*مختارات من معاملة الحكام للشيخ عبد السلام بن برجس – رحمه الله – {(9)}
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
عمل مجموعة من الطلاب: سيف النعيمي، وعبدالله البلوشي، ومحمد رحيمي، وخلفان الساعدي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
?في عقوبة المُثَبِّطِ عن وليِّ الأمر والمُثير عليه?
التثبيط عن ولي الأمر له صور عديدة بعضها أشد من بعض، وكذلك إثارة الرعية عليه.
فإذا دعا رجل إلي التثبيط – أو الإثارة -، فإن لولي الأمر إيقاع العقوبة المتلائمة مع جرمه، من ضرب، أو حبس، أو نفي … أو غير ذلك، لأن التثبيط والإثارة من أعظم مقدمات الخروج والخروج من أشنع الجرائم وأبشعها، فكان ما يفضي إليه كذلك.
قال الشوكاني – رحمه الله في شرح قول صاحب {الأزهار}:
{ويؤدب من يثبط عنه، فالواجب دفعه عن هذا التثبيط، فإن كف، وإلا كان مستحقاً لتغليظ العقوبة، والحيلولة بينه وبين من صار يسعى لديه بالتثبيط، بحبس أو غيره، لأنه مرتكب لمحرم عظيم، وساع في إثارة فتنة تراق بسببها الدماء، وتُهتكُ عندها الحُرَمُ، وفي هذا التثبيط نزع ليده من طاعة الإمام.
وقد ثبت في الصحيح عنه ?أنه قال:
{من نزع يداً من طاعة الإمام، فإنه يجيء يوم القيامة ولا حجة له، ومن مات وهو مفارق للجماعة، فإنه يموت موتة جاهلية} هـ.
وقال ابن فرحون في {تبصرة الحكام}
من تكلم بكلمة لغير موجب في أمير من أمراء المسلمين لزمته العقوبة الشديدة، ويسجن شهراً.
ومن خالف أمير اً، وقد كرر دعوته، لزمته العقوبة الشديدة بقدر اجتهاد الإمام. اهـ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
?أداء العبادات مع الولاة?
{الصلاة}
لما وقعت الفتنة في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فحاصره الخوارج في بيته بالمدينة، دخل عليه عبيد الله بن عدي بن الخِيَار، فقال له: إنَّك إمامُ عامَّة، ونزل بك ما نرى، ويُصلِّي لنا إمام فتنة ونتحرج؟
فأجابه عثمان رضي الله عنه – بتأكُّد الصلاة خلفه، حيث قال:
{الصلاة أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس، فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم}.
رواه البخاري في {صحيحه}
قوله: {إمام فتنة}،هو أحد الخوارج على عثمان –رضي الله عنه-، رواه سيف بن عمر في كتاب {الفتوح}
وقوله {نتحرج}: التحرج: التأثم، أي: نخاف من الوقوع في الإثم.
وفي رواية ابن المبارك: {وإنا لنتحرج من الصلاة معه}.
بوب البخاري –رحمه الله تعالى -على هذا الأثر فقال: {باب إمامة المفتون، والمبتدع} اهـ.
قال الحافظ {في الفتح} {المفتون أي الذي دخل في الفتنة فخرج على الإمام.
قال: وفي هذا الأثر الحض على شهود الجماعة، ولا سيما في زمن الفتنة لئلا يزداد تفرق الكلمة} ا هـ.
وحكى حرب إجماع أهل العلم على ذلك، في {مسائلة}
{الزكاة}
كانت الصدقات تدفع إلى رسول الله? وإلى من أمر بها، ثم إلى أبي بكر ثم إلى عمر ثم إلى عثمان، فلما قتل عثمان اختلفوا، فمنهم من اختار أن يقسمها ومنهم من اختار دفعها للسلطان، وأما إن طلبها السلطان، فيجب دفعها إليه.
وأكثر السلف على أن دفع زكاة المواشي إلي السلطان ذكره عنهم أبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي.
وقد أخرج مسلم في {صحيحه}، عن جرير بن عبد الله، قال: جاءنا ناس من الأعراب إلى رسول الله-??-فقالوا: إن ناسا?من المصدقين يأتوننا فيظلموننا، قال: فقال رسول الله-?:
{أَرْضُوا مُصَدِّقَكُم}.
قال جرير ما صدر عني مصدق منذ سمعت هذا من رسول الله-?-إلا وهو عني راض.
فيه من العلم: أن السلطان الظالم لا يغالب باليد، ولا ينازع بالسلاح.
{الحج والجهاد}
قال حرب في {عقيدته} التي ذكر إجماع السلف على ما جاء فيها:
{والجهاد ماض قائم مع الأئمة بَرُّوا أو فَجَرُوا، ولا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والجمعة والعيدان والحج مع السلطان وإن لم يكونوا بَررَةً عدولا أتقياء .. } اهـ
وقال الإمامان أبو حاتم وأبو زرعة – رحمهما الله تعالى -:
{أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً، ومصراً، وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم:
نقيم فرض الحج مع أئمة المسلمين، لا يبطله شيء، والحج كذلك. اهـ.