بيان الوسيلة في آيات القرآن الكريمة
جمع سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
————–
قال تعالى
قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) سورة المؤمنين
قاله نوح عليه الصلاة والسلام
فتوسل نوح عليه الصلاة والسلام بأسماء الله وكذلك كان دعاؤه من أجل إقامة الدين. وهو قد قام بالدعوة غير متهاون بل استعان بربه وبذل جهده. وتوسل بأنه وحيد أمام أهل التكذيب فما آمن معه إلا قليل. ولما كانوا مستضعفين استعمل صيغة الإفراد فهي أظهر في الافتقار.
قال ابن جرير:
وقوله: {فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ}
يقول: فتلبثوا به، وتنظروا به حتى حين، يقول: إلى وقت مَّا، ولم يَعْنُوا بذلك وقتا معلوما، إنما هو كقول القائل: دعه إلى يوم مَّا، أو إلى وقت مَّا، وقوله: {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} يقول: قال نوح داعيا ربه، مستنصرا به على قومه؛ لما طال أمره وأمرهم، وتمادوا في غيهم: {رَبِّ انْصُرْنِي} على قومي {بِمَا كَذَّبُونِ} يعني بتكذيبهم إياي، فيما بلَّغتُهم من رسالتك، ودعوتهم إليه من توحيدك. انتهى
قال ابن كثير:
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ يَسْتَنْصِرُهُ عَلَى قَوْمِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا [عَنْهُ] ((1)) فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [الْقَمَرِ: (10)]، وَقَالَ هَاهُنَا: {[قَالَ] ((2)) رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِصَنْعَةِ السَّفِينَةِ وَإِحْكَامِهَا وَإِتْقَانِهَا، وَأَنْ يَحْمِلَ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، أَيْ: ذَكَرًا وَأُنْثَى مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنَ الْحَيَوَاناتِ وَالنَّبَاتَاتِ وَالثِّمَارِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنْ يَحْمِلَ فِيهَا أَهْلَهُ {إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} أَيْ: سَبَقَ فِيهِ الْقَوْلُ مِنَ اللَّهِ بِالْهَلَاكِ، وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ مِنْ أَهْلِهِ، كَابْنِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال البقاعي:
{قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} [المؤمنون (26)]
فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَما قالَ؟ فَقِيلَ: {قالَ} عِنْدَما أيِسَ مِن فَلاحِهِمْ: {رَبِّ انْصُرْنِي} أيْ أعِنِّي عَلَيْهِمْ {بِما كَذَّبُونِ} أيْ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمْ لِي، فَإنَّ تَكْذِيبَ الرَّسُولِ اسْتِخْفافٌ بِالمُرْسَلِ
قال السعدي:
{قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} [المؤمنون (26)]
فلما رأى نوح أنه لا يفيدهم دعاؤه إلا فرارا {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} فاستنصر ربه عليهم، غضبا لله، حيث ضيعوا أمره، وكذبوا رسوله وقال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} قال تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ}
وتوسل أيضا بصدق وعده سبحانه في إنجاز تعذيبهم
قال البيضاوي:
{قالَ} بَعْدَ ما أيِسَ مِن إيمانِهِمْ. {رَبِّ انْصُرْنِي} بِإهْلاكِهِمْ أوْ بِإنْجازِ ما وعَدْتَهم مِنَ العَذابِ. {بِما كَذَّبُونِ} بَدَلَ تَكْذِيبِهِمْ إيّايَ أوْ بِسَبَبِهِ.