مختلف الحديث رقم: {89}
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع سيف بن دورة الكعبي
[ومن كتاب الصلاة]
مختلف الحديث رقم: {89}
هل إبراهيم عليه السلام في السماء السادسة أم السابعة؟
جاءت رواية في حديث الإسراء أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في السماء [السادسة]، وهناك رواية أنه في السماء [السابعة].
________
الجواب عن مختلف الحديث رقم: (89)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
ولا شك أن ذكره إبراهيم في السماء السادسة وهَمٌ، وسياق الحديث يدل على أن الراوي لم يضبط، ولهذا لم يذكر منازلهم.
والذي لا شك فيه: أن الذي في السادسة هو موسى، أما إبراهيم فإنه في السابعة، وقد تقدم في الحديث السابق، أنه قد أسند ظهره إلى البيت المعمور.
شرح صحيح مسلم كتاب الإيمان (1/ 494)
قال أحد الباحثين:
هل كَانَ موسى عَلَيْهِ السَّلام في السماء السادسة وإبراهيم في السابعة، أم العكس؟
والجواب:
أن إبراهيم كَانَ في السابعة وموسى في السادسة، ومما يرجح كون إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام في السابعة، أنه هناك عند البيت المعمور؛ لأنه هو الذي بنى الكعبة في الدنيا.
وأيضاً قدر إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام وكونه خليل الرحمن يرجح ذلك، َ أشبه النَّاس به، هذا أيضاً دليل مما قد يرجح علو إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام.
وأما كون موسى عَلَيْهِ السَّلام أعلى من إبراهيم فيرجحه ما جَاءَ في آخر الحديث، أنه ل لما فرضت عليه خمسين صلاة كَانَ يرجع، فيقابله موسى عَلَيْهِ السَّلام فيقول له: ارجع، فكأن موسى هو الذي في السماء السابعة فلذلك يراجعه في ذلك، حتى فرضت خمس صلوات، والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أعلم.
والذي اختاره ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُتَعَالَى وتبعه المُصنِّف هنا أن الذي في السادسة هو موسى بن عمران عَلَيْهِ السَّلام، ولا يمنع ذلك أن ينزل من عند إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام ولا يعترض عَلَى شيء؛ لأنه لم يعالج الأَنْبِيَاء أممهم كما عالج موسى أمته، ثُمَّ إذا وصل إِلَى موسى عَلَيْهِ السَّلام في السماء السادسة قال له: ارجع إِلَى ربك عَزَّ وَجَلَّ، أقول ذلك لا يمنع، ولكن الله أعلم ونسبة العلم إليه أكمل.
جواب سيف بن دورة الكعبي:
نقل الشيخ الألباني في كتابه الإسراء عن ابن ابن حجر أنه قال في الفتح 1/ 462: هو موافق لرواية شريك عن أنس والثابت في جميع الروايات غير هاتين أنه في السابعة والأرجح رواية الجماعة لقوله فيها: (أنه رآه مسندا ظهره إلى البيت المعمور) وهو في السابعة بلا خلاف.
وكذلك هو من الروايات التي فيها الوهم رواية شريك بن عبدالله بن أبي نمر حيث ذكر أن موسى في السابعة وخالف في اشياء أخرى، وهي وإن جاءت من غير طريقه فلا تتقوى لعدم ضبط المنازل، ومن قال إبراهيم في السابعة فقد ضبط:
قال ابن كثير في البداية والنهاية في ذكر فضل إبراهيم عليه الصلاة والسلام:
وقد ذكره الله تعالى في القرآن كثيرا في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح له فقيل إنه مذكور في خمسة وثلاثين (3) موضعا منها خمسة عشر في البقرة وحدها وهو أحد أولي العزم الخمسة المنصوص على أسمائهم تخصيصا من بين سائر الانبياء في آيتي الاحزاب والشورى وهما قوله تعالى (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) [الاحزاب: 7] وقوله (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه) [الشورى: 13] الآية.
ثم هو أشرف أولي العزم بعد محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسندا ظهره بالبيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.
وما وقع في حديث شريك ابن أبي نمير عن أنس في حديث الاسراء من أن ابراهيم في السادسة وموسى في السابعة فمما انتقد على شريك في هذا الحديث والصحيح الاول.
قال الألباني: ولعل هذا الاختلاف هو من شريك نفسه فإنه وإن كان من رجال الشيخين فقد تكلموا في حفظه كما تراه مبسوطا في كتب الرجال وقال الحافظ فيه في (التقريب): (صدوق يخطئ)
ومصداق ذلك في هذا الحديث نفسه في مواضع منه ذكرت آنفا أحدها ويأتي ذكر سائرها أو بعضها وكأنه لذلك لم يسق الإمام مسلم لفظ حديثه كما تقدم ولذا قال ابن كثير في (التفسير):
(وهو كما قال مسلم فإن شريك بن عبد الله بن أبي نمر اضطرب في هذا الحديث وساء حفظه ولم يضبطه كما سيأتي بيانه في الأحاديث الأخر ومنهم من يجعل هذا مناما توطئة لما وقع بعد ذلك. والله أعلم
وقد قال الحافظ البيهقي: (في حديث شريك زيادة تفرد بها على مذهب من زعم أنه صلى الله عليه و سلم رأى الله عز و جل. يعني: قوله:
(ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى؟ فكان قاب قوسين أو أدنى؟)
قال: وقول عائشة وابن مسعود وأبي هريرة في حملهم هذه الآيات على رؤيته صلى الله عليه و سلم جبريل أصح.
وهذا الذي قاله البيهقي هو الحق في هذه المسألة فإن أبا ذر قال: يا رسول الله، هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه. وفي رواية: رأيت نورا أخرجه مسلم. انتهى كلام ابن كثير)
وقد ذكر أنه انفرد بعشرة أمور ….. (راجع الاسراء والمعراج
فتح الباري ابن حجر [جزء 13 صفحة 482]
قوله كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فوعيت منهم إدريس في الثانية وهارون في الرابعة وآخر في الخامسة ولم أحفظ اسمه وإبراهيم في السادسة وموسى في السابعة كذا في رواية شريك وفي حديث الزهري عن أنس عن أبي ذر قال أنس فذكر انه وجد في السماوات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم ولم يثبت كيف منازلهم غير انه ذكر انه وجد آدم في السماء الدنيا وإبراهيم في السماء السادسة انتهى وهذا موافق لرواية شريك في إبراهيم وهما مخالفان لرواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة وقد قدمت في شرحه ان الأكثر وافقوا قتادة وسياقه يدل على رجحان روايته فإنه ضبط اسم كل نبي والسماء التي هو فيها ووافقه ثابت عن أنس وجماعة ذكرتهم هناك فهو المعتمد لكن ان قلنا ان القصة تعددت فلا ترجيح ولا اشكال قوله وموسى في السابعة بفضل كلامه لله في رواية أبي ذر عن الكشميهني بتفضيل كلام الله وهي رواية الأكثر وهي مراد الترجمة والمطابق لقوله تعالى اني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي وهذا التعليق يدل على ان شريكا ضبط كون موسى في السماء السابعة وقد قدمنا أن حديث أبي ذر يوافقه لكن المشهور في الروايات ان الذي في السابعة هو إبراهيم واكد ذلك في حديث مالك بن صعصعة بأنه كان مسندا ظهره إلى البيت المعمور فمع التعدد لا اشكال ومع الاتحاد فقد جمع بأن موسى كان في حالة العروج في السادسة وإبراهيم في السابعة على ظاهر حديث مالك بن صعصعة وعند الهبوط كان موسى في السابعة لأنه لم يذكر في القصة أن إبراهيم كلمه في شيء مما يتعلق بما فرض الله على أمته من الصلاة كما كلمه موسى والسماء السابعة هي أول شيء انتهى إليه حالة الهبوط فناسب ان يكون موسى بها لأنه هو الذي خاطبه في ذلك كما ثبت في جميع الروايات ويحتمل ان يكون لقي موسى في السادسة فأصعد معه إلى السابعة تفضيلا له على غيره من أجل كلام الله تعالى وظهرت فائدة ذلك في كلامه مع المصطفى فيما يتعلق بأمر أمته في الصلاة وقد أشار
النووي إلى شيء من ذلك والعلم عند الله تعالى قوله.
وقال ابن رجب في الفتح 2/ 316: وفي حَدِيْث الزُّهْرِيّ، عَن أنس، عَن أبي ذر، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رأى فِي السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى، ولم يثبت كَيْفَ منازلهم، إلا أنه وجد آدم فِي السماء الدنيا، وإبراهيم فِي السماء السادسة، وهذا والله أعلم مما لم يحفظه الزهري جيدا.
وفي رواية قتادة، عن أنس، عن مالك بن صعصعة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه رأى في السماء الدنيا آدم، وفي السماء الثانية يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة، وفي السماء الثالثة يوسف، وفي الرابعة إدريس، وفي الخامسة هارون، وفي السادسة موسى، وفي السابعة إبراهيم عليهم السلام.
وفي حديث شريك بن أبي نمر، عن أنس، وقد خرجه البخاري في آخر صحيحه هذا: أنه رأى آدم في السماء الدنيا
وإدريس في الثانية، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة ـ قال الراوي: لم أحفظ اسمه ـ، وإبراهيم فِي السادسة، وموسى فِي السابعة بتفضيل كلام الله عز وجل .
وهذا يوافق مَا فِي حَدِيْث الزُّهْرِيّ، عَن أنس، أن إبراهيم عَلِيهِ السلام فِي السماء السادسة، وفيه أيضا : أنه مر بموسى، ثم بعيسى، ثم بإبراهيم، وهذا يشعر برفع عيسى على موسى، وهذا كله إنما جاء من عدم ضبط منازلهم كما صرح به في الحديث نفسه.
وفي حديث حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الإسراء، أنه رأى آدم في الأولى، ويحيى وعيسى في الثانية، ويوسف في الثالثة، وإدريس في
الرابعة، وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة مسندا ظهره إلى البيت المعمور.
وقد خرجه مسلم بطوله.
والذي رآه في السماء من الأنبياء عليهم السلام إنما هو أرواحهم، إلا عيسى عليه السلام فإنه رفع بجسده إلى السماء.
وقد قال طائفة من السلف: أن جميع الرسل لا يتركون بعد موتهم في الأرض أكثر من أربعين يوما، ثم ترفع جثثهم إلى السماء، روي ذلك عن ابن المسيب، وعن عمر بن عبد العزيز، وأنه قال: وأخبرني بذلك غير واحد ممن أدركته، فعلى هذا يكون المرئي في السماء أشخاصهم كما كانوا في الأرض.
انتهى كلام ابن رجب