*مختارات من معاملة الحكام للشيخ عبد السلام بن برجس – رحمه الله – {(7)}
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
-مراجعة سيف بن دورة الكعبي.
عمل مجموعة من الطلاب: سيف النعيمي، وعبدالله البلوشي، ومحمد رحيمي، وخلفان الساعدي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
?الصبر على جور ا?ئمة?
الصبر على جور ا?ئمة أصل من أصول أهل السنة والجماعة،? تكاد ترى مؤلفا في السنة يخلو من تقرير هذا ا?صل، والحض عليه. وقد بلغت ا?حاديث حد التواتر في ذلك.
وهذا من محاسن الشريعة، فإن ا?مر بالصبر على جور ا?ئمة وظلمهم يجلب من المصالح ويدرأ من المفاسد ما يكون به ص?ح العباد والب?د.
قال شيخ ا?س?م ابن تيمية رحمه الله تعالى:
(وأما ما يقع من ظلمهم وجورهم بتأويل سائغ أو غير سائغ؛ ف? يجوز أن يزال لما فيه من ظلم وجور، كما هو عادة أكثرالنفوس؛ تزيل الشر بما هو شر منه، وتزيل العدوان بما هو أعدى منه، فالخروج عليهم يوجب من الظلم والفساد أكثر من ظلمهم، فَيُصْبَرُ عليه، كما يُصْبَرُ عند ا?مر بالمعروف والنهي عن المنكر على ظلم المأمور والمنهي – في مواضع كثيرة كقوله تعالى {وَامُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}
وقال الحسن البصري -: {إعلم عافاك الله أن جور الملوك نقمة من نقم الله تعالى، ونِقَمُ الله ? تُ?قى بالسيوف، وإنَّما تُتقى وتُستدفع بالدعاء والتوبة وا?نابة وا?ق?ع عن الذنب .. }
وإن نقم الله متى لقيت بالسيف كانت هي أقطع. ولقد حدثني مالك بن دينار أن الحجاج كان يقول: اعلموا أنكم كلما أحدثتم ذنبا أحدث الله في سلطانكم عقوبة. ولقد حدثت أن قائلا قال للحجاج: إنك تفعل بأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيت وكيت! فقال: أجل؛ إنما أنا نقمة على أهل العراق لما أحدثوا في دينهم ما أحدثوا، وتركوا من شرائع نبيهم عليه السّلام ما تركوا) انتهى.
من كتاب {آداب الحسن البصري} لابن الجوزي: {ص (119)}
وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي-?تأمر بالصبر على جور الأئمةوظلمهم، أسوق طرفا منها:
الدليل الأول:
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي?-قال: {من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر؛ فإنه من فارق الجماعة شبرا، فمات، فميتة جاهلية}
وفي رواية لمسلم: {من كره من أميره شيئا فليصبر عليه، فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا، فمات عليه، إ? مات ميتة جاهليه}
قال ابن أبي جمرة:
{المراد بالمفارقة السعيُ في حلِّ عقد البيعة التي حصلت لذلك ا?مير، ولو بأدنى شيءٍ، فكنى عنها بمقدار الشبر،?ن الأخذ في ذلك يؤُولُ إلى سفك الدماء بغير حق} انتهى.
والمراد بالمِيتَةِ الجاهلية: حالةُ الموت كموت أهل الجاهلية على ض?ل، وليس له إمامٌ مُطاعٌ؛ ?نهم كانوا ? يعرفون ذلك.
وليس المراد أنه يموت كافراً، بل يموت عاصياً؛ قاله الحافظ في (الفتح).
الدليل الثاني:
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما أيضا، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه -: أن رسول الله?-قال: {إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها}.
قالوا: يا رسول الله! فما تأمرنا؟
قال: {تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم}.
قوله: {أثرة} هي: الانفراد بالشيء عمن له فيه حق.
وقوله: {أمور تنكرونها}؛ يعني: من أمور الدين.
قال النووي رحمه الله تعالى على هذا الحديث:
{في الحث على السمع والطاعة، وإن كان المتولي ظالما عسوفا، فيعطى حقه من الطاعة، و? يخرج عليه، و? يخلع، بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه، ودفع شره، وإص?حه} انتهى.
وقال ابن ع?ن:
{فيه الصبر على المقدور، والرضى بالقضاء حلوه ومره، والتسليم لمراد الرب العليم الحكيم} انتهى.
الدليل الثالث:
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما أيضا، عن أسيد بن حضير، أن رج? من ا?نصار خ? برسول الله-?-، فقال: أ? تستعملني كما أستعملت ف?نا؟
فقال: {إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض}.
وقد بوب عليه النووي في شرح مسلم، فقال: {باب الأمر بالصبر عند ظلم الو?ة واستئثارهم} انتهى.
وبوب عليه ابن أبي عاصم في {السنة} فقال: {باب: ما أمر به النبي-?-من الصبر عندما يرى المرء من الأمور التي يفعلها الو?ة} انتهى.
الدليل الرابع:
أخرج أبو عمرو الداني في {الفتن}،عن محمد بن المنكدر، قال: لما بويع يزيد بن معاوية، ذكر ذلك ?بن عمر، فقال: {إن كان خيرا رضينا، وإن كان شرا صبرنا} وأخرجه ابن أبي شيبة، وابن أبي زمنين في [أصول السنة].
الدليل الخامس:
يقول ابن أبي العز الحنفي رحمه الله -:
{وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا؛?نه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات، ومضاعفة ا?جور، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إ? لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا ا?جتهاد في ا?ستغفار والتوبة وإص?ح العمل.
فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم، فليتركوا الظلم .. }