مختلف الحديث رقم: {106}
مشاركة طارق أبي تيسير وعبدالله أبي عيسى وسيف الكعبي
جمع سيف بن محمد بن دورة الكعبي
بإشراف سيف بن غدير النعيمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
———‘——-‘——–
[ومن كتاب مواقيت الصلاة]
كيف يُوفق بين حديثْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ .
البخاري برقم: (1837)
وبين ما جاء عند مسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: (إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ (يعني: أقيمت)، فَلَا تَاتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَاتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ).
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله: ” (و) يستحب (أن يمشي إليها) أي: الصلاة (بسكينة ووقار)؛ والأصل في ذلك: حديث الصحيح (إذا سمعتم الإقامة فامشوا، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فاقضوا) “.
” كشاف القناع ” (1/ 325).
——-
الحديث الأول كما ذكر أخرجه البخاري
1837 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال ابن حجر:
قوله (ثم تكون سرعتي) في رواية سليمان بن بلال (ثم تكون سرعة بي) وسرعة بالضم على أن كان تامة ولفظ بي متعلق بسرعة أو ليست تامة وبي الخبر.
قوله (أن أدرك) ويجوز النصب على أنها خبر كان والاسم ضمير يرجع إلى ما يدل عليه لفظ السرعة.
قوله (أن أدرك السحور) كذا في رواية الكشميهني وللنسفي والجمهور (أن أدرك السجود) وهوالأبيض من الخيط الأسود قال بن المنذر وذهب بعضهم إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت.
اقوال العلماء في الاسراع الى الصلاة
اولاً:
السنة لمن أتى للصلاة، أن يمشي إليها بسكينة ووقار، ويكره له الإسراع والركض؛ وذلك لما روى البخاري (600) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا).
وروى مسلم (945) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلَاةِ (يعني: أقيمت)، فَلَا تَاتُوهَا وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ، وَاتُوهَا وَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ).
قال الشيخ منصور البهوتي رحمه الله: ” (و) يستحب (أن يمشي إليها) أي: الصلاة (بسكينة ووقار)؛ والأصل في ذلك: حديث الصحيح (إذا سمعتم الإقامة فامشوا، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا , وما فاتكم فاقضوا) “.
انتهى مختصراً من ” كشاف القناع ” (1/ 325).
وقال الشيخ ابن باز: ” الإسراع والركض أمر مكروه لا ينبغي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا)، والسنة أنه يأتيها ماشيا خاشعا غير عاجل، متأنيا يمشي مشي العادة، بخشوع وطمأنينة حتى يصل إلى الصف، هذا هو السنة ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن باز ” (30/ 145).
ثانياً:
إذا خشي الشخص فوات الجماعة، فقد اختلف فيه: هل له أن يسرع، من أجل تحصيل فضيلة الجماعة، أو يبقى على أصل النهي، خاصة وأنه معلل بأنه في صلاة، ما دام يعمد إلى الصلاة؟
قال النووي رحمه الله:
” قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ السُّنَّةَ لِقَاصِدِ الْجَمَاعَةِ أَنْ يَمْشِيَ بِسَكِينَةٍ سَوَاءٌ خَافَ فَوْتَ تَكْبِيرَةِ
الْإِحْرَامِ أَمْ لَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَنَسٍ وَأَحْمَدَ وأبو ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَحَكَاهُ الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.
وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وهما تابعيان، وإسحق بْنِ رَاهْوَيْهِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: إذَا خَافَ فَوْتَ تكبيرة الإحرام أسرع.
دليلنا: الحديث السابق ” انتهى من ” شرح المهدذب ” (4/ 207).
والقول بالإسراع في هذه الحالة: هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال:
” وإن خشي فوات الجماعة أو الجمعة بالكلية، فلا ينبغي أن يكره له الإسراع هنا؛ لأن ذلك لا ينجبر إذا فات ” انتهى من ” شرح العمدة ” (ص/ 598).
وينظر أيضا: ” الكافي ” لابن قدامة (1/ 291).
وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” (27/ 182): ” قال المالكية: يجوز الإسراع في المشي للصلاة في جماعة؛ لإدراك فضلها، إسراعا يسيرا بلا خَبَبٍ، أي: بلا جري، يذهب الخشوع ” انتهى.
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله:
” واختار بعضهم أَيضًا: أَنه إِذا خشي فوات الجماعة أَو الجمعة، فله العجلة، وذلك أَنه شيء لا بدل له، فيكون ما اختاره الشيخ هو ارتكاب إِحدى المفسدتين لتفويت أَعلاهما، فمفسدة فوت الجمعة أَو الجماعة أَكبر، لأَنهما واجبان، والعجلة منهي عنها، إِلا أَنه نهي كراهة “.
انتهى من ” فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ ” (2/ 148).
وعليه، فالأصل فيمن أتى إلى المسجد، أن يأتي بخشوع وسكينة، ولا يسرع في مشيه، إلا إذا خاف أن تفوته الجماعة، فيجوز أن يسرع شيئا يسيرا، يدرك به الجماعة، مع عدم الإخلال بما يليق بمثله من هيئة ووقار.
جاء في التعليقات الحسان للألباني مانصه:
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ: قَالَ اللَّهُ ـ جَلَّ وَعَلَا ـ: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلَا تأتُوها وَأَنْتُمْ تَسْعَوْنَ)
فَالسَّعْيُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِهِ هُوَ الْمَشْيُ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى هَيْنَةِ الْإِنْسَانِ وَالسَّعْيُ الَّذِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ هُوَ الِاسْتِعْجَالُ فِي الْمَشْيِ لِأَنَّ الْمَرْءَ تُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ حَسَنَةٌ فَذَلِكَ مَا وصفتُ – يَعْنِي فِي تَرْجَمَةِ نَوْعِ هَذَا الْحَدِيثِ – عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ تُوقِعُ فِي لُغَتِهَا الِاسْمَ الْوَاحِدَ عَلَى الشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفِي الْمَعْنَى فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا مَامُورًا بِهِ وَالْآخَرُ مَزْجُورًا عَنْهُ.
وجاء أيضا في الثمر المستطاب:
قال الترمذي (2/ 149):
اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة ومنهم من كره الإسراع واختار أن يمشي على تؤدة ووقار وبه يقول أحمد وإسحاق وقالا: العمل على حديث أبي هريرة وقال إسحاق: إن خاف فوت التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي.
أقول: أي الشيخ الألباني: الصواب كراهة الإسراع مطلقا سواءا فوت التكبير أو لاوقد سبق بيانه فيما تقدمت الإشارة إليه فليراجع هناك.
جاء في الأم للشافعي:
باب إسراع المشي إلى الصلاة (قال الشافعي): أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد (قال الشافعي): وكرهتم زعمتم إسراع المشي إلى المسجد فقلت للشافعي: نحن نكره الإسراع إلى المسجد إذا أقيمت الصلاة (قال الشافعي):فإن كنتم كرهتموه لقول النبي صلى الله عليه وسلم {إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وائتوها تمشون وعليكم السكينة} فقد أصبتم وهكذا ينبغي لكم في كل أمر لرسول الله فيه سنة فأما أن قياس قول ابن عمر ويخطئ القياس عليه حجة على {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر امرأة تحج عن أبيها ورجلا يحج عن أبيه} فقال: لا يحج أحد عن أحد لأن ابن عمر قال: لا يصلي أحد عن أحد ” فكيف يجوز لمسلم أن يدع ما يروى عن رسول الله إلى ما يروى عن غيره ثم يدعه لقياس يخطئ فيه وهو هنا يصيب في ترك ما روي عن ابن عمر إذ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه ثم يزيد فيخرج إلى خلاف ابن عمر معه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموضع
——–
في “طرح التثريب في شرح التقريب” للحافظ العراقي وأكمله ابنه رحمهما الله (باختصار):
[حديث إذا نودي بالصلاة فأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة]
(فيه) فوائد:
{الأولى} فيه الأمر بإتيان الصلاة مشيًا والنهي عن إتيانها سعيًا وأن ذلك يكون بتؤدة ووقار وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الجمعة وغيرها ولا بين أن يخاف فوت تكبيرة الإحرام أو فوت ركعة أو فوت الجماعة بالكلية ولا يخاف شيئًا من ذلك وبهذا قال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه هذا المعنى عن عبد الله بن مسعود وابن عمر وزيد بن ثابت وأنس بن مالك والزبير بن العوام وأبي ذر وعلي بن الحسين ومجاهد وهو قول مالك والشافعي وأحمد وروى ابن أبي شيبة الهرولة إلى الصلاة عن ابن عمر والأسود وسعيد بن جبير وعن إبراهيم النخعي قال رأيت عبد الرحمن بن يزيد مسارعًا إلى الصلاة وعن ابن عمر أنه سمع الإقامة بالبقيع فأسرع المشي.
وعن ابن مسعود أنه قال أحق ما سعينا إلى الصلاة
وقال الترمذي في جامعه اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة ومنهم من كره الإسراع واختار أن يمشي على تؤدة ووقار وبه يقول أحمد وإسحاق وقالا العمل على حديث أبي هريرة وقال إسحاق إن خاف فوت التكبيرة الأولى فلا بأس أن يسرع في المشي انتهى
وقال والدي – رحمه الله – في شرح الترمذي بعد نقله ما قدمته عن مصنف ابن أبي شيبة والظاهر أن من أطلق الإسراع عنه من ابن عمر وغيره إنما هو عند خوف فوت تكبيرة الإحرام كما قيده الترمذي فقد روى ابن أبي شيبة من رواية محمد بن زيد بن خليدة قال كنت أمشي مع ابن عمر إلى الصلاة فلو مشت معه نملة لرأيت أن لا يسبقها.
وحكي عن ابن مسعود أيضًا الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى وحكي عن مالك أنه إذا خاف فوت الركعة أسرع وقال لا بأس لمن كان على فرس أن يحرك الفرس قال القاضي عياض وتبعه صاحب المفهم وتأوله بعضهم على الفرق بين الراكب والماشي لأنه لا ينبهر كما ينبهر الماشي وحكي أيضًا عن إسحاق أنه يسرع إذا خاف فوت الركعة وهو مخالف لما حكاه الترمذي عن إسحاق من تعليق الإسراع بخوف فوات التكبيرة الأولى ولعله يقول بالإسراع في الموضعين معًا والله أعلم انتهى.
وقال أبو إسحاق المروزي من الشافعية: بالإسراع إذا خاف فوت تكبيرة الإحرام.
وقال ابن بطال بعد نقله عن ابن عمر أنه سمع الإقامة فأسرع المشي وهذا يدل على ما روي عنه أنه لا يسرع المشي إلى الصلاة أنه جعل معنى قوله «عليكم بالسكينة» على ما إذا لم يخش فوت الصلاة وكان في سعة من وقتها
قال وقوله إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة يرد فعل ابن عمر ويبين أن الحديث على العموم وأن السكينة تلزم من سمع الإقامة كما تلزم من كان في سعة من الوقت انتهى.
وأما الجمعة فلا نعلم أحدًا قال بالإسراع لها دون غيرها من الصلوات.
وأما قوله تعالى {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9]
فإن المراد بالسعي فيه مطلق المضي أو القصد وقال عكرمة ومحمد بن كعب القرظي السعي العمل
وبوب البخاري على هذا الحديث ” المشي إلى الجمعة ” وقول الله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله} [الجمعة: 9] ومن قال السعي العمل والذهاب لقول الله تعالى {وسعى لها سعيها} [الإسراء: 19] انتهى
واعلم أن النسائي بعد أن أورد هذا الحديث ترجم الإسراع إلى الصلاة من غير سعي وأورد فيه حديث أبي رافع قال كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث عندهم حتى ينحدر المغرب ” قال أبو رافع «فبينما النبي – صلى الله عليه وسلم – يسرع إلى المغرب».
وذكر حديثًا وذلك يدل على أن النسائي فهم أن بين السعي والمشي رتبةً وهي الإسراع وأنها ملتحقة بالمشي في عدم النهي عنها لكن يرده قوله في بعض طرق الحديث في صحيح البخاري ولا تسرعوا إلا أن يقال السعي نوع من الإسراع فيحمل الإسراع المنهي عنه على السعي منه دون ما لم يكن سعيًا بدليل حديث أبي رافع لكن كلام ابن سيده في المحكم يدل على أن السعي ليس فيه تلك المبالغة في الإسراع فإنه فسره بأنه عدو دون الشد وإن كان صاحبا الصحاح والنهاية فسراه بمطلق العدو ومن لا ينظر إلى الفرق بين السعي والإسراع ويميل إلى التعارض بينهما يقول حديث الباب أصح من حديث أبي رافع فالأخذ به متعين والله أعلم.
{الثانية} قوله «إذا نودي للصلاة» يحتمل أن يراد بالنداء الأذان ويحتمل أن يراد به الإقامة ويدل للاحتمال الثاني قوله في رواية أخرى في الصحيح «إذا أقيمت الصلاة».
وسواء فسرناه بالأذان أو الإقامة فليس هذا القيد معتبرًا في الحكم فلو قصد الصلاة قبل الإقامة كره له الأسرع أيضًا بل هو أولى بالكراهة لأنه بعد الإقامة يخاف فوت بعض الصلاة. وقبلها لا يخاف ذلك فإذا نهي عن الإسراع مع خوف فوات بعض الصلاة فمع عدم الخوف أولى فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى وهو من مفهوم الموافقة.
وقد صرح بذلك النووي فقال في شرح مسلم إنما ذكر الإقامة لينبه بها على ما سواها لأنه إذا نهي عن إتيانها سعيًا في حال الإقامة مع خوفه فوت بعضها فقبل الإقامة أولى قال وأكد ذلك ببيان العلة فقال – صلى الله عليه وسلم – «فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة».
قال وهذا يتناول جميع أوقات الإتيان إلى الصلاة وأكد ذلك تأكيدًا آخر فقال «فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» فحصل به تنبيه وتأكيد لئلا يتوهم متوهم أن النهي إنما هو لمن لم يخف فوت بعض الصلاة فصرح بالنهي وإن فات من الصلاة ما فات انتهى.
وهو حسن وقال والدي في شرح الترمذي بعد حكايته ويحتمل أن هذا خرج مخرج الغالب لأن الغالب أنه إنما يفعل ذلك من خاف الفوت.
فأما من بادر في أول الوقت فلا يفعل ذلك لوثوقه بإدراك أول الصلاة انتهى.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي هذه الوصية بالسكينة إنما هي لمن غفل عن المشي إلى المسجد حتى سمع الإقامة أو لمن كان له عذر وكلاهما سواء في النهي عن الإسراع انتهى.
ومقتضى هذه العبارة أنه فهم أن مفهوم الشرط هنا معتبر وأنه من مفهوم المخالفة فلا ينهى عن الإسراع من قصد الصلاة قبل الإقامة.
وهذا مردود ينفر عن القول به ببادي الرأي وآخره إلا أن يقال إنما خص النهي عن الإسراع بما بعد الإقامة لأنه يدخل في الصلاة منبهرًا فيمنعه ذلك الخشوع وإقامة الأركان على وجهها وأما إذا كان قبل الإقامة فإنه إذا وصل إلى المسجد لا يدخل في الصلاة بمجرد دخوله لأن الصلاة لم تقم فيستريح ويذهب عنه ما به من البهر والتعب قبل الإقامة وفي هذا نظر لأن الصلاة وإن كانت لم تقم فقد تقام بمجرد وصوله إلى المسجد فيقع في المحذور ثم إن هذا المعنى ليس هو المعتبر في الحديث على ما سيأتي بيانه وقد ظهر بذلك أنه وقع لتردد في أن هذا من مفهوم الموافقة أو المخالفة أو لا مفهوم له والأول هو الراجح والله أعلم.
[فائدة نهي قاصد الصلاة عن الإسراع وأمره بالمشي بسكينة]
{الثالثة} قوله «وعليكم السكينة» ذكر أبو العباس القرطبي أنه ينصب السكينة على الأغراء كأنه قال الزموا السكينة
وقال والدي – رحمه الله – في شرح الترمذي: المشهور في الرواية رفع السكينة على أن قوله وعليكم السكينة جملة في موضع الحال انتهى
والسكينة هي الوقار كما فسره أئمة اللغة لكن في بعض طرقه في صحيح البخاري «وعليكم السكينة والوقار» فقال القاضي عياض في المشارق كرر فيه الوقار للتأكيد وكذا قال أبو العباس القرطبي السكينة والوقار إسمان لمسمًى واحد لأن السكينة من السكون والوقار من الاستقرار والتثاقل وهما بمعنًى واحد
وأنكر والدي – رحمه الله – على القرطبي قوله أن الوقار من الاستقرار لأن الوقار معتل الفاء وهذا واضح وقال في الصحاح الوقار الحلم والرزانة وقال النووي الظاهر أن بينهما فرقًا وأن السكينة في الحركات واجتناب العبث ونحو ذلك والوقار في الهيئة وغض البصر وخفض الصوت والإقبال على طريقه من غير التفات ونحو ذلك انتهى.
{الرابعة} المعنى في نهي قاصد الصلاة عن الإسراع وأمره بالمشي بسكينة أمور:
(أحدها) قوله في رواية لمسلم «فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة» فأشار بذلك إلى أنه ينبغي أن يتأدب بآداب الصلاة من ترك العجلة والخشوع وسكون الأعضاء ومن هذا أمره – عليه الصلاة والسلام – «من خرج إلى المسجد أن لا يشبك بين أصابعه» وعلل ذلك بكونه في صلاة وحكى النووي هذا المعنى عن العلماء.
(الثاني) تكثير الخطا فقد روى الطبراني بإسناد صحيح عن أنس بن مالك قال كنت أمشي مع زيد بن ثابت فقارب في الخطا فقال أتدري لم مشيت بك هذه المشية؟ فقلت لا، فقال لتكثر خطانا في المشي إلى الصلاة وقد روي هذا مرفوعًا من حديث زيد بن ثابت ومن حديث أنس – رضي الله عنهما -.
(الثالث) ذكر المهلب أن المعنى في ذلك أن لا يبهر الإنسان نفسه فلا يتمكن من ترتيل القرآن ولا من الوقار اللازم له في الخشوع انتهى.
وذكره القاضي عياض أيضًا
قال والدي – رحمه الله – ينبني على المعنيين أي الأولين عود المصلي من المسجد إلى بيته فإن عللنا بالمعنى الأول فقد زال في رجوعه إلى بيته كونه في صلاة وإن عللنا بالمعنى الثاني فيستحب أيضًا المشي ومقاربة الخطا لحديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا «من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئةً وخطوة تكتب حسنةً ذاهبًا وراجعًا» وإسناده جيد.
{قلت} وإن عللنا بالمعنى الثالث فلا يثبت هذا الحكم في الرجوع كما قلنا على المعنى الأول …………………….
_________
*قال ابن حزم -رحمه الله- في المحلى:*
وعن ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة: إذا كان أحدكم مقبلًا إلى صلاة فليمش على رسله فإنه في صلاة، فما أدرك فليصل، وما فاته فليقضه بعد، قال عطاء وإني لأصنعه
وعن ثابت البناني قال: أقيمت الصلاة وأنس بن مالك واضع يده علي فجعل يقارب بين الخطا، فانتهينا إلى المسجد وقد سبقنا بركعة، فصلينا مع الإمام وقضينا ما فاتنا، فقال لي أنس: يا ثابت أغمك ما صنعت بك؟ قلت: نعم، قال: صنعه بي أخي زيد بن ثابت.
وعن أبي ذر: من أقبل ليشهد الصلاة فأقيمت وهو في الطريق فلا يسرع ولا يزد على مشيته الأولى، فما أدرك فليصل مع الإمام، وما لم يدرك فليتمه؟.
وعن سفيان بن زياد أن الزبير أدركه وهو يعجل إلى المسجد، فقال له الزبير: أقصد، فإنك في صلاة، لا تخطو خطوةً إلا رفعك الله بها درجةً أو حط عنك بها خطيئةً؟ قال علي: وحديث الذي جاء وقد حفزه النفس، فقال ” الله أكبر كبيرًا “.
وحديث أبي بكرة -: فيهما النهي عن الإسراع أيضًا.
________
*وفي الموسوعة الكويتية:*
آداب المشي إلى صلاة الجماعة
7 – ذهب الحنفية والحنابلة والشافعية في الأصح إلى أنه يستحب لقاصد الجماعة أن يمشي إلى الصلاة بسكينة ووقار، وإن سمع الإقامة لم يسع إليها، سواء خاف فوت تكبيرة الإحرام أم لا، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ائتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا.
وصرح المالكية بأنه يجوز الإسراع لإدراك الصلاة مع الجماعة بلا هرولة وهي ما دون الجري، وتكره الهرولة لأنها تذهب الخشوع، إلا أن يخاف فوات الوقت فتجب.
وتفصيل ذلك ينظر في (صلاة الجماعة ف 22).
__________
*قال ابن حجر -رحمه الله- في الفتح:*
قوله ولا تسرعوا فيه زيادة تأكيد ويستفاد منه الرد على من أول قوله في حديث أبي قتادة لا تفعلوا أي الاستعجال المفضي إلى عدم الوقار
وأما الإسراع الذي لا ينافي الوقار كمن خاف فوت التكبيرة فلا وهذا محكي عن إسحاق بن راهويه
_________
*قال ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة:*
مسألة: (يستحب المشي إلى الصلاة بسكينة ووقار ويقارب بين خطاه ولا يشبك اصابعه).
قال أبو عبد الله رحمه الله في رواية مهنى ويستحب للرجل إذا اقبل إلى المسجد أن يقبل بخوف ووجل وخشوع وخضوع وأن تكون عليه السكينة والوقار ما ادرك صلى وما فات قضى بذلك جاء الاثر عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني وجاء عنه أنه كان يأمر باثقال الخطى يعني قرب الخطى إلى المسجد.
ولا بأس إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى أن يسرع شيئا ما لم يكن عجلة تقبح جاء الحديث عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: “أنهم كانوا يعجلون شيئا إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى وطمعوا في ادراكه. انتهى كلام الإمام أحمد
قلت سيف: وكلام الإمام أحمد أيضا نقله ابن رجب 5/ 393 وسيأتي
_______
قال ابن رجب:
“وقد أجمع العلماء على استحباب المشي بالسكينة إلى الصلاة، وترك الإسراع والهرولة في المشي، ولما في ذلك من كثرة الخطا إلى المساجد.
وهذا ما لم يخش فوات التكبيرة الأولى والركعة، فإن خشي فواتها، ورجا بالإسراع إدراكها؛ فاختلفوا: هل يسرع حينئذ أم لا؟ وفيه قولان:
أحدهما: أنه يسعى لإدراكهما.
وروي عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أنه سعى لإدراك التكبيرة، ونحوه عن ابن عمر، والأسود، وعبد الرحمن بن يزيد، وسعيد بن جبير.
وعن أبي مجلز: الإسراع إذا خاف من فوت الركعة.
وقال إسحاق: لا بأس بالإسراع لإدراك التكبيرة، ورخص فيه مالك.
وقال أحمد – في رواية مهنأ -: ولا بأس – إذا طمع أن يدرك التكبيرة الأولى – أن يسرع شيئاً، ما لم يكن عجلة تقبح؛ جاء عن أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – أنهم كانوا يعجلون شيئاً إذا تخوفوا فوت التكبيرة الأولى، وطمعوا في إدراكها.
وبوب النسائي في (سننه) على (الإسراع إلى الصلاة من غير سعي)، وخرج فيه حديث أبي رافع قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا صلى العصر ذهب إلى بني عبد الأشهل يتحدث عندهم حتى ينحدر المغرب، قال أبو رافع: فبينما النبي – صلى الله عليه وسلم – يسرع إلى المغرب مررنا بالبقيع .. وذكر الحديث.
وهذا إنما يدل على إسراع الإمام إذا خاف الإبطاء على الجماعة وقد قرب الوقت.
والقول الثاني: أنه لا يسرع بكل حالٍ.
وروي عن أبي ذر، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعطاء، وحكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء، وهو قول الثوري.
ونقله ابن منصور وغيره عن أحمد، وقال: العمل على حديث أبي هريرة.
وحديث أبي هريرة دليل ظاهر على أنه لا يسرع لخوف فوت التكبيرة الأولى ولا الركعة؛ فإنه قال: (فإذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، ولا تسرعوا)، فدل على أنه ينهى عن الإسراع مع خوف فوات التكبيرة أو الركعة، وفي (مسند الإمام أحمد) من حديث أبي بكرة أنه جاء والنبي – صلى الله عليه وسلم – راكع فسمع النبي – صلى الله عليه وسلم – صوت نعلي أبي بكرة وهو يحفز يريد أن يدرك الركعة، فلما انصرف قال: (من الساعي؟) قال أبو بكرة: أنا، قال: (زادك الله حرصاً، ولا تعد)، وفي إسناده من يجهل حاله.
وخرجه البخاري في (كتاب القراءة خلف الإمام) بإسناد آخر فيه ضعف – أيضاً – عن أبي بكرة بمعناه، وفي حديث قال: إن أبا بكرة قال: يا رسول الله خشيت أن تفوتني ركعة معك، فأسرعت المشي، فقال له: (زادك الله حرصاً، و لا تعد، صل ما أدركت، واقض ما سبقت).
ولو سمع الإقامة وهو مشتغل ببعض أسباب الصلاة كالوضوء و الغسل أو غيرهما فقال عطاء: لا يعجل عن ذلك، يعنى: أنه يتمه من غير استعجال.
وقوله – صلى الله عليه وسلم -: (عليكم السكينة والوقار) وهو بالرفع على أن الجملة مبتدأ وخبر، ويروى بالنصب على الإغراء، ذكره أبو موسى المديني. انتهى
قلت سيف تتمات:
قال ابن عبد البر في الاستذكار:
مَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم. إِنَّمَا زَجَرَ عَنِ السَّعْيِ مَنْ خَافَ الْفَوْتَ لِقَوْلِهِ (إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ) وَ (إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ)، وَقَالَ: (فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا) فَالْوَاجِبُ أَنْ يَاتِيَ الصَّلَاةَ مَنْ خَافَ فَوْتَهَا وَمَنْ لَمْ يَخَفْ بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ وَتَرْكِ السَّعْيِ وَتَقْرِيبِ الْخُطَا لِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَهُوَ الْحُجَّةُ
قال بعض أصحابنا إن ابن عُمَرَ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَيْئَةِ مِشْيَتِهِ الْمَعْهُودَةِ؛ لَأَنَّهُ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ وَيَقُولُ هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الزَّهْوِ.
ورده ابن عبد البر بقوله: وَهَذَا عِنْدِي خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ نَافِعًا مَوْلَاهُ قَدْ عَرَّفَ مَشْيَهُ وَحَالَهُ فِيهِ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ الْإِقَامَةَ أَسْرَعَ الْمَشْيَ وَهَذَا بَيِّنٌ، وقد روى ابن عُيَيْنَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ قال: كان ابن عُمَرَ إِذَا مَشَى إِلَى الصَّلَاةِ لَوْ مَشَتْ مَعَهُ نَمْلَةٌ مَا سَبَقَهَا.
وَهَذَا عِنْدِي لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِحَدِيثِ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ أَسْرَعَ إِذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ عَنْهُ فِي حَالٍ لَا يَخَافُ فِيهَا أَنْ يَفُوتَ شَيْءٌ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ وَكَانَتْ أَغْلَبَ أَحْوَالِهِ. انتهى كلام ابن عبد البر
وعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: «إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ قَرَأَتُهَا فَاسْعَوْا لَسَعَيْتُ حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي، وَكَانَ يَقْرَأُهَا «فَامْضُوا».
اخرجها الطبراني في الكبير من طريق عبدالرزاق عن الثوري عن الاعمش عن ابراهيم قال قال عبدالله وأخرجه عبدالرزاق 5349
وظاهر اسنادها الصحة فابراهيم قال اذا قلت قال عبدالله فهو عن غير واحد من أصحابه.
وهذه قراءة عمر بن الخطاب حيث رأى في يد خرشة بن الحر ألواح فيها (فاسعوا إلى ذكر الله) قال من اقراك قال أبي بن كعب. قال: كان أبي اقرانا للمنسوخ. قرأها فامضوا إلى ذكر الله. قال ابن كثير في مسند الفاروق إسناد صحيح. وعزاها لأبي عبيد
وهو في فضائل القرآن لأبي عبيد
ومن طريق أخرى صحيحة في مسند الشافعي عن ابن عمر قال: ما سمعت عمر يقرؤها قطُّ يريد قوله تعالى: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) إلا قال: فامضوا إلى ذكر الله
لكن قال ابن المنذر: وإن اختلفوا في القراءة فلا احسبهم يختلفون في معناها لاني لا أحفظ عن أحد منهم قال معناه السعي على الأقدام والعدو. والدليل على صحة هذا المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السعي على الأقدام إلى الصلوات. وكان قتادة يقول: السعي يا ابن آدم إن تسعى بقلبك وعملك. وقال عطاء السعي الذهاب المشي. وقال مالك: السعي في كتاب الله العمل قال الله (إن سعيكم لشتى) … فالسعي الذي أمر الله غير السعي الذي نهى رسول الله.
ثم ذكر حديث إتيان الجمعه (ومشى فدنا واستمع وانصت) قال أبو بكر يعني ابن المنذر: فذكر المشي في هذا الحديث ونهى عن السعي في حديث أبي هريرة. انتهى
ولعل ابن مسعود أنكر قراءة (فاسعوا) لانها محتملة للهرولة. أما قراءة فامضوا فغير محتملة. فبهذا يعتذر له
وعَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «أَحَقُّ مَا سَعَيْنَا إِلَيْهِ الصَّلَاةُ».
قل سيف إنما حدث عمارة عن أصحاب ابن مسعود الكبار. فيحتمل الأثر التحسين. فربما يقصد هنا المشي السريع.
وعَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا يُهَرْوِلُونَ إِلَى الصَّلَاةِ.
فربما تحمل على الإسراع لإدراك التكبيرة بحيث لا يقبح.
تنبيه: حديث قال أبو رافع «فبينما النبي – صلى الله عليه وسلم – يسرع إلى المغرب»
قال الألباني حسن لغيره في صحيح الترغيب وفيه أنه قال: أف لك. …. وقال: هذا فلان بعثته ساعيا على بني فلان، فغلَّ نمرة، فدرع مثلها من النار.
فربما يقصد الشيخ تحسين الشطر الأخير لأنه هو الذي له شواهد
فالسند جاء من طريق منبوذ رجل من آل أبي رافع عن الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع.
والفضل ومنبوذ لم يوثقهما معتبر قال ابن حجر عن كل واحد منهما: مقبول.
تنبيه: أثر ابن عمر: لو مَشَتْ مَعَهُ نَمْلَةٌ مَا سَبَقَهَا. إسناده جيد أخرجه ابن أبي شيبة
حدثنا ابن فضيل عن أبي سنان عن محمد بن زيد بن خليدة قال كنت أمشي مع ابن عمر. ….
وأبو سنان هو ضرار بن مرة. ومحمد بن زيد بن خليدة ذكر في الثقات الذين ليس لهم ذكر في الكتب الستة.
وذكر ابن أبي شيبة كثير من الآثار السابقة باسانيدها.