِنَّهُ يَقُوْلُ: إِنَّ للأَوْلِيَاء خَاتماً كَالأَنْبِيَاء لَهُم خَاتم.
وَإِنَّهُ يُفَضِّل الوِلاَيَة عَلَى النُّبُوَّة، وَاحتج بِحَدِيْث: (يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ).
فَقَدِمَ بَلْخ، فَقَبِلُوهُ لموَافقته لَهُم فِي المَذْهَب ” انتهى ملخصا.
وأبوه لم نقف له على ترجمة، وقد تفرد بهذا الحديث عن سعد بن حفص، وهو ثقة روى عنه الحفاظ كالبخاري والذهلي والدوري والدارمي وغيرهم، فانفراد علي بن الحسن والد الحكيم الترمذي عنه بهذا الحديث مما يدل على أنه غير محفوظ.
ويحيى بن أبي كثير من صغار التابعين، من الطبقة الخامسة عند الحافظ، وهم الذين رأوا الواحد والاثنين من الصحابة، ولم يثبت لهم سماع من أحد منهم، وهو ثقة، لكنه يدلس ويرسل.
“التقريب” (ص596)
فهذا إسناد واهٍ لا يصلح ولا في الشواهد.
وقد روى هذا الحديث الخرائطي في “مساوئ الأخلاق” (ص: 95) والضياء في “المختارة” (1697) من طريق عَبَّاد بْن الْوَلِيدِ بْنِ الْغُبَرِيِّ: ثنا حِبَّانُ بْنُ هِلالٍ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أنبا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ” كَانَتِ الْعَرَبُ يَخْدُمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْأَسْفَارِ، وَكَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَجُلٌ يَخْدُمُهُمَا، فَنَامَ، وَاسْتَيْقَظَا وَلَمْ يُهَيِّئْ طَعَامًا، فَقَالَا: إِنَّ هَذَا لَنَؤومٌ، فَأَيْقَظَاهُ فَقَالَا: ائْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ يُقْرِآنِكَ السَّلَامَ، وَهُمَا يَسْتَادِمَانِكَ. فَأَتَاهُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَخْبِرْهُمَا أَنَّهُمَا قَدِ ائْتَدَمَا)، فَفَزِعَا، فَجَاآ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثْنَا نَسْتَادِمُكَ، فَقُلْتَ: ائْتَدَمَا، فَبِأَيِّ شَيْءٍ ائْتَدَمْنَا؟ فَقَالَ: (بِأَكْلِكُمَا لَحْمَ أَخِيكُمَا، إِنِّي لَأَرَى لَحْمَهُ بَيْنَ ثَنَايَاكُما)، فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَاسْتَغْفِرْ لَنَا، قَالَ: (هُوَ، فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمَا).
قال الشيخ الألباني رحمه الله في “الصحيحة” (2608):
” وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير أبي بدر الغبري، قال أبو حاتم وتبعه الحافظ: ” صدوق “، وذكره ابن حبان في ” الثقات “، وروى عنه جمع من الحفاظ الثقات، وقد توبع، فقال الضياء عقبه: ” وقد رواه عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ” أن العرب كانت تخدم بعضهم بعضا في الأسفار … ” فذكره ” انتهى.
والذي ذكره الضياء معلقا، وصله أبو القاسم الأصبهاني في “الترغيب والترهيب” (2231) من طريق جعفر بن محمد الصائغ، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، ثنا ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به مرسلا.
وعفان ثقة حافظ متقن، من رجال الشيخين، وهو من أوثق الناس في حماد بن سلمة، قال يحيى بن معين: من أراد أن يكتب حديث حماد بن سلمة، فعليه بعفان بن مسلم.
“شرح علل الترمذي” (2/ 707)، وراجع: “التهذيب” (7/ 205 209).
فروايته مقدمة على رواية الغبري الذي غاية ما قيل فيه إنه صدوق.
وعلى ذلك فرواية عفان المرسلة تُعِل رواية الغبري الموصولة، ولا تشهد لها.
وللحديث شاهد آخر رواه أبو الشيخ الأصبهاني في “التوبيخ والتنبيه” (249): حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى عَامِرٍ، عن أَسْبَاطٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: ” زُعِمَ أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ مَعَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ يَخْدِمُهُمَا، وَيخِفُّ بِهِمَا، وَيَنَالُ مِنْ طَعَامِهِمَا، وَأَنَّ سَلْمَانَ لَمَّا سَارَ النَّاسُ ذَاتَ يَوْمٍ، بَقِيَ سَلْمَانُ نَائِمًا، لَمْ يَسِرْ مَعَهُمْ، فَنَزَلَ صَاحِبَاهُ، فَطَلَبَاهُ، فَلَمْ يَجِدَاهُ، فَضَرَبَا الْخِبَاءَ، فَقَالَا: مَا يُرِيدُ هَذَا الْعَبْدُ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ إِلَى طَعَامٍ مُعَدٍّ، وَخِبَاءٍ مَضْرُوبٍ؟ فَلَمَّا جَاءَ سَلْمَانُ، أَرْسَلَاهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ قَدَحٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثَنِي أَصْحَابِي لِتُؤْدِمَهُمْ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ، قَالَ: (مَا يَصْنَعُ أَصْحَابُكَ بِالْأَدَمِ؟ قَدِ ائْتَدَمُوا)، فَرَجَعَ سَلْمَانُ فَأَخْبَرَهُمَا فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَا: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَصَبْنَا طَعَامًا مُنْذُ نَزَلْنَا، قَالَ: (إِنَّكُمَا قَدِ ائْتَدَمْتُمَا بِسَلْمَانَ بِقَوْلِكُمَا)، فَنَزَلَتْ: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَاكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا) الحجرات/ 12.
قال الألباني:
” هذا مرسل، والسند إليه ضعيف ” انتهى من “الصحيحة” (6/ 107).
والحاصل: أن الحديث ضعيف، لا يصح إلا مرسلا، والرواية الأولى لا تصلح في الشواهد لشدة ضعفها، ورواية الوصل من حديث حماد بن سلمة معلولة بالإرسال، ولعله لذلك قال الحافظ العراقي رحمه الله: ” روي نحوه مرسلا ” انتهى من “تخريج الإحياء” (3/ 180).