مختلف الحديث رقم: {84}
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
كيف التوفيق بين حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّل فِي سَفَرٍ، فَأَعْيَا جَمَلِي، فَأَرَدْتُ أَنْ أُسَيِّبَهُ، فَلَحِقَنِي رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فَدَعَا لَهُ وَضَرَبَهُ، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ، قَالَ: ” بِعْنِيهِ بِوُقِيَّةٍ، قُلْتُ: لا، قَالَ: بِعْنِيهِ فَبِعْتُهُ بِوُقِيَّةٍ، وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلانَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمَدِينَةَ، أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ، وَانْتَقَدْتُ ثَمَنَهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ، فَقَالَ: أَتُرَانِي إِنَّمَا مَاكَسْتُكَ لآخُذَ جَمَلَكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ “.
متفق عليه.
مع حديث عند الطبراني وغيره أنه صلى الله عليه وسلم أنه “نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ”
مشاركة عبدالله الديني:
قال النووي في شرح مسلم:
(باب بيع البعير واستثناء ركوبه فيه حديث جابر وهو حديث مشهور احتج به أحمد ومن وافقه في جواز بيع الدابة ويشترط البائع لنفسه ركوبها. وقال مالك: يجوز ذلك إذا كانت مسافة الركوب قريبة، وحمل هذا الحديث على هذا. وقال الشافعي وأبو حنيفة وآخرون: ل يجوز ذلك سواء قلت المسافة أو كثرت ول ينعقد البيع واحتجوا بالحديث السابق في النهي عن بيع الثنيا، وبالحديث الخر في النهي عن بيع وشرط. وأجابوا عن حديث جابر: بأنها قضية عين تتطرق إليها احتمالت. قالوا: ولن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطيه الثمن ولم يرد حقيقة البيع وقالوا يحتمل …. )
قال ابن تيمية في القواعد النورانية:
واحتجوا أيضا بحديث يروى في حكاية عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى وشريك: ” «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط» “. وقد ذكره جماعة من المصنفين في الفقه، ول يوجد في شيء من دواوين الحديث. وقد أنكره أحمد وغيره من العلماء. وذكروا أنه ل يعرف وأن الحاديث الصحيحة تعارضه. وأجمع الفقهاء المعروفون من غير خلف أعلمه عن غيرهم أن اشتراط صفة في المبيع ونحوه، كاشتراط كون العبد كاتبا أو صانعا، أو اشتراط طول الثوب أو قدر الرض ونحو ذلك: شرط صحيح.
وقال: فيجوز للبائع أن يستثني بعض منفعة المبيع، كخدمة العبد وسكنى الدار ونحو ذلك، إذا كانت تلك المنفعة مما يجوز استبقاؤها في ملك الغير، اتباعا لحديث جابر لما باع النبي صلى الله عليه وسلم جمله واستثنى ظهره إلى المدينة.
ويجوز أيضا للمعتق أن يستثني خدمة العبد مدة حياته أو حياة السيد أو غيرهما، اتباعا لحديث سفينة لما أعتقته أم سلمة واشترطت عليه خدمة النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش.
ويجوز على عامة أقواله أن يعتق أمته ويجعل عتقها صداقها، كما في حديث صفية، وكما فعله أنس بن مالك وغيره، وإن لم ترض المرأة، كأنه أعتقها واستثنى منفعة البضع لكنه استثناها بالنكاح، إذ استثناؤها بل نكاح غير جائز، بخلف منفعة الخدمة.
قال الصنعاني في ” سبل السلام ”
فيه دليل على أنه ل بأس بطلب البيع من الرجل لسلعته ول بالمماكسة وأنه يصح البيع للدابة واستثناء ركوبها، ولكن عارضه حديث النهي عن بيع الثنيا وسيأتي وعن بيع وشرط، ولما تعارضا اختلف العلماء في ذلك على أقوال: الول: لحمد؛ أنه يصح ذلك وحديث بيع الثنيا فيه ” إل أن يعلم ذلك ” وهذا منه فقد علمت الثنيا
فصح البيع وحديث النهي عن بيع وشرط فيه مقال مع احتمال أنه أراد الشرط المجهول.
والثاني: لمالك؛ أنه يصح إذا كانت المسافة قريبة وحده ثلثة أيام وحمل حديث جابر على هذا.
الثالث: أنه ل يجوز مطلقا، وحديث جابر مؤول بأنه قصة موقوفة يتطرق إليها الحتمالت قالوا: ولنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يعطيه الثمن ولم يرد حقيقة البيع: قالوا ويحتمل أن الشرط ليس في نفس العقد فلعله كان سابقا فلم يؤثر ثم تبرع صلى الله عليه وسلم بإركابه وأظهر القوال الول وهو صحة مثل هذا الشرط وكل شرط يصح إفراده بالعقد كإيصال المبيع إلى المنزل وخياطة الثوب وسكنى الدار، وقد روي عن عثمان أنه باع دارا واستثنى سكناها شهرا. ذكره في الشفاء.
مشاركة احمد بن علي: مختلف الحديث 84
قال ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام:
استدل بهذا الحديث الإِمام أحمد ومن وافقه على جواز بيع الدابة، ويشترط البائع لنفسه ركوبها؛ وبه قال ابن شبرمة وجماعة، وجوّزه مالك إذا كانت مسافة الركوب قريبة، وحمل الحديث على هذا.
ومذهبنا ومذهب أبي حنيفة أنه لا يجوز ذلك مطلقاً، سواء قلَّت المسافة أو كثُرت. ولا ينعقد احتجاجاً بالنهي عن بيع وشرط.
قال القرطبي: وزاد أن هذا أولى من حديث جابر إما لأنه ناسخ له، أو مرجح عليه.
وأجابوا عن هذا الحديث: بأنها واقعة عين تطرق إليها احتمالات.
قالوا: ولأنه عليه الصلاة والسلام: أراد أن يعطيه الثمن، ولم يرد حقيقة البيع.
قالوا: ويحتمل أن الشرط لم يكن في نفس العقد، ولعله كان نسأها، فلم يؤثر ثم تبرع عليه الصلاة والسلامبذلك.
قلت: وهو صريح رواية النسائي الآتية: “أخذته بكذا وكذا، وقد أعرتك ظهره إلى المدينة”. وظاهر إحدى روايات الصحيح “فبعته منه بخمس أواق، قال: قلت: علي أن لي ظهره إلى المدينة.
قال: ولك ظهره إلى المدينة. فلما قدمت المدينة أتيته به فزادني وقية ثم وهبه لي”، فهذا شاهد كون الاشتراط وقع بعد العقد، وأيَّد القاضي أبو الطيب هذا بأنه جاء في بعض ألفاظ الخبر “فلما نقدني الثمن شرطت حملاني إلى المدينة”. وهذه الرواية إن ثبتت كان معنى “نقدني الثمن” قرره لي، إذ صريح الروايات أنه إنما وفاه الثمن بالمدينة، وظاهر رواية الكتاب تدل على أنه وقع الشرط في العقد. وجاء ذلك لأنه لم يكن بيعاً مقصوداً وإنما منفعته لا مبايعته. وكذا رواية البخاري على “أن لي فقار ظهره” و”شرط ظهره إلى المدينة”،
وقوله عليه الصلاة والسلام: “لك ظهره” و”تبلغ عليه إلى أهلك”.قال البخاري: “والاشتراط أكثر وأصح عندي”.
وقال المغيرة: هذا في قضائنا حسن، لا نرى به بأساً. اهـ
قال الحافظ في الفتح:
قوله قال أبو عبد الله هو المصنف الاشتراط أكثر وأصح عندي أي أكثر طرقا وأصح مخرجا وأشار بذلك إلى أن الرواة اختلفوا عن جابر في هذه الواقعة هل وقع الشرط في العقد عند البيع أو كان ركوبه للجمل بعد بيعه إباحة من النبي صلى الله عليه وسلم بعد شرائه على طريق العارية. وأصرح ما وقع في ذلك رواية النسائي المذكورة لكن اختلف فيها حماد بن زيد وسفيان بن عيينة وحماد أعرف بحديث أيوب من سفيان. والحاصل أن الذين ذكروه بصيغة الاشتراط أكثر عددا من الذين خالفوهم وهذا وجه من وجوه الترجيح فيكون أصح. ويترجح أيضا بأن الذين رووه بصيغة الاشتراط معهم زيادة وهم حفاظ فتكون حجة وليست رواية من لم يذكر الاشتراط منافية لرواية من ذكره؛ لأن قوله: (لك ظهره)، (وأفقرناك ظهره)، (وتبلغ عليه) لا يمنع وقوع الاشتراط قبل ذلك وقد رواه عن جابر بمعنى الاشتراط أيضا أبو المتوكل عند أحمد ولفظه (فبعني ولك ظهره إلى المدينة) لكن أخرجه المصنف في الجهاد من طريق أخرى عن أبي المتوكل فلم يتعرض للشرط إثباتا ولا نفيا، ورواه أحمد من هذا الوجه بلفظ (أتبيعني جملك؟ قلت: نعم، قال: اقدم عليه المدينة) ورواه أحمد من طريق أبي هبيرة عن جابر بلفظ (فاشترى مني بعيرا، فجعل لي ظهره حتى أقدم المدينة) ورواه بن ماجه وغيره من طريق أبي نضرة عن جابر بلفظ فقلت: يا رسول الله! هو ناضحك إذا أتيت المدينة) ورواه أيضا عن جابر نبيح العنزي عند أحمد فلم يذكر الشرط ولفظه (قد أخذته بوقية قال: فنزلت إلى الأرض. فقال: مالك؟ قلت: جملك، قال: اركب فركبت حتى أتيت المدينة) ورواه أيضا من طريق وهب بن كيسان عن جابر فلم يذكر الشرط قال فيه: (حتى بلغ أوقية قلت: قد رضيت، قال: نعم قلت: فهو لك قال قد أخذته، ثم قال: يا جابر هل تزوجت؟ …. )
الحديث وما جنح إليه المصنف من ترجيح رواية الاشتراط هو الجاري على طريقة المحققين من أهل الحديث؛ لأنهم لا يتوقفون عن تصحيح المتن إذا وقع فيه الاختلاف إلا إذا تكافأت الروايات وهو شرط الاضطراب الذي يرد به الخبر وهو مفقود هنا مع إمكان الترجيح. اهـ
قلت سيف: يريد الرد على من ضعف الحديث كله، بالاضطراب وأن الاضطراب مدفوع بترجيح رواية الشرط.
ثم قال الحافظ:
وأقوى هذه الوجوه في نظري ما تقدم نقله عن الإسماعيلي من أنه وعد حل محل الشرط. اهـ
قال ابن عبدالبر في الاستذكار:
وقد ذكرنا في (التمهيد) خبر عبد الوارث بن سعيد الثوري قال قدمت مكة فوجدت أبا حنيفة وبن ابي ليلى وبن شبرمة فسألت أبا حنيفة، فقلت: ما تقول في رجل باع بيعا وشرط شرطا؟ فقال: البيع باطل والشرط باطل، ثم اتيت بن أبي ليلى فسألته فقال: البيع جائز والشرط باطل، ثم اتيت بن شبرمة فسألته فقال: البيع جائز والشرط جائز، فقلت يا سبحان الله! ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألة واحدة فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط البيع باطل ثم اتيت بن أبي ليلى فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أشتري بريرة فأعتقها وإن اشترط أهلها الولاء فإنما الولاء لمن أعتق) البيع جائز والشرط باطل ثم أتيت بن شبرمة فأخبرته فقال: لا أدري ما قالا لك حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال بعت من النبي صلى الله عليه وسلم ناقة وشرط لي حملانها أو ظهرها إلى المدينة) البيع جائز والشرط جائز
وروى إسماعيل بن إسحاق قال حدثني أبو ثابت عن عبد الله بن وهب قال أخبرني مالك بأنه سأل ابن شهاب عن رجل خطب عبده وليدة قوم واشترط على عبده أن ما ولدت الأمة من ولد فله شطره وقد أعطاها العبد مهرها فقال بن شهاب: هذا من الشرط الذي لا نرى له جوازا
قال وقال ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال (ما بال الرجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل وإن شرطه مائة مرة شرط الله أحق وأوثق)
قال أبو الحسن الدارقطني انفرد إسماعيل بن إسحاق بهذا الحديث عن أبي ثابت عن ابن وهب عن مالك
قال أبو عمر: وأما قوله: كل شرط ليس في كتاب الله؛ فمعناه كل شرط ليس في حكم الله وقضائه من كتابه أو سنة نبيه فهو باطل
قال الله عز وجل (كتاب الله عليكم) النساء 24 أي حكم الله وقضائه فيكم. اهـ
مشاركة سيف بن غدير النعيمي:
درجة حديث: {نهى رسول الله عن بيع وشرط}
التخريج: الطبراني في الأوسط (4/ 335) (4361)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (4/ 85)، وهو موجود في مسند أبي حنيفة (ص 267).
أقوال أهل العلم في هذا الحديث:
1 قال ابن العربي في عارضة الأحوذي (3/ 195):لم يصح.
2 قال ابن قدامة في المغني (6/ 165): لم يصح.
3 قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (18/ 63):باطل ليس في شيء من كتب المسلمين، وإنما يروى في حكاية منقطعة.
4 قال ابن كثير في إرشاد الفقيه (2/ 17): إسناده ضعيف.
5 قال ابن حجر في فتح الباري (5/ 371): في إسناده مقال.
6 قال الألباني في السلسلة الضعيفة (ص: 491):ضعيف جدًا.
مشاركة أخرى لاحمد بن علي، حيث وجد بحث جيد حول: الجمع بين شرطين في البيع
المراد بالشرطين في البيع:
أن يشترط شرطين ليسا من مصلحة العقد ولا مقتضاه. فهذا محل خلاف بين العلماء، كما لو شرط حمل الحطب وتكسيره، وهذا التفسير لمعناه هو المراد هنا، وإن كان له معانٍ أخرى، لكنها ليست مرادة هنا، لأن ابن تيمية لم يتعرض لها [1].
اختيار ابن تيمية: اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جواز الشرطين في البيع، خلافاً للمشهور من مذهب الحنابلة [2].
تحرير المسألة:
1 إذا كان الشرطان من مقتضى العقد كاشتراط التسليم وخيار المجلس، فهما شرطان جائزان ويلزم الوفاء بهما بلا خلاف (3).
2 إذا كان الشرطان تتعلق بهما مصلحة العاقدين كالأجل والخيار والضمين والشهادة فهما صحيحان أيضاً بلا خلاف بين العلماء (4).
3 ومحل الخلاف بين العلماء فيما ليس من مقتضاه ولا من مصلحته وهو ما عدا ذلك من الشروط [5].
أقوال العلماء في المسألة:
القول الأول:
أنه لا يصح شرطان في بيع، فإن فعل بطل البيع.
وهذا مذهب الحنفية [6]، وهو قياس قول المالكية من باب أولى على المذهب المشهور عنهم [7]، وهو قول الشافعية [8]، ومذهب الحنابلة في المشهور [9]، وحكى بعضهم الاتفاق على المنع منه [10].
القول الثاني:
يبطل الشرط والعقد صحيح.
وهو احتمال في مذهب الإمام أحمد ذكره المرداوي [11].
القول الثالث:
صحة اشتراط شرطين في بيع، بل يجوز ولو زاد عن شرطين ما لم تكن الشروط محرمة.
وهذا رواية عن الإمام أحمد، اختارها ابن تيمية وابن القيم [12].
أدلة القول الأول:
وهم القائلون بالبطلان.
استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم : “لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع” أخرجه الإمام أحمد والنسائي وأبوداود والترمذي وصححه [13].
ونوقش:
بأن الحديث مختلف في تفسيره، فمنهم من فسره بالعينة، ومنهم من فسره بالشروط الفاسدة، ومنهم من فسره بقوله: إن باعها فهو أحق بها بالثمن، وذلك أنه يتضمن شرطين: الأول: أن لا يبيعها لغيره. والثاني أن يبيعها له بالثمن. [14] يدل لذلك أنه ورد في بعض ألفاظ الحديث عند أحمد رواية “ونهى عن بيعتين في بيعة”، بدلاً من “ولا شرطان في بيع” [15].
أدلة القول الثاني:
ويشهد لهذا القول حديث عائشة في قصة بريرة مرفوعاً: “كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل … ” الحديث متفق عليه [16].
ووجه الدلالة منه أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل الشرط وأجاز البيع.
ونوقش:
أأن العتق يختلف، حيث تجري فيه السراية في العتق بخلاف غيره فلا يقاس عليه.
بأن الأصل في الشروط الصحة والإباحة إلا ما ثبت تحريمه أو فساده، وعليه فهي شروط صحيحة.
جـأنه يلزم على هذا جواز الشرطين، فأي فرق بين من أجاز الشرط ومنع الشرطين [17].
أدلة القول الثالث:
1 قوله تعالى: ل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ل [18].
2 قوله صلى الله عليه وسلم : “المسلمون على شروطهم” [19].
ووجه الدلالة من الآية والحديث: أنهما دلا على وجوب الوفاء بالشروط، والخروج عن هذا الأصل يحتاج إلى دليل صريح.
3 أن الأصل في المعاملات كلها: أصلها وشروطها الصحة والإباحة ما لم يدل دليل صريح على المنع [20].
قال شيخ الإسلام في تقرير دليل الاستصحاب: إن العقود والشروط من باب الأفعال العادية. والأصل فيها عدم التحريم، فيستصحب عدم التحريم فيها حتى يدل دليل على التحريم … وأيضاً فليس في الشرع ما يدل على تحريم جنس العقود والشروط إلا ما ثبت حله بعينه ا. هـ. [21].
4 أما حديثهم فالراجح في تفسيره أنه بيع العينة كما رجحه ابن القيم وغيره [22].
الترجيح:
والراجح والله أعلم هو القول الثالث وهو جواز الشرطين في العقد:
1 لقوة أدلته ووجاهته.
2 ومناقشة أدلة المخالفين.
3 موافقته للقواعد الشرعية المرعية في أبواب المعاملات.
وسبب الخلاف في المسألة هو الخلاف في تفسير حديث “ولا شرطان في بيع”.
وتظهر ثمرة الخلاف في الزيادة على الشرطين: هل تجوز أو لا؟. والله أعلم.
[1] انظر: المبسوط: (13/ 8 9)، نيل الأوطار: (5/ 203)، نظرية الشرط: (297)، (519)، الجامع في أصول الربا: (354).
[2] انظر: الإنصاف: (4/ 348)، وانظر: الفتاوى الكبرى: (4/ 101)، مجموع الفتاوى: (29/ 133، 169، 170)، الفروع: (4/ 61 62)، الاختيارات: (123)، القواعد النورانية: (212 214).
[3] انظر: المغني: (6/ 323)، الفروع: (4/ 61 62)، الموسوعة الفقهية الكويتية: (9/ 2).
[4] انظر: المغني: (6/ 323)، الإنصاف: (4/ 348)، موسوعة الإجماع (1/ 169).
[5] انظر: اختيارات ابن القيم: (1/ 188).
[6] انظر: المبسوط: (13/ 13 16)، شرح معاني الآثار: (4/ 90، 47)، تبيين الحقائق: (4/ 57، 43 44)، البحر الرائق: (6/ 93)، الفصول في الأصول: (2/ 180)، وانظر: جواهر العقود: (1/ 60)، المغني لابن قدامة: (6/ 322).
[7] انظر: المدونة: (4/ 152)، المنتقى: (4/ 212 214)، المقدمات الممهدات: (2/ 64)، التاج والإكليل: (6/ 242)، الفواكه الدواني: (2/ 89 90)، مواهب الجليل: (4/ 373)، حاشية الدسوقي: (3/ 66 67)، بلغة السالك: (3/ 102 103).
[8] انظر: المجموع: (9/ 464)، الأم: (7/ 101)، أسنى المطالب: (2/ 31)، مغني المحتاج: (2/ 47 48)،وانظر: المغني لابن قدامة: (6/ 322).
[9] انظر: المغني: (6/ 321)، الفتاوى الكبرى: (4/ 101)، مجموع الفتاوى: (29/ 169 170)، شرح الزركشي: (3/ 656)، الفروع: (4/ 62 63)، الإنصاف: (4/ 348)، دقائق أولى النهى: (2/ 163)، كشاف القناع: (3/ 191 192)، منار السبيل: (1/ 314).
[10] انظر: نيل الأوطار: (5/ 203)، الغرر وأثره في العقود: (93).
[11] انظر: جامع الفقه لابن القيم: (4/ 113)، الإنصاف: (4/ 348).
[12] انظر: المغني: (1/ 322)، الفتاوى الكبرى: (4/ 94)، الإنصاف: (4/ 348)، شرح الزركشي: (3/ 657)، الاختيارات: (123).
[13] سنن أبي داود: (3/ 283)، كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، حديث رقم (3504)، سنن الترمذي: (3/ 535)، كتاب البيوع (12)، باب (19)، حديث رقم (1234)، المسند: (2/ 174، 179، 205)، سنن النسائي: (7/ 288)، كتاب البيوع، باب ما ليس عند البائع، كما رواه الدارمي: (2/ 703)، كتاب البيوع (18)، باب رقم (26)، حديث رقم (2463)، والحديث حسنه الألباني. انظر: الإرواء: (5/ 148).
[14] انظر: المغني: (6/ 322)، الإنصاف: (4/ 348)، تهذيب السنن: (5/ 146 147).
[15] انظر: المسند: (2/ 172 173، 205)، بيع المزاد: (81).
[16] سبق تخريجه ص: (378).
[17] انظر: تهذيب السنن: (5/ 146 147).
[18] سورة المائدة: الآية (1).
[19] سبق تخريجه ص: (381).
[20] انظر: مجموع الفتاوى: (29/ 150).
[21] المصدر السابق.
[22] انظر: تهذيب السنن: (5/ 106، 148 149).
تتمة: وهذا بحث آخر حول الفرق بين شروط البيع والشروط في البيع:
أن الشروط في البيع يقصد بها، تلك الشروط التي يتفق عليها الطرفان البائع والمشتري، أثناء عقد البيع، مثال ذلك: وضع شرط جزائي على المقاول إذا لم ينه البناء خلال شهر مثلا.
أو أن أبيعك سيارة وأقول لك: بشرط أن لا تبيعها حتى تنهي أقساطها، أو يشترط الخيار في البيع لمدة ثلاثة أيام، أو الرهن، ونحو ذلك.
والعقود هذه الأيام، مليئة بالشروط بسبب تعقد الحياة، فما هي أهم أحكام الشروط في البيع؟.
قال كثير من العلماء: الشروط نوعان، صحيح وفاسد ..
والشرط الصحيح على ثلاثة أنواع:
1 شرط من مقتضى العقد، وهو كما يقال (تحصيل حاصل)، كأن تعطيني البضاعة وأعطيك الثمن (تسليم الثمن والمثمن).
2 شرط من مصلحة العقد (الرهن، الشهود، الخيار).
3 شرط البائع أو المشتري نفعا معلوما، مثل أن يشترط البائع سكنى الدار شهرا قبل تسليمها إلى المشتري، أو يشترط المشتري على البائع حمل الحطب أو تكسيره ونحو ذلك.
والحنابلة هنا لا يجيزون أكثر من شرط من النوع الثالث، ويقولون إن شرط أكثر من شرط، بطل البيع، ولكن الصحيح أنه لا يبطل، وله أن يشترط أكثر من شرط من النوع الثالث، وهم قد استدلوا بحديث (لا يحل سلف وبيع و شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولابيع ما ليس عندك) رواه الخمسة من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه، إلا ابن ماجة فله منه (ربح ما لم يضمن وبيع ما ليس عندك) وسنبين معناه قريبا إن شاء الله تعالى.
وننبه هنا إلى أمر مهم جدا: وهو أن كثيرا من العلماء يعتبرون الشروط في الأصل باطلة، وهذا يسبب إشكاليات كثيرة في هذا العصر، فالمعاملات الحالية مليئة بالشروط، وتتم صفقات بين دول بشروط وبنود كثيرة ودقيقة للغاية، فإذا جعلنا الأصل في الشروط أنها محرمة فهذا سيكون سببا في حرج شديد، وسنأتي بعد قليل على هذه النقطة بمزيد إيضاح.
أما الشروط الفاسدة فقسمت إلى:
1 شرط يبطل العقد من أصله، كاشتراط أحدهما على الآخر عقدا آ خر، كسلف أي سلم، وقرض، وبيع وإجارة ونحو ذلك.
2 فاسد يبطل الشرط ويصح العقد، أي يصح معه البيع، كأن يشترط أن لا خسارة عليه، أو متى نفق وإلا رده، أو لا يبيع السلعة، أو لا يهبها، أو أن يبيعها على فلان، أو يهبها لفلان، فهنا عند جمهور العلماء، يبطل الشرط وحده، ويصح العقد، وسيأتينا أن الصحيح صحة هذه الشروط.
3 ما لا ينعقد معه العقد، كقوله بعتك إن رضي فلان، أو إن جئتني بكذا.
هذا هو التقسيم المشهور، غير أن ثمة نزاع في كثير من أنواع القسم الثاني ـ قسم الشرط الفاسد ـ، وجمهور العلماء يجعلون الأصل في الشروط التحريم، فلا يباح منها إلا بدليل، ولهذا فقد جعلوا كثيرا من الشروط التي فيها مصلحة للمتعاقدين أو أحدهما، فاسدة، وبعضهم أجاز الشرط الواحد ومنع أكثر منه، وكل ذلك فيه نظر.
وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنه لا يصح القول بأن الأصل في الشروط التحريم، وقال: إن الصحيح أن الأصل في الشروط في البيع الإباحة ما لم يرد نص بالتحريم.
ومثال على ذلك: لو باعك بائع السلعة وشرط أن لا تبيعها لغيرك، إلا بعد أن تعرضها عليه، أو اشتريت سلعة بشرط إن نفقت وإلا رددتها على البائع، فالأصل إباحة هذه الشروط وتلزم بالعقد، وكذلك إذا شرط المشتري على البائع أكثر من شرط ولكنها مباحة في الأصل، كل ذلك جائز وصحيح ولازم، لأنه لم يرد نص في تحريمها.
وقد أورد العلماء القائلون بأن الأصل في الشروط التحريم عدة أدلة:
1 منها حديث (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) [متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها].
2 حديث (نهى عن بيع وشرط).
3 حديث (نهى عن بيع وسلف وعن شرطين في بيع).
ورد عليهم شيخ الإسلام ابن تيميه بما يلي:
قال رحمه الله ” القول الثاني أن الأصل في العقود والشروط: الجواز والصحة ولا يحرم منها ويبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه وبطلانه، نصا أو قياسا، عند من يقول به، وأصول أحمد المنصوصة عنه: أكثرها يجري على هذا القول ومالك قريب منه، ولكن أحمد أكثر تصحيحا للشروط، فليس في الفقهاء الأربعة أكثر تصحيحا للشروط منه …. هذا القول هو الصحيح: بدلالة الكتاب والسنة، والإجماع، والاعتبار مع الاستصحاب، وعدم الدليل المنافي.
أما الكتاب فقد قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} والعقود هي العهود، وقال تعالى: {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا} وقال تعالى {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} فقد أمر الله بالوفاء بالعقود، وهذا عام، وكذلك أمر بالوفاء بعهد الله وبالعهد، وقد دخل في ذلك ما عقده المرء على نفسه، بدليل قوله تعالى {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل} فدل على أن عهد الله يدخل فيه ما عقده المرء على نفسه، وإن لم يكن الله قد أمر بنفس ذلك المعهود عليه قبل العهد، كالنذر والبيع، إنما أمر بالوفاء به، وهذا قرنه الصدق في قوله {وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا} … وإذا كان جنسالوفاء ورعاية العهد مأمورا به، علم أن الأصل صحة العقود والشروط، إذ لا معنى للتصحيح إلا ما ترتب عليه أثره، وحصل به مقصوده، ومقصود العقد: هو الوفاء به، فإذا كان الشارع قد أمر بمقصود العهد، دل على أن الأصل فيها الصحة والإباحة ”
وأجاب على الاحتجاج بحديث (ليس في كتاب الله) بقوله: ” وأما قوله صلى الله عليه وسلم (من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق) فالشرط يراد به المصدر تارة، والمفعول أخرى، وكذلك الوعد والخلف، ومنه قولهم درهم ضرب الأمير، والمراد به هنا ـ والله أعلم ـ المشروط، لا نفس المتكلم، ولهذا قال: (وإن كان مائة شرط) أي: وإن كان مائة مشروط، وليس المراد تعديد التكلم بالشرط، وإنما المراد تعديد المشروط، والدليل على ذلك قوله: (كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق)، أي: كتاب الله أحق من هذا الشرط، وشرط الله أوثق منه، وهذا إنما يكون إذا خالف ذلك الشرط كتاب الله وشرطه، بأن يكون المشروط مما حرمه الله تعالى، وأما إذا كان المشروط مما لم يحرمه الله تعالى، فلم يخالف كتاب الله وشرطه …… فمضمون الحديث: أن المشروط إذا لم يكن من الأفعال المباحة، أو يقال: ليس في كتاب الله: أي ليس في كتاب الله نفيه، كما قال (سيكون أقوام يحدثونكم بما لم تعرفوا أنتم ولا آباؤكم) أي: بما تعرفون خلافه، وإلا فما لا يعرف كثير ” [مجموع الفتاوى 29/ 132ـ161]
ومعنى كلامه أن مقصود حديث (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) أي كل مشروط حرمته الشريعة، فهو باطل، وليس مقصوده أن كل شرط زائد على العقد محرم إلا ما كان منصوصا عليه.
أما الحديث الثاني: وهو حديث (نهى عن بيع وشرط) فهو حديث لا أصل له فلا يحتج به.
أما الحديث الثالث: وهو حديث (نهى عن شرطين في بيع) قال ابن القيم: إن الصحيح أن الشرطين في البيع هما البيعتان في البيعة، وهو بيع العينة، وهو أن يحتاج الشخص للنقد، فيأتي شخصا آخر، ويقول له: أبيعك سيارتي بثلاثة آلاف نقدا وأشتريها منك بخمسة مقسطة.
قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على معالم السنن بعد ذكر الأقوال في تفسير حديث (نهى عن شرطين في بيع): ” فإذا تبين هذه الأقوال فالأولى تفسير كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعضه ببعض. فنفسر كلامه بكلامه. فنقول: نظير هذا نهيه صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة , وعن بيعتين في بيعة. فروى سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة). وفي السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (من باع بيعتين في بيعه فله أوكسهما , أو الربا). وقد فسرت البيعتان في البيعة بأن يقول (أبيعك بعشرة نقدا , أو بعشرين ونسيئة) هذا بعيد من معنى الحديث من وجهين. أحدهما: أنه لا يدخل الربا في هذا العقد. الثاني: أن هذا ليس بصفقتين , إنما هو صفقة واحدة بأحد الثمنين. وقد ردده بين الأوليين أو الربا. ومعلوم أنه إذا أخذ بالثمن الأز ي د في هذا العقد لم يكن ربا. فليس هذا معنى الحديث. وفسر بأن يقول ” خذ هذه السلعة بعشرة نقدا وآخذها منك بعشرين نسيئة وهي مسألة العينة بعينها. وهذا هو المعنى المطابق للحديث. فإنه إذا كان مقصودة الدراهم العاجلة بالآجلة فهو لا يستحق إلا رأس ماله , وهو أوكس الثمنين فإن أخذه أخذ أوكسهما , وإن أخذ الثمن الأكثر فقد أخذ الربا. فلا محيد له عن أوكس الثمنين أو الربا. ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى وهذا هو بعينه الشرطان في بيع. فإن الشرط يطلق على العقد نفسه. لأنهما تشارطا على الوفاء به فهو مشروط , والشرط يطلق على المشروط كثيرا , كالضرب يطلق على المضروب , والحلق على المحلوق والنسخ على المنسوخ. فالشرطان كالصفقتين سواء. فشرطان في بيع كصفقتين في صفقة: وإذا أردت أن يتضح لك هذا المعنى فتأمل نهيه صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر عن بيعتين في بيعة , وعن سلف وبيع. رواه أحمد.
ونهيه في هذا الحديث عن شرطين في بيع وعن سلف في بيع فجمع السلف والبيع مع الشرطين في البيع , ومع البيعتين في البيعة. وسر ذلك: أن كلا الأمرين ي ؤ ول إلى الربا , وهو ذريعة إليه. أما البيعتان في بيعة: فظاهر , فإنه إذا باعه السلعة إلى شهر ثم اشتراها منه بما شرطه له , كان قد باع بما شرطه له بعشرة نسيئة. ولهذا المعنى حرم الله ورسوله العينة. وأما السلف والبيع: فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة , ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة: فقد جعل ذا البيع ذريعة إلى الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل , ولولا هذا البيع لما أقرضه ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك. فظهر سر قوله صلى الله عليه وسلم (لا يحل سلف وبيع , ولا شرطان في بيع) وقول ابن عمر ” نهى عن بيعتين في بيعة وعن سلف وبيع ” واقتران إحدى الجملتين بالأخرى لما كانا سلما إلى الربا. ومن نظر في الواقع وأحاط به علما فهم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه , ونزله عليه. وعلم أنه كلام من جمعت له الحكمة , وأوتي جوامع الكلم , فصلوات الله وسلامه عليه , وجزاه أفضل ما جزى نبيا عن أمته ” انتهى.
واليوم يحدث هذا البيع ـ أعني شرطين في بيع أو بيعتين في بيعة ـ بطريق الحيلة، فيذهب اثنان إلى البنك الإسلامي، يقول أحدهما أريد أن أبيع سيارتي على فلان تظاهرا فقط، ثم ترد السيارة على صاحبها بعد انتهاء المعاملة، الهدف أن يأخذ من البنك الإسلام المال نقدا، والبنك يقسط عليه السعر الجديد، وهذه تسمى العينة الثلاثية، لأنهما أ دخلا طرفا ثالثا هو البنك الإسلامي، وهذا البيع هو المقصود بالنهي عن شرطين في بيع، أي بيع العينة، أو بيعتين في بيعة كلها بمعنى واحد.
والخلاصة: أن حديث المؤمنون على شروطهم، عام يدل على إباحة الشروط ما لم يرد نص على تحريم شرط بعينه، وأن كل شرط غير محرم فهو ملزم والله اعلم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” وأصول أحمد ونصوصه تقتضي جواز شرط كل تصرف فيه مقصود صحيح، وإن كان فيه منع من غيره ” [مجموع الفتاوى 29/ 169]
منقول
مشاركة نورس:
تأملات في حديث في فقه البيوع
1212 ” أتدري إلى أين أبعثك؟ إلى أهل الله وهم أهل مكة، فانههم عن أربع: عن بيع
وسلف، وعن شرطين في بيع، وربح ما لم يضمن، وبيع ما ليس عندك “.
غريب الحديث:
” بيع وسلف “: قال ابن الأثير: ” هو مثل أن يقول: بعتك هذا العبد بألف على أن تسلفني في متاع، أو على أن تقرضني ألفا لأنه إنما يقرضه
ليحابيه في الثمن، فيدخل في حد الجهالة، ولأن كل قرض جر منفعة فهو ربا “.
” شرطين في بيع “: قال ابن الأثير: ” هو كقولك: بعتك هذا الثوب نقدا بدينار، ونسيئة بدينارين، وهو كالبيعتين في بيعة “.
قلت (الالباني): وقد صح النهي عن بيعتين في بيعة من حديث أبي هريرة وعبد الله بن مسعود
وعبد الله بن عمر، وهي مخرجة في المصادر المشار إليها آنفا، وهو رواية في
حديث الترجمة عند البيهقي. وتتابع الرواة على تفسير البيعتين في بيعة، بمثل ما تقدم في تفسير الشرطين في بيع، فمنهم سماك بن حرب في حديث ابن مسعود عند أحمد، وعبد الوهاب بن عطاء في حديث أبي هريرة عند البيهقي، والنسائي ترجم بذلك لحديث الباب بقوله:
” شرطان في بيع، وهو أن يقول: أبيعك هذه السلعة إلى شهر بكذا، وإلى شهرين بكذا “. ثم ترجم لحديث أبي هريرة بقوله:
” بيعتين في بيعة، وهو أن يقول: أبيعك هذه السلعة بمائة درهم نقدا وبمائتي درهم نسيئة “.
(وربح ما لم يضمن): ” هو أن يبيعه سلعة قد اشتراها ولم يكن قبضا فهي من ضمان البائع الأول، ليس من ضمانه، فهذا لا يجوز بيعه حتى يقبضه فيكون من ضمانه “.
قاله الخطابي في ” معالم السنن ” (5/ 144).
(وبيع ما ليس عندك): قال الخطابي: ” يريد بيع العين دون بيع الصفة ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر، وذلك مثل أن يبيع عبده الآبق، أو جمله الشارد “.
(السلسلة الصحيحة) المجلد الثالث، 216 برقم (1212)
قال النجمي في تأسيس الأحكام:
الثاني عشر: أن هذا الاستثناء كان شرطاً في البيع وكان إنشاؤه مع إنشاء العقد ولم يتم العقد إلا به وقد أنكر بعض الفقهاء مثل هذا ولكن سلكوا في سبيل تخريجه والاعتذار عن وقوعه مسالك شتى مع العلم أن حديث جابر رضي الله عنه أقوى من حديث النهي عن بيع وشرط ((1) وقد قال الصنعاني رحمه الله بعد ما ذكر بعض تلك المسالك التي سلكوها في الاعتذار عن هذا الحديث والأخذ به فقال (وقوى الحافظ ابن حجر كونه وعداً حل محل الشرط كما نقله عن الإسماعيلي قلت والقول للصنعاني وهذا كله وفاءً بحق المذاهب وإلا فقوله صلى الله عليه وسلم إلا أن يكون معلوماً في حديث الثنيا واضح في صحة هذا الشرط وأمثاله) أهـ فدل أن تلك التكلفات التي تكلفوها في زعمهم المعارضة من هذا الحديث لحديث النهي عن الثنيا أو لحديث النهي عن بيع وشرط والصواب أن النهي إنما هو عن الثنيا المجهولة والشرط الذي يتعارض مع البيع أو ينافيه ويضاده أما ما لم يكن كذلك فليس فيه معارضة له علماً بأن حديث جابر أصح من تلك الأحاديث التي عارضوا بها رحمنا الله وإياهم. انتهى
و قال ايضا: الرابع عشر: أن الاستثناء إنما يكون صحيحاً بشروط:
الشرط الأول: أن يكون الاستثناء من عين المبيع معيناً كاستثناء شاة من قطيع الغنم واستثناء نخلة من نخيل البستان فهذا لا يصح إلا أن يكون المستثنى معروفاً
الشرط الثاني: أن يكون الاستثناء من منفعة المبيع معيناً أيضاً ومبيناً كاستثناء سكنى الدار مدة معلومة واستثناء ركوب الدابة أو السيارة إلى موضع معين.
الشرط الثالث: أن هذا الشرط لا يصح إلا إذا كان في ذات المبيع أو منفعته أما أن يكون الاستثناء في غير المبيع فهذا لا يجوز ويكون مما نهي عنه في حديث (النهي عن بيع وشرط) وبالله التوفيق
(تاسيس الاحكام / 4/ 56)
جواب سيف بن دورة الكعبي:
بالنسبة لحديث ( …. ولا شرطان في بيع) حديث حسن من حديث عمرو بن شعيب عن جده، فقال بعض مشايخنا: هو كقوله (نهى عن بيعتين في بيعة) وأما حمل ذلك على الشرطين الفاسدين أو المحرمين فهو محمل فاسد؛ لأن الفاسد المحرم لا يجوز، وإن كان شرطا، وأما حمله على عدم اشتراط أكثر من منفعة؛ فأي فرق بين منفعة، ومنفعتين، وثلاث، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (المؤمنون على شروطهم؛ إلا شرطاً أحل حراما، أو حرم حلالا)
أما حديث (نهى عن بيعتين في بيعة) فهو حديث حسن فالأرجح انه في بيع العينة، وقيل: هو في من باع نقدا بكذا ونسيئة بكذا ثم تبايعا ولم يعين أي البيعتين أختار. وهناك أقوال أخرى
والراجح أن الشروط جائزة في البيوع لكن لا بد أن تكون دقيقة وتفصيلية؛ لأنه قد يضع سعر إجمالي على السلعة وبعض الشروط ثم يريد أن يلغي بعض الشروط فيتخاصمان في سعر الشرط.
أما حديث نهى عن بيع وشرط فهو من رواية أبي حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه الحاكم في علوم الحديث فهي منكرة والرواية الصواب هي (لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع …. )، لمخالفة أبي حنيفة
وأما حديث (إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، وعن الثنيا إلا أن تعلم) عزاه ابن حجر للخمسة إلا ابن ماجه وهو صحيح، وأخرج الحديث البخاري 2381 ومسلم 1536 ولم يذكر البخاري (الثنيا) وذكرها مسلم بدون التقييد (إلا أن تعلم) وراجع تحقيقنا لأبي داود 3404.
ونقل النووي الإجماع على الثنيا المعلومة يصح معها البيع ومثل لذلك يقول: بعتك هذه الأشجار إلا هذه الشجرة أو …. ) وكذلك نقل ابن قدامة الإجماع على ذلك قال: لأن المستثنى معلوم، ولا يؤدي إلى جهالة المستثنى منه) راجع شرح مسلم 1536، والمغني 6/ 173.