32 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري كما في كتاب الإيمان من صحيحه:
(23) بَابٌ: ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ
32 – حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح قَالَ: وحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ العَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا} [الأنعام: 82] إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الشِّرْكَ} [لقمان: 13] لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
———–
فوائد الباب:
1- قوله ( ظلم دون ظلم) عَنْ عَطَاءٍ – هو ابن أبي رباح- قَوْلَهُ: “فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون” قال: ظُلْمٌ دون ظلم. أخرجه الأئمة – أحمد بن حنبل في الإيمان له وإسماعيل القاضي في أحكام القرآن له كما نقله السخاوي في المقاصد الحسنة – ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة 575 وابن جرير الطبري في تفسيره 12047-12051 وابن أبي حاتم في تفسيره 6452 قال العلامة الألباني كما في السلسلة الصحيحة ضمن تخريج الحديث 2552 إسناده صحيح.
2- قَالَ محمد بن نصر المروزي :” قَالُوا: وَقَدْ صَدَقَ عَطَاءٌ قَدْ يُسَمَّى الْكَافِرُ ظَالِمًا، وَيُسَمَّى الْعَاصِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ظَالِمًا، فَظُلْمٌ يَنْقُلُ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، وَظُلْمٌ لَا يَنْقُلُ. قَالَ اللَّهُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] وَقَالَ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]” كما في تعظيم قدر الصلاة
3- حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي في السنن الكبرى.
4- أخرج له في الصحيحين مائة وعشرون حديثًا، المتفق عليه منها أربعة وستون، وانفرد البخاري بواحد وعشرين، ومسلم بخمسة وثلاثين. قاله ابن هبيرة ( ت 560 ه) كما في الإفصاح عن معاني الصحاح له.ووافقه ابن الملقن في التوضيح وزاد روي له ثمانمائة حديث أي في كتب الحديث وليس فقط في الصحيحين.
5- قوله : لَمَّا نَزَلَتْ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } [الأنعام: 82] ، وزاد بعدها البخاري والترمذي من طريق عيسى بن يونس ” شَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِين” وعند البخاري من طريق جرير ومسلم من طريق عبد الله بن إدريس وأبي معاوية ووكيع” عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”.
6- قولهم رضي الله عنهم (أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟) وعند البخاري من طريق حفص بن غياث ” قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟”
7- زاد البخاري من طريق حفص بن غياث ” قَالَ: ” لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] بِشِرْكٍ” وعند البخاري من طريق وكيع وكذا مسلم من طريق وكيع وغيره معه ” لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ”.
8- قوله : فأنزل عز وجل {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: 13] وعند البخاري من طريق حفص بن غياث ” أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ”
9- قال تعالى (وَمَا یُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ)[سورة يوسف 106] هذه صورة من صور من يلبس إيمانه بشرك. قال قتادة : إنك لست تلقى أحدًا منهم إلا أنبأك أن الله ربه ، وهو الذي خلقه ورزقه، وهو مشرك في عبادته. أخرجه الطبري في تفسيره 19967 بإسناد صحيح وأخرج نحوه أيضا عن مجاهد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم
10- زاد أبو عوانة في مستخرجه من طريقين – أحدهما طريق أبي الوليد شيخ المصنف فيه – عن شعبة “فطابت أنفسنا” .
11- “لما علم أن بعض أنواع الظلم كفر وبعضها ليس بكفر فبعضها دون بعض ضرورة” قاله الكرماني في الكواكب الدراري. قلت : فثبت أن ضده وهو العدل من خصال الإيمان وشعبه ويتفاوت فيه الناس أيضا.
12- “فيه أن تمام الإيمان بالعمل ، وأن المعاصي ينقص بها الإيمان ، ولا يخرج صاحبها إلى الكفر ، والناس مختلفون في ذلك على قدر صغر المعاصي وكبرها” قاله ابن بطال في شرحه.
13- وفي هذا دلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ على أَنَّ الظُّلْمَ الذي هو دُونَ الشِّركِ، لا يَبْلُغ مَبْلَغ الشِّرْكِ في سَلْبِ الأَمْنِ والاهْتِدَاء عَن صَاحِبِه، وإذا لَم يَسْلُبْه الأمْنَ المَوعُود والاهتداء، دَخَل تَحْتَ قَوْلِه تعالى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] قاله البيهقي في البعث والنشور.
ووضع ابن حجر إشكال : فإن قيل : فالعاصي قد يعذب فما هو الأمن والإهتداء الذي حصل له ؟ فالجواب أنه آمن من التخليد في النار ، مهتد إلى طريق الجنة . والله أعلم .
14- “الظُّلْمُ أَنْوَاعٌ، مِنْهَا: الشِّرْكُ، وَهُوَ أَعْظَمُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]” قاله أبو بكر الكلاباذي ( ت 380 ه) كما في بحر الفوائد له، وقال الخطابي كما في أعلام الحديث “أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ومن أشرك بالله وجعل الربوبية مستحقة لغيره، أو عدل به شيئا، واتخذ معه ندا فقد أتى بأعظم الظلم، ووضع الشيء في غير موضعه ومستقره”.
15- وأكده ابن هبيرة فقال “أما كون الشرك ظلمًا، فإنه من حيث أن الله سبحانه هو المنعم؛ فإذا أشرك عبده معه غيره فقد جاء بظلم عظيم”. كما في الإفصاح له.
16- ترجم عليه ابن حبان في صحيحه بقوله ” ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الظُّلْمِ عَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا”.
17- قال ابن عبد البر كما في الاستذكار له ” الظُّلْمُ مُحَرَّمٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَقَدْ أَتَى الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ فِي الظَّالِمِينَ بِمَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَنْ فَقِهَهُ عَنْ قَلِيلِ الظُّلْمِ وَكَثِيرِهِ مُنْتَهِيًا وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ يَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ بَعْضُهَا أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ… وَأَعْظَمُهَا الشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لُقْمَانَ 13، وَقَالَ (وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا) طه 111
ر 18- وفي حديث الباب من الفقه أن المفسر يقضي على المجمل قاله ابن بطال
19- وقد احتج بالحديث من قال الكلام حكمه العموم حتى يأتي دليل الخصوص قاله ابن بطال، أي فيقضي على العام
20- فيه المبادرة إلى السؤال عند الاستشكال للامتثال بالجواب.
21- فيه الحذر من الشرك .
22 – قال ابن رجب في الفتح 1/144 :
معنى هذا: أن الظلم يختلف: فيه ظلم، ينقل عن الملة كقوله تعالى ( وَٱلۡكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ)[سورة البقرة 254] فإن الظلم وضع الشيء في غير موضعه، وأعظم ذلك: أن يوضع المخلوق في مقام الخالق ويجعل شريكا له في الربوبية وفي الإلهية سبحانه وتعالى عما يشركون. وأكثر ما يرد في القرآن وعيد الظالمين يراد به الكفار كقوله تعالى (وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعۡمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَۚ )
[سورة إبراهيم 42]، وقوله (وَتَرَى ٱلظَّـٰلِمِینَ لَمَّا رَأَوُا۟ ٱلۡعَذَابَ یَقُولُونَ هَلۡ إِلَىٰ مَرَدࣲّ مِّن سَبِیلࣲ)
[سورة الشورى 44] ومثل هذا كثير.
ويراد بالظلم: ما لا ينقل عن الملة، كقوله تعالى ( فَمِنۡهُمۡ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدࣱ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَ ٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ)[سورة فاطر 32] وقوله ( وَمَن یَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ)
[سورة البقرة 229] [البقرة: 229] .
وحديث ابن مسعود هذا صريح في أن المراد بقوله تعالى (ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَلَمۡ یَلۡبِسُوۤا۟ إِیمَـٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ)
[سورة الأنعام 82] أن الظلم هو الشرك، وجاء في بعض رواياته زيادة: قال ” إنما هو الشرك ” اهــ
23 – قال ابن باز في الحلل الإبريزية 1/21 :
(1) الظلم ثلاثة أنواع:
1 – الشرك فلا أمن ولا هداية، وهو الظلم الأكبر.
2 – ظلم النفس بالمعاصي كالزنا والخمر.
3 – ظلم الناس.
وهذان يضعفان الأمن ولا يسلبانه.
فمن سلم من الظلم فله الأمن الكامل والهداية الكاملة، ومن ظلم ظلمًا أصغر فله مطلق الأمن والهداية وهما ناقصان، فالكامل له الأمن الكامل والهداية التامة (الأمن المطلق) والناقص له أمن ناقص وهداية ناقصة (مطلق الأمن). اهــ
24 – إشكال وجوابه : ورد أثر عن ابن مسعود يستدل به بعض الناس على تكفير الحاكم والقاضي الذي يحكم بغير ما أنزل الله ويعتبرونه مخالف لتفسير ابن عباس وغيره في الآيات مع أن ابن مسعود لم يذكر أنه كفر مخرج من الملة وإليك الأثر وكلام أهل العلم :
– سأل رجل عبد الله بن مسعود عن السحت،؟ فقال ابن مسعود: ” الرشا، فقال الرجل: الرشوة في الحكم؟ قال ابن مسعود: لا، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} [المائدة: 45] ، {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} [المائدة: 47] ”
روي عن ابن مسعود من طرق بعضها مطولا وبعضها مختصرا :
(1) طريق أبي الأحوص عنه.
أخرجه سعيد بن منصور في تفسيره 740 ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير 9100 ، وأخرجه أبو بكر الضبي الملقب بوكيع في أخبار القضاة 1/52 من طريق حماد بن يحيى، عن أبي إسحاق، عنه به فيه أبو إسحق وهو السبيعي مدلس وقد اختلط ولم يذكر حماد بن يحيى فيمن روى عنه قبل الاختلاط.
(2) طريق زِرّ بن حُبيش عنه.
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 14664 وابن أبي شيبة في مصنفه 22532 والطبري في تفسيره 11945 و 11952 وابن أبي حاتم في تفسيره 6381 والطبراني في المعجم الكبير 9099 من طرق عن سفيان – هو الثوري- عن عاصم، عن زر، عن عبد الله:” أكالون للسحت”، قال: “السُّحت”، الرشوةُ. وزاد بعضهم الرشوة في الدين، زاد عبد الرزاق ((قال سفيان: يعني في الحكم)). إسناده حسن من أجل عاصم هو ابن أبي النجود.
(3) طريق مسروق عن ابن مسعود به
أخرجه سعيد بن منصور في تفسيره 741 عن سُفْيَانُ، عَنْ (عمَّار) الدُّهْني، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، عَنْ مَسْروق به
تابعه شعبة، عن عمار الدُّهني أخرجه الطبري في تفسيره 11950والطبراني في الدعاء 2102
تابعه منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق به أخرجه الطبري في تفسيره 11949 والطبراني في الدعاء 2103 وابن بطة في الإبانة الكبرى 1013 من طريق شعبة عن منصور به وأخرجه أيضا 11951 من طريق شعبة عن منصور وسليمان الأعمش به. تابعه معمر والثوري عن منصور به وفيه قصة أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 14666تابعه فطر عن منصور به أخرجه مسدد في مسنده كما قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة 4903
وأبو يعلى الموصلي كما قاله البوصيري أيضا
تابعه عامر عن مسروق به أخرجه الطبري في تفسيره 11948 وابن بطة في الإبانة الكبرى 1003 من طريق وكيع عن حريث عن عامر به
تابعه حكيم بن جبير، عن سالم بن أبي الجعد به أخرجه الطبري في تفسيره 11958 والطبراني في المعجم الكبير 9101 وابن بطة في الإبانة الكبرى 1004
(4) عن علقمة، والأسود، أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة، فقال: ” هي السحت. قالا: أفي الحكم ذلك؟ قال: ذلك الكفر. ثم تلا هذه الآية: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 44] ” أخرجه الخلال في السنة 1412 من طريق الإمام أحمد قال: ثنا هشيم، قال: ثنا عبد الملك [ص:158] بن أبي سليمان، عن سلمة بن كهيل به
تابعه زياد بن أيوب الطوسي ثتا هشيم به أخرجه ابن بطة في الإبانة 1002 لكنه قال عن علقمة ومسروق بدلا من علقمة والأسود
تابع زيادا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم به أخرجه الطبري في تفسيره 12061 قلت رجاله رجال الصحيح
قال ابن بطة في الإبانة الكبرى:
باب ذكر الذنوب التي تصير بصاحبها إلى كفر غير خارج عن الملة وذكر أثر ابن مسعود وحديث سباب المسلم فسوق وقتاله كفر في ضمن أحاديث أخر.
وترجم عليه البوصيري في الاتحاف فقال- باب التشديد في أخذ الرشوة وفي إعطائها على إبطال الحق
قال الإمام سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق:
قال عكرمة في قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ان من عرف بقلبه انه حكم الله ولم يقر بلسانه ولم ينقد إليه بقلبه بل جحده فقد كفر كفراً لا إيمان معه وأن من اعترف بقلبه وأقر بلسانه أنه حكم الله ولكنه أخطأ الصواب وأتى بما يضاده من مسائل الفروع التي ليس لها تعلق بالأصل من غير استحلال فلا يدخل في الكفر الحقيقي.
وقد سأل علقمة ومسروق ابن مسعود عن الرشوة في الحكم أهي من السحت فقال: ذاك الكفر ثم تلا {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: ومن لم يحكم بما أنزل الله الآية قال من لم ينقد إليه بقلبه ولم يقر بلسانه كفر كفراً حقيقياً، ومن أقر به وانقاد إليه ولكنه لم يحكم به ظاهراً فهو ظالم فاسق. رواه ابن جرير
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» متفق عليه
قال الطحاوي كما في شرح مشكل الآثار:
قَوْلُهُ ” وَقِتَالُهُ كُفْرٌ ” لَيْسَ عَلَى الْكُفْرِ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَكُونَ بِهِ مُرْتَدًّا، وَلَكِنَّهُ عَلَى تَغْطِيَتِهِ بِهِ إيَّاهُ وَاسْتِهْلَاكٍ بِهِ إيَّاه
وترجم عليه ابن حبان في صحيحه فقال
ذكر الزجر عن سب المسلم وقتاله
قال البغوي في شرح السنة :
“قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»، وَإِنَّمَا هُوَ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ”.
وقال الألباني كما في كتاب حكم تارك الصلاة
ثم قال – رحمه الله – بعد أن ذكر الحديث الصحيح: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر))
(ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد الكفر العملي لا الاعتقادي وهذا الكفر لا يخرجه من الدائرة الإسلامية والملة بالكلية كما لم يخرج الزاني والسارق من الملة وإن زال عنه اسم الإيمان
وهذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله وبالإسلام والكفر ولوازمهما)
ثم ذكر الأثر المعروف عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: [ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون] قال: (ليس بالكفر الذي يذهبون إليه)
(قلت: زاد الحاكم: (إنه ليس كفرا ينقل عن الملة كفر دون كفر) وصححه هو (2 / 313) والذهبي
وهذا قاصمة ظهر جماعة التكفير وأمثالهم من الغلاة)
وقال العلامة الألباني كما في فتنة التكفير : وخلاصة القول: إن قوله صلى الله عليه وسلم] . . . وقتاله كفر [لا يعني – مطلقا – الخروج عن الملة
والأحاديث في هذا كثيرة جدا فهي – جميعا – حجة دامغة على أولئك الذين يقفون عند فهمهم القاصر للآية السابقة ويلتزمون تفسيرها بالكفر الاعتقادي
فحسبنا الآن هذا الحديث لأنه دليل قاطع على أن قتال المسلم لأخيه المسلم هو كفر بمعنى الكفر العملي وليس الكفر الاعتقادي. انتهى
ونقل ابن بطال عن إبراهيم النخعي أنه قال : كان يقال : السحت الرشوة في الحكم وعن عكرمة مثله
وعن ابن سيرين قال كان يقال السحت الرشوة في الحكم
والبيهقي أخرج أثر ابن مسعود في سننه 10/ 139 كتاب آداب القاضي باب التشديد في أخذ الرشوة وفي إعطائها على إبطال حق
وقال الزرقاني : في عرض اليهود رشوة على عبدالله بن رواحة أخرجه مالك في الموطأ : فيه أن ما يأخذه الحاكم أو الشاهد على الحكم بالحق أو الشهادة به رشوة وكل رشوة سحت وكل سحت حرام لا يحل للمسلم أكله بلا خلاف بين المسلمين .
وغالبا البخاري يعرف هذا الأثر عن ابن مسعود فأرورد في الباب عن ابن مسعود حديث التفريق بين أنواع الظلم .
25- قوله (حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هو هشام بن عبد الملك الطيالسي تابعه محمد بن جعفر كما في الإسناد الثاني هنا، تابعه ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ كما عند البخاري 4629 تابعه أبو داود الطيالسي كما في مسنده 268 ومن طريقه ابن مندة في الإيمان 266
26- قوله (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) وعند ابن مندة ” قال لي الأعمش أَلَا أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا جَيِّدًا” تابعه حفص بن غياث كما عند البخاري 3360 تابعه عيسى بن يونس كما عند البخاري 3429 والترمذي 3067 والنسائي في السنن الكبرى 11501، تابعه جرير كما عند البخاري 4776 تابعه وكيع كما عند البخاري 6937ومسلم 197 تابعه عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ كما عند مسلم 197، تابعه أَبُو مُعَاوِيَةَ كما عند مسلم 197 تابعه علي بن مسهر كما عند مسلم 198 تابعه أبان بن تغلب كما عند مسلم 198 تابعه عبد الله بن نمير كما عند ابن مندة في الإيمان 265 تابعه محاضر بن المورع كما عند البغوي في شرح السنة 40 تابعه عبد الواحد بن زياد أخرجه أبو عوانة في مستخرجه 216 تابعه سفيان الثوري مختصرا كما عند أبي عوانة في مستخرجه 213.
27- قوله (عَنْ سُلَيْمَانَ) هو ابن مهران المشهور بالأعمش، وعند البخاري من طريق حفص بن غياث وكذا من طريق عيسى بن يونس ” حدثنا الأعمش” وعند مسلم من طريق ابن إدريس ” سمعته منه” أي من الأعمش.
28- قوله ( عن إبراهيم) وعند البخاري من طريق حفص بن غياث ” حدثني إبراهيم” وعند ابن مندة من طريق شعبة ” سمعت إبراهيم”، وعند الطيالسي في مسنده عن شعبة وفيه ” حدثني إبراهيم”
29- قوله (عن علقمة) وعند أبي داود الطيالسي في مسنده ” حَدَّثَنِي عَلْقَمَة” قال البغوي “هُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ أَبُو شِبْلٍ، كُوفِيٌّ، مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: هُوَ عَمُّ أُمِّ إِبْرَاهِيم” أي الراوي عنه في هذا الحديث
30- قوله (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) وعند أبي داود الطيالسي ” عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُود” ، وإذا وجدنا في الإسناد الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله هكذا فهو ابن مسعود، وهذا الإسناد يعد في أصح الأسانيد.