مختلف الحديث رقم: (70)
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
كيف التوفيق بين:
قوله صلى الله عليه وسلم: (وإن تأمَّرَ عليكم عبد حبشي)
رواه أبو داود (4607) والترمذي (2676)، وابن ماجه (42) وأحمد (4/ 126) (17184)، والحاكم (1/ 176). من حديث العرباض بن سارية. صححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)
مع ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الإمامة في قريش).
” السلسلة الصحيحة ” 4/ 467
——————
جواب أحمد بن علي:
مختلف الحديث 70
قال الألباني في سلسلة الهدى والنور:
(الأئمة من قريش) هذا حديث صحيح وليس فقط صحيحاً بل وهو متواتر أيضاً بشهادة أمير المؤمنين في زمنه وبعد زمانه أيضاً فيما نعلم، إذن رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم يضع في هذا الحديث شرطاً للحاكم الذي يريد أن يحكم المسلمين وهو أن يكون قرشياً، وأنا أعلم أن بعض ذوي الأهواء قديماً وحديثاً يتأولون هذا الحديث بما ذكره أحد المؤرخين قديماً أن ذلك كان؛ لأن قريشاً كانت لهم صوله وكانت لهم قوة ومكانة ومنزلة في العرب حيث كانوا يخضعون لهم وراثةً وإجلالً وتقريراً لهم وعلى هذا جاء قوله عليه السلام: (الأئمة من قريش) أما بعد أن تفككت هذه الرابطة القبلية العربية بين قبيلة قريش وسائر القبائل لم يبق هناك مجال للاستمرار بتحكيم هذا الحديث؛ لأنه قيل في زعمهم للسبب المذكور آنفاً. وردنا طبعاً لعلماءنا على هذا التأويل الذي هو أشبه بالتعطيل في موضوع آيات الصفات وأحاديث الصفات ردنا على هذا التأويل بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان) …. إذن قوله عليه السلام (وإن وُلّي عليكم عبدٌ حبشي) وله شواهد بعضها في صحيح مسلم لا يعني وإن وُلي عليكم من ناس لا يُحكمون شريعة الله وإنما وُلّي عليكم من حاكم يحكم بما أنزل الله لأنّ هذا الحاكم قد عرفنا مما سبق أنه يشترط فيه أن يكون عربياً قُرشياً … فالولاية الكبرى جرى المسلمون على أن يشترط فيها على أن يكون عربياً قُرشياً الولاية الصغرى لا يشترط فيها أن يكون قُرشياً على هذا أيضاً جرى عمل المسلمين … اهـ
قال الخطابي: يريد به طاعة من ولاه الإمام عليكم وإن كان عبدا حبشا ولم يرد بذلك أن يكون الإمام عبدا حبشيا وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (الأئمة من قريش) وقد يضرب المثل في الشيء بما لا يكاد يصح في الوجود كقوله صلى الله عليه وسلم (من بنى لله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة) وقدر مفحص القطاة لا يكون مسجدا لشخص آدمي ونظائر هذا الكلام كثيرة. اهـ من تحفة الأحوذي
———-
جواب نورس الهاشمي:
قال ابن رجب (ج (2) / (119)): وولاية العبيد عليهم، وفي ” صحيح البخاري ” عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة».
وفي ” صحيح مسلم ” عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أسمع وأطيع، ولو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف». والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا.
ولا ينافي هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان»، وقوله: «الناس تبع لقريش»، وقوله: «الأئمة من قريش»، لأن ولاية العبيد قد تكون من جهة إمام قرشي، ويشهد لذلك ما خرجه الحاكم من حديث علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «الأئمة من قريش أبرارها أمراء أبرارها، وفجارها أمراء فجارها، ولكل حق، فآتوا كل ذي حق حقه، وإن أمرت عليكم قريش عبدا حبشيا مجدعا، فاسمعوا له وأطيعوا»، وإسناده جيد ولكنه روي عن علي موقوفا، وقال الدارقطني: هو أشبه.
قال ابن رجب في فتح الباري ((6) / (179))؛ وقيل: بل المراد أن الأئمة من قريش إذا ولت عبدا حبشيا أطيع، وقد روي ذلك من حديث علي مرفوعا وموقوفا: ((إن أمرت عليكم قريش عبدا حبشيا فاسمعوا له وأطيعوا)).
ونقل صاحبنا نورس كلام الخطابي وسبق في الجواب السابق.
——-
جواب سيف بن غدير النعيمي:
فضيلة الشيخ! ما وجه الجمع بين قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي)، وقوله: (الأئمة من قريش)؟
وهل يمكن أو يجوز لعبدٍ حبشي أن يكون إماماً أعظم؟
وهل يوجد في هذا الزمان إمام أعظم؟
جواب السؤال: نعم إذا يسر الله للعبد الحبشي أن يكون إماماً أعظم فليكن إماماً أعظم، والرسول عليه الصلاة والسلام إنما قال ذلك في الاختيار، إذا أردنا أن نختار إماماً للمسلمين فلنختر من قريش، ولكن من قريش من؟
الذين قاموا بالدين، أما مجرد الانتساب لقريش أو إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه ليس بفضيلة إلا إذا اقترن بالدين، لو جاءنا رجل من قريش وقال: إنه أحق بالإمامة من غيره وهو فاسق.
قلنا: لا، لأن من شرط الإمامة عند ابتداء الاستخلاف: أن يكون عدلاً، لكن لو أن أحداً قهر الناس وحكمهم فإنه يجب له السمع والطاعة، ولو كان عبداً حبشياً كأن رأسه زبيبة، ففرق بين الاختيار وبين أن يسطو أحد ويستولي على الناس بقوته، فهنا نقول: نسمع ونطيع ولا ننابذ إلا أن نرى كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان. ولا يوجد إمام أعظم، وهذا من زمان، الإمامة العامة فقدت من وقت …
(لقاء الباب المفتوح [185])
للشيخ: (محمد بن صالح العثيمين)
————
جواب سيف بن دورة الكعبي:
قلنا في تعليقنا على الصحيح المسند برقم 1340:
قال الإمام النووي في شرح مسلم:
33 – كتاب الإمارة، باب الناس تبع لقريش والخلافة فى قريش.
قال الإمام مسلم في صحيحه:- (1818) عن أبى هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الناس تبع لقريش فى هذا الشأن، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم “.
– (1819) عن جابر بن عبد الله يقول: قال النبى صلى الله عليه وسلم: ” الناس تبع لقريش فى الخير والشر “.
قال النووي:
ومعنى قوله: ” الناس تبع لقريش، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم “: إشارة لقوله فى الرواية الأخرى: ” فى الخير والشر “؛ لأنهم كانوا فى الجاهلية رؤساء العرب وأصحاب حرم الله وحج البيت، وكانت الجاهلية تنتظر إسلامهم … وقد أشعر صلى الله عليه وسلم أن هذا هو الحكم والحال، ما بقيت الدنيا وبقي من الناس أو من قريش اثنان. وقد ظهر ما قاله صلى الله عليه وسلم … وقيل: لعل هذا فى أمر الجور، والأئمة المضلين. اهـ
قال الصنعاني شرح الجامع الصغير (التنوير):
(الأئمة من قريش) قيل هو إخبار في معنى الأمر وأنهم لا يكونون إلا منهم وبه احتج أبو بكر يوم السقيفة على الأنصار وإليه ذهب الجماهير وتأولوا: “ولو عبداً حبشياً” بأن المراد من ولاه الإِمام القرشي، وقيل أنه من باب الأذان في الحبشة ونحوه كما يأتي عن ابن الأثير. اهـ.
قلت (سيف بن دورة): قال ابن الأثير في النهاية في حديث (الخلافة في قريش والحكم في الأنصار والدعوة في الحبشة):أراد بالدعوة الأذان، جعله فيهم تفضيلاً لمؤذنه بلال. انتهى
والحديث في الصحيحة 1851، وقلنا: على شرط المتمم على الذيل في كتابنا مع الأصحاب الذيل على الصحيح المسند
قال الصنعاني في مكان آخر: يحتمل أن أوائل هذه الأمور كانت لهؤلاء، أو أنهم أحق بها إن وجدوا. (التنوير) انتهى
ثم نقلنا الجمع الذي ذكره ابن عثيمين.
وراجع كذلك كتابنا الفوائد المنتقاة على مختصر مسلم. باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن ننشره أولاً بأول على موقعنا في الشبكة.