مختلف الحديث رقم:91
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
ومشاركة إبراهيم البلوشي
——-
[ومن كتاب الإيمان]
كيف التوفيق بين ما جاء في حديث عن عبدالله بن مسعود قال: كنا مع النبي في قبَّة، فقال: ((أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟))، قلنا: نعم، قال: ((أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة)) قلنا: نعم، قال: ((أترضَون أن تكونوا شَطر أهل الجنة))، قلنا: نعم، قال: ((والذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر)).
أخرجه البخاري 6528 واللفظ له
، ومسلم 221 وعنده زيادة في أوله يقول الله: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك! والخير في يديك! قال يقول: أخرج بعث النار ….
وكونهم نصف أهل الجنة ورد كذلك
من حديث أبي سعيد الخدريّ أخرجه البخاري 4741، ومسلم 222
وجابر أخرجه أحمد 3/ 346، وابوعوانه في مستخرجه 198، والبزار كما في كشف الاستار 3533
وراجع تحقيق المسند ط. الرسالة 3661
وبين ما جاء بـ[بأن أهل الجنة عشرون ومائة صف هذه الأمة منها ثمانون صفا].أخرجه أحمد
-_—_-
ذكر صاحب تحفة الأحوذي في شرح جامع الترمذي تحت:
باب ما جاء في كم صف أهل الجنة
قوله (ثمانون) أي صفاً (منها) أي من جملة العدد (من هذه الأمة) أي كائنون من هذه الأمة (وأربعون) أي صفاً (عن سائر الأمم) والمقصود بيان تكثير هذه الأمة وأنهم ثلثان في القسمة. قال الطيبي: فإن قلت كيف التوفيق بين هذا وبين ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا فقال صلى الله عليه وسلم أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا فقال صلى الله عليه وسلم: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، قلت: يحتمل أن يكون الثمانون صفاً مساوياً في العدد للأربعين صفاً وأن يكونوا كما زاد على الربع والثلث يزيد على النصف كرامة له صلى الله عليه وسلم. وقال الشيخ عبد الحق رحمه الله في اللمعات: لا ينافي هذا قوله صلى الله عليه وسلم: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة لأنه يحتمل أن يكون رجاؤه صلى الله عليه وسلم ذلك ثم زيد وبُشِّر من عند الله بالزيادة بعد ذلك. وأما قول الطيبي: يحتمل أن يكون الثمانون صفاً مساوياً لأربعين صفاً فبعيد، لأن الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم أهل الجنة عشرون ومائة صف أن يكون الصفوف متساوية والله أعلم انتهى.
تحفة الأحوذي في شرح جامع الترمذي رقم الجزء:- 7 رقم الصفحة:- 0254_0256
قال النووي:
“قوله: قال لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أما ترضَون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟))، قال فكبَّرنا، ثم قال: ((أما ترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة؟))، فكبَّرْنا، ثم قال: ((إني لأرجو أن تكونوا شَطر أهل الجنة)،) أما تكبيرهم فلِسُرورهم بهذه البشارة العظيمة وأما قوله – صلى الله عليه وسلم – ربع أهل الجنة ثم ثلث أهل الجنة ثم الشَّطر، ولم يقلْ أولاً: شطر أهل الجنة؛ فلفائدة حسَنة، وفي أن ذلك أوقع في نفوسهم، وأبلغ في إكرامهم، فإن إعطاء الإنسان مرةً بعد أخرى دليل على الاعتناء به ودوام مُلاحظته، وفيه فائدة أخرى هي تكريره البشارة مرةً بعد أُخرى، وفيه أيضًا حملُهم على تجديد شُكرِ الله تعالى وتكبيره وحمده على كثرة نعمه، والله أعلم، ثم إنه وقع في هذا الحديث شَطر أهل الجنة، وفي الرواية الأخرى: نصْف أهل الجنة، وقد ثبَت في الحديث الآخَر أن أهل الجنَّة عشرون ومائة صفٍّ، هذه الأمة منها ثمانون صفًّا، فهذا دليل على أنهم يكونون ثلثي أهل الجنة، فيكون النبي – صلى الله عليه وسلم – أخبر أولاً بحديث الشطر ثم تفضَّل الله – سبحانه – بالزيادة فأُعلم بحديث الصفوف، فأَخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك، ولهذا نظائر كثيرة في الحديث معروفة؛ كحديث الجماعة تَفضُل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجةً، وبخمس وعشرين درجةً على أحد التأويلات فيه، وسيأتي تقريره في موضِعه – إن وصلناه إن شاء الله تعالى – والله أعلم.
قال ابن حجر:
“قال ابن التين: ذكره بلفظ الاستفهام لإرادة تقرير البشارة بذلك، وذكره بالتدريج ليكون أعظم لسرورهم.
قوله: “قلنا: نعم” في رواية يوسف: قالوا: “بلى”، ولمسلم من طريق أبي الأحوص عن أبي إسحاق فكبَّرْنا في الموضعين، ومثله في حديث أبي سعيد الآتي في الباب الذي يَليه، وزاد: فحمدْنا، وفي حديث ابن عباس: ففَرِحوا، وفي ذلك كله دلالة على أنهم استبشروا بما بشَّرهم به فحمدوا الله على نعمته العُظمى وكبَّروه استعظامًا لنعمته بعد استعظامهم لنقمته.
قوله: ((إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة))، في رواية أبي الأحوص وإسرائيل فقال: ((والذي نفس محمد بيده))، وقال: نصف بدل شطر، وفي حديث أبي سعيد: إني لأطمع بدل لأرجو، ووقع لهذا الحديث سبب يأتي التنبيه عليه عند شرح حديث أبي سعيد، وزاد الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في نحو حديث أبي سعيد: ((وإني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، بل أرجو أن تكونوا ثلثَي أهل الجنة)) ولا تصح هذه الزيادة؛ لأن الكلبي واهٍ، ولكن أخرج أحمد وابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة قال: “لما نزلت: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 13، 14] شقَّ ذلك على الصحابة، فنزلت: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39، 40]، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، بل ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنَّة، وتُقاسِمونهم في النِّصف الثاني))، وأخرجه عبدالله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني من وجه آخَر عن أبي هريرة بلفظ: ((أنتم ربع أهل الجنة، أنتم ثلث أهل الجنة، أنتم نصف أهل الجنة، أنتم ثلثا أهل الجنة))، وأخرج الخطيب في المبهمات من مرسل مجاهد نحو حديث الكلبي، وفيه مع إرساله أبو حذيفة إسحاق بن بشر أحد المتروكين، وأخرج أحمد والترمذي وصحَّحه من حديث بُرَيدة رفعَه: ((أهل الجنة عشرون ومائة صفٍّ، أمتي منها ثمانون صفًّا))، وله شاهد من حديث بن مسعود بنحوه، وأتمُّ منه أخرجه الطبراني، وهذا يوافق رواية الكلبي، فكأنه – صلى الله عليه وسلم – لما رجا رحمة ربه أن تكون أمته نصف أهل الجنة أعطاه ما ارتجاه وزاده، وهو نحو قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5].
قوله: وذلك أن الجنة في رواية أبي الأحوص، وسأخبركم عن ذلك، وفي رواية إسرائيل وسأحدثكم بقلَّة المسلمين في الكفار يوم القيامة، وفي رواية مالك بن مغول ما أنتم فيما سواكم من الأمم، قوله: ((كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر)) كذا للأكثر، وكذا لمسلم، وكذا في رواية إسرائيل، لكن قدَّم السوداء على البيضاء، ووقع في رواية أبي أحمد الجرجاني عن الفربري: الأبيض بدل الأحمر، وفي حديث أبي سعيد: ((إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالرقمة في ذراع الحمار))، قال ابن التين: أطلق الشعرة وليس المراد حقيقة الوحدة؛ لأنه لا يكون ثور ليس في جلده غير شعرة واحدة من غير لونه، والرقمة قطعة بيضاء تكون في باطن عضو الحمار والفرس وتكون في قوائم الشاة، وقال الداودي: الرقمة شيء مُستدير لا شعْر فيه سمعْتُ به لأنه كالرقم”. اهـ.
—–
جواب سيف بن دورة الكعبي:
بوب ابن حبان (ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة ليس بعدد أريد به النفي عما وراءه ثم ذكر حديث (بأن أهل الجنة عشرون ومائة صف هذه الأمة منها ثمانون صفا].وذكر الروايات التي ترد على من زعم تفرد محارب بن دثار
وقال ابن القيم:
هذا وان صفوفهم عشرون مع … مائة وهذي الأمة الثلثان
يرويه عنه بريدة إسناده … سرط الصحيح بمسند الشيباني
وله شواهد من حديث أبي هريـ … ـرة وابن مسعود وحبر زمان
أعني ابن عباس وفي إسناده … رجل ضعيف غير ذي اتقان
ولقد أتانا في الصحيح بأنهم … شطر وما اللفظان مختلفان
إذ قال أرجو تكونوا شطرهم … هذا رجاء منه للرحمن
أعطاه رب العرش ما يرجو وزا … د من العطاء فعال ذي الاحسان
تنبيه: حديث (بأن أهل الجنة عشرون ومائة صف هذه الأمة منها ثمانون صفا) بحثته بحثاً موسعا في تخريجي لكشف الأستار 3534 وكل طرقه معله إلا طريق ضرار بن مرة عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه به فأخرجه أحمد 5/ 347 فإسناده صحيح.
وقد ذكره الشيخ مقبل في الصحيح المسند 149 لكنه ذكره من طريق الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم به
ثم ذكر إسناد أحمد إلى ضرار بن مرة عن محارب بن دثار
فلو جعل إسناد محارب بن دثار هو الأصل لكان أولى لأن الثوري اختلف عليه فابن مهدي ويحيى بن سعيد روياه عنه مرسلا، لكن رواية ضرار عن محارب بن دثار ليس فيها اختلاف في رفعها
وراجع للاستزادة:
علل ابن أبي حاتم 2134، علل الدارقطني 7/ 206