مختلف الحديث: رقـ ((23)) ـــــم.
-كيف التوفيق بين حديث عمرو بن يحيى في صفة وضوء النبي-صلى الله عليه وسلم-.وفيه، ثم مسحَ رأسهُ بيديهِ، فأقبلَ بهما وأدبرَ، بدأ بمُقَدَّمِ رأسهِ حتى ذهبَ بهما إلى قفاهُ، ثم ردَّهُما إلى المكانِ الذي بدأ منهُ، ثم غسل رِجلٌيهِ. أخرجه البخاري 185 ومسلم 235
وبين ما جاء في الحديث الآخر (بدأ بمؤخر رأسه) يعني العكس.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
جواب الأخ حمد الكعبي:
قال أحد الباحثين؛
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:
أولاً:
كيفية الغسل أو المسح في الوضوء ليست واجبة، فالواجب هو حصول الغسل بالنسبة للأعضاء المغسولة، وحصول المسح للأعضاء الممسوحة، بأي كيفية كانت، لكن لا شك أن اتباع الصفة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل وأكمل.
انظر: “المغني” (1/ 171).
ثانياً:
ورد مسح الرأس في الوضوء على صفتين:
الأولى:
أن يضع يديه بعد بلهما بالماء على مقدم الرأس ثم يمسح رأسه حتى قفاه، ثم يعود بيديه إلى مقدم رأسه.
وقد ذكر النووي رحمه الله في “شرح مسلم” اتفاق العلماء على استحباب هذه الكيفية.
وقد ثبت ذلك في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
روى البخاري (185) ومسلم (235) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه أنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم (. . ثُمَّ مَسَحَ رَاسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَاسِهِ حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ).
وروى أبو داود (124) أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه تَوَضَّأَ لِلنَّاسِ كَمَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ، فَلَمَّا بَلَغَ رَاسَهُ غَرَفَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَلَقَّاهَا بِشِمَالِهِ حَتَّى وَضَعَهَا عَلَى وَسَطِ رَاسِهِ حَتَّى قَطَرَ الْمَاءُ أَوْ كَادَ يَقْطُرُ، ثُمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ، وَمِنْ مُؤَخَّرِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ. صححه الألباني في صحيح أبي داود.
وهذه الصفة تناسب من كان شعره قصيراً، لا ينتفش بعود يديه إلى مقدم رأسه.
الصفة الثانية:
يمسح جميع رأسه، ولكن باتجاه الشعر، بحيث لا يغير الشعر عن هيئته.
وهذه الصفة تناسب من كان شعره طويلاً – رجلاً كان أو امرأة- بحيث يخشى انتفاشه بعود يديه.
روى أحمد (26484) وأبو داود (128) عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ عِنْدَهَا، فَمَسَحَ الرَّاسَ كُلَّهُ مِنْ قَرْنِ الشَّعْرِ، كُلَّ نَاحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ، لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ. حسنه الألباني في صحيح أبي داود
(مِنْ قَرْن الشَّعْر):
المراد بقرن الشعر هنا أعلى الرأس، أي: يَبْتَدِئ الْمَسْح مِنْ الأَعْلَى إِلَى أَسْفَلَ.
قَالَ الْعِرَاقِيّ: وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَبْتَدِئ الْمَسْح بِأَعْلَى الرَّاس إِلَى أَنْ يَنْتَهِي بِأَسْفَلِهِ يَفْعَل ذَلِكَ فِي كُلّ نَاحِيَة عَلَى حِدَتهَا. اِنْتَهَى.
وَرُوِيَ عَنْ الإمام أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ تَمْسَح الْمَرْأَة وَمَنْ لَهُ شَعْر طَوِيل كَشَعْرِهَا؟ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ مَسَحَ كَمَا رُوِيَ عَنْ الرُّبَيِّع، وَذَكَرَ الْحَدِيث ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا، وَوَضَعَ يَده عَلَى وَسَط رَاسه ثُمَّ جَرَّهَا إِلَى مُقَدَّمه، ثُمَّ رَفَعَهَا فَوَضَعَهَا حَيْثُ بَدَأَ مِنْهُ (يعني وضعها على وسط رأسه) ثُمَّ جَرّهَا إِلَى مُؤَخَّره.
ويحتمل أن يكون المراد بالقرن هنا مُقَدَّم الرَّاس , أَيْ: اِبْتَدَأَ الْمَسْح مِنْ مُقَدَّم رَاسه مُسْتَوْعِبًا جَمِيع جَوَانِبه إِلَى مُنْصَبّ شَعْره وَهُوَ مُؤَخَّر رَاسه، أي مسح رأسه مرة واحدة من مقدمه إلى مؤخره، ولا يعود بيديه مرة أخرى، لأنه بذلك لا يحرك الشَّعْر عَنْ هَيْئَته، وَقَدْ قَالَت الرُّبَيِّعِ رضي الله عنها: لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ.
انظر: “عون المعبود شرح سنن أبي داود”، “نيل الأوطار” (1/ 189)، “المغني” (1/ 178).
والله تعالى أعلم.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي؛
(مسح برأسه مرتين بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه) الظاهر أن قوله بدأ بمؤخر رأسه بيان لقوله مرتين فليستا بمسحتين والحديث يدل على البداءة بمؤخر الرأس وهو مذهب بعض أهل الكوفة كما حكى الترمذي
وأجاب ابن العربي عنه بأنه تحريف من الراوي بسبب فهمه فإنه فهم من قوله فأقبل بهما وأدبر أنه يقتضي الإبتداء بمؤخر الرأس فصرح بما فهم منه وهو مخطئ في فهمه
وأجاب غيره بأنه عارض ما هو أصح منه وهو حديث عبد الله بن زيد
وبأنه فعل لبيان الجواز
وقال الشوكاني قال بن سيد الناس في شرح الترمذي هذه الرواية محمولة على الرواية بالمعنى عند من يسمي الفعل بما ينتهي إليه كأنه حمل قوله: ما أقبل وما أدبر على الابتداء بمؤخر الرأس، فأداها بمعناها عنده وإن لم يكن كذلك قال ذكر معناه ابن العربي، ويمكن أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم فعل هذا لبيان الجواز مرة وكانت مواظبته على البداءة بمقدم الرأس وما كان أكثر مواظبة عليه كان أفضل والبداءة بمؤخر الرأس محكية عن الحسن بن حي ووكيع بن الجراح.
قال أبو عمر بن عبد البر قد توهم بعض الناس في حديث عبد الله بن زيد في قوله (ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر أنه بدأ بمؤخر رأسه) وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيده وأدبر هذه ظنون لا تصح وقد روى عن ابن عمر أنه كان يبدأ من وسط رأسه ولا يصح
وأصح حديث في الباب حديث عبد الله بن زيد والمشهور المتداول الذي عليه الجمهور البداءة من مقدم الرأس إلى مؤخره انتهى
قوله (هذا حديث حسن) حديث ربيع بنت معوذ هذا له روايات وألفاظ مدار الكل على عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه مقال مشهور لا سيما إذا عنعن وقد فعل ذلك في جميعها قاله الشوكاني. قلت: عبد الله بن محمد بن عقيل مدلس كما صرح به الحافظ في طبقات المدلسين ولذا قال الشوكاني لا سيما إذا عنعن (وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود) لأن حديث عبد الله بن زيد متفق عليه وأما حديث ربيع بنت معوذ هذا فقد عرفت حاله (وقد ذهب بعض أهل الكوفة إلى هذا الحديث) وهو مذهب مرجوح والمذهب الراجح المعول عليه هو البداءة بمقدم الرأس.
جواب الأخ سيف غدير
قوله: (فأقبل بهما وأدبر).
• قال الحافظ ابن حجر: (الواو لا تقتضي الترتيب، وفي رواية: فأدبر بيديه وأقبل. فلم يكن في ظاهره حجة لأن الإقبال والإدبار من الأمور الإضافية؛ ولم يعين ما أقبل إليه ولا ما أدبر عنه.
قال: وعينت رواية مالك البداءة بالمقدم، فيحمل قوله: “أقبل” على أنه من تسمية الفعل بابتدائه، أي بدأ بقبل الرأس، وقيل في توجيهه غير ذلك.
والحكمة في هذا الإقبال والإدبار استيعاب جهتي الرأس بالمسح)
فتح الباري: (1/ 293.
قال ابن دقيق العيد في شرح عمدة الأحكام
وقوله (فأقبل بهما وأدبر)
اختلف الفقهاء في كيفية الإقبال والادبار على ثلاثة مذاهب: ثم ذكر المذاهب وناقشها، ولا يخرج كلامه رحمه في الغالب عمَّا نقله الأئمة
قال الإمام النحرير الشاطبي رحمه الله في كتاب الإفادات والإنشادات ص 89
(سمعت الشيخ الفقيه الشريف الجليل قاضي الجماعة أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد الحسيني – رضي الله عنه- فيما جاء في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (فأقبل بهما وأدبر) الحديث إلى آخره، أن أحسن الوجوه في تأويله أن يكون قدم الإقبال تفاؤلا، ثم فسر بعد ذلك على معنى أقبل وأدبر.
قال: والعرب تقدم في كلامها ألفاظا أخر وتلتزمه في بعض المواضع كقولهم:
قام وقعد، ولا تقل: قعد وقام
وكذلك أكل وشرب
ودخل وخرج
على هذا كلام العرب، فتكون هذه المسألة من هذا.
قال: ويؤيد ما ذكرناه- وهو موضع النكتة- تفسيره لأقبل وأدبر في باقي الحديث على معنى أدبر ثم أقبل، ولو كان اللفظ على ظاهره لم يحتج إلى تفسير) انتهى.
فائدة: ذكرها بعض الباحثين في تقديم بعض الألفاظ، نقلها عن ابن القيم في بدائع الفوائد (1/ 106) ط. دار عالم الفوائد
،،،،،،،،،،،،،،،،،،
جواب الأخ احمد بن علي:
قال ابن عبدالبر: وروى معاوية والمقدام بن معدي عن النبي – عليه السلام ((ثم يمسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر)) فقد توهم بعض الناس أنه بدأ بمؤخر رأسه لقوله ((فأقبل بهما)) وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر وهذه كلها ظنون
وفي قوله ((بدأ بمقدم رأسه)) ما يرفع الإشكال لمن امتثل نفسه لأنه مفسر لقوله ((فأقبل بهما وأدبر))
وهو كلام يحتمل أن يكون على التقديم والتأخير كأنه قال فأدبر بهما وأقبل والواو لا توجب رتبة ولا تعقيبا
وإذا احتمل الكلام التأويل كان قوله ((بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه)) يوضح ما أشكل من ذلك
وهذا كله معنى قول مالك
وأما قول الحسن بن حي يبدأ من مؤخر رأسه فإنه قد روي في حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء أنها وصفت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ((ومسح رأسه مرتين بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه ظهورهما وبطونهما))
وقد ذكرنا علة إسناده في ((التمهيد))
وأجمع العلماء أن من عم رأسه بالمسح فقد أدى ما عليه وأتى بأكمل شيء فيه وسواء بدأ بمقدم رأسه أو بوسطه أو بمؤخره وإن كان لم يفعل ما استحب منه.
(الاستذكار لابن عبدالبر)
قال القرطبي: وقوله: ((فأقبل بيديه وأدبر))؛ معناه: أقبل إلى جهة قفاه، والإدبار: رجوعه إلى حيث بدأ، كما فسره حيث قال: ((فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه)).
وقيل: المراد: أدبر وأقبل؛ لأن الواو لا تعطي رتبة. وفي البخاري: ((فأدبر بهما وأقبل))، وهذا أولى لهذا النص.
وقيل: معنى أقبل: دخل في قبل الرأس، كما يقال: أنجد وأتهم: إذا دخل نجدا وتهامة.
وقيل: معناه: أنه ابتدأ من الناصية مقبلا إلى الوجه، ثم ردهما إلى القفا، ثم رجع إلى الناصية. وهذا ظاهر اللفظ. والاقبال والإدبار مسحة واحدة؛ لأنها بماء واحد، والمقصود بالردة على الرأس: المبالغة في استيعابه.
(المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم)
وقوله: (فأدبر بيديه وأقبل)، احتج به الحسن بن حي على البداءة بمؤخر الرأس، وعنها أجوبة:
أحدها: أن الواو لا تدل على الترتيب.
ثانيها: أن الإقبال من جهة الشعر من جهة القفا والإدبار إليه.
ثالثها: أن المراد إقبال الفعل لا غير، وقد أوضحت ذلك مع زيادة عليه في “شرح العمدة”.
(راجع التوضيح لشرح الجامع الصحيح لابن الملقن)
————–
جواب الأخ سيف بن دورة الكعبي:
انفرد عبدالله بن محمد بن عقيل بحديث الربيع بنت معوذ، وهو من الرواة المختلف فيهم، والأكثر على تضعيفه وقبله أئمة آخرون. وكان آخر ما اختاره الشيخ مقبل تضعيف حديثه، واختلف عليه في الفاظ هذا الحديث (راجع البدر المنير) وقد وجه الأئمة حديثه بعدة توجيهات سبق أن نقلها الأخوة، فلا يتعارض مع ما في الصحيح وإلا ما في الصحيح أصح.
(1) نوفمبر، (2014) (9): (33) م – سيف الكعبي: كررنا ارساله لإننا أنسينا إضافة أحمد بن علي وحمد الكعبي وسعيد الجابري حيث تعاونوا معنا في انزال الأحاديث التي انفرد بها أبوهريرة