بيان الوسيلة في آيات القرآن الكريمة
سورة النساء الآية 75: قال تعالى
رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75).سورة النساء
قال ابن الجوزي:
قَوْلُهُ تَعالى: {واجْعَلْ لَنا مِن لَدُنْكَ ولِيًّا} قالَ أبُو سُلَيْمانَ: سَألُوا اللَّهَ ولِيًّا مِن عِنْدِهِ يَلِي إخْراجَهم مِنها
قال ألآلوسي:
قال تعالى {واجْعَلْ لَنا مِن لَدُنْكَ ولِيًّا} يَلِي أمْرَنا حَتّى يُخَلِّصَنا مِن أيْدِي الظَّلَمَةِ، وكِلا الجارَّيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِـ (اجْعَلْ) لِاخْتِلافِ مَعْنَيْهِما، وتَقْدِيمُهُما عَلى المَفْعُولِ الصَّرِيحِ لِإظْهارِ الِاعْتِناءِ بِهِما، وإبْرازِ الرَّغْبَةِ في المُؤَخَّرِ بِتَقْدِيمِ أحْوالِهِ، وتَقْدِيمُ اللّامِ عَلى (مِن) لِلْمُسارَعَةِ إلى إبْرازِ كَوْنِ المَسْؤُولِ نافِعًا لَهم مَرْغُوبًا فِيهِ لَدَيْهِمْ، وجُوِّزَ أنْ يَكُونَ (مِن لَدُنْكَ) مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وقَعَ حالًا مِن (ولِيًّا) وكَذا الكَلامُ في قَوْلِهِ تَعالى:
{واجْعَلْ لَنا مِن لَدُنْكَ نَصِيرًا}.
في التفسير الميسر: وما الذي يمنعكم -أيها المؤمنون- عن الجهاد في سبيل نصرة دين الله، ونصرة عباده المستضعفين من الرجال والنساء والصغار الذين اعتُدي عليهم، ولا حيلة لهم ولا وسيلة لديهم إلا الاستغاثة بربهم، يدعونه قائلين: ربنا أخرجنا من هذه القرية -يعني “مكة “- التي ظَلَم أهلها أنفسهم بالكفر والمؤمنين بالأذى، واجعل لنا من عندك وليّاً يتولى أمورنا، ونصيرًا ينصرنا على الظالمين؟
قال السعدي:
فهم يدعون الله أن يخرجهم من هذه القرية الظالم أهلها لأنفسهم بالكفر والشرك، وللمؤمنين بالأذى والصد عن سبيل الله، ومنعهم من الدعوة لدينهم والهجرة. ويدعون الله أن يجعل لهم وليًّا ونصيرًا يستنقذهم من هذه القرية الظالم أهلها، فصار جهادكم على هذا الوجه من باب القتال والذب عن عيلاتكم وأولادكم ومحارمكم، لا من باب الجهاد الذي هو الطمع في الكفار، فإنه وإن كان فيه فضل عظيم ويلام المتخلف عنه أعظم اللوم، فالجهاد الذي فيه استنقاذ المستضعفين منكم أعظم أجرًا وأكبر فائدة، بحيث يكون من باب دفع الأعداء.