مختلف الحديث: رقـ ((31)) ـــــم.
بإشراف سيف غدير النعيمي
جمع واختصار سيف بن دورة الكعبي
-كيف التوفيق بين حديث:
جاءتْ فاطِمةُ بنتُ أبي حُبَيْشٍ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالتْ: يا رسولَ اللهِ، إني امرأةٌ أُسْتَحَاضُ فلا أطهُرُ، أفأدَعُ الصلاةَ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا، إنما ذلك عِرْقٌ، وليسَ بِحَيْضٍ، فإذا أقبَلتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصلاةَ، وإذا أدْبَرَتْ فاغسلي عنْكِ الدَّمَ ثم صلي. قال: وقال أبي: ثم تَوَضَّئِي لِكُلِّ صلاةٍ، حتى يَجِيءَ ذلك الوَقْتُ. صحيح البخاري برقم. ((228))
وفي رواية (فانظري إذا أتى قرؤك فلا تصلي … ) صحيح أبي داود
وفي رواية (فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد ثم تغتسل) صحيح أبي داود
وفي حديث لعائشة (إن أم حبيبة كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها) أخرجه مسلم
وبين حديث فاطمة بنت أبي حبيش [إنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان دمُ الحيضِه فإنه دم أسودُ يُعرفُ فامْسكِي عن الصلاةِ، فإذا كان الآخرُ فتَوَضَّئِي فإنَّما هو عِرْقٌ] حسنه الألباني كما في صحيح أبي داود وراجع – إرواء الغليل -برقم: (204)
ففي الحديث الأول وما بعده أرجعها النبي صلى الله عليه وسلم لعادتها، والحديث الثاني أرجعها إلى لون الدم
——————-
جواب احمد بن علي:
[مسألة إذا استمر بالمستحاضة الدم في الشهر الآخر]
مسألة
” فإذا استمر بها الدم في الشهر الآخر فإن كانت معتادة، فحيضها أيام عادتها، وإن لم تكن معتادة، ولها تمييز – وهو أن يكون بعض دمها أسود ثخينا، وبعضه رقيقا أحمر – فحيضها زمن الأسود الثخين “.
أما إذا استمر بها الدم فلا يخلو إما أن يكون لها عادة محفوظة يعلم قدرها ووقتها أو لا، فإن كان لها عادة رجعت إلى عادتها فجلست قدر ما كانت تحبسها حيضتها، سواء كان الدم في جميعها أسود أو أحمر، أو بعضه أسود، وبعضه أحمر، في أشهر الروايتين، وهي اختيار أكثر الأصحاب، وإن لم تكن معتادة إما أن تكون مبتدأة أو ناسية لعادتها أو غير ذلك، فإنها ترد إلى التمييز، فإن دم الحيض أسود ثخين منتن محتدم، ودم المستحاضة أحمر رقيق أو أصفر، فتجلس زمن الدم الأسود إذا لم يزد على أكثر الحيض ولم ينقص عن أقله، وعنه: أنها ترد إلى التمييز أولى، فإن لم يكن لها تمييز بأن كان الدم كله أسود أو أحمر، وزاد الأسود على أكثر الحيض أو نقص عن أقله، ردت إلى العادة، وهذا اختيار الخرقي، فإن كان زمن العادة كله أسود، وما سواه أحمر، عملت بذلك بلا شبهة،
ثم أورد الأحاديث
شرح عمدة الفقه لابن تيمية
-ومذهب أحمد وأصحابه: أن الحائض إذا كانَ لها عادةٌ مستمرة فإنها تجلس أيام عادتها.
وهل تثبت عنده العادة بمرتين، أو ثلاث مرار؟ على روايتين عنه.
فإن لم يكن لها عادة، مثل أن تكون مبتدأةً، فإنها لا تزيد على أن تقعد أقل الحيض عنده، وهو يوم وليلة، ثم تغتسل وتصلي حتى تثبت لها عادة بمرتين أو ثلاث فتنتقل إليها. هذا هوَ الصحيح عنده.
وكذلك إذا كانت معتادة، فزادت عادتها، فإنها تغتسل عندَ انقضاء عادتها وتصلي، فإن انقطع لأكثر الحيض فما دونه على قدر واحد مرتين أو ثلاثاً -، على اختلاف الروايتين عنه – صار عادة بائنة منتقلة، وانتقلت إليه.
وتمسك لذلك بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – أمر المستحاضة بأن تدع الصلاة في الأيام التي كانت تحيض فيها، وهذا رد إلى العادة المعتادة المستمرة.
وأما مذهب مالك فيمن لها عادة فزادت عليها، فعنه فيها روايتان:
إحداهما: تجلس ما تراه من أول مرة؛ ما لم يزد على أكثر الحيض، وهو خمسة عشر يوماً.
والثانية: أنها تستطهر على عادتها بثلاثة أيام، ما لم تجاوز خمسة عشر يوماً، تغتسل وتصلي، وهي التي رجع إليها مالك، وعليها المصريون من أصحابه، وهي قول الليث بن سعد.
وإذا استحيضت هذه فإنها تستطهر على أكثر أيام عادتها ما لم تجاوز خمسة عشر -أيضاً -، وفيه عنه خلاف يأتي ذكره فيما بعد.
ومذهب الشافعي وأبي حنيفة: أنها تجلس ما تراه من الدم ما لم يجاوز أكثر الحيض، سواء اتفقت عادتها، أو اختلفت، ولا عبرة بالعادة فيما يمكن أن يكون
حيضاً.
وأما قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب عنك قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي)) – وفي رواية: ((فإذا أدبرت)). فقد اختلف العلماء في تأويله:
فتأوله الأكثرون، منهم مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد على أن المراد به اعتبار تميز الدم، وأن هذه المستحاضة كانَ دمها متميزاً، بعضه أسود وبعضه غير ذَلِكَ، فردها إلى زمن دم الحيض وهو الأسود الثخين، فإذا أقبل ذَلِكَ الدم تركت الصلاة، فإذا أدبر وجاء دم غيره فإنها تغتسل وتصلي.
فتح الباري لابن رجب
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
جواب أبي سيف علي النقبي:
يمكن التوفيق بين الحديثين باختلاف حال الاستحاضة و المستحاضة كالآتي:
من تميز لديها لون الدم فهذه تتحيض وفق لون دم حيضتها.
و من لم يتميز لديها لون الدم و كانت لها أيام معلومة فهذه تتحيض وفق عادتها إقبال و إدبار الحيضة كما أشار إليه الحديث الأول.
و يذكر الفقهاء حالة ثالثة و هي التي لا يتميز لديها لون الدم و ليس لها عادة معروفة فقالوا هذه تتحيض كعادة نسائها.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
جواب سيف بن دورة الكعبي:
قال بعض مشايخنا:
حديث فاطمة بنت أبي حبيش [إنها كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان دمُ الحيضِه فإنه دم أسودُ يُعرفُ فامْسكِي عن الصلاةِ، فإذا كان الآخرُ فتَوَضَّئِي فإنَّما هو عِرْقٌ] قال ابن حجر في البلوغ 137: رواه أبوداود، والنسائي، وصححه ابن حبان، والحاكم، واستنكره أبوحاتم. انتهى
قال أبوحاتم 117: لم يتابع محمد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر (العلل)،
قال النسائي: قد روي هذا الحديث غير واحد، ولم يذكر أحد منهم ما ذكر ابن أبي عدي.
وقد أشار إلى قولهما ذلك أبوداود في سننه، وقد أصاب أبوحاتم بتعصيب الخطأ بمحمد بن عمرو فأخلق به؛ فإنه ذو أوهام، أما تلميذه ابن أبي عدي وإن تفرد بالحديث أيضا إلا أنه ثقة، والحديث الذي في الصحيحين عن فاطمة أشهر بدون هذه اللفظة.
يعني: أن سائر الرواة يردونها إلى عادتها.
وعندنا المستحاضة على أقسام:
القسم الأول: المبتدئة
فلها حالتان:
الحالة الأولى: وهي أن يكون لها تمييز فتعمل به. خلافاً لأبي حنيفة الذي قال: ترجع للعادة، والجواب أن هذه مبتدئة لا عادة لها. ومن أدلة التمييز حديث عائشة (إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة .. ) وأثر ابن عباس – وسنده صحيح – أما ما رأت الدم البحراني فلا تصلي أخرجه ابن أبي شيبة والدارمي.
الحالة الثانية: المبتدئة التي ليس لها تمييز فالراجح أنها تصلي حتى تظهر صفة أنه حيض بقاء على الأصل، وهو أن لا تترك ما وجب عليها إلا إذا رأت دم الحيض.
القسم الثاني: المعتادة وهي التي كانت لها عادة سليمة قبل الاستحاضة ولها حالتان:
الحالة الأولى: التي ليس لها تمييز:
فالراجح أنها تعمل بالعادة لحديث فاطمة بنت أبي حبيش وبمعناه حديث عائشة في شأن أم حبيبة (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك) وحديث أم سلمة (لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيضهن) أخرجه أبوداود 274
الحالة الثانية: المعتادة التي لها تمييز؛
إن اختلفت عادتها وتمييزها فقال مالك والشافعي وداود وهو رواية عن أحمد أنها ترجع إلى التمييز؛ لأن التمييز أضبط عند النساء، والعادة تتغير، والقرآن علق أحكام الحيض بالأذى (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى)
وقال أبوحنيفة وابوعبيد وأحمد في أظهر الروايتين وإسحاق وهو وجه عند الشافعي واختاره ابن تيمية انها ترجع للعادة؛ لأن النبي أرجع النساء في الأحاديث السابقة للعادة ولم يستفصل هل هن مميزات أم لا. والراجح الرجوع للتمييز. انتهى ملخصا من شرح البلوغ ص395