مختلف الحديث رقم (40)
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
كيف التوفيق بين حديث (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل الأول فإذا مضى ثلث الليل الأول، هبط الرب جل ثناؤه إلى سماء الدنيا ……….. )
صحح إسناده الشيخ أحمد شاكر، وهو أيضًا من أحاديث الذيل على الصحيح المسند.
وبين حديث – (يَنْزِلُ ربُّنا تباركَ وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا، حينَ يَبْقَى ثُلُثُ الليل ِالآخرِ ….. )
صحيح البخاري – برقم: (1145)
ففي الحديث الأول: النزول في ثلث الليل الأول، وفي الحديث الثاني: النزول في ثلث الليل الآخر
——————-
جواب حمد الكعبي:
تنبيه: (سيف): (تم نقل كلام القاضي عياض والنووي وابن حجر من أجل التصحيح والتضعيف ولم نبحث عن كلامهم حول صفة النزول فهم ليسوا على طريقة السلف في باب الصفات، فالسلف يثبتون ما أثبته رب العزة لنفسه وما أثبته له رسوله، وسيأتينا النقل حول إثبات صفة النزول للرب عزوجل من كلام العقيلي واللالكائي وابن تيمية وهي عقيدة السلف)
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم:
قوله صلى الله عليه وسلم (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر) وفي الرواية الثانية (حين يمضي ثلث الليل الأول) وفي رواية (إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه)
قال القاضي عياض الصحيح رواية (حين يبقي ثلث الليل الآخر) كذا قاله شيوخ الحديث وهو الذي تظاهرت عليه الأخبار بلفظه ومعناه، … (الثلث الأول) وقوله من يدعوني بعد الثلث الأخير هذا كلام القاضي، قلت: ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به ثم أعلم بالآخر في وقت آخر فأعلم به وسمع أبو هريرة الخبرين فنقلهما جميعا وسمع أبو سعيد الخدري خبر الثلث الأول فقط فأخبر به مع أبي هريرة كما ذكره مسلم في الرواية الأخيرة وهذا ظاهر وفيه رد لما أشار إليه القاضي من تضعيف رواية الثلث الأول وكيف يضعفها وقد رواها مسلم في صحيحه باسناد لا مطعن فيه عن الصحابيين أبي سعيد وأبي هريرة والله أعلم. اه
و قال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي:
قوله (حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح) أخرجه الأئمة الستة (وقد روى هذا الحديث من أوجه كثيرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: ينزل الله تبارك وتعالى حين يبقى ثلث الليل الاخر وهذا أصح الروايات) برفع الاخر لأنه صفة الثلث
قال الحافظ في الفتح بعد ذكر قول الترمذي وهذا أصح الروايات ما لفظه ويقوي ذلك أن الروايات المخالفة له اختلف فيها على رواتها وسلك بعضهم طريق الجمع وذلك أن الروايات انحصرت في ستة أشياء:
أولها: هذه يعني حين يبقى ثلث الليل الآخر.
ثانيها: إذا مضى الثلث الأول أو النصف
رابعها: النصف.
خامسها: النصف أو الثلث الأخير.
سادسها: الإطلاق.
فأما الروايات المطلقة فهي محمولة على المقيدة وأما التي بأو فإن كانت أو للشك فالمجزوم به مقدم على المشكوك فيه وإن كانت للتردد بين حالين فيجمع بذلك بين الروايات بأن ذلك يقع بحسب اختلاف الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان وفي الافاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عند قوم وقال بعضهم يحتمل أن يكون النزول يقع في الثلث الأول والقول يقع في النصف والثلث الثاني وقيل يحمل على أن ذلك يقع في جميع الأوقات التي وردت بها الأخبار ويحمل على أن النبي صلى الله عليه و سلم أعلم بأحد الأمور في وقت فأخبر به ثم أعلم به في وقت اخر فأخبر به فنقل الصحابة ذلك عنه والله أعلم انتهى كلام الحافظ. اه
——————-
جواب أحمد بن علي:
الجمع بين الروايات الواردة في وقت النزول:
قال اللالكائي:
قسم بعض العلماء النزول إلى ثلاثة بمقتضى الأحاديث، فالحديث الأول في الكتاب: أن أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه أخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ينزل الله عز وجل كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر).
وجاء في رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (يمهل الله عز وجل حتى إذا ذهب ثلث الليل نزل إلى السماء الدنيا)، وفي رواية أخرى قال: (لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول، فإذا مضى ثلث الليل الأول هبط -يعني الله جل وعلا- إلى السماء الدنيا، فلم يزل بها حتى يطلع الفجر يقول: ألا سائل فأعطي)، ففي هذا دلالة على أن الله ينزل بعد ثلث الليل الأول، لكن في حديث أبي هريرة قال: (ينزل حين يبقى ثلث الليل الآخر)، وهذا إشكال.
وهناك حديث فيه تحديد النزول في آخر ثلاث ساعات تبقى -وهذا إشكال آخر- وهو حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل الله في آخر ثلاث ساعات يبقين من الليل، ينظر في الساعة الأولى منهن الكتاب الذي لا ينظر فيه غيره) إلى آخر الحديث، فكيف نجمع بين هذه الروايات.
الجمع بين هذه الروايات: أن الحديث الأول أظهر لنا وقت نزول الله جل وعلا وهو حين يبقى الثلث الأخير، ونحن لا نعرف الثلث الأخير هل هو حين تبقى ثلاث ساعات أو أربع ساعات أو ساعتان؟ فجاء حديث أبي الدرداء وجعله ثلاث ساعات، فهذا ضابط لهذا، ويبقى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا) ولم يبين هل ينزل بعد ثلث الليل الأول بدقيقة، أو بعده بساعة، أو ساعتين أو ثلاث، أو حين يبقى الثلث الأخير؟ فهذه مطلقة ومجملة، والروايات الأخرى بينت الوقت وهو: حين يبقى ثلاث ساعات.
إذاً فأرجح الأقوال: أن الله جل وعلا ينزل حين يبقى الثلث الآخر، أي: قبل الفجر بثلاث ساعات.
وأما الذين قسموه إلى أول وأوسط فهو تقسيم ليس بجيد؛ لأنه يمكن الجمع بين الروايات، ولأن هذه الروايات كلها مطلقة قيدت بحديث: (ينزل حين يبقى ثلث الليل الآخر).
(شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:
والنزول المذكور في الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام الذي اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم واتفق علماء الحديث على صحته هو: ” إذا بقي ثلث الليل الآخر ” وأما رواية النصف والثلثين فانفرد بها مسلم في بعض طرقه وقد قال الترمذي: إن أصح الروايات عن أبي هريرة: ” إذا بقي ثلث الليل الآخر “. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة كثيرة من الصحابة كما ذكرنا قبل هذا؛ فهو حديث متواتر عند أهل العلم بالحديث والذي لا شك فيه إذا بقي ثلث الليل الآخر. فإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر ” النزول ” أيضا إذا مضى ثلث الليل الأول وإذا انتصف الليل؛ فقوله حق وهو الصادق المصدوق؛ ويكون النزول أنواعا ثلاثة: الأول إذا مضى ثلث الليل الأول ثم إذا انتصف وهو أبلغ ثم إذا بقي ثلث الليل وهو أبلغ الأنواع الثلاثة.
………………………..
قال أبو حاتم: في خبر مالك عن الزهري الذي ذكرناه أن الله ينزل حتى يبقى ثلث الليل الآخر وفي خبر أبي إسحاق عن الأغر أنه ينزل حتى يذهب ثلث الليل الأول ويحتمل أن يكون نزوله في بعض الليالي حتى يبقى ثلث الليل الآخر وفي بعضها حتى يذهب ثلث الليل الأول حتى لا يكون بين الخبرين تهاتر ولا تضاد
وراجع التعليقات الحسان للألباني
……………………..
وأورد الألباني في الإرواء طرق الحديث ورواياته وميز صحيحها من ضعيفها اختصرته هنا خشية الإطالة
(450) – (قوله صلى الله عليه وسلم: ” ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماءالدنيا إذا مضى شطر الليل ” الحديث , رواه مسلم. صحيح.
……………..
جواب سيف بن دورة الكعبي:
قلت: نقل الألباني أن ابن حجر أطال في التدليل على شذوذ لفظة (ثلث الليل الأول) مرجحاً إعلال الترمذي لها.
ثم ذكر حديث أبي سعيد مقرونا بأبي هريرة وعزاه لمسلم وفيه (ثلث الليل الأول).
وأكثر من رأيته جمع الطرق الدارقطني في كتاب النزول، لكنه لم يحكم على لفظة (ثلث الليل الأول) بشئ.
أما حديث أبي الدرداء بلفظ (آخر ثلاث ساعات) التي ذكرها اللالكائي فذكرها العقيلي في ترجمة زيادة بن محمد الأنصاري.
قال العقيلي: والحديث في نزول الله عزوجل إلى السماء الدنيا ثابت فيه أحاديث صحاح إلا أن زيادة هذا جاء في حديثه بألفاظ لم يأت بها الناس، ولا يتابعه عليها منهم أحد. وذكره الذهبي كذلك فيما أنكر عليه.
قلت: أنظر لكلام العقيلي، كيف أثبت نزول الرب خلافاً لمن تأوله.