*مختلف الحديث: رقم ((7))
بحوث مجموعة لمجموعة من المشايخ وطلاب العلم (جمعه؛ سيف غدير النعيمي)
بالتعاون مع الأخوة في مجموعات السلام والمدارسة والاستفادة والتخريج رقم 1
-كيف التوفيق بين حديث:
[إِذا الْتقى المسْلمان بسيفيهما، فالقاتلُ والمقتولُ في النار … ]
مع حديث [من قتل دون ماله فهو شهيد].
————–
[قال الشيخ أبو طارق]
التوفيق بينهما كما يلي:
في الحديث الأول القاتل والمقتول اشتركا في الشر فكلاهما نوى القتل وعزما عليه وأخذا بأسبابه، ولكن المقتول عجز عن قتل صاحبه وإلا لما ترك ذلك،
وأما الحديث الآخر لأحدهما ظالم متعدي والآخر مظلوم مسالم يدافع عن نفسه أو أهله أو ماله ونحو ذلك والله تعالى أعلم.
————-
[بحث الأخ أبي صالح]
جاء في “السنة” للخلال:
” عن الحسن بن ثواب قال قلت ?بي عبد الله – أي ا?مام أحمد- سألت الزبيري عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قتل دون ماله فهو شهيد” وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما ا?خر فالقاتل والمقتول في النار” فقال الزبيري: ما تقول في الرومي إذا لقيك فقتلته، أليس لك فيه أجر؟ قلت بلى قال فإذا قتلك قلت شهيد قال كذلك اللص إذا لقيك لو أقمناه مقام المسلم ما كتبت شهيدا أبدا، ولكنه يقام مقام الكافر، فلذلك “من قتل دون ماله فهو شهيد” فلما حدثت به أبا عبد الله قال لي أرأيت لو أن رج? لقيك على غير عداوة ظاهرة، فقال ضع ثوبك، وإ? ضربتك بالسيف فأبيت، ثم حملت عليه فضربته ضربة وأنت ? تدري يموت منها أو ?، فمات، ما عليك من ذلك، وأنت ? تدري حين قال لك إن وضعت ثوبك وإ? ضربتك بالسيف كان يفعل أو ? ما ترى فيه إن قتلته قال الحسن بن عبد الوهاب – أحد الرواة- ما ترى في قتله إن قتلته قلت ? شيء إذا كان لصا قال نعم هدر دمه.
————
[بحث الأخ سيف الكعبي]
قال ابن حجر في الفتح (باب من قاتل دون ماله 2348) عن ابن بطال أنه قال: إنما أدخل البخاري هذه الترجمة هذه الترجمة في هذه الأبواب ليبين أن للإنسان أن يدفع عن نفسه وماله ولا شيء عليه، فإنه إذا كان شهيداً إذا قتل في ذلك فلا قود عليه ولا دية إذا كان هو القاتل.
ونقل ابن حجر أيضاً أقوال الأئمة في حديث (من قتل دون ماله فهو شهيد) ثم قال: وفرق الأوزاعي بين الحال التي للناس فيها جماعة وإمام، فحمل الحديث عليها، وأما في حال الإختلاف والفرقة؛ فليستسلم ولا يقاتل أحداً، ويرد عليه ما وقع في حديث أبي هريرة عند مسلم بلفظ: أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: (فلا تعطه) قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: (فاقتله) قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: (فأنت شهيد) قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: (فهو في النار. انتهى من الفتح.
قلت: وبما سسننقله عن الأئمة تتفق النصوص. أو بما نقله المشايخ سابقاً.
قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث: حمل حديث (من قاتل دون ماله فهو شهيد) على اللصوص، وحمل حديث (كن عبدالله المقتول) القتال زمن الفتن الذي لا يتميز فيه المحق من المبطل، قال، وفي مثل هذا الوقت قال: القاتل والمقتول في النار.
وقال ابن تيمية: (السنة والإجماع متفقان على أن الصائل المسلم إذا لم يندفع صوله إلا بالقتل قتل … ) مجموع الفتاوى 28/ 540.
وقال بعض أهل العلم: أن عثمان ترك القتال مع إمكانه ومنع حراسه من الدفاع عنه. وكذلك قول أبي بكرة للأحنف بن قيس: لما أراد أن يقاتل: أرجع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) والعلماء يذكرون أن الصحابة في قتالهم، ما بين مجتهد مصيب له أجران ومجتهد مخطئ له أجر. لكن رجح بعض الصحابة أنه قتال فتنة، لذلك امتنعوا من القتال، وخالفهم آخرون. المهم كل الصحابة سبق لهم الرضوان من ربهم.
فإذا دخل على المسلم أبوه عليه ليقتله مثلاً في زمن الفتن فليكن كخيري ابن آدم.
حتى في رواية (فإن خشيت شعاع السيف فألق عليك ثوبك) بمعناه.
قال النووي: أما المدافعة عن الحريم؛ فواجبة بلا خلاف. (شرح مسلم 141) وراجع المغني 12/ 533، وشرح البلوغ لمحمد الفضلي5/ 222)
قال علماء اللجنة الدائمة في فتوى 7150 في الحديث الصحيح (إذا إلتقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار) وماذا عن الفتنة الكبرى أيام الخلافة الراشدة؟
الجواب: مذهب أهل السنة والجماعة الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والترضي عنهم جميعاً، واعتقاد أنهم كانوا مجتهدين فيما عملوا، فمن أصاب فله أجران ومن أخطأ فله أجر وخطؤه مغفور، والحديث إنما هو في المسلمين الذين يقتتلان ظلماً وعدوانا لا باجتهاد شرعي.
——————
[بحث الأخ أحمد بن علي]
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قلت: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه متفق عليه
الشَّرْحُ
قوله: إذا التقى المسلمان بسيفيهما أي: يريد كل واحد منهما أن يقتل الآخر فسل عليه السيف وكذلك لو أشهر عليه السلاح كالبندقية أو غيرهما مما يقتل كحجر ونحوه.
فذكر السيف هنا على سبيل التمثيل وليس على سبيل اليقين بل إذا التقى المسلمان بأي وسيلة يكون بها القتل فقتل أحدهما الآخر فالقاتل والمقتول في النار والعياذ بالله فقال أبو بكرة للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا القاتل؟ يعني أن كونه في النار واضح لأنه قتل نفساً مؤمنة متعمداً والذي يقتل نفساً مؤمنة متعمداً بغير حق فإنه في نار جهنم.
قال الله تعالى: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً فأبو بكرة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا القاتل وهذه الجملة هي ما يعرف في باب المناظر بالتسليم يعني سلمنا أن القاتل في النار فما بال المقتول كيف يكون في النار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه فهو حريص على قتل صاحبه ولهذا جاء بآلة القتل ليقتله ولكن تفوق عليه الآخر فقتله فيكون هذا والعياذ بالله بنيته القتل وعمله السبب الموصل للقتل يكون كأنه قاتل ولهذا قال لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه.
ففي هذا الحديث: دليل على أن الأعمال بالنيات وأن هذا لما نوى قتل صاحبه صار كأنه فاعل ذلك أي كأنه قاتل وبهذا نعرف الفرق بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد وقوله فيمن أتى ليأخذ مالك: إن قتلته فهو في النار وإن قتلك فأنت شهيد.
وذلك لأن الإنسان الذي يدافع عن ماله وأهله ونفسه وعرضه إنما دافع رجلاً معتدياً صائلاً لا يندفع إلا بالقتل، فهنا إذا قتل الصائل كان في النار وإن قتل الدافع كان شهيداً في الجنة فهذا هو الفرق بينهما، فبهذا علم أن من قتل أخاه مريداً لقتله فإنه في النار ومن قتله أخوه وهو يريد قتل أخيه لكن عجز فالمقتول أيضاً في النار.
وفي هذا الحديث: دليل على عظم القتل وأنه من أسباب دخول النار والعياذ بالله.
وفيه: دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يوردون على الرسول صلى الله عليه وسلم الشبهة فيجيب عنها.
ولهذا لا نجد شيئاً من الكتاب والسنة فيه شبهة حقيقية إلا وقد وجد حلها، إما أن يكون حلها بنفس الكتاب والسنة من غير إيراد سؤال وإما أن يكون بإيراد سؤال يجاب عنه.
ومن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبر الدجال يمكث في الأرض أربعين يوماً اليوم الأول كسنة والثاني كشهر والثالث كالأسبوع وبقية الأيام كأيامنا سأله الصحابة هذا اليوم كسنة هل تكفينا فيه صلاة يوم واحد؟ قال: لا، لكن اقدروا له قدره ففي هذا أبين دليل على أنه لا يوجد والحمد لله في الكتاب والسنة شيء مشتبه لا حل له لكن الذي يوجد قصور الأفهام تعجز عن معرفة الحل أو تقصير في الطلب والتأمل والتفتيش فيشتبه عليه الأمر.
أما في الواقع فليس في الكتاب والسنة شيء مشتبه إلا وجد حله في الكتاب أو السنة إما ابتداء وإما جواباً عن سؤال يقع من الصحابة والله الموفق.
[شرح رياض الصالحين للعثيمين]
[بحث الأخ أحمد بن علي]
ابن تيمية في الفتاوى الكبرى:
مسألة: في طائفتين من الفلاحين اقتتلتا، فكسرت إحداهما الأخرى؛ وانهزمت المكسورة، وقتل منهم بعد الهزيمة جماعة: فهل يحكم للمقتولين من المهزومين بالنار، ويكونون داخلين في قول النبي صلى الله عليه وسلم: {القاتل والمقتول في النار} ” أم لا؟ وهل يكون حكم المنهزم حكم من يقتل منهم في المعركة؟ أم لا؟.
الجواب: الحمد لله. إن كان المنهزم قد انهزم بنية التوبة عن المقاتلة المحرمة لم يحكم له بالنار، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات. وأما إن كان انهزامه عجزا فقط، ولو قدر على خصمه لقتله، فهو في النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قيل: يا رسول الله، هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال إنه أراد قتل صاحبه} ” فإذا كان المقتول في النار لأنه أراد قتل صاحبه فالمنهزم بطريق الأولى؛ لأنهما اشتركا في الإرادة والفعل، والمقتول أصابه من الضرر ما لم يصب المهزوم؛ ثم إذا لم تكن هذه المصيبة مكفرة لإثم المقاتلة فلأن لا تكون مصيبة الهزيمة مكفرة أولى؛ بل إثم المنهزم المصر على المقاتلة أعظم من إثم المقتول في المعركة، واستحقاقه للنار أشد؛ لأن ذلك انقطع عمله السيئ بموته؛ وهذا مصر على الحنث العظيم؛ ولهذا قالت طائفة من الفقهاء: إن منهزم البغاة يقتل إذا كان له طائفة يأوي إليها فيخاف عوده؛ بخلاف المثخن بالجرح منهم فإنه لا يقتل. وسببه أن هذا انكف شره، والمنهزم لم ينكف شره. وأيضا فالمقتول قد يقال: إنه بمصيبة القتل قد يخفف عنه العذاب؛ وإن كان من أهل النار، ومصيبة الهزيمة دون مصيبة القتل. فظهر أن المهزوم أسوأ حالا من المقتول إذا كان مصرا على قتل أخيه. ومن تاب فإن الله غفور رحيم.
الفتاوى الكبرى لابن تيمية
وقال الشيخ عبد المحسن العباد:
شرح حديث النهي عن السعي في الفتنة وفيه ( … قتلاها كلهم في النار … )
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا أبي حدثنا شهاب بن خراش عن القاسم بن غزوان عن إسحاق بن راشد الجزري عن سالم حدثني عمرو بن وابصة الأسدي عن أبيه وابصة، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. فذكر بعض حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: (قتلاها كلهم في النار)، قال فيه: قلت: متى ذلك يا ابن مسعود؟ قال: تلك أيام الهرج، حيث لا يأمن الرجل جليسه، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال: تكف لسانك ويدك، وتكون حلساً من أحلاس بيتك، فلما قتل عثمان رضي الله عنه طار قلبي مطاره، فركبت حتى أتيت دمشق، فلقيت خريم بن فاتك رضي الله عنه فحدثته، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنيه ابن مسعود رضي الله عنه]. أورد أبو داود حديث ابن مسعود وحديث خريم بن فاتك رضي تعالى الله عنهما وهو يتعلق بحديث أبي بكرة المتقدم قال: (قتلاها كلهم في النار) يعني: القاتل والمقتول كلهم في النار. قوله: [قلت: متى ذلك يا ابن مسعود؟ قال: تلك أيام الهرج]. الهرج الذي هو كثرة القتل. قوله: [حيث لا يأمن الرجل جليسه]. يعني: تكثر الخيانة وتقل الأمانة، ولا يأمن الإنسان جليسه، فقد يعتدي عليه، وقد يكون سبباً في الاعتداء عليه. قوله: [قال: فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال: تكف لسانك ويدك]. يعني: لا تطلق لسانك في الفتنة ولا تمد يدك إليها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). قوله: [وتكون حلساً من أحلاس بيتك].
يعني: تلازم البيت، والحلس هو الفراش والوطاء الذي يوضع في البيت، فهو ثابت في البيت حتى يحرك من مكانه، ويقال للإنسان: (حلس بيته) إذا كان ملازماً له كالفراش الذي هو ملازم للأرض ولا يتحرك منها إلا إذا حرك من مكان إلى مكان، وهذا فيه إشارة إلى الابتعاد عن الفتنة، وأن الإنسان لا يكون مع أهلها وإنما يكون ملازماً لبيته. قوله: [فلما قتل عثمان طار قلبي مطاره]. يعني: حصل خوف من أن تكون هذه هي الفتنة قد وقعت، وقد حصلت. قوله: [فركبت حتى أتيت دمشق فلقيت خريم بن فاتك فحدثته فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنيه ابن مسعود رضي الله تعالى عنه].
الكتاب: شرح سنن أبي داود
المؤلف: عبدالمحسن العباد
وقال النووي قوله صلى الله عليه وسلم: (القاتل والمقتول في النار)
فليس المراد به في هذين، فكيف تصح إرادتهما مع أنه إنما أخذه ليقتله بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل المراد غيرهما، وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبية ونحو ذلك، فالقاتل والمقتول في النار، والمراد به التعريض كما ذكرناه. وسبب قوله ما قدمناه لكون الولي يفهم منه دخوله في معناه، ولهذا ترك قتله فحصل المقصود. والله أعلم
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج
وقال الشيخ ابن عثيمين:
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قلت: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه متفق عليه
الشَّرْحُ
قوله: إذا التقى المسلمان بسيفيهما أي: يريد كل واحد منهما أن يقتل الآخر فسل عليه السيف وكذلك لو أشهر عليه السلاح كالبندقية أو غيرهما مما يقتل كحجر ونحوه.
فذكر السيف هنا على سبيل التمثيل وليس على سبيل اليقين بل إذا التقى المسلمان بأي وسيلة يكون بها القتل فقتل أحدهما الآخر فالقاتل والمقتول في النار والعياذ بالله فقال أبو بكرة للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا القاتل؟ يعني أن كونه في النار واضح لأنه قتل نفساً مؤمنة متعمداً والذي يقتل نفساً مؤمنة متعمداً بغير حق فإنه في نار جهنم.
قال الله تعالى: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً فأبو بكرة رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: هذا القاتل وهذه الجملة هي ما يعرف في باب المناظر بالتسليم يعني سلمنا أن القاتل في النار فما بال المقتول كيف يكون في النار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه فهو حريص على قتل صاحبه ولهذا جاء بآلة القتل ليقتله ولكن تفوق عليه الآخر فقتله فيكون هذا والعياذ بالله بنيته القتل وعمله السبب الموصل للقتل يكون كأنه قاتل ولهذا قال لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه.
ففي هذا الحديث: دليل على أن الأعمال بالنيات وأن هذا لما نوى قتل صاحبه صار كأنه فاعل ذلك أي كأنه قاتل وبهذا نعرف الفرق بين هذا الحديث وبين قوله صلى الله عليه وسلم: من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد وقوله فيمن أتى ليأخذ مالك: إن قتلته فهو في النار وإن قتلك فأنت شهيد.
وذلك لأن الإنسان الذي يدافع عن ماله وأهله ونفسه وعرضه إنما دافع رجلاً معتدياً صائلاً لا يندفع إلا بالقتل، فهنا إذا قتل الصائل كان في النار وإن قتل الدافع كان شهيداً في الجنة فهذا هو الفرق بينهما، فبهذا علم أن من قتل أخاه مريداً لقتله فإنه في النار ومن قتله أخوه وهو يريد قتل أخيه لكن عجز فالمقتول أيضاً في النار.
وفي هذا الحديث: دليل على عظم القتل وأنه من أسباب دخول النار والعياذ بالله.
وفيه: دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يوردون على الرسول صلى الله عليه وسلم الشبهة فيجيب عنها.
ولهذا لا نجد شيئاً من الكتاب والسنة فيه شبهة حقيقية إلا وقد وجد حلها، إما أن يكون حلها بنفس الكتاب والسنة من غير إيراد سؤال وإما أن يكون بإيراد سؤال يجاب عنه.
ومن ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبر الدجال يمكث في الأرض أربعين يوماً اليوم الأول كسنة والثاني كشهر والثالث كالأسبوع وبقية الأيام كأيامنا سأله الصحابة هذا اليوم كسنة هل تكفينا فيه صلاة يوم واحد؟ قال: لا، لكن اقدروا له قدره ففي هذا أبين دليل على أنه لا يوجد والحمد لله في الكتاب والسنة شيء مشتبه لا حل له لكن الذي يوجد قصور الأفهام تعجز عن معرفة الحل أو تقصير في الطلب والتأمل والتفتيش فيشتبه عليه الأمر.
أما في الواقع فليس في الكتاب والسنة شيء مشتبه إلا وجد حله في الكتاب أو السنة إما ابتداء وإما جواباً عن سؤال يقع من الصحابة والله الموفق.
[شرح رياض الصالحين للعثيمين]