(بحث مجموع من أجوبة الإخوة وممن شارك الأخ أحمد بن علي)
[جمعها الأخ؛ سيف الكعبي]
كتاب الجنائز
بحث عن حديث أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) رواه مسلم والاربعه
مسألة: حكم التلقين وكيفيته؟
ومسألة: تلقين الكافر؟
قال السخاوي في مؤلفه في التلقين: وهو عند ابن حبان من حديث أبي هريرة، وفيه من الزيادة قوله «فإنه من كان آخر كلامه عند الموت لا إله إلا الله دخل الجنة يوماً من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه» وعند الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعاً «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه ليس من مسلم يقولها عند الموت إلا نجته» وجاء كذلك من طرق عديدة
قال العراقي في «شرح الترمذي» في قوله لقنوا موتاكم: هل الأولى حمله على الحقيقة؛ فيكون المراد به تلقين الميت بعد الموت؛ لأن إطلاق اسم الميت عليه قبل موته مجاز؛ والحقيقة مقدمة على المجاز، أو الأولى حمله على المجاز؛ لما دل عليه لفظ حديث أبي هريرة عند ابن حبان «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» فإن هذا يدل على تلقين المحتضر وهو قرينة صارفة للفظ عن الحقيقة وعليه حمله المصنف: يعني الترمذي وغيره.
ومذهب الشافعية التلقين بعد الموت. انتهى كلام السخاوي
قلت: حديث أبي هريرة الراجح فيه الوقف، ثم إن محمد بن إسماعيل الفارسي زاد زيادة لم يذكرها غيره راجع علل الدارقطني 11/ 240، والحديث ضمن ترجمته في اللسان. (تحقيق كشف الاستار حديث رقم 3)
وحديث ابن عباس فيه انقطاع، لكن ورد عن عدة من الصحابة لعلها بمجموعها تحسن وراجع تحقيق المسند 17/ 19
ويشهد لمعناها حديث حسن وهو ما أخرجه الإمام أحمد 1386 – حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ رَأَىهُ كَئِيبًا، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَئِيبًا؟ لَعَلَّهُ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ – يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ – قَالَ: لَا. وَأَثْنَى عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” كَلِمَةٌ لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلا فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ، وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ ” فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إِنِّي لَأَعْلَمُهَا. فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ” هَلْ تَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ؟ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: هِيَ وَاللهِ هِيَ.
وراجع البدر المنير 12/ 475 وما بعدها
أما رواية مسلم فهي (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله) وبوب عليه النووي؛ تلقين الموتى لا اله الا الله وأورد مسلم في هذا الباب تلقين النبي صلى الله عليه وسلم الشهادتين، فيجتمع من الحديثين أن التلقين للمسلم يكون قبل الموت.
قلت: ومما يدل أن التلقين قبل الموت ما
أخرجه مسلم من حديث أبي ذر قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة».
تنبيه: ورد حديث ضعيف في التلقين بعد الموت فعن أبي أمامة مرفوعا: (ليقم أحدكم على رأس قبره وليقل: يا فلان ابن فلانة … ) قال أحمد: ما رأيت أحدا فعل هذا إلا أهل الشام
وقد حكى السيوطي في ” الحاوي ” اتفاقَ المحدثين على تضعيف الحديثِ فقال: ” لم يثبت فيه حديثٌ صحيحٌ ولا حسنٌ بل حديثهُ ضعيفٌ باتفاقِ المحدثين “.ا. هـ. وراجع السلسلة الضعيفة 599
فائدة: استحباب عيادة المريض وما يستحب عند المريض والمحتضر
يعرض عليه لا إله إلا الله ويكون ذلك في لطف ومداراة ولا يكرر عليه ولا يضجره إلا أن يتكلم بشيء فيعيد تلقينه لتكون لا إله إلا الله آخر كلامه نص على هذا أحمد، وروي عن عبد الله بن المبارك أنه لما حضره الموت جعل رجل يلقنه لا إله إلا الله فأكثر عليه فقال له عبد الله: إذا قلت مرة فأنا على ذلك ما لم أتكلم قال الترمذي: إنما أراد عبد الله ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: [من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة] رواه أبو داود بإسناده وروى سعيد بإسناده [عن معاذ بن جبل لما حضرته الوفاة قال: أجلسوني فلما أجلسوه قال: كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم كنت أخبؤها ولولا ما حضرني من الموت ما اخبرتكم بها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: من كان آخر قوله عند الموت لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا هدمت ما كان قبلها من الخطايا والذنوب فلقنوها موتاكم) فقيل يا رسول الله فكيف هي للأحياء؟ قال: (هي أهدم وأهدم)
قلت: وهذا ضعيف أخرجه أبو يعلى فيه فرج بن فضاله ضعيف واختلاط العلاء والانقطاع بين مكحول ومعاذ لكن ورد عند أبي داود وأحمد عن معاذ مرفوعا (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) وفي بعض رواته جهاله لكن يشهد له ما سبق ذكرناه من الأحاديث (وراجع المطالب العالية 9/ 191)
قال النووي في شرح مسلم:
لقنوا موتاكم لا إله إلا الله معناه من حضره الموت والمراد ذكروه لا إله إلا الله لتكون آخر كلامه … وأجمع العلماء على هذا التلقين وكرهوا الإكثار عليه والموالاة لئلا يضجر بضيق حاله وشدة كربه فيكره ذلك بقلبه ويتكلم بما لا يليق قالوا وإذا قالها مرة لا يكرر عليه إلا أن يتكلم بعده بكلام آخر فيعاد التعريض به ليكون آخر كلامه ويتضمن الحديث الحضور عند المحتضر لتذكيره وتأنيسه وإغماض عينيه والقيام بحقوقه وهذا مجمع عليه. اهـ وراجع المغني 3/ 363
قلت: والتلقين يكون كذلك بأمره لحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار فقال (يا خال قل: لا إله إلا الله … ) أخرجه أحمد3/ 152 وهو في الصحيح المسند 37، وانظر أحكام الجنائز ص20
تنبيه: والمراد “بموتاكم”: موتى المسلمين. وأما موتى غيرهم، فيعرض عليهم الإسلام، كما عرضه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم على عمه عند السياق. كما في البخاري 1360، ومسلم 24، وعلى الذمي الذي كان يخدمه، فعاده وعرض عليه الإسلام فأسلم. أخرجه البخاري 1356
تتمه: وقد وردت أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة أن مجرد قوله: لا إله إلا الله من موجبات دخول الجنة من غير تقييد بحال الموت، فبالأولى أن توجب ذلك إذا قالها في وقت لا تتعقبه معصية.
قال الألباني في الضعيفة تحت حديث 468:
من فقه الحديث؛
فيه مشروعية تلقين المحتضر شهادة التوحيد، رجاء أن يقولها فيفلح.
و المراد بـ (موتاكم) من حضره الموت، لأنه لا يزال في دار التكليف، و من
الممكن أن يستفيد من تلقينه فيتذكر الشهادة و يقولها، فيكون من أهل الجنة.
و أما تلقينه بعد الموت، فمع أنه بدعة لم ترد في السنة فلا فائدة منه لأنه
خرج من دار التكليف إلى دار الجزاء، و لأنه غير قابل للتذكر، (لتنذر من كان
حيا).اهـ
أما حديث معقل بن يسار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اقرءوا على موتاكم يس) رواه أبوداود والنسائي وصححه ابن حبان.
مسألة: حكم قراءة سورة يس عند المحتضر، وعلى الميت؟
ذهب بعض العلماء إلى استحباب قراءة سورة يس عند الميت وهو في الإحتضار، وبعضهم استحب ذلك بعد موته، لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وابن حبان وصححاه، عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله ص قال: يس قلب القرآن، لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له. واقرؤوها على موتاكم.
وأعل هذا الحديث ابن القطان بالاضطراب والوقف وجهالة بعض الرواة. ونقل عن الدارقطني أنه قال: هذا حديث مضطرب الإسناد مجهول المتن ولا يصح.
قال بعض الباحثين: في إسناده أبو عثمان مجهول وأبوه مجهول، واضطرب فيه فربما رواه أبو عثمان عن أبيه عن معقل مرفوعا، وربما أوقفه، وربما أسقط أباه ورواه عن معقل مباشرة.
-حول الأحاديث الضعيفة؛
قال الشاطبي في ” الاعتصامِ ” (2/ 16): ” والأحاديثُ الضعيفةُ الإسنادِ لا يغلبُ على الظنِ أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قالها، فلا يمكن أن يُسْنَد إليها حُكمٌ، فما ظنك بالأحاديثِ المعروفةِ الكذب؟! نعم؛ الحاملُ على اعتمادها في الغالبِ إنما هو ما تقدم من الهوى المتبع “.ا. هـ.