*مختلف الحديث رقم: ((66))
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
وشارك سيف بن دورة الكعبي ونورس الهاشمي وسيف بن غدير
——————
كيف التوفيق بين حديث:” (أَبِي سَعِيدٍ الخدري قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ».
رواه البخاري (3397) ومسلم (4611)
وبين قوله عليه الصلاة والسلام (إن من ورائكم زمان صبر، للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم)
صحيح الجامع رقم 2234.
————
جواب: نورس الهاشمي: [معنى أجر خمسين]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى 13/ 65.: لكن تضعيف الأجر لهم في أمور لم يضعف للصحابة لا يلزم أن يكونوا أفضل من الصحابة.
ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة فإن الذي سبق إليه الصحابة من الإيمان والجهاد ومعاداة أهل الأرض في موالاة الرسول وتصديقه وطاعته فيما يخبر به ويُوجبه قبل أن تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر أعوانه وأنصاره وتنتشر دلائل نبوته.
بل مع قلة المؤمنين وكثرة الكافرين والمنافقين وإنفاق المؤمنين أموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه في مثل تلك الحال أمر ما بقي يحصل مثله لأحد كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم: “لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه” أخرجه البخاري (2/ 236) ومسلم (4/ 1967).
قول ابن تيمية: “ما بقي يحصل مثله لأحد” يوضحه ما قاله ابن عباس: “لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة (يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم) خير من عبادة أحدكم عمره” أنظر شرح الطحاوية ص532.
وقال ابن تيمية أيضاً في ذلك: وأما قوله: “لهم أجر خمسين منكم لأنكم تجدون على الخير أعواناً ولا يجدون على الخير أعوانا”.
فهذا صحيح إذا عمل الواحد من المتأخرين مثل عمل عمله بعض المتقدمين كان له أجر خمسين.
لكن لا يُتصور أن بعض المتأخرين يعمل مثل عمل بعض أكابر السابقين كأبي بكر وعمر فإنه ما بقي يبعث نبي محمد يعمل معه مثلما عملوا مع محمد صلى الله عليه وسلم.
-هل هناك من التابعين من هو أفضل من أي واحد من الصحابة؟ قال شيخنا-حفظه الله-: “إن أي واحدٍ من الصحابة أفضل من أي واحدٍ من التابعين ومن بعدهم, وسبب تفضيلهم أن عيونهم رأت النبي –صلى الله عليه وسلم-“.
انظر: إتحاف العِباد بفوائد دروس الشيخ عبد المحسن العبَّاد (ص25).
أخرج مسلم (2532) حديث يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم … ) الحديث
قال الشيخ العبَّاد –حفظه الله-: ” وهذا الحديث الصحيحُ دالٌّ على أنَّ الصُّحبةَ للرسول –صلى الله عليه وسلم- تحصُل برؤيته –صلى الله عليه وسلم-، وإن لَم تطُلْ صحبتُه إيَّاه”.الانتصار للصحابة الأخيار (ص21).
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني –رحمه الله- في مقدَّمة رسالته: “وأنَّ خيرَ القرون القرنُ الذين رأوا رسولَ الله –صلى الله عليه وسلم- وآمنوا به، ثمَّ الذين يلونهم، ثمَّ الذين يلونهم، وأفضل الصحابة الخلفاءُ الراشدون المهديّون: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم أجمعين، وأن لا يُذكر أحدٌ من صحابة الرسول –صلى الله عليه وسلم- إلاَّ بأحسن ذكرٍ، والإمساك عمَّا شجر بينهم، وأنَّهم أحقُّ الناس أن يُلتمس لهم أحسن المخارج، ويُظنَّ بهم أحسنَ المذاهب”.
-وقال الحافظ ابن حجر –رحمه الله-: ” وقد كان تعظيمُ الصحابة -ولو كان اجتماعُهم به صلَّى الله عليه وآله وسلم قليلاً- مقرَّراً عند الخلفاء الراشدين وغيرهم، فمِن ذلك ما قرأتُ في كتاب أخبار الخوارج تأليف محمد بن قدامة المروزي، بخطِّ بعضِ مَن سمعه منه في سنة سبعٍ وأربعين ومئتين، قال: حدَّثنا علي بن الجعد، قال: حدَّثنا زهير هو الجعفي، عن الأسود بن قيس، عن نُبَيْح العَنَزِي قال: كنت عند أبي سعيد الخدري))، ثمَّ ذكره الحافظ بإسناده إلى نُبيح قال: ((كنَّا عنده وهو متَّكئ، فذكرنا عليًّا ومعاوية، فتناول رجلٌ معاويةَ، فاستوى أبو سعيد الخدري جالساً، ثمَّ قال: كنَّا ننزلُ رفاقاً مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، فكنَّا رفقةً فيها أبو بكر، فنزلنا على أهل أبيات وفيهم امرأة حُبلى، ومعنا رجلٌ من أهل البادية، فقال للمرأة الحامل: أَيَسُرُّك أن تلِدي غلاماً، قالت: نعم! قال: إن أعطيتِنِي شاةً ولَدتِ غلاماً، فأعطَتْه، فسَجَع لها أسجاعاً، ثمَّ عمد إلى الشاةِ فذبحها وطبخها، وجلسنا نأكل منها ومعنا أبو بكر، فلمَّا علم بالقصَّة قام فتقيَّأ كلَّ شيءٍ أكل، قال: ثمَّ رأيتُ ذلك البَدَويَّ أُتِي به عمر بن الخطاب وقد هجا الأنصارَ، فقال لهم عمر: لولا أنَّ له صحبةً!! من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ما أدري ما نال فيها لَكَفَيْتُكموه، ولكن له صحبة مِن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم!! “.
-قال الحافظ: “لفظ علي بن الجعد، ورجال هذا الحديث ثقات، وقد توقَّف عمر رضي الله عنه عن معاتبتِه فضلاً عن معاقبتِه لكونه علم أنَّه لقي النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم، وفي ذلك أبينُ شاهد على أنَّهم كانوا يعتقدون أنَّ شأنَ الصحبة لا يعدله شيء!!)).
ابن حجر في الإصابة (1/ 20 ـ 21).
—————
جواب سيف بن غدير النعيمي:
مختلف الحديث (66):
قال ابن حجر في ((فتح الباري)) (7/ 7):
«حديث: ((للعامل منهم أجر خمسين منكم)) لا يدل على أفضلية غير الصحابة على الصحابة؛ لأن مجرد زيادة الأجر لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة وأيضًا فالأجر إنما يقع تفاضله بالنسبة إلى ما يماثله في ذلك العمل فأما ما فاز به من شاهد النبي صلى الله عليه وسلم من زيادة فضيلة المشاهدة فلا يعدله فيها أحد» ا. هـ
-قال ابن سعدي عند قول الله تعالى:
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ)
أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون في الآخرة لدخول الجنات.
أولئك الذين هذا وصفهم، المقربون عند الله، في جنات النعيم، في أعلى عليين، في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها.
وهؤلاء المذكورون ثُلَّةٌ مِن الأوَّلِينَ
أي: جماعة كثيرون من المتقدمين من هذه الأمة وغيرهم وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ.
وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة على متأخريها، لكون المقربين من الأولين أكثر من المتأخرين. والمقربون هم خواص الخلق)
اهـ تفسير سورة الواقعة من تيسير الكريم الرحمن.
– قال الشوكاني-رحمه الله:
“أعمال الصحابة فاضلة مطلقا من غير تقييد لحالة مخصوصة، كما يدل عليه: (لو أنفق أحدكم مثل أحد) الحديث.
إلا أن هذه المزية للسابقين منهم.
وأما أعمال من بعد الصحابة فلم يَرِد ما يدل على كونها أفضل على الإطلاق، إنما ورد ذلك مقيدا بأيام الفتنة وغربة الدِّين، حتى كان أجر الواحد يعدل أجر خمسين رجلا من الصحابة، فيكون هذا مخصصا لعموم ما ورد في أعمال الصحابة، فأعمال الصحابة فاضلة، وأعمال من بعدهم مفضولة، إلا في مثل تلك الحالة ” انتهى.
“نيل الأوطار” (89/ 368)
قال ابن تيمية: «قال غير واحد من الأئمَّة: إنَّ كلَّ من صحِبَ النَّبيَّ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ أفضلُ ممَّن لم يَصحبه مطلقًا، وعيَّنوا ذلكَ في مِثلِ مُعاويةَ وعُمرَ بن عَبد العزيز مع أنَّهم مُعترِفون بأنَّ سِيرةَ عُمر بن عبد العزيز أعدلُ من سِيرة مُعاوية، قالوا: لكن ما حصَل لهم بالصُّحبَة من الدَّرجة أمرٌ لا يُساويهِ ما يحصُل لغيرهم بعِلمه».
«مجموع الفتاوى» (4/ 527).
كان ابن عمر يقول: «لا تَسُبُّوا أصحابَ محمَّدٍ ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ؛ فَلَمُقامُ أحدِهم ساعةً خيرٌ من عَمَل أحدِكُم عُمرَهُ».
رواه ابن ماجه (158)، وحسَّنه الألباني.
وقال ابن عبد البر (إن التفضيل إنما هو بالنسبة إلى مجموع الصحابة فإنهم أفضل ممن بعدهم لا كل فرد منهم)
———-
جواب سيف بن دورة الكعبي:
مختلف الحديث 64
أخرج أبوداود: 4343 – حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْعَتَكِىُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِى حَكِيمٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ جَارِيَةَ اللَّخْمِىُّ حَدَّثَنِى أَبُو أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِىُّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ فَقُلْتُ يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ كَيْفَ تَقُولُ فِى هَذِهِ الآيَةِ (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِى رَاىٍ بِرَايِهِ فَعَلَيْكَ – يَعْنِى بِنَفْسِكَ – وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ فَإِنَّ مِنْ وَرَاءِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ الصَّبْرُ فِيهِ مِثْلُ قَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ».
وَزَادَنِى غَيْرُهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ قَالَ «أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ».
* قال الترمذي: حسن غريب.
قلت: قال بعض أهل العلم: عمرو بن جارية وأبو أمية الشعباني لم يوثقهما أحد من المتقدمين، غير ابن حبان، وكذلك عتبة بن أبي حكيم فيه خلاف، قال ابن حجر: صدوق يخطئ كثيرا. وراجع الضعيفة 1564.
وله شاهد من حديث أنس وفيه محمد بن العباس بن أيوب كان قد اختلط قبل موته بسنين، وراجع الضعيفه 3959. وفيه كذلك الأسود بن ثعلبه مجهول.
وتفضيل غير الصحابة قال بعض الباحثين: لم يأت من طريق صحيح، أحسنها حديث أبي ثعلبة وقد علمت ما فيه، وحديث أبي هريرة لكنه من رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير وفيها كلام كما شرح علل الترمذي، وروايته عنه في الصحيحين لكن لعل الشيخين انتقيا له، أما هذا الحديث ففيه تفضيل غير الصحابة على الصحابة وتوجد نصوص تخالفه.
ثم روايته ليس فيها إلا قوله (أجر خمسين)
قلت: ورد من طرق أخرى عن أنس، وعن أبي أمامه وعن معاذ وابن عمر، لا تخلو من ضعف، ولا يتحمل رواتها التفرد.
ولتفسير الآية راجع تفسير الشوكاني.
وقال الأخ عبدالله المشجري ورد حديث في الصحيح المسند 1236
أرأيت من رآك فآمن بك وصدقك واتبعك، ماذا له؟ قال: ” طوبى له ” قال: فمسح على يده فانصرف، ثم أقبل الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه، قال: يا رسول الله، أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك؟ قال: ” طوبى له، ثم طوبى له، ثم طوبى له ” قال: فمسح على يده، فانصرف.
قلت: وكذلك ورد في الصحيح المسند 1215 من مسند أبي جمعه؛ وأن أبا عبيدة بن الجراح قال: يا رسول الله، أحد خير منا، أسلمنا معك، وجاهدنا معك، قال: نعم، قوم يكونون من بعدكم، يؤمنون بي ولم يروني.
ورجح ابن حجر رواية من رواه (أحد أعظم أجرا)، وهي الموافقة لحديث أبي ثعلبه، وكون مضاعفة الأجر لا تستلزم الأفضلية المطلقة، خاصة أن الصحابة نالوا حسنة مشاهدة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أعظم حسنة. (انتهى بمعناه من الفتح)
وذهب الطحاوي إلى أن المقصود أناس منعهم مانع من الهجرة ثم هاجروا وأبلوا بلاء أعظم ممن سبقهم.
لكن يشكل على ترجيح الطحاوي أن السائل هو أبوعبيدة أمين هذه الأمة.
المهم حديث (للعامل أجر خمسين منكم) توسعت في تخريجه في تحقيق كشف الأستار 3370 وله طرق كلها ضعيفه، بقي الأحاديث السابقة التي ذكرناها وتشهد لأصل معناه، وقد سبق توجيهها.
وقلنا في تعليقنا على الصحيح المسند:
842 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو بكر حدثنا عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ.
هذا حديث حسن.
– فيه فضيلة الصحابة حتى قال أبو زرعة: إذا رأيت الرجل ينتقص أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق … وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة.
– الراجح فضيلة الصحابة حتى من جهة الأفراد.
– قال شيخ الإسلام رحمه الله عند كلامه على طائفة من الصوفية يفضلون الولي على النبي وأنهم يتمسكون بشبه عقلية وذوقية ونقلية قال بعد أن ذكر الشبهة العقلية والذوقية:
الشبهة النقلية وهي محل بحثنا (وتارة يستدلون بشبه نقلية مثل قوله (للعامل منهم أجر خمسين منكم) وقوله (أمتى كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره) وهذا خلاف السنن المتواترة عن النبى من حديث ابن مسعود وعمران بن حصين و مما هو فى الصحيحين أو أحدهما من قوله (خير القرون القرن الذى بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وقوله (والذى نفسى بيده لو انفق احدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) وغير ذلك من الأحاديث، وخلاف إجماع السلف كقول ابن مسعود – وذكر أثرنا – وقول حذيفة (يا معشر القراء استقيموا وخذوا سبيل من كان قبلكم فوالله لئن اتبعتموهم لقد سبقتم سبقا بعيدا ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا) وقول ابن مسعود (من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات أولئك اصحاب محمد أبر هذه الأمة قلوبا) مجموع الفتاوى (11/ 366 ـ367)
وقال: (وأما قوله: (لهم أجر خمسين منكم لأنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون على الخير أعوانا) فلا يتصور أن بعض المتأخرين يعمل مثل عمل بعض أكابر السابقين كأبى بكر وعمر فانه ما بقى يبعث نبى مثل محمد يعمل معه مثلما عملوا مع محمد وأما قوله (أمتى كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره) مع أن فيه لِينا فمعناه فى المتأخرين من يشبه المتقدمين ويقاربهم حتى يبقى لقوة المشابهة والمقارنة لا يدرى الذى ينظر إليه أهذا خير أم هذا وإن كان أحدهما فى نفس الأمر خيرا فهذا فيه بشرى للمتأخرين بأن فيهم من يقارب السابقين. انتهى باختصار
وقلنا في تعليقنا على الصحيح المسند:
853 عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)
– عظم أجر الغرباء، فكما عظم أجر أهل الغربة الأولى عظم أجر أهل الغربة الثانية. وفي الحديث (للعامل أجر خمسين)، وإنما كانت حسنة الصحابة أعظم لأن حسنة الصحبة لا تلحقها حسنه، فقد نصروا الإسلام في أول أمره، وحسنات من بعدهم ترجع إليهم، لأن الله وفقهم فسنوا للناس خصال الخير. وكانوا هم الواسطة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الناس في تبليغ الدين. لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه)؛