مختلف الحديث رقم: {(86)}
بإشراف ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
[ومن كتاب الجهاد]
كيف التوفيق بين قوله ل: ” ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام فأنصرف إلى بيوت قوم لم يشهدوا الصلاة في الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم ”
[رواه البخاري]
وبين قول النبي ل “إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما”
[متفق عليه]
جواب سيف بن غدير النعيمي:
الحديث الأول محكم والثاني يحمل على:
(1) أن المراد بذلك المنافقون:
قال في إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للقاضي عياض (2/ 347)
وقوله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر رجلأ يصلى بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها، فاَمر بهم فيحرقوا عليهم [بحزم الحطب] {بيوتهم}، قال الإمام: يحتج به داود على أن صلاة الجماعة فرض على الأعيان، ويحمل هذا عندنا على أنهم منافقون لقوله صلى الله عليه وسلم
لو يعلم أحدهم أن يجد عظمأ سميناً الحديث، ومعاذ الله أن تكون هذه صفات المؤمنين والصحابة على فضلهم، ومذهب غيره من الفقهاَ أنها فرض على الكفاية، وعلى طريقة القاضى فى أنه لو تمالاء أهل بلد على ترك الأذان لقوتلوا، ينبغى أن تكون صلاة الجماعة كذلك).
وقد قيل: إن هذا فى المؤمنين، وأما المنافقون فقد كان النبى صلى الله عليه وسلم مُعرضاَ عنهم عالما بطويّاتهم، كما أنه لم يقرضهم فى التخلف، ولا عاقبهم معاقبة كعب وصاحبيه من المؤمنين.
لكن المعلوم من حال الصحابة التجميع مع النبى صلى الله عليه وسلم وعدم التخلف عنه، ويشهد أن المراد به المنافقون قوله فى بعض الأحاديث فى الام”: {ثم أحرف بيوتا على من فيها}
(2) أن المقصود بذلك تحريق الديار والمتاع وتحريق الأنفس جاء تبعا لا أصلا:
قال في فتح الباري ـ لابن رجب موافقا للمطبوع (4/ 20)
وأما نهيه {عَن التحريق بالنار، فإنما أراد بِهِ تحريق النفوس وذوات الأرواح}.
فإن قيل: فتحريق بيت العاصي يؤدي إلى تحريق نفسه، وَهُوَ ممنوع.
قيل: إنما يقصد بالتحريق دارهُ ومتاعهُ، فإن أتى عَلَى نفسه لَمْ يكن بالقصد، بل تبعاً، كما يجوز تبييتُ المشركين وقتلهم ليلاً، وقد أتى القتل عَلَى ذراريهم ونسائهم.
وقد سئل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِكَ، فَقَالَ: {هم منهم}.
انتهى والله أعلم.
جواب نورس الهاشمي:
التعذيب بالنار محرم
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد: لا تعارض بين الحديثين، و إنما كان العذاب بالنار جائزاً في أول الأمر ثم نسخ بعد ذلك، و ذكر أهل العلم أن التعذيب بالنار محرم، و إليكم أقوال أهل العلم، و الله الموفق.
قال المهلب: ليس نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن التحريق بالنار على معنى التحريم، وإنما هو على سبيل التواضع لله، وأن لا يتشبه بغضبه فى تعذيب الخلق؛ إذ القتل يأتي على ما يأتي عليه الإحراق.
والدليل على أنه ليس بحرام سمل الرسول عين العرنيين بالنار فى مصلى المدينة بحضرة الصحابة.
وتحريق علي بن أبى طالب الخوارج بالنار، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون على أهلها بالنار، وقول أكثرهم بتحريق المراكب، وهذا كله يدل أن معنى الحديث على الحض والندب لا على الإيجاب والفرض والله أعلم.
وممن كره رمي أهل الشرك بالنار: عمر بن الخطاب وابن عباس وعمر بن عبد العزيز، وهو قول مالك بن أنس، وأجازه على بن أبى طالب، وحرق خالد بن الوليد ناسًا من أهل الردة، فقال عمر لأبي بكر الصديق: انزع هذا الذي يعذب بعذاب الله.
فقال أبو بكر: لا أشيم سيفًا سله الله على المشركين.
وأجاز الثوري رمي الحصون بالنار.
وقال الأوزاعي: لا بأس أن يدخن عليهم في المطمورة إذا لم يكن فيها إلا المقاتلة، ويحرقوا ويقتلوا بكل قتلة، ولو لقيناهم في البحر رميناهم بالنفط والقطران.
وأجاز ابن القاسم حرق الحصن والمراكب إذا لم يكن فيها إلا المقاتلة فقط.
شرح ابن بطال لصحيح البخاري (5/ 172)
قلت سيف: تُعُقِب ابن المهلب في ذلك:
(وقال ابن المنير وغيره لا حجة فيما ذكر للجواز لأن قصة العرنيين كانت قصاصا أو منسوخة كما تقدم وتجويز الصحابي معارض بمنع صحابي آخر وقصة الحصون والمراكب مقيدة بالضرورة الى ذلك إذا تعين طريقا للظفر بالعدو ومنهم من قيده بأن لا يكون معهم نساء ولا صبيان كما تقدم). انتهى
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَظَاهِرُ النَّهْيِ فِيهِ التَّحْرِيمُ وَهُوَ نَسْخٌ لِأَمْرِهِ الْمُتَقَدِّمِ سَوَاءٌ كَانَ بِوَحْيٍ إِلَيْهِ أَوْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ إِلَى ذَلِكَ فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ.
قاله الحافظ في الفتح (6/ 150)
وَرَوَى الْجَمَاعَةَ الْمَذْكُورِينَ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ قَالَ أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْت أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ» وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» زَادَ التِّرْمِذِيُّ فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَقَالَ صَدَقَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ» وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ «لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ»، فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ دَالَّةٌ أَنَّ مَا كَانَ هَمَّ بِهِ مِنْ التَّحْرِيقِ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
طرح التثريب في شرح التقريب (2/ 214)
فقد بوب الامام النووي في شرح رياض الصالحين (باب تحريم التعذيب بالنار في كل حيوان حتى النملة ونحوها)
قال العثيمين: يعني أنه لا يحل لإنسان أن يعذب أحدا بالإحراق، لأنه يمكن التعذيب بدونه، ويمكن إقامة الحدود بدون ذلك، فيكون الإحراق زيادة تعذيب لا حاجة لها.
ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجالا في سرية وقال: إذا وجدتم فلانا وفلانا لرجلين سماهما فأحرقوهما بالنار فاعتمد الصحابة ذلك امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فلما أرادوا الخروج، قال كنت قلت: كذا وكذا ولكن لا يعذب بالنار إلا الله عز وجل فإن وجدتموهما فاقتلوهما فنسخ النبي صلى الله عليه وسلم أمره الأول بأمره الثاني، أمره الأول أن يحرقا وأمره الثاني أن يقتلا، فدل ذلك على أن الإنسان إذا استحق القتل فإنه لا يحرق بالنار وإنما يقتل قتلا عاديا حسب ما تقتضيه النصوص الشرعية.
ما قال الباجي وغيره: إن الخبر ورد مورد الزجر، وحقيقته غير مرادة، وإنما المراد المبالغة، ويرشد إلى ذلك وعيدهم بالعقوبة التي يعاقب بها الكفار، وقد انعقد الإجماع على منع عقوبة المسلمين بذلك.
وأجيب بأن المنع وقع بعد نسخ التعذيب بالنار، وكان قبل ذلك جائزًا بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه الآتي في الجهاد الدال على جواز التحريق بالنار، ثم على نسخه، فحمل التهديد على حقيقته غير ممتنع.
المجتبى للعلامة الأثيوبي (10/ 550)
جواب عبدالحميد البلوشي:
(التحقيق في حرمة التحريق) لبعض الباحثين:
قلت: سيف وهو بحث بديع أصولي حديثي واختصرت كثيرا منه مع تصرف في مواضع لحاجة الإختصار دون الإخلال بالبحث؛ ولم أراجع البحث من حيث صحة الأحاديث والآثار، وأسأل الله أن ييسر ذلك قريبا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فقد وقعت على فتوى منسوبة إلى تنظيم الدولة هذا نصها:
وقبل الرد على ما ورد في هذه الفتوى أود إيراد بعض الملاحظات السريعة:
الملاحظة الأولى:
واضح أن الغرض من الفتوى هو معارضة قول النبي صلى الله عليه وسلم “لا يعذب بالنار إلا رب النار”، وإبطال معناه.
ولو كان الغرض من الفتوى هو الإرشاد إلى الحق لأشار كاتبها إلى أقوال أهل العلم الذين عملوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وحملوه على ظاهره وقالوا بحرمة التحريق.
الملاحظة الثانية:
قولهم في الفتوى بأن الشافعية والأحناف ذهبوا إلى جواز التحريق مطلقا كلام غير الصحيح ..
أما بالنسبة للشافعية فهم يرون حرمة التحريق ويحملون قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يعذب بالنار إلا رب النار” على ظاهره، ولا يستثنون منه إلا حالة القصاص.
قال الماوردي: (ورواية ابن عباس ” أن لا يعذب بالنار إلا رب النار ” واردة في غير القصاص”). [1]
وقال النووي: (وأما في شرعنا فلا يجوز الإحراق بالنار للحيوان إلا إذا أحرق إنسانا فمات بالإحراق، فلوليه الاقتصاص بإحراق الجاني. وسواء في منع الإحراق بالنار القمل وغيره للحديث المشهور: “لا يعذب بالنار إلا الله”). [2]
وقد رد النووي على بعض القائلين بمشروعية التحريق فقال:
(فان قيل: لو لم يجز التحريق لماهم به –أي النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: لعله هم به بالاجتهاد ثم نزل وحي بالمنع منه أو تغير الاجتهاد). [3]
بل إن بعض الشافعية نص على أن التعذيب بالنار من الكبائر كما قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري:
(وفسر جماعة الكبيرة بأنها ما لحق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة فعدوا من الكبائر القتل … ) إلى أن قال: (وإحراق حيوان، إذ لا يعذب بالنار إلا خالقها). [4]
وترجم البيهقي في السنن الكبرى للأحاديث الواردة في النهي عن التحريق بقوله: “باب المنع من إحراق المشركين بالنار بعد الإسار”. ثم بين البيهقي أن مذهب الشافعي هو إباحة تحريق الكفار في حالة امتناعهم ومنعه في حالة أسرهم، فقال في معرض حديثه عن حكم التحريق:
(وشبهه الشافعى رحمه الله برمى الصيد ما دام على الامتناع ثم النهى عن رمى الدجاجة التى ليست بممتنعة)
وأما الاحناف فهم مصرحون في كتبهم بحرمة التحريق، وقد نص ابن عابدين على أن جواز تحريق الكفار في الحرب مشروط بعدم إمكان الظفر بهم بوسيلة أخرى، حيث قال:
(لكن جواز التحريق والتغريق مقيد كما في شرح السير بما إذا لم يتمكنوا من الظفر بهم بدون ذلك، بلا مشقة عظيمة فإن تمكنوا بدونها فلا يجوز).
ونص على حرمة التحريق الزيلعي في تبيين الحقائق:
و عبارته:
(فيحرم كالإحراق بالنار، وقال عليه الصلاة والسلام «لا تعذبوا بعذاب الله»،). [7]
ونص على حرمة التحريق أيضا محمد بن محمد البابرتي، فقال في معرض حديثه عنه:
(وهو منهي عنه، قال صلى الله عليه وسلم ” لا تعذبوا أحدا بعذاب الله”). [8]
وعندما تحدث علماء الحنفية عن مشروعية عقر دواب الكفار نكاية بهم نصوا على أنه لا يشرع حرقها قبل ذبحها لما ورد من النهي عن الحرق.
وأبدأ في بيان الأدلة الدالة على حرمة التحريق، فأقول مستعينا بالله:
ورد عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التحريق بالنار، منهم ابو هريرة وابن عباس وابن مسعود وعمرو الأسلمي وابو الدرداء.
ومما ورد عنهم في ذلك:
1 عن أبي هريرة رضي الله عنهأنه قال:
(بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال: “إن وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار”، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: “إني أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما”).
2 و القصة تروى أيضا عن حمزة بن عمرو الأسلمى عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلمأمّره على سرية قال فخرجت فيها وقال «إن وجدتم فلانا فاحرقوه بالنار». فوليت فنادانى فرجعت إليه فقال «إن وجدتم فلانا فاقتلوه ولا تحرقوه فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار».
وربما يكون النبي صلى الله عليه وسلم بعث كلا من أبي هريرة وعمرو الاسلمي في السرية نفسها وتكون القصة واحدة
3 عن عكرمة أن عليا، رضي الله عنه، حرق قوما فبلغ ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تعذبوا بعذاب الله” ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من بدل دينه فاقتلوه”. [18]
4 عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه لا ينبغى أن يعذب بالنار إلا رب النار». [19]
5 عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا يعذب بالنار إلا رب النار “. [20]
وهذا خبر بمعنى النهي
وفي هذه الأحاديث دليل على حرمة التعذيب بالنارومنازعة الله تعالى في أي من خصائصه محرمة لا مكروهة، كما قال في الحديث القدسي: “الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما، ألقيته في النار” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وأما من ذهبوا إلى مشروعية التحريق فقولهم ضعيف ومرجوح ولا ينتهض بدليل وقد استدلوا لمذهبهم باستدلالات نذكرها مع الرد عليها:
الاستدلال الأول:
قالوا: سمل الرسول صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين بالنار.
والجواب على هذا الاستدلال من وجوه:
الوجه الأول:
حديث أبي هريرة دليل على نسخ إباحة التحريق، وحديث بن عباس دليل على أن حرمته محكمة، فأيما نص ورد فيه ما يدل على إباحة التحريق فهو محمول على الإباحة المنسوخة.
قال في المراقي:
والناسخ الأخير إن تقابلا فعل وقول متكررا جلا
وقد بين ابن حجر تأخر حديث أبي هريرة عن قصة العرنيين فقال: (يدل عليه – أي النسخما رواه البخاري في الجهاد من حديث أبي هريرة في النهى عن التعذيب بالنار بعد الإذن فيه، وقصة العرنيين قبل إسلام أبي هريرة وقد حضر الإذن ثم النهي وروى قتادة عن بن سيرين أن قصتهم كانت قبل أن تنزل الحدود). [21]
زد على ذلك أن بعض أهل العلم ذهب إلى أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالعرنيين منسوخ بآية الحرابة ..
قال ابن حجر بعد كلامه السابق:
(وروى قتادة عن بن سيرين أن قصتهم كانت قبل أن تنزل الحدود ..
ولموسى بن عقبة في المغازي: وذكروا أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة وإلى هذا مال البخاري وحكاه إمام الحرمين في النهاية عن الشافعي). [22]
وقال ابن جرير: (وقد اختلف أهل العلم في نسخ حكم النبي صلى الله عليه وسلم في العرنيين , فقال بعضهم: ذلك حكم منسوخ , نسخه نهيه عن المثلة بهذه الآية , أعني بقوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الآية , وقالوا: أنزلت هذه الآية عتابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعل بالعرنيين …. ). [23]
وقال ابن دقيق العيد في شأن قصة العرنيين:
وقد وقع في هذا الحديث التمثيل بهم واختلف الناس في ذلك فقال بعضهم: هو منسوخ بالحدود …
فإذا كانت عقوبة العرنيين منسوخة كلها، فقد زال الإشكال وسقط الاستدلال.
وإذا كانت باقية فما وقع فيها من تحريق منسوخ بحديث أبي هريرة.