مختلف الحديث رقم {(82)}
بإشراف واختصار: سيف بن دورة الكعبي و سيف بن غدير النعيمي
كيف التوفيق بين حديث: ابن مسعود مرفوعا {أول ما يُقضى بين الناس في الدماء}
[متفق عليه]
وبين حديث [أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ … )
وصححه الألباني:”صحيح سنن الترمذي ”
وهو في الصحيح المسند برقم [1478]
مشاركة عبدربه ونقل عبدالحميد بعض الجواب:
ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة رفعه:
إنّ أوّل ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته.
لأنّ الأوّل محمولٌ على ما يتعلق بمعاملات الخلق.
والثّاني: فيما يتعلق بعبادة الخالق.
فإن قلت: قد جاء في حديث السنن: “أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبْدُ صَلَاتُهُ” فما طريقُ الجمع بين الحديثين؟
قلت: قد جُمعَ بينهُما: بأنْ يكون حديثُ الصلاة محمولًا على ما بينَ العبد وربِّه عز وجل، وحديثُ الدماء فيما بينَ العبادِ.
[رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام لتاج الدين الفاكهاني]
قوله: (أول مايقضى على الناس يوم القيامة فى الدماء)، هذا ظاهر فى تغليظ أمر الدماء، وليس هذا الحديث معارض للحديث الاَخر: (أول ماينظر فيه من عمل العبد الصلاة)، فهذا فى خاصة أعمال العبد لنفسه وذلك فيما بينه وبين غيره.
[شرح مسلم للقاضي عياض]
وقوله: ((إن أول الناس يُقضى عليه يوم القيامة رجل استُشْهِد، ورجل تعلم العلم، وورجل أنفق ماله))؛ هذا يخالفُه قوله: ((أول مايحاسب به العبد المسلم من عمله صلاته))، الحديث، وقوله: ((أول مايقضى فيه بين الناس في الدِّماء)).
قد يسبق إلى الوهم أن هذه الأحاديثَ متعارضة من حيث الأولية المذكورة في كل حديث منها؛ وليس كذلك؛ فإنه إنَّما كان يلزم ذلك لو أريد بكل أولي منها أنه أوَّلٌ بالنسبة إلى كل ما يُسأل عنه، ويقضى فيه، وليس في شيءٍ من تلك الأحاديث ما ينصُّ على ذلك، وإنما أراد والله أعلم: أن كل واحد من تلك الأوليات أوَّلٌ بالنسبة إلى ما في بابه، فأول ما يحاسبُ به من أركان الإسلام الصلاة، وأول ما يحاسب به من المظالم الدِّماء، وأول ما يحاسب به مما ينتشر فيه صِيتُ فاعله تلك الأمور.
وهذا أوَّلُ ما يقاربه ويناسبه، وهكذا تعتبر كل ما يردُ عليك من هذا الباب.
[شرح مسلم للقرطبي]
ولَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ
لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقٍّ لِلَّهِ وَهَذَا فِيمَا بَيْنَ الْعِبَادِ.
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ وَالْأَظْهَرُ أن يقال لأن ذَلِكَ فِي الْمَنْهِيَّاتِ وَهَذَا فِي الْمَامُورَاتِ أَوْ الْأَوَّلُ فِي الْمُحَاسَبَةِ وَالثَّانِي فِي الْحُكْمِ.
[تحفة الاحوذي]
مشاركة ناصر الريسي ونقل ابومعاذ كلام ابن حجر:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
” أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة الصلاة، وهذا بالنسبة لحق الله عز وجل، فإن صلحت فقد أفلح ونجح وإلا فعلى العكس خاب وخسر والعياذ بالله.
أما بالنسبة لحقوق الآدميين: فأول ما يقضى بين الناس في الدماء؛ لأنها أعظم الحقوق ”
انتهى من ” شرح رياض الصالحين ” (5/ 103).
وسُئل بعض أهل الفتوى عن التوفيق بين الحديثين؛ فقال:
الجواب: أما الحديث الأول المتعلق بالصلاة فقد تقدمت رواياته في إجابة السؤال السابق وأما الحديث الثاني فقد رواه البخاري بإسناده عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين الناس في الدماء) وفي رواية مسلم: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء). ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث أبي هريرة في أن أول ما يحاسب عليه الصلاة لأن حديث أبي هريرة متعلق بحقوق الله سبحانه وتعالى والحديث الآخر متعلق بحقوق العباد أي إن أول حق من حقوق الله تعالى يحاسب عليه العبد هو الصلاة وأول حق من حقوق العباد يحاسب عليه العبد هو الدماء
قال الإمام النووي: [قولهل: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) فيه تغليظ أمر الدماء وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة وهذا لعظم أمرها وكثير خطرها وليس هذا الحديث مخالفاً للحديث المشهور في السنن: (أول ما يحاسب به العبد صلاته) لأن هذا الحديث الثاني فيما بين العبد وبين الله تعالى وأما حديث الباب فهو فيما بين العباد والله أعلم بالصواب]
شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 319.
وقال الحافظ ابن حجر: [ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته)
الحديث أخرجه أصحاب السنن لأن الأول محمول على ما يتعلق بمعاملات الخلق والثاني فيما يتعلق بعبادة الخالق وقد جمع النسائي في روايته في حديث ابن مسعود بين الخبرين ولفظه: (أول ما يحاسب العبد عليه صلاته وأول ما يقضي بين الناس في الدماء)]
[فتح الباري 11/ 482.]
وقال العلامة القاري:
الأظهر أن يقال لأن ذلك من المنهيات وهذا في المأمورات أو الأول في المحاسبة والثاني في الحكم لما أخرج النسائي عن ابن مسعود مرفوعاً: (أول ما يحاسب العبد عليه صلاته وأول ما يقضى بين الناس في الدماء) وفي الحديث إشارة إلى أن الأول الحقيقي هو الصلاة فإن المحاسبة قبل الحكم]
[المرقاة 7/ 9].
وقال العلامة القاري في موضع آخر:
[قال الأبهري: وجه الجمع بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم : (أول ما يقضى بين الناس يوم القيمة الدماء) أن الأول من حق الله تعالى والثاني من حقوق العباد أو الأول من ترك العبادات والثاني من فعل السيئات]
[المرقاة 2/ 420.]
وخلاصة الأمر أن التوفيق بين الحديثين يكون بحمل حديث أولية المحاسبة على الصلاة بأن ذلك متعلق بحقوق الله وأولية القضاء في الدماء بأن ذلك متعلق بحقوق العباد.
مشاركة: أحمد بن علي البلوشي.
قال البسام في توضيح الأحكام عند الكلام على حديث:
مفردات الحديث:
أول: مبتدأ، وخبره “في الدماء”، ولا يعارضه حديث: “أولُ ما يحاسب به العبد صلاته” فالصلاة في حق الله، والدماء في حق العباد.
ما يؤخذ من الحديث:
في الحديث عظم شأن دم الإنسان؛ فإنَّه لم يُبدأ به يوم القيامة، إلاَّ لكونه أهم وأعظم من غيره من أنواع مظالم العباد.
قال ابن دقيق العيد:
“فيه تعظيم أمر الدماء؛ فإنَّ البداءة تكون بالأهم، وهي حقيقة بذلك؛ فإنَّ الذنوب تعظُم بحسب عِظم المفسدة الواقعة بها، أو بحسب فوات المصالح المتعلقة بعدمها، وهدم البنية الإنسانية من أهم المفاسد، ولا ينبغي أن يكون بعد الكفر بالله تعالى أعظم منه”.
هذا الحديث لا ينافي ما أخرجه أصحاب السنن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : “أول ما يحاسب به العبد صلاته”؛ لأنَّ حديث الباب فيما بين العبد وبين غيره من الخلق، وحديث الصلاة فيما يتعلَّق بحقوق الخالق.
ولا شكَّ أنَّ أعظم حقوق الناس هي الدماء، وأنَّ أعظم حقوق الله على المسلم الصلاة.
في الحديث وجوب الحذر من حقوق العباد؛ لئلا تلحق المسلم عاقبتها في ذلك الموقف العظيم، وأعظم الحقوق الدماء.
أنَّه على القضاة والمحاكم العناية بأمر قضايا القتل، وجعل الأهمية لها، والأولوية على غيرها من القضايا.
قال الشوكاني في نيل الأوطار:
وقد استشكل الجمع بين هذا الحديث وبين الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن عن أبي هريرة بلفظ ” أول ما يحاسب العبد عليه صلاته “.
وأجيب بأن الأول يتعلق بمعاملات العباد والثاني بمعاملات الله. اهـ
قال الصنعاني في سبل السلام:
[حرمة الدماء]
{وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء».
[متفق عليه]
فيه دليل على عظم شأن دم الإنسان، فإنه يقدم في القضاء إلا الأهم ولكنه يعارضه حديث «أول ما يحاسب العبد عليه صلاته».
أخرجه أصحاب السنن من حديث أبي هريرة.
ويجاب بأن حديث الدماء فيما يتعلق بحقوق المخلوق وحديث الصلاة فيما يتعلق بعبادة الخالق وبأن ذلك في أولية القضاء والآخر في أولية الحساب كما يدل له ما أخرجه النسائي من حديث ابن مسعود بلفظ «أول ما يحاسب عليه العبد صلاته وأول ما يقضى بين الناس في الدماء»، وقد أخرج البخاري من حديث علي رضي الله عنه وغيره «أنه رضي الله عنه أول من يحثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة في قتلى بدر» الحديث ” فبين فيه أول قضية يقضى فيها، وقد بين الاختصام حديث أبي هريرة «أول ما يقضى بين الناس في الدماء ويأتي كل قتيل قد حمل رأسه يقول يا رب سل هذا فيم قتلني» الحديث. وفي حديث ابن عباس يرفعه «يأتي المقتول معلقا رأسه بإحدى يديه ملببا قاتله بيده الأخرى تشحط أوداجه دما حتى يقفا بين يدي الله تعالى»، وهذا في القضاء في الدماء.
وفي القضاء بالأموال ما أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عمر يرفعه «من مات وعليه دينار، أو درهم قضي من حسناته».
وفي معناه عدة أحاديث، وأنها إذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه طرح عليه من سيئات خصمه وألقي في النار، وقد استشكل ذلك بأنه كيف يعطى الثواب، وهو لا يتناهى في مقابلة العقاب، وهو يتناهى يعني على القول بخروج الموحدين من النار وأجاب البيهقي بأنه يعطى من حسناته ما يوازي عقوبة سيئاته من غير المضاعفة التي يضاعف الله تعالى بها الحسنات؛ لأن ذلك من محض الفضل الذي يخص الله تعالى به من يشاء من عباده، وهذا فيمن مات غير ناو لقضاء دينه.
وأما من مات، وهو ينوي القضاء، فإن الله يقضي عنه كما قدمناه في أبواب السلم. اهـ
مشاركة سيف بن دورة الكعبي:
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ … ) صرح المزي بأن الحديث مضطرب في ترجمة أنس بن النضر.
وأشار إلى إعلاله أبوحاتم والدارقطني حيث رجحوا رواية الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وأنس بن حكيم مجهول، بل ذكر الدارقطني أن أنس شك في رفعه.
وقال البخاري بعد أن ذكر الخلاف في الحديث ولا يصح سماع الحسن من أبي هريرة في هذا.
وذكر العقيلي الاختلاف وذكر العقيلي أن رواية الجدي عن حماد عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، معله، وورد من طرق اخرى عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم ، وروي من طرق عن حماد كالرواية الأولى وهذا اضطراب من حماد بن سلمة، ثم لم يثبت سماع يحيى بن يعمر من الصحابي.
وورد من حديث تميم والراجح انه موقوف عليه حيث رواه يزيد وهشيم عن دواد بن أبي هند موقوفا على تميم، وقال البيهقي: ووقفه سفيان الثوري وحفص بن غياث.
وقال الطيالسي: لم يرفع هذا الحديث احد غير حماد بن سلمة.
وقال الدارمي: لا أعلم أحداً رفعه غير حماد، قيل له: صحَّ هذا؟ قال: لا.
وقال أحمد: ما احسب زرارة لقي تميما واثبتها آخرين.
ومسلم في التمييز: ذكر أن حماد بن سلمة يخطئ كثيرا في غير ثابت كحديثه عن قتادة وداود بن أبي هند ….
وورد من حديث أنس لكنه من طريق القاسم ولا يتابع على حديثه عن أنس قاله العقيلي.
وبعض المشايخ حسنه بشواهده فإن كان هناك طرق أخرى فيرجى تنبيهي والا ما سبق فهو معل.