54 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1،2،3 والاستفادة والمدارسة
__________
مسند أحمد 6659 – حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرٌو يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ” مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سُكْرًا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فَسُلِبَهَا، وَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سُكْرًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ ” قِيلَ: وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ” عُصَارَةُ أَهْلِ جَهَنَّمَ ”
قلت سيف : على شرط المتمم على الذيل.( قسم الألفاظ الزائدة على الصحيح المسند )
الحديث في الصحيح المسند 786 مطول واورده من المستدرك مطول ومن مسند أحمد مختصر وكذلك من سنن النسائي .
والحديث الذي مسند أحمد هنا فيه بعض الألفاظ الزائدة( مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سُكْرًا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا فَسُلِبَهَا)
قال الألباني في الصحيحة : 3419-
أخرجه الحاكم (4/146)، وأحمد (2/178)- والسياق له-، والبيهقي في “السنن الكبرى” (1/389)، و”شعب الإيمان” (5/8-9/5582) من طرق عن ابن وهب: حدثني عمرو- يعني: ابن الحارث- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبدالله بن عمرو عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:… فذكره. وقال الحاكم:
“صحيح الإسناد”! وقال الذهبي عقبه:
“سمعه ابن وهب عنه، و هو غريب جداً ” !
كذا قال! وهو يعني- والله أعلم- غرابة المتن، ومع ذلك؛ فذلك لا يعني أنه ضعيف؛ كما لا يخفى على أهل العلم؛ لأن الغرابة قد تجامع الصحة، والترمذي يجمع بينهما في كثير من أحاديثه الصحيحة. ويؤيد ما قلت؛ أن الذهبي قد أورد الحديث في كتابه “الكبائر” ، وقال:
“سنده صحيح “.
وكذا قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على “المسند” (10/187)! والصواب أنه حسن؛ للخلاف المعروف في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو.
_-_-_-_-_-_-_-_-_
قوله (مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ سُكْرًا) في (القاموس): سكر، كفرح سكرًا، أي: بضم فسكون، أو بضمتين، أو بفتح فسكون، أو بفتحتين، فذكره بالوجوه الأربعة، ثم قال: فهو سكر، أي: بفتح فكسر وسكران، وعلى هذا فالمذكور في الكتاب يحتمل الوجوه الأربعة على أنه مصدر، وهو علة للترك، ويحتمل أنه بفتح، فكسر على أنه صفة، وهو حال من ضمير ترك. (فَسُلِبَهَا) على بناء المفعول، قال ذلك لكون الدنيا عظيمة في أعين الناس، والمقصود: تعظيم ما حصل له من النقصان والخسران في الآخرة، بأنه لو وزن بنقصان الدنيا، لكان مقداره مقدار هذا النقصان والله تعالى أعلم، وفي (المجمع): رواه أحمد، ورجاله ثقات . حاشية السندي على مسند الامام احمد
“الحديث” (غريبه) أى بسبب السكر .
الخبال بفتح الخاء يطلق على الفساد فى البدن والجنون، وفسر فى الحديث بعصارة أهل جهنم، وهو ما يسيل منهم من الدم، والصديد وعبر عنه بطينة الخيال لكونه يذهب عقول أهل النار ويتلف أبدائهم عافانا الله من ذلك (فان قيل) لم اختير هذا العقاب لتارك الصلاة بسبب السكر (قلت) لأنه لما كانت الخمر تذهب العقل وتفسد البدن وقد نهاه الله عز وجل عنها فلم ينته عاقبه الله بمثل ما ارتكبه جزاءًا وفاقا والله أعلم (أخرجه) (هق) وسنده جيد (الأحكام) حديثا الباب يدلان على التغليظ الشديد على من ترك الصلاة عمدًا وعلى من تركها بسبب السكر وانه لا عذر له فى ذلك بل يجب عليه قضاؤها به قال الجمهور والله أعلم الفتح الرباني ( 2/ 231 ).
قلت : الحديث فيه بيان شديد على من ترك الصلاة متعمدا مرة واحدة ، بسبب السكر ، فكيف بمن تركها مرات؟! فيكفي لتارك الصلاة أنه وقع في خلاف شديد بين مكفر و مفسق!.
أن الذنوب تسلب الخيرات و توقع الندامة للعبد ، فينبغي المحافظة على الصلوات ، و أن يجتنب كل شغل يشغله عن الخشوع في الصلاة ، فإن للصلاة مكانة عظيمة في الاسلام ، فقد كان يقول النبي عليه الصلاة و السلام ارحنا بها يا بلال .
و فيه أيضا : أن يبتعد عن الاسباب التي توقع العبد في المعاصي ، ومن وقع في ذلك ؛ فليبادر بالتوبة والإنابة والإستغفار ، و أن يتبع الحسنة السيئة، والحذر من رفقاء السوء ، فإن الصاحب ساحب ، فصاحب من يعينك على طاعة الله.
فيه أيضا : تحريم الخمر ، ففيه فساد العقول ، فهي أم الخبائث والفواحش .
هنا مسائل متعلقة في الخمر
[ نفي قبول صلاة شارب الخمر بعد شربه وإن كان صاحيا أياما معلومة قبل أن يتوب ]
عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من شرب الخمر، فسكر؛ لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن مات؛ دخل النار، فإن تاب؛ تاب الله عليه، فإن عاد فشرب فسكر؛ لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن مات، دخل النار، فإن تاب؛ تاب الله عليه، فإن عاد، فشرب فسكر؛ لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن مات؛ دخل النار، فإن تاب؛ تاب الله عليه، فإن عاد الرابعة؛ كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة))، قالوا: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: ((عصارة أهل النار)).
[ الخمر من خمس ]
عن ابن عمر، قال:
خطبنا عمر بن الخطاب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد؛ فإن الخمر نزل تحريمها – يوم نزل – وهي من خمس: من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير؛ والخمر: ما خامر العقل.
وفي الحديث (إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة، وإني أنهاكم عن كل مسكر).
(حسن) (د) عن النعمان بن بشير. (الصحيحة 1593)
وفي الحديث (إن من العنب خمرًا، وإن من التمر خمرًا، وإن من العسل خمرًا، وإن من البر خمرًا، وإن من الشعير خمرًا).
(صحيح) (د) عن النعمان بن بشير. (المشكاة 3647)
[ عقوبة من شرب المسكر و مات قبل التوبة ]
عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((كل مسكر حرام؛ إن على الله عهدا لمن شرب المسكر: أن يسقيه من طينة الخبال يوم القيامة)). (5360) [2: 2]
[تعليق الشيخ الألباني]
صحيح لغيره: م.
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
((كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا، فمات وهو يدمنها، لم يتب منها؛ لم يشربها في الآخرة)). (5366)
[تعليق الشيخ الألباني]
صحيح ـ ((الإرواء)) (2373).
[ تحريم الخمر ]
التدريج في تحريم الخمر [ كان مباحا أول الأمر ثم نزل التحريم تدريجيا ثم استقر الأمر على التحريم ]
(وعن ابن عمر قال: «نزل في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزلت: {يسألونك عن الخمر والميسر} [البقرة: 219] الآية فقيل حرمت الخمر، فقيل يا رسول الله ننتفع بها كما قال الله عز وجل، فسكت عنهم، ثم أنزلت هذه الآية: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} [النساء: 43] فقيل: حرمت الخمر بعينها، فقالوا: يا رسول الله إنا لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم، ثم نزلت: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} [المائدة: 90] الآية فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: حرمت الخمر» رواه أبو داود الطيالسي في مسنده) .
عن أنس بن مالك، قال:
كنت قائما على الحي – عمومتي – أسقيهم من فضيخ لهم، وكنت أصغرهم سنا، فجاء رجل، فقال: إنها قد حرمت الخمر، قالوا: يا أنس! اكفأها، قال: فكفأتها.
قال سليمان: فقلت: ما كانت؟ قال: بسرا ورطبا.
قال: وقال أبو بكر بن أنس: كانت خمرهم – يومئذ -.
[تعليق الشيخ الألباني]
صحيح ـ
عن أنس، قال:
كنت أسقي أبا طلحة، وأبا عبيدة وكعبا، وسهيل بن بيضاء نبيذ التمر والبسر، حتى أسرعت فيهم، فإذا مناد ينادي: ألا إن الخمر قد حرمت، قال: فوالله ما انتظروا أن يعلموا أحقا أم باطلا، فقالوا: اكفأ يا أنس! قال: فكفأته، فوالله ما رجعت إلى رؤوسهم حتى لقوا الله، وكان خمرهم البسر والتمر.
عن أنس بن مالك، قال:
كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح، وأبي بن كعب، وأبا طلحة الأنصاري شرابا من فضيخ، فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: قم يا أنس! إلى هذه الجرار فاكسرها، قال: فقمت إلى مهراس لنا، فضربتها بأسفله حتى تكسرت. صححه الألباني
وفي الحديث (إن اللَّه حرم الخمر، وحرم الميتة وثمنها، وحرم الخنزير وثمنه) .
(صحيح) (د) عن أبي هريرة. (الصحيحة 3248)
[ الخمر مفتاح كل شر ]
ففي الحديث (اجتنبوا الخمر؛ فإنها مفتاح كل شر).
(حسن) (ك هب) عن ابن عباس. (الصحيحة 2798)
[ مدمن الخمر لا يدخل الجنة ]
ففي الحديث (ثلاثة قد حرم اللَّه عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق ، والديوث الذي يقر في أهله الخبث).
(صحيح) (حم) عن ابن عمر. (حجاب المرأة المسلمة ص 67)
وفي الحديث (لا يدخل الجنة مدمن خمر).
(صحيح) (هـ) عن أبي الدرداء. (الصحيحة 672)
جاء في نيل الاوطار [ 8/ 194 – 198 ]:
قال الخطابي والبغوي في شرح السنة: معنى الحديث لا يدخل الجنة لأن الخمر شراب أهل الجنة، فإذا حرم شربها دل على أنه لا يدخل الجنة. وقال ابن عبد البر: هذا وعيد شديد يدل على حرمان دخولالجنة؛ لأن الله تعالى خبر أن في الجنة أنهارا من خمر لذة للشاربين، وأنهم لا يصدعون عنها ولا ينزفون، فلو دخلها وقد علم أن فيها خمرا أو أنه حرمها عقوبة له لزم وقوع الهم والحزن، والجنة لا هم فيها ولا حزن، وإن لم يعلم بوجودها في الجنة ولا أنه حرمها عقوبة له لم يكن عليه في فقدها ألم، فلهذا قال بعض من تقدم: إنه لا يدخل الجنة أصلا.
قال: وهو مذهب غير مرضي. قال: ويحمل الحديث عند أهل السنة على أنه لا يدخلها ولا يشرب الخمر فيها إلا إن عفا الله عنه كما في بقية الكبائر وهو في المشيئة، فعلى هذا معنى الحديث: جزاؤه في الآخرة أن يحرمها لحرمانه دخول الجنة إلا إن عفا الله عنه. قال: وجائز أن يدخل الجنة بالعفو ثم لا يشرب فيها خمرا ولا تشتهيها نفسه وإن علم بوجودها فيها.
[ الخمر قليله و كثيره حرام ]
ففي الحديث (حرام قليل ما أسكر كثيره).
(صحيح) (البغوي) عن وافد أهل اليمن. (الصحيحة 384)
[ الخمر أم الخبائث و ام الفواحش و أكبر الكبائر ]
ففي الحديث (الخمر أم الخبائث، فمن شربها لم تقبل صلاته أربعين يومًا، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية).
(حسن) (طس) عن ابن عمرو. (الصحيحة 1854)
3270 – الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر، من شربها وقع على أمه وخالته وعمته.
(حسن) (طب) عن ابن عباس. (الصحيحة 1853)
[ شارب الخمر كعابد وثن ]
وفي الحديث (شارب الخمر كعابد وثن، وشارب الخمر كعابد اللات والعزى).
(صحيح) (الحارث) عن ابن عمرو. (الصحيحة 677)
وحديث (مدمن الخمر كعابد وثن).
(صحيح) (تخ هب) عن أبي هريرة. (الصحيحة 2177)
قوله: (مدمن الخمر) أي: الذي يلازمها (كعابد وثن) حيث إن الله تعالى جمع شرب الخمر مع عابد الوثن في قوله تعالى: {إنما الخمر والميسر} [المائدة: 90] الآية، وأيضا هما سواء في عدم قبول الصلاة فإن الكافر لو صلى لم تقبل صلاته [ حاشية السندي على سنن ابن ماجة ] .
[ من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ]
وفي الحديث (من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة).
(صحيح) (هـ) عن أبي هريرة. (الصحيحة 384)
[ حد الشارب ]
حديث (إذا سكر أحدكم فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه).
(صحيح) (د هـ) عن أبي هريرة. (الصحيحة 1360)
عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: ( إذا شربوا الخمر فاجلدهم . ثم إذا شربوا فاجلدوهم . ثم إذا شربوا فاجلدوهم . ثم إذا شربوا فاجلدوهم . ثم إذا شربوا فاجلدوهم . ثم إذا شربوا فاقتلوهم ) رواه ابن ماجه .
قال الشيخ الألباني : حسن صحيح
وفي الحديث (كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد).
(صحيح) (هـ) عن أنس . (المشكاة 3615)
قال الطحاوي : فهذا الذي وجدنا فيه التوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم في حد الخمر وهو ثمانون. فإن كان ذلك ثابتا فقد ثبت به الثمانون , وإن لم يكن ثابتا , فقد ثبت عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب من إجماعهم على الثمانين ومن استنباطهم إياها من أخف الحدود , فذلك من إجماعهم بعدما كان خلافه كإجماعهم على المنع من بيع أمهات الأولاد , وتكبيرات الجنائز , وقد كان خلافه. فكما لا ينبغي خلافهم في ترك بيع أمهات الأولاد , فكذلك لا ينبغي خلافهم في توقيتهم الثمانين في حد الخمر. وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله . شرح معاني الآثار ( 3/ 158).
[الحافظ ابن حجر يرى الحد في شارب الخمر و حده اربعين و ما جاء فوق الاربعين فهو على سبيل التعزير]
قال الحافظ ابن حجر بعد ان نقل ستة أقوال في المسألة : وتمسك من قال لا يزاد على الأربعين بأن أبا بكر تحرى ما كان في زمن النبي صلى الله عليه و سلم فوجده أربعين فعمل به ولا يعلم له في زمنه مخالف فان كان السكوت إجماعا فهذا الإجماع سابق على ما وقع في عهد عمر والتمسك به أولى لأن مستنده فعل النبي صلى الله عليه و سلم ومن ثم رجع إليه علي ففعله في زمن عثمان بحضرته وبحضرة من كان عنده من الصحابة منهم عبد الله بن جعفر الذي باشر ذلك والحسن بن علي فان كان السكوت إجماعا فهذا هو الأخير فينبغي ترجيحه وتمسك من قال بجواز الزيادة بما صنع في عهد عمر من الزيادة ومنهم من أجاب عن الأربعين بأن المضروب كان عبدا وهو بعيد فاحتمل الأمرين أن يكون حدا أو تعزيرا وتمسك من قال بجواز الزيادة على الثمانين تعزيرا بما تقدم في الصيام أن عمر حد الشارب في رمضان ثم نفاه إلى الشام وبما أخرجه بن أبي شيبة أن عليا جلد النجاشي الشاعر ثمانين ثم أصبح فجلده عشرين بجراءته بالشرب في رمضان وسيأتي الكلام في جواز الجمع بين الحد والتعزير في الكلام على تغريب الزاني ان شاء الله تعالى وتمسك من قال يقتل في الرابعة أو الخامسة بما سأذكره في الباب الذي بعده ان شاء الله تعالى
وقد استقر الإجماع على ثبوت حد الخمر وأن لا قتل فيه واستمر الاختلاف في الأربعين والثمانين وذلك خاص بالحر المسلم.
[ فتح الباري ‘ 12/ 75 ]
قال النووي على مسلم ( 11/ 217 – 218 ) : ونقل القاضي عن الجمهور من السلف والفقهاء منهم مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق رحمهم الله تعالى أنهم قالوا حده ثمانون واحتجوا بأنه الذي استقر عليه إجماع الصحابة وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن للتحديد ولهذا قال في الرواية الأولى نحو أربعين وحجة الشافعي وموافقيه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جلد أربعين كما صرح به في الرواية الثانية وأما زيادة عمر فهي تعزيرات والتعزير إلى رأي الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركه بحسب المصلحة في فعله وتركه فرآه عمر ففعله ولم يره النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا علي فتركوه وهكذا يقول الشافعي رضي الله عنه إن الزيادة إلى رأي الإمام وأما الأربعون فهي الحد المقدر الذي لا بد منه ولو كانت الزيادة حدا لم يتركها النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه ولم يتركها علي رضي الله عنه بعد فعل عمر ولهذا قال علي رضي الله عنه وكل سنة معناه الاقتصار على الأربعين وبلوغ الثمانين فهذا الذي قاله الشافعي رضي الله عنه هو الظاهر الذي تقتضيه هذه الأحاديث ولا يشكل شئ منها ثم هذا الذي ذكرناه هو حد الحر.
قال العثيمين : وحكمه أن شاربه يعذر بما لا يقل عن أربعين جلدة أو ثمانين أو مائة أو ألف جلدة حسب ما يردع الناس لانه ما فيه حد عند النبي – صلى الله عليه وسلم – معين إنما هو راجع إلى نظر القاضي فيعاقب الشارب بما يستحق وبما يردعه إذا شرب مرة وجلد ومرة وجلد ومرة وجلد ومرة رابعة فإنه يقتل قال شيخ الإسلام لانه مثل الصائل الذي لا يندفع إلا بالقتل هذا جلد ثلاث مرات في الخمر وشرب الرابعة متى يتوب ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى إن قتل شارب الخمر في الرابعة مشروع إذا لم ينته الناس بدونه وصدق رحمه الله وهذا قد ورد فيه حديث صحيح في السنن اخذ به بعض العلماء مطلقا وقال إذا شرب وجلد وشرب وجلد وشرب وجلد ثم شرب الرابعة وجب قتله بكل حال وهذا مذهب ابن حزم رحمه الله تعالى والظاهرية أما شيخ الإسلام ففصل وقال إذا لم ينته الناس بدون القتل قتل لان هذا من جنس الصائل والصائل إذا لم يندفع إلا بالقتل فإنه يقتل ولو أن الحكومات فعلت مثل هذا لقل شرب الخمر وصار نادرا لكن مع الأسف أن بعض الحكومات التي تحكم البلاد الإسلامية تبيح هذا سمعنا انه يباع علنا في الأسواق وأنه في جرار تجعل في الثلاجات كأنه الشراب الحلال والعياذ بالله مع انه أم الخبائث سالب العقول مفسد الديار الشرح المختصر على بلوغ المرام ( 3/ 340 – 341).
[ باب ما يكره من لعن شارب الخمر ]
عن عمر بن الخطاب، أن رجلا على عهد رسول الله صلى ا لله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلده في الشراب، فأتي به يوما، فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تلعنوه، فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله».
هذا حديث صحيح
السؤال: ذكرتم أن قتل شارب الخمر يكون في الرابعة، فما نقول في حديث: (لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به)؟ الجواب: هذا يدل على أن المعين لعنه لا يجوز، وأما قول: (ما أكثر ما يؤتى به)، فيدل على الإتيان به كثيراً، وكونه لم يقتل لأن القتل محمول على التعزير في الحديث الآخر، وهو حديث ثابت. شرح سنن ابي داود للعباد
تنبيه : قال أبو عمر أقوى ما احتج به من لم ير في ريح الشراب حدا لا من الفاكهة مثل التفاح والسفرجل وشبهها قد يوجد من أكلها رائحة تشبه ريح الخمر وتلك شبهة تمنع من إقامة الحد في الريح لأن الأصل أن ظهر المؤمن حمى لا يستباح إلا بيقين دون الشبهة والظنون. الاستذكار ( 8/ 6).
ما الفرق بين القتل حداً والقتل تعزيراً؟
الجواب
القتل حداً: أن يكون القتل مبنياً على نص فيه أن هذا الفعل حكمه القتل، وذلك مثل الرجم فإنه حد بنص، وأما القتل تعزيراً: فهو كون الحاكم يرى أن المصلحة في قتل إنسان تعزيراً، كما جاء في حديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، فإذا رؤي قتله تعزيراً فإن ذلك سائغ؛ لأنه جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. شرح الاربعين النووية للعباد حفظه الله .